تكاد رواية “ثالوث وتعويذة” للكاتبة العمانية الدكتورة “زوينة الكلباني” الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت تقيمنا قبل أن نقيمها وتتطرق لمعالجتنا قبل أن نعالجها..فهي مشحونة بفكرة التشاؤم التي لازمت بطلة القصة “نورة” منذ مطلع سطورها..وهي باكورة إنتاج المؤلفة.. فقراءتنا عنها ستظل متواضعة لا تفي بالغرض، لأننا بدأنا متفائلين فإذا بنا ننتهي وظاهرة الأسى تحدونا من جرائها بالتأثر والتأثير..فنحن نلتقي بـ”نورة” أول ما نلتقي في الطائرة المتجهة من أبو ظبي إلى لندن عندما ألحت على نورة فكرة السفر إلى لندن لمدة عشرة أيام لأنها سئمت قصص الدمار ومشاهد الحروب والدماء السائلة على الشاشة، فلا بأس أن تقضيها مع صديقتها الاماراتية “فطيم”، السيدة الأربعينية التي تقيم في لندن والتي فقدت زوجها في حادث مروري بدبي..فعلى متن الطائرة بدأت معاناة نذر الشؤم التعيس تنداح على ذهن “نورة” بسبب مقعدها الذي يحمل الرقم 3، وهو رقم يشكل مخلباً دفيناً في ذاكرتها منذ مصرع ثلاثة من أقربائها هم أبوها وأمها وأخوها الرضيع في حادث مروري بالدمام عندما كانت هي في الثالثة من عمرها..فتلك الحادثة القديمة لمّا تزل ماثلة أمامها وتتوثب بالحضور في مخيلتها فتلازمها في أطوار حياتها دائماً منذ أن عادت إلى مدينة “ضنك” في سلطنة عمان يتيمة الأبوين، مع أختها جواهر التي تكبرها بأربعة أعوام..لذلك نجد “نورة” تحرص على تجنب هذا الرقم وتسرف في التشاؤم منه وتفادي مواقعه، حيث ان الموت قد أعطى للحزن عنواناً في حياتها رقمه ثلاثة.. وحيث إن القصة عارمة بدلالات عناوين المثيولوجيا القوية التي ترسخ في الأذهان عادة، فإن مسار الأحداث يتطور بشكل درامي منذ البداية حيث أنقذها من فكرة التشاؤم الرقمي أحد المسافرين اسمه “سعود” بأن استبدلها مقعده المجاور لها..فهو قد توقف عن مطالعة رواية “زوربا” التي في يده ريثما يقوم من مقعده وسط امتنانها له بهذا الصنيع، وأيضاً وسط تعويذاتها ودعواتها لهذا الكائن الـ”زوربي” النبيل الذي يقدم نفسه قرباناً لها عن رقم تستشعر هي أنيابه ومخالبه تطبق عليها دائماً..ثم نراهما متجاورين طيلة مدة سفرهما فوق السحاب من الامارات إلى انجلترا..ونسمعهما يتبادلان الحديث أو بعضاً من الحديث خلال رحلتهما تلك..فـ”نورة” تنصرف عن “سعود” ولا تنصرف عنه في شيء من هذه المودة الضبابية، وتستأنس به أو إليه وكأنها تهيئ نفسها لمثل هذا الإحساس الذي لم تكن قد تهيأت له من قبل ولم تفكر أن تتهيأ له من بعد..ثم تستيئس منه أو عنه لسبب ما في ذهنها..ثم إنها تريده أن يتجاوز مشاعرها وأن يستبقها بإلحاحه وإصراره بأن يعبر بها ثالوث الرقم البغيض في حياتها كلها..وليكن هو ذلك الشئ الذي يشبه الخرافة..أو ليكن هو الخرافة بعينها..شعور غامض يكتنفها منه وتحببها إليه..وتجذبها إليه حتى طريقة نطقه الرائعة لحرف النون في مطلع اسمها..لربما أنه يحتل مقعدها الذي يحمل الرقم اللعين تلك اللحظة، أو لربما أنه يحتل شيئاً غير مقعدها في عقلها الدفين منذ تلك اللحظة..تكاد رواية “ثالوث وتعويذة” للكاتبة العمانية الدكتورة “زوينة الكلباني” الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت تقيمنا قبل أن نقيمها وتتطرق لمعالجتنا قبل أن نعالجها..فهي مشحونة بفكرة التشاؤم التي لازمت بطلة القصة “نورة” منذ مطلع سطورها..وهي باكورة إنتاج المؤلفة.. فقراءتنا عنها ستظل متواضعة لا تفي بالغرض، لأننا بدأنا متفائلين فإذا بنا ننتهي وظاهرة الأسى تحدونا من جرائها بالتأثر والتأثير..فنحن نلتقي بـ”نورة” أول ما نلتقي في الطائرة المتجهة من أبو ظبي إلى لندن عندما ألحت على نورة فكرة السفر إلى لندن لمدة عشرة أيام لأنها سئمت قصص الدمار ومشاهد الحروب والدماء السائلة على الشاشة، فلا بأس أن تقضيها مع صديقتها الاماراتية “فطيم”، السيدة الأربعينية التي تقيم في لندن والتي فقدت زوجها في حادث مروري بدبي..فعلى متن الطائرة بدأت معاناة نذر الشؤم التعيس تنداح على ذهن “نورة” بسبب مقعدها الذي يحمل الرقم 3، وهو رقم يشكل مخلباً دفيناً في ذاكرتها منذ مصرع ثلاثة من أقربائها هم أبوها وأمها وأخوها الرضيع في حادث مروري بالدمام عندما كانت هي في الثالثة من عمرها..فتلك الحادثة القديمة لمّا تزل ماثلة أمامها وتتوثب بالحضور في مخيلتها فتلازمها في أطوار حياتها دائماً منذ أن عادت إلى مدينة “ضنك” في سلطنة عمان يتيمة الأبوين، مع أختها جواهر التي تكبرها بأربعة أعوام..لذلك نجد “نورة” تحرص على تجنب هذا الرقم وتسرف في التشاؤم منه وتفادي مواقعه، حيث ان الموت قد أعطى للحزن عنواناً في حياتها رقمه ثلاثة.. وحيث إن القصة عارمة بدلالات عناوين المثيولوجيا القوية التي ترسخ في الأذهان عادة، فإن مسار الأحداث يتطور بشكل درامي منذ البداية حيث أنقذها من فكرة التشاؤم الرقمي أحد المسافرين اسمه “سعود” بأن استبدلها مقعده المجاور لها..فهو قد توقف عن مطالعة رواية “زوربا” التي في يده ريثما يقوم من مقعده وسط امتنانها له بهذا الصنيع، وأيضاً وسط تعويذاتها ودعواتها لهذا الكائن الـ”زوربي” النبيل الذي يقدم نفسه قرباناً لها عن رقم تستشعر هي أنيابه ومخالبه تطبق عليها دائماً..ثم نراهما متجاورين طيلة مدة سفرهما فوق السحاب من الامارات إلى انجلترا..ونسمعهما يتبادلان الحديث أو بعضاً من الحديث خلال رحلتهما تلك..فـ”نورة” تنصرف عن “سعود” ولا تنصرف عنه في شيء من هذه المودة الضبابية، وتستأنس به أو إليه وكأنها تهيئ نفسها لمثل هذا الإحساس الذي لم تكن قد تهيأت له من قبل ولم تفكر أن تتهيأ له من بعد..ثم تستيئس منه أو عنه لسبب ما في ذهنها..ثم إنها تريده أن يتجاوز مشاعرها وأن يستبقها بإلحاحه وإصراره بأن يعبر بها ثالوث الرقم البغيض في حياتها كلها..وليكن هو ذلك الشئ الذي يشبه الخرافة..أو ليكن هو الخرافة بعينها..شعور غامض يكتنفها منه وتحببها إليه..وتجذبها إليه حتى طريقة نطقه الرائعة لحرف النون في مطلع اسمها..لربما أنه يحتل مقعدها الذي يحمل الرقم اللعين تلك اللحظة، أو لربما أنه يحتل شيئاً غير مقعدها في عقلها الدفين منذ تلك اللحظة..وتفاجئها الصدف أن تكون “فطيم” التي استقبلتها بمطار هيثرو بلندن هي خالة “سعود”.. وتفاجئها أيضاً أن يكون يوم وصولها إلى لندن هو يوم عيد ميلادها..فإن “سعود” قد اكتشف تاريخ ميلادها من جواز سفرها عندما تولى عنها إجراءات الوصول..فاشترى لها زجاجة عطر من ركن الهدايا بالمطار كهدية عن تلك المناسبة بشئ من البراءة العفوية الصادقة، وكأن تلك العفوية كانت تؤسس لبواعث علاقة عنيفة بينهما..ثم نرى أن “سعود” ينصرف عنها وعن خالته إلى وجهة إقامته في لندن، على أمل رؤيتهما لاحقاً، بينما ذهبت “نورة” برفقة “فطيم” إلى شقتها الخاصة..لكننا نكتشف أن شقة “فطيم” تحمل رقم 3 أيضاً وهو ما جعل “نورة” تحزم متاعها للإنصراف إلى أحد الفنادق المجاورة متعللة بأسباب كثيرة..ثم نرى أنه خلال لقاءاتهما المستمرة أن “فطيم” ما تفتأ تقص على “نورة” أنباء “سعود” الذي يهاتفها دائماً، وكيف أنه مغرم بها ولا يتوقف عن السؤال عنها والتغزل بها..ثم نراهما يلتقيان في أحد المقاهي اللندنية، “نورة و”سعود”، فيتبادلان الحديث وكأنهما يسبران غور مشاعرهما أو يجسان بها حقيقة هذا الميل الغامض بهذه البواعث الفوّارة في نفسيهما، فتقرأ “نورة” في ملامح “سعود” ذاكرة متشظية من الماضي البعيد، مضمخة بالشروخ كالاسفنجة المشبعة بالماء..ورغم أن “نورة” مولعة بقصص الوجع والمواجع بتأثير الحادث المروري القديم الذي لا يبرح مخيلتها أبداً، فقد كان عقلها مفتوناً بفلسفة “سعود” وطريقته في الفلسفة وهو يعبر بها أجواء الماضي ويطير بها فوق حاضرهما الوليد..وهي مسحورة منه بهذا العبور وهذا الطيران..ثم وهو يغرق بحبه معها في لجج عارمة من هذا الخيال الجامح الذي يجمعهما، ويسبح بها بمشاعر في قلبه غريبة عن قلبها لم تعهدها من قبل، فكان يسترسل معها ويحدثها عن حياته وهما بالمقهى في شارع اجوارود..فتكتشف أنه هبة الله لها في الأرض، وأنه محطتها الأولى في المساحة الفاصلة بين مواجعها الكثيرة منذ طفولتها حتى اللحظة التي التقته بالطائرة..وأنه الكائن النبيل الرائع الذي أتى من بعيد ليدنو منها، فوجدت فيه صدىً لمشاعرها، فهو يشبهها حتى في قصص الطفولة التي كانا يسمعانها في سن الصغر بالخليج، مثل حدوتة “الهام” التي تقصها عليها جدتها قبل أن تنام..وهو لا يقول لها أحبك، رغم أنها تعرف انه يحبها..لكنها تريده أن يقول لها أي شئ..وكل شئ..فهي تبحث فيه عن نفسها في الوقت الذي كان يبحث فيها عن نفسه.. وعندما سألها عن حياتها بدورها فقد استرسلت معه كثيراً وبأنها مولودة بالدمام، المدينة التي تحبها جدتها وشغفت بها..ثم حياتها في “ضنك” قبل أن تنتقل إلى مسقط للعيش مع أختها الغيداء “جواهر”، ذات الجمال الاسطوري الأخّاذ، المتزوجة من ناصر ابن عمها ربيع، وابنتهما الصغيرة “ملاك” التي تشاركها غرفتها دائماً..وعندما ذهبت مع “فطيم” إلى متحف الشمع تكثفت لديها مشاهد الموت في قاعة الرعب الرهيبة..أما عندما كانت على مأدبة عشاء مع فنانة عراقية مهاجرة تقيم معرضاً تشكيلياً في لندن فقدت هي الأخرى ثلاثة أقرباء لها فقداً عبثياً في حروب العراق، إذا بها تلتقي “سعود” في تلك المناسبة..فتكتشفه عن قرب أكثر، وتتبين أنه شخصية نبيلة بكل المقاييس، وأنه يلج إلى الحياة بعنفوان وطموح مقتبل العمر دون أن يتخذ في تفكيره قراراً قبل أن يلتقيها زوجاً له يبني معها حياة مشتركة..حتى إذا صادفها بالطائرة اكتشف أنها أخرجته عن طوره وأخرجته عن تعقله..فهي تستأثر بكل عنفوانه واهتمامه وتعقله، وتستأثر بجنونه ايضاً.. وراقه لأن يأتمر لهذا الاستئثار الوليد في خاطره وأن يجعل لـ”نورة” مهداً في سريرته ومتكأً في فؤاده..فهو خليق بها وهي خليقة به دون أن يكون للرقم الثلاثي المشؤوم مكان بينهما..ولقد تمنت “نورة” أن تكون ظافرة بحب هذا النبيل بكل المقاييس، أو حتى ببعض كلمات حبه النبيلة وأن تحتفظ بها في ذاكرتها العذراء الطاهرة..
* * *ونتبين من سياق الرواية أن العلاقة بين “نورة” و”فطيم” أكثر من مجرد علاقة عادية.. علاقة بين امرأتين، تلك التي تكون عادة مفعمة بفهم الأسرار وفهم الخبايا المشتركة بين النساء..فإن “فطيم” ما تفتأ تلمح لـ”نورة” كل يوم عما يعانيه “سعود” من الشجن بخصوصها وعن هذا الذي قد فعلته به عن قصد أو بدون قصد منها، وتلمح لها أنه يعتبرها فتاة أحلامه..بينما تلمح لها “نورة” أنها ترى في “سعود” فارس الأحلام، وأنها تتحرى في تلك الأحلام رجل المستقبل.. ويعتورها شعور بالافتتان نحوه مثلما ينتابه شعور بالافتتان نحوها..فإذا بالمفتون المتحفظ بشرقيته لا يبوح بمشاعره جزافاً إلا عن طريق خالته “فطيم” حتى لو اتخذ حبه الوليد تجاهها تلك الحفاوة المشتهاة..وهي أيضاً أكثر تحفظاً في شرقيتها منه، فتزف مشاعرها المترددة عنه إلى “فطيم”، ولكن خلسة.. لكنها عندما عادت للفندق ذات ليلة سطرت في مذكراتها أول مشاعرها الصادقة من ذلك النوع عنه..وباحت لنفسها – بلا تحفظ – مشاعرها التي تدفقت على استحياء من فؤادها الخجول..ثم قضمت تفاحة وجدت في طعمها اللذيذ الشهد الأثيم، فاحتضنت مشاعرها العارمة في قلبها البريء العاشق ككتاب مفتوح يتنفس يومها وينبض بغدها..وصادف أن دعاها “سعود” إلى العشاء عند “هيلدا” وزوجها الذي يحمل درجة الدكتوراه في علم اللاهوت..ومن المصادفات أن “ايزابيل” ابنة صاحبة الدعوة كانت ترتدي قميصاً كُتِبَ على ظهره الرقم 3، فسرت في “نورة” قشعريرة مرعبة، وكادت أن تُهرع إلى الخارج معللة لـ”سعود” أنها مصابة بالبرد وأنها يجب أن تعود إلى فندقها على الفور، لكن “سعود” خلع معطفه ووضعه على كتفها يقيها به من البرد المزعوم، فتكتشف أن في أريج معطفه شيئاً ما يبعد عنها قشعريرة الثالوث..عطر رجالي باهت يحمل بعض الزخم المثير، يغمرها ويتسلل داخل مسامها..فانتابها شعور زاخر يذكي حواسها وهي تتضوع هذا الشيء الباهت العالق بالمعطف..ثم إذا بـ”نورة” تستشعر في نبرة “سعود” وهو يحادثها تلك الليلة دفئاً خاصاً ودفئاً خالصاً..وهي متأكدة أنما تلك النبرة خاصة لها وحدها دون سواها..فتستمهل وقع نبراته الدافئة في أذنيها حتى تستقر هادئة في وعيها كالهائمة الضارعة، وليلامس شغاف قلبها كالعاشقة الساهمة..وفي آخر حفلة العشاء أهدت “هيلدا” لـ”نورة” مجسماً لساعة “بيج بين” فقامت “نورة” بخلع خاتمها الألماس من إصبعها تهديه لـ”هيلدا”، فتقول لها “هيلدا”؛ كم أنتم كرماء أيها الشرقيون..فقد كان المال بالنسبة لـ”نورة” وسيلة للعبور في هذه الحياة بكرامة، لا غير..هكذا نفهم..ومرة أخرى فإن “نورة” تقص على “فطيم” عندما التقيا في الغد بعضاً من أشجانها عن “سعود”..وتزعم لها شيئاً خفياً ينتابها عنه..وكأنها مضطرة إلى حبه وبحاجة إلى محبته..فتبثها شكوى تلك الأشجان الحائرة التي تختلج في خاطرها، وكأن البوح بها يمس وقارها ويخدش لديها هيبة الاحتشام، فهي امرأة عربية من أقصى الخليج..وسط هذه المشاعر المتدفقة والأجواء العارمة يطرأ علينا نبأ غريب يعترض مسار الرواية وكأنه خروج على النص، بينما هو ليس كذلك، ولكنه محصلة لبعض السلوكيات الاجتماعية المنحطة يمكن أن تحصل هنا وهناك..فإن “ليلى” زميلة “نورة” في العمل في دبي، تنبئها برسالة جوال أن زميلهما “سمير” قد انتحر وهو بكامل أناقته..ونفهم أن “سمير” هذا إنما يعيش حيوانية اللحظة ولعنة الانحطاط..فهو يبحث دائماً عن الارتواء المضاد بسبب فقدانه للحيوية وانعدام الطاقة لديه..حتى بشرة وجهه الناعمة وغشائها الرقيق التي أرهقها التنظيف والتبخير في صالونات الحلاقة تدل على نوعه وتنبئ عن شخصيته..فلما سئم الحياة بذلك النحو المتهالك الضعيف، إذا به ينتحر في كامل أناقته بعد أن عاش حياة تشوبها تلك اللعنة النمطية..
* * *في اليوم الذي كانت “نورة” بالمطار تتهيأ للسفر إلى الخليج، تناهت إلى مسامعها عبارة “سعود” تحمل إليها ما يضمره لها من لوعة الفقد الصادقة وهي تغادر لندن؛ فقد قال لها: يالقسوة الحياة في لندن من دونك يا “نورة”..!وفي لحظة الوداع الحاسمة، تعانقت “فطيم” مع “نورة” في شئ كثير من هذه الأحضان والقبلات عند لحظات الفراق، بينما “سعود” واقف إلى جوارهما في صمت العاشقين..وبينما هي تتولى ذاهبة عبر حاجز المسافرين، ناولها رسالة خاصة فأخذتها من يده دون أن تصافحه..مشاعر صادمة ونوبات قلق مبهمة تحدث في مثل تلك الحالات لا نجد لها تفسيراً.. ليت التفسير يستبق مثل تلك الحالات فلا نبالغ في قسوة تصرفاتنا بدواعي الحشمة والعادات..ورغم ذلك فإن “سعود” يتفهم حدود هذه التقاليد، ويتفهم دواعي الحشمة والعادات، ورغم ذلك أيضاً فقد استشعرت “نورة” دفء رسالة “سعود” في يدها قبل صعودها الطائرة..ولم تفتحها إلا في الجو بعد الإقلاع..بضعة سطور قصيرة أوجز فيها قصة حبه وأشجانه بلغة مفعمة بالود وبتعريفات شجية من الجوى التبست مشاعرها..فرأت في إيجازه جمال الحياة وجمال المستقبل، تلك التي لم تألفها من قبل فإذا به يتيحها لها لأن تألفها وتعيشها منذ الآن، فتتأملها على مساحة صفحة رسالته القصيرة والتي هي بمثابة مساحة حياتهما معاً في المستقبل كله..هكذا يجب أن يكون مصيرهما..وهي تريد ذلك المصير وتلك الحياة المستقبلية معه وتريد الحياة برفقته..تريده بكل جموحه وبكل دماثته..ثم تذكرت كيف أنها قد رافقته في ذهابها معه من الخليج إلى لندن قبل عشرة ايام، ثم ها هي ذا ترافقه بمشاعرها العارمة في إيابها عنه من لندن إلى الخليج، فكأنها ليست هي “نورة” الأولى.. فتعانقت مشاعرها بمشاعره وهي تتذكره بالطائرة..ومع تلك الذكرى استغرقت ذاتها معه في رفقة مشتركة لهما معاً، فانغمست بكل جوارحها في حبه وهواه كالهائمة الذائبة وهي بين الأرض والسماء.. ومرة أخرى، تعترض مسار الرواية قضية الخلافات الزوجية لأختها “جواهر” مع زوجها “ناصر”..يطرأ على المسار وكأنه خروج على النص بينما هو ليس كذلك، ولكنه محصلة طبيعية يمكن أن تحصل في كل الأسر هنا وهناك..فهو قد اتخذ لنفسه زوجة جديدة دون علم زوجته..عدا من قد اتخذهن في محطاته الكثيرة من هذا القبيل وذاك القبيل دون زواج.. فهي تلوم “ناصر” على ذلك، حتى إذا حطت به الرحال ذات يوم مع “أحمد”، صديق طفولته في رحلتهما إلى بلاد الصين، نراه يؤوب قافلاَ كثير الإكتباب والوجوم دون صديقه، فإن أحمد مات بالأيدز..بعدها تنبئنا الأحداث أن زوج خالتها مريم يضطر إلى إحضار خبير الطلاسم “السواحيلي” من إحدى القارات القصية لمعالجة “ناصر” بالتعاويذ..
* * *واستئنافاً لمسار الرواية فقد ظلت رسائل “سعود” إلى “نورة” تترى بشجو وخيال دافقين.. فهو يقص عليها أمر أشجانه في نفسه تجاهها ويحاول انتشالها من عقدة الثالوث والأحلام والكوابيس..وأن تسلو عقدة الأرقام وعقدة التقمص بالماضي..ثم يذكرها بالنادل في مقهاهم إياه بلندن وأنه قد سأل عنها كثيراً..إنسانية خافتة مطوية على البعد في قلوب كثير من البشر نقابلهم ونقترب منهم ونحن عابرون، دون أن نتعرف عليهم ولا ندعهم يتعرفون علينا.. وذات يوم، فإن “سعود” يتصل بـ”نورة” يزف إليها خبر نجاحه في الجامعة، وأن هديته المبتغاة منها في ذلك النجاح أن يسمع منها كلمة “موافِقة”..فغالبت خيالها لأول مرة أفاعيل هائجة وهي تنصت السمع ملياً إلى مطلبه الحالم المثير..طوفان كاسح من المودة والرحمة تجرفها إلى “سعود” من بعيد..وشعور حقيقي باقترابها من حلمها الجميل، وأنها تخطو نحو عتبة دارها السعيدة مع فارس الأحلام..عروساً متألقة يتم زفافها بعد كل المعاناة في حياتها.. فــ”سعود” يطلبها باختياره المحض ليرتبط بها، ولسوف تجيبه بكلمة “موافِقة” باختيارها المحض أيضاً لترتبط به..وبسبب خيالها الغلاَب الكاسح لتقديم الهدية المبتغاة لـ”سعود”، نراها تخرج تتمشى مع “ملاك” ابنة أختها “جواهر” على شاطئ البحر في “مسقط” دون أن تحمل جوالها معها..فالدار لا تتسع لفرحتها..والقلق الطافح اللذيذ يغمر جنبات نفسها.. وخيالها يمور نحو “سعود” بهدير يتلاطم في ذهنها كالموج الصاخب على شاطئ البحر.. فكلمة “موافقة” هدية غالية تمثل ذاتها كلها وتمثل ذاتها كاملة، جسداً وروحاً له من أقصاها إلى أقصاها، وأنها سوف تسترخص الهدية التي هي ذاتها كلها من أقصاها إلى أقصاها في سبيله..فهو يستحقها وهي تستحقه..وبينما هي تتمشى مع “ملاك” فوق الشاطئ مستغرقة في فكرة استحقاق كل منهما للآخر فإن “جواهر” ترد على جوال “نورة” الذي ماكان يفتأ عن الرنين، فإذا “سعود” يكلمها لأول مرة..فتتوجس “جواهر” شيئاً خفياً يحدث بينه وبين أختها، فتدخل عليها “نورة” بعد قليل، وتعترف لـ”جواهر” بكل شئ عن علاقتها بخريج الجامعة، وتعترف لها بقصه “الهدية” من البداية إلى النهاية..وفجأة، تجتمع أسرة “نورة” كلها متحلقة حول الخطيبة الجميلة التي شغلت الجميع، فتقرر الأسرة مجتمعة التحري عن “سعود” وعن عائلته بالإمارات قبل تقديم منطوق “الهدية” الحاسمة..بل ونشعر كأننا نحن أيضاً كنا نتحلق حول “نورة”، وأننا أيضاً نزمع التحري عن “سعود”..فإن “نورة” حبيبتنا جميعاً، وهي تهمنا وتشغلنا منذ البداية، وتهمنا وتشغلنا حتى النهاية..حتى إذا مرت أكثر من ثلاثة أعوام منذ أن تعارفا – “نورة” و”سعود” – أول مرة بالطائرة، تتم الخطوبة في مسقط..
* * *ثم إن الأسرة كلها تتهيأ لإقامة حفل الزواج في “ضنك” القريبة من الإمارات، لأن “ضنك” تمثل ماضي “الديرة” لـ”نورة” وتمثل ماضي أبويها..إن “ضنك” أهزوجة صداحة في مشاعر أهل عُمان وفي ذاكرتهم، لا تنطفئ ولا تخبو أبداً..وأقيم سرادق الحفل العامر في الأمسية التي عبر فيها “سعود” مركز حدود الإمارات إلى سلطنة عمان..فازدحم المدعوون في صالة الفرح يتهيأون لإطلاق الزغاريد..وذهبت “نورة” في لباسها الأبيض برفقة أختها وعمها إلى مركز الحدود القريب للقاء “سعود”..وبينما هم في مركبتهم على الطريق الدولية، فقد شاهدوا مركبة “سعود” المزدانة بالأفراح تتجاوز مركبتهم من الجانب الآخر، فتعقبوها عن قرب دون أن يلفتوا نظر “سعود” بمتابعتهم له..
وفي قمة المشاعر الطافحة للعروس، فإن مصير حفلة الزواج آلت إلى مأساة تراجيدية من عبث الظروف في اللحظة الأخيرة..فقد اصطدمت مركبة “سعود” المنطلقة أمامهم بثلاث من الإبل السائبة وانحدرت متدحرجة إلى أسفل الوادي السحيق..فُهُرعت “نورة” وهي مذهولة في فستان زفافها الأبيض نحو حطام مركبة “سعود” كأنها لا تصدق هذا الذي يجري لزوجها قبل وصولهما لصالة الاحتفال..فاحتضنته وهو مضرج بدمائه..ثم عرفت وهي غائمة وسط هذيانها في ذلك المصاب الأليم أن عريسها قد لفظ أنفاسه الأخيرة وأنه قد ذهب عنها إلى غير رجعة قبل أن يأخذ الهدية..فتصرخ مفجوعة في متاهة ذلك الوادي في تلك الليلة المدلهمة، وتنتحب كالمعتوهة المخبولة تحت نجوم السماء الخابئة ووسط تهليل وتكبير الحاضرين بالوادي في ظلام الليل..
وتمعن في الصراخ والنحيب بلا انقطاع، ثم يتبين للجميع أن “نورة” قد فقدت ذاكرتها بسبب الصدمة العنيفة التي ألمت بها منذ تلك اللحظة..
* * *وتكشف لنا القاصة “زوينة” بعد قرابة ستة أشهر، أن بعضاً من ذاكرة “نورة” الراقدة بأحد مستشفيات ألمانيا قد بدأت تعود إليها رويداً رويداً..وأن “نورة” الفائقة من كابوس الهذيان وفقدان الذاكرة تكتشف أن أختها “جواهر” تقف بجانب سريرها بالمستشفى في برلين..وأن والد عريسها الفقيد كان واقفاً أيضاً بجوار سريرها..وأن “فطيم” قد جاءت من لندن من أجلها..كلهم يقفون حولها..وهو شعور إنساني صادق..بل إن “نورة” المصدومة تكتشف أننا نحن أيضاً واقفون إلى جوار سريرها بالمستشفى..فذلك أقل واجب يمكننا أن نفعله من أجلها..الشخص الوحيد الذي لم يكن بجوار سريرها هو “سعود”، حيث لم يكن ذلك في مقدوره أن يأتي..بل إنها لم تكن على ذلك السرير الأبيض إلا بسببه..ويرتفع مستوى الحدث في الرواية السائغة المرهِقة ونحن نقرأ للقاصة “زوينة” وصفاً أكاديمياً مستفيضاً عن الفيروس الدماغي الذي ألمّ بـ”نورة” ليلة الحادثة، ثم حوار “نورة” مع طبيبها البروفسور المشرف على علاجها، والذي يشجعها ويحفزها على التماثل للشفاء.. ومن المؤلم حقاً، أن هذا البروفسور المعالج كان عربياً متخصصاً في جراحة الأعصاب في ألمانيا، لكنه منفي من موطنه بلاد الرافدين..
* * *بعد عام كامل من العلاج نرى “نورة” تقدم أوراقها للدراسات العليا في جامعة “مسقط”، ونراها تستمهلنا بالشروع في كتابة قصتها مع “سعود” وكتابة مذكراتها عنه بالتفصيل..أما نحن فقد قرأنا قصتها وقرأنا مذكراتها آنفاً قبل أن تكتبها “نورة”..قرأناها رغم بكائيتها الفاجعة أدباً سائغاً مرهِقاً مفعماً بالأشجان ومتدفقاً بشاعرية مذهلة من يراع الدكتورة “زوينة الكلباني”..فالكاتبة لم تقصد بروايتها البحث في مثيولوجيا الخرافة أكثر من قصدها بعث رسالة صريحة إلى المسؤولين عن مهزلة حوادث المرور المروعة في الوطن العربي الكبير المعطاْء..فإن البلدان الواقعة بين المحيط والخليج لم تصنع حتى الآن مركبة واحدة، لكنها تسجل الرقم الأعلى عالمياً في حوادث هذه المركبات..ومأساة “نورة” منذ البداية مثل مآسي غيرها من “الأنوار” المنطفئة في كل بقعة عربية، فهو يمس قضية متداولة بسبب هذا التهور الطائش في قيادة المركبات وغير المركبات وعدم العناية بسلامة الطرق وغير الطرق..حيوانات سائبة وبشرية سائمة على الطرقات في مجتمعات تكاد تذوب فيها الفوارق الطبقية بين الإنسان والحيوان..فالكاتبة تتحرى العبرة عمن تبخرت أحلامهم الجميلة بسبب الحيوانات السائبة التي تغمر الطرقات العربية وتفيض علينا بالموت فوق حاجتنا إليه بلا سبب..وناهيك عن الحيوان السائب، هذا الإنسان السائب أيضاً، وهذه السرعة المخيفة في المواطن حيث يجب التهدئة، وهذه التهدئة المزعجة في المواطن حيث تجب السرعة، فنتخذ منها عظة تجنبنا ويلاتها..فكأن “زوينة” تذكرنا أن خرافة الأرقام وتأويلاتها مجرد إشاعة ذهنية وحدس من الوهم مرتبط بقصص الأشباح والأساطير دون دليل، وأنه يجب ألا تتعطل الحالة الذهنية لدى المؤمنين بها هذا التعطل الوبيل، وألاّ تتحول إلى قضية خارقة للعادة يتداولها أباطرة العفاريت من الإنس والجن والشياطين..وأنه خليق بنا ألا نتوغل في علم الأسرار من هذا القبيل، فالغيب مملكة الله وهو ضمن مشيئته المطلقة، وليس لنا منه شيء، أو الوصاية على أي شيء من مقادير قوته الفاعلة..
* * *إن رواية “ثالوث وتعويذة” خليقة بأن تظفر بثناء النقاد وأن تتحول إلى عمل درامي كبير.. فهي لو لم تكن كذلك لما استدعت الكاتبة إلى سردها وطرحها وعرضها..لكن قد يعتب أحدنا على “زوينة” بعض التفاصيل العابرة هنا وهناك تجعل منها سيرة ذاتية أكثر منها عملاً يمكن إسباغه على كل الشرائح الاجتماعية برمتها في كل زمان ومكان..ورغم تلخيصنا الوجيز عنها، فإن ذلك لا يغني عن قراءتها كاملة، فهي تستحق القراءة أكثر من مرة.. فالكاتبة “زوينة” تقدم في نصوص الرواية دراسة نفسية أصابتنا بالعناء والإجهاد ونحن نقرأها، ورسالة أخلاقية تستلزمنا بقبولها ونحن نمتثل لها ونتمثل بها، وغوص في السرد والشاعرية فارتفعت بنا وبمستوى أحداث القصة ارتفاعًا يفوق قدراتنا على السمو وعلى التحليق، ثم سمت بتلك الأحداث سموّاً ذهبت بنا معها إلى حيث أرادت أن تأخذنا، ثم جذبتنا معها إلى الأسفل البعيد متدحرجين في وهاد “ضنك” ووديانها نبحث مع “نورة” عن أشلاء “سعود” في مركبته التي اصطدمت بثلاث من الإبل السائبة. فاندثرت الأماني الجميلة لعروستنا بمصيبة الموت بين ركام الحجارة في جنبات الوادي السحيق، قبل أن تتحقق تلك الأماني الجميلة بزفافها في صالة الفرح البهيج والتي كانت تفصلها عنه لحظات قليلة..فإذا بـ”نورة” اليتيمة منذ طفولتها، تترمل قبل الاقتران الوشيك في عز فتوتها وهي بفستان الزفاف، فأحزنتنا النهاية أيّما حزن من جراء حزننا على “سعود” ونحن نرى نعشه محمولاً في مشهد جنازة مهيب و”نورة” فاقدة لذاكرتها دون أن ترى هيبة ذلك المشهد الفاجع، مثلما أحزنتنا البداية أيما حزن و”نورة” ترى مشهد ثلاث جنائز فاجعة لوالديها وأخيها وهي في الثالثة من عمرها.. فضلاً عن ذلك، فإن الرواية مليئة بالإسقاطات، ومشحونة بإرث زاخر عتيق من العلائق الاجتماعية لا تستوعبها إلا المخيلة المتألقة المتفتحة.. وهي لا يجب أن تكون عملاً مسلياً أو أن تُعتبر كذلك، فلا وقت للتسلية وسط مصائب الأمة، ولكنها مأساوية جداً وهي يجب أن تكون كذلك..وتلك هي الغاية السامية لمثل هذه المأساة حيث يجب أن تسمو الأعمال الأدبية، فتمكنت الدكتورة “زوينة” من إخصابها بكل أفاعيل الذكرى والشوق والحب واللهفة للحياة وبالهدف النبيل الذي من أجله قصت علينا هذه الملهاة الحزينة، وأضفت عليها مسحة غنية من حب الحياة للشابة “نورة” المقبلة على الحياة، فإذا بها تستدبرها في عز ذلك الشباب وكأن واقعنا العربي يتميز بالعبث المطلق وعدم المحافظة على ثروات الحياة، مثلما أن عريسها “سعود”، المتخرج حديثاً من الجامعة، قد قضى تحت حوافر الدواب..وعدا عن الدراسة النفسية والرسالة الأخلاقية للرواية، فهي إسقاط نقدي لاذع، ولا بد للإسقاط اللاذع أن يصل إلى وجهته، فالكاتبة “زوينة” لم تبغ بعث رسالة نمطية إلى المسؤولين عن ذلك، أكثر من تضمين رسالتها إليهم في عمل تراجيدي ثرٍ، تحمله مكنونات المعاناة عند العامة مما يعانون، إلى من يتربعون فوق القمة، ولا يأبهون..فرسمت الألوان والعبق رسماً دقيقاً بالكلمات، وقدمته أدباً روائياً مكتوباً ولوحة غنية بتقاطعات الفقد والوجع والنفي والاغتراب..وعرضت المثيولوجيا بترانيم الليالي العتيقة والأحلام المحلقة والبوح الدقيق بينهما، ومضات الأمل وانكسارات الحلم، بعيداً عن الاستعارة والتغريب، لكن بتقنية الواقع وحداثة النص ورمزية الإيحاء رغم تقديمها للرواية بمقولة شائعة عن “شوبنهاور” وعن شحنة التشاؤم الهائلة لديه..فـ”شوبنهاور” فيلسوف متشائم بلا حدود، ولكن إلى درجة التفاؤل بلا حدود..فإن “نورة” لم تستشفى بعد الحادث إلا في موطن “شوبنهاور”، حيث عجزنا نحن عن إيجاد مشفىً لها في كل المساحة المترامية بين طنجة والبحرين..وليس بوسعنا أن نتدارك هذا العجز وهذا التقصير قريباً أو بعيداً رغم كل ما أوتيناه من ثراء طافح.. قد يتفق البعض أو يختلف، بصياغات عديدة من مذاهب التصدي النقدي حول الرواية، عن هذا المزج بين العلم والاسطورة والخرافة وخلط الألوان في هذه التقنية الإبداعية من الطرح والمعالجة التي تضمنتها، لكن الكاتبة استطاعت أن تتخذ موقعها في ساحة هذا العمل الروائي في سلطنة عمان بجدارة، واستطاعت أن تتربع فوق قمته بلا منازع..ليتها لا تترك الساحة ولا تبرح القمة..!
فوزي البيتي