لبيد العامري
¹
أنتِ الذائِبةُ
كالمِلْحِ
في دَمي
²
كلُّ لذعَةِ مِلحٍ في اللّسان
تُذكرني بِقُبْلتِيَ العَتيقة
المَطبوعة على الجِدار
حين شَخَصَ فيهِ طَيْفُكِ
³
أنا البُحيْرةُ
المُشَبّعةُ
بِمِلحِ عينَيْكِ
⁴
مِنْ بعيدٍ أراكِ
تغطِسين في ماءِ عَيْني
كسَمكَةِ زينة
⁵
يتكسّرُ الماءُ كالزُّجاجِ
في قَبْضَةِ يديْهِ
لمّا اغترفَ مِنَ البَحرِ
ليغْسِلَ وجهَه
فسَطَعَت كالبَرقِ فيه
صورةُ أبيه المُتوفى
مِلْحُ حياتِهِ الأثمن
⁶
حينَ كنّا في الرِّباط
أبي وأنا
قبلَ ثلاثةَ عَشَرَ عامًا
مشيْنا بخفّةِ الهواءِ البارِدِ
في ذلك الصّباحِ الدّافِق
المُستَلّ مِنْ روايةٍ
لمدينةٍ كوزموبوليتيّة
مضغَ كلٌّ مِنّا على الرّيق
خبزةً مغربيةً دافئة
ابتعناها من شارعٍ قريب
كانت لذيذةً بملوحَتِها
الخفيفة
تساءلتُ هل هو مِلْحُ
قمحٍ طبيعي؟
أم يدُ الخَبّازِ اليابِسة
عَجَنَت الدّقيقَ بِحُب؟!
نهرُ السينما
نعودُ إلى البيتِ مُنهَكين
بعد أنْ قدّمنا أرواحَنا
قُربانًا للحُبِّ وسُطوعِ اللّحظة
نؤوبُ وأرواحُنا ذاوية
كشموعِ حَفلةِ ميلادٍ مُنتهية
نبحثُ عن ماءٍ يُبلِّلُ حَلقَ الرّوح
ويَروي غُصنَنا النّاشِف
نَضربُ لاهثين بأقدامِ الخيال
في صحراءِ الصّمتِ المُتناهية
يلوحُ من بعيد كأنَّهُ السراب
نهرُ السينما الخُرافي
ومِن فَرطِ العَطَشِ المَجنون
نغرقُ في قَعرِهِ السحيق
إلى أنْ يعدمَ أنفاسَ الواقِعِ فينا.