مقاطع من رواية «أنت هنا»
دونالد بريكنريدج: كاتب وروائي، صدرت له العديد من الروايات مثل «أنت هنا»، «6/2/95»، «تعبر هذه الفتاة الصغيرة»، ومؤخرا الجزء الثاني من «انطولوجيا بروكلين ريل في القصة». يعمل منذ 2001 كمدير تحرير لقسم الأدب في جريدة بروكلين ريل.
– 1 –
«كان هذا الأسبوع كئيبا جدا»، قامت جانيت بتسريح شعرها وعمل مانيكير لأظافرها بالأمس، «وكأن المدينة كلها في حداد مرة أخرى»، حين جاءت الخادمة لتنظيف الشقة، «أنا لا ألوم أحداً على الاطلاق… لقد كنت أنا نفسي محبطا جدا يوم الأربعاء كذلك.» لم يجد جيمس أي مكان ليضع فيه يديه، «وكأن هذا الأسبوع خيبة أمل ممتدة،» كان في حيرة يبحث عن الكلمات المناسبة، «قبل أن يبدأ الكابوس التالي،» وقد بدا منزعجا كون كل ما قد استعد لقوله قد تبخر في اللحظة التي فتحت الباب الالكتروني للعمارة التي تسكن فيها وبدأ بتسلق الدرج المكسو بالسجاد وبيده اليمنى باقة زهور أحضرها لها، «هل تفهمين ما أعنيه؟» مزاحه السياسي قد تم تشكيله عبر أحاديث لقتل الوقت مع زملاء عمل يساريين وزبائن يتلكأون الى جانب ماكينة الدفع وهو يحني بأذنه في هجوم متقد على الرئيس الأحمق والعملاء الجدد المستأجرين الذين يقودون البلد الى نهايته. ابتلع ريقه بصعوبة، «أعتقد علي القول قبل أن يستمر الكابوس».
قبلته بتعطش في فمه حين قدم لها زهور الاقحوان المفعمة بالاحمرار وبفرح هتفت بأنها زهورها المفضلة. السويقات فاتحة الاخضرار استكانت في بضعة انشات من ماء الصنبور وبدت اكبر من حجمها في الكريستال الاسطواني وانحنت بعيدا عن الشفاه المقوسة للمزهرية، وكأن الاقحوان ينحني بتواضع أمام المطبخ اللامع والنظيف جدا. الزهور تم التخلص منها يوم الأثنين.
كان هذا الحديث يسبب التشتت لجانيت, «هل رأيتِ خطاب قبول بوش للترشح للرئاسة؟» جيمس ما زال في الثياب التي ارتداها للعمل, «اذيع في الراديو وأنا في المتجر,» حين وقف أمامها متململا، «علي أن أفي بالإ – نتداب,» وهو يستدعي بصمت الأحداث من مراهقته التي اعتقد بأهمية أن يمطرها بها. «أعتقدت حقيقة بأن كيري سيفوز»، مشت جانيت بإتجاه البراد, «ليس في البداية لكن بعد المناظرة»، فتحت الباب وأخرجت زجاجة فويف كليكويت من الرف السفلي, «على كل حال, لقد أحضرت هذه اليوم,» حملت عنق الزجاجة في يدها اليمنى النحيلة وهي تقترح, «ربما علينا أن نجد شيئا نحتفل به». القناعة الراسخة التي ظللت جيمس في القطار قد دخلت أخيرا الى مطبخها، «ماذا عن نهاية الديمقراطية في أمريكا؟» «أعتقد بأنه لدينا الكثير من الوقت لنفعل ذلك,» وضعت جانيت الزجاجة على المنضدة بجوار المزهرية, «ألا تود أن نشرب نخبنا؟» لقد كان مرتاحا بما فيه الكفاية ليبدأ في حديث صريح عن روعة أن يكون قد وقع في هواها, «هذا هو المكان المثالي لنبدأ به.» أخذت كأسين من الكابينة أعلى حوض المغسلة ووضعتهما فوق المنضدة, أنا سعيدة انك تتفق,» ثم بدأت في نزع القشرة الذهبية اللون من على الزجاجة قبل أن تبدأ في حل السلك وبعناية تفتل سدادة القنينة, «معي,» فرقعة مكبوتة, «الانتخابات سيطرت على كل شيء…» تلتها حزمة من الدخان الباهت الذي تمايل فوق الزجاجة المفتوحة, «وهذا ممل جدا.» النبيذ الكهرماني الفاتح تتخلله فقاعات لولبية ملأ الكأسين بسرعة صاعدا، ثم بعد ان هدأت الرغوة النضرة، راحت جانيت تملأ الكأسين بهدوء. انحنت الى الأمام وابتسمت, «تعال,» قبل أن تأخذ الزجاجة وكأسها من على المنضدة, «أعتقد بأنك ستجد ان النور في غرفة المعيشة اكثر سخاء». «نعم ولكن,» ابتسم ابتسامة عريضة, «انه افضل بكثير في…» وهي تقبله على خده أجابت, «ما زال الليل في بدايته.» نظر بإعجاب الى مشيتها وهي تتجه الى الكنبة, «إذن لماذا الأقحوان الأحمر احد زهورك المفضلة؟» بعد ان وضعت الزجاجة على الطاولة الجانبية جلست, «يعجبني كيف تبدو سويقاتها عارية,» انحنت الى الخلف ووضعت رجلا على رجل, «بالاضافة كان لون شعري مشابها لها الربيع الفائت.» تطلع بتمعن الى لوحة وارهول بالأبيض والأسود لجاكي أوناسيس مطبوعة على الحرير تتدلى فوق الكنبة,» كما شعر تلك الممثلة التي رأيناها الجمعة الفائتة؟» ابتسمت «لكن لم يبدو رخيصا كشعرها.» سقط ظل المصباح العابر بجانب الأريكة على اللوحة.
– 2 –
ارتخت وسادة الأريكة تحت جيمس حين جلس بجانبها, «هل قصصت شعرك؟» نسخة من قصته القصيرة التي اعطاها إياها قبل اسبوعين, حين افترقا بعد قبلة مرتبكة على حافة شارع محطة شيمبرز, استراحت فوق عدد اكتوبر من مجلة فوغ الفرنسية. «بالأمس,» مررت جانيت يدها اليسرى في شعرها القصير, «هل يعجبك؟» تخلل البخار المدفأة تحت النافذة. «نعم كثيرا,» أخذ رشفة من الشمبانيا, «يبدو مثيرا.» الزجاجة الخضراء ذات الختم الأصفر كانت مغطاة بقطرات الماء المتكاثفة. أمسكت ساق الكأس بإصبعا السبابة والابهام ليدها اليسرى, «كان يوم جميل جدا,» ثم أخذت رشفة واضافت, «أحب الخريف بشدة.» أوقف نفسه من ذكر كيف ان فترتي الظهيرة والمساء كانتا تجران نفسيهما جرا في المكتبة, «أفضل الشتاء,» عارفا أن هذا سيصيبها بالملل, «انه اكثر صرامة»، على الرغم من انه يعزو عدم صبره الى رغبته ان يكون معها. أنصتت الى صوت الريح في الاشجار خارج النافذة, «الشتاء قاتم جدا بالنسبة لي,» فيما أوراق من الجرائد تتطاير في الشارع, «البرد لا يزعجني كثيرا», ثم اشارت بيدها اليمنى, «لكن الافتقار الى نور الشمس يدفعني الى الجنون.» تمعن في جمع الفقاعات التي تتصاعد في كأسه, «ماذا عن الصيف؟» «انه الاسوأ,» كانت جانيت تلبس سترة من الكشمير بفتحة عنق واسعة, «إلا اذا كنت بعيدا عن هنا…لكن هذه المدينة ببساطة تصبح غير محتملة حينها,» تبرز الانشقاق الضيق بين ثدييها, «علي القول بأن الربيع هو الموسم المفضل لدي,» تنورة سوداء، ذات ثنيات، تصل الى حد الفخذين, «لكن هذا أقرب الى المرتبة الثانية,» جوارب مخرمة وكعب عال, «هل أنت جائع؟» هز رأسه, «لا,» وحاول أن يفكر في شيء ذا معنى ليقوله, «لست كذلك.» رفعت حاجباها, «و ماذا يعني هذا؟» كان قد التهم وجبة لحم برجر متوسط النضج مع الجبنة, «لقد أخذت غدائي في وقت متأخر,» حين كان منكبا فوق صندوق من الكتب في المكتب الذي يعج بالفوضى, «ما يقارب الرابعة,» «طيب, اذا غيرت رأيك,» وهي تحرك رجلها اليمنى الى الامام والخلف فوق ركبتها اليسرى, «أستطيع أن أطلب لنا شيئا أو أستطيع – «انحنى فوقها وقبلها في فمها. «هذا أفضل بكثير». ليلة الجمعة الفائتة, بعد ان شاهدا الفصل الأول من المسرحية, أخذا تاكسي الى مكانها وذهبا مباشرة الى السرير. داعبت وجنته بكف يدها اليمنى وقبلته. «نستطيع أن نجلس هنا فقط ونشرب الشمبانيا». كانت سخية بقدر رغبته في إرضائها, وقد تريثا وسط ملتويات المتعة. «هذا ليس ما,» جانيت وضعت يدها فوق فخذه, «تريد أن تفعله حقيقة». ترك احمر الشفاه طعم شبيه ببودرة البنفسج في فمه. «ربما لا». الأحاديث بين أشخاص تربطهم علاقة هي تبادل متعدد لذكريات منتقاة بعناية. «حسنا,» همست في إذنه, «عليك دائما أن تقول ما تعنيه.» وأخيرا داهمهما النوم قبل ساعات قليلة من الفجر. نظر جيمس مليا الى عينيها, «وأنت؟» أفاقت وحيدة في منتصف الصباح على صوت دش الماء. وهي ترفرف بأهدابها, «وأنا ماذا؟» ثم انضمت اليه في كابينة الحمام المبلطة حيث اغتسلا, فركا وشطفا بعضهما. غادر جيمس بعدها الى العمل بساعة واحدة.
بدأ الرسم التفصيلي لشخصية جانيت يتبدى وهو جالس على مكتبه في اليوم الثاني. أوقات الظهيرة في المكتبة كانت مضجرة بسبب خطاب تنازل كيري عن الترشح للرئاسة . قضى جيمس معظم ليالي الأسبوع في فراشه والتلفون ملتصقا باذنه, ينصت اليها وهي تصف بحنين اجزاء من الماضي, الذي كان يعيد صياغته في اليوم التالي على جهاز الكمبيوتر المحمول. ليلة الخميس أحضر نصف لتر من البوربون معه الى البيت وترك لها رسالة على تلفونها قبل أن يبدأ في ازالة ختم الزجاجة. بعد أن انتهى من الشرب ذهب الى البار عند زاوية الشارع وبدأ في شرح تفاصيل علاقته مع المرأة التي التقاها في شارع الستراند قبل بضعة أسابيع. الساقية في الحانة وبعض معارفه انحنوا على كؤوس من البيرة وتبادلوا نظرات متشككة. تحت ضجيج أغنية «لماذا لا أستطيع الاقتراب» لبوزكوك, تباهى بلقائهما الجسدي الهائل ليلة الجمعة الفائتة. بعد أن تحدث بحيوية عن تفاصيل محتويات شقتها في ويست فيليج, سألت الساقية – وهي رسامة تعلمت الصنعة بنفسها, في العقد العشرين من عمرها وتلوك العلكة –فيما إذا كانت جانيت تمتلك الشقة. أوضح بأن الشقة جزء من تسوية طلاقها. الساقية أرادت أن تعرف العمل الذي تقوم به لكسب عيشها. وأستطرد جيمس بأنها ليست بحاجة للعمل, حيث إن زوجها الثاني لديه وظيفة عالية كمدير و ما زال يعتني بها, للحفاظ على المظاهر, كما يعتقد جيمس بسبب تركه لها من أجل سكرتيرته.
حين رجع جيمس من عمله ليلة الجمعة اكتشف رسالة معطرة في صندوق بريده احتوت على مقطع قصير من بودلير (كتب بقلم حبر على ورقة بصناعة يدوية) وصورة بالأبيض والأسود لجانيت عندما كانت في سنه في باريس. جلس الى مكتبه وبدأ في تقييم جمال شبابها تحت نور المصباح. لصق الصورة على الجدار أعلى مكتبه وقضى بقية الليل يقرأ ترجمة ريتشارد هاوارد لكتاب لي فلور دو مال. بقي صباح السبت في السرير يتخيل عالمها الباريسي – كمساعدة رسام خلال فترة وجودها لثلاث سنوات هناك – لاستوديوهات وجاليريات, ترقص حتى الساعات المبكرة في الموجات الحديثة للديسكو, تشرب في بارات الليفت بانك, أصناف العشاق الذين التقتهم بالاضافة الى النحات الألماني الذي تزوجته لفترة وجيزة. بعدها أخذ دوشا وحلق لحيته أمام المرآة الضبابية فوق المغسلة. الطرق الجانبية مشطتها الريح وكانت السماء خالية من الغيوم. انتبه لنفسه وهو يحدق في الساعة الرقمية على ماكينة الدفع بعد ساعة من وصوله الى عمله. طابور لا ينتهي من الزبائن الذين إدعوا بأنهم كلهم سينتقلون الى كندا ملأ فترة الظهيرة الطويلة. كان عليه أن ينتظر عشرون دقيقة في محطة قطار الأنفاق الباردة ويديه مخبأة في جيوبه. زهور الأقحوان الحمراء التي تم شراءها من متجر للأطعمة قريب من محطة قطار الأنفاق مغروزة الآن تحت ذراعه اليمنى وهو يمشي بإتجاه المبنى الذي تسكن فيه. ضغط على جرس الباب بالسبابة اليمنى وأنتظر أن تفتح له الباب الالكتروني.
يسخر جيمس بلطف من نبرة صوتها, «هل تقولين حقيقة ما تعنين قوله؟» أومأت بقناعة, «دائما.» «لا أدري اذا كنت أصدقك.» رمقته جانيت بنظرة مجروحة, «آه هكذا اذن…» فيما كانت تعيد ملأ كأسيهما. تنحنح جيمس, «أخبريني قليلا عن مخرجة المسرحية التي رأيناها الأسبوع الفائت.» وضعت الزجاجة فوق الصحن الواقي على المنضدة, «من سيندي؟» أومأ برأسه, «تلك التي عرفتيني عليها.» ارتفعت حافة تنورتها حين أعادت وضع الرجل الأخرى على الأولى, «من الطريف أن تذكر سيندي,» كاشفة عن العقدة السوداء الصغيرة في الحزام المتلألئ لجوربها, «لأنها هاتفت ظهر هذا اليوم,» ومقدار بوصة من فخذها. «لا بد وانها قدراتي المعرفية تظهر مرة أخرى.» كانت جانيت تزن كل الوقت الذي قضته مع صحبة غير لائقة للتخلص من وحدتها, «أو الشمبانيا,» وكيف في أحيان قد تحولت توقعاتها الى ألم, «تذهب الى رأسك مباشرة.» «و؟» عادت يد جانيت فوق فخذه, «اتصلت سيندي لتسأل عن أحوالي,» وضغطت عليه للتأكيد, «و لتقول لي بأنها تفتقدني,» ثم تمهلت قليلا لتقيس اجابته, «وأيضا أرادت أن تعرف اذا احببت المسرحية.» ضحك جيمس بخبث وابتسمت جانيت بإرتياح. «ألم تكن غيورة»، بدأ يرشف الشمبانيا, «وهي ترانا مع بعض؟» عبست جانيت, «أعتقد بأنها كانت حائرة.» «ماذا قالت أيضا؟» تبعت سؤاله بإيماءة من رأسها, «سيندي كانت خائفة أن تكون المسرحية قد سببت لي الإستياء.» هتف جيمس, «اذن, لقد كانت عنا.» قلبت جانيت عينيها, «أوووه,» قبل أن تأخذ رشفة أخرى, «قالت بأنها تريد أن تمر قريبا لنتحدث,» وكذبتها استكملها تورد خفيف. «متى, هذه الليلة؟» «في وقت قريب,» تطلعت بتمعن الى عينيه, «سيندي انسانة غير سعيدة تماما».
تذكرت جانيت رؤية سيندي للمرة الأولى…طويلة ذات شعر داكن تلبس جاكيتة سوداء من الجلد تصل الى ركبتيها، اتجهت ناحيتها حين كانت تقف أمام النافورة القريبة من «المِتّ» في ظهيرة ممطرة في مارس. تعرفتا عل بعضهما من صورهما في الانترنت و بسرعة اعترفتا بأن شكل كل منهما أفضل على الطبيعة. وهما تتسلقان العتبات الرخامية المؤدية الى مدخل المتحف، تحدثتا عن الطقس المزري وتشاركتا في رواية القصص المرعبة عن قطار الانفاق وهما في انتظار تسليم معطفيهما قبل الدخول. بعد جولة قصيرة في الجناح الحديث – الـ«كليز» في الطابق الأوسط كان المفضل لدي سيندي – أمضتا بضع ساعات في المقهى. بلباقة شرحت سيندي العلاقة المتدهورة التي تعيشها مع أحدهم قبل أن تطرح بأن هذه العلاقة شبه منتهية. اعترفت سيندي بأنها ما زالت تعيش مع حبيبها في حين انها تبحث عن شقة استوديو بالسر. كانت جانيت على وشك أن تقترح ان تشارك سيندي شقتها بشكل مؤقت لكنها قررت الانتظار الى الاسبوع الذي يليه، أثناء تناولهما للغداء في باستيس، قبل أن تطرح اقتراحها. انتقلت سيندي الى الشقة أول أربعاء في ابريل و أدركت جانيت بعد بضعة أيام فقط بأنها قد ارتكبت خطأ كبيرا. سيندي لم تقم بأي جهد للبحث عن مكان لها وجانيت كانت خائفة أن يكون بقاؤها الى ما لا نهاية. أية محاولة للإشارة الى البحث عن شقة أو الحصول على عمل كان يقابل بساعات من الصمت المتجهم. حين أمطرتها جانيت بعواطفها, اعترفت سيندي بأنها كئيبة, وبأن حياتها لا تساوي شيئا و اعتذرت كونها عديمة الجدوى. بلطف اقترحت جانيت عليها أن ترى طبيبها النفسي لكنها استهزأت بالأمر. في الليلة التي ذكرت فيها سيندي بتجهم بأنها قررت الذهاب الى الغذاء مع أندرو, تسللت جانيت الى الحمام مع التلفون وأخذت موعدا مع الحداد لتغيير قفل الباب. هتفت جانيت, «وأنا لست مهتمة الآن بإستحضار أية أشباح أخرى من الماضي». لم يكن جيمس مدركا لفظاظة ما يقول, «هل يمكن أن تفعلي ذلك لي؟» «ماذا…» أرادت تغيير الموضوع, «هل هذا يثير اهتمامك؟» «لا»، تلعثم جيمس, «أقصد بالطبع ولكن ليس هذا السبب وراء سؤالي لك أن تخبريني عنها». بدت مرتبكة, «اذن لماذا؟» أفرغ كأسه قبل أن يقول, «أريد فقط أن أعرفك أكثر». «لأنك»، استنتجت جانيت بحياء, «أنت ولد فاحش». في الوقت الذي دخلت فيه أسثر الى غرفة المعيشة, «آه تطلع»، مع ذيلها الكثيف مرفوع وكأنه منظار يتمايل, «من الذي قرر أن يهشم حفلتنا الصغيرة»، والقطة تمشي بإتجاه الأريكة أضافت, «بمناسبة الحديث عن العلاقات …هذه أسثر…تعالي هنا عزيزتي». أسثر بحذر تشممت خيوط حذاءه الرياضي قبل أن تثب فوق وسادة الأريكة بينهما. مشطت جانيت بيدها اليمنى فراء أسثر الكثيف, «أخشى بأنك لم تكن واضحا»، ثم داعبت ذقنها بأطراف أظافر أصابعها, «وهذا غير اعتيادي بالنسبة لكاتب موهوب وطموح». بدأت أسثر في الخرخرة. تطلع جيمس الى المقدمة البالية لحذائه, «متى كنت ستقولين لي بأنها أتصلت؟» «هذا ليس من شأنك». أعاد جيمس السؤال وكأنه أمر, «متى كنت ستقولين لي»، أسقط هذا الظلال على تقاسيمها المحتارة, وهي تحني أكتافها, «لقد قلت لك لست مهتمة باستحضار أية أشباح من الماضي».