عزيز لقمان قايسي
ولد الشاعر عزيز لقمان قايسي ببور بتركيا سنة 1949. خريج المدرسة العليا للفنون الصناعية بدبلوم هندسة داخلية سنة 1975. تصميماته الهندسية لاقت نجاحا كبيرا ونشرت بأهم المجلات المتخصصة. خلال مرحلة التجنيد العسكري ساهم في إنقاذ عدد من التحف الفنية التي عرضت فيما بعد بمتحف ماران ببسيكتاس.
كتب الشعر والقصة منذ الرابعة عشرة ونشرت في مختلف المجلات والجرائد. كما اهتمت جميع الأنطلوجيات التركية والأجنبية بأشعاره وخصصت لها حيزا مهما. كما شهد الشاعر التركي الكبير أوميت يسار أغوزكان بموهبته الشعرية الكبيرة . نشر سنة 1975 ديوانه الأول تحت عنوان: «موقف المساءات» وسيرة ذاتية سنة 1989 . ومن بين دواوينه التي صدرت منذ سنوات: لست متهما، يا صديقي». كما نشر رواية: «انتزعوا مني ابني عنوة» …
اسطنبول
طيور الشاطئ
تسحبني نحو البحار
كما لو أني أركض نحو الأوجاع
اسطنبول تتلوى من الألم
وشيئا فشيئا تسحقني
الوحدة بدونك …
في هذه المدينة المظلمة
حيث يتخثر دمي
أراود أحلامي
الشوارع فارغة بغيابك
اسطنبول تأخذك من مدينة الى مدينة …
هذه المدينة العظيمة المهروقة في آلامي
وطيور الشاطئ تسحبني
إلى لياليها المتعبة
وهناك اسطنبول تهرب هروبا شاملا
لأني وحيد بدونك.
مقصوم الظهر
أحمل عبء الماضي فوق ظهري
عابرا هذه الطرقات
من أين أتيت وإلى أين أسير؟
بينما كروم الشعر
التي تغطيها ثلوج الانتظار
تعامل كالدانتيلا
أنا لا أعرف كيف
ضحكت من شدة الأحزان! …
بينما تحوم حولي
كل الأشياء المقلقة
في هذا الوقت بالذات
أنا غرست القصائد
في حقول الحب…
ورغم العقارب
والأفاعي
كنت دائم العطش
لحياة إنسانية كريمة
تخترق الحيطان
التي شيدت بيننا…
رغم المكائد
التي أصابتني بشدة
في كل مرة
كان يبدو لي جسيما
أن تصبح أعمى الأفكار
على أن تكون أعمى الألوان.
مقصوم الظهر
أحمل عبء الماضي فوق ظهري
عابرا هذه الطرقات
من أين أتيت
وإلى أين أسير؟
j h j
أتاول بهرام أوغلو
ولد الشاعر أتاول بهرام أوغلو سنة 1942 بـ«كاتالكا» إحدى محافظات إسطنبول. شاعر وكاتب ومترجم. درس الأدب الروسي بجامعة أنقرة. في سنة 1965 أصدر ديوانه الأول ، ثم الثاني تحت عنوان: «في أحد الأيام، بالتأكيد». برز كمترجم لكتاب عالميين من لغاتهم الأصلية إلى اللغتين الانجليزية والتركية. أغنى المكتبة الأدبية العالمية بما يزيد عن خمسين كتابا بين شعر ودراسة وقصة وترجمة. اعتقل سنة 1982 بسبب تأسيسه لجمعية السلام التركية. أطلق سراحه بعد عشرة أشهر من الاعتقال. حاز جائزة اللوتس، وجائزة بوشكين الروسية. يعتبر أتاول بهرامو أوغلو من الشعراء المرجعيين في الشعر التركي المعاصر. ترجمت أعماله إلى مختلف لغات العالم.
يوم الزيارة
وضعوا حاجز الحديد بيني وبين طفلي
ابني في الثانية والنصف
طفلي يريد أن ينضم إلي
مثل طائر في قفص هزاز
وضعوا الأسلاك الشائكة بيني وبين طفلي
فاصلا مضاعفا
«لا تختبئ يا بابا»، قال طفلي
يعاتبني بنظرة مقاومة
في لهجة اللوم. مع نظرتي التي كانت تكافح …
وضعوا هوة بيني وبين طفلي
هوة بين الفرح والكراهية
وأنا مثل الأحمق – ما زلت اعتقد
أنه من المستحيل أن نصبح
لا إنسانيين إلى هذه الدرجة.
السجن العسكري بمالتيب 1982
نهاية الصيف
إصفرُّ السفرجل والشمس
والنجوم أكثر بريقا
والقمر مازال أكثر برودة.
عندما ينسحب بحر الخريف
صافعا الشاطئ
يزمجر حبا ضائعا
تمتلئ أعماقي بالأسف
على الصيف الماضي
كما تمتلئ الورقة
البيضاء بالحبر.1992
الأصوات
أسير متشبثا بأصوات الناس
ذراعي كبيرتان وحضني شاسع
كي لا أهلك في الهاوية
أسير متشبثا بأصوات الناس
كي لا يضيع مني صوتي
بين الظلمة المخيفة
صوت ابنتي يقول: « ماما»
تخلط بين صوت « إ» بصوت « أ»
عندما بالكاد تنطق: «حبيبي بابا»
مازجة الأفعال الأولى التي تعلمتها
هذا الصوت الشبيه بفاكهة خضراء في غصن
منفعل وهش يرتفع فجأة عاليا.
صوت زوجتي كابتسامة
متخمة بالتفاؤل
زخم بحنان أخت
صوت والدي على الهاتف
خافت، بعيد، لكنه
قريب كقلب.
أصوات إخوتي
في المنافي
تحييني فجأة
بهاؤها ينير الطفولة
وأشياء وأشياء أخرى
صوت أمي الذي نسيته
يرن أحيانا في أحلامي
أصوات أصدقائي المسحوقة
أريد أن أسمعها وألمسها
كي لا أفقد صوتي
ولا أتلاشى وأضمحل.
أصوات تقول :
« أهتم بنفسك جيدا»
أصوات تقول :
« كيف حالك؟»
قلقة، مترعة بالصداقة، عالية،
جسيمة، خشنة أو خارقة
عندما أكون محبطا
أحب أن أسمع هذه الأصوات
التي تمنحني ثقة كبيرة
لاختراق هذه الظلمة
التي نعبرها جميعا. 1981
j h j
أحمد غوكسينور سلبيو أوغلو
ولد الشاعر أحمد غوكسينور سلبيو أوغلو في إسطنبول عام 1971، قضى طفولته في عدد من المدن التركية. تخرج جامعة إسطنبول الفنية للهندسة الكهربائية.أصبح بعد تخرجه من أعضاء هيئة التدريس. حاصل أيضا على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة اسطنبول.
بدأ نشر قصائده في المجلات التركية وفي دواوين منذ عام 1990 وتميزت بأسلوب معاصر يمزج بين السوريالية والنثرية الشعرية .
وقد حضر العديد من ورش العمل والشعر والمهرجانات في ريغا، فيلنيوس، اسطنبول، أثينا، بلجراد، لوديف، صوفيا وزغرب وكندا .ترجمت قصائده إلى الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، اليونانية، البلغارية، السويدية، البرتغالية، اليابانية، الرومانية، اللاتفية، الليتوانية، المقدونية، الصربية، الكرواتية، والعبرية ونشرت في المجلات الأدبية المهمة.
كما قام بترجمة والاس ستيفنز، وبول أوستر وأنجز ترجمة مختارات من الهايكو الياباني الحديث إلى اللغة التركية، ويستعد حاليا لإصدار مختارات من الشعر الأمريكي الحديث.
أحمد غوكسير سلبيوغلو
لوتنيستا
1ـ الثامن والثلاثون من يوليو
(بالأمس أحرقت المعاجم جميعها في الشرفة
لا أحد منها يحتوي اسمك)
كتب أن يوليو شهر أطول من الصيف
وأن اسمك أطول من شَعرك.
لن أكتب اسمك هنا.
2ـ يوليو أطول من الصيف.
(إذا كان الشهر الذي كان شعرك قصيرا جدا)
قلنا: « قلموا شجرة العنب» فقلمناها
«مجدوا ظل شجرة العنب» فمجدناها
السماء ترشح
وتتحدث عن الموتى
وهذا يكفي
لتطهير المعاني جميعها
الظهيرة تبحث عن مكان لها
بين الجمل
كحرف جر مضطرب
نحن قلمنا أسماء الظهيرة والحجارة المبللة
(فعلنا ذلك كي تعيش طويلا)
قلنا: « اطووا أوراق الكرمة» فطويناها
وطبخناها
3ـ الصيف جرذ مبلل، يوليو قرية في الحجز الصحي.
(ينتشر المطر كجملة بلا نهاية لكتاب تحت عنوان
« استحالة الذهاب إلى المدينة»…)
مدينتي هايكو
بأربعة أبيات شعرية
تقف وسط السهل
كتبت لك ذلك الصيف: «اضطررت لمغادرة المدرسة، لأنهم يرغموننا على تغيير أسمائنا»
ذلك الصيف كتبت لك: « سيجندونني في الخدمة العسكرية
دراستي للمسرح لن تكتمل، انتهى التمثيل على خشبة المسرح» ذلك الصيف كتبت لك ثلاث قصائد هايكو إضافية في ذلك الصيف كتبت لك على وردة الأزالية ، وكيف ونحن في نخيم فوق هضبة البرقوق للمرة الأولى بدونك ومادام الناشر قد رفض كتابي فقد كتبت «الأيام عادية جدا، كل شيء جنون
لكننا اعتدنا عليها «
وكتبت «فتحنا زجاجة النبيذ على حاجز الأمواج، واحتفلنا بذكرى اكتشاف الطبعة الأولى من كتاب «معهد ضبط الساعات» قط عمتي تفاقم التهاب مفاصله خلال الخريف فأجبرنا على ترك بيوتنا» وكتبت «في جميع أنحاء بلادي انهيارات، لكن أفكاري كلها من أجلك» لم أستطع الكتابة «أخذوا أخاك إلى الملجأ» اللغة معسكر اعتقال، وبلادي منجم فارغ ستبقى دراستي للمسرح متوقفة إلى الأبد.
4ـ ثلاث قصائد هايكو
(الصيف عرض في حانة تفوح منها رائحة العرق، الخريف طفلة صغيرة تدلك قدميها وهي تكرر عرضها منتظرة دورها)
حليب يوليو
في ظل التين
تتناسل النحلة بالجندب
شربت ثلاثة أكواب
الثانية كانت هايكو
الماء حي
عيناك عسليتان
لن يكون هذا الصيف هادئا
تهمس الكستناء الهندية والرياح.
5- Lutenitsa
(اللغة تعض يوليو، الجِمَال الزرقاء تعبر
ليل الصحراء، تفترسها الغيرة من شعرك)
لوتنيتسا، لوتنيتسا
اسمك يعني صلصة الفلفل الحلو مع العسل
لكنني عرفت ذلك، بعد فوات الأوان.
شرفة البرج
«أنا لا أخشى الأموات» قال الرجل، «ولا من العدم، ولا من الجراد الذي قفز على لحم الصيف، من الأمطار المفاجئة، ومن سيرك النمل الأحمر تحت ظل الصخرة.
يرعبني كثيرا غياب الكلمات
لهذا أكتب، بلا نهاية أكتب، أكتب بنفس الطريقة التي أشيد بها هذا البرج
بدل البئر القديمة، هذه البئر الملعونة حيث سقط أبي ودق عنقه»
كان فصل الشتاء. قطار يقطع الأراضي المنخفضة مثل غاز بياض الثلج داخل مصباح زيتي مسودّ. كان الجنود المقتادون إلى الجبهة يتطلعون من نوافذ عربة القطار ويحيون بقبعاتهم قطيع الخيول البرية الراكضة بجانب القطار.
أطفال يقطعون الخشب في الفناء. عربة التسوق
مغروسة بين الثلوج، وصوت المرأة الضجر
وهي تعانق الرجل في الشرفة قائلة: « يجب أن ترحل» أقصد من رتابة الشتاء.
في اليوم التالي سقط الرجل من برج وانكسرت رقبته.
طرقت المرأة باب البرج مرارا وتكرارا وفي الوقت المعتاد،
في اليد الأولى فانوس، وفي اليد الأخرى مظلة،
لم تستطع الحفاظ على قصائده المخطوطة جافة
بين أسنانها.
خلف الرياح يختبئ الخوف الذي تستنشقه المرأة.