محمد نجيم
أترك غيمتي في زجاج الماضي
الوعل الجريح رشَّ دم الجبل بعنبر وغبار التفاح
يد الكاهن باركت حبَّ النار لمدفأة العجوز الذي لا يصلي
وأشعلت الريح حين تزاوجت سرًّا مع مزلاج الباب
كل الطيور حملقت في المطر ومضت بعيدًا
تاركة الشمس نائمة في صباها
الصياح المجنون فهرسَ أوقات الضوء وقسمها إلى أزمنة أطفال عراة
والأوقات التي أعود فيها من عطشٍ وصهيل
لا أرتوي من سماء الريش / ولا أتنفس خارج وردة المنتهى
ولا المطر يخالطني لكي أصلي.
فجيوبي غامضة وفيها شجرٌ أسود يرتعش
مؤونتي أصداف وحروب أنتظرها
لا رسائل تصلني من أحد، ولا أنتظرها
أحمل جيفة الحرب وأدور بها مثل قصعة ثلج بين رؤوس القتلى
رأسي لا يفكر في أسباب نزول الماء من السماء
ولا في أسباب الحروب كلّها
لأنّ غيومي صامدة على نافذة كوخ مهجور
في غابة كان فيها “شوبنهاور” يفكر في أشياء أخرى
غير التي في رأسي
ومن عادتي أن أزن البحر بأضلعي.
ولأن وجهي فيه اصفرار دائم، مثل بُحيرة نعاس
تركت لكم كل الجسور لتمروا بضحكٍ وسلام
لن أشرب معكم من غيمة واحدة
قد تفيض أعصابي مثل جندي لازمته الحروب والخسارات
وقد أقتلع عين البلهوان بسنِّ سمكة عذراء.
البهلوان الذي صادق المرايا
ويفكر في آخر المساء في ثلجٍ أزرق ينزل من أعلى النافذة
البهلوان الذي لم ينم أبدا في دفاتري وكتبي
البهلوان الذي يصدق ضحكة الأطفال والقديسين
لكنني لا أصدق ضحكته
وإن عاد وحيدًا من غابة مظلمة
وترك مظلته في يد شجرة ضاجعت جارتها.
الغابة التي فيها الجوعى يقتاتون من القتلى ويضحكون بثوب أزرق
واللقطاء يبصقون على تمثال شاعر أعمى
تفاح كثير ينهمر من أعلى النوافذ
لأن الشتاء باض غيمته في يدي.