العارف ببحري
برمل طفولتي
بملمس الملح في مائه
باليود النقي
مطهرا من الأمراض،
بالزرقة التي توصلني
سماء.
حياتي فتْنةُ الريح
في أشرعتك
يابسة، سفر
غربة وعبور.
يومض سواد غُرِابِكَ
في رأسي بياض المحار.
الباطنة… لم يعد
من اسمك شيء
بحرك لم يعد يعانق
شمس طفولتنا الشقية
لهذا، خَفُتَ لمعان زردُكَ
وذوى في سكون مريب
كْمن ترك كل شيء
لأهل – البندر- الخبثاء.
لا قواقع تُدمي قدمي
لا نوارس تظلل الصيادين
لترشد إلى ” ذغّوة ”
ولا تلك التي تشاكس
البشر على الشاطئ
حتى الطيور السيبيرية
في رحلتها الأفريقية
لم تأت
لم تخطّ بياضها،
سهما، تجاه بوصلة ودليل.
لم تسقط من جسدها
ريشة أثيرية
لنضعها في القرآن
دليلا قدسيا على النسيان.
رؤوسنا الشعثاء
لم تعد تقاسم السماء
مناطحة البقاء
الفراغ ، والعبث.
بحر الباطنة…
نحن الخْائضون ماءك
الهواء و الهوى تغير بنا،
لم نعد أولئك، المتدفئون
برملكَ، وكنف ايقونتك.
الأسرار ولّتُ بصندوقها الذهبي
وحين كنا في حضرتك
عشنا، كأسنان أسماكك
القابضة بمحبة إلى بحرها
وان ركبناك تصلنا بآخر الدنيا
لغات، لهجات
دروب رزقٍ وحياة.
يا بحر الباطنة.. ذبلت زُرقتكَ
في بُويْضاء القلب
ما بقي منكَ، ماء آسن
سفن حربية، و” سكْراب ”
بلاد الشَمس المشرقة
والعم سام.
بشرك لم يعودوا
يغتسلون بمائك،
قواربهم وشباكهم
أكلها النمل والنسيان
سمكك جُرّف وهُرّب
نحو الزرقة البعيدة
نخيلك يبست واقفة
كحرف ألف
خطه طفل بقلم رصاص
العارف بالحب
جفّ ماء قلبه بالكلام
وحين غَرُبَت شمسكَ
انطفأ القمر
لا آهات
ولا أنين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بحر الباطنة: منطقة بحر و أرض شاسعة و بشر.
* ذغّوة: غابة أسماك السردين و أخرى.
طالب المعمري