ترجمها عن التركية صفوان الشلبي
كاتب ومترجم من الأردن.
استعاد من الماضي البعيد ملامح وجه كان مألوفاً لديه، بعيد فض رسالةٍ كُتبت بخط أنيق. تجسد أمام ناظريه آخر مشهد قبل ثلاثين سنة: كانا يجلسان متواجهين في غرفة صغيرة، زجاج نافذتها قذر وستائرها ممزقة، وأثاثها متواضع قديم. حقيبة سفر جاهزة، وُضعت فوق طاولة في وسط الغرفة. قطة جميلة بفراء كثيف لامع متمددة تحت الطاولة. أشعة شمس خريفية كانت تنعكس على جدار الغرفة.
كانت المرأة تنقر بأصابعها على مساند الأريكة حيث تجلس، وتقول بعصبية:
-لا، لا، لم أعد أحتمل أكثر. أنا ذاهبة. هذه ليست حياة بشر، بل حياة كلاب. هل هذا ما وعدتني به عند زواجنا؟
-لم أعدكِ، عند زواجنا، بغير الحب.
وأضاف محاولاً أن يبدو هادئاً:
-أجل، لم أعدكِ بشيء. مازلت حتى الآن أحبك، فذلك كان عهدي لك، ومازلت متمسك به. لكن مادمت ترغبين بالذهاب، فلا مانع لدي، فليكن ما تشائين!
قامت المرأة من مكانها، واتجهت نحو الباب وهي تحمل حقيبتها. في تلك اللحظة، ودّت وبرغبة شديدة، لو أنه يسعى خلفها راجياً منها عدم الذهاب. ولكن ما أن خرجت المرأة من الباب الرئيسي، حتى ما عاد من ذكراها من أثرٍ حي، سوى صوت انغلاق الباب بعنف. في ذلك اليوم الأخير، من علاقة زواج استمر خمس سنوات، بقي هامداً في الأريكة ومخدراً لساعات طويلة، دون أدنى إحساس في قلبه بالفرح أو الحزن، بل حتى بدون قدرة على التفكير بأي شيء.
مضت ثلاثون سنة على رؤيته لها لآخر مرة، في ذلك اليوم الحزين. في بادئ الأمر، وصله بعض من أخبارها. لكن بعد ذلك، ضاع كل شيء بغياهب الماضي. هو الآن في الخامسة والستين من عمره. لا يوجد كائن حي أو غير حي مرتبط بحياته، أو حياته مرتبطة به. يمضي حياته وحيداً، ويعتاش من فتاتٍ متبقٍ من رصيد ثروة جناها في ماضٍ مجيد، كان فيه على درجة كبيرة من الثراء. قرأ الرسالة ذات البضعة أسطر. لقد أعطته المرأة موعداً ومكاناً للقاء في أفخم مقاهي المدينة.
لا الرسالة ولا الدعوة خلقت لديه أي إحساس بالإثارة، لكنه ذهب إلى المقهى، في اليوم المحدد في الرسالة، وبنفس شكله وحاله وملابسه المعتادة. جلس في ركن على إحدى المناضد الصغيرة ينتظر. المقهى يعج برجال ونساء جميلات أنيقات. الأحاديث تدور بأكثر من لغة، والنادلون يسرعون لتقديم الخدمة، وتُسمع بين الحين والآخر ضحكات مغناجة.
فكّر بارتياده النادر جداً لمثل هذه الأماكن الفخمة طيلة حياته. مع أنه كان يشعر في داخله برغبة شديدة وطموح لامتناه بأن يكون واحداً من هؤلاء الأناس الأنيقين. لكن، لماذا لم يصبح واحداً من رجالات هذا الوسط؟ أهو الحرج؟ أم قلة المال؟ لكنك بالنتيجة لم تصبح شيئاً. أهذا وقت التباكي؟ كم من رغبات وطموحات استعرت في قلبك ناراً ثم انطفأت. والآن لم يبقَ من هذه النيران أثر، ولا حتى بقايا من رماد.
في تلك اللحظة، سمع فوق رأسه صوتا أنثويا مرتعشا:
-هل جعلتك تنتظر طويلاً؟
رفع رأسه، فرأى مقابله امرأة تنظر إليه. كانت هي. ولكن… يا إلهي! أيعقل أن يتغير المرء بهذا القدر؟ أي شبه بين هذا الوجه الدائري المليء بالتجاعيد وهذا الشعر الأبيض، بالمرأة الجميلة المفعمة بالحيوية التي هجرتني قبل ثلاثين عاماً؟ لكن العينان هي نفس العينين: عينان ساحرتان كستنائيتا اللون داكنتان تشعان بريقاً وهّاجاً!
قال متلعثماً وهو يحاول الوقوف:
– أرجو المعذرة، كنت مستغرقاً.
فقالت المرأة ضاحكة:
-لا تزعج نفسك، لا تزعج نفسك.
ثم جلست على الفور. تبادلا النظرات لفترة من الوقت، ثم بادرت المرأة بالكلام:
-لقد هرمتَ. السنون تمضي سريعاً، لكنها تترك آثاراً قاسية جداً!.
-أجل، لقد هرمتُ، فآلاف متاعب ومصاعب الحياة، منها ما يصدّع الروح، ومنها ما يصدّع الجسد قبل أوانه. وأنا أيضاً أراكِ قد هرمتِ. لكن الفارق بيننا، أنكِ سعيدة.
-أنا سعيدة؟ ربما. لقد أدركت الآن، أن السعادة والسرور أمر نسبي. من الممكن أن أكون مسرورة لرويتك في تلك اللحظة. أما فيما يتعلق بالماضي، فلا، يا صديقي. ما زالت طباعي، كما كانت فيما مضى، عدوانية وقاسية، عنيدة وحادة الطباع، تحيل حياتي جحيماً.
لم يشأ الرجل الرد على هذا الكلام، فقد أدرك ما ينطوي عليه. كانت تريد زوجته السابقة الخوض بالحديث عن سنوات الزواج والأحداث التي أدت إلى الانفصال. في حين، كان هو يتحرج من التطرق إلى هذه المواضيع، ويسعى لإبقاء الحديث حواراً بين صديقين.
لكن المرأة أصرت على ما ترنو إليه:
-أنتم لا تجيبون. مازلتم كما كنتم فيما مضى. أرى أن روحكم لم تتغير أبداً. كالعادة، لا تردون عندما لا يعجبكم كلامي!… أما الآن، وبعدما قلتُ ما قلته، أخشى أن تفعلون ما كنتم تفعلونه سابقاً، هل ستقومون وتغادرون يا ترى؟
استمع إلى كلام المرأة بقليل من الاهتمام والامتعاض والتشاؤم. هل يا ترى؟ كانت زوجته السابقة، تريد إهانته مرة أخرى قبل أن يموت وأمام أعين أناس المدينة الأكثر شهرة، بدعوتها له بعد ثلاثين عاماً للالتقاء به من جديد في هذا المقهى الفاخر؟ هي ذاتها، لم تتغير في عينيها لا النظرة ولا اللون، وتصدر نفس البريق الممتلئ بالازدراء. وهي نفسها تريد بلحظةٍ، إحياء أجواء التوتر والانفعال لما قبل ثلاثين عاماً. لكن المرأة أمسكت فجأة بيده وتبسمت برقة. استعاد الرجل أحاسيس لمس اليد هذه ودفئها على الرغم من مرور سنوات طويلة، وسرى في جسده دفء من هذه اليد كان أشبه بانفراط خرزات سبحةٍ قُطع خيطها فوق المنضدة، فانتابته رغبة لا تقاوم بتقبيل زوجته السابقة وبنفس مشاعر أيام عشقه الأولى. قرّب رأسه منها، فقالت المرأة بصوت رقيق:
-فات الأوان يا عزيزي، متأخر جداً. ثم سحبت يدها.
سأل النادل المار من جانبهم عن طلباتهم. فنظر الرجل في عيني زوجته وقال:
-سأفعل شيئاً لم أفعله منذ زمن بعيد، سأتناول كحولاً. واحد فودكا.
وقالت المرأة:
-حسناً، تناول أنت فودكا، وأنا أريد شاياً قاتماً. ثم توجهت نحو زوجها السابق لتتابع كلامها:
-بعد ذلك اليوم، كنت أتقصى أخبارك دائماً بكل ما قمت به من أعمالك وحركاتك. أما أنا، ماذا فعلت خلال هذه السنوات الثلاثين؟ ليست بأمور مهمة. تزوجت، وأنجبت عدداً من الأبناء، وتذوقت سعادة وشقاء الأمومة. كل ذلك عبارة عن أحداث طبيعية يجابهها كل إنسان. اليوم أريد التحدث عنك فقط.
وأجاب الرجل قائلاً:
-كما تشائين. أنا الآن، وفي هذه اللحظة، سعيد بلقائي بك. أجل، ذلك من دواعي سروري. أشعر بحبور، مثل الذي ينتابنا عند دخولنا غرفة دافئة في جو بارد جداً.
التواءة غامضة لشفتيه حصلت عند قوله هذا، جعلت المرأة تدرك أن شيئاً عظيماً وجميلاً ورقيقاً كان يعنيه أمره قد كُسر. استعادت في ذاكرتها تلك الابتسامة الغامضة، وذلك الخط الملعون الذي يظهر في لحظاته الأكثر صدقاً وحماساً وانفعالاً! وفكرت قائلة: «ها هو قد تجاوز الستين، مذ كان شاباً عندما هجرته، والآن قد أصبح طاعناً في السن. وذلك الخط الملعون يظهر على وجهه والذي كنت بحاجة في داخلي إلى قوة عظيمة كي أستطيع هجره، ويظهر في هذه اللحظة لإثبات صدق مشاعره!»
وتابع الرجل:
-بعد الانفصال عنكِ، أو بالأحرى بعد أن هجرتِني وذهبتِ (قال تلك الكلمات بأناة واحدة تلو الأخرى)، أستطيع القول أنني أمضيت حياتي وحيداً. عملت بأشغال كثيرة، وأصبحت ثرياً. كتبت كتباً، وعملت بالسياسة، كما قمت برحلات سياحية عديدة، ثم أصابني الوهن. التفتُ الآن وأنظرُ خلفي، فأتساءل مندهشاً إن كان كل هذا الطيش والحماقة والعنت قد شكلوا حياتي.
نظرت المرأة إلى وجه زوجها السابق بعطف:
-أجل، أنا على علم بمغامراتكم وسيرة حياتكم. أريد أن أقول لكم شيئاً، لكن حذار من الغضب، لا توبخني، كما كنتم تفعلون، بكلام قاس وفظ عندما كنت أحاول إيقاظكم بشق الأنفس من استغراقكم بالأوهام لائمة. لقد تزوجت بك بعد قصة عشق جميلة. لم ينشأ هذا العشق نتيجةً لوضعكم المادي، ففي واقع الأمر لم تكونوا تملكون في ذلك الوقت الشيء الكثير. (هنا غمزت المرأة بعينها باستخفاف، فتذكر الرجل كيف كان يغمز بنفس الطريقة عندما كانا معاً حينما كان يقول لها أنت قبيحة لكنني أحبك). أجل سبب تعلقي بكم هو أحلام اليقظة التي كنتم تعيشون. لم تكن تلك الأحلام تخصكم وحدكم فحسب، بل كنت أشعر أنها أحلامي أيضا،ً وأحلام أبنائنا الذين سننجبهم، وأحلام الوطن أيضاً. كنت أصغي إليكم بإعجاب. كنت تريد أن تصبح ثرياً ومشهوراً وعظيماً. كنت أتخيل نفسي إلى جانبكم إذا ما تعرضتم لأية محنة، أثناء سعيكم لتحقيق أهدافكم، وأمسك بذراعكم وأشارككم السعادة عند تحقيقكم لتلك الأهداف. ذات يوم تحدثتم عن نضال أحد الثوار، وعن دور زوجته في مسيرة نضاله. كانت إلى جانبه عندما دخل السجن، وكانت إلى جانبه عندما هرب منه. كانت إلى جانبه أثناء العصيان وفي الخنادق!… كنتم تحبون الأطفال، فكم نسجتم في الخيال، أوهاماً عظيمة ورائعة حول تنشئة أطفالنا الذين كنا سننجبهم! كنتم تصفون لي مسيرة حياة كل واحد منهم. الأوهام كانت حافلة بالألوان والحركة. لكن كنت ألاحظ في أحلامكم، سمات الغرابة والشذوذ، فقد احتلت المصائب والنكبات منزلة كبيرة في خيالاتكم. لم تكن تمر عليها مرور الكرام، بل كنتم تتطرقون إلى أدق تفاصيلها. ذات يوم، وأثناء تحدثكم عن أطفالنا، الذين لم يولدوا، والشكر الجزيل لله أنهم لم يولدوا، قلتم «هناك أفكار عن القدر تدور في ذهني أحايين كثيرة، وماذا لنا يا ترى حول طفلنا هذا؟» ثم رويت لي قصة من مخيلتك عن زوج وزوجة يفقدان عقليهما جزعاً على أطفالهم الذين يتوفون عندما يبلغون سن الخامسة. في كل مرة، يقف الرجل والمرأة عند رأس أطفالهم ناظرين إلى بعضهم بعضاً مبتهلين إلى الله، أن ينعم عليهم بمولود يعيش! لكن هذا الدعاء لا يستجاب، السنون تمضي والأطفال يتوفون، في النهاية، تقول المرأة للرجل كلا، لن نستطيع تذوق سعادة ابن يولد منا نحن الاثنين. قدرنا بالعيش معاً، مستحيل. دعني أذهب، لأجد طفلي من أحد آخر!
بينما كنت تروي لي فكرتك الخيالية عن نشأة الأطفال حتى بلوغهم سن الخامسة، كنت تشرح باستفاضة موضحاً أدق التفاصيل، كم كان أبواهم يحبونهم، كيف رعوهم، ثم حلول تلك السنة الخامسة المشؤومة ووقوعهم في القنوط، مرض الأطفال، ثم كيف توفوا!
نظر الرجل إلى وجه زوجته. اتضح في هذا الوجه معالم لألم شديد. طلب من النادل قدحاً آخر من الفودكا، فقد أعجبته نشوة الكحول. استعاد بذاكرته ما يراه علماء النفس بأن الكحول يملأ الفجوة ما بين واقع الإنسان الفعلي وأحلامه. وفكّر قائلاً: أما أنا، فأرى أنه يجمع الماضي والحاضر والمستقبل ويوحدهم معا!
بعد فترة صمت، استأنفت المرأة الكلام:
-يا إلهي، كم كانت أفكارك الخيالية حولي تنم عن اضطراب بالشخصية! ذات يوم قلت لي: «يجب أن تموتين قبلي، بل قبلي بكثير وأنا يجب أن أفكر بكِ دون أن أنظر إلى وجه أي امرأة سواك حتى نهاية عمري. هل ذلك ممكن يا ترى؟ ولمَ لا يكون؟… مسألة إرادة قوية. في النهاية كل ما في الأمر ستعيشين حية دائماً في مخيلتي. سأحيي كل المناسبات الزوجية واضعا ًصورك حولي. سأسجل صوتك، وسيبقى بيتنا عامراً بكِ من الصباح حتى المساء». كما أضفت واصفاً موتي ومرجحاً تفسخي في القبر، ثم قلت: «ذات يوم وبعد وفاتك بفترة طويلة، سأفتح قبرك خفية لأرى ماذا تبقى منك. قد أجد، في ذلك الوقت، خصلة من الشعر وبضع قطع من العظام. سآخذهم وأحتفظ بهم في البيت!»
لكنك تقول: هذه الظلامية وهذا الخيال المفجع، كنت تملك أفكاراً مفعمة بالألوان والبريق. كنت تقول : «سأرعاكِ وأعتني بك بيدي، سأكتب عنك كتباً تكون من أعظم إنجازاتي، وسأعلن في أرجاء الدنيا أنك أنت الأصل في العظمة.» كنت تصف لي كيف سنكبر ونشيخ، وكيف سنصل يوماً ما إلى حالة عدم الإحساس بالمتعة المادية من بعضنا بعضاً، كيف سنتذكر ونتحدث عن أحداث العمر الذي أمضيناه معاً، وكيف سيكون أبناؤنا وأحفادنا حولنا يمرحون. كما كنت تقول: «إذا ما متِ قبلي، يجب أن لا أعيش بعدكِ أكثر من شهر واحد فقط، كي أتجرع عذاب الفناء الأبدي، وأنال آخر متعة منكِ!». حتى ما كان يخص ملابسي ومتاعي المنزلي بل حتى أفكاري كانت من نسج خيال أفكارك. كنت تقول: «لابد أن يكون فيما بيننا، أنت وأنا والمتاع وألبستك علاقة ذهنية. وبيتنا سيقوم على أساس هذه الرابطة، لنضمن له الاستقرار حتى لا يصاب بأي خلل، فيصبح حاله بغيضاً ومشهده باهتاً».
لاحظ الرجل أن المرأة بدأت بالتراجع عن مخاطبته بـ»أنتم» وعادت تخاطبه بـ»أنت». هل كان ذلك إحياء لاعتياد قديم تجدد من تلقاء نفسه؟ أم هل خاطبته هكذا عن سابق قصد لتبدو أكثر وداً وحميمية؟
وتابعت المرأة:
-كان ولعك بالمال عظيماً. كنت تقول: «سنصبح أغنياء، سنصبح أثرياء! سنؤمن كل احتياجاتنا في الحياة، وكل رغباتنا حتى أتفهها قيمة.» كما كنت تضيف بالقول: «سنصل إلى هذا الثراء عبر الطرق القويمة والشريفة. كيف سيحصل، لا أعرف، لكن من المؤكد أنه سيحصل. سنستثمر ثروتنا بشكل قويم، وسنرعى الأطفال الأيتام وندرّسهم، سننشئ مدارس ومستشفيات. سأطلق اسمك على كل مؤسسات الخير تلك». فكرتَ بعدد من المشاريع في مجالات التجارة، والصحافة، والصناعة. باختصار، خططتَ لمشاريع في كافة المجالات.
لكنك، كنت تخطط لكل هذه المشاريع، بينما كنت موظفاً بسيطاً. كنت توزع الوعود المثيرة الحماسية بالقول لي: « أجل، سأبقى لعدة سنوات على هذه الحال. لكن بعد ذلك سأنتقل إلى العمل الحر، عندئذ سنحقق مشاريعنا يداً بيد». لم أكن بحاجة لأي من تلك الوعود. في ذلك الوقت كنت راضية بك وبأفكارك الخيالية. كنت أشعر بسعادة بالعيش معك ومع أفكارك في بيتنا الصغير، أو ذلك ما كنت أظنه.
توقفت المرأة عن الكلام ونظرت بعمق نحو زوجها. أخذت تستعيد في ذاكرتها كيف كان هذا الوجه المشيخ المليء بالتجاعيد، يملأها بإثارة ممتعة، في زمان مضى. تجسد أمام ناظريها بصوته الرجولي الغليظ القادم من أعماق رئتيه وما حصل فجأة من تغير غامض ورهيب بعد مضي بضع سنوات، ليعيش في أوهام مرعبة.
وقال الرجل:
-تابعي، أنت تسحبين وتخرجين كل حسرات شبابي المدفونة واحدة تلو الأخرى. أنا بالكاد أذكرها. وكأنني الآن أسمع قصصاً تخص شخصاً آخر.
واستأنفت المرأة الكلام:
-ما سأقوله بعد قليل سيكون مؤلماً وقاسياً. سأتحدث عن القصر الذي هدمتم، نعم، عن القصر المنهار. هكذا مرت سنوات زواجنا الأولى في ظل هذه الأوهام، أليس كذلك؟ ونحن الآن نستعيد هذه الذكريات، كأنها تخص غيرنا. لكنني لا أتحدث عن قصص لآخرين، بل أحداث خاصة بي. أروي مغامرات عشناها سوياً.
أفكارك بدأت تأخذ منحى آخر. لاحظت ذلك أول مرة في حديث قلته: «هل تعلمين ما أريد؟ لو أحصل صدفة على مال جم، من ورقة يانصيب على سبيل المثال. سننجب بنين وبنات، وسأترك معظم هذا المال لك ولهم، وسأختفي مع قليل من المال عن أنظاركم دون سابق إنذار. ستفقدون الأمل بالعثور عليّ بعد بحث عني ردحاً من الزمن. ثم تمر سنوات وسنوات، الأطفال يكبرون، وأنت قد تتزوجين أو لا تتزوجين. ذات ليلة، رجل مسن يقرع بابكم. علامات في وجه هذا الرجل تعرفينها. لكنك لا تعيرينها أي اهتمام. يتحدث العجوز معك ويسألك عن الأولاد، ثم يذهب مبتعداً. هو أنا! أكون قد جلت في أنحاء الدنيا لسنوات، وتعلمت كينونة الحياة والدنيا. عودتي من جديد، ليست لتعريف نفسي، ووضع رجل مسن مكان زوجك عندما كانت ملامحه حية في خيالك يوم اختفائه، لكن لمجرد معرفتي مدى قدرتي على مواجهتك دون التعريف بنفسي». كنت أصغي بحيرة مندهشة بينما كنت تقول هذا الكلام. غرقتَ للمرة الأولى في تخيل قدرتك على العيش وأنا بعيدة عنك وغير موجودة بداخلك.
ثم التغير الآخر الذي شاهدته كان في وجهك. عندما تتحدث أحياناً، وغالباً عندما يتعلق الأمر بي، كلامك عن محبتك لي، مشاعرك نحوي، وتأكيداً لصدق أقوالك، كان يحصل، أثناء حديثك، التواء عفوي رقيق مبهم في حواف شفتيك، ويظهر على وجهك مع هذه الالتواءة ملامح ابتسامة غامضة. للتو شاهدت من جديد نفس الخط بحافة شفتيك. حتى في الأوقات التي كنت أصغي إليك بإثارة آسرة، عندما يظهر هذا الخط على وجهك كان كل جسدي يرتعش، وأشعر كأني قد سقطت من مكان عال.
بدأت أفكارك وخيالاتك، مع مرور الزمن، تأخذ منحى شرساً ووحشياً. انسلخت كل مشاعرك الإنسانية وسقطت، كقشرة جذع شجرة هرمت، فانسلخت وسقطت، فكشفت تحتها ظلامية وقبحاً وعدوانية. مع مرور الزمن، بدأت بالوقوف أمامي لتحدثني عن مدى عدم حبك لبعض الناس، وعن مدى كرهك لهم، وعن رغبتك بقتلهم بعد تعذيبهم. كنت تفكر بأساليب ووسائل وآلات رهيبة لقتل الإنسان. ذات يوم شرحت لي عن شفرة آلة قاطعة. كنت تصف بالتفصيل كيف يمدد المرء منكفئاً على وجهه كجذع شجرة تحت هذه الآلة، وكيف سينقسم من رأسه حتى أسفل قدميه إلى ستة أجزاء متساوية خالية من أية بروزات. وفي يوم آخر، تحدثت عن كرة تزن عدة أطنان، تسقط على رجل أُركع على ركبتيه، وأُسند رأسه على سطح حديدي، ووصفت بأدق التفاصيل ما سيحدث بالرأس من تفلطح. حينها قلت أن الرأس والجسد سيصبحان في حالة شبيهة لجذع وذيل سمكة الترس([). نظرتُ إلى وجهك بخوف. عيناك كانتا تلمعان، وفتحتا أنفك كانتا تنبضان. وعندما صرخت بك قائلة: «ماذا حصل لك؟» عدت إلى رشدك، وأجبتني قائلاً: «لا تخافي، كم أكره هؤلاء الرجال الملعونين، أفكر إلى درجة محوهم من الوجود». بدت أيضاً حال جديدة لديك. لم تعد كالسابق مرحاً وممتعاً وحيوياً. ومع مرور الزمن، أصبحت أقل كلاماً وعندما نكون سوياً كنت تقضي أكثر الوقت صامتاً، وعيناك مغلقتان، وغارقاً بالتفكير.
ثم ضعفت تلك العلاقة الرقيقة القديمة تجاهي. من حين لآخر كنت تقول: «آخ، لو لم تكونين لكنت قمت بما يجب علي فعله. وجودك يحبط كل طموحاتي وحماسي». ثم تسعى على الفور للتخفيف من حدة ما قلته، فتضيف قائلا : «لا تسيئين فهمي يا حبيبتي، أردت القول إن سعادتي بازدياد مادمت معك. على من يريد تنفيذ مهام كبرى، أن يكون وحيداً. يجب أن لا يحمل في قلبه ذرة ضعف، ويجب أن ينأى عن الحب، والشفقة والرأفة.
وسألت المرأة قائلة:
-لأكفَّ عن الكلام إن كنت لا ترغب بسماع المزيد. هل أزعجك؟
استعاد الرجل وعيه وكأنه يصحو متلعثماً: اجل متلعثماً :
-كلا، على العكس، تابعوا، كنتم تقولون الآن ما معناه أني سبق وذكرت لكم في حينه أن من يسعون في الحياة لإنجاز أعمال عظيمة، عليهم أن يكونوا بلا قلب ولا رحمة، أهو ذلك؟ كم يبدو أن وجهة نظري كانت منحرفة! كلا، كلا، ها أنا الآن على حافة الموت، فالأعمال عظيمة بقلوب كبيرة، الكون لا يعمر إلا بقلوب كبيرة تحمل في داخلها الحب والرأفة لكل الكائنات. بدون حب، وبدون رأفة لا توجد مأثرة عظيمة. الحب والرأفة غذاء لكل عظمة.
واستأنفت المرأة الكلام:
-أجل، كنت تقول «حتى يستطيع المرء تحقيق ما يطمح إليه من عظيم الانجازات في حياته لابد وأن يكون بلا قلب ولا رأفة. الصعود إلى القمة، يتطلب الارتقاء على أكتاف الآخرين ودوسهم. لكن تحقيق الغايات يتطلب أيضاً تملق من بيده مفاتيح النجاح، وقد يصل الأمر إلى تقبيل أياديهم وأرجلهم، والقسم بأغلظ الأيمان لتؤكد إخلاصك ووفاءك، كما عليك إثبات صدقك بتقديم بعض التضحيات. ولكن ما يأتي يومك، وتصبح أنت صاحب سلطة وقوة، عليك أن تزيل من طريقك أول ما تزيل، كل أولئك الذين عاضدوك ودعموك على طريق النجاح وكان لهم اليد الطولى في ترقيتك، مقابل خدماتك لهم، وما أظهرت لهم من مظاهر الإخلاص والوفاء. لابد وأن ضرباتك لهم ستفاجئهم، وسيدينونك بنكران الجميل وعدم الوفاء والخيانة، لكن ذلك لا أهمية له، فتلك لن تكون سوى إرهاصات نفسهم الأخير، وسيصمتون من بعدها إلى الأبد!»
تحول أفكارك مع مرور الزمن عن الطريق القويمة، أوقعني في قلق عظيم. قلت لي مرات عدة، أن وسيلتك الوحيدة للثراء هي سلب الناس أموالهم بشتى السبل المتاحة. حتى أنك ذات يوم قلت: «هل تعلمين،كم هو سهل أن نصبح أغنياء. إليكِ الحل ببساطة: في مطلع كل شهر، يأتي معتمد الصرف في المديرية حيث أعمل، حاملاً حقيبة فيها مئة وخمسون ألف ليرة رواتب الموظفين. من السهل جداً، سلب هذا الرجل في الطريق، أو قبل فتحه لحقيبته في غرفته في المديرية، وبدون أن أتعرض للشبهة. في مثل هذه الحالات، تقع الشبهات الأولى والأخيرة، على معتمد الصرف. هو من سحب النقود من البنك، وهو من أضاع حقيبة النقود بينما كان يحملها. لابد وأن السارق هو نفسه. ماذا سيحدث في هذه الحالة؟ سيُحكم عليه بالحبس عشر سنوات. وتعويضاً له عن هذا الصنيع الذي خدمني به دون معرفته، سهل. ففي اليوم الذي سيخرج فيه من السجن واهناً، وهرماً، وبلا أمل، سيجد عشرة آلاف ليرة مرسلة له من مجهول. هكذا سينسى الماضي المؤلم، ويولد أمله بالعيش مجدداً!»
على الرغم من هذه الأفكار، لكنها بقيت تخيلات وأوهاما، إذ لم يحصل على مسيرة حياتنا سوى تغير طفيف، فقد بقيت موظفاً صغيراً، وبقينا نعيش بذات الحرمان. ولو بقي الوضع على هذه الحال، فلا بأس، لكن الوضع ازداد سوءاً، وتوالت عليك الإخطارات الإجرائية، ونيل عقوبات التقصير في عملك. كنت تصل إلى البيت من العمل منهكاً وغاضباً. وعندما أسألك عن حالك، توبخني، ثم تلتهم طعامك على عجل لتبقى مستلقياً على الأريكة طوال الوقت. بدأت أشعر بالوحدة وأنا جوارك داخل البيت، كما أن شكوكاً أخرى بدأت تحوم حولك وحول بيتنا وزواجنا وسعادتنا. بدأت أشعر بأني خُدعت، وما هذا الرجل سوى صانع أوهام، السنوات تمضي، وهو لا يترقى في وظيفته، بل على العكس من ذلك، فهو يتراجع ويحصل على تقارير سيئة. يزداد مع الأيام عصبية وخشونة وفظاظة، حتى أفكاره مع الأيام تزداد شراسة ولا أخلاقية. كيف لي أن لا أصاب بالقلق والإحباط جراء ذلك الانحدار؟ عندما لا يستطيع تحقيق مآربه ويشعر بالفشل، ينبري عدواً لمن يملكون بأيديهم زمام أمره، ويفكر حينئذ بتحقيق رغباته بطرق أقصر وملتوية وبوسائل لا أخلاقية!
كلما مر يوم جديد، كلما ازددت بعداً عني. أصبح بيتنا بارداً وموحشاً، وبدت لي حقيقة عوزه.
أنا أيضاً تغيرت بالمثل، وصرت أعاملك بفظاظة.أقاطع حديثك عندما تتكلم عن أوهامك، بل عيل صبري من كل هذا الهراء، وصرت أشعرك بفشلك، فتغضب من كلامي وتغادر البيت بعصبية.
أصبحنا مع مرور الوقت، غريبين وعدوين تحت نفس السقف. وعندما أدركت ذلك أصابتني الدهشة وتساءلت إلى متى ستستمر أحوالنا هذه، لم لا أنفصل عنك وأذهب بحالي؟ ولكنني أجبت نفسي: إذا ما تركته سيزداد حاله سوءاً! لذا عليّ الانتظار قليلاً، فقد يتحسن وضعه مع الأيام!
لكن، هيهات! كل آمالي ذهبت أدراج الرياح، فحالك كانت تزداد غموضاً باضطراد. أصبحنا نقضي أياماً عديدة دون أن نكلم بعضناً ولو بكلمة واحدة. ثم انتابتني وساوس أخرى، قد يهرب ويتركني وحيدة في البيت دون أن يشعرني ولو بكتابة سطر واحد! عندئذ، لن أستطيع تحمل مثل هذا التصرف الذي سيجرح كرامتي وعزة نفسي بعمق. الاستباق بصون كرامتي وعزة نفسي سيطرت على حواسي. صرت أشعر بكل تصرف يبدر منك مساً لكرامتي وعزة نفسي، وأصبح لأقوالك تأثير أكثر مرارة وأشد تجريحاً، فبدأت بالرد عليك بأشد منه. رد فعلي هذا أوصلني إلى الأسوأ. صرت أتحدث مثلك، وأقابل كلامك الفظ بكلام أكثر فظاظة. أصبحت ردود فعلي جارحة إلى الحد الذي يصيبك بالخوف. باختصار، فقد جعلت مني مشاكسة وعدوانية.
هذا التغير الذي طرأ على تصرفاتي، حولك إلى شبح داخل البيت. تأتي إلى البيت خلسة في منتصف الليل، وتخرج في الصباح خلسة أيضاً، محاولاً عدم رؤيتي. أدركت خشيتك مني، وبظنونك من احتمال مجيئي إلى مكان عملك لأهينك بقسوة أمام رؤسائك.
توقفت المرأة عن الكلام لبضع ثوان، وبعد أخذ نفس عميق، تابعت قائلة:
– آه من معاناة تلك الأيام، وكأن جسدي كله قد طوق وربط بأسلاك دقيقة بإحكام، وهذه الأسلاك الدقيقة تقطع لحمي، وتفتح يوماً بعد يوم جروحاً أكثر عمقاً وأشد إيلاماً. تعرضت لعذاب نفسي وألم ينخر كل أنحائي جسدي، أقعد في السرير لعدة ساعات منقبضة جاثمة بلا حراك. لا يوجد في الدنيا ألم قاتل للمرأة أشد إيلاماً من عذاب الروح. ليس ذلك بسوء حظ، بل أسوأ من ذلك.
ولكن على الرغم من كل ذلك، كنت أشعر أني مازلت أحبك، وقد تجلى هذا الحب بشفقتي عليك. أجل، كنت أشفق لحالك بشدة، الذي تفاقم إلى اضطراب وعدم اتزان. صرت تتحرك كمن يمشي في منامه، تهمل في هندامك، وتمضي أياماً عدة بدون أن تحلق ذقنك.
أخيراً، في ذلك اليوم، الذي أقبل وقد أصبحت فيه على قناعة تامة بأن الانفصال عنك هو قدري.
توقفت المرأة عن الكلام ولمح الرجل شحوب وجه زوجته السابقة وبريق دموع ترقرقت في عينيها. وضع يده على يدها بلطف، لكن المرأة سحبت يدها وتابعت الكلام قائلة:
-أجل، كنت خارج البيت، عندما أقبل ذلك اليوم، وعند عودتي، لمحت قبعتك على المشجب، فأدركت أنك في البيت. دخلت بهدوء غير متعمد. لحظتك في الغرفة. كان الباب مفتوحاً جزئياً. شاهدتك من خلال الفرجة جالساً على سريرك وقد غطيت وجهك بكلتا يديك، تنتحب. رجعت القهقرى، استدرت بهدوء، وخرجت من البيت ثانية. همت على وجهي لساعات في الشوارع، أفكر بسبب بكائك. « إنه لا يبكي حاله فقط بل من أجلي أيضاً. لقد أدرك عدم استطاعته إسعادي. إنه يعتقد أني عقبة في طريق نجاحه. ألم يخبرني سابقاً بذلك؟ إذن، يجب عليّ الانسحاب من حياته. يجب تركه إلى الأبد، وتوفير الفرصة له ليحيا وحيداً كما يشاء. ذلك سيكون آخر تضحية أقدمها له، وآخر واجبتي نحوك.
عدت إلى البيت وقد اتخذت قراري بالانفصال. لم أود مصارحتك بنيتي تركك حراً، لتخوض مرة أخرى غمار حياتك بدوني. أردت أن أجد سبباً ومبرراً آخرين، لأني كنت على يقين إن لم أجرح كبرياءك وكرامتك، لن ترضَى بالانفصال عني.
السبب والمبرر كانا واضحين تماماً، حياة البؤس والفقر والحرمان التي كنا نعيشها!
بعد يومين، أعددت حقيبتي، وقلت لأتحدث معك قليلاً. وجهي كان عبوساً وصوتي كان محتداً. جلسنا. وقلت، أريد بيتاً جيداً، أنا خلقت لأحيا حياة هنيئة. لدي احتياجات أساسية كالملابس والترفية والسياحة. لن تستطيع أنت تأمين كل ذلك لي. هل هذه هي الحياة التي وعدتني بها عندما تزوجنا؟ كم وكم وعدتني، ولكن كيف استطعت خداعي؟ لا نية لي بإضاعة عمري مع إنسان غارق في الأوهام الطفولية والترهات!
وأنت، كنت تنظر إلى وجهي بهدوء، وقد ظهر ثانية على حواف شفتيك ذلك الخط الملعون. صحت هذه المرة: أريد منك جواباً. ما بك تنظر إلى وجهي بغباء؟
عندئذ، وبنفس الهدوء وبنفس ذلك الخط على حواف شفتيك، قلت: لم أعدكِ عند الزواج بغير الحب. ما زلت أحبك، إذن ما زلت متمسكاً بوعدي، لكن، ما دمت ترغبين بالانفصال، فليكن ما تشائين!
أعترف بأني على الرغم من أني كنت قد اتخذت قرار الانفصال عنك، إلا أن ردك أن اذهبي ما دمت تشائين ذلك، وقع علي كالصاعقة. كأن نابضاً من الصلب انحشر بين أضلعي، يفلعني. نشيجاً محشوراً في حلقي خنقته بصعوبة وانتزعت حقيبتي وانطلقت إلى الخارج.
توقفت المرأة عن الكلام ونظرت إلى نحو زوجها. ذلك الوجه المتألق الآن بهدوء وثقة لا حدود لها بتجاعيده التي كأنها ازدادت عمقاً عما كانت عليه منذ ساعة مضت، لم تره فيما مضى كما يبدو الآن على هذا القدر من الجمال ولا حتى في عز شبابه.
وسأل الرجل قائلا:
-لماذا خرجت من القبر ودعوتني لتروي لي كل هذا ؟
أجابت المرأة وهي تنظر في أعماق عينيه قائلة بأناة الكلمة تلو الأخرى:
-لأراك للمرة الأخيرة قبل الدخول إلى القبر.
وقامت مسرعة من مكانها، حتى بدون مصافحة زوجها السابق وانطلقت نحو الباب خارجة.
[[ الكاتب في سطور:
صامت آغا أوغلو (1982-1909) SAMET AGAOGLU:
-ولد في باكو/ أذربيجان. هاجر مع والده إلى تركيا والذي عمل بالسياسة. حصل على إجازة بالحقوق. عمل في مجالات عدة وتقلد مناصب سياسية، إلى أن شارك بتأسيس الحزب الديمقراطي. انتخب نائباً في مجلس الأمة ثلاث دورات متتالية ليتسلم خلالها حقائب وزارتي الدولة والعمل ومنصب معاون لرئيس الوزراء. حكم عليه وأعضاء حزبه بالسجن مدى الحياة إثر انقلاب عسكري. ثم أطلق سراحه بعد صدور قرار العفو العام عن أعضاء الحزب الديمقراطي.
-بدأ حياته الأدبية والسياسية وهو على مقاعد الدراسة، ونشر قصصه ومقالاته السياسية في العديد من الصحف المحلية الواسعة الانتشار. صدر له العديد من الكتب في مجال القصة والسياسة.
[ نوع من السمك البحري مفلطح الشكل.