المقدّمـــــة:
حظِي الشعرُ الجاهليّ بعناية الدّارسينَ؛فتراكمت دراساتٌ متنوّعةٌ حول هذه المدوّنةِ لما تتوفّر عليه من خصوصياتٍ خارقةٍ ولا تزالُ قصائدُ الجاهليين تشدّنا وتسحرنا بسببٍ من قيمتها الفنيّة وثراءِ مضامينها وعمقها. وممّا لا شكّ فيه أن الشعــرُ فنًّ تُتِيحُ مساحاتُـــهُ الرّحْبَـةُ لقائلهِ أن يُعبِّرَ عنْ ذاتهِ ونظرته إلى ما يحيطُ بهِ من عوالمَ. ولكنّ اللافت للنظر هاهنا أنّ تلك المِنْحَةَ ؛ تلك الرّحابةَ النصّيةَ يقلُّ حضورها وتتراخى عند الدّارسين والنّقّادِ العربِ القدماء ممنْ عكفوا على دراسةِ الشعر الجاهلي وتقصّي أبعاده المختلفةِ. فقد نزعوا في دراستهم وأبحاثهم نزعةً معياريّةً قوامها «الحجب والذّكْرُ».إنّهم استبقوا ما وافق هواهم وميولاتهم ،وذكروا تلك النصوصَ التي تُرضي الذّائقةَ الأدبيّةَ والفنّية السائدةَ على عهدهم،فألحقوها بالأدب الرّسميِ ضمن ثقافة المرْكَــزِ، فراحوا يتَتَبَّعُونَ أخبارَ الشعراءِ الفُحُولِ الذين ألحقوا كلّ شاعرٍ بطبقته وعللّوا أحقّيته بتلك الطبقةِ وما أكسبه قصب السّبقِ بين نظرائهِ. فأعلوا منازلهم.وفي مقابل ذلك استبْعَدوا نصوصا شعرية وأُلْحِقَ أصحابها بأدبِ الهامشِ.
ممّا أفرز تصوّرا نقديّا سعى أنصاره إلى معاملة هذه النصوصِ الشعريةِ تعاملا عَرَضِيًّا عَرْضِيّا لأنّها أشعارٌ لا تبلغ الفئة الأولى جماليةً أو مقْصِدًا؛وهي لا تتناسبُ والمنشودَ القيميّ والأخلاقيّ من جهة ثانيةٍ؛فأصحابها مجّانٌ أو صعاليك ومُقِلُّونَ لمْ تذعْ شهرتهم ولم يَسِرْ الرّكبانُ بها في الآفاقِ.
ومهما يكن من أمْرٍ؛ فإنّ دارسي الشعر الجاهلي قد سلكوا طرائقَ متباينة المنطلقات والأهداف،وتلتقي كلّ هذه الجهود،قديمها أو حديثها، في كونها حاولت تحسّس مواطن الطّرافةِ المتخفِّيةِ طيّ هذه المدوّنة. ورغم ذلك تظلّ هذه النّصوصُ بحاجة إلى مزيدٍ من البحثِ والتّقصّي بوصْفِهَا وجْهًا تراثيّا يرتبط بالأصالةِ؛ فهذه النّصوص الشعرية والآراء النقدية التي نشأت حولها هي نتاجٌ ثقافيٌّ موْصُولٌ بحقبةٍ تاريخية وببيئةٍ احتفتْ أيّما احتفاءٍ بالشّعر الذي كان يمثّل عند العربِ ديوانهم ومستودع قيمهم(2) إذ يقول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: «الشعرُ عِلْمُ قَوْمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلمٌ أَعْلَمُ منه». وعليه فقد انصرف النقاد عن شاعر انصراف العازف؛ فرغبوا عن شعره وفي المقابل رغبوا في الشّعراء الرّسميين عندما جمعوا قصائدهم ومقطوعاتهم ودوّنوها وتقصّوا جوانبها الفنّية.ومن هِنات طريقتهم المعيارية أن أسقطوا شعر الصّعاليك، فلم يلقَ هذا الضرب من الشعر عناية تذكر في النقد والحال أنّه يتوفّر على ملامح فنّيةٍ. ونؤثر في هذه الدّراسة محاولة النّظر إلى خصائصه الفنية واستجلاء مضامينه برصد تجليات الصعلكة فيه اعتمادا على تلوّن معاجمه بهذا البعد من خلال مقاربة نصية وتحليلية للمعجم الموظّف في شعر عروة بن الورد لأنّ كلّ قصائده مشدودةٌ إلى إطار عام هو الصعلكة. ويستدعي هذا المعجمُ سجلاّتٍ مخصوصة.وكأنّ قصائد الصعاليك عامة تفارق أشعار الجاهليين بمعاجمها؛ إذ يتمازج البعدُ الذاتي والموضوعي،ويتداخل كذلك فيها البعد الاجتماعي مع الفني والجمالي. فالصعلكةُ «مذهبٌ في الحياةِ»(3) استدعت لغة مخصوصةً وطرائق في القول متميّزةً.ومما دعانا إلى تخيّر هذه المسألةِ أمران أولاهما:
– اتّصال كلّ قصائد ابن الوردِ بالواقع الذّاتي للشاعر التي بدت ذاتا متمرّدة رافضة لسلطة الذات الجمعية القامعة أي القبيلة التي مارست قهرا نفسيا موجعا وعسفا تردّد في الأقاويل المتخيّلة التي بدت أشبه بعصارة نفسية وذهنية عبّرت عن الاستلاب والاغتراب والنقمة والشفقة وشتى المشاعر المتناقضة.
– الصياغة القصصية التي ميزت أشعار عروة بن الورد؛ فقصيدته أشبه بقصّة «أبي الصعاليك»، من حيث سرد أحوال النفس ونقل الهواجس والآلام والآمـال. بل هي قصائد قصصيةُ المنزعِ أبطالها صعاليك خرجوا شاهرين سيوفهم ، يؤمّهم من كنّى نفسه بـ«أبي الصعاليك» ؛أبٍ «شيّبتْهُ الوقائعُ» إذ يقول عروةُ في هذا السياق (الطّويل) :
فَمَا شَابَ رَأْسِي مِنْ سِنِينَ تتَابَعَتْ طِوَالٍ، وَلَكِنْ شَيَّبَتْهُ الوَقَائِعُ(4).
فبهذه النزعةِ الغنائيةِ التي طغت على أشعاره؛يرومُ ابن الورد الانعتاق من أَسْرِ الذّاتي والالتحام حدّ الذوبان والانصهار مع الآخر الجمْعِي.
وما يدعونا إلى العناية بشعر عروةَ بن الوردِ أمران:
– أما الأوّل فيتعلّق بقلّة الدّراسات المتمحّضة له؛ فقصارى ما يجده الدارسُ نُتَفًا منجّمةً مبثوثة في كتب الأدب حيث يُذْكَرُ هذا الشاعر في هذه المصنّفات بالإشارة إلى مآثره وخاصة كرمه وإيثاره. ويخفت الحديثُ عن ثورته وتمرّده على تقاليد القبيلة.ولا يخفى أنّ هذه البحوث التي تدبّرت هذا اللون الشعري اكتفت في الغالب الأعمّ بتجميع القصائدِ ونسجتْ أخبارا حولها تتصل بمناسبة القوْلِ أو بالرّاويةِ.فرصدتْ ما يتّصلُ بحياةِ الشّاعرِ الصّعْلُوكِ وغيّبتْ الأبعادَ الفنّيةَ عن شعره في غالبِ الأحيانِ.
وأما الدّاعي الثاني الذي حفّزنا إلى دراسة شعر عروةَ عامّة وفحص النظام المعجمي المَشُوب بمذهب الصعلكة خاصة، هو تداخل البُعْدِ الشّخصي التاريخي بالإبداع الفنّي التخييليّ في صُلْبِ القصيدة الصعْلوكيّةِ؛ فكأن لا فصْل بين القائل و«مقُولِهِ الفنّي». إذ لُقّبَ بـ«أبِو الصعاليكِ»؛ وبالتالي فإنّ معجم الأُبُوَّةِ قد تردّد صداه في كلّ أشعاره وبَسَطَ ظلاله عليها سواءٌ في التضخيمِ منْ أدوارِهِ كالإطْعَامِ والرّعاية والحمايةِ والتّأديب بالتوجيهِ واللّوْمِ والتقريعِ والتنبيهِ إلى غير ذلك ممّا يتّصلُ بمقولةِ الأُبُوَّةِ. ولنا أن نتساءل هاهنا قائلين هل هي محض أبّوةٍ أم هي أُبُوَّةٌ فنيّةٌ تقتضي أنْ يُلهِمَ عُروةُ بن الورد- الأب أبناءه من أتباعه وأشياعه الصعاليك طريقةَ صناعة القريضِ ويعلّمهم أسرار فنّ القصيدةِ وأُسَسَ بنائها وكيفية نظم فصولها حتّى تكون أشبه بالثوب وقد أُحْكِمَ نسْجُهُ؟ومهما يكن من أمر؛فإنّ الصعلكة كانت دافعا قويًّا إلى نظم الأشعار ولم تكن مجرّد لُصوصيةٍ وغاراتٍ كما أشار إلى ذلك بعض الدّارسين ومنهم على سبيل الذّكر عبدالحليم حنفي الذي وصف الصعلكه بأنّها: «احتراف السلوكِ العدواني بقصْدِ الغُنْمِ سواء في صورة لُصُوصِيَّةٍ أو قطع الطريق أو سطوٍ أو غاراتٍ…»(5)
فلا نجانب الصواب إن قلنا إن شعر ابن الورد اتصل بفلسفة صاحبه في الحياة وانفصل عن غيره من نظرائه الصعاليك انفصالا يظهر في النظام المعجمي باعتباره مكونا مخصوصا.فقد عبّرت السجلات المعجمية عن تجربة مغايرة،فتجربةُ الصعاليك الآخرين (عمرو بن برّاقة، الشنفرى؛ وتأبّط شرّا) شُرِّدوا عن قبائلهم وخُلِعُــوا ، واغتربوا عن ديارهم حسب ما يذكرُ الإخباريون ويتداول الرّواةُ عنهم صفات ٍ ونُعُوتًا نذكر منها أنهم: ذُؤْبانُ العربِ، الخلعاء.. وأمّا عروة فكان لا يبرح حمى قبيلته إلاّ عند الخروج إلى الفجاج العريضة للإغارة سنوات الجدب وانحباس المطر؛ وإن نأى عن الحمى يعتريه حنينٌ جارفٌ مُضْنٍ يدفعه إلى العودة إلى رحابِ القبيلةِ.وبناء عليه ندرك أنّ تجربته مغايرةٌ لأنّه قريب من القبيلة يرعى ضعافها فضلا عن كونه قد اختار مذهب الصعلكة طَوْعًا. وأنّى تكن الدّوافع فإنّ تجربته مثّلتْ نقطةَ التقاءٍ بين الصّعاليك رغم اختلاف الأطيافِ والأحوالِ.
I- حدّ الصعلكــةِ؛ لغة واصطلاحا
أورد ابن منظور في معجمه «لسان العرب» أكثر من تعريف يتّصل بمادة (ص،ع،ل،ك) ومعان. فأشار إلى أنّ صعلك جذر رباعيّ على وزن فَعْلَلَ؛ والصعلوك:الفقير الذي لا مال لهُ ولا اعتمادَ.ويقال:تصعلك الرّجلُ إذا كان كذلك إذ قال حاتم الطائي:
غَنِينَا زَمَانًا بالتّصعلكِ والغِنَــــــــــــى
فَكِلاَ سَقَانَــــاهُ بِكَأْسِهِمَا الدَّهْر
فمَا زَادَنَا بغيا بالتّصعْلُكِ على ذي قرابةٍ
غِنَانا ولاَ أزْرَى بأَحْسَابِنَا الفَقْــرُ.
وقيل: تصعلكت الإبلُ أي خرجت أوبارها وانجردت وطرحتها. قال شمر: تصعلكت الإبل إذا دقّت قوائمها من السمن وصعلكها البقل، وصعلك الثريدة جعل لها رأسا»(6). والتصعلك هو الفقر وصعاليك العرب ذؤبانها، وكان عروة بن الورد يسمّى عروة الصعاليك لأنه يجمع الفقراء في حظيرة فيرزقهم مما يغنمُ.
ويذهب شوقي ضيف في تعريفه للصعلكة نفس المذهب بأن يجعلها رديفا للفقر والخصاصة بقوله: «الصعلوك في اللغة الفقير الذي لا يملك من المالِ ما يُعِينُهُ على أعباءِ الحياةِ»(7).
ونخلص مما سبق إلى أمر مفاده أنّ هذه الظاهرة على صلة قوية بالفقر والعُدْمِ والخصاصةِ.وتجرّدت من دلالتها اللغوية الجاهلية الخالصة وأضحى لمصطلح الصعلكةِ دلالات اصطلاحية منها ما أورده صاحب المقال في دائرة المعارف الإسلامية إذ يقول معرّفا الصعلوك بكونه : «اسمًا مشتقّا من الجذر(س،ل،ك) ويعني السّفر أو اتّباع الطّريقِ»(8). ويعرّف الشاعر الصعلوك بأنه شاعر صاحب موهبة أدبية وفاتك بقوله (9):
« Poète – brigand et mercenaire au besoin.Les suluks durent
leur postérité en grande partie à leur talent poétique »
وقد حفّــــــــت بهذا المصطلح دلالاتٌ في الأدبِ الإسلاميّ منها التطوّر والطريقــــةُ والهيئة والموقفُ.ويضيف صاحب المقال تحديدًا آخر على درجةٍ مهمّة؛فالصعلوكُ في نظره: «شاعرٌ قاطعٌ ومرتزقٌ عند الحاجةِ.والصعاليك يستمرّ خلفهم في الغالب الأعمّ بفضل موهبتهم الأدبيّةِ».ونلفي ابن منظورٍ ميّالا إلى الاختزال في ضبط الحدّ اللغوي للمفهومِ لاعتماده منزعا معياريّا واضحا فربط الحدّ اللغوي ببعده الماديّ أساسًا. إنّه تحديدٌ يضع للفظة قيدًا قيميا بالأساسِ. وأمّا صاحب المقال في دائرة المعارف الإسلامية فقد أضاف عندما ربط الصَّعْلَكَةِ بالفَتْكِ والموهبة الأدبيّة والسّفر والموقفِ.وبهذا أخرج المفهوم من الدائرة الاجتماعية والماديّةِ إلى دائرة أرحب اكتسب فيها المصطلح أبعادا جديدةً فيها قدْرٌ من التّنزيهِ والتّصحيح للمفهوم ممّا علق به من معانٍ مُسْتَهْجَنَةٍ وأبعده عن التّصوّر السّاذجِ الذي نفّر من المفهوم لدلالاته السلبيّةِ. فالصعلوك ليس مجرّد شخصٍ شكّاءٍ بل هو موْهُــــوبٌ وصاحبُ موقفٍ في الحياةِ ينأى عن مألُــوفِ الرّؤى.ففي خروج الصعلوكِ شاهِرًا سيفهُ يطْوِي الفجاجَ والفلواتِ ووعْثِ الصّحارى متربّصا بأعدائه ممن منعوا عنه العطاءَ يعبّر عن حركة رفْضٍ .وفعْلهُ فعلق مجازفٌ مآله جمع المالِ لدفع الحاجةِ.ولعلّ الدافع نفسيّ بالأساسِ يتجلّى في ثورة على أشحـــاء جمعوا المال ومنعوا العطاءَ ومساعدةَ الجِيَاعِ.فهل الصعلكة إلاّ رحلةٌ – ثورةٌ مجازيةٌ – قصاراها: «لفظةٌ شَـــــرودٌ أصيدها وكلمةٌ بليغةٌ استزيدها»(10). ويتجلّى نفس المعنى – أعني الجمع بين البلاغة والمالِ- عند عروة بن الورد؛ففي قصيدته التّائية،الحقّ مطلبه جميلٌ (11) يقول فيها:
وأكفي ما علمتُ بفضْلِ عِلْمٍ
وأسألُ ذا البيانِ إذا عمِيتُ.
ألا يجوز القول إنّ البحث عن اللفظ الشّرودِ أشبه برحلة بناء القصيدة؛رحلةٍ جمالية من العمَى إلى الإبصار بقوانين قول الشعر؟بل إنّ الجياع الذين من أجلهم اغترب الشّاعرُ ليسوا سوى كائناتٍ تخييليّة خلقها الشّاعرُ في الكون الشعري الذي بناه باللّغة وفي اللغة ولا مرجع واقعيّ له.والبيانُ هو الصَّيْدُ وهو الزّادُ.
واعتبر شوقي ضيف الصعلكة منظومةً فكرية ومذهبا في الحياة سلكه ابن الورد؛ وهي ثورةٌ على الجوعِ والبخلِ.فقد جاء على لسان الإخباريين أنّ لِعُرْوَةَ بن الورد قصّة مع أصحاب الكنيف (12) حيث كان يجمع الجياع والضعفاء من قومه ومن القبائلِ الأخرى سنوات الجدْبِ ،فيُقْرِيهم ويغزو فيصيب كلّ فرد منهم بسهْمٍ من الغنائمِ.وقد أغضب هذا الأمرُ زوجته أُمَيْمَة ؛فلامتْهُ لأنه يُعَرِّضُ نفسه إلى مهالك الغزْوِ وتضيق بشحوبه. والأولى عندها أن يهْجَعَ للرّاحةِ.
وأمّا مدارُ شعر الصعاليك فحديثٌ عن حالةِ الجوع التي يُكابدونها وصور عن الخصاصة.وقد تلوّنت قصائدهم بثورة على الأغنياء والأشحّاءِ.ووصفوا
بالصبر والشّجاعة وشدّة المراس والمضاءِ وسرعة العَدْوِ؛فبهم يُضْرَبُ المثل في السرعة إذ قالت العرب:أعْدى من السُّليك».وبقدر ما كانت هذه النصوصُ مُعبّرةً عن رغبة من الشّاعر في تجاوز نظام القبيلة قويّةٍ فإنّها تشرع البحث في الصعلكة بوصفها ظاهرة أدبيّةً في تلك البيئة التي تتميّز بنمط مخصوصٍ من الأدبِ.
ومن الطريف في هذه النصوص أنّها عدلت عن العصبيّة القبليّة وأحلّت محلّها عصبيّة فردية أو عصبيّة الصعاليك جديدة في جوهرها قائمة على المشاركة الإنسانيّة في السّرّاءِ والضرّاء؛ الجميع وإن لم تربطهم قرابة أو نسبٌ؛ يتعاونون ويتعاطفون بحيث يحمي القويُّ الضّعيفَ ةتوزّع غنائم الغزوِ على الجميع حتّى وإن لم يغْزُ»(13) .
وقد قبّح ابن الورد صورة الصعلوك المتقاعس عن الإغارة بقوله:
لحى الله صعلوكًا إذا جنّ ليله
مصافي المشاش،آلفًا كلّ مجزرِ
يُعِينُ نساءَ الحيِّ ما يَسْتَعِنّــهُ
ويُمْسِي طليحًــا كالبعيرِ المحسّرِ.
2- الصعلكة ظاهرة أدبية:
سلك الصعاليكُ ثورةً على النظام القبلي واعتبروه سلطةً مانعة قامعةً.وكان لذلك صدى وأثرٌ كبيرٌ في أشعارهم.فالقصيدة الصعلوكية «نصُّ الأنــــا؛لكنّها أنــــا قَلِقَــــةٌ تبحث لا من أجلِ أَنَوِيَتِهَـــا بل من أجل تغيير العالمِ ؛من أجل تدمير آثار التركيبةِ الطبقية للقبيلةِ»(14).
فيجوز لنا أن نقول إنّ هذه القصائد لم تعُدْ مجالَ مُكاشفةٍ لهمومِ الجماعةِبل أضحتْ لحظةَ بَوْحٍ لما يعتمِلُ في نفس صاحبها.وعليه يتسنّى لنا البحث في استقلالية هذه القصيدة وتفرّدها بمعجم مخصوص مختلف عن نظيره في الأدب المضادّ.وقد ذهب محمد عبد المنعم خفاجي إلى حدّ تسمية تلك الفئة من الشعراء بـ«مدرسة الصعاليك» معللاّ ذلك بأنّ شعرهم «نوع من الفنون الأدبية الصادرة عن تلك الطائفة الخاصة من الشعراء الذين تميّزوا بالشّجاعة والحمية في قلوبهم والقوّة والفتوّة في أجسامهم»(15). وغنيّ عن البيان القول إنّ عروة بن الورد قد تحلّل من عباءة القبيلة.وفي الوقت ذاته نحت أنموذجا مثاليا مكتملا لمطلق الأبّـــوةِ وما يحفّ بها من وظائف الإعالةِ والسّعي الدّؤوب لسدّ خلّة الأبناء/الصعاليك. وهذا التصادم بين ثقافة الهامش وثقافة المركز ولّد نظاما معجميا وأنتج نصا يلتقي في باطنه مع الأدب الجاهلي في احتفائهما بالقيم المألوفة والمنشودة كفضيلة الكرم وبذل المال والنفس والشّجاعة.
3- تجليات الصعلكة من خلال معجم السعي
لقد جمع الفقر والتمرّد بين الصعاليك. فأضحت الصعلكةُ رابطةً قويةً لأنّهم كانوا يعيشون في عصر همّش الفرد؛ فتكتّلوا في جماعات ونشأت بينهم رابطة نفسية بهدف التّغلّب على الخصاصة وسدّ الخلّة بكسب المال؛ فهم بين أمرين: إمّا الغِنَى وإمّا المَوْتُ،وفي هذا السياق يقول عروة:
وقد عيّروني المال حين جمعته
وقد عيّروني الفقر إذ أنا مقتر.
ويضيف في هذا المجال مبروك المناعي قائلا: «إنّ خيطا رفيعا يربط بينهم؛هو الفقر والإحساس بالظلم والهامشية الاجتماعية»(16). وأما يوسف خليف فيرى في كتابه «الشعراء الصعاليك» أنّ عموم الشعر الجاهلي يشيد بقيمة الجود ويمتدح الكِرامَ (17). ولذكر الفقر شأن آخر في شعر عروة باعتباره حجّة بها يبرّر سلوكه العنيف وسعيه للتّموّل. ويؤكّد بهذا البيت من مطلع قصيدته الرّائية بعنوان «سِرْ في بلادِ الله» الدافع الذي حبّب إلى نفسه المال :
إِذَا المرْءُ لمْ يطلُبْ معاَشًا لنفسه
شَكَــــا الفَقْــرَ أَوْ لَامَ الصَّدِيقَ فَأَكْثَرَا.
وهذا الوعي بمرارة الفقر وثقله على نفسه يكون برهانا به يردّ عروة على خصومه الذين استنكروا سعيه إذ يقول:
قالت تماضر إذ ما رأت مالي خوى
وجفا الأقارب فالفؤادُ قَرِيــحُ
مالي رأيتك في الندى منكّســـــا
وصبا كأنّك في الندى نطيـح
خَاطِرْ بِنَفْسِكَ كَيْ تُصِيبَ غَنِيمَةً
إِنّ القُعُــودَ مَعَ العِيَالِ قَبِيــحُ
المـــالُ فِيـهِ مَهابَـــــةٌ وَتجِلَــــةٌ
والفَقْــرُ فِيهِ مَذَلّةٌ وَفُضُـــوح
ومن اليسير أن يستجلي الباحث في شعر عروة احتفاءه بظاهرة السعي نحو المال؛وهو سعي اقترن بالتّمرّد؛ فالصعاليك «هم الجانب الآخر للعصر الجاهلي(..) حملوا السيف لإعادة التوازن لحياة خلت من الموازين»(18) .وترادف ذكر السعي مع عنصر المغامرة التي كانت سبيلا آخر لابن الورد حتى يفخــر بنفسه وببطولاته بقوله مثلا في مقطوعة وردت بديوانه:
رحلنا من الأجبال أجبال طيء نسوق النساء عوذها وعشارها
وتلازم معنى السعي مع معجم حربي وصف فيه الأسلحة بعين المحبّ الكلفِ، وعدّد أسماءها لأنها «جُــــــلّ ماله» لقوله:
يطاعن عنها أوّل القوم بالقنــــا
وبيض خفاف ذات لون مشهر
ويورد في مقطوعة أخرى من الديوان وصفًـــا للسيف قائلا:
فكيف ينـَــــامُ اللَّيْــلَ مَنْ جُلُّ ماله
حُسَــــامٌ كلونِ الملح أبيض صارم
وتتصل بهذا المعجم ثنائية الموت والحياة. فقد آمن الشاعر الجاهلي عامة والصعلوك خاصة بحتمية الموت واعتبره أفضل من حال الخصاصة. ونورد في هذا السياق بيتا يظهر كراهة عروة الفقر باعتباره عائقا أمامه في إشباع شهوة نفسه في إكرام الجياع:
فَلَلْمَوْتُ خَيْــــرً لِلْفَتَى مِنْ حَيَاتِهِ
فَقِيرًا وَمِنْ مَوْلَى تَدِبُّ عَقَـارِبُهُ.
ويضيف كذلك:
لَبُوسُ ثِيَابِ اْلمَوْتِ حَتَّى إلَى الذِي
يُوَائِمُ إمَّا سَائِـــــــمٌ أَوْ مُصَارِعُ.
ويضيف قائلا ليعبّر عن قيمة الإيثار:
وَأَقْسِمُ جِسْمِي فِي جُسُومٍ كَثِيرَةٍ
وَأَحْسُو قَرَاحَ المَــــاءِ؛وَالْمَاءُ باردٌ.
ويكتسب الموت معنى رمزيا في شعر عروة كأن يتجسّد في حيف القبيلة وبُخْلَ الأغنياء.فلذلك ارتبط ذكر الموت في الصعلكة من حيث هي فعل في الحياة وتحدّ لهيبة الموت ووطأته.ولعل الخلع الذي تمارسه القبيلة على الصعلوك أقسى أنواع الموت لأنّ القبيلة تدفع المخلوع إلى متاهة الانبتات والاغتراب والضياع.
II- دراسة للنظام المعجمي
من خلال الديوان
أ- تجليات الصعلكة من خلال معجم التواصل والحوارية:
تتواتر في نصوص الشاعـر رغم تنوع مواضيعها عبارات ترتبط بأفعال القول وتؤسس خطابا حواريا يقوم على مخاطِبٍ ومُخاطَبٍ ورسالةٍ عادة ما تكون موضوع الحوار الذي ينعقد جوله الخطابُ. ويحضر الحوار خاصة في المطوّلات وكأنّه تقنية يستعيض بها الشاعر عن حالة القطيعة مع الآخر وعن كلّ صنوف المنع،فيستردّ حقّا سليبا لأنّ الشعر فنّ ينقلب فيه الممنوع مباحا والمفقود موجودا. ويرى حازم القرطاجني في منهاجه أنّ الشعر فعلٌ مخيّلٌ «البعيــــــدُ يضحي قريبا؛ والمحال ممكنا»(19) ,وبالتالي كانت القصيدة عند عروة فضاء مفتوحا يسمح لجميع الآراء والأطروحات أن تبرز، ويفسح لها المجال واسعا لتعبر عن نفسها بحرية ودون وصاية أو توجيه أو رقابة بما يساهم في تقليص ميدان سوء الفهم. إذ يقول بول ريكور مؤكدا البنية الحوارية للخطاب «تبدو وكأنها طريقة في التعدّي على العزلة العميقة المضروبة على أيّ وجود إنسانيّ في التغلّب عليها(…) عبر نقل التجربة المعيشية كما عيشت وتقليص ميدان سوء الفهـــم»(20)
فلم يكن الحوار في قصائد ابن الورد حلية كلامية توشّح الكلام وتثقل كاهل النص بقدر ما اضطلع بوظيفة إنشائية. وهو مساحة نصية غنية وردّ فعل كلامي على صمت الأشحّاء وصرخة مدوية في وجه القبيلة القامعة. وعليه كانت الحوارية من وجوه الطرافة في القصيدة الصعلوكية فحقق الحوار أهدافا منها اقترابها بالنص إلى الواقعية.لذلك أوغلت بالقصيدة في صميم الواقع، فبأوجاع المرء وبتناقضات مشاعر الصعلوك نهضت وبرؤاه الوجودية نطقت؛فكشفت لنا عن هواجس اعتملت في نفس عروة بن الورد وعرّفت تعريفا مستوفى بهوية الصعلوك. ونزع الحوار منزعا إقناعيا قوامــه الحجاج والاستدلال على وجاهة مذهب الشاعــر ومقارعة خصومه بالحجج لإقناعهم ولتبرير أفعاله العنيفة سواء في إغارته أو سلبه وفتكه بأعدائه.ولعله من المستطرف في بنية الحوار الشعري هاهنا أنّه يتأرجح بين مخاطباتٍ لها وجه ظاهر وآخر باطن؛ فمهما تغيرت الأطراف المتحاورة فإننا نلفي عروة يمسك بزمام الكلام ويذود عن حماه بالكلمة عندما ينازل أعداءه ويصرع خصومه بالحجّة.ويمكنه الحوار من إشفاء غليله فيظهر نفسه شجاعا متمرسا بفنون النزال في ساحة الوغى وكريما في مجالس الندمان الأشحاء لقوله:
وَإِذَا قِيلَ يَا ابْنَ الوَرْدِ أَقْدِمْ إلَى الوَغَى
أَجَبْتُ فَلَاقَانِي كَمِيٌّ مُصَارِعُ
فَأَتْرُكُهُ فِي القَـــاعِ رَهْــــــــنًا بِبَلْــــدَةٍ
َعَاوَرَهُ فِيهَـا الضِّبَاعُ الخَوَامِعُ.
وإن سئل عن الوجهة التي إليها يرتحل؛أجاب سائله بأنها الفجاج العريضة:
وَسَائِلَـــــةٍ أَيْنَ الرَّحِيلُ وَسَائِلٍ
وَمَنْ يَسْأَلِ الصُّعْلُوكَ أَيْنَ مَذَاهِبُهُ.
ويبدي وفاء بالوعود والعهود حتى يظهر مروءته عندما يمتحن.ويورد أبو الفرج الاصفهاني في كتاب الأغاني وصفا فيه مديح من زوجته أمّ وهب إذ تقول عنه: «والله إنّك – ما علمت – لَضَحُــــوكٌ مُقْبِلاً؛كَسُــــوبٌ مُدْبِرًا؛ خيف على متن الفراش؛ثقيل على ظهر العدوِّ؛ طويل العماد كثير الرّماد؛راضي الأهل والجانبِ»(21). ويرسم الحوار صورة صعلوك نموذجي عندما نلفيه يتقفّى ظلال أماكن بعيدة متخيلة ينعدم فيها جور الأهل ولا يشقى فيها جائع. فيبتعد عن الأذى ويفرّ من البغضاء.ولئن اختفى الآخر في التخاطب فإنّه يحضر في صورة باهتة.
ب- تجليات الصعلكة من خلال معجمي الزمان والمكان:
تتيح لنا قراءة مطوّلات عروة خاصة فرصة نعاين من خلالها حضور الخطاب القصصي الذي صيغ صياغة شعرية؛فأنشأ قصة فنية يسرد فيها أحداثا تحققت في أماكن معينة وفي أزمنة دقيقة الصلة بالصعلكة.ففي قصيدته الرائية «سقوني خمرا ثم تكنفوني» حضر معجم المكان والزمان ليؤثث المجلس الخمري. وهكذا شذّ المجلس عن الأماكن المألوفة كالفجاج أو حِمى القبيلة أو ساحات الوغى. وفيه يظهر تحليه بصفات البذل والشهامة. فإن تغيّر المكان لا يفقده صورة الفتى-الصعلوك المثالي. وقد تلوّنت الأمكنة بصبغة ذاتية وطوّع المكان إلى رغباته الدفينة ورسم على مكوّناته ملامح من شخصيته الثائرة والمتمرّدة والمتفرّدةِ؛ فالشعر آلته ليخلق مكانا بديلا والشاعر «يصنع بالكلمات ما يصنع معبرا عمّا يريد؛ إنّه يخلق كونه الشعريَّ»(22).
وإذا تأمّلنا معجم الزمان أو المكان في أشعار عروة ندرك نزوعه إلى القصص، فينحو بنا مناحٍ فنية ترتبط بدراسة الإشارات المكانية والقرائن الزمانية.وقد أشار مبروك المناعي إلى أنّ الصحراء القاسية المجدبة أملت على الجاهليين سلوك الانتجاع والرحلة بحثا عن الظّفر بأسباب التّموّلِ.فللصعاليك طريقتهم من خلال الإغارة وكانت الصحراء مجالا للمغامرة «وكأنّ هذا رهان الانتقال يفرضه الفتى على نفسه أو برهانا يقدّمه وحجةً يدلّل بها على فتوّته واكتمال رجولته وقوّته وشجاعته..لكأنه امتحانٌ يجتازه ليعطي لحياته معنى ويثبت شرعية وجوده في مجتمع حياته صعبة… في حاجة ماسّة حتى يتغلب على صعوباتِ الإطار الجغرافي الجافي….فلقد كان الإنسانُ قلقًـا برمًــا لأنّ المكان كان مقلقا جافيا، فلعلّ العرب كانوا كالنّائمِ على فراشٍ خشِنٍ يكثر تقلّبه ولا يجد الرّاحة حيثما تقلّبَ»(23). وعقد عبد الحليم حفني بابا من كتابه شعر الصعاليك بحث فيه أمر الطابع القصصي الشعري وانتهى إلى القول: «إن الدارس لشعر الصعاليك لا يشكّ في أنّ الذين أسسوا القصّة في الشعر العربي بل والذين وصلوا إلى مستوى القصة الشعرية الكاملة بمفهومها الفنيّ في شعرهم هم الصعاليك»(24)
ب- 1- تجليات الصعلكة من خلال معجم المكان:
جاءت الأمكنة في شعر عروة مصبوغة بطابع الذّاتيةِ؛ ذاتٍ متضخّمةٍ مزهوّةٍ تسعى إلى إثبات قوّتها وقدرتها على الفعل المشوبِ بالمخاطرِ.وقد ساهم الفخر في إظهار هذا البعدِ؛إنّ ابن الورد قهــر المكان وتملّكه وطوّعه.ووازن بينها، فاستحسَــن الفجاجَ ووصفها بأنها «بلاد الأجناءِ والمتصيّد» وتعلّق بساحات الوغى لأنها مجال المغامرة والغِنَى. ويكون في المقابل المكان قبيحا مذموما عنده إذا كشف حالة العُدْمِ والفقر ويتعلّق به الصعاليك المتقاعسون الذين يعتبرونه «مُسْتَراحًــــا» لقوله:
خَـــاطِرْ بِنَفْسِكَ كَيْ تُصِيبَ غنيمَةً
إنّ القُعُـــودَ مَعَ العِيَــــالِ قَبِيحُ.
ومن الإشارات الدائرة في الحقل المعجمي نفسه متصوّر الفجاج التي بدت قرينة مكانية لها صلة وعِلاْقَةٌ بتجربة عروة في الصعلكة حيث يقول في قصيدته «من يسأل الصعلوك؟»:
وسائلة أين الرحيـــلُ وسائـــلٍ
ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه
مذاهبه أنّ الفجـــــــاجَ عريضةٌ
إذا ضنّ عنه بالفعـــال أقاربــــــــهُ.
فالفجاج هي المكان البديل لحمى القبيلة.وهو متّسعٌ رحبٌ ومثالي لأنه ملاذٌ آمن يكفيه غائلة السغبِ والاكتفاءِ. ولعلّ النظر في الدلالات الحافة بالمادة اللغوية(ف،ج،ج) من خلال لسان العرب نجد معانٍي منها الوعورة والانفصال والقطيعةُ.فالفجُّ في اللسان هو الطريق الواسعُ بين جبلين وقيل أنه أوسع من الشعب.وكذلك هو المضرب البعيد، وقال ثعلب: هو ما انخفض من الطرق وجمعه فجاجٌ لقوله تعالى «من كلّ فجٍّ عميق»(25)
ومما سبق ندرك أنّ الفجّ مكان يتساوق وتجربة الصعلكة لإحالته على معنى التباعد والإبعادِ القسري. فعروة يسعى إلى أن يباعد بينه وبين الأشحّاء الذين ضنّوا عنه بالمال فيرحل بحثا عن مكان بديل؛فهل الصعلكة ليست إلاّ قطيعة مادية في المكان أم هي قطيعة نفسية؟
تتنوّع الأمكنة وتلتقي كلّها في الإبانة عن رغبة الشاعر القوية في النّأيِ بنفسه والبحث عن مكانٍ جديدٍ تسوده قيمُ التّآخي والتّعاون والكرمِ.وأضاف الشاعر على هذه الأمكنة صفاتٍ ايجابية.
المكان المنشود
الصفات
. الفجاج
عريضةٌ
. بيت الجارة
يستر البيت جانبه
. بيت عروة
متّكأ أمّ وهبٍ؛ كتيت (صوت القدر+الشبع)
.منزل جارنا
يكسب من عطايا عروة: فإنّ حميتنا أبدا حرام
.ساحة القتال
شاهدة على شجاعته ووقاره وجلده.
.الكنيف
يستر الضعفاء،منال الغنى،مستراح الأصدقاء.
.بلاد الأجناء
الوفرة،الغنيمة.
. المجلس الخمري
اللهو بآنسة،الخمرة.
ومهما يكن من أمر فإنّ «الأمكنة أشبهُ بنوافذ نطلّ من خلالها على الواقع الذي يعيشه الشاعرُ»(26)؛وقد خضعت إلى ضرب من التعميم في مواطن من الديوان ثم كذلك خصّص ابن الورد بعضًا منها. ونسوق في الجدول الموالي أمثلة ممّا أشرنا إليه.
الأمكنة
الأبيات الشعرية
. بلاد الله
فسِرْ في بلاد الله والتمس الغنى
تعشْ ذا يسارٍ أو تموت فتعذرا
. الفجاج
مذاهبه أنّ الفجاج عريضــــــــةٌ
اذا ضنّ عنه بالفعال أقاربـــه.
. المرابئ
إذا ما هبطنا منهلا في مخوفةٍ
بعثنا ربيئا في المرابئ كالجذل.
. الوغى
مطلاّ على أعدائه يزجرونه
بساحتهم زجر المنيح المشهر
.المستراح
تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم
إلى مستراحٍ من حمام مبرح.
ولمّا كانت هذه الأمكنة تتصف بالانفصالِ عن القبيلة فإنّا نلفي الشاعر قد ذكر صنفا آخر من الأمكنة تظهر لنا اقترابه من حمى القبيلة ويصف فيها أعماله بين أقاربه وهو الحيّ بأجزائه من قبيل بيت الجارة وساحة الدّار وبين القِدْرِ والمجزر .. ولعلّ هذه الأماكن الفرعية المتّصلة بالمكان الأصل؛الحيّ كانت مجالا مهمّا لإظهار مفاخره ومناقبه بين قرنائه ممن أوجعهم الجوع وقد جعلها شاهدة على تفرّده من جهة ثانية. وقد نهضت الأمكنة بوظائف متعدّدة منها الوظيفة الأخلاقية ففي وصفه لعفّته كان بيت الجارة مجالا لذلك.أمّا وظيفة المجلس الخمري فهي تتصل بقيمة الفخر وروح البذل والوفاء بالعهد. وعليه فإنّه أضاء بذكره الأمكنة جوانب من شخصيته.والمدار كلّه يرتدّ إلى وظيفة الأبوّةِ حيث كان أبًــــا خلوقًــا،حصيفًـــا، يحسن توجيه الصّعاليك أنّى حلّ. وبهذا تكون الأمكنة في شعر عروة: «أشْبَـــــهَ بنوافِذَ نطلُّ من خلالها على الواقع العيني الذي يعيشه الشاعر»(27).
ونرى أنّ النزعة التوجيهية التي تحضر طيّ معجم المكان في أشعار عروة فتتجلّى في:
– إغرائه أصحاب الكنيف بضرورة الغزو.
– ذمّــــــــه الصعاليك المتقاعسين.
– تمجيد الذّات ونحت أنموذج القدوة.
– الحوار وحسن المجادلة مع الزوجة ليقنع بأنّ قيمة الفتوّة مرتهنة بالبذل.ونتساءل هنا قائلين إلى أيّ حدّ كان شعره وفيّا في تصوير التقابل بين صوت الذّات والآخر؟
ب- 2- تجليات الصعلكة من خلال معجم الزّمان:
لا يخفى عن نظر الدّارس المتأنّي حقيقة مفادها حضور الزمان في أشعار الجاهليين. والصعاليكُ حيث أدركوا ضعف الإنسان أمام قوّة الدّهر القاهرة. وذكروا الصراع الأبديّ بين الإنسان وصروف الزّمان؛ يقول وهب أحمد رومية مؤكّدًا حدّة الصراع المأساوي ووعي الجاهلي بوطأة الزمن: «إنّ الشاعر القديم مُولعٌ بفكرة الدّهر مؤرّقٌ بها؛ تُشَــــاغِلُ عقله وضميره أبدا»(28). وقد تمثّل عروة هذه الحقيقة فسعى إلى الفعل، فعلى قدر حدّة الزمان كان الفعل عنيفًا تتمثّل في الغارات.وقد رصد في شعره لحظتين زمنيتين متقابلتين:
– لحظة زمنية أولى فيها صورة فقيــــرٍ حقِيـــــرٍ.
– لحظة ثانية مناقضة: غنــــيّ وسيّد كريـــــــــم.
ويرتبط عنصر الزمان بالتّحوّل من طور الفقر إلى طور الغنى أو سدّ الافتقار فتكون المبالغة في الإكرام وفي هذا السياق يقول عروة بن الورد مخاطبا زوجته:
دعيني أطوف بالبلادِ لعلّني
أفيد غِنًى فيه لذي الحقِّ محمل.
وبذلك يكون إدراكه للزّمان مخصوصًا،لخضوعه إلى ثنائية الفقر والغنى؛ «الزمن في الشعر إحساسٌ وشعورٌ أكثر منه ساعات تعدُّ وتحسبُ»(29). فيغدو الزمان عند الشاعر الصعلوكِ قرينا للهمومِ والمواجعِ والأشواق وخاصة إطار الليل الذي أكسبه معنى جديدا ليجعله معطى يساعد على الفعل المغامرِ لأنه يساعد على التّستّر والتّخفي في جنحه. وتبيّنا عند تأمّلنا للإشارات الزمنية في شعر ابن الورد أن الزمن متّصلٌ بالحدثِ.وقد أثبت عابد الجابري سمة التّداخل بين الزمان والمكان والحدث في اللغة العربية بقوله: «نخلص …. إلى أنّ الزمن في الحقل الدّلالي الذي تحتفظ به اللغة العربيّة هو زمنٌ مُنْدَمِجٌ في الحدث، بمعنى أنه يتجدّد بوقائع حياة الإنسان؛ ومن هنا التّداخل بين الزمان والمكان والحدثِ»(30) .
وفي ذات السياق الذي يربط الزمان بالفعل؛نقرأ في لسان العرب مادة زمن ما يلي إذ يقول ابن منظور: «الزمان اسم لقليل من الوقت أو كثيره؛وأزمن بالمكان:أقام به»(31).وإن تعدّدت المفردات الدالة على الزمن في اللغة العربية فإنها لا تثبت تصوّرًا مجردا للزمان بوصفه إطارا للحوادث مستقلاّ عنها بقدر ما تقف عند حدود تصوّر يربط الزمان بالمتزمّن فيه أي بالحدث. وهكذا يكون حدث الإغارة أو الإعالة هو المتزمّن في شعر عروة وهو الحدث الأهمّ. ومن القرائن الزمانية في شعره يذكر متصوّر الدّهر بقوله:
ولا يستضيم الدهر جاري ولا أرى
كمن بات تسري للصديق عقاربه.
وأمّا الليل فهو إطـــار رغم سواده وأثره في إخفاء حدث السلب بالنسبة إلى الصعلوك فإنه يشهد على إيثار الشاعر ويصبح إطارا وظيفيا لأنه يسع حدث الكرم.ونورد في ما يلي أبياتا من الديوان تؤكّد ما ذكرنا:
1- تبيت على المرافق أمّ وهبٍ
وقد نام العيـــــــــــــون لها كتيت
2- وقالوا ما تشاء؟ فقلت ألهــو
إلـى الإصبـاح آثــــــــــــر ذي أثير
3- لحى الله صعلوكا إذا جنّ ليله
مصافي المشاش آلفا كلّ مخزي.
4- يريح على الليل أضياف ماجد
كريم ومالي سارحا مآل مقتـــــــر.
5- وقد أتيتكم بليل دامِـــــــــسٍ
وقــدْ أتيتُ سَرَاتِكُـــــمْ بِنَهَــــــــــارِ.(32)
ولعلنا لا نجانب الصواب في شيء إن قلنا إنّ أهم لحظة زمنية في القصيدة الصعلوكية هي لحظة النّزال وتعقبها لحظة الظّفر تعبيرا عن زمن الوفرة لقوله:
هلاّ سألت بني عيــــلان كلهم
عند السنين إذا ما هبّت الرّيحُ.
فللزمن تصاريف ووجوهٌ شتى وكلها على صلة بمعنى المغامرة والإغارة؛وحياة الشاعر موزّعة بين طورين: طور فقر وخصاصة وطور غنى ووفرة،فإن انكسر في لحظات العدم فإنه يعيد ترميم ذاته وعلو منزلته بأن يطعم الجياعَ ليهنأ ويَسْعَـــدَ؛فشحوبه دليل على أنّه يكرّس كل لحظات حياته ليسدّ خلّة الآخرينَ وورد في هذا المعنى هذا البيت الذي بقول فيه:
أتهْـــــزَأُ منّي أن سمنت وأن ترى
بجسمي شحوبَ الحقِّ والحقُّ جاهدُ.
وقد أخرج عروة الليل من وحشته وظلمته وأضاف إليه معنى جديدًا؛ فجعله تلك المناسبة التي تشهد بكرمه ساعـــةَ يُشْرِقُ وجههُ فيضيء عتمةً ويبدّد شكوى المحتاجين الذين يطرقون باب بيته :
سَـــــلِي الطّارق المعتر يا أمّ مالكٍ إذا ما أتاني بين قِدْرِى ومجزري.
أيسفِــــرُ وجهي إنّه أوّل القِـــــــــرى وأبذل معروفـــــي له دون منكري.
فاللَّيْـــلُ عنصرٌ شعري يشهد على سماحة الصعلوك لأنّ تمام القِـــرى عنده أن يهشّ للطارق ويحسن وِِفَادة السائل بحسن استقباله و طيب رِفادته. وبالتالي كان الليل علامة فارقة على بطولته. ففي تجاويفه تطلّ علينا صورة الأنا المقتدرة: أنا تقري الطارق وتغير على الأعداء.وإذّاك لم يكن مجرّد إطار للفتك والسلب بالإغارة بل انقلب إلى فضاء للبذل. ونخلص بالتالي إلى القول إنّ الصعلكة ليست تحلّلا من كلّ قيد بل هي رؤية فردية صادرة عن ذات قلقة متوجّسة.وهي ليست حركة عدوانية تتستّر بظلام الليل للسّلب وجمع الغنائم بقدر ما كانت حركة تبحث عن عدالة مفقودة ؛ يقول كمال أبو ديب: «نص الصعلكة تحديدا هو نص الأنا لكنها أنا قلقةٌ… ومصدر القلق هو بحْثٌ عن مُسْتَقَـــــرٍّ صَعْــبٍ»(33) .
وتجدر الإشارة إلى أنّ الشاعر قد وظّف الزمان ليصوّر حياة متقلّبة بين عنف وعنف آخر: عنف مع الآخر يتجلّّى في الإغارة، وعنف ضدّ النفس في الإقبال على المتعة بإشباع حاجة في النفس.فكلّ اللحظاتِ من حياة الصعلوك مشدودة إلى الغُنْمِ. فعروة يطوّع اللحظات الزمنية لإرادته ورغباته؛ فيهجر الرّقادَ ليبادر الأعداءَ وإن بعدُوا.وكأننا نقترب من ولادة زمن مطلق لا سيما أنّ ميقات الغزو مستمرّ أبدا مباغت فأخرج الليل من لبوسه الأسطوري؛ليل الأهوال ليضحى تابعا طوع إرادته لأنّ الشعر مجال ييسّر للمبدع أن يعيد صياغة الواقع؛ فلكل شاعر «باب مفرد متميز فقد يكون المشبه بالشمس في العلوّ والنباهة والنفع والجلالة أسود وقد يكون منير الأفعال كمد اللون واضح الأخلاق كاسف المنظر»(34).
ج- تجليات الصعلكة من خلال معجم التّموّل
يتبيّن المتأمّل لأشعار ابن الورد بيسرٍ سعْيـــــهُ الدّؤوب وراء المال بطريقة عنيفة. وبكسبه يحسن إلى المعوزين ويعاقب الأغنياءَ الأشحّاء. لذلك تتواتر صورٌ شتّى تؤكّد ما قلنا إذ يقول:
فسِــــرْ في بلادِ اللهِ والتمسِ الغِنَى تعشْ ذا يسارٍ أو تموت فتعذرا.
ونقرأ في كتاب الأغاني لأبي الفرج الاصفهاني خبرا يقرّ فيه عبد الملك بن مروان بكرم عروة، قال عبد الملك «من زعم أنّ حاتما أسمح النّاس فقد ظلم عروة بن الورد»(35)
فللمال جاذبية مزدوجة عند الصعاليك تتحقّق لحظة جمعه غصْبًـــــا ثم لحظة بذْلِـــهِ وتوزيعهِ، فالصعلوك النموذجي يتحوّل من فقير حقير إلى غنيّ وسيّــــدٍ كريــــــمٍٍ فيجرّب متعة العطاءِ والبذل والإيثار رغم الخصاصة؛ إنّه لا يغتني حتى يفتقر وإذا افتقــر لم يدم غناهُ. ونلفي صورة تتردّد في أشعاره؛ صورة السّاعي إلى الغنى أبدا والفقير دائما لأنّه بذل المال.ويذهب مبروك مناعي في أطروحته الشعر والمال إلى أنّ هذا الموقف من المال على صلة بالموقف البدويِّ في المال وامتداد عنيف له.فهو لا يدّخر المال ولا يقسّم النفقات على سلّم زمني شأنه في ذلك شأن عموم البدو؛ماله للفقير في يده ومال غيره له في يد صاحبه»(36). وتشدّ الصعلكة إلى المجتمع البدوي بصلات منها إنفاق المال وكرم الضيافة لقول عروة:
قد علمت سليمى أنّ رأيي
ورأي البخــــــل مختلف شتيت.
فهو يتباهى بإتــــلافِه للمال عندما يبذله لإطعام المحتاجين؛ ولعل ما يفرق بينه وبين الآخرين هو كيفية التماس المال وفي عنف الوسائل ثم في سرعة إباحة المال المكتسب وفي عنف الجود به.فالغزو وسيلة للكسب والتحصيل، وكأنّ السلوك المفرط في إنفاقه يعبّر عن ردّ فعلٍ مشطٍّ إزاء الفردية والبخل.إنه يبني أنموذجا مكتملا من خصائصه التّكافل والتّآزر. فهل الصعلكة ليست سوى حركة احتجاج ضدّ الشحّ والتّحوّل عن قيمة الكرم؟ وتظلّ بذلك متمسّكة بنمط «اقتصاد الغزو».
ومن المظاهر الدالة على الكرم العنيف:تهويل الذّبائح وإعظام القدور وكثرة الآكلين. ثم إنّ الصعلوك يؤثر أن يُطْعِم – وبه خصاصةٌ – الجائعينَ من مـــــالٍ ضئيـــلٍ فينال حمدًا لا يناله الغنّيُ:
فراشي فراش الضيف والبيت بيته
ولم يلهني عنه غزالٌ مقنع.
وينأى عن الذمّ بالكرم، فالمال محمودٌ عنده إن أمسى متلفا لا مورّثا:
وذي أمل يرجو تراثي وإن ما يصير له منه غدا لقليل.
ويطمح الشاعر الكريم إلى الإفلات من حتمية الموت ويتوق إلى الخلود عبر الذكر؛وليس بالجمع والمنع.وعندما يحتفي عروة بالكرم يقاوم النسيان والموت.فحفظ المال هو الخسران عينه،وفي هذا السياق يقول عروة:
أحاديث تبقى والفتى غير خالد إذا أمسى هامة فوق صير.
وخلاصة القول إن معنى التّموّل هو المعنى الأهمّ في القصيدة الصعلوكية حيث اقترن ذكر المال ببعد أخلاقي مجسّدا الكرم؛ورغم كون الوسيلة لكسبه كانت عنيفة فإنها توازي رغبة عنيفة في نفس عروة هي بذله.ولم يخـــلُ ذكر المال في أشعار الصعاليك من سمة الفخـــرِ بالذاتِ ومحاولة أسْطرَتِها.
3- الخاتمة
إنّ قراءة متأنّية لأشعار الصعاليك تتيح لنا الظفر بأنّ القصيدة الصعلوكية نهضت على معنى مخصوص أساسه المــال وعمدته البذل والإيثار. وبذلك تتخطى الصعلكة دلالة الاستهجان والابتذال. فهي تجاوز لقيم المنع وبحث عن مجال أرحب. وكان معنى الأبوّة أهمّ مدارات القول الشعري في ديوان عروة بن الورد.وعن هذا الأصل توالدت معان فرعية فكانت أبوّة ابن الورد أشبه بدائرة كبرى تختزل كلّ المعاجم في علاقة جدلية قوامها الانفصال والاتّصال.فهي قطب الرّحى للقصيدة الصعلوكية باعتبارها بنية متكاملة لا يمكن الفصل بين معاجمها وتصنيفها.وكلّ معنى نلفيه يعيد إنتاج معنى الكسب والكرمِ.ولتعدد المعاجم أمارة على غنى القصيدة. قصيدة تعددت الأصوات داخلها لتكون خطابا ومطيّةً يستردّ بواسطته ما سلبته القبيلةُ. وقد احتفى عروة بالمال وجعله مناط الكلام؛ فالصعلكة عنده ليست سوى «لسان وسيف صارم ورأي صروع لآراء الرجال».
فإلى أيّ مدى كانت القصيدة الصعلوكية قادرة على الاستمرارية بعد ظهور الإسلام باعتباره دينا جديدا أعاد صياغة نظرة الإنسان للمال وسيّج طرائق كسبه وإنفاقه؟ وهل أثّرت أشعار عروة في النّصوص الإسلامية؟.
الهوامش مرتّبة حسب تواترها في الدّراسة
– المصـــــدر:
. ديوان الصعاليك، شرح الدكتور يوسف شكري فرحات؛ دار الجيل؛ بيروت،ط1. (د.ت)
– المراجــــع:
1-ابن رشيق القيرواني: العمدة في محاسن الشعر ونقده؛ قدّم له وشرحه وفهرسه صلاح الدين الهواري وهدى عودة؛ دار ومكتبة الهلال؛ الجزء الأوّل؛ الطبعة الأولى؛ 1996 .
2- مبروك المناعي:
.الشعــــر والمال؛ أطروحــة دكتـــوراه؛ مركـــز النّشر الجامعيّ- تونس.
3-حفني عبد الحليم:
.شعر الصعاليك؛ منهجه وخصائصه- الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ ط1 – سنة 1987
4-ابــــن منظـــــــور:
.لسانُ العرب؛ دار إحياء التراث العربي، بيروت؛ ط1 سنة 1988.
5- ضيف شوقي:
.تاريخ الأدب العربي؛ العصر الجاهلي؛ طبعة دار المعارف، القاهرة،1986.
– Encyclopaedia de l’islam;Lei den Brill ;tome IX ;1998
6- الهمذاني أبو الفضل أحمد بن حسين:مقامات بديع الزّمان؛شرح وتأليف محمد محي الدين عبد الحميد- دار الكتب العلميّة- بيروت،لبنان- طبعة2
7- عمارة إخلاص فخـــري:الشعر الجاهليّ بين القبيلة والذّاتية؛مكتبة الآداب- الطبعة 1- سنة 1991
8-أبو ديب كمال:
.الرؤى المقنّعــــــــــةُ؛نحو منهج بنيويّ في دراسة الشعر الجاهلي؛الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ط1/1986.
9- خفاجي محمد عبد المنعم:
.دراسات في الأدب الجاهلي والإسلامي؛دار الجيل- بيروت؛ط1- 1992.
10- المناعي مبروك:
.الشعر والمال ؛أطروحة دكتوراه؛منشورات مركز النشر الجامعي- تونس.
.المفضّليات؛دراسة في عيون الشعر العربي القديم،دار اليمامة-تونس؛ ط1، 1991
11- خليف يوسف:الشعراء الصعاليك في الشعر الجاهلي؛مكتبة غريب/(د.ت).
12-مروة محمد رضا:
.الصعاليك في العصر الجاهلي؛ أخبارهم وأشعارهم؛ دار الكتب العلمية –بيروت-لبنان، ط 1 /1990
13- القرطاجني حازم:
.منهاج البلغاء وسراج الأدباء؛ تحقيق الحبيب بلخوجة-دار الغرب الإسلامي؛ بيروت؛ لبنان ،1981. ط2.
14- ريكور بول:
.نظرية التأويل وفائض المعنى- ترجمة سعيد الغانمي؛ المركز الثقافي العربي؛ ط1- سنة 2003
15- زيدي توفيق:
.عمود الشعر؛في قراءة السنّة الشعرية عند العرب.دار قرطاج للنشر والتوزيع- طبعة منقّحة؛تونس-2002
16- نظيــــف رشيـــــــــد:
.الفضاء المتخيّل في الشعر الجاهلي؛ شركة النشر والتوزيع؛ط1- سنة 2000 .
17- رومية أحمد وهب:
.شعرنا القديم والنقد الجديد؛سلسلة عالم المعرفة عدد 207/ مارس؛ 1996
18- الدكتور الجابري عابد:
.بنية العقل العربي؛ دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية،مركز دراسات الوحدة العربية،ط2؛نوفمبر/1987.
19- القاضي الجرجاني علي بن عبد العزيز:
.الوساطة بين المتنبّي وخصومه؛ تحقيق وشرح محمد أبو الفضل وعلي محمد البجاوي- منشورات المكتبة العصرية.
20- الاصفهاني أبو الفرج:
.الأغاني؛ الجزء الثاني؛ دار التوجيه اللبناني، بيروت؛ .[د.ت].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
يُرجى – للتواصل-على العنوان التالي، سواء توجيه الملاحظات أو للتصويب والتعديل ولكم الشكر سلفا.
الناصر بن عمار بن حامد ظاهري
العنوان البريدي: فضاء الأفق للإعلامية؛ المكناسي- ص ب:9140.
الجمهورية التونسية.
العنوان الالكتروني:dahrinaceur2009.@.Yahoo.fr.
الهاتف:22693513
1 – أستاذ تعليم ثانوي؛ وطالب جامعي / المرحلة الثالثة ، بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس؛وحدة الأدب القديم.
2 – ابن رشيق القيرواني: العمدة في محاسن الشعر ونقده؛ قدّم له وشرحه وفهرسه صلاح الدين الهواري وهدى عودة؛ دار ومكتبة الهلال؛ الجزء الأوّل؛الطبعة الأولى؛ 1996، ص41.
3 – مبروك المنّاعي: الشعر والمال؛ أطروحة دكتوراة؛ مركز النّشر الجامعيّ-تونس، ص94.
4 – ديوان الصّعاليك؛ شرح د.يوسف شكري فرحات؛ دار الجيل؛ الطبعة الأولى، بيروت.[د.ت]
5 – حفني عبدالحليم: شعر الصعاليك؛ منهجه وخصائصه- الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ط1 – سنة 1987 ،ص85.
ومن المفيد لنا أن نشير إلى ظهور دراسات رصينة وإن قلّت؛ تناولت مبحث الصعلكة منها دراسة لكمال أبو ديب في كتابه الرؤى المقنّعة.
6 – ابــــن منظــــــــــور: لسانُ العرب؛ دار إحياء التراث العربي، بيروت؛ ط1 سنة 1988 – جزء7.ص350.
7 – ضيف شوقي: تاريخ الأدب العربي؛ العصر الجاهلي؛ طبعة دار المعارف، القاهرة-الفصل 11 – الباب2- ص365.
8 -Encyclopédie de l’islam : « un nom verbal derivé de la racine suluk « voyager ou suivre un chemin » .Selon le texte ;le contexte ?Les connatations du terme dans la littérature islamique comprennent les idées « progression » ; « habitude » ; « méthode» ; «comportement »,EI ;Leiden Brill ;tome IX ;1998 ;P897 ,
9 – Encyclopédie de l’islam ;P899 .
10 – الهمذاني أبو الفضل أحمد بن حسين: مقامات بديع الزّمان؛ شرح وتأليف محمد محي الدين عبدالحميد- دار الكتب العلميّة- بيروت،لبنان-طبعة2-
11 – انظر الديوان؛ قصيدة عروة بن الورد تحت عنوان:الحقّ مطلبه جميل.
12 – الديوان؛ انظر قصيدة أقلّي اللّوم ثمّ قصيدة أصحاب الكنيف ومنها قوله:
ألا إنّ أصحاب الكنيف وجدتهم كما النّاس أخصبوا وتموّلوا.
13 – عمارة إخلاص فخـــري: الشعر الجاهليّ بين القبيلة والذّاتية؛ مكتبة الآداب- الطبعة 1- سنة 1991 ،ص 201.
14 – أبو ديب كمال:الرؤى المقنّعــــــــــةُ؛ نحو منهج بنيويّ في دراسة الشعر الجاهلي؛الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ص582.
15 – خفاجي محمد عبد المنعم:دراسات في الأدب الجاهلي والإسلامي؛ دار الجيل- بيروت؛ط1- 1992؛ص176.
16 – المناعي مبروك:الشعر والمال؛باب سبل التموّل؛ أطروحة دكتوراه؛ منشورات مركز النشر الجامعي- تونس- ص434.
17 – خليف يوسف: الشعراء الصعاليك في الشعر الجاهلي؛ ص339.
18 – مروة محمد رضا:الصعاليك في العصر الجاهلي؛أخبارهم وأشعارهم؛ دار الكتب العلمية –بيروت-لبنان،ط 1 /1990؛ص3.
19 – القرطاجني حازم: منهاج البلغاء وسراج الأدباء؛تحقيق الحبيب بلخوجة- دار الغرب الإسلامي؛ط4-ص293.
20 – ريكور بول: نظرية التأويل وفائض المعنى- ترجمة سعيد الغانمي؛ المركز الثقافي العربي؛ط1-سنة2003،ص43.
21 – الاصفهاني أبو الفرج:الأغاني؛ انظر خبر منادمة عروة بن الورد ووعده بعتق سلمى أمّ وهبٍ-الجزء الثاني؛ص192.
22 – زيدي توفيق:عمود الشعر؛في قراءة السنّة الشعرية عند العرب. دار قرطاج للنشر والتوزيع- طبعة منقّحة؛تونس-2002.ص32.
23 – منـــاعي مبروك:المفضليات؛دراسة في عيون الشعر العربي القديم، دار اليمامة- تونس ؛ ط1، 1991- ص 138.
24 – حفني عبد الحليم:شعر الصعاليك- ص 410.
25 – ابن منظور: لســـــان العــــــرب؛ دار صادر- بيروت؛ الجزء الثاني ؛ مادة فجج –ص 338،339.
26 – نظيــــف رشيـــــــــد: الفضاء المتخيّل في الشعر الجاهلي؛ شركة النشر والتوزيع؛ط1- سنة 2000؛ ص 2.
27 – نظيــــف رشيـــــــــد: الفضاء المتخيّل في الشعر الجاهلي؛ شركة النشر والتوزيع؛ط1- سنة 2000؛ ص 2.
28 – رومية أحمد وهب : شعرنا القديم والنقد الجديد؛ سلسلة عالم المعرفة عدد 207/ مارس؛ 1996.ص 392.
29 – نفســــــــــــــــه؛ص 392.
30 – الدكتور الجابري عابد: بنية العقل العربي؛دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية،ط2؛نوفمبر/1987.ص 189.
31 – ابن منظور: لسان العرب ؛مادة زمن؛المجلد الثالث عشر؛دار صادر- بيروت،ص 189.
32 – الديوان: انظر القصائـــــد الحقّ مطلبه جميل ص60/ من يسأل الصعلوك ص 61/ ثم عجبت لهم؛ص 88.
33 – الرؤى المقنّعــــــــــــــــــــــــة؛ص 583.
34 – القاضي الجرجاني علي بن عبدالعزيز: الوساطة بين المتنبّي وخصومه؛ ص474.
35 – الاصفهاني: الأغاني؛ الجزء الثاني؛دار التوجيه اللبناني، بيروت؛.[د.ت]. ص 191.
36 – مناعي مبروك: الشعر ووالمال؛ص456.
الناصر ظاهري
كاتب وباحث من تونس