عاطف سليمان أعرفُ أحيانًا معنى القراءة، ثم إني أنسى ذلك في أحيانٍ فلا أعودُ أعرفُ ما كنتُ أعرفُه، ثم قد تعاودني المعرفةُ من جديد، ثم قد تفارقني. هويّتي الأولى هي أني قارئ، ومن بعد تكونُ هويّتي الثانية وهي أني أكتبُ....
لويس سيبويلبيدا(1) ترجمة: أحمد الويزي «أنا رجل شريف. أنا خائف». خوسيه مارتي كنتُ مسرورا ذلك المساء، لأنّي عقدتُ موعدا. موعدا مع شخص ألمسه، أراه وأتحدّث إليه. موعدا أنسى فيه الموت، الذي صار خبزنا اليوميّ. أعجبتني المرأة، وراقتْ لي مذ رأيتها...
محمود الرحبي كان الشاعر زاهر يقود سيارته الـ”هيونداي” السوداء رباعيّة الدفع، مرتديا “تي شيرت” أبيض، وبنطالا خاكيا، ومعتمرًا قبعة مكسيكية مبسوطةَ الحوافّ، يشقّ طريقه إلى حيث تقيم الفتاة العاشقة. استعدّ لهذه الرحلة منذ الصباح، قلّم أظافر يديه، عدا ظفر خنصر...
ليلى جاسر سلامة في صباح مُثلجٍ أفاق أنفي الملسوع من شدّة البرودة محتشدًا داخل فتحتيه رائحة برتقال آتية من بعيد. صحوتُ جائعًا. وضعتُ نعالًا بلاستيكيًا رقيقًا. ارتديت بُرنُسًا فوق ثوبي البني. وخرجتُ بهيئتي تلك. لا مشكلة! فلا أحد يعرفني في...
أندريس باربا ترجمة: أحمد عبداللطيف لا نعرف شيئًا والتاريخ أكذوبة والحب لا وجود له؛ لكن الخوف يكفي أحيانًا، الخوف كخيطٍ ذهبيٍّ في أسطورة، ليستعيد الوقائع المفقودة؛ الحقيقة، العلم، الحب. أمام كل إيماءة تحمل شكًّا، يولّد الخوف كوكبًا من مدن محتملة....
يحيى سلام المنذري دخل المريض غرفة القلق. إصبعه سوف تقطع، وربما سيتناولها كهدية، وسيخرجها من الكيس البلاستيكي ويضعها على الطاولة ليصورها بهاتفه النقال. راودته فكرة أن الطبيب ما يزال شاباً وقليل الخبرة. فسأل نفسه: “لماذا بالذات هذه الإصبع؟ الألم في...
سمر الزعبي عبدَ القومُ صخرةً ورديّةً عظيمة على مرّ السنين، سجدوا لها، وأقاموا طقوس عبادتهم، ومناسباتهم، واحتفالاتهم الموسميّة لديها، وذبحوا القرابين عندَ مقدّمتها التي ضاقت من الجانبين، فيما امتدّ جسدُها عريضًا انطلاقًا منهما حتى مؤخّرتها الضّخمة، التي سدّت عينَ الشمس،...
عماد عبد اللطيف في مطلع التسعينيّات، بدأت صحبتي للموت. فعلى وقع تساقط أوراق الشجر في خريف ريفي، تملّكني يقين غريب أنني سأموت، قبل أن أبلغ الأربعين. كنتُ على موعد يومي مع مشهد مغيب الشمس كلّ أصيل. أقود دراجتي ببطء في...
محمد السماعنة أفاقت قريتي الجبلية الرابضة على تلتين وسهل في الوقت المحدد، وكما خطّط لها المختار، وقد سارعت نساء القرية لإشعال النار وعجن الطحين، وركض الرجال إلى الحقول للسقاية والحراثة وزراعة الأرض وبذر البذار، وإطعام الحيوانات والطيور. أما المختار فكان...
طلعت رضوان سألتني عن موقف أتوبيس الواحات. قلت “أنا ذاهب إلى هناك”. لاحظتُ أنها تتعثر في خطواتها. تمشي بضع خطوات ثم تضع حقيبة السفر على الأرض لتستريح. عرضتُ عليها حمل حقيبتها فلم تمانع. إنها المرّة الأولى التي أقرر فيها الذهاب...
نور الدين الهاشمي لم يكن فاضلٌ سوى ممثل ثانوي (كومبارس) في المسرحية الكوميدية (الدوران في بئر الزمان)، لم يكن دوره سوى مشهد واحد لا يتعدّاه.. يدخل على الجنرال (الممثل) ذي المئة وسام ووسام، يحمل صينية مطلية بذهب زائف، يعلوها كأسُ...
حمود سعود عندما تغرق السفينة لا تبحث عن لوح للنجاة أو قشة للهروب أو جناح للطيران أو كهف للاختباء، بل اتركْ جسدك يغرقُ مع الغارقين، مع الذاهبين إلى عمق الخذلان، إلى قاع الخيبات، مع الساقطين من الأزمنة الرديئة إلى لمعة...
خالد المعالي لا تسعفني ذاكرتي بشيء واضح حول بداية علاقتي بفؤاد التكرلي، فهناك علي الشوك (1930-2018) الذي يرد ذكره في أول رسالة، وهناك حكمت الحاج الذي كان يقيم بتونس حينها وكنت على تواصل معه، وحسين الموزاني (1954-2016) الذي زار تونس...
غالية عيسى هو لم يكن مُذنبًا. خيالها هو المذنب الوحيد فيما حدث. خيالها ذلك الطائر الذي سافر بقلبها بعيدًا هو من يستحق التوبيخ، أما هو فقد تعوّد أن يكون لطيفًا ودَمِثًا مع الجميع، وقد كانت هي واحدةً من الجميع، هو...
فريد الخمال البحر هادئ والقمر يبعث ضياءه على صفحته فيزيده سحرا. الجميع صامتون، أو هكذا يظهر، بينما غابة كثيفة من الأفكار تملأ النفوس. في زاوية، انحجبتْ عن نور القمر، يجتمع مجموعة من الشباب، يراقبون الضفة المقابلة المتلألئة بمصابيحها المتوهجة، لم...
أمل السعيدية بيتنا، كان قريبًا من الوادي، ومجراه العميق، تطلعُ فيه أشجارٌ بريّة، والذئاب تعيش هناك، ورغم أنني كنتُ أقضي وقتاً طويلاً في جرف الوادي الشرقي والمحاذي للبيت، إلا أنني لا أكاد أعرف شيئاً عنه. لم يقل لي أحد، كيف...
جبار ياسين الورقة الأولى منذُ أسابيع وأنا في سَورةِ غيابٍ عن نفسي. شعور لا يشبه أوراق الشجر ولا الأزهار. شيء مِن انطفاء للذاكرة، لعلّه شيء إرادي، من قرارة نفسي. الرغبة في عدم مداعبة الأوهام التي ابتكرتها حضارتنا الهشة. المشكلة في...
محمود الريماوي تناهت إلى مسامع سلفادور دالي أصواتُ لهوٍ وقصف (لعب)، من قصر غالا الذي أهداه إليها حُبّاً وطواعية، ولم يستغرب الأمر كثيرًا، بعدما لاحظ أن زوجته الحسناء بعدما تجاوزت الثمانين حوْلًا، أخذت تجنح شيئا فشيئًا، ثم أكثر فأكثر إلى...
منيرة الفاضل امتدّ الزمن شهورًا وأنا في شرودٍ ذهنيّ متواصل، قبل أن تطرح عليّ صديقتي رهام بكياستها المعهودة فكرة أن أشارك في دروس اليوغا الأسبوعية التي تذهب إليها مع داليا، التي كانت ترشف قهوتها وتهزُّ رأسها موافقة، وتهمس “مذهل.. حقيقة!!”....
جاك كرواك ترجمة: عزيز الحاكم ازداد جان لوي لوبري دو كرواك، وهو من أصل كنديّ فرنسيّ، في ماساشوسيتس سنة 1922، كان لاعب كرة قدم، وزاول كل المهن: عاملًا في محطة للبنزين، وقطّاف قطن، وبحّارًا، وناقل رحيل. عاشر جيل الغضب برفقة...