مرت خمسون سنة على رحيل أمين الريحاني الذي كان يلقب بـ "فيلسوف الفريكة " إشارة الى القرية الجبلية اللبنانية التي ولد فيها، والى نزعة التفلسف التي تطبع بعض أعماله الفكرية وعلى رأسها كتابه "خالد" الذي كان في العربية فاتحة كتب نسجت على منواله منها كتاب النبي لجبران خليل جبران وكتاب مرداد لميخائيل نعيمة وكتاب عبدالله لأنطون غطاس كرم وسوأها.
ومع أن الريحاني كان واسع النشاطات الأدبية والفكرية والسياسية إلا أنه في نظر الكثيرين أديب قبل كل شيء. لقد كان سياسيا ومصلحا اجتماعيا ومربيا ورحالة ومؤرخا وفيلسوفا وكاتبا مسرحيا وشاعرا وناقدا، ولكن الصفة الألصق به في نظر الكثيرين هي صفة الأديب . ففي كل ما كتب تتجلى موهبة أدبية فذة وأسلوب وطابع متميز رفاص . إنه ليس بالمؤرخ الجاف ولا بالفيلسوف الباحث أو السياسي أو المنظر. إنه مزيج من هذا كله ، وهو يتناول هذه المواضيع ويحيلها الى مادة أدبية مستساغة تنضح بفكره وفلسفته وأرائه وتجاربه في الحياة .
ولكنه لم يكن أديبا بريئا ان صح التعبير . فقد كان أديبا مغرضا أو ملتزما لأن الأدب عنده كان موقفا من الوجود والانسان والمجتمع . لقد كان أديبا ملتزما بقضايا وطنه ووحدة أمته وخير الانسان في كل مكان وكان أكثر ما التزم به ودعا اليه قضية العروبة والوحدة فقد رفض ، بداية ، المشهد السياسي الذي أوجدته معاهدة سايكس – بيكو في المشرق العربي، والتي كان من نتائجها تقسيم هذا المشرق على النحو الذي قسم . وفي حياته عانى الريحاني الكثير من سلطات الانتداب الفرنسي ، كما عانى الكثير من سلطات الاكليروس المسيحي والاقطاع . وتمتليء كتاباته ، وكتابات زميله جبران خليل جبران ، بمواقف ملتزمة من كل ذلك .
ويطبع التمرد الكثير من كتاباته . ويعزو الباحثون ذلك الى مدة أسباب منها انتقاله المبكر من تقاليد قديمة غاية في التخلف نشأ في ظلها، الى تقاليد الحياة والمجتمع في نيويوك التي هاجر ليها وهو طري العود وترعرع في جوها البروتستانتي الماسوني، والمعروف أن الماسونية في نهاية القرن الماضي سواء ، الشرق أو في الغرب ، كانت تختلف في توجهها عما آلت اليه فيما حد. فقد كانت حركة تحرر وتنوير. وكان الافغاني ، على سبيل لمثال من الماسونيين في نهاية القرن الماضي.
وفي الجو الأمريكي الرحب والسمح تنفس الريحاني اتياحا: "ولدت في حضن التقاليد الاجتماعية والدينية القديمة السقيمة ، وفي قيود التعصب الذي يطرد الحق والعدل من قلب صاحبه ويطفيء فيه مصباح الحب الشامل والحنان ، وفي قيود لحكم العثماني التي كان يصقلها لأهلنا رجال الدين والوجاهة بنا، فكتب لي الخلاص منها في صباي، فظعنت وأمنت ، وأقمت ، بلاد لا قيود البتة فيها، فوددت لأهلي وبلادي ما استمتعت به هناك ، وعولت فيما أكتب أن استعين بحرية العالم الجديد لأحطم من أجلهم تلك القيود كلها".
ولكنه لم يستقر في نيويورك استقرارا كاملا فقد كان دائم تودد منها الى لبنان وسراه من البلاد العربية ولذلك فإن "مهجريته " ليست صلبة متينة كمهجرية سواه من الأدباء اللبنانيين الشوام الذين نزحوا الى أمريكا الشمالية والجنوبية كجبران وايليا أبو ماضي ونعمة قازان ورشيد أيوب . ومع أنه نام في المهجر الأمريكي الشمالي ، فإن أدبه لا يتميز بالحنين الشكوى والنزعة الى خلاص النفس التي اشتهر بها أدب هذا لهجر ، بل أن أدبه يتميز بنزعة اجتماعية ووطنية واضحة . خلاص الانسان العربي والعالم العربي هو ما كان يعنيه لا خلاص الذات الفردية وهمومها الخاصة . وفي حين كان جبران ، . نعيمة ، نوعا من مغترب في هذه الدنيا يحن الى دنيا روحية فري، فقد كان الريحاني "حاضرا" كل الحضور في دنياه هذه ، وكوزا فيها، عاملا على تغييرها ، مناضلا من أجل هذا التغيير.
ولعل أحد أسبابه في عدم مشاركته في النشاط داخل الرابطة القلمية في نيويورك الى جانب أدباء المهجر الآخرين ، إن هؤلاء صروا نشاطهم بالكتابة الأدبية دون سواها، وينمط من الكتابة ثرنا الى أبرز مميزاته فيما تقدم . في حين أن الريحاني كان قد جز مرحلته الأدبية الصرفة قبل ذلك بما لا يقل عن خمس عشرة منة ، فقد بدأ الكتابة الأدبية باكرا وعندما بدأ جماعة الرابطة القلمية يتكتلون وينشئون تنظيمهم الأدبي الخاص ، كان الريحاني جوب أطراف الجزيرة العربية باحثا عن حلمه الخاص أو شروعه الخاص ، وهو إقامة دولة عربية واحدة أو تضامن يجمع الدول العربية . والقاريء يعثر على نشاط الريحاني بهذا اتهم الريحاني اتهامات شتى بسبب جولاته في البلاد العربية . والمعروف انه قام في وقت من الأوقات بالتوسط بين شركات نفط غربية وبعض الحكومات العربية للتنقيب عن النفط . زعم بعضهم أنه عميل بريطاني، وزعم آخرون انه داعية أمريكي يفتش عن موارد الثروة في البلاد العربية ليهدي اليها الشركات الأمريكية الكبيرة . وكان هو يقول عن هؤلاء "إن نفثاتهم أقرب الى تلك التي تنفث سمها منها الى النقد النزيه . لقد جئت من وراء البحار وأقاصي الديار عملا بعاطفة ليس للقومية قوة بسوأها، ولا عز للأمم بدونها. فإننا مهما استرسلنا في حب الانسانية المطلق لا ننسى، إذا كنا منصفين ، حب الوطن الخاص ". وكان يقول عن دوافعه المباشرة الى رحلاته العربية : "أنا لبناني المولد عربي اللسان والقومية فإذا كان قلبي في لبنان فروحي في البلاد العربية جمعاء. واني وان كنت مسيحيا فلي في بقية هذه الأديان والمذاهب التي تقطع اوصال هذه الأمة غرض هو أسمى من أغراض تابعيها. أريد أن أرفع من بينها حواجز الشريط الشائك وافكك فيها قيود التقاليد ليقترب بعضها من بعض . اني أعتقد أنه لا حياة للبناني بغير قربه من السوري، وان لا حياة للسوري بغير قربه من العربي، وان لا حياة للعرب بغير تقطيع وبقات المذاهب والعصبيات ، واقتباس العلوم والآداب التي يحمل مصابيحها اليوم اللبنانيون والسوريون . أجل ينبغي أن يكون اللبنانيون والسوريون رسل العلم والتهذيب في البلاد العربية كلها وقد مهدت في رحلتي للجزيرة بعض السبل لهذه الغاية ".
أما كيف بدأت فكرة المغامرة "فالغريب أن صاحب ( اللزوميات ) الذي استصحبته معي الى نيويورك ، وكنت ترجمانه هناك ، ساقني الى الدائرة الشرقية في دار الكتب العمومية ، فاجتمعت بعدد من المستشرقين الذين صوروا لي الحياة رحلة في الأرض دائمة ، وصوروا الأرض : البادية العربية . فهذا الرحالة بلغراف وترجمانه اللبناني الذي صار بعدئذ بطريركا عظيما، وذاك المستعرب بركا هاوت وقد دخل مكة حاجا، وهذا شارل دوتي الذي تنكر باسم خليل ليستطيع الطواف هناك ، وكل هؤلاء من الاجانب يسيحون في بلاد كانت قديما ولا شك بلاد أجدادي، وأنا في نيويورك أديب يطرق باب المحرر الأمريكي المتغطرس ، أديب شعره طويل ، وصدره عليل ، يصرف من ذهب الحياة لتسوية المقالات ، وآلة كاتبة يرقص حولها الأمل والهم متخاصرين . لقد رافقت العرب في خروجهم على الترك في أثناء الحرب ، رافقتهم في المجلات الانجليزية والعربية فكنت أقوم فيما أكتب ببعض الواجب الذي يفرضه الحب والاعجاب . وتوقفت في تلك الأيام فزرت الأندلس فوقفت في "الحمراء" في الغرفة التي كتب فيها واشنطن أوفين كتابه النفيس ، فسمعت أصواتا تناديني باسم القومية ومن أجل الوطن وتدعوني الى مهبط الوحي والالهام ".
ومع أن الريحاني اهتم كثيرا بالقضايا الفكرية والاجتماعية والقومية إلا أنه اهتم كثيرا بالأدب والشعر والنقد، وبخاصة في مطلع حياته الأدبية . والمعروف انه أول من بدأ كتابة الشعر المنثور في هذا العصر عند العرب وذلك بدءا من عام 1907 . وهو يروي تجربته في هذا المجال على الصورة التالية : "كنت طالعت المعلقات فحالت الألفاظ في أكثرها دون المعاني ، وطالعت دواوين الحماسة فكنت أظنني وأنا أتنقل من ديوان الى آخر، اني أطالع ايوانا واحدا تعددت أساميه . وقرأت ابن الفارض فأسفت على فلسفة روحية صوفية تتقاذفها أمواج الألفاظ وتجعلها غريقة الجناس على الدوام ، وفتشت في الدواوين العربية عن استعارات يمتاز بها هذا الشاعر عن أخيه ، وعن وجهات للنظر جديدة ، وعن صور في الشعر تمثل ما وراء المحسوس والمنظوم فلم أجد غير التقليد والتقييد والتبذل . وما يؤسف له أيضا أن في هذه الدواوين ولا أستثني منها ديوان المتنبي ولا لروميات المعري شيئا من النثر المنظوم . واستغوتني الأوزان مرة فنظمت قصيدة مكسرة أثرت فيها خواطر الشعراء المدرسين ولم يكن قصدي غير اكتشاف السبب في عقم تصور الشعراء وتبذلهم . فتحققت أن التزام القافية الواحدة والأوزان الوضعية يحول غالبا دون البسط والتدقق فيضطر الشاعر أن يلجم قريحته لئلا تعثر في البيت فتكسر رأسها، أو يشذب المعاني الجديدة لتلائم الصيغ القديمة أو يختار أهون الأمور فيجيئنا بالنثر المنظوم . لذلك قلت : لا صيغ قديمة ولا قوافي ولا أوزان . وبدل النثر المنظوم جئت بالشعر المنثور الذي يشهد على ما في لوح الوجود من موحيات المعاني والاستعارات والأفكار الجديدة . واذا فيه شيء من الغموض في بعض الأحيان ، فذلك لأني أرى في الحياة ما لا يرى منها، وأسمع في الأصوات القريبة صدى أصوات بعيدة الكون الظاهر؟ إن هو الارمز لكون آخر خفي".
ولعل حديث الريحاني عن الأسباب الموجبة التي دفعته لكتابة الشعر المنثور، هو أول حديث بالعربية في هذا الشأن وعنه أخذ شعراء قصيدة النثر المعاصرون لنا أساس خطابهم المعروف جيدا لدينا. فعند هؤلاء أن الشعر حرية ، وأن الأوزان العربية القديمة لم تعد تصلح لزماننا هذا، وان أكثر الشعر القديم نظم ، وأن الوزن والقافية قيود الى أخر تلك الذرائع والتعلات المعروفة .
ولعل الريحاني كان أول من اعتمد في العربية الأدب المقارن في نقده . لقد مكنه اطلاعه الواسع على الآداب العالمية من التفوق في هذا الحقل . ففي نقده مثلا ملحمة الزهاري الصغيرة "ثورة في الجحيم " يقول عن الزهاري إنه "اقتفى فيها أثر شاعرين عربي وغربي ، ليقف في التقليد عن الفكرة الأصلية الأولى في زيارة الجحيم والنعيم . فهو يختلف عن المعري في "رسالة الغفران " وعن دانتي في "الكوميديا الالهية " فيطرق الموضوع من باب جديد، وقد جاءك كمسلم مشكك في إيمانه ، وجاء فيه باللطائف والطرائف الفكرية والخيالية .. كأني بالزهاري قد استعار من الهند وس "نرفانتهم " واسماها "الأثير" . إن جحيم الشاعر العربي يختلف عن جحيم الشاعر الايطالي بسكانه . فقد شاهد دانتي في النار أعداءه السياسيين ، وفيهم القتلة والزناة واللصوص ، وما شاهد الزهاري غير الذين انكروا الجحيم ، ولم يؤمنوا بالآخرة ، وأكثرهم هن العلماء والشعراء والفلاسفة ، أي من أصحاب النبوغ ومحبي الحقيقة والجمال . هذه هي الفكرة المبتذلة التي أوحت الى الزهاري فكرة غير مبتذلة . ولكنه في تبيانها ما نجا من الاسفاف ، فجاء وصفه للنعيم وللجحيم وصفا تقليديا صورة دكنا،، واستعاراته ضحلة ، وجاء التكرار في قوافيه ، والنثر في كثير من صيغه ".
ويرى بعض الباحثين أن نقد الريحاني موضوعي يسير فيه على الطريقة الغربية الحديثة قبل الألسنية ، فهو قلما تأثل بعلاقته بالكاتب فأعمده الهوى عن الحقيقة ، ولكنه وهو اللبق في التعبير يجيد في إظهار العيوب من خلال المحاسن ، أو في غمز مبطن .
هل كان لـ"فيلسوف الفر يكة " من لقبه هذا نصيب ؟ لم يكن أمين الريحاني فيلسوفا بالمعنى الأكاديمي للكلمة ، وان كانت له آراء فلسفية مبثوثة هنا أو هناك في كتبه ، وبخاصة في كتابه "خالد" . مع كتاب خالد نحن أمام نموذج فريد في السيرة الذاتية . إنه نوع من السيرة الذاتية المكتوبة سلفا، في مطلع الشباب ، لتكون دستورا شخصيا للحياة المقبلة ، لتكون فلسفة في الحياة . هذه الفلسفة في الحياة مسنودة الى الفلسفة في زمن الريحاني الشاب ، كما تحصلت لديه عبر قراءته في خبرة يمكن القول إنها ليست قليلة لشاب في عمره .
ويمكن أن نعثر أيضا على بعض آرائه الفلسفية في "وصيته " التي كتبها في خريف 1931 وهو في الرابعة والخمسين من عمره في وقت كان قد كتب فيه أكثر كتبه وأعماله ، وشعر معه بتكامل وسالته ونضج أفكاره . وقد جاءت "الوصية " بمثابة خاتمة تلخص هذه الأعمال . يصدق ذلك عل ما كتبه الريحاني قبل الوصية وبعدها.. والوصية اضافة الى مقدمتها تتضمن عشرين بندا تندرج من مواقفه السياسية والاجتماعية الى الحضارية والانسانية الى الدينية . وقد أراد أن تتلى هذه الوصية في مأتمه لتذكر الناس بمجمل أفكاره وفلسفته في المجتمع والحياة .
ومن أجمل ما كتب الريحاني كتاباته عن الرحلات التي قام بها في أصقاع مختلفة من الوطن العربي ومنها "ملوك العرب " و"المغرب الأقصى" ، و" فيصل الأول " و"قلب لبنان " . وقد جمع الريحاني في هذه الكتابات المادة الاخبارية الطريقة الى الاسلوب الروائي المرح فجاءت موسوعة حية متكاملة الحلقات تنطوي على كل علم وخبر من تاريخ وجغرافيا وتراث شعبي واقتصاد وسياسة واجتماع وسوى ذلك ، بل جاءت فيلما ملونا ناطقا
فتعدد الأبعاد يوهم القاريء بأنه رفيق المسافر والشاهد على مشاهداته وانفعالاته .
كان الريحاني يسجل كل ليلة ما توافر له في النهار من معلومات وانطباعات وما علق بذهنه من أحاديث وروايات ونوادع فيغربلها وينسق بينها ويعيد كتابتها بعفريتها وطراوتها مستعينا بالمراجع ، فإذا باللهجات المحلية المؤثرة والغرابات الطريفة ترافق سرده وصوره وخواطره الغنائية وملاحظاته التاريخية في توازن جذاب . ولعل ما ذكره ميخائيل نعيمة في هذا الصدد يختصر طريقة الريحاني في هذا اللون الكتابي.
"في رحلاته عين صافية تصور لك أهم ما تقع عليه من أمور في أدق ألونها وظلالها. وهو الى ذلك فكر ثاقب يجيد تنظيم ما تصوره عيناه ، وتنسقه وتعرضه في إطارات تتناسب ومعانيه وألوانه . وهو يستعين في كل ذلك بما أوتيه من شعور الشاعر وذوق الفنان واتزان الناقد وسخرية الساخر، فلا يهزل في مكان الجد، ولا يجد حيث لا ينفع إلا الهزل . لذلك ترافقه في امعان فلا ينكر لك فكر أو عصب ، ولا تمل لك عين أو أذن ولا يتسرب الى قلبك أي اشمئزاز أو سأم ، بل على العكس تنتقل من متعة الى متعة ، ومن وليمة الى وليمة ، كل ذلك وأنت جالس في كرسيك أو مستلق على سريرك ولا تنسف الريح في وجهك الرمال ولا تشويك شمس الدفناء و لا تجرح يديك أو رجليك صخور وادي الجماجم أو أشواك جبل الأرز".
يعقد الباحثون عادة مقارنات مختلفة بين الريحاني وصحبا من أدباه المهجر، وبخاصة جبران ونعيمة ، فيرى هؤلاء أن الريحاني قد سبق جبران ونعيمة بمرحلته الأدبية وبالفكرة الرئيسية لبعض كتب هذين الكاتبين . كما يرون أن الريحاني غمط حقه بعض الشيء أمام هذين الكاتبين اللذين وهب لهما حظا في الشهرة ربما تجاوز حظه لأسباب مختلفة منها أن الباحثين اللبنانيين ، وبخاصة المسيحيين منهم ، بدلا من أن يهتموا به اهتماما متساويا عل الأقل لاهتمامهم برفيقيه المهجريين ، أهملوه عن عمد ولذلك سبب . فالريحاني كان كما رأينا عروبية عاملا من أجل الوحدة أو التوحيد، غير مكتف بلبنان كوطن نهائي لابنائه ، محارب شديد البأس لسلطة الاكليروس المتحالف مع الأجنبي ومع الاقطاع الداخلي . ومع أن جبران لديه أشياء كثيرة من هذه الخصائص الريحانية ، إلا أن المسيحيين اللبنانيين عادوا وغفروا له كل ذلك مركزين على جانبه "اللبناني" و"الأدبي" دون سواه . ولكن السنوات الأخيرة شهدت اهتماما متزايدا بالريحاني من قبل الباحثين سواء في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل المستشرقين والأكاديميين العرب فيها، أو في لبنان والبلاد العربية بصورة عامة وبذلك يستعيد الريحاني بعضا من حقوقه المهضومة .
جهاد فاضل (كاتب من لبنان)