(1) عجز
أخذت تتقلب كمقرور، والفراش ألسنة لهب.. بعد أن أمست لياليها ممهورة باليأس. وهو يشغل حيزا الى جوارها، هامدا، وعيناه تتعلقان بسقف الغرفة هربا من استجداء النظرات.
تسترجع أيام الحب وقبل الزواج.كان هذا الراقد ال جوارها مشتعلا.. وتضحك في سرها – متذكرة تحفزها حينها لتلا في جنونه واندفاعاته ، واستعدادها لليال راكضة.
الفراش السنة لهب ،وهي تتقلب كمقرور.. تتمتم لنفسها سؤالا تتهيب البوح به. ارتكزت بنصف جذعها فوقه. نظرات في عينيه المتحاشيتين مباشرة ،وبتحفز قالت : انهض.. لم يرد.. ظلت عيناه على تعلقهما بالسقف. كررت قائلة : سنذهب الى البحر.
فقح عينيه (المفتوحتين قبلا) ، ومن ثم سحب نظرته صوب ساعة الحائط ، وسهم لفترة.. انه يعرف جنونها وتأججها. يتذكر ان أول ما شده نحوها عيناها الملتهبتان جنونا وذكاء.
شعر بيدها توقظه تحسسا. رد قائلا: الساعة تجاوزت منتصف الليل ؟ لم تبال برده ، وسحبته من الفراش ، فهب جذعه منتصبا. نظر اليها تفجر داخله حنين ما.. تعانقت أيديهما وولجا من الباب.
في هذه المدينة هياج الليل يف ب مكونا متوجسا، ويثير رعبا خفيا من مكان ما.
لم يترددا. انطلقت سيار تهما تقطع طريقا طويلا الى البحر، وعندما اقتربا ظهرت لهما مياهه الفضية تلمع ، وتناهى اليهما الهسيس الأزلي لوشوشة غزلية بين البحر والشاطيء.اتجها نحوه وأخذا بالتمشي والرمال الرطبة تلتهم أقدامهما الواشمة رسمها في الأرض لبرهة ، بينما تأتي موجة متمردة تمسحه.
انطرحا بجسديهما فوق الرمال المبتلة.رسمتهما أشعة القمر شبحين بلا ملامح. (جسدان انسانيان يستلقيان فوق رمال شاطيء). شعرا بدبيب المياه في اوصالهما. سرت فيهما رعشة برد، أخذا يتقاربان بتؤدة. يتقاربان ويتقاربان و….
سمعا تنغمر موجة بالترب منهما تبعتها أفري ثم أخريات تراقصت حول الجسدين. وبجموح اندفعت الأمواج تدثرهما. غمرتهما المياه. انغمسا داخلها،ثم ارتفع جذعاهما، وأخذا يمتطيان الموج. وفي الأفق قطعت الشمس حبل السرة ، والقت بشذراتها الأولى.
(2) شعائر
كانت هي في عمر الجحيم.أما هو فالجليد بدأ يزحف عل مساحات من جسده. أقسمت لي بأغظ الأيمان التي ستحاسب عنها يوم يحشر الخلق رب الخلق.. هكذا روت لي. أقسمت بأنها لم تصنف حتى هذه اللحظة لون عينيه،بل كانت تقول بأنه احتجز الضوء داخلهما. حين تومض حدقاته تشعر بخدر لذيذ يسري داخلها،وتتنامى لديها غريزة الامتلاك عندما التقت به أول مرة جندت ساعاتها وسلت كل ما تملك من أسلحة ، وأشرعتها لتتسلل الى روتين أيامه. وفي أحد قاءاتهما صارحته بفيض مشاعرها،فقالت له :
أرحني من التسكع على ضواحي أيامك. دعني أسكن لياليك. خذني الى محرابك. الحقني بعباءتك.فالدرويش داخلك يهجس على نياط القلب ويؤم صلوات روحي.
رد قائلا : إن ليالي قيان لي ،وأنا مملوك لهن ، أهون معهن وبعن ملكوت السمرات فافتح أسرار القدر وافتق حجب السر، وأعود من رحلتي منهكا خالي الوفاض..
وأردف محذرا: لن تقوي على المني في طواف ، أو قد تصبحين عثرتي، وأصبح قيدا يشدك ، يوثق يشدك ، يوثق سمقك ،يقزم أمانيك فتعافين دائرتي آللامرئية وتنطلقين فارة ترفسين في صحاري كرامتي.
استمرت تبث لي شجنها، قالت :
-لقد طوقته بأسرار من أنوثتي، وكممت أعذاره بغدق من حبي وحاصرت تردده في المرتجى. حينها رمت هاجسي وبلغت مبتغاي وفي ليلة الوعد ظلت النار تذوب حتى انطفأت في أيقونتها،وتكاشف الجليد حتى تجمد في قطبه.
هدى العطاس (قاصة يمنية)