حدث غير عادي شهدته الساحة الثقافية العمانية, هذا الحدث تمثل في اقامة فعاليات معرض الدائرة في دورته الثانية في شهر فبراير الماضي- بالنادي الثقافي.
معرض الدائرة لم يقتصر على معرض تشكيلي أو أماس شعرية أو قصصية, بل هو معرض يجمع الفنان مع الشاعر ومع القاص والنحات والمصور الضوئي تحت سقف فكرة واحدة هي الدائرة, بمعناها الفلسفي والشعري والسبب الآخر هو تواصل فعالية معرض الدائرة لعامين متتاليين مع توسع كبير هذا العام مما يدل على جدية الفكرة وجهد القائمين عليها وهم الفنان أنور سونيا والفنان حسن مير والشاعر سماء عيسى, كما أن تقنية الفيديو آرت التي استخدمت في معرض الدائرة عرضت لثاني مرة في السلطنة وهي احدى الفنون المعاصرة التي لم تعد تقتصر على اللوحة وتم عرض جزء من (الدائرة) في مهرجان الدوحة والذي أجمع الجميع جمهورا ونقادا على نجاح العرض (المعرض), لم يعرض الفنان أنور سونيا والفنان حسن مير أعمالهما التركيبية فقط بل اتحدت مع فنون أخرى كالشعر والقصة و اللوحة مما يسجل إنجازا للقائمين عليه, وأيضا ما يمكن أن يسفر عنه هذا المعرض- وهي الخطوة اللاحقة التي يخطط لها بعض المشاركين- وهو إشهار جماعة تجمع الفنانين والكتاب تحت مسمى الدائرة.
جاء المعرض متميزا كونه جسد الثقافة بالمعنى الحقيقي للكلمة التي لم تقتصر على قشور ثقافية لا تسمن ولا تغني من جوع ثقافي عماني طال أمده.
المعرض جمع المعنيين بالثقافة في إطار عمل إبداعي فريد, ولم تقتصر الفعاليات على المعرض بل اشتملت أيضا على ندوة مصغرة عن علاقة الفن التشكيلي بالسينما والشعر, حاضر فيها الشاعر العماني زاهر الغافري القادم من صقيع السويد حيث المنفى الذي أختاره لشعره, والكاتب أمين صالح السينمائي والكاتب البحريني, كما حل قاسم حداد ضيف شرف في هذه الفعالية التي جرى تكريمه فيها كناية عن المحبة التي يكنها المثقفون العمانيون لهذا الشاعر, وأبى الشاعر البحريني علي الشرقاوي إلا أن يحضر هذا الحدث برفقة صديقيه أمين صالح وقاسم حداد كما تم تكريم الاستاذ أحمد الفلاحي والتشكيلية رابحة محمود كضيفي شرف معرض الدائرة في دورتها الثانية.
التف الجميع من فنانين وكتاب حول الدائرة, كل يراها من منظوره الإبداعي, تدور أفكارهم حول الدائرة التي لا تتوقف, دائرة التف حولها مبدعون من كل مكان, النحات عبد الحميد الزبيدي من العراق, ومن باكستان الفنانة منصورة حسن, ومن النمسا سيني كورث ومن المملكة المتحدة باتريشا مايلنز ومن فلسطين حنين تماري , ومن الإمارات الفنان خليل عبدالواحد, ومن مصر الفنان محمود حامد, وبالنسبة للسلطنة فكان الفنان أنور سونيا الروح الجميلة في الفن التشكيلي العماني والفنان حسن مير, والفنان الحالم سليم سخي, والمصور نبيل الرواحي, والمصور إبراهيم القاسمي, والفنانة والأكاديمية فخرية اليحيائي.
وبالنسبة للكتاب شارك الشاعر سماء عيسى, والشاعر طالب المعمري, والشاعر عبدالله البلوشي, والشاعرة بدرية الوهيبي, والقاص ناصر المنجي.
أنور سونيا قدم عمله بالفيديو آرت (وجهي تواجه نفسي) والتي أذهلت الجمهور حيث هو أنور سونيا من يتحرك داخل العمل, أنور سونيا بحركته التشكيلية على هذه الأرض تحسبه طفلا مبدعا لا يكف اللعب باللون والفرشاة وكأنها لعبته الوحيدة منذ أن ولد في عمله هذا تجده يتحدث فوق الجثث, بين سرير الموت وجنازة الحياة, داخل غرفة خصصت للعمل, و كان للجمهور أن يندهش تلك الدهشة التي تخلق الأسئلة وتثمر حوارا مع النفس البشرية, يجاوره في غرفة أخرى المصور ابراهيم القاسمي بعمله (القطيع) حيث العالم قطيع تقوده أمريكا بحجة ما يسمى مكافحة الإرهاب, الضحية في هذا العمل هو القاتل وهو منتج خالق للضحايا , وقريبا منهما الفنان سليم سخي الذي بالرغم من أن عمله ؛وجوه« ليس بالجديد في بعضه حيث طاف معارض عدة إلا أن طريقة عرض العمل كانت جديدة كليا بحيث تعرض اللوحة مع الصورة ومع الموسيقى في عمل واحد, حسن مير قدم أعمالا تنتمي للفيديو آرت, فنان مسكون بسؤال الموت هو من يصارع لحظة الموت ولحظة الغرق في عمل رائع انسجم مع عمله الآخر الذي نراه فيه محمولا على الأكتاف في مشهد جنائزي, فيلم قصير يمثل عبثية الحياة, مع من يواجه الموت أو يعيش الموت.
الفنانة الباكستانية منصورة حسن قدمت عملا مصورا بالفيديو باستخدام التقنية الرقمية (المكبل وغير المكبل) تستلهم فيه اجواء المحنط الحائز على جائزة من أحد البيناليات العالمية اما الفنان العراقي عبد الحميد الزبيدي فقد أبدع في عمله صخرة سيزيف, وباستخدام المرايا فان صخرة سيزيف هي آلاف الصخور وسيزيف تـاه بيـن آلام أحفاده والوجــع الإنســاني لا يزال يتناسل بطريقة جنونية منذ سيزيف.