لليوم الثالث على التوالي
أنهضُ من نومي
ولا أرى وجهكِ
كأني في غابة العتمة
لا الصباح ممكن
ولا الوقت أيضاً
وعليّ مواصلة أشواقي إليكِ
واستحضار ما تيسّر من عاطفتي
الغائبة
إنه اليوم التالي
المسبوق بيومٍ آخر
من أيام الشوق المستعر
الأيام القادمة
تظهر فجأة في نومي الصعب
ولا شيء يمنعني من تكرار تعبي
وربما حزني
لا شيء يمنعني
من ترقيم لحظاتي
على مهل
الأشجار تحمل صورتكِ
ثمار التين صاحية
تُبشّر بأصابعكِ
أكواز الرّمان الناضجة
تتلفّظُ بنهديكِ
كوزان شهيان في أعلى الشجرة
ينادياني ولا أقطفهما
فكلّما حرّكهما الهواء
يلوذُ فمي بالسعادة
وتمتليء الأولى بباقة حنانك
والثانية تستلقي على صدركِ
بلا هوادة
أماكن حضوركِ صافية هنا
يتوزع اسمكِ على مقاعدها
غيابكِ في أعلى غيمة
فوق حديقتي
ينعمُ جسمي بفيء ملون
يرميه غيابك
حول آهاتي
ما هذه الحديقة؟
كل وردة فيها تتلو عطركِ
كل زهرة فيها ترسم فمكِ
كل ثمرة فيها متأهبة
تنتظر وهجكِ من بعيد
لتنضج
الليل هنا
لا مثيل له
عتمته خاصة جداً
تُشرق كثيراً
أكثر من النجوم
فكلما اشتدت حلكة الليل
يتراءى جسدكِ
بين طيور صافية
ويجلس القمر على ركبتيه
يراقب عينيكِ
يتغذّى منهما
ليصير قمراً
مسافة واحدة هنا
تمتدُّ منكِ إليكِ
وأنا في هذا المسير
أُراقبُ قلبي كيف يعمل
وكيف تُطحن أظافري بين أسناني
بعد منتصف الليل
يتوقف الليل عند ليلِه
وتعترف السماء بنجومها
ثم تطرّزها على كفّي
وكوردة واحدة
تتسابق مع عطرها
تحت شرفة أخيرة
يظهرُ طيفكِ
حنان وجهك
يداوم بانتظام
في عطلتي الصيفية
لا يكفّ عن الإنتشار
في راحتيّ
كل شيء هنا
من سلالة ضحكتكِ
فلا خوف من الكآبة
والبرد المفاجئ
لا خوف من الوحدة
ومن الخوف نفسه
الشجرة العالية
الأقحوانة في زاوية الحديقة
كوب الماء البارد المحروس
صحن الفاكهة اللذيذة
وعناصر أخرى كثيرة
تُزيّن الصيف
والعطلة
كلها تبحثُ عن عينيكِ
وردة الدانتيل المُهيمنة
على الحديقة
تتساءل كيف يتحدد
عطرها
من دون عينيكِ؟
من جديد يمرّ غيابكِ
الشوك القليل في الحديقة
ينتصب أكثر
يُنذر بوخزٍ عظيم
وجسدي على الأطراف
يؤجل هلاكه
الأرض طريّة وليّنة
يمكن لفّها مثل سجادة
فوقها سماء مشاغبة
يمرّ غيابكِ
ولا يتوقف
ينافس العصافير الصغيرة
وهي تحوم حول
حريتها
قمر صغير
يولد فجأة
فوق شجرة الغاردينيا
أحسبُ أنه نافذة
أدركت الوصول
يصلني الآن صوتكِ
وأبدأ بالصعود
إلى نفسي
شاعر من لبنان