خرج أحمد وعائلته للتنزه ذات يوم في القرى البعيدة عن قريتهم. حيث كانوا طوال الستة أشهر الماضية ملازمين منزلهم.
كان أحمد وهو يقود سيارته بين المزارع، قد لاحظ مساحة كبيرة مكشوفة، كأنها واحة تتجمع فيها المياه العذبة بها أزهار شتى رائعة الألوان، وفي الجانب الآخر من تلك الواحة، لاحظ تدفق أعداد هائلة من الناس تتجمع من كل اتجاه قادمة من الأزقة الضيقة بين المزارع الكثيفة المحيطة بتلك الواحة، راوده الفضول، أوقف سيارته جانبا، ترجل ليشاهد هؤلاء القوم وما لديهم، وبعد مزاحمته للرجال الواقفين في الاتجاه الآخر، فاجأه المنظر، حصير ممدود إلى ابعد من مد البصر، يجلس عليه أعداد هائلة من الأطفال أعمارهم ما بين الثانية إلى الثامنة يلبسون سراويل قصيرة، بينما بقية أجسادهم عارية، أذهله المنظر، اخذ يتمعن في وجوه الأطفال الواحد تلو الأخر، توقف ليستمع للدلال وهو ينادي لبيع احد الأطفال، عشرة.. عشرين.. ثلاثين… يصرخ فيهم بأعلى صوته: توقفوا أيها اللصوص هذا ابني، أتبيعون وتشترون في ولدي، يلتفت الطفل إلى اتجاه الصوت، يركض إلى الأب يحتضنه، ويبكيان معا. الابن، أين أنت يا أبي، انتظرك هنا منذ شهور، لقد اشتقت إليك كثيرا. الأب، وأنا اشتقت إليك أكثر، ألا تعلم أني احبك كثيرا، فأنت اصغر أبنائي وأحبهم إلى قلبي، انظر يا ابني إلى تلك السيارة، هناك أمك وإخوتك بانتظارك. الابن، لا استطيع الذهاب معك، أنسيت أني مت منذ ستة أشهر، أتذكر حين حاولت اللحاق بك لأخرج معك في السيارة فرجعت علي بسيارتك وصدمتني، الأب، ولكنك الآن هنا. فلماذا لا تأتي معنا، الابن، أنت تحلم يا أبي، فالأموات لا يعودون.