لي عادةُ أنْ أشتقّ من وجْهي وجوها، وأن أنتقي كلّ ليلة في أيّ بيْتٍ شعريّ أبيتُ. لي عادة أن أنوّم العالم جميعًا وأن أسهر على فكّ رموز ضفيرة يومية لامرأة لا تكفّ عن المرور…
للسّطر عادة الإتيان دون أن أنتبه لذلك.
للفكرة عادة الغزالة القافزة من شبّاك بيتي.
لي عادة أن لا أختار أيّ إصبع لأيّ رعشةٍ
-الرّعشات جزافٌ-
لي عادة أن أصقل من الهواء الذي يحوم
حول طاولتي جذعًا بنّيّا وبرّا ونارًا.
وأن لا أختار الغنّة الحادة لحنجرتي،
مبيض الكلام.
لي عادةُ أنْ أقفَ طويلاً أمام اللّون الرّماديّ، نصْفِ الأبيضِ نصْف الأسودِ
أنْ أتركَ نفسي في متوسّط اللون ذاك،
نصف الداخل، نصف الخارج
نصْف النصّ والرّماد السّاهي هو أيْضًا
منْ عَادَتي.
لي عادةُ أنْ أنْتقيَ سمائي.
أن أنقّيَها من الأسئلة الوجوديّة.
أن أتقمّص الرّصيف، وأغمسَ يديّ في إثْميهما وفي الحالات الفَزِعة.
(سنحْتاجُ متنبّئا أو متنبّئة، قارئة خُطُوط الرّمَال أو قعر الفنْجان عن القصيدة التي ستأتي…
هل تأتي من لهَبٍ أو من خشبٍ:
أقصُد الخشب الذي يتذكّر أوْراقَه
الخضراء القديمة…)
لي شهْوة أن ألزم «فرْدًا» يأبَى الجمع،
ليموج ساكنا في حرْفِ هو الأخيرِ
فرْدٍ يتّكئُ على ألفِ مدٍّ مَديدةٍ..
فردٍ لانقط ولاصوْت.
لي شهْوة أن أتشمّم البارَ في البارِ،
ولي أنْ أشكّ أنّ النّادلَ إله متنكّرٌ
جاء لالْتِقاطِ الخَطَايا،
ولقراءةِ خطايَ.
لي عَادَةُ أنْ أعتقدَ أنّ الموتَ صوتٌ
أمّا الحياة فصدًى معْتوهًا…
وانّ الميّتَ سيرقصُ جسدًا خالصًا
في مكانٍ مَا،
سيرْقصُ مُفكّكا، سترقص
حاسّة لمسه كشهرزاد برداء من سردٍ.
لي عادةُ أنْ أختَلِفَ وأنْ أقِفَ حيثُ لا أدري.
لي عادة أن أتلمّسَ الرّيح محاولة
تشكيلِ روحٍ أخْرى.
(فهذي التي بصدْري لا تكفي)
لي عادةُ المضيّ إلى أواخِرِ الأشْيَاءِ،
في أواخرها طقْطقةٌ:
– لعلّها فراشة تصفّق حوْل الفانوسِ الأكبر
– لعلّها عجوزٌ تكادُ تُنْهي حُبيْباتِ العمْر
في طَقْطَقة المسْبحة.
( أقِفُ أمام الإثْنيْنِ علامة تعجّبٍ)
لقد نثرت الاستفهام لكنّ
عصافيرَ الظرْف
المكانيّ الْتقطتْها
أقِفُ كسَاعةٍ مُعطّبةٍ
أقف وقد أكون بِلا ظِلّ،
أوْ صرتُ مجرّد يدٍ لحْظة الشّعر هذه.
واقفًا يدًا أمّا الباقي من الجسدِ
فتفتّت شعرًا (ربّما)
لي عادة أنْ أتخيّلَ النّاسَ زَبَدًا
في شوارع المدينة…
وأنّ على حافّة المَدينة تلك لا حَقيقَةُ
سِوَى يدي المتقاطعةَ مع يدٍ مُشعّةٍ…
وأن أعْتَقِدَ أنّ المرأة مخلوقٌ منْ ريحٍ
أو من منْعطفاتٍ في تلك المَدينة.
وللمرأة كما أعتقدُ- أن تمُرّ بي
إلى الفسيح الاستعاريّ
أقف يدًا
وتقف هي بلدًا…
ها هُوَ الحبْرُ يكْبُرُ في القلْبِ..
وهَا أنّ حروفًا غيْر مرْئيّةً
وسطورا فجائيّة وهَواءً أخضر تتقاذف
كلّها في تلك المدينة
ذات الزّبدْ.
لي عادةُ أنْ أجدّف من حالة تصوّفٍ
إلى حالة تَخَوّفٍ،
وأن أعْتَبِرَ الهواء مرْآةٌ تعْكسُ الصّرْخةَ…
لي عادة الصّرخة كيْ أوجدْ
(فأنْ تصرخَ فأنتَ مُعبّأٌ بالحُروفِ)
-2-
– كيْفَ سأتداوَى من داء الكوْن؟.
– كيْف ألحق بتلْك القصائد
التي خرقتِ الكثيرين؟.
– كيْفَ أنْتمي نهائِيّا لأيِّ شيء؟.
هذه شهْوتي لا تُغَادُرُني
والشّهْوةُ أنثى مؤلمةٌ في راحتيها
رحًى من حرارةٍ.
ولي عادة أن ألاعب أخمُصَ الإله،
وأن أتألّه.
كلّما ازددْتَ تألّها ازدادت
تلك الشهوة تأوّهًا
وقد تكفّ عن التراب
في آخر شهقةٍ.
لي عادةُ أنْ أهدِيَ
الورْدَةَ لامرأةٍ
في الأساطير القديمةِ..
لي عادة أن أشتهي
رؤية صاحبتي
فكرةً على ورقةٍ…
-3-
انْظري إلى يَدِ الصّوفيّ المتلهّفِ،
اليدِ الضّاربةِ على الدفِّ
اليد التي تذوبُ نقْرةً نقْرةً
انظُري…
لمْ يعُدْ سِوى نقْرةٍ واحدةٍ
لإصْبعٍ واحدة.