جاءت المقدمة التي كتبها جبرا لديوانه الأول ((تموز في المدينة 1959)) حاشدة بالأفكار والرؤى والغايات والطموحات، مفعمة بالجرأة والاقتحام، مبشّرة بالأنموذج الشعريّ الجديد. وقد توزعت نظراته النقدية فيها على الجانب الإيقاعيّ بالدرجة الأولى ثم الجانب اللغويّ، وثمة نظرات أخرى تتصل بالكون الشعري. إذ اكتسب الجانب الإيقاعي الأهمية الأكبر في مقاربات جبرا في هذه المقدمة، والسبب واضح جداً، لأنّ الأنموذج الجديد الذي حمله لنا ((تموز في المدينة)) يخلو من النظام الإيقاعي المعروف في الشعرية العربية، المتمثل بالبحور الشعرية وما يتصل بها من قيم إيقاعية، فهذا الأنموذج يتخلّى تماماً عنها ليستبدل بها إيقاعية جديدة سعى جبرا في مقاربته هنا إلى طرح مقترحاته بشأنها استناداً إلى معطيات أنموذج (تموز في المدينة).
يتحدث بقوّة عن الجرأة والاندفاع واعتمادها على القدرة والبراعة سبيلاً ضرورياً للتجديد بقوله ((إن إدخال نغمة جديدة على فن قديم يعتمد موسيقى تقليدية، أمر يحتاج إلى جرأة كبيرة، بله القدرة والبراعة، وأنا قد لا أملك الأخيرتين، ولكنني مندفع في سبيلي مهما اعترض عليه الناس))(1)، حيث يفسح المجال أكثر لجرأته واندفاعه وعزمه على مواصلة الطريق لتحقيق ما سمّاه بـ ((نغمة جديدة)) لم تتبيّنها المقدمة على نحو واضح، على الرغم من أنه حاول ذلك في مجموعة أفكار ومقترحات تخضع هنا للمناقشة والحوار، إذ يقول ((أُعنى بالتفعيلة ولا أُعنى، بعض الأبيات موزون وبعضها غير موزون، وقد تتلاحق أبيات موزونة، ولكن لكل منها في القصيدة الواحدة وزناً مغايرا للآخر))(2). وليس بوسعنا أن نتبيّن شيئاً مهمّاً في سياق هذا القول، لأننا نفترض أولا في إدخال ((نغمة جديدة)) التخلّي قطعاً عن الوزن، بوصفها حاملاً إيقاعياً يفرض نغمته على القول الشعريّ ويخرج ما عداه خارج دائرة الشعر، لذا فإن فكرته عن النغمة الجديدة بإحداث تزاوج بين ما هو موزون وما هو نثريّ بلا ضابط، أمر لا يستند إلى منطق نظريّ صحيح بل هي مجرد محاولة محفوفة بالمخاطر.
إنّ رؤيته الخاصة لاستخدام القافية أو عدم استخدامها ((القوافي استخدمها أو أغفلها حسبما ارتئي))(3)، لا تنطوي على أي جديد نظريّ في هذا المجال، لأن ذلك قدّمه لنا شعراء القصيدة الحرة ((التفعيلة))، ولا يقدم هذا شيئاً لتعزيز مقترح النغمة الجديدة. ثم يطرح فكرة مثيرة عن سعيه لموسقة الفكرة والصورة ((إذ أموسق الفكرة أو الصورة، أرفض رفضاً قاطعاً أي لحن (أو «بحر») رتيب))(4)، ولا نحسب أن موسقة الفكرة أو الصورة غير موجودة على نحو أو آخر في الميراث الشعري العربي، كما أنها على المستوى النظريّ كلام لا يتحقق إلا بمعالجة كل نص على حدة ولا يفضي إلى ((نغمة جديدة)) لها سمات وخصائص معينة.
ويخلق لقصائده فضاء إيقاعياً يتداخل مع فن الموسيقى – الغربية خاصة -، ويقدم مجموعة مقترحات لتلقّي نغمته الجديدة واستيعاب أبعاده الإيقاعية ((إذا قرئت كلّ من هذه القصائد قراءة جهورية، مع فهم لبنائها الداخليّ الصاعد الذرويّ، بانت موسيقاي الجديدة مع بيان الصورة نفسها، وتفصح هذه الطريقة لكل من يعرف الموسيقى الأوركسترية، ففي كل قصيدة «آلات» عددية متباينة، و»مواضيع» مترابطة تتلاعب وتنمو نحو غايتها، والقصائد الطويلة مبنية على قاعدة سمفونية)) (5). لعلنا نتساءل هنا عن مفهوم (قراءة جهورية)، وهل أن قصيدة جبرا هذه قصيدة منبر أم قصيدة تأمل؟ إذ إننا نفترض أن القصيدة الجديدة التي يدعو لها جبرا وزملاؤه هي قصيدة القراءة الذاتية التأملية، التي بوسعها أن تدرك وتفهم ذلك (البناء/الداخليّ/الصاعد/الذرويّ)، الذي يزعم جبرا أن قصائده قد حققته.
ثمة مفارقة واضحة بين قصيدة عربية تجديدية بنغمة إيقاعية جديدة لا تتضح إلا لمن يعرف الموسيقى الغربية الأوركسترية، وإذا كانت ثمة قصائد تخضع لمحاولات يعكس من خلالها جبرا معرفته بالموسيقى الكلاسيكية السمفونية، وتمرين القول الشعري العربي الجديد عليها، فإنها محدودة ولا يمكنها أن تحقق أحلامه وطموحاته في هذا الجانب.
أما بالنسبة لقصائده الطويلة التي عدّها جبرا مبنية على قاعدة سيمفونية بسبب تقسيمها على حركات ومقاطع، وتشغيل عنصر الإيقاع الدراميّ بين حركة وأخرى ومقطع أخر، فإننا يمكن أن نتلمّسها ونراها في الكثير من القصائد الحرة (التفعيلة) عند السياب وأدونيس وسعدي يوسف وصلاح عبد الصبور ومحمود درويش وغيرهم، أما إذا كان جبرا يقصد في ذلك شيئاً أعمق وأدق من ذلك، فإننا لا نجد أن النصوص نجحت في توصيلها وإن كانت النية في إنجاز ذلك قائمة نظريا لدى جبرا. واعتقاده بأن ((الشعر ينطلق نحو هذا الشكل في المستقبل))(6) فهو اعتقاد صحيح يكشف عن فهم عميق لحركة الشعرية العربية وتحولاتها وإدراك مستقبلها، لكنّ ذلك قد لا يكون بالضرورة متوافقاً مع المنجز الشعريّ أو متماهياً معه.
الجانب اللغويّ هو الآخر يأخذ من اهتمام المقدمة في نظرها النقديّ بشأن الشكل الجديد، وحمل أفكاره مهمة تجسّدت على نحو واسع وواضح في قصائد الديوان، ويمكننا أن نعدّها من منجزاته الشعرية فهو يقول ((سئمت ما يسمى بالإنكليزية Poetic diction وشعراء العرب يعشقون ويخشون الألفاظ المباشرة المعنى أو الاستعمال))(7)، إذ قدّم في قصائده استخدامات شعرية للسائد والمألوف والهامشيّ، أصبحت – فيما بعد – من أهم خصائص قصيدة النثر حتى عند أحدث أجيالها. وبشأن قوله ((أمقت النعوت، فالحالات العاطفية، من حزن أو فرح أو غضب أو يأس يجب أن تثار بالألفاظ المجسّدة))(8)، أو ((مصادر الأفعال أيضا أرفض استعمالها على وجه الإجمال)) (9)، فإنّ ذلك ليس جديداً على الشعرية العربية في أكثر مراحلها وعصورها، وربما كان أمر الاهتمام بالصفات ومصادر الأفعال من أخطاء القصيدة الحرة وسلبياتها، إذ بالغ بعض شعرائها في ذلك بحيث إن دعوة جبرا هنا بدت وكأنها جديدة على كلّ الشعرية العربية. وحملت لنا المقدمة أيضاً وصفاً للكون الشعريّ الذي يأمل جبرا في تشكيله لاحتضان أنموذجه الشعريّ، فهو يصف قصائد الديوان بأنها ((تعجّ برموز الفتك والتمزيق والموت))(10)، وفي الوقت نفسه تمثل بحثه ((فيها عن مصادر الإيناع والخصب))(11)، إمعاناً في تحقيق طموحه الإنساني الوجودي ((لشدّ ما آمل أن نعود إلى المدينة راقصين))(12).
لا نحسب أن الشعر إلا وقد اندفع بكل قوة وشهوة في هذا السبيل، كي يجدر به حمل ألوان هذا الجنس الأدبيّ الراقي، لكننا يمكن أن نلمح في دعوته العودة (إلى المدينة راقصين) إشارة إلى البكائيات التي ملأت قصيدة التفعيلة نحيباً ومرارة وأسى، للخروج من تموضع الحزن وانكفائه فيها إلى رقصة الفرح في قصيدة النثر.
يبقى النص الشعريّ في موضع مساءلة مستمرة أمام معادلة الشاعر/الناقد، وتندرج هذه المساءلة في نطاق الكشف عن طبيعة التداخل الحاصل بين الإبداع الشعريّ والرؤية النقدية في شخصية الأديب الذي يجمعهما في عقل فكريّ وإبداعيّ واحد.
وإذا ما أردنا أن نقارب المسألة هنا عند جبرا الشاعر/الناقد، لنتعرّف على الدرجة التي حقق فيها نصه الشعريّ مستوى من التمثيل والاستجابة للمنطلقات النظرية التي قدمها مشروعه في نقد الشعر، فإننا يجب أن نعاين منجزه الشعريّ كاملاً بمجموعاته الثلاث ((تموز في المدينة 1959)) و ((المدار المغلق 1964)) و ((لوعة الشمس 1976)) معاينة تكشف عن عناصر التطور الفني في التجربة، وعن المدى الذي يمكن أن يجعل من رؤيته النقدية نافذة في منجزه الشعري ومتحققة فيه.
في استقرائنا النقديّ لمجموعاته الشعرية الثلاث يتبين لنا أن ((المدار المغلق)) أكثر نضجاً واستجابة لمنطلقات جبرا النظرية في نقد الشعر(13)، على الرغم من أن التباين الحاصل بين المجموعات الثلاث – على هذا الصعيد – جاء نسبياً، إذ بقيت تجربته الشعرية في كلّ ما كتب من شعر متجانسة تجانساً كبيراً وكأنها قصيدة واحدة، فهو يعتمد الآليات نفسها والأفق نفسه في رسم السياسة اللغوية والتصويرية لمجمل قصائده. ولنا أن نعدّ قلّة إنتاجه الشعريّ ـ قياساً إلى إنتاجه الإبداعيّ العام أولاً، وإلى مكوثه الطويل على الأرض الساخنة للحداثة الشعرية، وقربه وتفاعله مع رواد القصيدة العربية الحديثة ـ يعكس إخلاصاً محدوداً لهذا الفن لصالح فنون إبداعية أخرى منحها من وقته وجهده الكثير، على النحو الذي لم يسمح له بالتخطيط ليكون أحد أعلام الشعرية العربية الحديثة، بإحساس أن بوسعه أن يقدم الأهم في مجالات الإبداع الأخرى التي مارسها . وما حققه هناك ولاسيما في مجال الإبداع الروائيّ والترجميّ يؤكد صلاحية هذا التوصّل لوصف جهد جبرا الشعريّ.
سننتخب – على سبيل التمثيل – أنموذجين شعريين من تجربة جبرا في مجموعته الكاملة، الأول من ديوانه الأول ((تموز في المدينة 1959)) والثاني من ((لوعة الشمس 1979))، لوجود فاصل زمني بين الأنموذجين يقترب من عشرين عاماً يسمح بالنضج والتطور والمغايرة، لكننا سنجد بأنه ليس ثمة خلاف بيّن واضح بينهما على صعيد النضج والتطور والمغايرة.
فالنص الشعري الأول الموسوم بـ ((قصيدة)) من ((تموز في المدينة))، يقدم أنموذجاً مثالياً للاشتغال الشعريّ عنده من الناحيتين البنائية والأسلوبية، إذ يتوافر على معظم العناصر والمكوّنات الشعرية التي يعتمدها في بناء قصائده وخلق شعريتها، ويمّثل سياسته في القول الشعري أيضاً، وسنورد النص كاملاً انسجاماً مع منهجنا في مقاربة الإشكالية، لتأخذ المعاينة والفحص فرصة التمعّن في سلامة التوصّلات وصدق استنتاجاتها:
سيدتي،
في الربيع حلمنا
(وفي المحل حلمنا
بالربيع) نمنا
تحت أفنان رمانتينا
تحت أفنان الصنوبر نمنا
في الشِباك الخضر على البابنَّج
والأقحوان، صيادنا الضاحك عشق
كان يغنّي
للشموس النواعم والصَّبا،
وأسينا لريّا ولليلى الباكية
(وحالت بنات الشوق يحننّ نزَّعا)
إذا رأينا النسيم
من الساقين والنهدين يصنع
مارآه بوتيشلّي طالعا من الثبج
بغدائر كاللهيب –
واخجلاه!
قضى الشعراء حبا
وكل ليلى
قضت حياتها بالبكاء
إلا كلينا – في الربيع يا
سيدتي
قبل أن ترفع عشتاروت صوتها
واألماه بالنواح 0
في المحل حلمنا بالربيع
أشهرا حرّى طوال
واستغثنا بالمطر
ولم ننم،
نستصرخ العشق القديم،
ولما أمطرت، كان المطر
واألماه، دمعا ودم.
لن نذهب بعيداً في قراءة النص وتأويله، إلا على النحو الذي يخدم فكرة البحث المنهجية، وهي تنهض على فحص المستوى الأفقيّ لنتاج جبرا الشعريّ، بالقدر الذي يمكن فيه اختيار المنطلقات النظرية لمنطقته الخاصة بنقد الشعر، ويقودنا هذا إلى قراءة النص قراءة بنائية أسلوبية تمعن النظر في كشف العناصر والمكونات المؤلفة لهيكل البناء في النص وسياسته الأسلوبية في صناعة شعريته.
يعتمد النص في تشييد أنموذجه البنائي على حشد مجموعة من المرجعيات في حقل التأسيس النصيّ، تتوزع بين المرجعيات الأسطورية والمرجعيات التاريخية والمرجعيات الأدبية، فضلاً على مرجعية الراهن المباشر، ويلتحم هذا التنوع وينصهر في كتلة شعرية واحدة تمثل أحد أهم المكونات التي يعتمدها الشاعر في بنائه الشعريّ العام، إذ يدفعها تعمل في تلاحمها الكتلوي على صناعة الحكايات المستمدّة من مناطق الحكي والقصّ في جوف المرجعيات وإعادة تخليقها شعرياً. وتتسم القصيدة ببساطة مفرداتها الشعرية وسهولتها وترتكز على إيقاع التكرار المتنوع، بوصفها أحد البدائل الإيقاعية للتعويض عن غياب الوزن. أما أسلوبية البناء فيها فإنها تعتمد على الوحدات الشعرية المتداخلة والموحّدة بنسقٍ عموديّ ينتظمها ويوحّد أساسها الحكائيّ والشعريّ، وتعمل الوحدات على تصعيد أنموذج البناء الشعري العام ليستنطق المكان والزمان، في سبيل تأسيس فضاء شعريّ خاص بها بوسعه أن يضاعف احتمال الشعرية فيها .
الأنموذج الثاني الذي أخضعناه للفحص والمعاينة هو قصيدة ((زماننا والمدينة)) من ((لوعة الشمس))، وهي تذهب في أسلوبيتها الشعرية وأنموذج بنائها المذهب نفسه الذي وجدناه في القصيدة السابقة، وتقترب في ذلك منها كثيراً على النحو الذي لا يسمح للقارئ أن يقدّر ذلك الزمن الطويل الذي يفصل بين إنتاج القصيدتين:
جيل المأساة نحن، وعن وعي نقبلها:
جيل عاصرت أرضه كل دوران الزمن
فوعى العصور كلها،
عرف الزمان مضاعفا
ضاربا عمقا وعلوا،
عاشه عاشقا، متمرّدا
ويعيشه كل يوم صارخا، متحدّيا.
فلتكن المأساة زماننا،
زمان الحبيبة أرادوا منعها عنا،
ولكن لن نعيش إلا زمانها –
زمان مدينة الطور والزيتون
مدينة المعراج والجلجلة:
هي وحدها في الأرض لنا أرض،
وهي وحدها في السماء لنا سماء
يتضح لنا جلياً الاعتماد الكبير على حضور المرجعيات في القصيدة بتنويعاتها الكثيرة من دينية وثقافية وأسطورية، إنها مصدر أساس من المصادر المموّلة لقصيدة جبرا، كما تظهر الرغبة الهائلة في السرد – حتى على حساب الشعر أحياناً -، وهو يقود في بعض تجلياته إلى ما يمكن أن نصطلح عليه هنا بـ ((المنطق الشعريّ))، كما أن بساطة التعبير وسهولته في هذا النص أيضاً يدعمان فلسفة جبرا الشعرية في هذا المجال، ويجعل معظم قصائده تشتغل على هذه الأرضية. ويفيد النص كثيرا من إيقاع التكرار أيضاً، وربما لا توجد قصيدة واحدة في كل شعره لا تفيد من تقانة التكرار بلعبتها اللغوية والإيقاعية. واعتمد النص – كما هو واضح – شأنه شأن سابقة على أسلوب الوحدات الشعرية بالطريقة نفسها، وتسهم حيوات النص الخارجة من رحم تلاحم الوحدات بفتح الزمان والمكان على فضاء القصيدة العام، ليرسمه بتشكيلٍ يقدم نفس جبرا ووجهه الشعري الذي يسعى دوماً إلى أن يكون خاصاً ومتميزاً.
بهذا المنهج القرائي المقابل للقصيدتين يمكننا أن نكتشف خصائص أصيلة تتوافر فيهما، وتربطهما بجذرٍ واحد يمثل سياسة جبرا في كتابته الشعرية، ويبرهن لدينا ما افترضناه في بداية دراستنا من أن شعره يتقارب تقارباً كبيراً، حتى يدفع بالظنّ القرائيّ إلى عدّهِ قصيدة واحدة.
ففي القصيدتين ((قصيدة)) و((زماننا والمدينة)) نجد تجانساً كبيراً في الوضع الشعريّ بين القصيدتين، ونجد أيضاً تجلّي الوعي الشعريّ وتدخّله في توجيه السيولة الشعرية توجيها يكاد يكون موحداً. من هذا يمكن أن نستنتج أن مشروع المقدمتين اللتين كتبهما جبرا لمجموعته الشعرية الأولى ولمجموعته الشعرية الكاملة، لا يعني شعره على مستوى الإنجاز المتحقق، بل على مستوى الحلم والطموح أيضاً، وهو جزء من المشروع النقديّ في نقد الشعر لديه، إذ تقدّم معظم الأفكار والمقولات الواردة في المقدمتين صورة القصيدة التي يسعى إلى إنجازها خلافاً للسائد والمألوف الشعري، وإمعاناً في التفرّد والخصوصية، ولكن منجزه الشعري – بالرغم من أهميته في مشهد الشعرية العربية الحديثة – لا يحقق كثيراً الحلم النظريّ الذي قدّمه ـ كما لو أنه بيانه ـ في هاتين المقدمتين.
هوامش:
(1)،(2)، (3)، (4)، (5)، (6)، (7)، (8)، (9)، (10)، (11)، (12) من المقدمة التي كتبها جبرا لمجموعته ((تموز في المدينة)) تحت عنوان ((من المؤلف))، والمعاد نشرها مع المجموعة الشعرية الكاملة، رياض الريس للكتب والنشر، ط1، 1990، لندن :15-16 .
(13) ينظر كتابنا ((استراتيجيات الخطاب الشعري))، منشورات دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ط1، 2012: 101 ـ 102.
محمد صابر عبيد
ناقد و أكاديمي من العراق