محمود الرحبي أتذكر هذه الليلة جيدًا. كان يحضن بيمناه كتاب النور لعثمان الأصمّ، في مشيته الوئيدة إلى المسجد، دون أن يحمل قنديلا. فالقمر كان ساطعا، حتى إنه ترك عصاه معلقة في كربة نخلة في باحة البيت الطيني.. قبل ذلك أرسل...
علي إبراهيم دريوسي كان قد حدَّدَ موعدًا للقاء معها في الساعة الحادية عشرة تمامًا أمام مدخل محطة المترو “سلون سكوير” في الجنوب من لندن. صعد من محطة “ستون بريدج” في شمال لندن إلى قطارِ المترو “خط باكيرلو”، بعد عدة محطات...
حمود سعود ماذا لو قررتُ هذا الصباح أن أهرب من جحيم التدريس، وأصبح بائع ماء، ماذا لو كنت الآن أقود صهريج ماء أزرق في شوارع العامرات التي تكتظ بعلب الإسمنت والبيوت البيضاء والضجر المتكدس في الطرقات، لا علينا من الخيال...
أنيس الرّافعي (عندما نسيرُ في هذه المدينة على هذا النّحو، نصعدُ الزّمن، لدرجة أنّ المَتَاهَ لا يكون مكانيًّا فحسب، بل هو، بنفس الحركة، متاهٌ زمنيّ). عبد الكبير الخطيبي، من تقديم كتاب “فاس، مقام العابرين”، ص 7. في الأيام الأولى بعد...
فليحة حسن كانت نادية أكبر أخواتها الثلاث سنًا، وأكثرهنَّ وزنًا وأضخمهنَّ بنية، وربما لهذا السبب كان قد تأخر زواجها، فهي لم تركب قطار الزواج حتى بلغتْ الثلاثين من العمر، أما زوجها الذي كان يكبرها بعشر سنوات، فهو مثل غالبية الجنود...
حسام يحيى ” أحضروا ولد الجعافرة الملطوش من البندر” “جدتك قالت ذلك” قالها الولد القادم من البلد البعيد وغادرني، أمَّا الحلمُ الذي راودني تلك الليلة، فيما يبدو لم يعنِ شيئًا، قد ترك القلب مقبوضًا، والحلم الذي يترك القلب مقبوضًا، على...
سليم الحاج قاسم 1 مطرٌ. طريقٌ كثير الشكّ في سالكيه. خيبةُ من خسروا رهان البارحة واضحةٌ في سيمياء الوجوه. تتكلم الغربة بين اتّجاهين ويتلعثم المصير. البعض كان يسمع، ويتظاهر البعض الآخر بالسّماع. كنّا بلا عددٍ، لا يعلمنا إلّا الضّوء الذي...
فدوى سالم في منتصف حوش المنزل، يجلس على الكرسي البلاستيكي المصفر، يتأمل غروبًا عاديًا، لا غيوم ولا ألوان كثيرة، هو اللون البرتقالي القاتم، يختلط مع الجبال، والشمس تسقط، جالبة لقلبه الأسى والذكرى. يستذكر ماضيًا بعيدًا، ابنته الميتة، ليس شيئًا يذكر،...
أمل بنت راشد المغيزوية كان المطر ينهمر بغزارة مترافقًا مع هزيم الرعد ولمعان البرق المتلاحق، لم يستطيع مواصلة قيادة السيارة بعد أن أضحت الرؤية منعدمة أمامه، كانت تفاصيل الشارع تبدو من حوله متداخلة، مغلفة بلون ضبابي لا ينتهي، وجد نفسه...
عماد عبد اللطيف هل يوجد المكان خارج إحساسنا به؟ هكذا أسأل نفسي، وأنا أجوس في طرقات القاهرة؛ أتأمل في الأبنية والفضاءات ووجوه البشر، وأستدعي شريط ذاكرةٍ حبلى بالحكايات والصور. القاهرة تلك الكينونة الأسطورية التي تمثلتُها حينًا شمسًا حارقة وريحًا هوجاء،...
الطيّب الطّويلي رأيتها ذات نوم.. كتبتها ذات يوم.. بخطى ثابتة كان الحبر اليهودي يسير داخل البنك مرتديا معطفه الأسود الطويل. وضع محفظته الجلدية على المنضدة الرخامية، وانحنى نحو المصرفي فاحتضنت لحيته الطويلة المحفظة حتى حجبتها: “أريد أن أودع لديكم هذا...
خالد الضنكي في ستينيات القرن الماضي، حين كنت في الثامنة أو التاسعة من عمري، في ذلك الزمن لم تكن هناك شهادات ميلاد تُصْدَرُ في مدينة صور، ولا أي شكل من أشكال الرعاية الصحية، فتحديد الأعمار كان يستند غالبا إلى التخمينات...
رينوسوكيه أكتاكاوا ترجمة: كاظم الحلاق-ناقد ومترجم عراقي رينوسوكيه أكتاكاوا Ryunosuke Akutagawa ولد بطوكيو في الأول من آذار عام 1892، كاتب غزير الإنتاج. كتب خلال عمره القصير أكثر من 150 قصة قصيرة، منها على سبيل المثال: ” الأنف” The nose، “خيط...
منذر مصري منذ زمن ليس ببعيد، انقسمنا، نحن ورّاقي مدينة سلوقيّة؛ صانعي وبائعي الورق، ناسخي المخطوطات، كاتبي العرائض، معلّمي الكتاتيب، مريدي الشيوخ والعلماء، المتكلمين في المنطق والعلم.. ومن لفّ لفّنا، إلى عصبتين! الأولى: عصبة الصامتين، المتشبهين بالخرس والبكم، الذين لا...
زياد خداش لـم أكن أعرف أنني سأخطئ في الوصول إلى بيتي في ليلة ما، ستبدو الصورة مضحكةً وسرياليةً لو دخلت بيتًا آخر في حارة أخرى متفاجئًا بسكان لا أعرفهم ينامون في سريري أو يقرأون كتبي، حتى في عزّ سكري كنت...
يوسف فاضل 1. أقف في هذا الممر المرتفع، المطل على خطوط السكك الحديدية الهاربة. تحت سماءٍ رمادية. تقريبًا في نفس الألوان الدّاكنة التي تتحرك في الأسفل على رصيف المحطة. ألوان الشتاء. والوجوه عابسة. وجوه الشتاء. على محياهم قلق الانتظار. ينتظرون...
حسام المقدم في هذه المدينة الكبيرة، عندما تستوقِف أحدهم، وتحكي له عن زمنٍ كان فيه بَشَرٌ مُهدَّدُون في أعزّ ما لديهم؛ فإنّه لن يُصدِّقكَ. هذا جِيل يتفاخَر بِفُحُولَته. ** كُلُّ شيء يبدأ بِخاطر مُلِحّ. والخاطر قد يكون غائمًا، ومع الوقت...
ضياء أحمد لم تقل أمي شيئا لما أخبرتُها أنني أريد الزواج من كريستينا. اعتقدتُ أنها كانت تتوقع الخبر. لقد التقيت بكريستينا عدة مرات منذ تخرجنا -أنا وكريستينا- من الجامعة في ولاية ماساتشوستس الأمريكية قبل عامين. عندما زرتُ أسرتي في كراتشي،...
موسى حوامدة سأقترضُ من المنحدراتِ قيعانَها، ومن الصخور غدرانَها، ومن سفوحِ الجبالِ شلالاتِها، ومن الأنهارِ مصباتِّها ومجاريها. سأستعيرُ من الطبيعة بعضَ الجداول والينابيع، أريدُ ماءً غزيرًا، ودمعًا مدرارًا. أريدُ غيومًا فائضةً على حاجة السماء، أريدُ مطرًا يسحُّ من عينيَّ، يغمرُ...