إبراهيم الكراوي
شاعر مغربي
إلى طفلٍ فلسطينيّ
إلى شاعرٍ عراقيّ
عَبرَ النَّافِذةِ
نَافِذة قِطَارِ الأَيَّامِ
كَان يَرَى
خَيالاَتٍ عَالقَةً بِأغْصانِ شَجَرةٍ
خَيالاَتٍ تَنبضُ بِذهبِ الرُحَّلِ
فِي عُمقِ اللَّيل المُزدانِ بفَوانيسِ النُّجُومِ.
وكَان يَرى
قَوافلَ الظِّلالِ تَحثُّ السَّيرَ
إليكُم، حَيث يَتراءى المَجهولُ.
قَوافلَ زرقَاءَ
مُحَملةً بأحْلامِ وجِراح المَلائكَةِ
ودُموعَ أطْفالِ الحَربِ ،
ولُعابَ اللَّيلِ
وهُو يَسِيلُ من كُوةٍ غَريبَةٍ .
وكَان يَرى
أَحدَ عشرَ كَوكبًا تَسْبحُ
في قَلبِ الكَون،
والشَّمسَ
والقَوافلَ
تَتسَلَّقُ كُثبانَ الأبَديةِ ، وتَخْتفِي
وكانَ يَرى
غُيومًا من ريشِ الشِّعرِ
وطُيورًا من ضَوءٍ
تُغادِر أعْشاشَهَا
بَينما يشحذ نَسرٌ
ضِياء عينَيه
مِثل سُيوفٍ من فضة دمعٍ.
سُيوف الألَم في قَلبهِ
وكان يرى
ما لاَ يُريدُ
ورِجالًا
يَقتربُون منَ البِئرِ
بئرِ الحَياة ِ
رجَالًا مُلثَّمينَ بثِيابِ الصَّمتِ
بِقاماتٍ قصَارٍ،
وعُيونٍ تَغُور في مَحاجِرهَا الضَّيقةِ
مثل بُيُوضٍ فاسِدةٍ ،يَنتظِرونَ
في عُش الحَياةِ، ينْتظرون دَائمًا
ثَغراتٍ في الهواءِ
مثل شِباكِ العنكبُوتِ،
حيث سَتسقُط كلِمَاتهُم
وتَضيعُ أوزانُ قَصِيدهِم
في بِحارٍ النَّثرِ الهَوجاءِ..
الألمُ
يشْتعلُ بين التِّلالِ
وفي غُيومٍ من قُطنِ الحُبِّ..
لا تَكاد تَرى
مَلامحَهم،
وكلَّما فاضَ الغَيمُ
بالحبِّ
ازدادوا غُربةً .
وكلَّمَا
اتَّسعَ المَكانُ
بالزُّرقة والأسْوارِ
والدِّيار المُتناثرَةِ
مثلَ ضَوءٍ خَافتٍ
اخْتفَوا
في قلْب المَدى.