كمن يشير بعصا سحرية إلى كائنات لم يكن قد رآها أحد من قبل، يرسم الفنان السوري ثائر هلال ليبلغنا واحدا من أعظم دروس الرسم. الشغف في نوع من الحساسية التي يشف من خلالها الحضور الإنساني عن جوهر بهائه الغائب.
من اليسير أن نقول أن هناك شيئا ما يقع دائما في الخفاء، لكن من العسير أن نصل إلى ذلك الشيء. معادلة لا يكف هلال عن مراجعة عناصرها من خلال التجريد الذي لن يكون هدفا لذاته. في الوقت نفسه فإن التجريد لا يخدم سواه. شيء منه يضعنا في مواجهة العدم. ولأن هلال فنان مؤمن بتجريديته التي لن يتخلى عنها حتى وهو يتصدى لصدمات الواقع، فإنه كان يدرك جيدا أن خياره التجريدي لم يكن إلا مناسبة لتطويع الطبيعة التي تمتزج بخيالها وهو مصدر كل الرخاء التصويري الذي كانت رسوم هلال تنعم به إلى وقت قريب.
من وجهة نظره فان مزاج الطبيعة المضطرب والمتقلب لن يكون سببا في تعكير مزاج الرسم الذي يظل دائما متمكنا من صفائه. ستكون للرسم دائما أسبابه في التهدئة التي تقع من أجل أن يمر الجمال بعصفه.
لن يدعي الرسام أنه يرى كل شيء من خلال ذلك الشيء الذي يرسمه.
يكفيه غبطة أن ما يراه سيكون دافعا للرسم. لكنه في الوقت نفسه لا يرى الطبيعة (الواقع أيضا) إلا من خلال فكرته عن الرسم. وهي فكرة ستحيط ما يفعله بالكثير من الغموض. هذا رسام لا تأسره الصور العاكفة على حاضرها وحدها ولا المعاني التي تنتج عن تلك الصور. ذكرياته تسيل مثل الامواج في نهر العاصي الذي قضى طفولته جالسا على ضفته. ما لم يره وما لم يعشه مباشرة بالقوة نفسها سيجد له حيزا في رسومه.
ما لن نراه في رسومه سيحدث خلخلة في طريقتنا في التفكير في رسومه.
زمن خاص لرسومه
لن تكون ذاكرته الانتقائية مصدر إعجاب بما يبتكره من صور إلا بسبب تقنية خياله التي تتميز بمرحها المنضبط. «لقد كنت قريبا من النهر. هل كان علي أن أرسم بالطريقة التي تجعلني أقلد نهرا؟» لم يقل ذلك. غير أن رسومه فعلت ما لم يقله. الآن لا يقين يفصله عما كان يراه وعما صار يفعله من أجل أن يفسر وجوده مشاهدا، قُدر له أن يكون رساما.
هل كان عليه أن يتذكر لكي يبكي من أجل أن يكف الوصف عن هذيانه؟ شيء من البكاء يتخلل رسومه وهي تستبسل في الدفاع عن حاضر صار عليه أن يقاتل ماضيه. يقف ثائر هلال (1967) بين زمنين، لا ترضى رسومه في الانتماء إلى أي واحد منهما. لرسومه زمنها الخاص الذي يحتضن ساعة خلاصه. ربما لانه لا يكتفي بالرسم وحده بل تفتح رسومه أمامنا الأبواب على التفكير في الرسم باعتباره محاولة لابتكار حياة مجاورة. حياة خلقها الرسام وصار يتخيل أنه عاشها في بلاد صار الكثير من تفاصيلها يختفي بطريقة تربك كل محاولة للتذكر. لذلك صارت رسومه تقاوم كل محاولة يبذلها الزمن من أجل إخضاعها لمعانيه الميسرة. يفضل ثائر هلال أن يكون صعبا على أن يكون متاحا للتأويل والتداول المباشرين.
الجمال الغني بقليله
كانت الاصباغ تسيل مثلما تفعل مياه النهر، غير أن الزمن كان قد توقف.
في العودة إلى رسوم ثائر هلال قبل عشر سنوات، بالضبط في عام 2004 كانت الامور تجري بطريقة مختلفة تماما. كانت الاصباغ لا تقع إلا في مكانها وهي تنظر برهبة إلى الزمن الذي كان يتحرك من حولها. لم يكن ثائر يومها يرسم ليتذكر. كانت ذاكرته مغلقة على الرسوم التي شغف بها ولم يكن يبحث عن خصوصيته إلا في الإطار الذي يجعله عضوا في جماعة وهمية كانت تسعى إلى الإعلاء من شأن جمال القليل ماديا في مواجهة الاستعراض الاستهلاكي الذي فتن به عصرنا. بهذ المعنى كان هلال فنانا تقليليا، يذهب في كل ما يفعله إلى الخلاصات النقية بمواد وتقنيات تؤكد زهده بعادات كان الرسامون يفلتون من خلالها من شروط الجمال لذاته. غير أنه كان في الوقت نفسه حريصا على أناقة لافتة كانت مستلهمة من وظيفته مصمما برع في مهنته. كان يرعى وحداته الفنية القليلة بحذق المستفهم. الرجل الذي يود أن يرى نهاية لشقائه الجمالي من غير كلل. فهل كان صبره بحجم ما انتهى إليه؟
يرسم ليضع رأسه على وسادة مفردته
كانت رسوم هلال كفيلة في اقناعنا بإن ما كان يتخيله الرسام يمكن أن نراه واقعيا. بالرغم من أن تلك الرسوم كانت حريصة على الايقاع بنا بصريا قبل ان نصل إلى مرحلة الاستفهام الضروري. نجح هلال في أن يجعل متعة أن نرى تسبق متعة أن نستفهم. وهي اللعبة التي كان الرسام يتقنها ليقول لنا من خلالها شيئا مختلفا عن حقيقة ما يراه. شيء من اسلوب الـ (Op art) كان يجعله قادرا على اللعب بالعين الخبيرة قبل أن تستسلم للنظر وهي في أرقى مراحل سعادتها. كان ثائر هلال فنانا تقليليا غير أنه كان في الوقت نفسه يميل إلى الفخامة المتماسكة.
بالنسبة له لم يكن الجمال مرئيا إلا من خلال قدرته على أن يظهر بكامل أناقته. كان يعتني بأناقة مفرداته كما لو أنه يذهب بها إلى حفلة مخملية. لم يكن الرسم بالنسبة له إلا علاقة إغواء يقيمها بوله استثنائي بمفردة بعينها. علاقة يكون فيها الرسام هو الذكر فيما تمثل المفردة فيها دور الانثى.
في تلك العلاقة يضع الرسام رأسه على وسادة أنثاه ليحلم. شيء من التلذذ الايروسي كان يقع في كل لحظة رسم من أجل أن يكون الجمال ممكنا. يستدعي الرسام كائناته المتخيلة لتقيم في مفردات، لا يمكن لواقعيتها أن تفسر انحيازها إلى تجليها التجريدي. هل كان ثائر هلال يؤلب الواقع على نفسه؟
يعرف أنه كان يربح الرسم في الوقت الذي كان فيه يخسر الواقع. معادلة يفهم الرسامون أصولها وينتشون بحركة ميزانها. بالنسبة للرسام فإن الشيء المرسوم سيكون ملكا شخصيا حين يفك ارتباطه بالواقع، ولكن ما معنى أن يكون ذلك الشيء ملكا شخصيا؟
لغة الحواس كلها
في مواجهة رسوم ثائر هلال يمكننا بيسر الحديث عن المفردة التي تتكرر. ولكن التكرار غالبا ما يخون الفكرة التي تقف وراءه. بالنسبة للرسام فإن المفردة تنفتح على طاقة خيالها حين تتكرر. سيكون عليها أن تستأنف نغمها في كل لحظة ظهور. ينصت الرسام إلى تلك الأصوات التي تتصادم لينشئ بها ومن خلالها عالما من الموسيقى البصرية. ما من فاصلة، هناك هذيان ملحمي يبدأ من السطر الأول لكي لا ينتهي بالسطر الأخير.
كانت رسوم هلال لا تترفق بلهاث مشاهديها كما لو أنها قد قررت أن تزج بهم في حفلة رقص صوفي، تدور بهم الأرض في الوقت الذي يتمكن الهذيان البصري من عيونهم. لم تكن المفردة التي تتكرر إلا وسيلة من أجل الوصول إلى بناء، هو في حقيقته تجسيد لرغبة شعرية في إنقاذ الحواس من وظائفها المباشرة.
يطمح ثائر هلال إلى أن تكون رسومه، كبيرة الحجم دائما موضع احتفاء من قبل الحواس كلها لا من قبل حاسة البصر وحدها.
«أن ترى»
جملة ليست ذات ايحاء تعبيري مؤثر في معجم هذا الرسام الغاص بالجمل التي تتسع كلما اتسعت هندسة الخيال التي تحيط بها وتشق لها ممرات سرية في اتجاه الحواس الأخرى. ما يسعى ثائر هلال إلى القبض عليه انما يتعلق باللغة. لغة بصرية لن يكون النظر مجالها الوحيد. سيكون عليه أن يجرب مشقة الوصول إلى لغة تُرى وتُسمع وتُشم وتُلمس ويتم تذوقها في الوقت نفسه من أجل جمال لا يُرى بالعين المجردة.
هي مغامرة غير مضمونة النتائج يزج الرسام بنا فيها وهو يراهن على خيالنا.
ولكنها حكاية تبدو على قدر كبير من الشكلانية إذا لم ينتبه المرء إلى ما تنطوي عليه من رعب متخيل. كل ما يفعله ثائر هلال يمهد لتخلي المرء عن سيرته الأول، باعتباره مشاهدا سلبيا.
هل يسعى هذا الرسام إلى أن يعيد تعريف الذائقة الجمالية؟
شيء من هذا القبيل يقع في كل لحظة تستغيث فيها حاسة البصر بأخواتها لنجدتها من أجل احتواء ما يجري. ألا يجب علينا أن نحرر الحواس من أدوات قياسها التقليدية؟
في جزء مما كان يفعله، كان الرسام كما لو أنه يلعب.
علينا أن نصدق أنه كان يلعب حقا.
لا يشبه أحدا
لا يهدر ثائر هلال وقته ولا وقتنا. لا لشيء إلا لأن فنه يذهب إلى الخلاصات مباشرة. وهي كما أظنها مشكلة معقدة بالنسبة للرسام. ما من ثرثرة. ما من حوار جانبي. ما من وصف يفلت بنا من مواجهة الحقيقة. جمال الحقيقة بالنسبة للرسام يكمن في أن نواجه بخشوع ما تفرضه علينا من شروط صارمة. يهبنا الرسام شعورا عظيما بالجمال مقابل أن نتخلى عن حرية، سنكتشف في ما بعد أنها كانت زائفة.
«هل كنتُ حرا من قبل أن نلتقي؟» مَن يسأل مَن؟ الرسام أم المشاهد؟ لقد نجح هلال في صنع متاهات هي خلاصة حيرته وهو يرى عالما ينقلب على نفسه في كل لحظة نظر. أكان علينا أن نؤسس لطريقة جديدة في النظر إلى الأشياء كما لو أننا نعيد خلقها؟
شيء من أصالة هذا الرسام يكمن في أنه يرسم ما لم يرسمه أحد من قبله.
مزاج الرسم في غضبه
جماليات عالم ثائر هلال لا تخفي تمردها على أصولها. لا أقصد الأصول الواقعية حسب بل وأيضا تلك الأصول المتخيلة. يلذ لهلال أن ينسف ما يمكن أن نتوقعه من عادات ورثها من حرفته رساما. لن يكون في كل مرة نراه فيها الشخص نفسه. يتشبه الرسام بجماله، جمال مفراداته التي انتقلت من الاسترخاء إلى التشنج وهي تسعى إلى أن تخبرنا أن هناك شيئا لا يوصف قد وقع في الفضاء المجاور.
«ما كان علي أن أنسى» يعود بنا الرسام إلى ذاكرته كما لو أنه يعيدنا إلى طاولة، كان الجمال يضع صحونه عليها. كان علينا أن نرى ما لم يره الرسام نفسه. وهو ما يقابله الرسام بسعادة مَن يصفح عن جلاديه إن مدوا له اليد في الضفة الخرى. لذلك يبدو فعل الرسم لدى ثائر هلال مزيجا من الرقة والغضب. من الرضا والتمنع. تحيلنا جمالياته إلى ما تبقى من مزاجنا الذي لم تعكره الوقائع المضنية بعد.
الإيقاع في مواجهة الفوضى
كان التناغم أساس البنية الشكلية لجمال رأى فيه ثائر هلال مقدمة للاستغراق الكلي في الموسيقى، في عذوبة انشائها. وهو ما يطمح في الوصول إليه كل رسام، تجريديا كان أم تشخيصيا. لا فرق. فالموسيقى التي تنبعث من رسوم رامبرانت أو فيلاسكز أو تيرنر لا تقل انسجاما وليونة وتماسكا عن تلك التي تنبعث من رسوم فاسيلي كاندنسكي أو بول كلي أو وليام دي كوننغ. لقد تنقل هلال بين طرز شخصية من الزخرفة فيما كانت يده تدوزن الإيقاع الذي سيأسرنا في ما بعد. غير أن تلك اليد فقدت فجأة قدرتها على أن تستمر في الدوزنة في ظل فوضى هائلة كان العالم العربي قد دخل إلى متاهاتها في السنوات الأخيرة.
لقد قُدر لبلاده سوريا أن تكون مختبرا آخر لعذاب إنساني لم يكن متوقعا. فكان معرضه (جيش نثق به 2012) صادما وهو يعبر عن حيرة رسام قرر أن يحتوي واقعا كان أشبه بالفخ الذي نُصب من أجل أن يتبدد كل جمال يحنو عليه.
عنوان المعرض هو ضرب من السخرية السوداء لتصوير الواقع اللامعقول الذي صارت سوريا تعيشه. البلاد الواقعية صارت تنتج فجأة واقعاً متخيلاً بقسوته. واقعاً يستجيب للحظة جنون تصويري، انقلبت فيها الموازين.
كما لو أنه كان يقتص من الرسم، رسم هلال بحرفية رسام واقعي (سريالي) تفاصيل ذلك الكابوس التصويري: طائرات، عربات مدرعة، دبابات وأسلحة القتل الخفيفة. مفردات استهلكها السوريون (أهله) بصرياً صار الرسام يستخرجها من مخازنها السرية، نظيفة لتذهب إلى مصير مجهول. لا تزال هناك إمكانية من عدم التصديق. الرسم لا يكذب، غير أن الواقع صار يقول حقائق هي أقرب إلى الخيال منه إلى البداهة.
يبدو الرسام مصدوماً بما يجري. لذلك نراه في عدد من لوحاته ينظم تظاهرات تذكر بعالمه القديم (سيكون كل شيء قديماً بعد هذه اللحظة). عالم المفردات الأنيقة الذي يمكن أن نلحقه بعالم البلاغة الزخرفية. ولكن الرؤوس المكررة تكشف عن امتزاج منصف ويقيني بين الشعب وبين الجيش الذي يثق به، وهو الجيش الذي صار يقتله في اللحظة الراهنة. في كل الأحوال ينبغي أن يتوقف القتل. أن لا يكون هنالك قتل منذ البداية. الصورة ليست عمياء والحقيقة التاريخية تجرح سطح المرآة.
أهذا ما كان يود الرسام أن يقوله؟
لم تكن تشخيصيته في ذلك المعرض هدفا لذاته.
هندسة خياله
أكان عليه أن يتورط في شيء من التوضيح من أجل أن يعلن عن وجوده في تلك الاوقات العصيبة؟ ما علينا أن نثق به أن الرسام لم يبتعد بالرسم وهو شغف حياته عن شروطه الجمالية الصعبة وهو يضع موهبته في خدمة قضية شعبه، في بعدها الإنساني على الأقل. وهو ما جعله في منأى عن الاستغراق في المسألة السياسية.
لم تكن في أجندته أية فكرة عن الرسام السياسي الذي لن يكونه.
غير أن الحرب التي تشهدها بلاده كانت قد اخترقته. وهو ما كان متوقعا من فنان كان هدفه الاسمى أن يصل بصنيعه الفني إلى مستوى رفيع من الحساسية الإنسانية. لذلك لم تتخلَ رسومه ذات المنحى الاجتماعي الهجائي والساخر والمتألم عن الشروط الجمالية التي كان ثائر هلال حريصا على الالتزام بها في كل مراحله الفنية، وهي شروط كانت تقف دئما في وجه الجمال السهل الذي تنتجه الصدفة.
لا يترك هذا الرسام في فنه أي فرصة لوقوع الصدفة. كل مفردة يرسمها تقع في مكانها المناسب والمفكر فيه سلفا. شيء من العقلانية المدربة رياضيا يهب عاطفة الرسام وهو يواجه اليأس نوعا من التوازن. وهو توازن يعلو بالإنشاء التصويري إلى مستوى الخلق الذي يجد أدواته في كل لحظة نظر جديدة. لقد استثمر هلال مهارته الحرفية وتمكنه التقني في عمليات الصيد الخيالي التي كان يقوم بها وهو ينتقي كائناته من الطبيعة. فكان يرسم بكفاءة رسام كلاسيكي ما لم يكن ذلك الرسام ليقبض عليه من مشاهد تجريدية، يحلق بها الايقاع بعيدا عن أصولها. فهل كان مولعا بهندسة خياله؟
هنا بالضبط نقع على فكرته عن الرسم. كانت علاقته بخياله انعكاسا لعلاقته بالواقع. يبدو كل شيء في فن ثائر هلال متخيلا، غير أن معايشة رسومه ستقود إلى الاعتراف بأن كل شيء كان مستعارا من الواقع. ما من تناقض. لا يحتاج المرء إلى أن يرى في الرسوم الواقع لكي يفكر فيه أو يستعيده. ثم ما قيمة ان يكون الرسام واقعيا بعد كل هذا الخيال.
يشيد هلال عمارته الحسية مشتبكا بالحواس كلها كما لو أنها كانت حاسة واحدة. يجدد حيوية ما يراه واقعيا حين يجدد طريقته في النظر مدفوعا بخياله.
هذا رسام حدائق اسطورية لا تكف عطور زهورها عن خلق صورة لعالم متخيل. عالم يتسع كلما ضاقت لغة الواقع.
رسم هو سيد الحواس كلها
يرسم ثائر هلال كمن يبشر بلغة أخرى غير تلك اللغة التي تعلمها. فهو وإن كان قد تعلم الرسم في دمشق فإنه لا ينتمي إلى المحترف السوري. ما من شيء في رسومه يشير إلى خضوعه لشروط ذلك المحترف الشكلية المستلهمة من رسوم الرواد. كان الرسام جريئا في القفز على تلك الهوية الضيقة ليخلق فضاء شخصيا، تتشكل من عناصره ملامح هويته الشخصية التي ستكون بمثابة فتح بالنسبة لذلك المحترف.
كان ثائر هلال ذكيا وهو يضع موهبته على ميزان الفن الحقيقي.
لم تأخذه النظريات العقائدية بعيدا عن شغفه بالفن نبعا خالصا للجمال. كانت سوريته تتحقق كلما انحاز ذلك الجمال إلى نقائه وقوة صدقه. مع رسومه ومن خلالها يضاف متر إلى مساحة المحترف السوري الذي سجنه هواة العقائد في خندق ضيق.
هذا رسام يتنفس هواء العالم حالما برسم يكون سيد الحواس كلها.
—————————-
فاروق يوسف