هناك دائماً خصومة بين الروائي والسينما ، نادراً ما يرضى الأديب الروائي عن عمل له تحول الى شاشة السينما ، فالعمل الأدبي بالنسبة اليهم كالابن الوليد عليه أن يظل كما هو بحسناته وعيوبه ـ والأب ـ الأديب ـ يتحمل عنه المسؤولية الكاملة… وقليلون منهم من أنصفتهم تجربة اعداد أعماله للسينما.. منهم الأمريكي «جون شتاينبك» الذي كانت أعماله للسينما أكثر حظاً من غيره مثل «سكوت فيتزجرالد» و«همنجواي» و«وليام فولكنر». فقد رشحت أعماله التي قدمتها السينما للأوسكار الخمسة وعشرون ترشيحاً فازت أربعة منها بالأوسكار.. كما رشح شتاينبك نفسه ثلاث مرات عن السيناريو.
فيفا زاباتا
الإخراج: الياكازان
سيناريو: جون شتاينبك
مدير التصوير: جو ماكدونالد
موسيقى: ألكــس نورث
مونتير: باربارا ماكلين
الممثلــون
مارلون بواندو: امليانو زاباتا
جون بيترز: جوزيفا
انطوني كوين: افيميو
جوزيف وايزمان: فرناندو
أرنولد موس: دون ناسيو
آلان ريد: بانشو فيللا
مارجو : سولدا ريدا
ليو جلبيرت: بابلو
هارولد جوردون: ماديرو
فرانك سلفيرا: هيورتا
فاى روب:دياز
فلورتو إيمس: سنيور اسبيخو
والأعمال التي قدمت له على الشاشة تندرج تحت أربع فئات. أعماله التي أعدها له آخرون للسينما وأعمال كتب لها السيناريو بنفسه عن رواياته وأخرى عن قصص له لم تنشر… وأخيرا سيناريوهات أصلية كتبت خصيصاً للسينما وأهمها فيلم «فيفا زاباتا» الذي رشح لأربع جوائز من أوسكار عام 1952م عن الإخراج «إليا كازان» وأحسن ممثل «مارلون براندو»… وأحسن ممثل دور ثان… «انطوني كوين»… وعن الديكور.. ولم يفز الفيلم سوى بجائزة أحسن ممثل في دور ثان.
ومن أعماله الأخرى التي أعدت للسينما «رجال وفئران» ـ وعناقيد الغضب (1940) ـ تورتيلا فلات (1942) وغاب القمر (1943) ـ قارب نجاة (1945)… وأخرها «شرق عدن»….. من بينها أعمال تعتبر الآن من كلاسيكيات السينما مثل عناقيد الغضب ورجال وفئران.. وهذا السياريو الذي بين أيدينا.
وأهمية هذا الفيلم والسيناريو ليس فقط لمخرجه «إليا كازان» أو أبطاله.. لكن لانه كما يقول «كازان» عن النص الكامل الذي كتبه شتاينبك «لم يكن عملى سوى اختيار أماكن التصوير وتقطيع المشاهد» ولأن موضوع الفيلم لم يكن غريباً على «شتاينبك» فقد سبق له زيارة المكسيك وقدم عنها فيلما تسجيليا بعنوان «القرية المنسية» حول العلم والخرافة من خلال قرية مكسيكية ترفض العلاج الحديث وتتمسك بالقديم.
وهى فترة استمرت شهوراً درس فيها الناس والأرض واللغة وهو ما ساعده في كتابة السيناريو عن شخصية «زاباتا» البطل المكسيكي الذي تحول الى أسطورة في ضمير شعبه.
وأخيراً… فإن شخوص وموضوع الفيلم تجد جذورها في أعمال أخرى مثل «عناقيد الغضب» الذي أخرجه «جون فورد» و«رجال وفئران» و«قارب نجاة». فالفيلم يتناول السيرة الشخصية له تناولا اعتبره البعض حينذاك عملاً شيوعياً يحض على الثورة. ولم يكن «شتاينبك» كذلك… وإلا ما كان الفيلم قد رفض في الاتحاد السوفييتي أيضاً لأن البطل ليس هو البطل في المفهوم العقائدي الثوري!
وهنا يثور سؤال على حد تعبير الناقد «روبرت جورسبجر» هل كان «زاباتا» «ثورياً» أم «متمرداً»؟ يقول البرت كامي أجابة عن السؤال… «أن المتمرد شخص مستقل يقف ضد الظلم من أجل الحرية ومستعد للموت من أجلها.. لكنه يتردد أمام القتل في حين أن الثوري على العكس يتحدث عن الحرية مستخدما العنف والرعب باسم الأخوة والمساواة.. على استعداد لنصب المشانق وفرق الإعدام… فالغاية عنده تبرر الوسيلة!! وهي المقارنة التي نجدها بين «زاباتا» و»فراناندو» الذي ينضم في النهاية لأعدائه من أجل هدف بعيد المنال.
وكما يقول «كامي» أن المتمرد «لا يتمرد فقط لظلم وقع عليه… بل لمجرد أن يشاهد الظلم على الآخرين… واحساسه بالتماهي معهم» وهو ما حدث مع «زاباتا». فهو لم يكن يخطط للأحداث… بل كان رد فعل لها… كان كل هدفه أن يحقق حلم حياته بالزواج من جبيبته والاستقرار. لكنه ما أن شاهد السجين البريء في طريقه للإعدام حتى ثار من أجله. وهو من أول مشهد يتكلم باسم الهنود الفلاحين رغم انه لا يملك أرضاً… هو اذن كما قال له «دون ناسيو» ليس ضمير العالم. عندما يدافع عن طفل سرق ليأكل.. ان احساسه الفطري بالعدل هو الذي يجعله يسعى للتعليم ليواجه مثقفي المدينة. وعندما يسأل عن «ماديرو» الزعيم الجديد لا يسأل عن أفكاره بل يريد رؤيته ليقرأ أفكاره من وجهه وسلوكه. أن كل مطلبه أن يجد الفلاح أرضا يزرعها. هي في الأساس أرضه. وهو ما يتعاطف معه «دون ناسيو».. «أعطوهم القليل والا استولوا على كل شيء».. أن الأرض هي الأهل والعرض والحياة الكريمة بالنسبة للفلاح وهو ما يتردد في «عناقيد الغضب» لذا أختاره جموع البسطاء زعيماً لهم. وهو منصب لم يكن يريده أو يتمناه. منصب يرى فيه شقيقه ووالد زوجته «فرصة للثراء» وهو لا يرى فيه إلا الشقاء والمعاناة فيما سيواجهه.
عندما تسأله زوجته. إذا مت.. فماذا عن هؤلاء الناس؟ فيرد عليها.. «الزعيم القوي يخلق شعباً ضعيفاً في حين أن الشعب القوي لا يحتاج لرجل قوي لقد تغير الناس وهم ليسوا في حاجة لي وقائدهم سيكون من بينهم».
وهو لا يدرك إلا أخيراً بأن القتل يؤدى لمزيد من القتل لكنه مضطر لمواصلة الطريق حتى لو كان فيه موته.. وإذا كان المحترفون هم الذين ينتصرون فهو أنتصار مؤقت كما يشير الفيلم في نهايته.. لقد أصبح «زاباتا»… فكرة وليست شخصاً.. والأفكار لا تموت.. صار كالعنقاء لا يمكن الإمساك به بعد أن استقر في قلوب وضمائر شعبه ليظهر يوما ما زاباتا جديد يمتطي جواده الأبيض «بلانكو» الذي ينتظر فارسه فوق قمة الجبل ،،،
(مع العناوين الرئيسية نشاهد هذه اللقطات)
ـ لقطة طويلة……… ريف:
رجلان « أحدهما يمتطي حصاناً أبيض يسرعان في اتجاه الكاميرا. تسمع من خلفهما صفارة قطار مما يزيد من ابقاع سرعتهما.
– لقطة متوسطة ـ الفارسان:
راكب الحصان الأبيض في المقدمة…… الاثنين يرتديان زيا وطنيا.
ـ محطة فرعية… تنخفض صفارة القطار مع توقفه لالتقاط بعض الركاب:
(مجموعة من الفلاحين في زيهم الأبيض في انتظار شيء ما. يبدو الفارسان في المنظر وهما يرتجلان).
ـ انتهاء العناوين ـ
فارس (موجها حديثه إلى فارس الحصان الأبيض): ـ انك تهدر وقتك يا أخى… لا شيء يجوى من هذا….. لا شيء
(صوت القطار… الفلاحين والفارسين ينظران تجاه الصوت ـ فارس الحصان الأبيض يلتفت نحو شقيقه الفارس الأخر يسلمه زمام الحصان الأبيض ويتجه نحو الفلاحين)
ـ اختفاء ـ
بوابة قصر:
(الفلاحون الذين كانوا في انتظار القطار أمام البوابة ـ نتعرف من بينهم على فارس الحصان الأبيض ـ جنود في حراسة البوابة).
لقطة متوسطة ـ فريق من الفلاحين عند البوابة:
(أحد الفلاحين يقدم للجنود أوراقاً يتفحصونها ثم يقومون بتفتيشهم بحثا عن أسلحة حيث يجدون مع أحدهم سكينا ومع آخر بندقية… الخ يسلمونها لجندي آخر يقف على البوابة.
داخلي ـ حديقة القصر:
أسلاك تحيط بالجدران والجنود يضعون أسلحة الفلاحين على جانب.. موضحين لهم إنه إجراء أمني عادي على أن يستردوها عند الخروج.
عند البوابة
فارس الحصان الأبيض أمام الجنود يسلمهم سلاحه حيث يسلمونه لجندي عند مدخل البوابة ـ خلف الفارس رجل نحيف هو «بابلو» الذي يسلم بدوره سكينا صغيرة يتفحصها الجندي في دهشة.
لقطة اعتراضية ـ السكين تبدو صغيرة لا خوف منها:
عودة إلى المشهد السابق:
الجنود يعيدون السكين إلى بابلو بابتسامة «بينما ينظر فارس الحصان الأبيض إليها ويقول له بمرح».
الفارس: متى تحمل سكينا حقيقيا؟
(الفلاحون يبتسمون لهذه الدعابة ثم يمرون وجندي يشير إليهم باتباعه).
ـ مزج إلى ـ
داخلي ـ غرفة استقبال في القصر:
ـ خادم في زي رسمي يسمح لهم بالدخول ثم يخرج. حاجب بيده بطاقة وقلم يتجه نحوهم.
الحاجب: أسماءكم… لو سمحتم.
الفلاحون يتفحصون الغرفة ـ كرسي ضخم يبدو كالعرش في أحد جوانب الغرفة. وعلى حائط تبدو صورة «دياز» بكل عظمته… مجموعة منهم تحملق في الصورة.
لقطة شاملة ـ غرفة الاستقبال:
ـ تبدو خالية إلا من كرسي خلف مكتب ضخم… وفد الفلاحين أمام صورة «دياز» حتى ينتبهون على صوته حيث يقف «دياز « رئيس المكسيك ينظر إليهم نظرة خاطفة ثم يتجه بخفة ونشاط نحو الكرسي ويجلس. الحاجب يسلمه البطاقة بأسماء الوفد ـ دياز يتفحصها للحظة ثم يقول (مشيرا):
ـ اقتربوا….. اقتربوا
(يتجهون نحوه في تردد)
لقطة متوسطة ـ دياز والوفد:
دياز: والآن يا أبنائي… ما هي المشكلة التي جئتم من أجلها؟
(الوفد كل منهم يلتفت نحو الآخر في تردد بحثاً عمن يتكلم أولاً ـ فارس الحصان الأبيض يقف في المؤخرة).
دياز: حسنا…. لابد من أن يتكلم أحدكم…. لابد أنكم حضرتم من أجل شيء ما؟
لازارو (واحد من الوفد في اشارة موافقة): نعم أيها الرئيس… لقد جئنا لشيء.
دياز (ينظر لآخر): حسنا…. انت…قل لي ما هو؟
أحدهم: لابد أنكم تعلمون بالأرض التي عند الصخرة البيضاء جنوب اننسليو……….
ثان (وقد أعد خطبه): سيدي الرئيس… لقد فقدنا….
بابلو (مقاطعا اياه): لقد استولوا على أرضنا.
دياز: من الذي استولى عليها؟ عندما توجهون اتهاما يا أبنائي لابد أن تكون تحت أيديكم كل الحقائق ! من اذن الذي استولى عليها؟
الوفد (في صوت واحد): مالك الأرض هناك… انه أكثر من ملك؟ لقد استولوا على الوادي الأخضر ولم يتركوا لنا إلا التلال الصخرية ! وقد أقاموا سوراً من السلك الشائك بحيث لم يعد باستطاعتنا إطعام مواشينا.
الأول: وحرقوا المنازل الثلاثة القريبة من الصخرة البيضاء.
ثاني: ويزرعون قصب السكر في أراضينا التي كنا نزرعها قمحاً.
دياز: هل لديكم ما يثبت ملكيتكم للأرض.
لازارو (في هدوء): القرية تملك هذه الأرض منذ زمن بعيد (ممسكا بحقيبة بالية من الجلد ولدي أوراق منذ التاج الأسباني… ومن الجمهورية المكسيكية.
دياز: أذن… لا توجد مشكلة.. طالما لديكم ما يثبت هذا (يتوقف) وسوف يحسم القضاء الأمر.. سوف أرسلكم إلى نائبي الشخصي.. لكن قبل لقائه عليكم بالبحث عن علامات الحدود.. تأكدوا من هذا… لابد من حقائق… حقائق… أوراق ومستندات.
(الوفد يعبر عن امتنانه وشكره).
دياز (مواصلاً حديثه): والآن.. لدي ما يشغلني من أمور (بابتسامة) انني رئيسكم منذ أربعة وثلاثون عاماً… وليس من السهل أن تكون رئيسا كما يظن البعض.
أكبر الوفد سناً: شكرا… أيها الرئيس
زواية واسعة:
يغادر الجميع القاعة إلا فارس الجواد الأبيض الذي يقف وحيداً صامتًا ينظر للرئيس بعين فاحصة… يلاحظ بقية الوفد انه ما زال مكانه. عندما يتحدث لا يبدو على وجهه أية تعبيرات إلا من صوت هادئ.
الفارس: سيدي الرئيس… لا يمكن لنا ان نتحقق من الحدود.. فالأرض احيطت بسور وعليه حراسه مسلحة. انهم يزرعون في هذه اللحظة قصب السكر بدلاً من أن تزرع قمحنا.
دياز: (على وشك الكلام)…. ان المحاكم……….
الفارس: لو أذنتم لي.. القضاء: هل علمتم يوماً ان قضية أرض أعيدت يوما لأصحابها من الأهالى.
دياز: وهل تم الاستيلاء على أرضك؟
الفارس: أرض أبي تم الاستيلاء عليها منذ زمن بعيد…. سيدي الرئيس
دياز ينظر إليه لحظة ثم يتجه نحو الفلاحين متحدثا إليهم: انني بمثابة الأب لكم.. وحاميكم…. ودمنا واحد…. عليكم بالصبر.. فمثل هذه الأمور تستغرق زمنا !
الفارس: سيدي الرئيس… كما تعلمون تماماً فاننا نصنع طعامنا من القمح وليس بالصبر… ثم أن الصبر لن يجعلنا نجتاز سورا مسلحا… ولو فعلنا بنصيحتكم.. أي بالتحقق من الحدود… فنحن بحاجة لسلطة لعبور هذا السور.
دياز: من المستحيل استخدام مثل هذه السلطة في أمر كهذا.
الفارس: لكنكم اشرتم علينا بذلك
دياز: لا أملك سوى النصيحة.
الفارس: اذن… سيد الرئيس. من الطبيعي أن نعمل بنصيحتكم.. شكراً سيدي (ينحني).
(يلتفت للخروج وفي عينه ابتسامه ومعه بقية الوفد)
لقطة قريبة ـ دياز:
يبتعد تبدو الريبة على وجهه
دياز: أنت !
لقطة متوسطة ـ الوفد عند الباب:
قبل الوصول إلى الباب يتوقف الفارس ويتلفت قليلا.
الفارس: نعم سيدي الرئيس
صوت دياز: ما اسمك؟
الفارس: زاباتا
لقطة من زاوية أخرى تضم «دياز» و«زاباتا»:
دياز: ماذا….؟
زاباتا: امليانو زاباتا
(دياز يتفحصه مليا ثم يدون أسمه في بطاقة)
لقطة اعتراضية (*):
دياز يضع دائرة حول الاسم في البطاقة التي اعطاها الحاجب عند دخوله.
عودة للمشهد السابق:
(دياز ينظر نحو زاباتا ليعرف ان كان قد لاحظ وضع اسمه داخل دائرة.. زاباتا يعاود الالتفات نحوه… ينظر كل منهما للآخر للحظة بنوع من التحدى.. زاباتا يتجه نحو الوفد عند الباب و«دياز» طارده بنظراته).
تداخل (معملي) (**):
خارجي ـ سور محاط بسياج في مورليو قرب منطقة «أيالا»:
(حشد من الفلاحين رجالا ونساء وأطفالا عند السور بينهم طفل يحمل على عصا صورة العذراء» جواد الوب» ـ فلاح عجوز بيده حقيبة جلدية سبق أن شاهدناها والتي تتضمن الوثائق والمستندات ـ من بينهم مجموعة صغيرة، تمتطى الخيل من بينهم «زاباتا « و«افيميو».
لقطة قريبة ـ امليانو و»إفيميو»:
امليانو (إلى إفيميو): حطم السور
إفيميو: حالاً….
الناس يتجه صوب السور بينما وقفت النساء بعيداً:
(قادة الجمع يبحثون عن أول علامات الحدود)
لقطة قريبة ـ كبير القرية ممسكاً بالوثائق ويتفحص أحداها:
ـ لابد ن تكون العلامة هنا !
زاوية واسعة:
(هندي يحمل بندقية آلية يلتقط قطعة من حجر قائلاً: الهندي: هاهي قطعة منه !
(هندي عجوز يحضر صورة العذراء ويغرسها في الأرض والجماهير تضع أحجاراً حولها ـ فجأة يأتي صوت هرولة من بعيد انفجار شديد ـ الفلاحون يلوذون بالفرار وهم يتطلعون للامام.
لقطة طويلة:
يبدو من بعيد أربعون فارسا فوق التل ـ صوت التفجير يسمع ثانية ـ يتجهون نحو الجماعة وهم على أهبة الاستعداد
لقطة عامة:
امليانو وافيميو يمتطيان جواديهما وهما يصرخان فيهم: ادخلوا…. ادخلوا… تخطوا السور، (وهما يقودان الجميع نحو ثغرة في السور. يدوى فجأة يدوى صوت انفجار وطلقات مدفع رشاش).
مجموعة عند ثغرة في السور:
يحاولون تخطي السياج وهم يواجهون الموت تحت نيران المدفع الرشاش.
امليانو يبحث عن موضع المدفع الرشاش.
المدفع الرشاش:
وعليه خمسة رجال ، وطلقات الرصاص في اتجاه طاقم المدفع ، فجأة يلقى القبض على الرامي وهو يحاول توجيه الرشاش نحوهم… الكاميرا تدور على محورها معهم. لنرى عن بعد فارسين نحو المدفع.
طاقم المدفع الرشاش:
يظهر الآن الفارسان ـ امليانو وافيميو وهما يحاولان التخلص من طاقم الرشاش.
لقطة طويلة ـ الجنود (الرورالس):
الجنود يتجهون نحو الفلاحين الذين يحاولون النفاذ من السور ـ يجرون بلا نظام ـ يتساقطون أرضاً.
لقطة متوسطة ـ قائد الجنود مع بعض رجاله:
يشير الكابتن نحو «امليانو»
الكابتن: ها هو هناك… انه الشخص المطلوب القبض عليه… انه زاباتا)
(يتجهون نحوه)
بعض الجنود عند السور:
امليانو يتجه وحده نحو الجنود… وما أن يراه أنصاره حتى يلحقون به ، وخلال تحول الموقف مؤقتا يتمكن عدد منهم من اختراق السور.
لقطة قريبة امليانو:
يقفز على ظهر حصان الجندي ويمسك بذراعه. ويغمز بمهازة الجواد في جانبه.
لقطة واسعة ـ الحصان يندفع نحو المعركة:
الجندي يسقط من فوق حصانه.. في الخلفية نرى بقايا الفلاحين وقد استغلوا تفرق الجنود «امليانو» يقتحم السور.
لقطة متوسطة ـ الكابتن والجنود من حوله في انتظار أوامره:
(يشير إلى زاباتا الهارب ويأمرهم بمطاردته)
لقطة طويلة ـ امليانو يميطي جواده بعيداً:
(يبدو وفجأة وكانه اختفى وسط أجمة نبات شائك.. ومع اختفائه يظهر الجنود في اللقطة دون أن يعرفوا أين اختفى).
لقطة متوسطة ـ الكابتن يأمر جنوده بالبحث عنه في كل مكان.
ـ اختفاء ـ
ظهور:
لقطة طويلة ـ جبال موحشة ـ نهار:
(شاب يتسلق أحد الدروب).
لقطة قريبة للشاب «فرناندوا جويرا»
انه يرتدي ملابس عصرية يتصبب عرقا ـ ويرتدى قميصا ذوياقة وحذاءاً عاليا يغطي البنطلون ـ يحمل في يده معطفا وقبعة من القش وحقيبة صغيرة في يده الأخرى وآلة كاتبة موديل 1892. يتوقف فجأة رافعا يده صائحا:
فرناندو: زاباتا… امليانو زاباتا
(لا يجد ردا فيواصل سيره وقد بداعليه الإجهاد)
كهف خلف صخرة ضخمة:
نرى بابلو أحد الفرسان الذين شاهدناهم في مشهد ترسيم الحدود وقد استيقظ توا على الصوت.. أمام مدخل الكهف غزالة ذبيحة تشوى على النار… بجوار الكهف ثلاث خيول في مرابطها وحصان يقاوم صاحبه ـ وامرأة من المدينة.. نصف فتاة جميلة في توحش وقد جلست بجوار النار لإنضاج الذبيحة… انها «سولدا ديرا» صوت صياح ـ «بابلو» ينهض متثاقلا تجاه «صخرة ويتلفت حوله.
شق صخرة صغير يطل على ممر حيث يرقد امليانو وإفيميو:
ـ ملابسهم بالية ـ يبدو وكأنهم كانوا يطاردون حيوانات. افيميو يطلق بندقيته تواً… يظهر « بابلو»
بابلو (وهو يتطلع نحوهم): انه ما زال يصعد…
امليانو: ترى من يكون؟
بابلو: غريب.. انظر لملابسه
افيميو (إلى امليانو): أخي… هل أقتله؟
بابلو: كن حذراً.. لا تقتله
افيميو: عندما أريد قتله سأقتله… وعندما أريد أن أخطئه… أخطئه !
بابلو: ومن خطأ بسيط يمكن أن يجد الإنسان حتفه
(افيميو يسحب بندقيته ويتنهد… وصوت طلقة رصاصة.. فزناندو يتوقف يرفع قبعته وحقيبته علامة التسليم ثم يواصل الصعود)
امليانو ـ افيميو ـ بابلو:
بابلو: انه مجنون.. وليس من العدل قتل مجنون !
افيميو: هل أحاول ثانية… وعن قرب هذه المرة !
بابلو: أقرب قليلاً…. كيف؟
لقطة قريبة ـ فرناندو:
فرناندو: زاباتا…. اميليانو زاباتا !
امليانو ـ افيميو ـ بابلو
بابلو: ربما لديه رسالة
افيميو: وقد يكون شركا… لم لا تقتله؟ هذا أسهل.. بدلا من مزيد من القلق ، فضلاً عن انه لن يكلفنا قتله شيئاً… مجرد رصاصة واحدة !!
امليانو: لا….
(ينهض لمواجهة فرناندو)
امليانو: (ينادي عليه): ماذا تريد؟
زاوية واسعة ـ فرناندو يتقدم نحوهم:
اميليو: خد حذرك من سلاحه
(فرناندو يلتفت نحو بابلو ويرفع يده لأعلى)
بابلو (يمد يده): بابلو جونبر.
فرناندو: أنني أبحث عن امليانو زاباتا
افيميمو: ليس هنا !
فرناندو: لقد ارسلني أصدقاؤه.
افيميو: ومن هم أصدقاؤه؟
فرناندو: أهل القرية.
افيميو: انه ليس هنا !
(امليانو يشير إلى افيميمو بتفتيش فرناندو)
فرناندو: اننى لا أحمل أسلحة.
افيميمو: (يشير إلى الآلة الكاتبة): وما هذه؟
بابلو: انها آلة كاتبة
فرناندو: نعم.. أنها سلاح العقل !
افيميو: اعتقدت أنك لا تحمل سلاحا.
(افيميو يحملها وهو على وشك تحطيمها على الصخرة)
فرناندو (فجأة وبعنف): لا تفعل ذلك.. ضعها على الأرض.
(افيميو ينظر نحو شقيقه… ورغم عنف فرناندو إلا أن امليانو يتعاطف معه)
امليانو: ضعها هنا.
فرناندو (غاضبا): أنت اميليو زاباتا.. لدى أخبار من «ماديرو» قائد الكفاح ضد «دياز». اعطني جرعة ماء.
امليانو: ولم حضرت اليّ؟
فرناندو (بشدة): اعطني جرعة ماء. أريد الحديث معك.
(امليانو يتجه نحو انصاره)
خارجي ـ معسكر قرب أحد الكهوف:
الأربعة متواجدون.. «امليانو» يناول «فرناندو» الماء ثم يتوجه نحو حصانه.. بابلو يجلس القرفصاء بجوار النار بالقرب من الفتاة «سولدار ريدا» تضع في يده قطعة لحم يرمي بها لسخونتها ـ الفتاة تلتقطها وتنفض عنها الغبار وهي تنفخ فيها وتعيدها إليه. فرناندو يشرب.
لقطة قريبة ـ افيميو يراقب فرناندو:
لقطة قريبة ـ بابلو يراقب فرناندو:
لقطة متوسطة ـ امليانو:
في نفس الوقت الذي يختلس فيه النظر نحو فرناندو
لقطة متوسطة تجمع بين الأربعة:
(فرناندو ينتهي من الشرب وينظر نحو الثلاثة الذين سرعان ما يديرون أنظارهم عنه)
فرناندو إلى امليانو: أريد الحديث معك.
امليانو (بجوار جواده): تحدث.
(فرناندو يتناول حقيبته ويتجه نحوه)
افيميو ـ بابلو ـ الفتاة بجوار النار:
(أثناء سيرهما يشاهدان فرناندو وامليانو على مبعدة قريبة منهما)
افيميو (قلقا): من الصعب أن تقتل رجلاً بعد ان تحدثت معه ولو مرة واحدة.. حتى ولو بضع كلمات..
بابلو: صمتا…. اسمع !
فرناندو ـ امليانو:
(فرناندو يتناول بضع قصاصات ويختار واحدة منها تحمل صورة «ماديرو» ويواصل القراءة منها)
فرناندو: أن طغيان «بورفيرو دياز» لم يعد محتملاً.. فهو يحكم البلاد منذ أكثر من أربعة وثلاثين عاماً حكم طاغية.
(امليانو يتناول منه القصاصة ويتفحص صورة «ماديرو»)
لقطة اعتراضية لقصاصة صحيفة تبدو فيها صورة «ماديرو»
ـ عودة إلى المشهد السابق
امليانو (يرفق نحو الحصان): أهدأ……………..
فرناندو: أسمع (يقرأ ثانية) أن الديمقراطية الحقيقية غابت عن المكسيك منذ فترة طويلة… والانتخابات صارت مهزلة… والشعب لا يملك صوتا له في الحكم… والبلاد تحت سيطرة رجل واحد… ومن يعينهم لتلقي أوامره.
صوت بابلو (ضاحكاً): من الذي كتب هذا؟
فرناندو: فرنشسكو ماديرو !
امليانو (وهو يتفحص الصورة): انني أحب هذا الوجه
(يطوي قصاصه الصحيفة ويضعها في جيبه)
فرناندو (يقرأ): ولو شئنا إعادة الديمقراطية للمكسيك فلابد من الاتحاد لغول هذا الطاغية وبذا يتحول اللهب الصغير إلى نار كبيرة.
لقطة قريبة ـ افيميو وبابلو قرب النار:
افيميو (إلى بابلو): من ماديرو هذا؟
لقطة قريبة ـ فرناندو:
(يتجه نحوه مع سماع السؤال /
فرناندو: قائد الكفاح ضد «دياز».
المجموعة ـ لقطة شاملة:
(فرناندو يتجه نحو تجمع النار ـ إلى افيميو وبابلو)
بابلو: وأين هو؟
فرناندو: هو الآن في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية.
أفيميو: فكان جميل ليقود منه الكفاح ضد «دياز» !!
فرناندو (بعنف): انه يستعد من هناك… وعلى أهبه الاستعداد للتحرك الآن. لقد أرسل لي ولغيري لإذاعة هذا.. بحثا عن قيادات في أماكن أخرى من المكسيك (ينظر إلى امليانو) ولقد أرسلت إلى منطقة «موريلوس».
(امليانو يسمع باصغاء واهتمام ثم بدأ يتشاغل مع حصانه الأبيض)
ـ لا أحب المزيد له من القيود… أن رائحة الجواد حملتها ريح الصباح… لذا يبدو عليه القلق… مثلي تماما !
لقطة عامة تبرز فرناندو:
(ينفعل مع الحديث وينظر إلى امليانو مليا ثم)
فرناندو: لقد أخبرني الناس في بلدتكم………
افيميو (مقاطعا): لا تصدق كلام الناس.. اين الطعام.
(سولدا ديرا تتناول قطعة من اللحم وتناولها «فرناندو» – «بابلو» يتقدم نحو املياتو بحب)
بابلو: دعني أرى حافر الحصان.
بابلو وامليانو يتفحصان «حافر الحصان»:
امليانو: ماديرو!
بابلو: نعم.. ألا تذكر أنني قرأت لك مرة عنه في الجريدة؟
امليانو (بشيء من الاحباط): لقد وعدتني أن تعلمني القراءة!
بابلو (يهدئ من ثورته): وسأفعل… سأفعل… لنسأل هذا الرجل عن ماديرو.. ربما يحمل رسالة.
امليانو: بمقدور أي أنسان أن يكتب رسالة.. وحتى أنت.. أحب أن أرى ماديرو شخصياً !
بابلو: أذهب إليه اذن حيثما كان وتحدث إليه.
امليانو: لا استطيع…. ليس الآن.
بابلو: ولم لا (صمت بابلو يتحدث بجواره): أعرف لماذا…
امليانو (ينحني عليه): عليك بالذهاب إليه..ثم تخبرني بما رأيت
بابلو: أنا… انه في تكساس !
امليانو: اذن أذهب إليه هناك.
بابلو: وكم تبعد عنا؟
امليانو: من يدري؟ أذهب لتعرف
(يتناول قصاصة الصحيفة ويتأملها ثانية)
بابلو: أنني لم أغادر بلدتنا أبداً !
امليانو: وستفعل الآن.. أنني لا استطيع الذهاب الآن.. أذهب انت.. تعرف على ماديرو… وهل يمكن الثقة به… فالصورة تظل مجرد صورة لا تنبئ بشيء…
بابلو: ومتى تريد أن أسافر؟
امليانو: الآن… والا متى؟
(بابلو ما زال متردداً)
امليانو: قلت الآن… استعد للسفر..
لقطة واسعة وبابلو يمتطي الحصان:
(امليانو يتجه نحو موقد النار يتناول قطعة من اللحم ويضعها في خرج الدابة).
لقطة قريبة امليانو وبابلو:
امليانو (هامسا): أن وجدت القبول في وجهه أخبره أننا سنعترف به زعيما للثورة.. وأخبره بما نعانيه هنا.
لقطة عامة:
(بابلو يهمز الحصان وامليانو يتناول قطعة لحم وهو يفكر)
فرناندو: إلى أين يذهب؟
امليانو: لا أعرف.. لم يصرح بشيء.
(فجأة يتجه نحو الحصان ويمتطيه ويسير في الاتجاه المعاكس)
فرناندو (بدهشة): لقد ذهب.. لكن إلى أين؟
افيميو (بنفس لهجة امليانو): لا أعرف.. لم يصرح بشيء !!
فرناندو: ما هي حكايته؟
امليانو (ناحية الحصان): امرأة… أم ماذا؟
(يمتطي الحصان)
فرناندو: إلى أين؟
افيميمو (يهز كتفه)…أم ماذا
(يمتطي حصانه ويتبع امليانو)
فرناندو (ينادي عليه وهو يشير على سولدا ديرا): وماذا عنها؟
لقطة قريبة ـ افيميو يرد عليه: سوف تعتني بنفسها (يختفي)
لقطة قريبة ـ فرناندو:
(يتابع النظر نحو افيميو ـ يتناول منديله ويمسح جبته).
فرناندو (إلى الفتاة): لا شيء هنا واضح !
زاوية واسعة:
(يتجه نحوها ثم يتوقف فجأة ليكتشف غيابها ـ يتلفت حوله بحثا عنها ليرى.
لقطة طويلة:
(الفتاة وهي تختفي عبر الدروب).
لقطة قريبة لفرناندو:
(يتنهد ساخطا ـ يتناول الآلة الكاتبة ويستعد للرحيل).
ـ مزج إلى ـ
خارجي ـ شارع في مدينة «إيالا» ـ ليل
امرأتان تسرعان نحو شارع ضيق تتشحان بشال أسود يخفيهما ـ يمران على شرطي)
الشرطي: مساء الخير سنيوريتا…مساء الخير
(يواصل طريقه.. مع اختفائه يظهر امليانو وافيميو يتابعانه حتى لا يراهما ـ يراقبان المرأتين ويسيران خلفهما في حذر)
خارجي ـ الكنيسة:
ما أن تدخل جوزيفا وعمتها ويغلق الباب من خلفهما حتى يظهران… ويدخلان الكنيسة بسرعة.
داخلي ـ الكنيسة:
تبدو من الداخل مهجورة مظلمة. المرأتان تجلسان للصلاة
خلف الكنيسة:
يدخل امليانو وافيميمو الكنيسة يتابعان المرأتين يمارسان أيضاً نفس الواجب ـ افيميو مشيرا الى امليانو نحو المسدس الذي يحمله.. يترك الاثنان سلاحهما في أحد الأركان ثم يتجه كل منهما في اتجاه.
جوزيفا وعمتها يجلسان في الكنيسة:
امليانو يجلس بجوارهما وافيميو بجوار عمتها.
لقطة قريبة للمجموعة:
امليانو (إلى جوزيفا): أريد الحديث معك
(العمة تدير رأسها في دهشة لتفاجئ بيدها مغلولة وافيميو يغلق فمها ـ جوزيفا تنظر إليها وقد أحكم وثاقها تتجه إلى امليانو)
جوزيفا: الجنود يطاردونك؟
امليانو: أعلم هذا.. لقد غامرت بحياتي كي ألقاك.. متى أقابل أباك؟
جوزيفا: لماذا؟
امليانو: لأطلب يدك منه.
جوزيفا: كلا.. لا تفعل هذا !
امليانو: ولم لا؟
جوزيفا: قلت لا تفعل.
امليانو: وما عيبي؟
جوزيفا: ليس هذا هو السبب.. لكن من الخطأ الزواج منك
امليانو: ماذا تعنين؟
جوزيفا: لا أريد أن اختم حياتي بالغسيل في مصرف ماء.. أو في صنع الكحك (التورتيلا / كأي هندية)
امليانو: من قال لك هذا؟
جوزيفا: أبي
امليانو (بصوت مرتفع وفي غضب): عائلة زاباتا كانوا رؤساء في هذه البلدة.. بينما أجدادك كانوا يعيشون في كهوف.
جوزيفا: اسكت أرجوك… نحن في كنيسة.. ثم انك لست رئيسا الآن. لا تملك نقودا ولا أرضا… وأن لم يسعدك الحظ ستكون سجيناً غداً….
امليانو: لقد عرض عليّ دون ناسو دي لا توروا مركزا هاما.
جوزيفا (بصوت مرتفع): لكنه لن يستخدم هاربا من القانون!
امليانو: لو قبلت عرضه سوف يلغي التهم الموجهة ضدي.
جوزيفا: ولماذا يريد شخصا مثلك؟ لماذا؟
امليانو: يبدو أنك لا تعرفين. أنني أفضل من يفهم في الخيول هنا.. يبدو انك الوحيدة التي لا تعرف هذا.. ولقد خدمته لسنوات واشتريت كل خيوله.
(افيميو الذي كان يصغي للحوار باهتمام يرفع يده عن فم العمة)
العمة: يالك من قرد مغرور !
(افيميو يعيد يده على فمها)
جوزيفا: حسنا…لكنك لم تقبل عرضه..أرجوك…دع عمتي تتنفس..ودعنا نصلي (صمت)
امليانو: اذن سوف أخذك بالقوة…
جوزيفا: بالقوة !؟ لن أمنعك… سأذهب معك رغما عني… لكن عاجلا أم أجلاً سوف تنام..
امليانو: ماذا ستفعلين؟
(جوزيفا تتناول دبوسا من شعرها وتضعه أمام عينيه وتكرر)
جوزيفا: عاجلاً أم أجلا سوف تنام………
امليانو: لا يمكن أن تفعل فتاة محترمة هذا.
جوزيفا: بل سأفعل لأنني فتاة محترمة. فالفتاة المحترمة تريد حياة آمنة…. هادئة… بلا مفاجآت.. وتفضل أن يكون زوجها ثريا.
امليانو (مصدوما): أتعنين هذا………؟
جوزيفا: نعم… وعندما يتحقق لك هذا تقدم لخطبتي.
(تلتفت نحو عمتها) سوف يطلق سراحك الآن.
لا داعي للصراخ فالبوليس يطارده (إلى افيميو)
دعها تذهب (افيميو لا يفعل)
امليانو: دعها تذهب… ولكن سوف أعود إليك.. لا تظني أننى لن أعود.
(ينهض الرجلان بسرعة ويبتعدان عنهما في طريقهما إلى باب الكنيسة الخلفي ـ جوزيفا وعمتها يتبادلان النظرات. فجأة ودون توقع تقول العمة)
العمة: انه يعجبني !
جوزيفا (في دهشة): أيعجبك حقا!
العمة: أعني.. انه رجل هارب ومجرم…
جوزيفا: ويعجبني أيضَا !.
ـ مزج إلى ـ
خارجي ـ فناء واسع:
سور على أحد جوانبه أناس شديدوا الفقر يتفرجون ، في الجانب الآخر مدخل فخم لإسطبل. وسط الفناء خمس خيول عربية يقود كل منها هندي وهم يتحدثون همسا فيما بينهم باللغة الأزتيكية. الخيول تعرض أمام «دون ناسيو دي لاتورا» الجالس على كرسي وبجانبه المسؤول عن الخيول ومن خلفه «امليانو».
لقطة متوسطة على الثلاثة:
المسؤول: من الجزيرة العربية مباشرة. لا أعرف لماذا تريد بيعها يا سيدي.
دون ناسيو: أظن أنها خيول أصيلة (يتجه الى امليانو هامساً) لكني لا أثق في أصالتها هل تراها كذلك؟
امليانو: كلها على ما يرام.
دون ناسيو (يستعد للنهوض): حسنا.. إذا كان هذا رأيك (يتجه نحو صاحبها) انه أفضل من يعرف في الخيول هنا.
(امليانو يضع يده على ذراع «دون ناسيو»)
امليانو: وأين الآخرين؟
المسؤول: أي آخرين؟
امليانو: ألم تصل عشرة خيول عربية بالسفن؟
المسؤول: آه.. أتريد رؤيتها؟
دون ناسيو: نعم….
المسؤول: إلا أنها ليست للبيع.
دون ناسيو: سنلقي نظرة عليها.
المسؤول: بكل تأكيد… من هنا….
دون ناسيو (هامسا لامليانو): كيف عرفت بوجودها؟
امليانو: من الهنود… كانو يتحدثون بلغتهم عنها
(أثناء سيرهم يتحدث امليانو الى الهنود باللغة الأزتيكية وهم يضحكون)
دون ناسيو: لقد نسيت أنك تعرف لغتهم… إن لغتنا الأسبانية لا تصلح الا في المدن… وليس في الريف…. كنت أتمنى فهم الهنود.
(الهنود يضحكون فيما بينهم ـ دون ناسيو ينظر الى امليانو)
دون ناسيو: لابد من الاعتراف بأناقتك… ويمكن أن تكون جثمان.
لقطة قريبة لإناء ويد تضع فيه البيض:
يد أخرى تضع اسفنجة في خلطة البيض ثم ترتفع الكاميرا لأعلى لنرى هنديا يمسح على ظهر حصان مربوط خارج الأسطبل. تتراجع الكاميرا لنجد أنفسنا داخل اسطبل ضخم. أرضيته من القرميد الملون على شكل هندسي…. على جانب أحد الجدران عربات فخمة… ومن الخلف حظيرة ومزودة من المرمر يتوسطها جميعاً نبع ماء متدفق.
نرى في المشهد مسؤول الخيل (السايس) مع «دون ناسيو» وامليانو» يسيرون. الأول والثاني ينظران نحو الخيول.. فتاة صغيرة تجلس بجوار امرأة تنضج الطعام وتغمس يدها بسرعة في الطعام لتأكله.. امليانو وأمها يرياها.. الأم تضربها على يدها كي لا تفعل هذا…. الفتاة يبدو عليها الخجل مما فعلته.
المسؤول (الى الهندي): نطفة جيداً…. أكثر (الى دون ناسيو) أنهم كسالى (يتجه ناحية الباب)
امليانو (يشير الى الحصان): هذا أفضلهم جميعاً.
المسؤول: انهم كسالى جداً… أن لم يسرقوا يناموا… وأن استيقظوا سكروا.
دون ناسيو (بصوت عال): لنرى الباقي
المسؤول: لكن العامل مشغول !
دون ناسيو (بقوة): يمكنه الانتظار
(يتجه الثلاثة نحو الحظيرة والكامير تتابعهم.
امليانو يتوقف وينظر داخل الحظيرة في حين يبتعد الأثنان عنه خطوات ثم يعودان اليه)
لقطة قريبة ـ مسؤول الخيل:
طفل صغير يختفي بين القش بعد أن تم ضبطه محاولا سرقة طعام الحصان، مسؤول الخيل يجذبه ويطرده.
لقطة جماعة:
دون ناسيو: ما هذا؟
المسؤول: سرقة !. كما ترى لا يمكن أن تغفل عيناك عنهم… حتى طعام الخيل سرقوه.
(يضرب الطفل بالسوط.. في المرة الثانية يمنعه «امليانو»
امليانو: كفي !
المسؤول: انهم يسرقون كل شيء !
(يعاود ضرب الطفل ثانية ثانية فيمنعه امليانو ويطرحه أرضا ـ وما أن يرفع سوطه حتى يهجم عليه هذه المرة دون ناسيو)
دون ناسيو: كفى… امليانو.. كفى أنت أيضاً
(يجبر امليانو على الخروج)
خارجي ـ اسطبل الخيل:
(امليانو يقف غاضباً و«دون ناسيو» يتحدث)
دون ناسيو: لقد وعدتني عند العفو عنك…..
امليانو: أعلم
دون ناسيو: لم يكن العفو عنك بالأمر السهل !
امليانو: أعلم هذا أيضاً !
دون ناسيو: لا أريد منك اعتذاراً… سبق أن قلت لك أن العنف لا يجدى.
امليانو (يتحول للنقيض فجأة): لماذا أذن استخدمه مع الطفل؟
دون ناسيو (يشير عليه بالصمت): انت سريع الغضب
امليانو: الطفل كان جائعاً !
دون ناسيو: عليك بالهدوء… الهدوء… (يشعل سيجارة)… إسمع… أنت إنسان ذكي… وقد تكون إنسانا مهما تملك المال والأرض… لكن كن محترماً… أهذا ما تريده…. أليس كذلك؟
امليانو (بسرعة): لكنه كان جائعاً !
دون ناسيو: وهل انت مسؤول عن كل البشر… لا يمكن ان تكون ضمير العالم.
زاوية واسعة:
مجموعة من الهنود في ملابس رثة يراقبون الموقف. لقد رأوا وفهموا. يلقي أحدهم نكتة بلغته تضحك زملاءه. وكذلك امليانو.
امليانو (الى دون ناسيو): أمعك سيجارة أخرى؟
دون ناسيو: أكثر ما فيك تحضرا هو ذوقك في اختيار السيجار (الهنود يضحكون) ماذا يضحكهم؟
امليانو: مجرد كلام هنود… لا شيء
(ينفجر من الضحك ثانية)
دون ناسيو: سوف أشهد لصالحك…أتريد هذه الزوجة؟ هل تحدثت مع والدها؟
امليانو: كلا !
دون ناسيو: ولم لا؟
امليانو: لان كلا منا يكره الآخر.
دون ناسيو: في عالم الأعمال…قليل منهم من يحب غيره.. الا أنهم يتعاملون… انه منطق رجال الأعمال امليانو ـ اسمع… انت الآن رجل ، ومركز… أذهب الى والدها وقل له أنني كفيلك… تصالح معه (محذراً) ولا تنس أن الرئيس وضع اسمك في ذهنه (يشير الى مسؤول الخيل)… لتكن البداية الآن… اذهب واعتذر له..
امليانو (يتجه نحوه في تردد): انني اعتذر لك !
الرجل: وقد قبلت اعتذارك.
امليانو (يتحول نحو دون ناسيو): هل أحسنت التصرف؟
(دون ناسيو ضاحكا ثم يلاحظ امليانو يتجه نحو شخص ما… انه بابلو)
دون ناسيو: أتعرفه؟
امليانو: نعم.. انه صديق… كان على سفر !
(يتجه نحو بابلو)
لقطة قريبة على بابلو وامليانو:
«بابلو» كعادته رث الثياب باستثناء ربطة العنق
امليانو (يشير الى ربطة العنق): ما هذه؟
بابلو (ببساطة): من تكساس
امليانو يضحك ويتعانقا بحرارة… ثم يرى فرناندو يقف بعيداً كما لو كان ينتظر.. ينظر الى امليانو ويبتسم /
ـ مزج الى ـ
لقطة طويلة ـ طريق ـ نهار
الطريق يؤدي الى نبع ماء صغير. أربعة فرسان يرتجلون كي تشرب الخيل ـ يبدو من الغبار الذي يعلوهم أنهم على سفر.
لقطة متوسطة ـ الأربعة بابلو ـ امليانو ـ افيميو ـ فرناندو:
فرناندو يجلس القرفصاء بجوار النهر ويلتقط عصا يخطط بها على الرمل في لامبالاة كما لو كان يرسم خريطة
بابلو: انه ليس طويلا… ذو لحية بنية…. وصوت هادئ… ويده….
افيميو (مقاطعاً): الا يبدو انه مقاتل
بابلو: كلا…. انه هادئ
(يبدو على امليانو كأن الأمر لا يعنيه)
فرناندو: انه رجل صارم وشجاع… هذا ما أعرفه عنه
بابلو: لقد تحدثنا عنك يا امليانو
فرناندو: انه يريد منك رسالة (امليانو صامتاً)… لمساندة من الشمال ويسقط «دياز» كثور عجوز…. ولقد حان الوقت.
(امليانو يرفع مقدمة حصانه ويتحدث اليه بهدوء): بيانكو….. عليك بالهدوء…… الهدوء
افيميو: لم أعد أفهم شيئاً… كيف «ماديرو» هذا هناك؟ لماذا لم يعتقلوه؟
فرناندو: لأنهم في الولايات المتحدة يحمون اللاجئ السياسي
افيميو: لماذا؟
بابلو (يحاول شرح الموقف له): لأنهم ديمقراطيون
امليانو: ونحن أيضاً ديمقراطيون… لكن انظر ماذا يحدث
بابلو (متحمسا): نعم… أعرف… لكنهم يختلفون عنا
فرناندو (مقاطعا): سوف أشرح لك.. هناك حكومة تحكم…. لكن بموافقة الشعب من خلال الانتخاب… أصواتهم
بابلو: هذا صحيح…
فرناندو (مواصلا حديثه): ولديهم رئيس أيضاً… الا انه يحكم بموافقة الشعب.. ونحن هنا لدينا رئيس. لكن دون موافقة… وإلا.. فمن سألنا ان كنا نريد «دياز» رئيسا لنا لأربعة وثلاثين عاماً.
افيميو: لم يسألن أحد على الأطلاق.
(يبتعد امليانو عن جواده وينظر مليا الى فرناندو)
امليانو: وأنت… ما رأيك؟
فرناندو الى امليانو: انه ينتظر رسالة منك.. وفي انتظار ما أخبره به.
امليانو (بصرامة): انه يريد زعيما هنا… ولن أكون !
(يمتطي جواده وبابلو ينظر اليه وقد صدمته الإجابة)
فرناندو: ألا تثق فيه؟
امليانو: نعم
فرناندو: وماذا بعد؟
امليانو: عليه أن يختار رجلاً آخر
فرناندو: كما تشاء !
امليانو: لي أعمالي الخاصة.. ثم أنني لا أريد أن أكون ضمير العالم.
(ينظر كلا منهما للآخر نظرة قائله)
فرناندو: كما تشاء.
امليانو ـ افيميو:
(امليانو يغادر المكان وافيميو يتبعه)
افيميو: (بعنف شديد): لماذا تريدها؟
امليانو: لقد رأيتها في وضح النهار… وهي ليست جميلة فقط بل هي كالمهر ! ولا شيء يعيبها ، فكر في الموضوع والا لماذا هجرت من عرفتهم من نساء في «كيوتلا» رغم أنهن ليسوا أقل منها جمالاً.. فضلاً عن ثروتهن ! وقد كان بامكانك أن تختار واحدة منهن أو أكثر؟
(امليانورا لا يجيب ـ افيميمو يطلق عنان الحصان ويواصلان الطريق)
ـ مزج الى ـ
لقطة طويلة ـ جانب من الطريق:
ـ جنديان يمتطيان الخيل يسوقان سجيناً.
لقطة متوسطة ـ المجموعة:
أنشوطة حول رقبة السجين وقد ربط في سرج حصان ـ انه الهندي العجوز الذي شاهدناه في مشهد ترسيم الحدود وواحد من الوفد الذي تحدث الى «دياز»: رأسه عاريه وملابسه رثه ويده مقيدة خلف ظهره ـ وجهه وقد لوحته الشمس وعليه أثار ضرب بالسوط… من خلفه تمشي زوجته مجهدة وهي تحمل صرة كبيرة.
زاوية واسعة:
امليانو ـ افيميو ـ بابلو على ظهر الخيل يسيرون بمحاذاته مرور بالزوجة)
امليانو: لماذا… انه بريء… ماذا حدث؟
لقطة قريبة ـ امليانو والسجين:
(السجين يتطلع اليه ـ يعلق شفتيه من شدة العطش ـ يحاول الحديث معه ثم يتطلع الى الطريق ـ وفجأة يهتز بعنف الحيل الذي يحيط بعنق السجين).
الجندي الأول: ابتعد عن السجين !
امليانو (يتجاهله): انه بريء….. لماذا قبضوا عليه؟
(السجين صامت)
امليانو: انه بريء
(السجين مطأطئ الرأس)
زاوية واسعة:
(بابلو ـ افيميمو يسيران بجوار امليانو)
بابلو: انه لا يستطيع الكلام…. انه عطشان
(افيميمو يتناول مامعه من ماء)
زواية واسعة تضم الجنود أيضاً:
(امليانو ممتطيا جوداه بمحاذاة الجنود)
امليانو: ماذا فعل؟
جندي: كلهم مجانين…. وأكثر الناس جنوناً.
امليانو: لكن ماذا فعل؟
جندي ثان: من يدري…. انهم دائما يرتكبون أشياء
امليانو: وماذا سيحدث له؟
(ينظران اليه وكأنهما يقولان له… يالك من غبي)
امليانو: أطلق سراحه
(ينظران خلفهما نحو السجين)
السجين:
افيميمو يسير بجواره يحاول أن يضع الماء في فمه
لقطة عامة للمجموعة:
(بلا تفسير أو كلمة يجذب الجنود السجين العجوز من قدمه فيتطاير الماء من فمه ويقع على الأرض؟
زاوية أخرى ـ تعاطف امليانو:
(يستل منجله فيلوذ جندى بالفرار يتبعه الجندي الآخر؟
السجين:
يكاد يقف على قدميه الآن بعد أن كان موثقاً. وسرعان ما يسقط ثانية ويسحب على طول الطريق.
خارجي ـ الطريق ـ لقطة متحركة:
امليانو يطارد الجنود الفارين حتى يقترب منهما ويقطع الحبل الذي يربط السجين.
لقطة قريبة السجين:
إطلاق سراح السجين مع قطع الحبل.
الجنديان:
يلوذان بالفرار وسط حقل قصب على الطريق ويختفي عن الأنظار.
امليانو:
يعود الى الجموع التي احتشدت حول السجين.
خارجي ـ الطريق ـ الجموع حول جسد البريء:
(زوجته تقف بجوار جثته. يظهر رجال من حقول القصب يحيطون بالجثة ـ امليانو يترجل من فوق الحصان وفرناندو بين الجموع).
الزوجة (تحدث الجثة): لقد قلت لك وحذرتك… لن تستطيع استعادتها.. لم تعد الأرض ملكنا الآن.. وحتى بعد أن قتلوا «بلوتاركو» ذهبت الى الحقل ليلا لزراعته.
لقطة قريبة امليانو وفرناندو:
فرناندو: كان عليك قطع الحبل دون التحدث اليهما.
امليانو: انها غلطتي.. كان يجب أن أفعل ما تقول.
زاوية واسعة ـ المجموعة:
الزوجة (تحدث الجثة معاتبة): انت عنيد… هكذا كنت دائماً…
(افيميو وبابلو يقتربان من امليانو ـ يظهر هنود آخرون من مكان ما بينهم «لازارو»)
امليانو (الى بابلو وافيميو): لقد مات
الزوجة (ما زالت بجوار الجثة): لقد تسللت عبر السور لزراعة الحقل.
هندي: لقد فعل والدي نفس الشيء…
الزوجة (وهي تحدث الجثة معنفة): عنيد… هكذا كنت..
لازارو (مدافعا عنه): لا… لم يكن عنيدا.. إن الأرض كالزوجة، تعيش معك طول العمر… ومن الصعب أن تكون لغيرك (يومئ الى امليانو): هو يدرك هذا.
الزوجة (تتوجه نحو امليانو معتذرة): أسفة جداً لما سببته لك من متاعب.
هندي آخر: سيطاردوك من الآن.
لازارو: يمكنك الاختباء في بيتي.
هندي آخر: سأتولى رعاية جوادك.
(امليانو يرفع قبعته وينحني على الجثة).
امليانو: أنني أسف أيها البريء
(يلتفت بسرعة ويمتطي جواده وينطلق في غضب ـ فرناندو وبابلو يتبعانه ـ ابتسامة من فرناندو).
ـ مزج إلى ـ
داخلي ـ مخزن صغير ـ شبه مكتب:
ـ مكان عمل سنيور اسبيخو يحتل جزءاً من منزله ـ بآلات زكائب من الصابون والبضاعة المستوردة ـ يجلس الأب على مكتبه وأمامه يقف «امليانو».
امليانو: إن «دون ناسيو» هو كفيلي.. وقد أكد لي أنني سأكون ثريا ـ لذا فانني أتقدم طالباً يد ابنتك.
(سنيور اسبيخو ينهض وأثناء حديثه يتجه ناحية الباب الذي يفصل ما بين الجزء الذي يشغله مكان عمله والجزء الخاص بأهل بيته ثم يفتحه قليلاً وهو ما يدركه الجمهور (وليس امليانو) حيث تجلس جوزيفا وعمتها وأمها وفي يد كل منهم ادوات تطريز يتصنتون لما يدور من حوار وأن كن يتظاهرن بعكس ذلك).
سنيور اسبيخو الى امليانو (يفتح الباب): لا تتصور يا عزيزي أننى غير مدرك مدى ما منحتني من شرف لخطبة ابنتي… لكني لن أفكر كثيراً لأعلن رفضي لطلبك !
امليانو: وما العيب في شخصي؟
سنيور اسبيخو: (يعود ويجلس على مكتبه): هناك مثل يقول… رغم اننا جميعاً من طينة واحدة.. الا أن الابريق يختلف عن أناء الزهور.
امليانو: قلت ما العيب في شخصي؟
سنيور اسبيخو: أتعشم ألا تردد هذا السؤال ثانية.. لكن طالما سألت فاسمح لي بالقول أنك بلا أرض…. جنتلمان دون نقود.. رجل ذو حيثية دون ثروة (يتطلع نحو الباب حيث الأسرة).
داخلي ـ جزء من السكن:
ـ تتوقف اعمال تطريز النسوة وهن يستمعن. جوزيفا تستمتع بانتباه وشغف.
اسبيخو وامليانو:
(يتحدث الآن وكانه يوجه حديثه لنسائه): ليس لدي اعتراض شخصي رغم أنك مقاتل وسكير ـ وهناك من يقبل بك ، إلا انني لن أقبل لابنتي بأن تكون يوما (ومهما كانت الأسباب) إمرأة هندية.
(تسود فترة صمت ثم يضرب امليانو المكتب بيده فيتطاير ما عليه من أوراق ويتراجع الآب خوفاً).
امليانو: لا تخف ايها الرجل الحقير.
(يتجه امليانو نحو باب غرفة المعيشة)
الأب: ماذا تفعل؟
امليانو: ابحث لها عن تاجر عجوز مثلك !
(يقول هذا وهو في مواجهة الباب. ثم يفتحه أكثر ليكشف عن استماع النسوة وقد بدا عليهن الذعر… على عكس جوزيفا التي بدت مبتسمة).
امليانو: وسوف تصبح ملكة تجارتك !!
(يتجه ناحية الباب الأمامي ومنه الى الشارع)
خارجي ـ مكتب الأب:
(ما أن يخرج امليانو حتى يقبض عليه الجنود… يظهر من بينهم الجنديان اللذان التقى بهما ـ امليانو في الطريق وقد قيدت يداه)
لقطة عامة ـ ميدان قرية:
في نفس اللحظة يعبر الميدان مجموعة من الفلاحين يحملون جسدا على محفة بدائية ـ يرون امليانو مقبوضا عليه وقد أدركوا السبب وهو محاولة مساعدتهم).
خارجي الميدان:
الجنود يقودون امليانو ـ الناس تراقب الموقف ثم ينظرون اتجاه محل اسبيخو)
لقطة قريبة ـ سنيور اسبيخو يقف على باب المحل مدركا موقف الهنود ـ يدخل ويغلق الباب خلفه:
الشارع:
(يتجمع حوالي أثني عشر هنديا حول امليانو المقيد بالأغلال).
بابلو افيميو يراقبان ثم يسيران:
مجموعة لقطات لجماهير تطالع الموقف مدركة ما سيحدث معه وتبدأ عملية استدعاء الناس.
امليانو والجنود:
اثنى عشر جنديا نصفهم في جانب امليانو ويده مقيدة وهو يسير على قدمه وفي عنقه حبل يمسك بطرفه أحد الضباط في مقدمة المسيرة.
لقطة قريبة ـ امليانو:
يتطلع الى الجمهور وبسرعة… يبدو عليه تعبير يخالف ما يشاهده.
افيميو ـ فرناندو:
بين الجماهير يراقبون امليانو الذي يلتفت خلفه.
لقطة كبيرة ـ امليانو:
ينظر الى ما وراء «بابلو» و«افيميو» و«فرناندو»
لقطة كاملة ـ الموكب:
مع بدء مسيرة الجنود في الشارع يكون «امليانو» محاطا بين صفين من الجنود.
ـ مزج الى ـ
الطريق عبر الحقول:
الموكب يتحرك للامام وعلى مبعدة من الموكب يتحرك جموع من الفلاحين في الطريق.
خارجي ـ حقل قصب السكر:
مجموعة من الفلاحين يتحركون سراً عبر الحقل.
خارجي ـ الطريق ـ بالقرب من منعطف جانبي:
الموكب يلتف حول منعطف تسبقهم مجموعة من الفلاحين تسير مجهدة.
لقطة قريبة ـ قائد الجنود:
يرى الفلاحين ـ يستدير وينظر خلفه ليرى مجموعة الفلاحين تتبعه.
لقطة قريبة ـ الكابتن وقد بدا عليه الغضب:
ـ مزج الى ـ
الطريق عبر تلال البلدة:
الموكب يتحرك للإمام ونرى حشد من الجماهير يهبط التل.
لقطة قريبة ـ الجنود وقد أدركوا الموقف:
لقطة قريبة ـ الكابتن وقد أدرك الموقف بدوره:
لقطة عامة للموكب:
وقد أحيط من كل الجوانب بالفلاحين بحيث صارت حركة الموكب أكثر صعوبة.
لقطة قريبة ـ امليانو يتوسط الموكب:
الموكب:
الكاميرا تصور من أعلى لأسفل الموكب ثم ترتفع ثانية لنرى صفا من الفرسان المسلحين يسدون الطريق.
لقطة متوسطة ـ فرسان:
« افيميو ـ بابلو ـ فرناندو يظهرون بوضوح وسط الحشد ـ افيميو يمسك بزمام حصان امليانو الأبيض»
لقطة قريبة ـ الكابتن:
ينظر الى الفرسان ثم يلقي نظرة على امليانو
لقطة قريبة ـ امليانو:
ـ يبدو من خلفه دون أن يبدو عليه التأثر.
الموكب:
(الكابتن يرفع يده للجنود ويتوقف الموكب على بعد أقدام من الفرسان.. امليانو يتطلع الى الموقف بسخرية)
الكابتن (يصيح في جنوده): أخلوا الطريق ! (لا حركة ولا إجابة)
لقطة قريبة ـ الكابتن:
الكابتن (في عصبية): هذا الرجل مجرم… وأنتم تعرضون أنفسكم للعقوبة !
لقطة جماعية ـ الفرسان:
لا حركة.. لا إجابة.. ينظرون خلفهم في سلبية.
لقطة قريبة ـ الكابتن:
ينظر الى الفرسان ثم الى الفلاحين من حوله الذين أحاطوا بالجنود.
الكابتن: ماذا ستفعلون؟
لقطة متوسطة ـ مجموعة من الهنود:
لازارو: نحن هنا لنرى كيف أن السجين لم يحاول الهرب ـ ولو حاول سنطلق عليه النار.. أليس كذلك؟
الكابتن وجنوده بجانبهم امليانو:
الكابتن صائحا بعد فترة صمت: انتم بهذا تتحدون القانون؟
لازارو: لا… بل نساعد القانون.. فنحن نحمى السجين (يتدخل البعض في الحديث- صمت) يستدير بحصانه ويرجع لخطوات نحو امليانو ممسكا بسكين يقطع به الحبل الذي يقيده).
لقطة عامة:
امليانو يسير ببطء وسط الجنود ثم يمسك بزمام جواده من «افيميو»
لقطة جامعة ـ الفرسان وامليانو:
(يقف بجوار جواده ـ يضع يده عليه)
امليانو (للحصان): بلانكو
(يحكم حزام السرج ثم يمتطيه ـ بابلو يسلمه قبعته)
لقطة جماعية ـ الكابتن والجنود:
الكابتن ينقذ نفسه إزاء استسلامه للموقف.
لقطة جماعية ـ الفلاحين:
انهم يتطلعون اليه الآن بنظرة جديدة ـ لقد صار بطريقة ما من خلال هذا الحدث زعيمهم وقائدهم.
امليانو ـ افيميو ـ بابلو ـ فرناندو ـ الفرسان:
(امليانو رد افيميو متسائلاً وهو ينظر للفلاحين). كيف جاء كل هؤلاء.
افيميو (بابتسامة): من يدري….؟
فرناندو: زاباتا…. السلك !
امليانو: ماذا تقصد؟
فرناندو: سلك التلغراف… أقطعه قبل أن يستخدمه.
لقطة واسعة:
(افيميو يصعد الى مكان سلك التلغراف بسكينه)
لقطة قريبة ـ الكابتن يرى ما يحدث:
الكابتن: لا تلمسه… هذا تمرد !
افيميو: يقف عاليا ويرفع سكينة… يتوقف وينظر الى امليانو.
لقطة قريبة لامليانو:
امليانو (يتجه ببصره نحوه): أقطعه !
افيميو: يقطع السلك.
امليانو مع اتباعه على ظهور الخيل:
ما أن يعود اليهم افيميو حتى يواصلون الطريق.
لقطة عامة ـ الطريق:
ركب الفلاحين يختفي فجأة في صمت.. جنود الحكومة في طريق مهجور ينظر كل منهما للآخر.
ـ اختفاء ـ
ظهور
ـ مقصورة في حديقة ـ الوقت مساء:
نحن في منزل «دون ناسيو» ـ المصابيح تضيء المكان ـ زهور وشجيرات وعصافير مغردة في اقفاص مطلبة بالذهب. موسيقى ناعمة من قيشارة ـ أوركسترا نحجبها أوراق شجر الموز وطفلين هنديان يتفرجان.
لقطة عامة ـ مأدبة عشاء:
هنود يرتدون الزي الأبيض تحت اشراف فرنسي لخدمة الضيوف.. أنها حفلة عشاء أقامها «دون ناسيو» على شرف جارية… الجنرال «فيونتش» الذي يرتدي زيه الرسمي تزينه ميداليات ، أما الثاني «دون جارسيا».. تصحبهما زوجتان بدينتان ترتدان ملابس مبالغ فيها. على الجانب الآخر من المائدة يجلس «دون ناسيو» وبجواره إمرأة فاتنة الجمال. يبدو انه في حالة سكر).
لقطة متوسطة ـ المجموعة على المائدة:
دون ناسيو (يتحدث باهتمام… لكن بصعوبة): أيها السادة والسيدات. ان عائلتي تعيش هنا منذ ثلاثمائة عام.. لذا فأنا أعلم بكل شيء.. أعلم أن هذه الحقول ملكا للفلاحين الهنود منذ فترة ما قبل الغزو.
دون جارسيا: لقد دفعت ثمنها… وقبض نقودها شخص يجلس الآن بجوار الرئيس نفسه !
دون ناسيو (باهتمام): أعيدو الأرض لأصحابها.. لستم بحاجة اليها… ولديكم الكثير…
دون جارسيا: يبدو انه مخمور
دون ناسيو: نعم… أنا كذلك.. بسب النبيذ.. والقلق ! أننا جميعاً في خطر.. أن لم تعطي القليل الآن.. سوف تفقد كل شيء (يكرر الجملة عن صدق) ان أهالي هذه القرية يعيشون عليها منذ آلف سنة… وهم يملكونها…
دون جارسيا: لقد دفعت ثمن الأرض.. وأنا مالكها !
دون ناسيو: (يتجه ناحية أحد الخدم): نويل.. أليس هذا صحيحاً؟ منذ آلف سنة
مانوبل: نعم.. هذا صحيح يا سيدي.
دون ناسيو: مانويل من مواليد هذا المكان.. ألا تعرف هؤلاء الهنود انهم ذو بأس.
مانويل: نعم يا سيدي.
دون ناسيو: وسوف يحاربون من أجل أراضيهم.
الجنرال فونتيس: يحاربون بماذا، بماذا؟ سيحاربون ـ انني كرجل عسكري مندهش من….
دون جارسيا: (يتفجر فجأة غاضبا): أتظن اننا لن نحاربهم بدورنا…. ألن تفعل أنت ذلك؟
(زوجته تحاول تهدئته وتناوله قرص دواء)
جنرال فونتيس: من السخف أن تفسد هذا العشاء الجميل بالتحدث في السياسة (يشير إلى زوجة دون ناسيو) لماذا تزرعون قصب السكر ولديكم مثل هذه الحلوى.
دون جارسيا: سكر. أنني لست واحدا من الفلاحين الملاك…أنني عالم وأعرف الأرض التي تصلح لزراعة قصب السكر… ومع كل احترامي… فهي أرض لزراعة قصب السكر وليست لزراعة القمح…
دون ناسيو: لكنهم يأكلون القمح.
دون جارسيا (لزوجته التي تحاول لفت انتباهه): ماذا؟
زوجة جارسيا: القشدة يا عزيزي من فضلك !
دون جارسيا (بصوت عال): نعم.. القشدة.. سوف تحول هذه الأرض من صحراء الى جنة.. فلا تتوقع من هذه الحيوانات أن تفهم في علم الزراعة… ولا تسيئوا الظن بي.. فالهنود جيراني وأحبهم كما يحبونني بالمثل. (لزوجته) أليس كذلك؟
زوجته (وهي تمضغ الطعام): بل يعبدوك !
دون ناسيو: لكن طعامهم من القمح.
دون جارسيا: بل قصب السكر.. سوف ينال الجميع حصته من دخله.. وأتوقع أن تسعد كل العائلات.. وكل السكان بازدياد نصيبهم من الدخل.
دون ناسيو (في يأس): أوتظن ما تقول؟
لقطة عامة ـ السرادق:
وسط هذا الجو الجميل يظهر في صمت وجوه ترتدي الزي الأبيض وتحيط بالمكان.. وجوه جامدة صامتة تحمل مناجل ـ من بينهم امليانو ـ الضيوف يتطلعون حولهم).
دون جارسيا: ما هذا؟ من هؤلاء؟
دون ناسيو: بعض جيرانك.. ممن يحبوك !!
(يتقدم بابلو في ملابسه البيضاء وقبعته على صدره.
لقطة متوسطة على المائدة:
بابلو (إلى دون ناسيو): امليانو زاباتا يريد أن يعرف… هل توصلتم إلى نتيجة.. فلن ينتظر أكثر من هذا (دون جارسيا والجنرال فونتيس ينظران إلى دون ناسيو لمزيد من توضيح الموقف).
دون ناسيو (يلتفت الى الآخرين): لقد حضر امليانو زاباتا صباحاً وطلب مساعدته في استرداد أرض القرية حتى لا تشتعل الحرب.. وكل ما استطعت تقديمه هو استدعاؤكم أيها السادة لمنع هذه المأساة»
جنرال فونتيس: الجيش سيوقف هذه المأساة… انه في الطريق إلى هنا.
دون ناسيو (محاولا مرة ثانية أن يتفهموا الموقف): ـ لقد جاءني الليلة كما قلت لكم يريد المساعدة.. يريد مالا وطعاما… وبعض السلاح من عندي… وأعلم أن معه الحق لكني لا أستطيع مساعدته.. لا أملك الشجاعة لهذا.
بابلو: عذراً سيدي… لكن..
صوت امليانو (لإسكاته): «بابلو»…
دون ناسيو (لامليانو): الجيش… هل سمعت !
امليانو: انني لم أطلب استدعاءهم !!
لقطة متوسطة على امليانو:
امليانو: وداعا «دون ناسيو». (يغادر المكان)
لقطة عامة ـ مائدة عشاء:
(«جنرال فونتيس» يسحب مسدسه ويوجهه إلى ظهر امليانو ـ دون جراسيو يمنعه ـ «مانويل» الخادم يرى هذا فيخلع البالطو ويضعه على الكرسي ويتبع امليانو)
جنرال فونتيس (إلى «دون ناسيو»): بإنقاذك له فقد قتلت آلف رجل.. أنت واحدا منهم !
(«دون ناسيو» يتوجه الى المنصة ويتطلع في الظلام)
لقطة قريبة ـ دون جارسيا:
دون جارسيا (فزعاً): إذا قامت الحرب فمن سيجني محصول قصب السكر؟
لقطة عامة ـ المجموعة تواسي «دون ناسيو»:
من بعيد يأتي صوت ضربات قوية وانهيار أشجار الغابة ـ يبدو الذعر على الضيوف ـ تبدو ابتسامة على وجه «دون ناسيو» في شيء من الأسى والحزن.
دون ناسيو: أن لم تعطوا القليل فسوف يستولون على كل شيء. (صوت انهيار كبير)
دون جارسيا (في ذعر): ما هذا؟
دون ناسيو: اسلحتي… لقد حصلوا عليها !
(الجميع يحملق كل واحد في الآخر في حين يصب «دون ناسيو» لنفسه كأسا).
ـ مزج إلى ـ
خارجي ـ الطريق ـ ليلة قمرية:
فصيلة من جنود الاتحاد تمتطي جيادها ـ نسمع أصوات ذئاب متقطعة ـ أشجار على جانبي الطريق.
لقطة قريبة ـ رجل خلف صخرة ـ جانب من الطريق:
يظهر رأس رجل يضع يده حول فمه محدثاً صوت ذئب.
لقطة قريبة ـ أثنين من الضباط يتقدمان المسيرة:
أحدهم (للآخر): ما هذا الصوت؟
الآخر: صوت الذئاب.
(الضابط الأول يوافقه محاولاً عدم إظهار مخاوفه وأن كان يتلفت حوله مدركاً الوضع).
لقطة من أعلى ـ المسيرة:
مع اقتراب موكب الجنود من الأشجار يتردد صوت الذئاب في الوادي… وبهذه الاشارة يهبط المقاتلون فورا من أعلى الأشجار نحو الجنود ليتشابك الجميع.
ـ مزج الى ـ
لقطة قريبة امليانو على ظهر جواده يراقب الموقف.
زاوية واسعة:
(يظهر من بعيد طابور من الفلاحين يسوق خيل الجنود الفيدرالين وهى محملة بالمؤن والملابس والسلاح… حتى أحذية الفارين. بعض الهنود يحملون بنادق. افيميو يتجه نحو امليانو.
لقطتان لـ امليانو وافيميمو:
افيميو: انتظر حتى نرى بعض الخيول.
امليانو: وماذا عن الذخيرة.
افيميو: لا يوجد الكثير من الحيوانات… سوى خيول ممتازة….
زاوية واسعة:
(دائرة من أنصار زاباتا « يحملون بعض الغنائم حول امليانو ـ بعضهم يشير عاليا بما استولى عليه.
امليانو: لكن أين الذخيرة.. نحن في حاجة لذخيرة… الخيول جميلة… لكن كيف نحارب بلا رصاص أو ذخيرة؟
(يتجه نحو جواده فجأة ويتركهم والآخرين من وراءه)
ـ مزج إلى ـ
وادي ضيق عميق كما يبدو من مكان مرتفع:
خط سكة حديد ـ قطار يخترق الوادي يحمل شاحنات تحت حراسة مشددة.
لقطة متوسطة لعربة صغيرة محملة بالديناميت تحاذي بسرعة قضيب السكة الحديد:
لقطة طويلة تصور من أعلى الوادي:
(العربة الصغيرة تتجه بسرعة نحو القطار وتصطدم به ويحدث انفجار هائل).
لقطة عامة:
يظهر من كل الاتجاهات أناس ملابسهم البيضاء يتحلقون حول القطار كالنمل.
لقطة متحركة ـ القطار:
(على امتداد قافلة المقطورات يبدو امليانو و«بابلو» يتقدمهم رجال يقتحمون أبواب المقطورات. يفتحون أحد الأبواب ـ ويتفحصونه.
امليانو: ماذا فيه؟
أحد اتباع امليانو: بولوبيف !
(تتحرك الجماعة الى أخرى)
امليانو: ماذا بها؟
أحد اتباعه: بطاطين وملابس جنود!
(تتحرك الجماعة الى ثالثة).
امليانو: وماذا أيضاً؟
أحدهم: ببانو… وبعض الأثاث !
(فجأة يصدر صوت يتجه نحو «امليانو» وانصاره حيث شاحنة يقف على باب أحداها «افيميو» والتي كانت مغلقة على جناح يحمل نساء. ثلاث فتيات مذعورات وعجوز قد تكون قوادة ما ـ تحدق فيهم بتحدى ـ صيحة أخرى يتجه امليانو نحو الصوت.
امليانو: ذخيرة !
أحد اتباعه يتقدم تجاه باب المقطورة: كلا.. بل بارود ويناميت !
امليانو: كم؟
ـ نصف عربة…..
امليانو: الا توجد ذخيرة.
ـ كلا
امليانو (بعد صمت): لن ننتظر أكثر من هذا. سنستخدم ما تحت أيدينا.
ـ مزج إلى ـ
يرجع قلعة لحامية ـ الوقت فجرا:
في المقدمة مدفع رشاش في اتجاه ساحة عامة (ميدان) والذي يبدو خاويا إلا من منصة صغيرة في الوسط ، الرماة يتطلعون لما وراء الحاجز… يقترب ضابط يرتبه كابتن ، والمشهد التالي لابد من تصويره كله من وجهة نظر هؤلاء الرجال)
الكابتن: هل ترى شيئاً يتحرك؟
جندي أول: لا توجد سوى بضع نساء.
جندي ثان: أفضل رؤيتهم عندما يطلق عليهم النار.
الكابتن: ربما لا يملك زاباتا « ذخيرة !
جندي ثان: غير معقول !
جندي أول: اعتقد أنهم رحلوا.. انظر هنا يا سيدي… نساء يتسوقن.. وهذا دليل على رحيلهم.
جندي ثان: مع هؤلاء الهنود.. لا أثق حتى في نسائهم… فضلاً عن رجالهم !!
الكابتن: لكن لا يوجد أثر لهم منذ مساء أمس ، سوف أرسل بعض الكشافة (ينظر من فوق الحاجز وينادي على امرأة) ماذا تفعلين هناك؟
البوابة ـ مسورة من البرج:
المرأة تقف أمام البوابة وتنظر لأعلى حيث نرى سولد ديرا بين النساء.
سولدا ديرا: سوف نذهب الى السوق؟
الكابتن: ابتعدن عن البوابة
سولدا ديرا: ألا تريد شراء بعض البيض؟
الكابتن: قلت ابتعدن عن البوابة !
لقطة متوسطة ـ إمرأة عجوز عند البوابة:
«سولدا ديرا «تتحدث بسرعة بالهندية للنساء الآخريات ، يضعن سلالهن مجتمعة أمام البوابة)
صوت الكابتن: قلت ابتعدن عن البوابة وإلا سنطلق النار !
سولدا ديرا: تصدر اليهن الأمر بالتفرق بعيداً وفي كل الاتجاهات !
خارجي ـ برج القلعة:
(الكابتن يتوجه لأحد جنوده)
الكابتن: إنزل وابعد هذه السلال فوراً.
(الجندي يخرج مهرولاً)
شارع في المدينة:
ـ امرأة شرسة المنظر تخرج من جانب الطريق تحمل مشعلاً. يسمع صوت المدفع الرشاش. تسقط المرأة على الأرض فوراً وتزحف حاملة المشعل وبجهد كبير تصل الى هدفها…. عربة قطار محملة بالبارود وسط الميدان تقذف عليه الشعلة في الوقت الذي تصاب فيه من طلقات الرشاش فتسقط قتيلة.
خارجي ساحة عامة (ميدان):
القطار المحمل بالبارود يتجه سريعاً تجاه الكاميرا حيث يحدث انفجار هائل في مواجهة الكاميرا.
سلسلة من اللقطات السريعة:
رجال يندفعون الى الخارج نحو أركان الشارع.
لقطة عامة ـ الميدان:
نرى من بين الدخان والحطام حشد من الجنود الرماة بعضهم مشاة وآخرون يمتطون جيادهم.. والجميع ينتابهم الرعب.
ـ مزج إلى ـ
برج القلعة ـ نهار:
اختفى المدفع الرشاش ـ حيث الرماه وبعض أتباع زاباتا ـ الكاميرا تنتقل الى سور القلعة ثم تهبط الى الميدان وقد احتلته قوات زاباتا التي رابطت بجوار أسلحتها.
لقطة عامة… الميدان:
الرجال بعد انتصارهم يستريحون ويأكلون ويحتفلون بالنصر وقد تجمع حولهم النساء والأطفال.
المنصة:
ـ يتجمع الناس حول المنصة وهم يتطلعون إلى:
امليانو يجلس على أحد المكاتب الحكومية:
المكتب مكدس بالهدايا والفواكه وأكوام من الزهور والدجاج ـ امليانو يجلس على كرسي وبيده خطابات تهان من مختلف الإدارات الحكومية وقد وقفت خلفه هندية عجوز تصنع الكعك وتناولها للشابة «جوانا» (وهي فتاة لم نتعرف عليها من قبل) فتناوله أياه بين الحين والآخر.
لقطة لجانب من المكتب:
تتقدم المرأة تحمل باقة من الزهور.
المرأة: هدية لك أيها القائد.
امليانو (يتناولها): شكراً لك.
(يضع الزهور على المكتب وتبتعد المرأة ـ «جوانا» تناوله كأسا ونظراتها تنبئ بمدى ما تكنه لهذا الرجل وما يعنيه لها).
لقطة أخرى لجانب من المكتب:
تقترب منه امرأة أخرى تنظر إليه بتأمل.
امليانو: وأنت ماذا تريدين؟
المرأة (تحملق في وجهه حتى لا تنساه): أريد أن أراك عن قرب
(تتقدم نحوه ثم رجل يصحب طفله وهو يجذبه من ذراعه).
ثلاث لقطات لكل من امليانو ـ المقاتل (ادواردو) والطفل:
ادواردو: امليانو.. اتذكر الرشاش الذي كان يحاصرنا عند التل…
امليانو: نعم…
(ادواردو لا يكاد يصدق): هذا الطفل وشقيقه تسللا ليلا وسحباه بأنشوطه من يد الرامي.. انظر كم هو صغير؟
امليانو (للطفل): هل فعلت هذا حقا؟
(الطفل يطأطئ رأسه للأرض)
أدواردو: فعلاً… هو الذي فعلها (صائحا) احضروا المدفع الرشاش !
امليانو: لا داعي (للطفل) هل فعلت هذا؟
الطفل (يتحدث بصعوبة): نعم أيها الزعيم.
امليانو: وأين شقيقك؟
ادواردو: لقد قتل…
امليانو: لابد لك من جائزة (مشيرا) أتريد هذا الخنزير.
الطفل ينظر نحو الخنزير ثم يتحول بنظره وامليانو يتابعه حيث يرى.
جواده الخاص في حراسة جندي:
عودة للمشهد:
امليانو: لا.. ليس جوادي !
الطفل يبدو عليه الحزن ـ انه أمام مشكلة ـ الطفل يهمس في إذن ادواردو» الذي يستمع اليه ثم يقول:
أدواردو: لانه جوادك… لذا يريده !
امليانو (للطفل): أذن خذه !
يعدو الطفل سريعاً نحو الجواد وينهض امليانو واقفا يتفحص المكان وهو يتناول طعامه من يد «جوانا».
خارجي ـ الميدان قرب منصة:
الطفل يندفع نحو الحصان محاولاً الأمساك به في حين ينظر الجندي الى امليانو
امليانو:
يتطلع نحو الجماعة ويشير للجندي بالموافقة على أن يحصل الطفل على جواده.
جماعة عند الحصان:
الجندي يساعد الطفل على امتطائه ـ يتجه ناحية «امليانو» مبتسماً ويغادر به المكان.
لقطة قريبة: امليانو في مواجهة الكاميرا ينظر الى جواده ويتوقف فجأة.
زاوية واسعة:
امليانو وجها لوجه أمام «سنيور سبيخو» مرتديا أفضل ما عنده ومن خلفه أحد اتباع «زاباتا» يضع عصابة على رأسه.. انه «لازارو» الذي صار واحداً من رجال العصابات الأشداء.
امليانو (بابتسامة ذات مغزى): ماذا فعل؟
لازارو: لا أعرف
سينور سبيخو: صديقي دون امليانو.. أحب أن أقدم لك مندوبا عن محررنا العظيم فرنشتكو ماديرو.
امليانو (في دهشة: ماذا؟
لقطة عامة ـ مجموعة على المنصة:
سينور اسبيخو: أيها السادة… ها هو…
(ينظر وحوله نحو ثلاثة ضباط يرتدون زي الشمال وقد وقف فرناندو بجوارهم)
سينور اسبيخو: دون امليانو زاباتا… أحد أصدقائي القدامي.
فرناندو (ساخراً): سبق أن تعارفنا… تهنئتي جنرال زاباتا.
(افيميو الذي يقف بجوار امليانو وهو يتناول طعاما يتطلع الى امليانو)
امليانو: جنرالً؟
فرناندو يضع وثيقة مختومة على المائدة.. افيميو ينحني عليها وبعض الطعام يتساقط من فمه ـ امليانو يتناول الوثيقة ويمسح بها قميصه.
امليانو: بابلو… (يتقدم بابلو) إقرأها…..
لقطتين لـ امليانو وبابلو:
بابلو يفتحها ويقرأها لنفسه أولاً… ثم ينظر الى «زاباتا»
امليانو: إقرأ ما بها.
بابلو (يقرأ): الى امليانو زاباتا.. أنا فرنسواز ماديرو.. بناء على السلطات الممنوحة لي من قوات التحرير المنتصرة عينتك قائدا لجيش الشمال… وحتى يجمعنا يوم النصر ، عاشت المكسيك (في تأثر) وقد وقعها بخط يده.
امليانو ينتشل الوثيقة ويتفحصها.. وينظر لأعلى بفرحة طفل.
لقطة جماعية:
افيميو (الى امليانو): إذن عليك بارتداء زي الجنرالات.
(يخرج قبعة جنرال من جيبه ويلقى بها إليه على المائدة يلتقطها امليانو)
سينور اسبيخو (يتقدم نحوه): يسعدنا أنا والعائلة أن تشرفنا مع……..
امليانو (دون أن يلتفت إليه ، يتحدث الى امليانو عن القبعة): من أين حصلت عليها؟
افيميو: من أحد الجنرالات.
سينور اسبيخو (يحاول ثانية): يسعدنا أنا والعائلة………
امرأة هندية تنحي اسبيخو جانبا: هديتي……… أيها الجنرال.
(تدفع إليه ببضع فراخ حية فيتناولها بيد وبالأخرى يناشين الجنرال).
ـ مزج إلى ـ
ميدان البلدة ـ الوقت ليلا:
نار موقدة ضعيفة و»جوانا « تجلس حولها تأكل من نساء يطهين الطعام ـ لقطة لرجل وامرأة حول النار… انه امليانو يتلفح بشاله كمن حوله من الهنود… من اليمين ومن خلفه قليلاً فتاة هندية جميلة تطهي الطعام (التورتيلا).
لقطة قريبة ـ امليانو «وجوانا»:
ـ زاباتا مستغرق في التفكير أثناء تناوله الطعام. يمد يده اليه دون أن يلتفت نحو الفتاة التي تناوله كوبا به مشروب «البولك» ـ يشربه بسرعة ويعيدة إليها دون الالتفات إليها.. تناوله آخر
جوانا: تناول الطعام
امليانو: كلا…
جوانا: هل شبعت؟
امليانو: نعم.
تضع اللحم المطهى في سلة وتغطيه بثوب ثم تقترب منه وتجلس لتقبل ساقه. قبله تنم عن مدى حبها له. تتطلع إليه وكلها رغبة… ينظر إليها… من الصعب الآن أن يقول ما يريده.. لكن عليه أن يفعل.
امليانو: جوانا… عليك بالرحيل الآن… لم أعد في حاجة إليك (لا تبدي حراكا.. يلمسها بعطف وحنان).
امليانو: سوف أعطيك حقل قمح كي لا تعانين الجوع ثانية.
(جوانا تناوله سلة الطعام خاشعة وتغادر المكان).
جوانا ـ لقطة متحركة:
ـ جوانا تغادر المكان وسط النار المشتعلة حولها وتتأمل مجموعات الجنود وهم يتناولون الطعام حتى تقترب من جندي شاب يجلس أرضا ـ يتبادلان النظرات في صمت ـ وبدون كلمات تجلس بجواره تنفخ في الفحم وتبدأ في اعداد طعام له. ينظر نحوها ويميل اليها مبتسما
ـ مزج الى ـ
خارجي… منزل اسبيخو ـ ليل متأخر:
«بابلو» ينظر من خلال نافذة مسورة الى غرفة حيث نرى «امليانو» مع ثلاث نساء. الكاميرا تتحرك نحو نافذة أخرى حيث «افيميو» و»فرناندو» ينظران.
افيميو (معترضا): انه يهدر الوقت.. أن كان يريدها فليخطفها !
فرناندو: بهذه الطريقة يمكننا سرقة أموال أبيها أيضاً (فتاتين تسيران بالقرب منهما وأثناء حديثه يتابعما افيميو).
افيميو: لكن هل يستحق الأمر كل هذا؟ فمنذ أن أحبها احببت مائة امرأة ومع ذلك لم أحب رؤية واحدة منهن مرة أخرى (يهز رأسه في حيرة) أن أمره يحيرني.
داخلي ـ منزل اسبيخو (والدها):
قاعة استقبال منزل سبيخو.. وهي قاعة صغيرة ـ أثاثها عتيق ـ براويز وصور جامدة لشخصيات دينية. امليانو وجوزيفا يجلسان وسط القاعة. الأم تجلس على يمينها وعمتها على يسارها وقد انهمكا في التطريز… وفي الخلف الأب. جوزيفا في أبهى ملابسها ـ أمليانو يرتدي زيا وطنيا انيقا وقد وضع قبعته ومسدسه جانبا ـ والإثنان يتبادلان النظر وقد وقف على الجانبين حرس نسائي.. امليانو يحاول كسر حاجز الصمت.
امليانو: هل كنت تفكرين فيّ….؟
(الوصيفات يتوقفن عن أعمالهن تعبيرا عن عدم الموافقة على ما يجرى)
جوزيفا: يقال أن درع المحارب هو حبيبة قلبه.
امليانو: ماذا؟
جوزيفا تتحدث معه بطريقة مألوفة في الغزل وهو ما لم ينتبه إليه سريعا !
جوزيفا (اعجاباً بأناقته ولياقته): لدينا مثل يقول… أن الرجل الأنيق ينم عن رجل ثاقب النظر.
امليانو (وقد فهم المعنى): وهناك مثال آخر يقول.. أن القرد يظل قردا ولولبس الحرير (جوزيفا توافقه) لكن عندما يدخل الحب البيت يشير لنفسه / والجمال (يشير إليها) تضاء الأنوار.
خارجي ـ منزل ـ فرناندو ـ افيميو:
فرناندو: استمع لهذا !
افيميو (يبصق): انك تزعجني.. وهذه الطريقة التي سيتزوج بها (يدير رأسه ناحية فتاة فلاحة تبتسم له).
افيميو: (الى فرناندو): بإذنك !
(يبدأ في مطاردة الفتاة).
داخلي ـ قاعة استقبال:
جوزيفا: هل تؤمن بالمثل الذي يقول «أن البيضة السليمة كحصان لم يركبه أحد وكالفتاة العذراء.
امليانو: أؤمن بأن الرجل هو النار والمرأة هي وقودها (ينظر اليها عن قرب)… أن من تولد جميلة.. تولد زوجة..
جوزيفا (وقد أعجبها اطراءة تميل نحوه… ثم تتمالك نفسها. النساء يلاحظن هذا ويلاوعي بيد أن في التهويه لأنفسهن.. فالجو حار.. خاصة مع الملابس الرسمية. امليانو يتلفت حواليه).
يتبع العدد القادم
ترجمة وتقديم: محمـــود عــــلي
كاتب وسينمائي من مصر