بول ريكور
ترجمة: المنجي السرباجي-باحث ومترجم تونسي
إنّ التسامح لهو ثمرة زهد في ممارسة السلطة. إنّه فضيلة: فضيلة فردية وفضيلة جماعية. وفي الواقع، قد يكون من الخطأ الظن أنه لا يكتسب معنى إلا مقترنا بشكل من السلطة ألا وهو سلطة الدولة. ويجد اللّاتسامح دافعه الأول في القدرة التي يمتلكها كل واحد على أن يفرض على الآخرين معتقداته ويقينه وطريقته في تدبير حياته بمجرد أن يعتقد أنها وحدها مقبولة، وأنها وحدها مشروعة. فبالنسبة لكل امرئ، أن يفعل هو أن يمارس سلطة على… يقضي هذا اللا-تناظر البدئي للفعل أن يكون لكل عمل فاعل ومتقبِّل، منفعل. ولكن إذا كان اللّاتسامح مسلّحا بالسلطة على…، فإنه مبرَّر في نظر من يمارسه بالمشروعية المزعومة للمعتقد، لليقين. وينتج افتراض المشروعية هذا عن رفض المعتقدات واليقينيات وأنماط الحياة المناقضة أو حتى المختلفة. يوجد إذن مكوّنان ضروريان للّاتسامح هما: رفض معتقدات الغير ويقينياته، والقدرة على منعه من أن يعيش حياته كما يطيب له. ها هنا تكمن علّتا ما في القلب البشري من نزوع إلى اللّاتسامح. وقد نخال أن اللّاتسامح لا يبدأ في الاحتدام، من جهة أولى، إلا متى استندت القدرة على المنع إلى القوة العامة، أي متى امتلكت السلطة الدنيوية2 ومن جهة ثانية، إلا متى أخذ الرفض شكل إدانة معلنة بواسطة دولة منحازة تؤيّد رؤية مخصوصة للخير. بهذا الشأن، يمكن أن تشكِّل الحروب الدينية في أوروبا النموذج الدائم للّاتسامح، حيث تمنح الكنيسة –أو الكنائس– للدول مسحة الحقيقة المقدسة3 وتمنح الدولة لمثل هذه الكنيسة قوة الردع الخاصة بالسلطة الدنيوية. ووفقا لهذا النموذج القديم، فإن أنماطَ التعصب الديني التي خلّفتها أوروبا القديمة قد حلّت محلَّها اليوم أنماطُ التعصب الأصولي المنبثقة عن الإسلام. وقد قام خطاب التسامح في العالم الغربي كذلك خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ضد هذه الصيغة من اللّاتسامح. ولكن إذا كانت سلطة الدولة، وقد جُمعت حتى ماض قريب إلى السلطة الكنسية، هي وحدها ما يعطي للاستنكار بعدا عموميا وإلى القدرة على المنع فعالية تاريخية لا تمتلكها الإرادة الفردية، فإن القوة العامة لا تعمل في نهاية المطاف إلا من خلال عواطف الأفراد التي تمثل بالنسبة إليها جسرا للعبور إلى استعدادات القلب الأكثر خصوصية. فحتى الطاغية يحتاج إلى سفسطائي من أجل أن ينتزع الإيمانَ بواسطة الإقناع أو الإطراء أو التهديد. ألا إنما في الفرد، حتى وإن كان مدفوعا بالخوف، يتحدد في نهاية الأمر مصير اللّاتسامح. ومن أجل التخفيف من وطأة القطيعة بين الفرد والمؤسسة سيكون من المشروع التأكيد على ما يسميه مايكل فالتزر في مجالات العدالة «أفهاما مشتركة»: إننا حقا لنجد باستمرار جماعات ولاء ويقين وسلطة وسيطة بين المستوى الفردي ومستوى الدولة. بل إنه في هذا المستوى الوسيط المميَّز يمكن أن يُباشَر تهذيب العواطف الذي سنتحدث عنه لاحقا. كذلك، وعَودا إلى عصر الأنوار، بقدر ما توجّه دفاع الموسوعيين على التسامح إلى الأفراد المدعوين إلى الخروج من وضع القصور الطوعي (كانط) فإنه توجّه أيضا إلى الدول المدعوّة إلى رفع الرقابة وإلى الفئة المستنيرة من الجمهور. ومن هنا يكون التسامح فضيلة على معنَيَين –بل قل على معانٍ ثلاثة. ويعود السبب النهائي لذلك إلى أن السلطة هي بنية أنثروبولوجية عامة تتيح إمكانية تبيّـنها في كل المستويات حيث من شأن قدرة طرف ما على الفعل أن تؤثر على قدرة الفعل عند الآخر وأن تقلّصها (سبينوزا).
إن التسامح، كما أعلنّا ذلك في البداية، هو ثمرة زهد عن السلطة. وفي الواقع، فإنه يتمثل في الإحجام، إحجام من قد يمتلك القدرة على أن يفرض على الغير طريقته في الاعتقاد والفعل، وباختصار في كيفية تدبير حياته كما يطيب له، عن أن يفعل ذلك. إن الإحجام صعب ومكلف دائما. يتمثل هذا الإحجام في زهد يمكن أن نحدد مراحله على النحو التالي:
أتحمل على مضض ما أرفض، إذ ليست لدي القدرة على منعه.
أرفض نمط حياتك، ولكني أعمل على فهمه دون أن أنخرط فيه.
أرفض نمط حياتك، ولكني أحترم فيه حريتك في أن تعيش مثلما يحلو لك وأعترف لك بحقك في أن تظهر ذلك علنا.
لا أقبل ولا أرفض الأسباب التي تجعلك تعيش بصورة مختلفة عني: ولكن لعل هذه الأسباب تعبّر عن علاقة إلى الخير تفلت عن فهمي بسبب تناهي الفهم الإنساني.
إنني أقبل كل أنماط الحياة، شرط أن لا تسيء جليا إلى آخرين؛ إني، باختصار، أسمح بكل طرق العيش لأنها تعبيرات عن الكثرة والتنوع الإنسانيين. فليحيا الاختلاف.
بعض الملاحظات بشأن مراحل هذا الزهد وتحولاته
لا يتعلق الأمر في الواقع بزهد بسيط وإنما بزهد مضاعف: هو بالتأكيد الزهد المرئي عن القدرة على المنع، ولكنه أيضا –وهو هنا مخفي وأكثر كلفة انفعاليا وفكريا– زهد عن اليقين إذ يكون موجها للغير في شكل قبول ورفض.
يبدأ التخلي عن السلطة منذ المستوى الأول، ولكنه ليس بعدُ تخليا عن الرفض. إنه المعنى الأدنى الذي تشير إليه المعاجم. وهكذا فإن معجم روبير Le Robert يعلن تحت العنوان رقم 1 «التسامح هو أن نتسامح مع شيء ما، هو ألّا نمَنع أو نُلزِم رغم أننا قادرون على ذلك. الحرية التي تنجم عن هذا الامتناع». فبواسطة هذا الامتناع تحديدا بدأت الأشياء تتغير خلال القرن السابع عشر والثامن عشر تزامنا مع الحروب الدينية في أوروبا. وفي ألمانيا، قَوّضت «معاهدتا سلام واستفاليا» احتكار السلطة الكنسية جزئيا بأن أقرّت أن: «الشعب على دين ملكه» [cujus regio, ejus religio]؛ ولقد أحدث مرسوم نانت في فرنسا خرقا، لم يكن للأسف إلا مؤقتا، في المبدأ المقدس: معتقد واحد، شريعة واحدة، مَلِك واحد؛ ولفترة من الزمن، وجدت طائفتان مسيحيتان لنفسهما مكانا ضمن نفس الفضاء العمومي وفقا لبعض الشروط الضابطة القاسية. ولكن الطائفتين وأعضاءهما تحملوا بعضهما دون قدرة أي منهم على منع الآخر وذلك تحديدا ضد رغبة كل منهم وتحت شعار الرفض المتبادل. لقد أجبرتهم إرادة أخرى على التعايش.
يبدأ التحول الخاص بالرفض في المرحلة الثانية. إنه يتمثل في انفصال داخلي –بل هو تمزق– بين التمسك باليقين الخاص وبين جهد التخيّل والتعاطف الذي يعمل المرء بواسطته على فهم نمط تفكيرٍ وفعلٍ وحياةٍ، أي في نهاية الأمر على فهم تصورٍ ما للخير هو غير تصوره الخاص. ويتخذ هذا الانفصال من الفرد مقاما، هذا الفرد الذي يدعوه أنصار التنوير إلى أن يفكر بنفسه. إنه في الأغلب فرد منعزل يشدّ إليه جماعات صغيرة مقاومة، سابقا بذلك التوجّه السائد في مجتمع عصره، كما تشهد على ذلك محاولات توحيد الكنائس في خضم الحروب الدينية تأسيًّا بإيراسم وميلانشتون وليبنيتز4. وبصورة أعم، لنا أن نعزو مصير المعتقدات الممزَّقة بين التقليد النقدي المنبثق من اليونان والتقليد الإيماني الموروث عن المسيحية واليهودية إلى وضعية مواجهة دائمة في قلب العالم الغربي. فإنما بناءً على هذا المصير ينبثق التمكّن المؤسسي للتسامح: وستتمكن الدولة اللائكية ذات يوم من أن تتخلى عن الاعتراف بطائفة ما أو عن دعمها لأن المجتمع المدني سيكون قد تطور بالمواجهة بين النقد واليقين.
غير أن الخطوة الحاسمة لا تُنجز إلا في المرحلة الثالثة؛ إنها تصدر عن محاولة تجاوز التمزق الداخلي الذي يشق الاعتقاد. ومازالت هذه الخطوة لم تُنجَز بعد، على الأقل على نحو معلن، حتى في عصر الأنوار: لقد حُمِلت المعتقدات الدينية التي نقدها الموسوعيون على أنها خرافات منسوبة إلى الجهل والحمق والنفاق وأُدْنيَت إلى القسم اللاعقلاني من النفس الإنسانية. ففي الواقع من الصعب القبول قبولًا لا ريب فيه، أي دون خسارة أيّ تجذّر في يقين ما، بكثرةٍ حقيقية في المعتقدات وفي أنماط العيش –أي في نهاية الأمر في رؤى الخير. من هذه النقطة تحديدا سنمضي مجددا ولما هو أبعد، بمساعدة المتعذّر على التسامح5. ولكن أولا، فلنتعمق أكثر ولنغنم من هذه الخطوة الجديدة. إنها تُنجَز لفائدة الفصل بين الحقيقة والعدالة. فليس باسم الحقيقة كما تبدو لي –الخير الظاهر لدى الوسيطيين– يقبل أحدنا الآخر (يقبل وليس يتحمل فقط)، وإنما باسم حقه المساوي لحقي في أن يعيش حياته كما يطيب له. ها هنا زهد حقيقي عن السلطة بما أن سلطة الواحد هي سلطة على الآخر كما أسلفنا. وإلى هذا اللاتناظر البدئي، الكامن في قلب التفاعل الإنساني، بين الفعل والانفعال يُضاف مَيل الواحد إلى أن يُخضع إرادة الآخر إلى إرادته. ويعادل الاعترافُ للمرء بحق مساوٍ في ممارسة قدرته على الوجود وعلى الفعل تجاوزَ اللاتناظر بواسطة التبادلية. وهذه هي الحركة الفكرية التي وصفها هيغل في فينومينولوجيا الروح تحت عنوان «جدلية السيد والعبد». فاللامساواة البدئية بين هاتين الشخصيتين الرمزيتين يقع تجاوزها بصورة جدلية بواسطة ما يسميه الفيلسوف «اعترافا». فليس الأمر يتعلق بأقل من القدرة المتساوية على التفكير وقد جُسّدت في الشخصية الجديدة للرواقي، تلك المنبثقة من تبادل الأدوار بين العبد إبكتات والإمبراطور مارك أوريل. وسنفصح لاحقا عن مطبّات هذه التسوية الرمزية وهي التسوية التي يستعيدها المصير المعاصر للتسامح. ولكن قبل ذلك ينبغي أن نشير إلى المغنم الذي لا يضاهيه مغنم والذي هو مدين إلى هذه التسوية. فمن حق الآخر المساوي لحقي في أن يُظهر قدرته على الفعل، تُشتق لائحة الحقوق الأساسية بتمامها. إنها تبدأ مع حرية الرأي، التي هي تجسيد لحق المرء في التفكير بنفسه؛ وتتواصل مع حرية التعبير والحريات العامة الأخرى (تكوين الجمعيات، التعليم، النشر، التظاهر، إلخ)، وتبلغ ذروتها مع حرية المشاركة بصورة فاعلة في تكوين السلطة السياسية. يظل التسامح في المجتمعات الديمقراطية واقعا بقدر ما تكون الحريات العامة بدورها محمية ومدعومة من طرف دولة لا تتّبع أي تصوّر مخصوص للخير. ولكن لا يكفُّ التسامح رغم ذلك عن أن يكون فضيلة طالما أنه يستند إلى رجاء كل مواطن، رجاءٌ مستعاد أبدا، أن يعتبر حق الغير في التمتّع بالحريات الأساسية مساويًا لحقه. وفي هذا الصدد، فإن التسامح هو بالأحرى أيضا فضيلة المؤسسات اللا-حكومية، مثل الجمعيات والمجاميع الفكرية والمؤسسات الدينية. بل إنما يعود إلى هذه المؤسسات أن تمارس أكثر أنواع الزهد عن السلطة صعوبة. والسبب في ذلك هو، بالتأكيد، الماضي: إلا أن العقدة الصماء بين المسحة المقدسة الممنوحة للسلطة السياسية من طرف السلطات المتحكمة في الملة المهيمنة وبين قوة الردع التي تتيحها السلطة الدنيوية لمظاهر السلطة الكنسية قد وقع بشكل عام حلها، في الغرب، في عصرنا الراهن. غير أنه ثمة سبب أكثر عمقا يجعلنا ننتظر من الملل الدينية أكثر مما ننتظره من أي جماعة فكرية أخرى؛ يتعلق هذا السبب بالنزوع الطبيعي لدى (مؤسسة خلاص) إلى أن تفرض على الجميع ما تعتبره بحسب ما استقر عليه يقينها بأنه هو خيرهم الأسمى. وحيثما يوجد الأسمى –في الدين وفي السياسة– تخيِّم نذر القهر. فبالنسبة لجماعة دينية أيا كانت، إنه إنما بواسطة عمل على الذات مستمر من طرف كل عضو من أعضائها كما من طرف سلطاتها يمكن أن يُطرح، عن طيب خاطر ورحابة صدر، حدٌّ، لا من منطلق الحقيقة بل من منطلق العدالة، للتعبير العلني عن اليقين الذي تتقاسمه الجماعة الكنسية. وإنما بمثل هذا الزهد الراسخ ليقينه، يستطيع المؤمن أن يسهم في تعزيز التسامح على كل الجبهات الأخرى حيث يكون ثمة يقينيات متنافسة.
إن كانت المرحلة الثالثة لا تتجاوز، على مستوى الحقيقة، صياغة للتسامح سجاليةً، فإن المرحلة الرابعة توجّهه إلى التعاون، على طريقة ما يمكن أن نسميه توافقا تنازعيّا. يبدو لي أننا نتخطى، مع هذه المرحلة الجديدة، حدا حرجا حيث يكون التسامح ربما قد مال سلفا إلى أمر آخر، سنذكره لاحقا، في ذات الوقت الذي يبدو فيه أنه قد بلغ أوْجَه. وسوف نرى فيما بعد كيف أن المتعذّر على التسامح يمكن أن يشكل ملاذا ضد الانزلاق الذي ينشأ مع هذه المرحلة ويكتمل مع المرحلة الموالية. أين يقع الحدّ الحرج هذا؟
لا أقرّ ولا أرفض: ذاك تحوّل دقيق، لا في النزعة إلى الإكراه ولكن في الدافعية المضفية للمشروعية والتي تعلن عادة دعما لهذا النزوع. وبعبارة أخرى، لم يعد الانزياح يؤثر على السلطة وإنما هو يؤثر على اليقين نفسه وعلى ادعائه الحقيقة. وبالفعل، ما عسى أن يكون اليقين دون «تسليم-بأن-هذا-حق»، على الأقل طوال الوقت الذي يُتلفظ به سواء في قرارة النفس أو في الساحات العامة؟ ومع ذلك فإن الأمر يتعلق بتصدع قرينة الحقيقة. فإن لم نفهم ضرورةَ هذه الخطوة الجديدة، فبوسعنا أن نفهم على الأقل معقوليتها إن نحن أخذنا في الحسبان طبيعة الفصل السابق بين الحقيقة والعدالة والتي يصعب تأييدها (تماما مثلما أن المرور من المرحلة الثانية إلى الثالثة كان مدفوعا بالحرص على تجاوز الفصل بين اليقين والتعاطف المتفهّم). وقد قلت في نفسي: ماذا لو كان يقيني غير مطابق للحقيقة (معرَّفة بالألف واللام)؟ على كل حال، أنا لا أملك الحقيقة: إني فقط (وهنا أذكر معلّمي غابريال مارسيل) أرجو أن أكون في صلب الحقيقة. إن كل فهم إنساني (ولعلي أحدث نفسي بهذا أيضا) هو فهم متناهٍ، ولذلك متناهٍ هو أيضا الفهم الذي من خلاله يتبدَّى حتما يقيني. أليس هذا هو المصير النهائي ليقين يقترب من المطلق على أيّ جهة كان الاقتراب؟ «أكون الذي أكون»6 يقول رب الخروج متنصّلا من أسر الأجناس الأدبية حيث خُطّت علاقته بالبشر: قصص، تشريعات، نبوءات، ترانيم، حِكم، إلخ. فإن أضفت أنها علاقة دوَرانية تلك التي تعرِف جماعة دينية نفسها فيها بوصفها متأصّلة ضمن نصوص مقدسة حَدّدت لها هي في المقابل اصطلاحها ونقلت تأويلاتها التاريخية الكبرى عبر القرون، أفلا يتعيّن عليّ أن أستنتج أن هذا الكلام المؤسِّس في نظر جماعتي هو في الآن ذاته الأرفع (بمعنى أنه ليس خاضعا لأي شيء أرفع منه مقاما في مجال دلالته الخاص) وأنه لا ينفذ أبدا، بمعنى أن فجوة تتعمق بين أصل إنعامه وبين تاريخ تلقيه ونقله. فإن كان الأمر كذلك، أفلا يتوجب عليّ أن أعترف أنه يوجد شيء من الحقيقة هو ليس في حوزتي؟ إذا كنتُ قادرا على هذه الخطوة أكون عندها قد نقَلت التسامح من الانفعال إلى الفعل، من التحمّل إلى القبول. أكون بكل بساطة سمحت للآخر بأن يكون.
من الملاحظ أنني كتبت كل هذه الفقرة باستعمال ضمير المتكلم الفرد بطريقة تختلف عن الفقرات السابقة، حيث يسمح الأنا لنفسه بالتحوّل (بل وعليه أن يتحوّل) إلى أي كان وإلى كل واحد. ليس للزهد الذي عرضناه للتو أن يمارَس إلا بواسطة الفرد في معنى كيركيغارد أي في معنى ضد-هيغلي. إنه الزهد النادر لبعض حكماء الأديان الكونية. وليس لثقافة برمتها من سبيل إليه إلا من خلال إشعاع ينتقل من شخص إلى شخص، من جماعات صغيرة إلى جماعات صغيرة. ويكون هذا في مناخ مناهض جذريا للطائفية.
ألتفت عند هذه النقطة إلى الطريق التي قطعناها. هل لمجتمع محكم التنظيم، حتى نستعمل عبارة جون رولس، أن يقترح بكثافة أو حتى على نحو أغلبي تجاوز المرحلة الثالثة حيث تظل الحقيقة والعدالة منفصلتين؟ أليس من الحكمة أن يتمّ ضم الفضائل العمومية للمرحلة الثالثة إلى الفضائل الخاصة للمرحلة الرابعة، اتقاء أن نرى الحكمة الأسمى تلوذ إلى نخبوية مستغلقة؟ فنترك هوَّة تتسع بين الحكمة والمواطنة؟
يتعزز مثل هذا القلق بالمشهد الذي يقدِّمه، على مستوى الوعي المشترك، المصير المعاصر للتسامح. فإن تعيَّن على حكماء المرحلة الرابعة أن لا ينوؤوا عن مواطني المرحلة الثالثة فلأن منحنى التسامح قد مال سلفا عقب بلوغ ذروته داخل المجتمع الذي يسميه البعض ما بعد حداثي، أي المجتمع الغربي اللاحق للأنوار. في الواقع، يسير كل شيء كما لو أن التسامح يصف منحنى تاريخيا واسعا يبدأ متصاعدا، ثم يغدو، اليوم، منحدرا، منطلقا من مستوى اللاتسامح، بالغا أوجه في مكان ما بين المرحلة الثالثة، حيث تظل العدالة والحقيقة جنبا إلى جنب، والمرحلة الرابعة، حيث تتشظّى فكرة الحقيقة حتى تتلاءم مع ما كانت العدالة قد استشعرته، وكما لو أن التسامح يواصل سباقه إلى ما بعد نقطة ذروته. ولكن إلى أين؟
لقد أوجزتُ تحت عنوان المرحلة الخامسة، ملامح التزام، مضمر أو صريح، باللامبالاة. إن هذه المرحلة، وهي التي بلغناها اليوم، هي التي نقبل فيها كل شيء لأن الكل يتضاهى، لأن الكل متساوٍ. وإنما إلى مثل هذا التحول يحيل أنطوان غارابون هنا تحديدا7: فبالنسبة إليه، لقد استوفى نموذج التسامح المنبثق عن حسم الحروب الدينية موارده، إذ لم يعد ثمة اليوم أبدا التزامات عقائدية تحتاج إلى أن نوفق بينها وقبل ذلك أن نكرهها على التعايش. وفي غياب معايير مشتركة، فإن الهاجسان المشتركان المتبقيان، هاجس الأمن العام في مواجهة الأنواع الجديدة للخطورة، وهاجس الصحة العامة في مواجهة التهديدات الموجهة للجسد، يضعان في الواجهة تحكيم المؤسسة القضائية بإجرائياتها المقبولة وحماية المؤسسة الصحية. التحكيم والحماية: إنهما وجها التسامح الجديدان. لكن الأمر لم يعد يتعلق باستكمال بل باستبدال. وكذلك تدعم هجمات الكُتاب ما بعد الحداثيين ضد عقلانية الأنوار وضد «الحداثة»، على نحو غير مقصود، التفكك الداخلي للصرح المريض الذي، مثلما أكّدنا عليه عند مناقشة المرحلة الثالثة، أمعن في الثناء على الالتزام بحقوق الإنسان، التي أصبحت اليوم أيديولوجيا بالية. صحيح أن الجميع يناضل من أجل حقوق الإنسان؛ ولكن عمل الزهد، الزهد عن اليقين كما الزهد عن السلطة، على جهة الأفراد كما على جهة المؤسسات، لم يعد ملائما؛ لقد بات طلسما، خلوًا من المعنى. يصبح مربكا إذن أن نسأل أي تواطؤ سري، غير مقصود هو بدوره، يمكن أن ينشأ بين الزهد الأقصى للمرحلة الرابعة وبين السقوط في اللامبالاة في المرحلة الخامسة؟ إنها لمعركة مربكة شأنها شأن كل ما يجعل الأصيل والدخيل متواطئين. لم يعد ثمة شيء في الواقع يشبه الجملة: «توجد الحقيقة أيضا في غير حوزتي» إلا الجملة «إنما الاختلافات أسواء». ألم يكن هيغل قد استبق هذا الفارق في المستوى الذي يحوّل الهُوَ-عينه إلى غيره عندما أعقب شخصية الرواقي بشخصية الريبي؟. فإن كان العبد والإمبراطور متماثلين من حيث أنهما «يفكّران»، فإن كل ما يميزهما، أي كل الاختلافات التاريخية، تكون بلا معنى، أسواء. كيف السبيل إذن إلى المكوث على الحدّ؟ كيف نمنع أن يغذّي الاعتراف بحقيقة الآخر حجاج اللامبالاة، على افتراض أنها تحاجج. كيف نعيد للتسامح بدنه التاريخي الذي يبدو أن استحضار مشترك أساسي بعيد قد جعله يختفي؟
ها هنا تبرز على نحو غير متوقع، مسألة المتعذّر على التسامح باعتباره الملاذ الأخير لتسامح مفكَّر به ومبتغى.
إن المتعذّر على التسامح هو ما نودّ ألّا يُتسامح معه رغم أننا نستطيع ذلك أو حتى يتوجب علينا ذلك. بهذا المعنى، فإن المتعذّر على التسامح مناقض رأسا للّاتسامح، سلوك الاستنكار والمنع هذا، والذي أراد التسامح التغلب عليه. ليس المتعذّر على التسامح إشكاليا إلا على خلفية تسامح مكتسب أو في طور أن يكون مكتسبا. وما يجعله إشكاليا هو ادعاء وضع حد للتسامح. إنه يقف في الواقع في ذات مقام الرفض الذي يقف فيه التسامح. ولكن في حين يكون التسامح إمساكا، يعلق المتعذّر على التسامح كل إمساك. لذلك فإنه لا يكون مناسبا بصورة تامة إلا في ثقافة أنشئت بالتسامح وعلى التسامح. إنه لمن أجل هذا السبب المحدَّد يمكننا أن ننتظر منه أن يكون له أثر المنبه في ثقافة دون نقاط مرجعية محددة، كان فيها التسامح قد أسلم أمره إلى اللامبالاة.
ولكن حتى يتم تسويغ هذا الانتظار الذي سنعود إليه في الختام، علينا أن نكون قد أجبنا على بعض الأسئلة الأولية: بم يمكننا أن نتعرف إلى المتعذّر على التسامح؟ ما هو هذا المتعذّر على التسامح في صورته المثلى؟ باسم ماذا نرفض المتعذّر على التسامح؟
يجب أن نبدأ بالسؤال الأول إذ، كما سنرى ذلك الآن، يمكن أن يتيه الجواب على السؤال الثاني في التشتّت. يُعرف المتعذّر على التسامح بالانفعال الذي يكشفه، ألا وهو الاستياء، وهو انفعال على غاية من الارتكاسية. وهو، من هذا المنطلق، يقطع مع عدم الاكتراث السائد لدى مجتمع مستعد لقبول كل شيء باعتبار أن كل شيء متساوٍ في لا-معناه. إن الاستياء هو أولا صرخة: هذا لا يطاق! الاستياء هو غضب أخلاقي، هو الصورة «الإشهادية والاحتجاجية للفضيلة».
ولكن إذا كان الاستياء يسمح بأن يُعرف بخاصيته الارتكاسية الجارفة، وذلك من خلال تنوع تجلياته التي قد تستدعي فينومينولوجيا نبيهة، فسيكون من الأصعب أن نجد له موضوعا مشتركا. تظهر مناسبات الاستنكار بشكل مشتَّت: إذ ما المشترك بين الاشمئزاز الذي تثيره جريمة مغتصب الأطفال والرعب الذي تُواصل القصص القادمة من مخيمات الإبعاد والإبادة توليده والاحتقار الذي تثيره الهجمات الفاحشة للافتراء المستشري الموجّه ضد إنسان نزيه والتمرد على مظاهر العنصرية أو على العودة المقنَّعة للعبودية أو على التفاوتات الصارخة أو على سياسات الإقصاء؟ يبدو أنه قد فُرض علينا أن نسلك مسلكا استقرائيا: ولكن صوب أيّ مستقَر؟ أليست أنماط الشر، تلك التي يدينها الاستنكار دون أن تكون قادرة على تحديد الخير التي هي ضديده، بطبعها أنماطا مشتتة، هذا إن كان الأمر يتعلق بالشرور حقا؟ فإن كان الخير في النهاية واحدا، أفلا يكون الشر مبدئيا عُصبة؟ ومع ذلك فلنحاول.
إنه لمن اليسير أن نضبط عددا معينا من السلوكات الدنيئة: تلك التي تسيء إلى ممارسة التسامح نفسها. فكما ذكرنا هنا، التسامح هو فضيلة انعكاسية تنتظر التبادل مِثلا بمثل. وهذا يعني أن أوّل ما يتعذّر على التسامح هو اللاتسامح ذاته. إنها لقضية مدهشة ويبدو أنها ستعيد الجميع إلى نقطة المنطلق. ولكن ليس الأمر على هذه الصورة حقّا. فسواء كان اللاتسامح دينيا مثلما هو الأمر في الحقبة العظيمة للحروب الدينية في أوروبا، أو الآن في مناطق متنوعة من العالم، أو كان سياسيا وثقافيا مثلما هو الشأن في الدكتاتوريات حيث تنصِّب طبقة حاكمة نفسها شرطة آداب، لم يعد اللاتسامح متعذّرا على التسامح إلا مقارنا بوضع ما للثقافة يكون فيه عدد مهم من الأنظمة السياسية المدعومة برأي عام مستنير قد بلغت المرحلة الثالثة كما وصفناها سابقا.
ولكن ما كل المتعذّر على التسامح يقبل أن يُختزل إلى مقاومة اللاتسامح المحافظةَ على مكاسب التسامح وتقدمه اللاحق سواء في العالم أو عندنا. ولعلّه يكون من الواجب حينئذ التركيز على كلمةٍ: أن نسيء (وسنكون قد لاحظنا أن هذا هو المقطع الوحيد في تعريف التسامح في المرحلة الخامسة الذي لم يقع التعليق عليه: «إنني أقبل كل أنماط الحياة، شرط أن لا تسيء جليا إلى آخرين». فأن نسيء فذلك هو القفا السلبي للمساعدة، للإنجاد، للرحمة، للتطوع وهي كلها من شأنها أن ترفع من قوة وجود الغير (حتى نظل في معجم سبينوزي مميّز هنا). أن لا نسيء، فتلك إيتيقا دنيا. أن نمنع الإساءة فتلك سياسة دنيا. أوجه مشتَّـتة للإساءة ولكن أوشاج بين كل الإساءات التي يجمعها الاستنكار. ما هو سلبي في الموضوع: «الإساءة»، في مواجهة ما هو سلبي في الشعور: «الاستنكار». وفي هذا الصدد، ومثلما يتحدث هانس يوناس عن استكشافية الخوف -في معنى هو في نهاية الأمر أقرب مما يبدو عليه إلى مسألة الاستنكار التي نعالجها- يمكن أن توجد استكشافية الاستنكار، الحصن الأخير لأخلاق مشتركة متداعية. وإذا اقتفينا لبرهة أثر يوناس على الدرب الذي يربط مبدأ المسؤولية إلى ذاك الكفيل المميز الذي يمكن أن يكون الوَاهن، أفلن يكون ثمة معنى أن نقول إن استكشافية الاستنكار تنبّه اليقظة الأخلاقية على الجبهة الواسعة للواهن، أي الهشاشة تجاه الإساءة؟ الإساءة هي إذن: أذى يُسلَّط على قدرة الآخر على الوجود، منعٌ يُمارس ضد نمائه. في هذه اللحظة يبرز مرّة أخرى الوجه الحقير لمغتصب الأطفال السفّاح. ينظم إليه الجلادون مقاولو تجارة الرقيق السرّيين وكل مستغلي هشاشة تتكثّف في هشاشة الطفولة دون أن تُختزل إليها. وفي حركة الاتساع هذه انطلاقا من بؤرة الطفولة المضطهدة، وكما طرح ذلك يوناس، قد يتقاطع مبحث الواهن مع هذا الواهن الآخر الذي تمثّله الدولة الديمقراطية نفسها، طالما أنها، وقد جُرّدت من مشروعيتها المفارقة، لا تقوم، على الأقل في تقدير أولي، إلا على إرادة أغلب الناس في العيش المشترك ضمن مؤسسات عادلة حامية للحريات الأساسية. الطفل والدولة: أوجه متقاطبة للواهن.
فإن جاز أن نعترف للاستنكار، وهو شعور بالغ الارتكاسية، بدافعية إيجابية، فستكون هذه الدافعية هي المسؤولية تجاه الواهن في أشكاله المتعددة، المنتشرة في أفق المحيط الكوكبي. تقود هذه المحاولة من أجل أن يستعيد الاستنكار الوجه الذي هو قفا له، إلى عتبة السؤال الأخير المطروح آنفا: باسم ماذا نندّد بالمتعذّر على التسامح؟ يتحدث جون رولس، متسائلا عن الأصل الأخلاقي الذي يَفترض أن تُقدِّم مبادئه في العدالة استدلالا عقلانيا عليه، وفي هذه الحالة تخصيصا، استدلالا تعاقديا واجرائيا، عن «اعتقادات جد متّزنة» ويعمل على إيجاد نوع من «التوازن المدروس» بين هذه الاعتقادات وبين حجاجه المعقول. إنه «توازن مدروس» من نوع آخر ذاك الذي سأقترحه، بين الغضب المحمود للاستنكار وعودة إلى الأصول المنسيَّة لثقافتنا. فإذا تعيَّن على الاستنكار أن يكون قادرا على صدّ اللامبالاة الأخلاقية التي ما انفك التسامح يغرق فيها، فإن ذلك يكون بقدر ما هو ينبه كساعة منبِّهة. وفي الواقع لا ينبغي أن نقول إن الديمقراطية تقف على فراغ؛ إنها تعبِّر بالأحرى عن جُمام، ذاك الذي يفيض عن المصادر المنسية لثقافتنا. تنتج ثقافة الغرب فيما يخصها عن اللقاء التصادمي ولكن المثمر، في نهاية الأمر، بين الموروث الإغريقي-اليوناني، اليهودي-المسيحي، النهضات المتعاقبة، الإصلاح الديني، الأنوار، الحركات القومية والاشتراكية للقرن التاسع عشر، إلخ. فأن ننهل من منابع الاستنكار، التي يثيرها المتعذّر على التسامح بحيث نستخلص منها طاقة إعادة تأسيس أخلاقي للديمقراطية، فتلك ربما ستكون مهمة تكميلية، إلى جانب النداء إلى التسامح، حيث يظل التركيز الأساسي متعلقا بالإحجام عن الحظر والمنع. ولعل طاقة التأسيس هذه لن تكون إلا متعددة ولن تنهج إلا عبر الموروثات المتقاطعة. فإن لم يُفضِ الاستنكار إلى مثل هذا العمل على الذات، وهو العمل الذي تتعرّف تقاليدنا المتعدّدة على نفسها في نهايته باعتبارها مؤسِّسة على نحو مشترك لنفس إرادة العيش المشترك، فإن هذه التقاليد تكاد تَهبُ السلاح لذراعِ مقتصٍّ يُخرج اللاتسامح مجددا في مظهر الفضيلة، بدعوى الحدّ من سوء استخدام التسامح.
إنه فقط عندما يدعو الاستنكار إلى سلوكات قمعية، تدخل في صراع مفتوح مع هذه الحرية العامة أو تلك، وفي مقدمتها حرية التعبير، تكون التضييقات المفروضة على هذا النحو عرضة لأن تُفهم على أنه يتعذّر مسامحتها من طرف العقول الأكثر حرية. بهذا الصدد، تؤيد مونيكا كانتو-سبربار8، التي واجهت نفس المشكل الذي واجهتُه في هذا المجلد، روح «الاتزان». وبالفعل فإن الاتزان في نظري هو التعبير الرئيس على الحكمة العملية في تقليد الفرونيزيس التراجيدي والأرسطي وفي حذر المدرسِيّين. وكما يدل على ذلك لفظه، يرجح الاتزان مآثر ومثالب تسامح لا محدود يجازف بالسماح بإيذاء الأكثر ضعفا باسم الحرية وباسم مخاطر عودة اللاتسامح تحت غطاء النظام الأخلاقي. ويمكن أن يكون التخلي عن إعادة تكوين إجماع أخلاقي، ليس له أن يوجد في مجتمع تعدّدي، تعبيرا رئيسا لهذا الاتزان. وأما الحكمة فهي أن نكتفي بإجماعات هشة تماشيا مع ما يسميه رولس «التوافق عبر التقاطع» والذي تم تصحيحه أيضا من خلال ما يسميه «الاعتراف بخلافات معقولة». كما يمكن أن يكون تعبيرا ثانيا عن الاتزان الامتناعُ عن الإكراه على إنهاء مبكّر أو قسري للأسئلة المختلف بشأنها، مثل الإجهاض (وهو مجرّم عن حق ولكن لمّا يخرجْ عن منزلته المظنون بها بوصفه أهون الشر) أو الموت الرحيم وبصورة عامة المشكلات التي تطرحها علاقة الأخلاق الخاصة والعامة بالحياة والموت. إن المهم بهذا الشأن هو أن يُؤخذ الصراع على أنه مفيد من طرف كل الفرقاء المعنيين. ويمكن أن تشهد حدّة نقاش تمت تسويته شهادة قوية على وعيٍ أفَاقَ من لا مبالاته بواسطة الاستنكار. ولكن هدي الحكمة يبقى قائما. يجب أيضا وضع حدود للاستنكار ولسخطه. «لا تسرف» تعلن حكمة الإغريق. أليست هي نفس الحكمة، نفس «الاتزان»، اللذين توصي بهما la mitezza (الاعتدال)، والتي يمتدحها نوربرتو بوبيو في مستهل مجموع المحاولات هذا9؟
الهوامش
« L’usure de la tolérance et la résistance de l’intolérable », in : Diogène, n° 176, Octobre-décembre 1996, pp. 166 – 176. (كل هوامش المقال للمترجم)
le bras séculier ونؤيد هنا خيار عبد الحي أزرقان ترجمة عبارة le bras séculier بعبارة السلطة الدنيوية بدل ترجمتها بالسلطة المدنية. انظر: ريكور، بول، “التسامح، اللاتسامح، المتعذّر على التسامح”، ترجمة أزرقان، عبد الحي، ورد في التسامح في الثقافة العربية. الجزء الثاني، الرباط: مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، 2018، ص. 439 – 460.
Onction de la vérité إشارة إلى ممارسة طقوسية موجودة خصوصا في الكاثوليكية ولكن أيضا في بعض الديانات القديمة وتتمثل في المسح باستعمال الزيت المقدس بما يهب للشخص قداسة أو نِعما.
Erasme ; Mélanchton ; Leibniz
L’intolérable، استئناسا بترجمة أزرقان، المرجع المذكور.
فقال الله لموسى “أهيَه الذي أهيَه”. سفر الخروج، الإصحاح الثالث، الآية 13-14.
Antoine Garapon, « Le droit, nouveau langage de la tolérance », in : Diogène, op.cit.
Monique canto-Sperber, « Jusqu’où la tolérance peut-elle aller ? », in : Diogène, op.cit.
Norberto Bobbio, « Eloge de la Mitezza. Vaclav Havel, Interlude : Anatomie de la haine. Penser la tolérance », in : Diogène, op.cit.