إنه يقرأ الطعنة ،
دع القاعة ثملة ، من غير أن يصدر كرسيك ،
الصرير ،
العوانس :
يخرجن من جملة ، مقيدة اليدين إلى الخلف ،
وعلى ضفائرهن ، يضعن السواد .
لست معنيا بما تقوله شواهد القبور ،
باعتباري ، لم أشتغل من قبل ، مدوناً في حضيرة
الخيول ،
أو كاتب ضبط في زريبة الجاموس ،
أو قارئ عدادات قديم .
ثمة ليل يترصدني ، يتخاطف مثل الريح بين الأوراق ،
ثمة كلام ، ليس له حضور في المعنى ،
ثمة تصدع يتغلغل نحو الشرفة ،
عاليا ، يحلق طائر الرطانة ، وبيده مقبض الباب ،
من دون أن يلتفت إلى الشروخ التي ملأت الجدار ،
أو يبسط كفه ، للصوت المتساقط من ثقوب الكلام .
إنه يقرأ ماوراء البياض الذي يسيل على جسدها ،
دع المطر يؤثث سقف الغرفة بالهطول ،
دع الشظية تنقب في الدم عن خاتمة العزلة ،
دعها ، تتسلق خيط طائرة الصبي ،
لتسقط القمر .
العجائز :
يطلعن من بين ثغور أسنانهن المتساقطة ،
من كثرة الضحك على ذقون الأحفاد ،
الغامضون : يحرثون أجسادنا ،
بالشاي المعطوب ،
وبالخبز المجفف على الحبال ، وبالنكات المدثرة بلحاف ثقيل ،
الليل ، يشق ظلفة الباب ويسكنها ،
طاعنون ، في زرقة الكلام، نعد الوعول ، ونرثيها بليل طويل ،
نرثي قرونها المتقاعدة، والتفاتاتها التي تركت خلفها الشكوك .
مددنا أيدينا إلى جيوبنا خلسة ،
واستللنا الأرض منها ،
لننزلها في منتصف الطريق ،
قبل أن يكتشف الغامض ، خطيئة المكان فينا،
الرمال يابسة ،
مثل عظمة يلوكها كلب يعوي ،
أو مثل أعزل ، إلا من قميصه الذي ينام فيه الحمام ،
سيلقي الفراغ إليك :
ببقرة عجفاء ، جف ضرعها ، ونامت في مؤخرتها الجيوش .
من دخان غليون الجنرال ، من سعاله المتكرر،
تخرج حاملا على ظهرك ، أخيلة ، وعصا غليظة ، تحثك
على المسير،
لقد نسيت ، كيف كنت تروض العاصفة ،
وكيف كنت تجز صوفها !!
كيف كنت تحلق لحية الثلج ، لكي لايبني القمل فيها
مساكنه ،
كيف كنت تشكل من الرفيف نخلة ،
ومن الفوضى قيامة المكان ،
الذي أراه الآن :
ليس الذي كان يأوِّل نعيق الغراب ،
وينفخ في الغيمة جناح الطير!!
الشبح الذي يندس في ظلال الجدار،
لايثير انتباه الكلاب السائبة .
أعد الينا ، اليد التي توغلت مراراً ، في خبب الخيول ،
أعد اللقطة التي كانت ،
أعدنا إلى الفانوس الذي أضاء جسورالماء ،
إلى الحمامة التي دلتنا على البيت ،
إلى البلابل التي رممت ،
سلم الصباح المكسور بصفيرها .
هاربون :
نحمل على أكتافنا جثة الشمس ،
لنواريها خلف سياج البيت ،
قبل أن تكتشف العصافير فعلتنا المخزية ، فنصبح نكتة
تتداولها الطيور .