l رحيل الأشياء
عَبرَ نافذة الفندق المطلِّ على البحرِ
كان يرى البحرَ..
يجمعُ أمواجَهُ في حقائبَ بيضْ
أسيرحَلُ ؟
بعدَ رحيل التي علَّمته الإقامةَ..
حيث تُقيمْ
وأعطتهُ من ملحها.. الملحَ
وانتزعت منه بعض عواصفها
* * *
أيظلّ وحيداً.. إذا رحلَ البحرُ
بعد التي رحلتْ ؟
. . . . . .
. . . . . .
عبرَ نافذة الفندقِ المطلِّ … على !
لم يرَ البحرَ..
لا سُفُنُ الصيدِ كانت هناكَ..
ولا .. رسم الفجرُ ظلاً على الماء
أين هو الماءُ . . كان الفضاءْ
عتمةً وهباءْ
. . . . . .
. . . . . .
وكل الذي كان في هذه البلاد ..
طواهُ الغيابْ
وتعثَّرت الخطواتُ بشوك الخطايا
فكان اليبابْ
. . . . . .
. . . . . .
بعدَ حينٍ غفا..
وصحا..
ثمَّ دارتْ به الفلواتُ
في أيِّ منفى من الأرض .. كان ؟
وأين التي علَّمتهُ الإقامةَ..
حيثُ تُقيمُ ؟
وأين الذي كانَ؟
لا البحرُ..
لا الفندق ..
كلُّ الذي كان في هذه البلادِ..
طواهُ الغيابْ
l حكاية من لا اسم له
منذُ أسابيع ..
امتلأت جدرانُ الحي وأعمدة النورِ..
بإعلاناتٍ..
صور رجالٍ يبتسمون.. لمن لا يلتفتون إليهمْ
فإذا مرَّ بهم من لا اسم له ..
وتقرَّب منهمْ
كي يعلمَ ما لا يعلم ُ عنهمْ
نفروا عنه..
وظلَّ وحيداً ..
. . . . . .
. . . . . .
قال له رجلٌ لا اسم له ..
لرجال الإعلانات المبتسمين..
مآرب أخرى
أولئكَ يقتنصون الأصواتْ
وأنا مثلك ..
لا صوتَ لنا..
. . . . . .
. . . . . .
فيقولُ له من لا اسم له ..
لي صوتٌ .. غنَّيتُ به من أحببت ..
وإذْ رَحَلَتْ
غَنَّيتُ لنفسي
وَيُغَنّي ..
لكن من يسمعهُ في هذا البازار؟!
فمضى في وحدته ..
يتخيَّلُ مدناً أخرى . .
تتبعهُ الأمطارْ
وتحِفُّ به الأشجارْ
. . . . . .
. . . . . .
بعد أسابيعْ
أنزلَ عمّالُ البلدية عن
جدران الحيّ وأعمدة النورْ
صوراً.. بملامحَ أخرى
لرجالٍ كانوا يبتسمون..
لمن لا يلتفتون إليهمْ
أهو الخُذلان ؟
ينهضُ مما راكم عمّالُ البلديةِ..
أشخاصٌ بملامح لا يتبينها
من لا اسم له ..
يعتذرون إليهْ
أكُنّا نتطلَّعُ نحو مدائنَ ما عادَ
يُقيمُ بها إنسانْ
وكنت تمرُّ بنا .. ننفرُ عنكَ
* * *
الآن..
يتجلّى في وحدتك .. الإنسانْ
l العجوز اليساري
لمْ يَعُدْ للعجوز اليساري
ما يتحدَّثُ عنه..
ويدعو إليهِ
إذْ اختطف الغجرُ العابرونَ .. نجمتَهُ
وتوارى الذي كان بين َ يديهْ
للعذابات وعدٌ شقيٌّ
وكل الذي كان من قبلُ. .
أهو لهُ أم عليه؟
. . . . . .
. . . . . .
يتخيَّل ماضيهْ
فليتخيَّلُهُ مثلما يتمنى..
وليسَ كما كانَ..
إذْ جفَّت الذاكرةْ
مُذْ أطلَّ الصباحُ..
أعادَ حكايته . . حينَ كانَ !
على جارةٍ.. فقدتْ سمعها منذ عامين ..
للمرَّةِ العاشرةْ
فإنْ غادرتْ..
سيُكرر كلَّ الذي قاله ..
لحفيدتهِ
وهي مشغولةٌ عنه..
ساهمَةً.. حيث تلعبُ قِطتُها
. . . . . .
. . . . . .
ويحاولُ أن يستعيد مدينتهُ
الشوارع والأصدقاءْ
وأصحابه الفقراءْ
الضفاف المضيئة والنهر
ما كان في الناس من كبرياءْ
كلُّ هذا ..
تَخَطَّفهُ زمنٌ لم يكُنْ يتوقّعه ..
إذ طواهُ اليبابْ
وسارت به الذارياتُ
إلى ملكوت الغيابْ
. . . . . .
. . . . . .
لم يعُدْ للعجوز اليساري
ما يتذكرهُ. .
وتَمُرُّ به امرأةٌ..
رافقته إلى لحظة المستحيلْ
أتعرفني ؟!
ويواصلُ ما قاله لحفيدته ..
وهي مشغولةٌ عنه..
ساهمةً.. حيث تلعبُ قِطتُها
حميد سعيد