لقد جاءوا.
أعرفك أيها الأكثر انخفاضا من المراقد، والأكثر
انخفاضا من النظرة المتخفية بالوصايا
.. أيها المقشعر من أنين الرمال
ومن الهبوب الذي يلاحق النورس المرابط.
على مداخل صحراء
هي سوق للغجر، تقرأ فيه الأحلام ما قد رأته
كنا نصنع حصنا للوردة المرحبة بأناشيدنا،
وبأعيادها التي تشهد على المرارة الحية
.. كانت احشاؤنا أكثر رحابة، والنار على أرصفتها
تغازل جنون الحدقات التي تحدث عن نعمة القلب
المصغي
ثم فرشنا خواصر الحجر
حين ترك الغروب مفاتيحه لنا
ومنح الصرخة الصديقة
للذكرى التي لن تذبل .
في هجرة الملح
احترقت أجمل الأوراق
وأمحيت مدن كانت أكثر علوا من الحراب
ثم أقبل شتاء ممسكا برنين القشة
كنت أنقش البحر على الركب الطرية
واصنع غارا من تلاواتي للأصابع الأكثر طراوة من الرحم
ثم فجأة جاء
من أنت ؟
قل ما تريد قوله
اني أقطر من لفحك نصيب الوردة ودلالها
وتلك هي الاكاذيب تطلب المشورة
قل ما تريد قوله
عندي لك هذا السر:
العاشقة أكملت عدتها
والنهر أهدى لنا مباهجه
تولهه
خلجاته
وأخرج لنا لسان نقائه
أنا الذي يصفعكم بهذا السناء
قل ما تريد قوله
لك وحدك امتنان النشيد، لك وحدك يا أمين
صفحاتنا
ولك ينحني الليل المليء بالحمى
المجد ، كل المجد لك يا من نلت ضربات الشمس.
لكن آه
كان وجعنا مقذوفا صوب البعيد. كان مجيئنا من
أجل عقاب العقاب
ومر على أهوائنا أنين رضاب مفخورة
ما قد رسم يمازح المذاري ، ويمسح أجفانهن بالقبل
المدماة.
أكنا بعيدين ، ومن بعدنا ذلك كنا نبتهل ،
ونحلق ،
متنعمين تحت ظل أشرعتنا بوصايا ملحك
لكن دعك
دعك بعيدا عن الأوراق
الأوراق مرايا تتهجى وجهها
ودع يديك بعيدة عن جرح النائم
دعك بعيدا
التساؤل لوعة تغوي
كانت الظهيرة حلما، وكان الحلم صحوة التراب
كان جوعي عاشقة تأكل ما محوته -جوعي ندم
الأبرياء – جوعي حوضي ،
لم تستقر فيه ، بل كتبت على جدرانه فاتحتك ،
وتأملت في مراياه حلمك النازح الأخير.
سأصرخ بكم ،
وأطعنكم بحراب الضوء
– بهذه اللهفة كنت أتكلم فيما مضى-
سأصرخ بكم ،
وآخرون سيتحدثون عما تحدثنا به
انك تتحدث كما يليق بك يا بحر النعم ، هذا هو
امتيازك.
الصامتون يوقدون المشاعل لمدن أكثر من الحراب
ثم جاء الظل.
ظل امرأة ، ليروي لنا شيئا آخر
عالية صرخة أيتها المرأة، . . عالية صرختك ، يا حواء
كنا نبكي تحت ابطيه
"لا أحد قد سمع بهذه المكاشفة، حين كنا نرسم
أفواها ، فيما مضى كان البحر قد طعمها بزعفران
الحذر.،
كنا نبلل ظمأها بماء الجهات كلها،
ونلوح لها بمناديل نقعها حليب أثداء يافعة"
وفجأة لاح من بعيد صليل سيوف الغياب، وبان
وجهه
أيها الغياب ، يا من يعطينا ظهره ، ليترك لنا كلامه
أيها الغياب . .
على أجمل الأوراق التي أمحيت
كتبنا وصايا الصمت
وحنطنا الجنون الأكثر حياء
بلسانه الطاهر
مر الضاحك ، المتجهم ، عطس على تخاريم العظماء،
وقلم اظافرهم الحيوانية
الرمال العارية ، تنهب ثمرة الاعتراف المستحمة في
الظل الذي يتقدم ذكراهم
هو ذا عصركم.
لشبيهي
آه شبيهي ، من يستطيع أن يدوزن قرارات قلبك
تشبيهي الحر
سأعطي قوتي
لنناديهم بأسمائهم
وننسج منذ الآن خواء خوائهم
هو ذا سرهم.
لقد جاءوا
ها هي ذكرى مديح الوردة تستيقظ
ها هو يدنو ليطعن الدموع الحبيبة
ها هو يدنو ليحظي بلسانه
الموجة الفانية تطعن ، لاهثة ، صراخها
هوذا شتاء النقود.
عقيل عباس علي (شاعر من العراق)