تؤلمني الأغنية
وهي تشيرُ بأصابع مبتورةٍ
إلى النجمةِ المعلّقةِ في الأعالي.
فأتذكّرُ نبْضي الذي ماتَ في شارعٍ
لا يؤدّي إلا إلى الخمرِ والدمع،
وأتذكّرُ ساعةَ أنْ يسمعَ رأسي
همهمةَ الريح،
وأنظرُ إلى البدرِ قاسياً
في جمالٍ عجيب
وإلى الناسِ أشباحاً يتقافزون
من حائطِ الذاكرة.
تؤلمني الأغنية
حين سقط الحرفُ في بحرِ قلبي
وسقطتْ نقطتُه
ثُمَّ تلاشت المدن
واحدةً بعد أخرى
لتسرق الأفعى عشبةَ كلكامش
ويموت أنكيدو من المللِ والسأم
وتسقطُ الحانةُ على رأسِ صاحبةِ الحانة
ووصياها الطيّبة.
تلاشت المدنُ وهي ترى أبناءَها
يبكون وهم يشربون
من دمِ بعضهم بعضا،
يبكون وهم يحلفون
أنّهم كلّهم كانوا ضحايا.
مَن الجلاد، إذن، يا إلهي؟
أيّتها الأغنية:
أأنتِ حلمٌ أم زوبعة؟
أأنتِ وردةٌ أم طعنةُ سكّين؟
أنتِ مَن أنتِ؟
أأنتِ ضحيةٌ أيضاً؟
ضحيةُ مَنْ؟
أجيبي!
فأنا في آخر الأرض
أعطفُ على تأريخِكِ المرّ
وأمرُّ كعابرِ سبيل
– دائماً كعابرِ سبيل –
لأكتبَ على الماءِ اسمَكِ المرّ.
أرددُ-
ولا معنى لقولي-
تؤلمني الأغنية!
فهي تذكّرني بسقوطِ النجمة
في حضنِ طفلٍ يتيم،
وسقوطِ طفلٍ يتيمٍ من أرجوحةِ العيد،
وسقوطِ أرجوحةِ العيد
في ساحلِ البحر،
وسقوطِ ساحلِ البحرِ في البحر،
وسقوطِ البحرِ في الليل،
وسقوطِ الليلِ
في الأغنية!
سأصرخُ،
وما من مُجيب،
تؤلمني الأغنية!
أيّتها النجمة
أيّها الليل
أيّها البحر
أيّتها الهمهمة
تؤلمني الأغنية
حدّ أنْ أرى الموتَ
في الليل
راقصاً قرب سريري
بشَعْرٍ طويلٍ أبيض
وعينين فسفوريتين
يحاولُ أنْ يطردَ الأغنية
من رأسي
فلا يستطيع!