شاعرة من سورية.
(1)ـ ظلال الموسيقى
كأننا تركنا ظلالنا هنا..
فاشتعل النسيان،
وصار الموج ذاكرة للشرود..
منذ الكلمة الأخيرة للكون،
اتكأ النهار على نبضي،
فارتعش الوقت..
لا وقت يمهل الوقت..
لا وقت إلا وقتي،
يتجاوز الأبدية والأسئلة والتشكلات…
هل كأننا كنا هنا ظلالاً على الموسيقى؟
أمْ.. ما زالنا الماء الراحل وراء القصيدة؟
(2)ـ نهار ينتظر
يتمايل الزمان..
هل يهزأ باحتراقاتي؟
الأزل يحدق في عقارب الساعة،
ويتجه مثلي،
عكس كل شيء..
تدور الكواكب حول سكوني..
وحول شعري،
يدور الكون..
اللهب ينام في القصب..
والنار تخدع الجمرات..
الريح رماد لا يغفو،
والرماد أنشودتي القديمة..
من وشى للنهار بأن غاباتي ستمر
بعد خسوفين من هنا؟
(3)ـ محال آخر
النعاس يحصد المعزوفة..
والكلمات تهرب من المحدود..
ليس القمر سوى معناي المذبوح..
هل تعلم الشمس،
كم لضوئها أن يطاردني كي يهتدي إلى المحال؟
(4)ـ هواجس الوهجة
قريباً من الهاجس،
أشعل الشك يقينـَـهُ،
فانطفأ الليلُ مثل الذكرى،
واستضاء اللا موجود بمخيلتي..
كأنني النخلة الأولى أحدّقُ في غياهب تحدق فيّ..
كأن الارتطام الأول للتكوين ليس سوى سكينتي..
وكأنك في الشك تدوخ،
فيمحوكما وهجي..
هل بدأت الروح دورتها؟
أم مازال في الريح هامش للنسيان؟
منذ متى البحر يتنصت على موجي؟
الجمر،
يختلس برهتي؟
والموتى،
يدفنون مياهي في المجرات؟
صخبٌ كونيٌّ…
وشيشٌ ذاتيٌّ..
والصمت مهنة عتيقة لنهار متسكع..
عشبة وحيدة،
لمحتْ برقي،
فاختطفها المعنى..
مطر عجوزٌ يغني..
والرنين،
بداية البدء..
الصمت من كل وقت،
من كل جانب، من كل صمت..
والصوت،
ربيبُ الأعماق..
تتنزلُ التحولات هبوباً…
أتنزل لغات متحولات..
إلى متى،
تخمرُ الرؤى بي كي تصحو الأكوان؟
(5)ـ ارتطام بلا ارتطام
نسيتُ النوارس في القصيدة..
أغلقت الريح على الجدران..
و… خرجتُ..ربما،
لأجد نفسي..
إذا صادفتموها،
أعيدوها للموج كي يعيدها للنوارس كي…
(6)ـ مغافلة
وضعتُ البحر في كلمة..
والأرضَ في كلمة..
فغافلني الوقت مستفهماً:
لمَ غافلت ِ الوقت،
وسرقتِ الكون من الكلمة؟
(7)ـ إنها تندف
فراغ يحاصر الفراغ..
والوجود،
يخلع نعليه ليدخل معبد اللغة…
وفي المرايا الراكعة،
مازلتُ المتناقضات..
لا البراءة تريد التخلصَ مني،
لا البراعم التي ستأتي،
ولا الرمز المتأرجح في الحيرة..
ماذا فعلتُ لكي يختلس الثلج روحي،
ويندفها على السماء؟
(8)ـ انتشاء المستتر
شجرة أخرى للمعنى،
والسؤال يفتتح بوابات المستتر..
كلما تنازعني الشعر،
انتشى اللهب بأشلائي،
وشمتت بي القصائد..
تزملتُ، تدثرتُ،
ثم، تزملتُ…
وتخليتُ عن قشعريرتي للأضاحي..
هجّـأتني الورود بخوراً..
واتهمتني الغيوم بالمطر..
يا أيها المطّـهّـر،
اخطفْ فصولاً تخطفك،
وتبعثر في البصائر..
هل تراني أتناسل أسئلة؟
إذن،
تحوّلْ إلى اللفظة الأولى،
لعلك تنجو قبل أن تنبت
شجرة أخرى للمعنى..
(9)ـ احتجاب لا يغرب
فاجأتُ المجرات بانفجاري،
فاستغرب الساحر المسحور،
وانهال على السحر بإنشادي..
فأزهرَ الهذيان،
وصارت أحواله البنفسج..
وتبرعمتُ،
فصرتُ الموسيقى..
كم حجبتـُـني عني،
فأبيتُ إلا أن أكون ما أكون..
احتمال آخر،
والشرود يشرق من غموض التكهنات..
لا الظن يغرب..
الدلالات تتطاول..
والحلم،
يوشك على منتصف الجنون..
احتمالٌ مستعجل،
يسقط على الصورة الأولى،
فأهرع إلى الغيب..
مازالت الهيولى
في ملامحي..
والموسيقى،
في قلبي…
لا الشرود يغرب..
والظن،
لم يعتد على الزوال…
ووحدي لا أغادر وحدي…
أين المجرات، الساحر، الهذيان؟
كم أتصيّـر موسيقى
تحجبها الموسيقى؟