وأي مقام لا أروم انتهاءه
وفى مبدئي نور المصاحف غشاني
فصحح إيماني بكل حقيقة
بسر إلى أوج النهاية أنهاني
ومازج بالايمان روحي فاغتدى
مسوطا بجسمي في دمائي ولحمانى
فهام بحب عام في بحر ذكره
ولم يدر وجدان اصطبار وسلوان
سعيد بن خلفان الخليلي
شغل الباحث منذ زمن بالسلوك العماني دراسة لمفاصلة الهامة، وتحقيقا لنصوصه المخطوطة، فقدم دراسة موسعة عن الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي، وكتابه المتميز (إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك) الذي شرح فيه تائيتي ابن الفارض الصغرى والكبرى وفق منهج مبتكر، ورؤية لم يسبق إليها، وهو يعمل الآن على تحقيق ذلك المخطوط الضخم تمهيدا لاخراجه الى النور بحلة تليق به، وبمكانته العلمية والأدبية العالية، ويقدم الآن نصا قصيرا ظفر به وهو يجول في أوراق المخطوطات العمانية دارسا لها، ومستفيدا منها، وينضوي هذا النص تحت الاتجاه السلوكي سالف الذكر، وهو لأحد أعمدة هذا الاتجاه، ونريد به الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي تغمده الله رحمته.
وقد اقتضى منهج البحث أن يأتي وفق المحاور الآتية:
– لمحة عن السلوك العماني، ومفهومه العام.
– نبذة عن الشيخ الخليلي وجهاده الفكري.
– وصف المخطوط، وموضوعه، وعلمنا فيه.
– النص نفسه.
ونرجو أن يكون هذا العمل وغيره دافعا للدارسين للنظر باهتمام وجد للتراث العماني، والصبر على قراءة نفائسه، وبعد هذا نشره نشرا علميا بعيدا عن التسرع والعجلة اللتين رأيناهما تسمان الكثير من الكتب العمانية المطبوعة، وهي محتاجة الى مزيد من الجهد والتأني مما يتلاءم مع المنهج العلمي في تحقيق النصوص
لمحة عن السلوك العماني، ومفهومه العام
السلوك اتجاه بارز في الفكر العماني له أصوله، وتقاليده، ودرجاته، وقد أثر تأثيرا بينا في الحياة، وامتد هذا التأثير الى الأدب نفسه فظهرت معالمه في شعر ونثر كبار الأدباء العمانيين، ونلحظ هذا الاتجاه منذ زمن مبكر من عمر الثقافة العمانية إذ يطالعنا الشيخ أبو سعيد الكدمي، وهو من علماء القرن الرابع الهجري، ببعض الاشارات السلوكية التي من الممكن عدما الجذور الحقيقية لما سيؤول اليه هذا الاتجاه فيما بعد على يد أعلامه الكبار وقد لحظ الشيخ جاعد الخروصي وهو من كبار السلوكيين هذا الأمر في واحد من كتب الكدمي وهو (الاستقامة) حين قال مقرظا إياه:
يفوز بأنوار الحقيقة موجه
ويفرق يم الماء لما تموجا (1)
ومعلوم أن مصطلح الحقيقة من ألفاظ المتصوفة، والسلوكيين معا. ويستمر هذا الاتجاه حتى يستقر عند أربعة من الأعلام هم الشيخ جاعد بن خميس الخروصي، وابنه الشيخ ناصر، والشيخ سعيد بن خلفان الخليلي، والشاعر الكبير أبو مسلم البهلاني، فكأن هؤلاء الأربعة يشكلون سلسلة ذهبية ودرس اللاحق فيها على السابق مستفيدا من علومه المتنوعة، وتجربته في الحياة مع الاحتفاظ بالتفرد الشخصي. والخصوصية الأدبية، كل على انفراد.
ومن المعلوم أن السلوك مصطلح صوفي يكثر الصوفية من ذكره، ويتلازم معه مصطلح أخر هو (الطريق)، وما يهمنا منا هو معرفة دلالته الصوفية، ومدى قرب هذه الدلالة أو بعدما عن الاتجاه الذي اصطنعه السلوكيون العمانيون، واتخذوه شعارا لهم، فالسلوك هو "تهذيب الأخلاق ليستعد العبد للوصول بتطهير نفسه عن الأخلاق الذميمة منكر حب الدنيا والجاه، ومثل الحقد والحسد والكبر، وبالنهج على الأخلاق الحميدة مثل العلم والحلم والحياء" (2)، وهو كذلك "انتقال من منزل عبادة الى منزل عبادة بالمعنى، وانتقال باللصورة من عمل مشروع على طريق القربى من الله الى عمل مشروع بطريق القربى من الله بفعل وترك، وانتقال بالعلم من مقام الى مقام ومن تجل الى تجل" (3)، فالسالك إذن هو "العبد الذي تاب عن هوي نفسه وشهواتها، واستقام في طريق الحق بالمجاهدة والطاعة والاخلاص" (4)، فالسلوك وفق ما تقدم هو "تربية الانسان الروحية الذهنية كما تظهر على مستوى السلوك النفسي… وهو تدريس على المستوى العملي يتمتع بكل ما للتدريس من مناهج وثوابت" (5). هذا ما تقرره كتب المصطلح الصوفي عن السلوك غير انه لم يصبح علما على هذا الاتجاه بل ظل التصوف هو الاسم الشرعي له، فكأن السلوك وفق المفهوم المتقدم يختص بجانب من التجربة الصوفية ولا ينتظم التجربة كلها، ولعل جانبها العملي التطبيقي هو أهم مظاهر هذا الجانب في حين تكفل جانب أخر بمعالجة الوجه الأخر من التصوف وهو جانبه النظري، وهما بمجموعهما يكونان التجربة الصوفية في وجوهها المختلفة. بيد أننا نلاحظ أن الآخذين بمنهج التصوف بمعناه العام لا الخاص في حياتهم وانتاجهم الفكري والأدبي من العمانيين قد عدلوا عن المصطلح الشائع وهو التصوف الى السلوك وهو أضيق من الأول بل ينضوي تحته، فعلى حد قول أحد الباحثين العمانيين إن «الشعر الذي تكون فيه نزعة صوفية يسمونه شعر السلوك» (6)، فهل أراد السلوكيون العمانيون تركيز اهتمامهم على الجانب العملي من التصوف وحده فاقتصروا على السلوك وتمسكوا به؟ إن ما بأيدينا من مخطوطات سلوكية يشير الى أمر مخالفا. إذ نجد فيها مباحث نظرية كثيرة وعميقة عن أحوال السالكين ومقاماتهم، وتوقف الشعر والنثر طويلا عند تلك الأحوال والمقامات شارحا وقائعها، ونافذا الى العمق منها، وجاءت الشروح لتقطع الشوط الى نهايته من خلال استبطانها حالات النفس وما يعتريها من شوائب داعية الى نبذها والأخذ بتلك الفضائل التي أسهبت كتب الصوفية في الحديث عنها، كما يحتل الجانب السلوكي حيزا لا يستهان به من المباحث السابقة، هذا هو واقع الأمر كما يظهر في أدبيات السلوك العماني، فمن منا توجب القول ان هناك أسبابا قوية حدت بالفكر والأدب العمانيين الى اتخاذ مصطلح السلوك وترك الأخر وهو التصوف، وقد وقفت في بحث سابق عند هذا الامر الهام، وأستطيع تلخيص ما توصلت اليه هناك مع اضافات بدت فيما بعد، ولعل أول الأسباب هو الاعتزار بالشخصية، والرغبة في التميز، فجميع الفرق تتخذ من هذا المصطلح شعارا لها فأثر الفكر العماني، والاباضي منه خصوصا، مصطلحا هو من داخل التصوف نفسه غير أن له خصوصية واضحة فاتخذه مصطلحا وشعارا، وسبب ثان نابع من تطور الحركة الصوفية نفسها، وهو إن المتصوفة «لم يهتموا قبل القرن السابع الهجري بتدوين مصنفات في السلوك، بل دونوا في الفكر الصوفي وعاشوا وفقا للسلوك الصوفي، ولم تتعدد المؤلفات في التصوف العملي والسلوك إلا بعد القرن السادس – السابع الهجري حيث دخل التصوف مرحلة التربية الصوفية ومناهج التسليك» (7)، فكأن الفكر الإباضي أراد في وقت متأخر نسبيا ان يشارك في هذا الموضوع فوجد أمامه وفرة فيجانب، ونقصا فيجانب أخر فأثر الثاني لكي يزيده عمقا وخصوبة، وسبب ثالث لعله من أهم الاسباب وأقواها، ويتمثل في كون السلوك ومدلوله العميق يشير الى النقاء الذي ظل محتفظا به من حيث التحامه الوثيق بالشريعة وأحكامها، ورغبة الفرد في اتخاذ طريق معين لعبادة ربه من خلال تلاوة القرآن الكريم والاوراد والعزلة الجزئية، بينما نرى التصوف يختلط بمؤثرات مختلفة تبعده عن منبعه الصافي، وهو الزمه، وتخله في مسارب فكرية متشعبة أوصلت بعض الفقهاء الى اتهام بعض الصوفية بالكفر وهو ما نأى الفكر الاباضي بنفسه عنه، واكتفى بالسلوك منهجا وطريقة في التفاعل مع الحياة وأحداثها.
ونحن وإن كنا لا نمتلك تعريفا خاصا للسلوك العماني غير أننا نستطيع تبين معالمه الكبرى من خلال الحياة الشخصية للسلوكيين من جهة، وانتاجهم الفكري والأدبي من جهة أخرى، ونذهب بعد فحص تينك الشقين الى أن السلوك العماني يفيد الى مدى بعيد من مجرى التصوف العام، وما قدمناه سابقا من تعريفات للسلوك بالمفهوم الصوفي، غير أنه يختط لنفسه طريقا فيها من التغاير والتفرد الشيء الكثير، فهو يأخذ من التصوف دعوته الى الزهد، والاعراض عن الدنيا، وأخذ النفس بالخشن من العيش، كما يفيد من مصطلحاته، ورسومه، ودرجاته، ويوظف ذلك كله في الشعر والنثر كلى حد سواء، وهو من جهة أخرى يختلف معه في مسائل أساسية تمس العقيدة مثل رؤية الله سبحانه وتعالى، فبينما نرى المتصوفة يقولون بها، إذ «أجمعوا على أن الله يرى بالابصار في الآخرة، وانه يرده المؤمنون دون الكافرين»،(8) نجد السلوكيين العمانيين يستمدون موقفهم في الرؤية من فكرهم الاباضي الذي يلخصه سماحة المفتي العام للسلطنة بقوله: "وذهب الى استحالتها- الرؤية- في الدنيا والآخرة أصحابنا الاباضية، وهو قول المعتزلة والجهمية والزيدية والامامية من الشيعة" (9) فهذا اختلاف جوهري بين الموقفين، كما يفترق السلوكيون العمانيون عن المتصوفة في قضية العزلة الكلية، والابتعاد عن الكسب، فبينما نرى التصوف يحبذها، وخصوصا في أطواره المتأخرة، نرى السلوكيين العمانيين على النقيض من هذا فهم يشاركون في الحياة، ولهم آراؤهم السياسية، والاجتماعية الهامة التي تنفع المجتمع، وتوجهه الى طريق الصلاح والاستقامة. واختلافا ثالث بينهما إذ يأخذ السلوك الأمور مأخذا لينا بعيدا عن الشطح والغلو، ويبتعد عن القضايا التي قال بها بعض المتصوفة مثل الحلول، ووحدة الوجود وما اليهما، وقد ألمحنا الى شيء من هذا فيما سبق، فكأن الشريعة بنقائها، والتصوف في مراحله الأولى كانا المقياسين اللذين فاء اليهما السلوكيون في أخذ ما يأخذون، وترك ما يتركون، ولم يكونوا في ذلك بدعا بين القوم، فمنذ زمن بعيد نقرأ للقشيري كلاما يشير الى هذا مفاده أن "أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأمراء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والمداومة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص والتأويلات" (10)، بيد أن هذه التقريرات أصابها شيء كثير من التبدل كما رأينا، وعودا الى ما سبق من مواقف السلوكيين العمانيين نستطيع أن نفهم السر الكامن خلف اهتمامهم بابن الفارض، ذلك الاهتمام الذي تجلى في التأثر بشعره تأثرا واضحا، اذ نلحظ ابن الفارض، ولمساته الشعرية بينة في شعرهم، كما تمثل الاهتمام به، وبشعره من خلال شرح شعره، والاعتناء به، رأينا هذا عند الشيخ ناصر بن أبي نبهان في كتابه الضخم (إيضاح نظم السلوك)، ونرى هذا الآن في هذا النص الذي نقدمه، وذلك لأن ابن الفارض تلاءم الى مدى بعيد مع النهج السلوكي العماني من حيث الالتزام بالشريعة، وتعظيم حرماتها، والابتعاد عن القول بالحلول، ووحدة الوجود، وتبنى ما أجمع عليه الدارسون من قوله بوحدة الشهود، وهو يتفق الى حد كبير مع توجهات السلوكيين العمانيين، ومحافظتهم على الشريعة والتزامهم بأحكامها، فإذا استضأنا بقول الفاضل أحمد بن سعود السيابي وهو يحاول تقديم تصور متكامل للسلوك حين يذهب الى أنه «يقوم على عمق التأمل في الوجود، والتعمق في علم الكلام والفلسفة والمنطق والخلوة وكثرة الأوراد»، (11) نقول إذا ضممنا هذا النص الى ما قررناه سابقا تمكنا من تميز المعالم الكبرى للسلوك العماني من جهة، ومكامن الاختلاف بينه وبين التصوف من جهة أخرى.
وتبقى قضية المصطلح الذي أخذ به الاتجاه السلوكي، فقد ذكرنا أنه يفيد من المصطلح الصوفي عموما، وهذا حق، غير أن قراءة هذا المصطلح وفهمه بحاجة الى دقة وحذر شديدين، وقد كانت مشكلة المصطلح الصوفي من أعقد المشاكل التي واجهت التصوف خلال سيرته الطويلة، فبينما نجد غيرهم يأخذون ألفاظهم على ظاهرها، ويفهمونها وفق ذلك الظاهر، نرى المتصوفة يلحون على خطأ تلك النظرة، وكأنهم شعروا أنها تفرغ التجربة الصوفية من عمقها، وثرائها الكامنين، ولذلك راحوا يقولون، ويكررون القول من أن هذه الألفاظ لها دلالات خاصة لا تدرك إلا من خلال الفهم الخاص لها ضمن الاطار العام لهيكل التصوف نفسه، ومن هنا رأينا السبكي مثلا ينبه بقوة الى هذا الأمر بقوله: «الله الله في ألفاظ جرت عن بعض سادات القوم لم يعنوا بها ظواهرها، وإنما عنوا بها أمورا صحيحة»،(12) ويؤكد صاحب التصرف هذا الشيء حين يقول: «… فلما كان الأمر كذلك اصطلحت هذه الطائفة على ألفاظ في علومها تعارفوها بينهم، ورمزوا بها فأدركه صاحبه، وخفي على السامع الذي لم يحل مقامه، فإما أن يحسن ظنه بالقائل فيقبله، ويرجع الى نفسه فيحكم عليها بقصور فهمه عنها، أو يسوه ظنه به فيهوس قائله وينسبه الى الهذيان».(13) بل ذهب بعض المتصوفة ومنهم ابن عربي الى تحريم قراءة كتبهم إلا لمن وجد في نفسه الاستعداد والقدرة على فهم تلك الألفاظ فهما حقيقيا يبتعد بها عن ظواهرها، ويغور معها الى العمق حيث يدرك الرمز البعيد والمعنى الباطن،(14) ولهذا توجب على من يتعامل مع كتب السلوكيين العمانيين وشعرهم أن يولي هذا الجانب اهتماما خاصا كلى اعتبارا أنهم يمتحون من البئر نفسها، تلك التي متح منها المتصوفة الأوائل مع النظر الى اختلاف المنطلقات والأسس العقائدية بينهم وبين غيرهم.
نبذة عن الشيخ الخليلي وجهاده الفكري (15)
يعد الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي في المقدمة من علماء عمان وشعرائها، ولم ينل هذه المكانة العالية إلا من خلال مواقفه الفكرية والدينية من جهة، وانتاجه العلمي والشعري من جهة أخرى، فهو ينتمي الى أسرة عريقة ذات أثر كبير في تاريخ عمان، إذ نقرأ في سلسلة نسبه عددا من الأئمة مثل الإمام الخليل بن عبدالله بن عمر بن محمد بن الإمام الخليلي بن شاذان بن الإمام الصلت بن مالك بن بلعرب، ولا شك في أن هذه السلسلة قد حملت وارثها من المسؤولية والأمانة الشيء الكثير.
وحين يبدأ حياته في كنف جده لأبيه الشيخ أحمد بن صالح بعد وفاة والده وهو طفل صغير، ينشأ في رعاية صالحة تتسم بالتقوى والعلم معا، ففي بوشر يولد، ويكبر سنة 1226 للهجرة، أو 1236 للهجرة على خلاف، ويستقبله الجد والبيت محفوفا بالعناية، وموجها للطريق الذي سيبرع فيه فيما بعد، وهو طريق العلم والعمل معا، ولم يلبث الطفل إلا قليلا حتى يرسله الجد الى مسقط ليتزود من العلم ما شاء له التزود، وهناك يلتقي بطائفة من العلماء يأخذ عنهم، ويتزود منهم، مثل الشيخ سعيد بن عامر الطيواني، والشيخ حماد البسط، غير أن واحدا من العلماء سيكون له شأن أي شأن في التأثير عليه مما لم يتهيأ لغيره، ونريد به الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي، المتوفى سنة 1263 للهجرة، فقد كان الشيخ ناصر من أجلت العلماء، وكبار السلوكيين، ولا ريب ان الطالب نهل من الجانبين معا مما ظهر جليا فيما بعد في مواقفه، وانتاجه الفكري والشعري على حد سواء. وقد حفظ الشيخ سعيد لأستاذه أياديه البيضاء فظل يذكره مقرونا بالاحترام، وكان الشيخ من جانبه يرعى هذا الطالب النابه، ويتوسم فيه الخير، ولذلك نراه يشير عليه أن يشرح منظومته في علم الصرف، فينصرف الطالب لتحقيق تلك الاشارة، وتكون ثمرة هذا الانصراف كتابه مقاليد التصريف الذي صرح في مقدمته بهذا الأمر حين يقول: «… ولما اطلع على نظمها- قصيدة مقاليد التصريف – العالم الرباني، والبحر النوراني وحيد دهره بلا ممانعة، وفريد عصره بلا ممانعة أبو محمد ناصر بن العلامة المولوي الولي أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي أمرني أن أثبت عليها شرحا لطيفا مختصرا» (16)، وتستمر مرحلة الطلب حتى يشعر الشيخ أن زاده من العلم يؤهله للخروج الى الحياة والتأليف معا، فنراه بعد مدة يتولى منصب قاضي القضاة في إمامة عزان بن قيس وهو منصب رفيع بلا شك، غير أن مكانته الحقيقية تتمثل في «دوره الفعال في تحريك مجرى الأحداث باعتباره رجلا من رجال السياسة والدين في الدولة… ومفسرا وداعية للعقيدة الاباضية التي عمل سرا على المحافظة على بعثها منذ البداية الأولى لبعث الامامة الاباضية»،(17) فنجده وفق ما تقدم مشاركا في اطفاء العصبية القبلية التي ثارت في وقته بحكمته، وسداد رأيه، بالاضافة الى أجوبته الغزيرة للكثير من المسائل الفقهية والعقائدية التي كانت ترد عليه، ونحن نولي هذا الجانب من حياة المحقق الخليلي أهمية خاصة وذلك لأن نهجه السلوكي الذي أخذ به لم يتركه معزولا عن مجتمعه وما يموج به من أحداث، وهو ما ألمحنا اليه فيما سبق في قضية الاختلاف بينما التصوف والسلوك العماني، فهو لم يدع الأمور تسير على أعنتها تاركا اياها على غاربها، مؤثرا العزلة والانصراف الى العبادة والتبتل، بل هدته عبادته وتقواه الى تلك الموازنة المعتدلة بين الحياة والسلوك، فكانت النتيجة أن سخر علمه، وما حصله من زاد ثقافي في خدمة مجتمعه، وما يعتقد انه نافع مفيد لذلك المجتمع، ولم يتخذ الخلاص الفردي طريقا كما فعل كثير من المتصوفة، بل كان في الصميم من الأحداث مشتركا فيها، مكتويا بنارها، وقد اتبع هذا النهج الجمهرة من السلوكيين العمانيين إن لم يكونوا كلهم مثل الشيخ جاعد الخروصي، وولده الشيخ ناصر وغيرهما مما يؤكد ذلك التوجه الذي قررناه فيما سبق ونعود لابرازه هنا.
وبعد تلك الحياة الحافلة بالأحداث، الفنية بالعلم والتأليف ينتقل المحقق الخليلي الى جوار ربه سنة 1287 للهجرة، وقد بلغ من العمر سبعة وخمسين عاما.
ونستطيع القول إن المحقق الخليلي ترك تراثا فكريا وشعريا هاما يتمثل في قسمين، أولهما أولئك الطلاب الذين درسوا عليه، وأفادوا منه، وثانيهما تلك الكتب التي تركها، وكانت زادا طيبا لمن جاء بعده، ولم يتمكن من الجلوس اليه، أما الطلاب فهم كثر نذكر منهم الشيخ جمعة بن خصيف الهنائي، والشيخ عمرو بن عدي بن عمرو من بني بطاش، أما الطلاب غير المباشرين فهم أكثر، أولئك الذين لم يلتقوا به ولكنهم قرأوا كتبه، وساروا على نهجه، وتعلموا من سيرته وسلوكه.
ويبقى الشق الثاني وهو الكتب التي تركها وعالجت علوما وفنونا مختلفة في العقائد والفقه وعلوم العربية والسلوك مثل: مظهر الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي، ومقاليد التصريف، وسمط الجوهر الرفيع في علم البديع، والنواميس الرحمانية في تسهيل الطريق الى العلوم النورانية وغيرها كثير، غير أن ديوانه الذي تضمن تجربته الطويلة الثرية في الحياة والسلوك لم يطبع حتى الآن طبعة علمية محققة،(18) ونرى أن هذا الديوان بطبعته المنتظرة سيقدم الكثير للاتجاه السلوكي، وسيكون رافدا هاما في درسه والكشف عن مراحله ورموزه.
وصف المخطوط، وموضوعه، وعملنا فيه
تحتفظ خزانة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي بالسيب بمجموع مخطوط رقمه (111) يقع بأربعمائة واثنتين وستين صفحة من القطع المتوسط، مكتوب بخط واضح يضم خمسة نصوص هي:
1- شرح قصيدة حياة المنهج.
2- لامية السلوك.
كلاهما عن أبي نبهان في السلوك.
3- جواب المحقق الخليلي فيما استشكل من فتاوي العلامة ناصر بن أبي نبهان.
4- شرح عن المحقق الخليلي لبعض أبيات ميمية ابن الفارض: شربنا على ذكر الحبيب مدامة.
5- حل الرموز ومفتاح الكنوز في السلوك للعلامة عبدالسلام بن الشيخ أحمد بن الشيخ الزاهد غانم المقدسي.
وقد نسخ المجموع كله سعيد بن قاسم بن سالم بن سعيد البحري، وانتهى منه في 22 رجب سنة 1261 للهجرة.
ويتبين من عنوانات النصوص أنها في علم السلوك سوى الثالث فقد غلب عليه الفقه، وهي جميعا لم تحقق تحقيقا علميا حتى الآن مما يعني أن هذه النصوص، وغيرها كثير تلك التي عالجت السلوك بحاجة الى فحص، ونظر تمهيدا لدراسة هذا الجانب الهام من الحياة الفكرية، والأدبية العمانية وفق القاعدة المنهجية التي تصر على تهيئة النصوص تهيئة علمية في سبيل الاستنتاج منها، والبناء عليها للخروج بنتائج رصينة عمادها التثبت واليقين، لا التسريح والهوى.
وما يهمنا منا النص الرابع، وهو شرح المحقق الخليلي لبعض أبيات من ميمية ابن الفارض، ويحتل في المجموع أحدى عشرة صفحة يبدأ من الصفحة الثالثة والأربعين بعد الثلاثمائة، وينتهي في الصفحة الثالثة والخمسين بعد الثلاثمائة، كتب بخط واضح بالأسود، كما كتبت الأبيات بخط أغلظ تمييزا لها عن الشرح، وتضم الصفحة خمسة عشر سطرا، ويضم السطر الواحد عشر كلمات على وجه التقريب، والمجموع كله بحالة جيدة، وهو خال من التآكل أو الطمس اللذين يصيبان المخطوطات عادة بسبب الزمن، أو سوء الحفظ إلا في حالات نادرة.
ويدل تاريخ النسخ وهو 1261 للهجرة على أنه كتب في حياة المحقق الخليلي، وليس فيه ما يشير الى انه قد قريء عليه، غير أن تلك المعاصرة ترفع من قيمته ونفاسته، ولا يعلم الباحث بوجود نسخة أخرى من هذا المخطوط، فهي إذن نسخة وحيدة، ولعل هناك نسخة أخرى منه تحتفظ بها احدى المكتبات الخاصة غير أن ذلك في علم الغيب حتى الآن.
وواضح من النص انه شرح لبعض أبيات من قصيدة عمر بن الفارض الميمية، وهي التي تسمى الخمرية أيضا هي اعتبار ان موضوعها الرئيسي هو الخمرة التي أراد بها المحبة الالهية، وقد ظفرت هذه القصيدة باعتناء الشراع باللغتين العربية والفارسية،(19) ونالت من اهتمامهم ما نالته التائية الكبرى بحسبان أنهما تمثلان بجلاء مواقف ابن الفارض وأفكاره الرئيسية من جهة، وتبينان سيرته الروحية والوجودية من جهة أخرى، فهناك سبعة من الشروح المعروفة المفردة لها برأسها عدا شروحها الأخرى في سياق الديوان كله، وهو عدد كبير بالقياس لقصيدة واحدة، ويأتي شرح المحقق الخليلي ليضاف الى تلك الشروح ويقدم رؤية أخرى لعلها لا تتفق في كثير من جوانبها مع الشروح المتقدمة اعتمادا على ان الجمهرة من الشراع السابقين كانوا من الصوفية المتأثرين بنزعات غير اسلامية، وكان بعضهم من ذوي المشارب المتطرفة القائلين بالحلول ووحدة الوجود، وهو ما يتناقض مع الاتجاه السلوكي العماني، كما بينا سابقا، فاذا أضفنا الى ما تقدم أن من تصدى للحديث عن تلك الشروح من الباحثين المحدثين لم يورد هذا الشرح،(20) لأنه غير معروف لديهم لأسباب ليس هنا موضعها، أقول إذا ضممنا هذا الى ذاك استطعنا القول ان هذا الشرح يقدم موقفا جديدا، وإضافة هامة لتراث ابن الفارض عموما، وشرح الخمرية خصوصا.
ومن الضروري أن نشير هنا الى أن عدة القصيدة الخمرية هي واحد وأربعون بيتا(21) لم يشرح المحقق الخليلي منها سوى ستة أبيات هي الأولى منها، ولا نعلم السبب الذي حدا بالمحقق الى هذا الامر، وكنا نتمنى لو أتم عمله وشرح القصيدة كلها فقدم لنا صورة متكاملة للقصيدة وشرحها، ولكن هذا ما وصل الينا نقدمه كما وصل.
ويبدو الهدف من تحقيق هذا النص ونشره في أربعة أمور هي:
1- تقديم نص من نصوص السلوك العماني لعل فيه دافعا لبعض الباحثين لاستكمال الدراسة في هذا الموضوع، واخراج نصوص أخرى.
2- خدمة تراث المحقق الخليلي بوجه خاص على اعتبار أن هذا التراث بحاجة الى مزيد من الصبر والدراسة، وقد ألمحنا فيما سبق الى قضية ديوانه المخطوط.
3- تأكيد صلة السلوك العماني بابن الفارض تأثيرا وشرحا؛ لانسجام في النظرتين والموقفين.
4 – تقديم وجهة نظر مختلفة عن الشروح السابقة، فيها من التوازن والاعتدال، والبعد عن الغلو الشيء الكثير.
ومن الممكن تلخيص عمل الباحث في هذا النص في النقاط الآتية:
1- قراءة النص قراءة سليمة تقربه من القارئ على الوجه الذي أراده صاحبه، وكان لي في الهوامش فسحة للتعليق على ما رأيت اضافته كي يستقيم المعنى.
2- تزويد النص بالهوامش الضرورية التي توضح مقصد المؤلف، وخصوصا المصطلح، فقد شرحت المصطلحات الواردة فيه معتمدا على المصادر الموثقة في هذا الموضوع.
3- تخريج ما ورد في النص من آيات وأحاديث وأشعار، والتعريف بالأعلام، ورد بعض النصوص المنقولة من كتب سابقة الى مواضعها في تلك الكتب.
هذا عملي أضعه بين أيدي الدارسين لعل فيه ما ينفع وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(النص)
تمت المسائل منقولة عن الشيخ العالم الحلاحل سعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي أيده الله وزاده من واسع فضله إن شاء الله.
ومن قصيدة للشيخ عمر بن الفارض رحمه الله:
1- شربنا على ذكر الحبيب مدامة
سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
المدامة هي الخمرة (1). والمراد بها منا المحبة الالهية (2) التي ينور الله بها قلوب أوليائه فحيبونه بها فينجذبون بالطاعة بها اليه بالكلية. وهم على مراتب في شربها (3). وقوله من /344/ قبل أن يخلق الكرم، فالكرم شجر العنب الذي يستخرج من ثمرته الخمرة.
يقول: شربنا نحن من خمر المحبة الالهية ونحن في عالم المثال (4) قبل أن نظهر في عالم الشهود (5)، فلما أظهرنا الله في عالم الشهود وكما كنا في عالم المثال وهو اللوح المحفوظ، لأن علم الله لا يختلف.
ولم يرد الناظم نفسه وإنما أشار الى مقال مقامه من هو القطب الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن كان على سلوكه من جميع المتعبدين من الملائكة، والجنة، والناس أجمعين، فلذلك قال: شربنا هذه الخمرة قبل وجود الخمرة الموجودة من العنب، وما أشبهه فافهم ذلك.
2- لها البدر كأس وهي شمس يديرها
هلال وكم تبدو إذا مزجت نجم (7)
الكأس ها هنا الإناء الذي يشرب منه الخمر، والبدر هو الذي كان هلالا في ابتداء رؤيته، فإذا ازداد نورا سمي قمرا، فإذا تم نوره سمي بدرا، فإذا تناقص سمي قمرا وتم على الترتيب، وزعم علماء الأنوار أن القمر ليس له نور في الأصل وإنما يكتسب من نور الشمس فجعل هذا العـارف (8) أن أنوار المعرفة الالهية كالشمس وحلولها في جميع الكائنات التي هي كالاناء لها، كالبدر الممكن من نور الشمس فكل ذرة من ذرات الوجود مملوءة من أنوار المعرفة الالهية لجميع ما يحلى الله بصفاته في عالم الوجود على أولي الألباب. وقوله يديرها هلال فشبه الهلال منا بمراة قلب الانسان الولي(9) المضيئة فيه أنوار المحبة المقابلة للصفات الالهية من عالم الغيب ومن عالم الشهادة فلا يزال يتجلى لها من أنوار المعرفة على قدر نظرها اليها بعين البصيرة. فشرق في العين الغريزية المديرة حتى يصير الكل نورا، وذلك على قدر بصرها الى تلك الأنوار فهي كالهلال لم تزل قابلة الزيادة بغناء النظر عن سواها اليها حتى تصير بدرا وهي المقام المحمدي صلى الله عليه وسلم (10)، وكل من بعده فهو دونه، فهذه أحوال الفانين عن الأغيار بمشاهدة الملك الجبار،(11) وأما مقامات عامة المؤمنين من أولياء الذين لم يجردوا أنفسهم من مشاهدة الأغيار (346) بل أقاموا على الشريعة الظاهرة، وما لزمهم من الحقيقة مع اقبالهم على الدنيا من علماء وأتباعهم فهم كالدراري(2ا) والنجوم، فإن قلت إن في الدراري ما هو أنور من الهلال فنقول ليس المراد به هكذا، وإنما المراد به قبول الزيادة من أنوار شمس المعرفة من إناء بدر الكائنات المبدر بها بشدة الاقبال اليها، وفناء النظر عن غيرها، وقوة التلذذ والمحبة في النظر اليها، وهي المعبر عنها بلذة حلاوة الايمان وما لا يجدونه أولئك في نفوسهم جزما مع أنهم قد اقاموا أنفسهم على الحقيقة والشريعة كأولئك (13)، ولكن هؤلاء سلكوا مناهج المحبة، وفناء النظر عن مشاهدة غير معبودهم بالصفات لا بالذات (14) فسقاهم شراب صحبته، وأغناهم (15) عن جميع الأغيار بمشاهدته سبحانه وتعالى الملك الجبار، تفسير هذين البيتين عن الشيخ العالم أبي محمد ناصر بن أبي نبهان وما بعدهما عن غيره.(16)
3- ولولا شذاها ما اهتديت لحانها
ولولا سناما ما تصورها الوهم
(347) الشذا الرائحة الطيبة، والحان من حانة الخمار وهو موضع الخمر، والسنا: الضياء والنور. والضمائر في شذاها وحانها، وسناها، وتصورها للمدامة. والمراد بالرائحة الطيبة اثمار الجمال المطلق، والحسن الظاهر في صورة العاشق للزينة، وبالحان منبع الجمال المطلق الآتي، أي: ولولا رائحتها الطيبة التي هي المحبة الاثارية الظاهرة في صورة الملاح لما اهتديت في منبع الجمال المطلق الذي للمحبوب الحقيقي كما قال:
ولولاكم ما عرفنا الهوى
ولولا الهوى ما عرفناكم
ولولا أنوارها وأضواؤها في صورة الموجودات الظاهرة لم يكن الوصول الى نور الأنوار(17) والذي هو الموجود المطلق الالهي، فإن النفس عند اقتنائها بالمحبوب المجازي الذي هو من وجه حقيقي كامن واهتدى بها ببلاياه، وصحبته تتوجه الى الحقيقي المطلق الذي هو الصمد(18) لكل شيء، والملجأ لكل حي فيفيض عند ذلك من أثار جماله المطلق عليها، ويجذبها ويأخذها من يد محبوبها المجازي غيرة منه فيخلصها (348) من مضيق البلايا والمحن. ويوجه وجهها الى جنابه الكريم الذي هو منبع الأنوار، ومعدن الكمال فيحصل له الوصول الى حضرة الإلهية، ويتنور الفهم والوهم بنور اليقين، فذكر الأمور الكلية والضرورية عقلا مدركا، قيل: من لم يعشق لم يكن له سلوك.(19)
4 – ولم يبق منها الدهر غير حشاشة
كأن خفاها في صدور النهى كتم
الحشاشة الجنة وهي بقية الروح، والنهى جمع نهية وهو العقل، والمم النفس، والمراد به المكتوم، أي والحال أن الدهر ما ترك في زماننا هذا من أسرار المحبة وأثارها الا شيئا قليلا، وهي البقية التي بها حياة العارفين المستورين عن أعين الأغيار، وباقيها انكتم واختفى عن البصاير والأبصار، حتى كان اختفاؤها أيضا صار مختفيا أي صارت بحيث لا يشعر بها وباختفائها أيضا.
واعلم أن الظهور والاختفاء أثران ولذا سمي الظاهر والباطن، واسما الالهية بحسب ظهور أحكامها دول وسلطنة [349( 20)] فتارة تكون السلطنة للظاهر على الباطن وأخرى بالعكس فيكون للباطن سلطنة على الظاهر، وكذلك للمكمل من الواحدة والكثرة سلطنة، فإذا كانت السلطنة للظاهر غلبة الكثرة على الوحدة إذ الظاهر له مستهلكة تحت حكم الوحدة فتكون الأسرار الالهية ظاهرة على ألسنة، العارفين، هكذا الأمر الى أن يظهروا خاتم الولاية المطلقة، وتظهر الأسرار فلا يبقى كفر ولا كافر كي الوجه في الأرض مدة انتقالها وعند انتقالها، وانتقال مزمني زمانها يحصل الجفاء المطلق أيضا بحيث لا يبقى من يعمل بالشريعة المحمدية صلوات الله عليه بل يعملون بالطبيعة المحضة فعليهم تقوم الساعة إلا أشرار الناس.(21)
5- ومن بين أحشاء الدنان تصاعدت
ولم يبق منها في الحقيقة إلا اسم
الدنان جمع دن وهي الخابية، وتصاعدت ارتفعت والمراد ظهرت، والمراد بالدنان النفوس الكاملة المكملة بمدامة المعارف والأسرار الرحمانية فاستعار لهم لفظ الدن من حيث إنهم (350) محيطون بما يسكن ويزيد العقل، أي ظهرت مدامة المعرفة الالهية من بواطن القلوب الكاملة المكملة، والنفوس الواصلة الموصلة للنفوس الناقصة الى كمالاتها وهي نفوس الأنبياء عليهم السلام، والأولياء الداعين الخلق الى الحق، المكملين نفوسهم بإيصالهم الى مقعد صدق، والحال أنه لم يبق منها بين أيدي الناس في هذا الزمان في الحقيقة إلا اسم ورسم لظهور الناقصين في صورة الكاملين والمبتعدين، وفي زي المقربين، وذلك لان النبوة قد انختمت، والأولياء قد اختلفوا، وقد بينا سبب ذلك في السبب السابق وهو قوله: ولم يبق منها الدهر غير حشاشة ولا حاجة الى التطويل.
6- وإن ذكرت في الحي أصبح أهله
نشاوى ولا عار عليهم ولا إثم
يجوز أن يراد بالحي العالم النير بأهله، المستعدون القابلون للتحيات الالهية، وفي إتيانه حينئذ بلفظ الحي إنما [يشير] (22) إلى العالم بأسره مما كان [بشر] (23) أو حيوانا، وإن كان الحي معناه القبيلة، ويجوز أن يراد به العالم الانساني وبأهله القربى الرحمانية (351) والجسمانية، وإن ذكرت المدامة المذكورة في الحي بالذكر اللساني أصبح أهله نشاوى سكارى من طيب ذكرها، فإن نفوسهم وأسماعهم يتلذذون بسماع اسمها كما قال القائل: (24)
ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر
ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر( 25)
وقال الناظم (26) في غير هذه القصيدة:
لروحي يهدى ذكرها الروح بالضحى
على ورق ورق شدت وتغنت (27)
وذلك ان ذكر المحبوب الحقيقي، وذكر مجلس أنسه في مقام قدسه، وشرب شراب المعرفة حين وصلت تذكر النفوس الناطقتة (28) أوطانها الأصلية، وأقرانها الملكية، ولذاتها الأولية كما قال الناظم قدس الله روحه فيأخذها الوجد والسكر الذي لا عار عليهم فيه ولا إثم لهم بل حصول المراتب والمقامات العلية، فالمنازل والدرجات الأولية، والخلاص من الدركات السفلية، هذا مع الذكر اللساني [وهو (29)] أدنى المراتب كما قال الجنيد(30) قدس الله روحه ونفعنا به، أمين، شعر:
ذكرك ما أني، نسيتك لمحة
وأيسر ما في الذكر ذكر لساني (31)
(352) وأما إذا أنزلنا الذكر بالذكر القلبي (32) وهو الباطن بالحقيقة كما قيل (33):
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا(34)
وهو ادراكه للمذكور، واستحضاره إياه لتوجهه التام اليه أولى بالذكر الروحي والسر الذي هو مسافرة (35) الروح ومناعات السر مع المحبوب الحقيقي فتكون اللذة أتم، والفيض أكمل، والوجه أقوى، والسكر أغلب، والوجود والتجليات الالهية والفيوض الرحمانية لهم. وقد قال تعالى في حديث قدسي: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه" (36) وهو الملأ الأعلى والملائكة المقربون. و ذكر الحق سبحانه وتعالى عبده وذكر ملائكته إياه يستلزم تكميله ورفعه من أسفل سافلين إلى أعلى عليين.
وسألت الشيخ ناصر بن أبي نبهان عن محبة الله لعبده، فقال: محبة الله شرحها طويل، وقد ذكرناها في كتابنا الاخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم (37)، وذكرها الغزالي (38)، وهي على أقسام منها محبة العبد لله تعالى وتسمى محبة (353) الله لأن أصلها من محبة الله لعبده. لقوله تعالى: (يحبهم ويحبونه) (39) فقدم سبق محبة الله لعبده قبل محبة العبد لربه. ومنها محبة العبد لربه وهذا يحتاج الى شرح طويل جدا، وذكرنا في كتابنا شرح نظم السلوك الى حضرات ملك الملوك (40)، ولا يتضح بيانها إلا ببيان أقسامها وأصلها، ومجملها رضا الله عن العبد، وأصل محبة الله للعبد عصمته لعبده، وجذب حب قلبه إليه، واشراق نور معرفته في قلبه، ومحبة العبد لربه علم، وحال، وعمل. فالعمل النظر الى كمالات صفات الله، وكل جمال محبوب، والحال تأثير ذلك النظر فيؤثر طلب ميل الى ذلك، والعمل صحة تأثير ذلك النظر أن يقبل بالعقل بما يكون له وسيلة الى ما أحبه بما أمكن لما أحب مما أمكن والله أعلم.
أ- هوامش الدراسة:
1- ينظر عن أبي سعيد الكدمي كتاب إتحاف الأعيان للبطاشي، ص 215، وما بعدما ففيه تفصيل مهم.
2- معجم مصطلحات الصوفية. د. عبدالحليم حنفي، ص 133.
3- المعجم الصوفي. د. سعاد الحكيم، ص 585، والمقام الوارد في النص هو ما يتوصل اليه العبد عن طريق الأعمال ويرد معه مصطلح (الحال) وهو لا يكتسب بالأعمال، وإنما هو منحة إلهية يمنحها الرب للعبد. ينظر ابن الفارض والحب الالهي، د. محمد مصطفى حلمي، ص 171، وينظر أيضا كتاب السيوطي والتصوف، د. عبدالخالق محمود. ص 88 ففيه تفصيل واف.
4- محجم ألفاظ الصوفية. حسن الشرقاوي، ص 232.
5- المعجم الصوفي، د. سعاد الحكيم، ص 721.
6- أبو مسلم البهلاني، الفاضل أحمد بن سعود السيابي. ص 51.
7- المعجم الصوفي، د. سعاد الحكيم، ص 721.
8- التعرف لمذهب أهل التصوف. الكلاباوي، ص 55.
9- الحق الدامغ. سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، ص 32.
10- الرسالة القشيرية، 1/194.
11- أبو مسلم البهلاني، الفاضل أحمد بن سعود السيابي ص51.
12- معيد النعم، ص 124.
13- التعرف. ص 105.
14- ينظر تنبئة الغبي بتبرئة ابن عربي، للسيوطي. ص 114، وفي كتابه عن ابن الفارض. ينقل د. محمد مصطفى حلمي نصا من كتاب جلاء العينين يذهب فيه صاحبه الى ان "الصوفية يحرم النظر في كتبهم على من لم يتأهل لتنزيل ما فيها من الشطحات على قوانين الشريعة المطهرة"، ينظر ص 116.
15- أفدت من الدراسة الجيدة التي قامت بها الباحثة الفاضلة شريفة اليحيائي عن شعر سعيد بن خلفان الخليلي في تتبع مراحل حياته، وهي رسالة ماجستير- كلية الآداب – جامعة السلطان قابوس.
16- مقاليد التصريف، 1/3.
17- شعر سعيد بن خلفان الخليلي، الفاضلة شريفة اليحيائي، رسالة ماجستير، ص 19- 20.
18 – اعتمدت الباحثة الفاضلة شريفة اليحيائي على نسخ مخطوطة متفرقة في مكتبات السلطنة وهي بصدد درس شعر المحقق الخليلي، وقد فصلت الحديث عن تلك النسخ في دراستها، تنظر ص 7، وما بعدها.
19- ينظر عن هذه الشروح وأماكن وجودها كتاب د. محمد مصطفى حلمي، ابن الفارض والحب الالهي، ص 100، وما بعدها، وفيه تفصيل نافع عن تلك الشروح وقيمتها، واتجاهات الشراع.
20- أشار الباحث الفاضل محمد المحروقي في رسالته عن أبي مسلم البهلاني الى هذا الشرح، وذكر أنه ما يزال مخطوطا، تنظر رسالته، ص 119.
21- ينظر ديوان ابن الفارض، ص 189، وما بعدما.
ب- هوامش التحقيق:
× إضاءة: يبدأ النص هكذا بعد أن تنتهي المسائل التي شرحها المحقق الخليلي وهو النص الثالث. أما الرابع فهو النص الذي نقدمه، وهذا من طبيعة أي مجموع مخطوط يضم نصوصا مختلفة، وقد بينا هذا في الدراسة.
1- يقول البوريني في بداية شرحه هذه القصيدة ما يأتي: "اعلم أن هذه القصيدة مبنية على اصطلاح الصوفية، فإنهم يذكرون في عباراتهم الخمرة بأسمائها، وأوصافها، ويريدون بها ما أدار الله تعالى على ألبابهم من المعرفة، أو من الشوق والمحبة"، وهذا تنبيه هام يدخل فيما أشرنا اليه سابقا في ثنايا الدراسة من مشكلة المصطلح الصوفي عموما. ينظر شرح ديوان ابن الفارض، 2/154.
2- المحبة الالهية هي محبة العبد لله، ومحبة الله للعبد، وقد أسهب المتصوفة في الحديث عنها، وعن أقسامها، وأحوالها، ينظر على سبيل المثال ابن الفارض والحب الالهي، د. محمد مصطفى حلمي، ص 148، وما بعدما.
3- أشار النابلسي شارح ديوان ابن الفارض الى بعض من هذه المراتب، ينظر شرحه ص 268.
4- عالم المثال هو عالم الصور الخالصة، عالم الحق والخير والجمال. وهو موجود قبل خلق الخلق، ومعلوم انه من مصطلحات أفلاطون، ينظر النقد الأولي الحديث، ود. محمد غنيمي هلال، ص 30. ولعل المحقق الخليلي يريد به العالم السماوي في مقابل عالم الشهود.
5- عالم الشهود هو العالم الأرضى، أو هو الظل الثاني على حد قول الكاشاني، ينظر اصطلاحات الصوفية، ص 121.
6- القطب هو الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان، ينظر الكاشاني، ص 153، ويلح المتصوفة على أن المقصود بالحبيب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينظر شرح ديوان ابن الفارض، 2/154، ويذهب عبدالغني النابلسي إلا أن الحبيب هو الله سبحانه وتعالى انسجاما مع فكرة المحبة الالهية عموما، ينظر شرحه لديوان ابن الفارض، ص 268.
7- يبدي البوريني تعجبه من هذا البيت لشدة التلازم والالتحام بين ألفاظه، فيقول: "هذا البيت عجيب في بابه. فانه مشتمل على ذكر ألفاظ يناسب بعضها بعضا، وهي البدر، والشمس، والهلال. والنجم، وكذلك الكأس، والادارة والمرج"، ينظر شرح ديوان ابن الفارض، 2/155، وقد نجح المحقق الخليلي نقلا عن الشيخ ناصر في إبراز هذا الالتحام بين الالفاظ كما هو واضح في الشرح.
8- العارف من أشهده الله تعالى ذاته، وصفاته، وأسماءه، وأفعاله، فالمعرفة حال تحدث عن شهود. ينظر الكاشاني، ص 122، ويذهب كثير من المتصوفة الى انها قسمان: معرفة حق، ومعرفة حقيقة، فمعرفة الحق إثبات وجدانية الله تعالى على ما أبرز من الصفات، والحقيقة: على أن لا سبيل اليها لامتناع الصمدية، وتحقق الربوبية عن الاحاطة، ينظر التعرف، ص 156، وفي هذا تأكيد على أن السالك يعرف شيئا وتغيب عنه أشياء.
9- الولي هو من تولى الحق أمره، وحفظه من العصيان، ينظر الكاشاني، ص 76، ومن المفيد أن نشير هنا الى أن المحقق الخليلي كثيرا ما يصف الشيخ ناصر بالولي، وكذلك يصنع تلميذه ابن رزيق، ينظر مقاليد التصريف، 1/3، وسبائك اللجين لابن رزيق، مخطوط، و3.
10- من الواضح أن المحقق الخليلي يتحدث عن مراتب السلوك. ودرجاته منذ بداية إشراق المعرفة الالهية في قلب السالك مرورا بتحققها فيه، ووصولا الى ثباتها واستقرارها عنده.
11- ليست الرؤية هنا بصرية بقدر ما هي قلبية، وسنرى مصداق هذا بعد قليل.
12- الدراري: الكواكب اللامعة المضيئة.
13- يرجى ملاحظة هذا التشقيق البديع لمراحل التقبل، فالزيادة فالامتلاء، وهو ما عرف به الفكر الصوفي عموما.
14- هذا تأكيد صريح على أن الرؤية هنا ليست بصرية بل قلبية، وهو ما أشرنا اليه سابقا.
15- الفناء: سقوط الأوصاف المذمومة، ينظر الرسالة القشيرية، 1/228، وهو الانشغال التام بالله سبحانه، وترك ما عداه.
16- يوثق المحقق الخليلي مادته، ويحفظ لشيخه وللآخرين حقوقهم.
17- نور الأنوار هو الحق سبحانه وتعالى، أي أن هذا السالك يستدل على وجود خالقه بمخلوقاته الظاهرة، وطالما حث القرآن الكريم على التفكر في هذا العالم، وبديع صنعه.
18- الصمد: المقصد والملاذ.
19- كأن السلوك هو النتيجة لذلك العشق الذي هو بمثابة المقدمة.
20- طمس بمقدار ثلاث كلمات لم أستطع قراءتها.
21- يلاحظ أن هناك اضطرابا في شرح هذا البيت، ومن المفيد أن نسوق شرح البوريني له باختصار فهو معين على فهمه، يقول: "وقوله الدهر: المعنى به هنا زخارف الدنيا، وزينتها الشاغلة للقلوب… وقوله: غير حشاشة: المعنى من ذلك أن الدهر المكني به عن الزخارف الباطلة، والزينة العارضة لم يترك في قلوب أكثر العباد حشاشة روحانية… وقوله: خفاها: الضمير للمدامة المذكورة، وقوله: كتم يعني إن خفاء تلك الحقيقة عند العقول البشرية يشبه خفاء الأسرار وكتمها في صدور الذين أوتو العلم الالهي". ينظر شرح ديوان ابن الفارض، 2/157.
22- و23- زيادة يقتضيها السياق، وبها يستقيم المعنى.
24- هو أبو نواس الشاعر المعروف.
25- ينظر ديوانه، ص 28.
26- هو ابن الفارض.
27- هذا بيت من التائية الكبرى، وفيه اختلاف عن رواية الديوان، إذ يرد الصدر صدر العجز أخر، ويرد العجز عجز البيت اخر، وهما في الديوان هكذا:
لروحي يهدى ذكرها الروح كلما
سرت سحرا منها شمال وهبت
ويلتذ ان هاجته سمعي بالضحى
على ورق ورق شدت وتغنت
ينظر الديوان، ص 123.
28- النفس الناطقة وتسمى أيضا النفس المفكرة، وتأتي في مقابل النفس الحيوانية، والنفس الناطقة مصطلح فلسفي يراد به القوة في النفس الانسانية التي تدرك الكليات، وتفعل الأفعال الفكرية، أو هي الجوهر المجرد عن المادة القابل للمعقولات والمتصرف في مملكة البدن. ينظر المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، 2/492، والمعجم الفلسفي مراد وهبة، ص 448، وما بعدها.
29- زيادة يقتضيها السياق.
30- الجنيد بن محمد، أبو القاسم الخزاز، مولده ومنشؤه ببغداد، سيد الطائفة، ومقدم الجماعة، وامام أهل الخرقة، وعلم الأولياء في زمانه، هكذا تصفه المصادر. توفي سنة 298 للهجرة. له أحوال ومقامات وأقوال كثيرة أوردتها كتب التصوف والتراجم، ينظر عنه الرسالة القشيرية، 1/116، وما بعدها، ومتصوفة بغداد، عزيز السيد جاسم، ص 199، وما بعدها مع مصادره.
21- البيت في التصوف، ص 122، منسوبا للجنيد، وفي الرسالة القشيرية، 2/467، مع أبيات كان الشبلي ينشدها.
32- للمتصوفة حديث طويل من الذكر وأقسامه يشبه الى مدى بعيد ما ساقه المحقق الخليلي.
33- هو للأخطل كما في الموشى، ص 25، وشذور الذهب. ص 28.
34- البيت بلا نسبة في البيان والتبيين، 1/218. والبرهان، ص 64، وهو ليس في ديوان الأخطل بل في زيادات الديوان.
35- السفر هو توجه القلب الى الحق، ينظر الكاشاني، ص 119، وحقله المتصوفة أربعة أقسام، وقد فصل الشيخ ناصر الخروصي الحديث عنه في كتابه إيضاح نظم السلوك، مخطوط.
36- حديث قدسي، أخرجه الامام أحمد بن حنبل في مسنده، 2/354، 405.
37- ما يزال كتاب الإخلاص للشيخ ناصر مخطوطا شأنه شأن الكثير من كتبه الأخرى، وقد اطلع الباحث على نسخة منه في خزانة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي بالسيب ورقمه فيها 247، ويقع بـ 428 صفحة من القطع الكبير، وكتبت النسخة بحرف صغير بالحبر الأسود، وفيها طمس في بعض المواضع، وتحدث الشيخ ناصر عن المحبة ابتدأه من الصفحة السادسة بعد المائة مع الرضا في سياق حديثه عن الفضائل المتوجب على السالك التحلي بها.
ويحتاج هذا الكتاب الى صبر في قراءته، وهو جدير بالتحقيق والنشر.
38- ينظر إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، لمرتضى الزبيدي، 9/544، وكتاب المحبة هو الكتاب السادس والثلاثون من كتب أو فصول الاحياء.
39- المائدة، 54.
40- وهو من كتب الشيخ ناصر المهمة، ويعمل الباحث على تحقيقه معتمدا نسختين خطيتين إحداهما نسخة المؤلف.
المصادر والمراجع/ الدراسة والتحقيق
1- ابن الفارض والحب الالهي، د. محمد مصطفى حلمي، دار المعارف بمصر، القاهرة، بلا تاريخ.
2- أبو مسلم البهلاني، الفاضل أحمد بن سعود السيابي. بحث منشور في حصاد الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي، وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة عمان. الطبعة الأولى، سنة 1998.
3- أبو مسلم البهلاني شاعرا، رسالة ماجستير غير منشورة. إعداد الفاضل محمد بن ناصر بن راشد المحروقي، جامعة السلطان قابوس، سنة 1995.
4- إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان، سيف بن حمود البطاشي. الطبعة الأولى. سنة 1992.
5- إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، مرتضى الزبيدي، دار الفكر، بيروت، بلا تاريخ.
6- الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم، الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصى. مخطوط، مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، السيب.
7- اصطلاحات الصوفية، عبدالرزاق الكاشاني، حققه وقدم له وعلق عليه د. عبدالخالق محمود، دار المعارف بمصر، القاهرة، الطبعة الثانية سنة 1984.
8- إيضاح نظم السلوك الى حضرات ملك الملوك، الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي، مخطوط، خزانة وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان.
9- البرهان في وجوه البيان، ابن وهب الكاتب، تحقيق د. أحمد مطلوب، ود. خديجة الحديثي، مطبعة العاني، بغداد، سنة 1967.
10- البيان والتبيين، الجاحظ، بتحقيق وشرح عبدالسلام هارون، الناشر مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الخامسة. سنة 1985.
11- التصرف لمذهب أهل التصوف، أبوبكر محمد الكلابادي، قدم له وحققه محمود أمين النواوي، المكتبة الأزهرية للتراث، الطبعة الثالثة سنة 1992.
12- تنبئة الغبي بتبرئة ابن عربي، السيوطي، تحقيق د.عبدالخالق محمود، القاهرة، سنة 1987.
13- الحق الدامغ، سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، الطبعة الثانية. سنة 1992.
14- ديوان ابن الفارض، تحقيق د. عبدالخالق محمود، دار المعارف بمصر، الطبعة الأولى، سنة 1984.
15- ديوان أبي نواس، حققه وضبطه وشرحه أحمد عبدالمجيد الغزالي، الناشر دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، سنة 1984.
16- الرسالة القشيرية. لأبي القاسم عبدالكريم القشيري، تحقيق د.عبدالحليم محمود ومحمود بن الشريف، دار الكتب الحديثة، القاهرة، سنة 1972.
17- سبائك اللجين الملقب بقرة العين، ابن رزيق، مخطوط، مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، السيب.
18- شرح ديوان ابن الفارض، جمعه رشيد بن غالب المداح، طبع بالمطبعة الخيرية. القاهرة، سنة 1310 للهجرة.
19- شرح شذور الذهب، ابن هشام الانصاري، محمد محيي الدين عبدالحميد، القاهرة، بلا ذكر لمكان وسنة الطبع.
20- شعر سعيد بن خلفان الخليلي، دراسة تحليلية، إعداد الفاضلة شريفة بنت خلفان اليحيائي، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة السلطان قابوس.
21- الصوفية في شعر ابن الفارض. شرح الشيخ عبدالغني النابلسي، تحقيق واخراج وتقديم حامد الحاج عبود، مطبعة زيد بن ثابت، الطبعة الأولى، سنة 1988.
22- متصوفة بغداد، عزيز السيد جاسم، شركة المعرفة للنشر والتوزيع المحدودة، بغداد سنة 1990.
23- محجم ألفاظ الصوفية، د. حسن الشرقاوي، مؤسسة مختار للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، سنة 1987.
24- المعجم الصوفي، د. سعاد الحكيم، دندرة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى. سنة 1981.
25- المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، دار الكتاب اللبناني. بيروت، سنة 1982.
26- المعجم الفلسفي، مراد وهبة، القاهرة، الطبعة الثالثة، سنة 1979.
27- محجم مصطلحات الصوفية، د. عبدالحليم الحفني، دار المسيرة، بيروت، الطبعة الأولى. سنة 1980.
28- مقاليد التصريف، سعيد بن خلفان الخليلي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان. سنة 1986.
29- الموشى، الوشاء، شرحه وقدم له عبدالأمير على مهنا، دار الفكر اللبناني، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1990.
30- النقد الأدبي الحديث، د. محمد غنيمي هلال، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، سنة 1997.
دراسة وتحقيق: وليد محمود خالص (أكاديمي بجامعة السلطان قابوس)