(١)
نَصَبوا له المشنقة!
الأصدقاءُ ومَنْ هربوا في الظلام
من المعركة!
وقد أَسقطوا ما فَعلوَا فوقَه،
واٌدّعوا أنه هامَ في محفل البوتقة!
فبكى، دون ذلٍ، على الدهر،
هذا الذي لم يُخَلَّق صديقاً وفياً،
وقد أوجد الحقدَ والليلَ والمطرقة .
ثم راح يغنّي بأشعاره كي ترى
نحلةُ السهل نبضةَ الشرنقة .
إنه في الغناء، هنا، فاستمع أيها القلبُ..
إنّه في حمأة المحرقة!
(٢)
ما المدهشُ في العينين؟
كتابُ الرؤيةِ،
أم نصُّ المعروضِ على الطرقاتِ؟
أظنُّ بأن المشهدَ .. فات !
(٣)
سيفٌ من عطرٍ أبدي شقّ الرأس
إلى نصفين…
والعاشقُ غاب عن العينين ….
(٤)
مَنْ فتح الصخرةَ ؟
ماذا وجد على صفحات الحَجَر الأسود.
نقوشاً ؟
لا
ذهباً ؟
لا .. لا
أيقونةَ سحرٍ ؟
لا .. لا .. لا..
.. وجد المَعْبَدْ!
(٥)
ذراعُ أم سحنةُ رجلٍ
أم جذعٌ مقطوعُ الأغصان ؟
وبثورٌ أم أصلُ الإصبعِ أم
أنَّ نتوءاتِ الشاهد في الصورة
هي ما كان على ثوب الثعبان ؟
لعلي سأرى ما شئتُ، هنا،
ولمَنْ يرغبُ ألفُ شعاعٍ ليرى..
ويدان !
(٦)
صليبٌ جفّ عليه مغيبُ الشمس
فأنبت أقماراً تسّاقط تحت القدمين ..
صليبٌ من دمعة مظلومٍ .. يعلو
فتعود الشمسُ إلى الكتفين
(٧)
بنفسجةُ اليأس تذوي
قليلاً قليلاً ..
وخلفَ الغموضِ شرايينُ عودتها
تقهر المستحيل ..
وبعد ثوانٍ ستشعل في الأرض وردتَها للطريق،
وتكبر فينا قتيلاً .. قتيلا
(٨)
سرقَ النارَ، ولم يلحقه الطيرُ !
– الأَخْذُ نبوغ –
وجاء بها لحبيبته ..
فاتقّدت عيناها، وانفرجت شفتاها ..
والمصلوبُ هنا دَمُه،
أو ما ظلّ من الكبدِ الممضوغ.
(٩)
هذا وجهُ امرأةٍ كانت تمشي
في وَحْلِ الطيْبِ أو الحنّاء !
وكانت، قبل الهجرةِ تأمرُ أطيارَ النَهْر
وأشجارَ الزهراء ..
وكانت، قبل الغزْل وهذا الصوفِ،
تنامُ على فِطْرة لعبتها البيضاء .. البيضاء ..
والآن، وقد نسيت ما كان من الوجه على الماء،
تسيرُ على وهَمٍ وهواء ،
تسيرُ على الأرض الصمّاء !
(١٠)
هذان؛ الساحُر والراقصُ،
والتفاحةُ أُمّهما العذراء.
وهناك على الأفق الهاتفُ ..
.. وأنا في حضرة هذا البيت الواسعِ
بعضُ الحاء.
وفوق القرميد الفرسُ الكنسيةُ !
والليلُ .. غناء !
(١١)
أخطاءُ التشريحِ، هنا، للمعنى !
مثل سجين فقد النُطْقَ،
وغنّى بالصمت مع الطيرِ ..
فأبكي القُضبان، وأنساها أنْ تتمنّى ..
الأخطاءُ صوابُ الدنيا، وقتيلٌ غنّى.
(١٢)
هذا النازلُ من نينوى،
بالفجائع والأغنيات الذبيحة!
مَنْ سوف يمسح عن مقلتيه الدماء
وعن شفتيه الهباء
أو عن يديه العراء ؟!
ومن سوف يسمع أنّ القلاعَ تُهَدَّمُ
واحدةً إثر أخرى ؟
ومَنْ ذا يصدّق أن الخيول استباحت مصاطبها في المساء !
ومَنْ ذا يصدّق هذا الهُراء ؟!
(١٣)
هذا وجهُ الراهبِ، ينظر نحو القمة
حيثُ أناييسُ الريّانة !
وعند القدّاس تلعثم، فانطبق الصمتُ
على الدهشةِ في الردهةِ ..
ماذا يتذكر هذا الراهبُ ؟
ماذا فعلت فيه أناييسُ الشيطانة !؟
(١٤)
هذي ملامحُ ربّة فينيق ،
أو بعضُ أقمارها في الجدار،
أو ربما وَقْع فرسانها
في الديار..
هنا عَرْشُ هذي المليكةِ،
أُختُ قرطاجةِ الضوءِ،
أو بنتُ ليمونةٍ في البحار.
هنا كان شباكُها في البعيدْ،
فجاء البريدْ..
وألقى كواكبَه في المدار !
(١٥)
هذا وجهُ كليمِ الَّله – كما ظنّ النحّات –
وحين رأى ما صَنعَ، دَعَاهُ لأَنْ ينطقَ ..
لكنَّ التمثالَ رخامٌ من
عَدَم الأصوات!
.. وبالمطرقة دعاه
لأنْ ينطقَ ثانيةً،
فانكسرت رُكْبَته ..
لكنّ المنحوتَ أبى أن يتحدثَ مع غير الصمتِ،
فَصَمْتُ التمثالِ صَلاَة!
(١٦)
وجهي أصواتٌ زرقاء،
وروحُ الماءِ،
فضاءُ الريشةِ
وابنُ المرجِ
وسَطرُ الرُّقْيَةِ والإبراء .
وجهي رقراقٌ … طوفان،
غلالةُ هذا المدِّ القاهرِ
رجْعُ مجانين الشعراء .
وجهي ذَوْبُ الكحلِ الحارقِ
في رمشين من الصحراء !
(١٧)
أخدودُ زلزال هذي الحياة
هنا؛ ما نراه !
بنفسجُ حزن وصخرةُ آه ،
وما لم يقلْه غيابُ الشِفاه ؛
كسوف الإله !
(١٨)
لعلي تناسختُ عن فِكْرَةٍ ميّتة ،
أو أنني في فصام الخريف !
وياليتني كنتُ..
ماذا ؟
لستُ أدري ،
ولكنني كالتردّد
في موسم خامس مُبهم
أو مخيف !
(١٩)
العجائبُ لا تتكرر،
فانتبه !
إنْ تبصّرتَ فيما يمثِّلُه الطينُ،
واحرِصْ على أنْ ترى المُتَشابهَ
في كلِ شيءٍ ،
ولا تتبأر عميقا بنرجسةٍ
في الشتاء ،
ولا تركب الأرضَ ريحا ..
فتخسر !
العجائبَ ما كان خلفَ الوجوهِ ..
وأَكثرْ !
(٢٠)
هذي أطيارُ الشؤْمِ
وجُلاّسُ المأتم.
أو صورُ الغائمِ ؛ مَنْ لا يسمع
أو يتكلّم.
أو مَنْ أطفأتِ الأزمانُ ملامحَهُ
فتعلثم.
سيقان تلمعُ في الزحمةِ، أو
أبناءُ البومِ الأعظم !
المتوكـــل طـــــه شاعر وكاتب من فلسطين