حينَ دقّتْ على البابِ
لمْ تكن بي سماءٌ ولا أرضُ
و أجنحةٌ كي أطيرَ بها
وحينَ فتحتُ لها
أشْرَقَتْ وردةً في كياني
دُرْتُ حولَ نفسيَ لما سَبَتْنِي
و درتُ بكُلِ اشتياقِ المدى حوْلَها
فارسَ أُغنيةٍ لا شبيه
أهيمُ و أرقص حتى الدوارِ
وحين اشتبكنا أليفين في دغلةٍ
نوّرت في دمي وردَها
عرَكْتُ بها الزهرَ و المُستَحيلَ
فشَعَت نجومٌ بعينين غامرتين
رفعتُ لها شمعةَ الكأسِ
شَعشعَتْ
خمرَها
أطلقتُ نفسي عصافيرَ كُرْمَى
ومالتْ طيورُ الحِمى نحوها
ضمّتْ على الرُّوحِ بي
وضممتُ على وجعٍ عاصفٍ
بكُلِ دمي أَيكَها
دُرْتُ حولي أُداري العيونَ عنها
الهواءُ تمادى ولايستحي
وجاراتنا من وراء الستارِ
تربصْنَ بي وبها
يطالعْنَ سرّي و أسرارها
تطلعتُّ..ما سألتْ
أمعنَتْ وغلّتْ بعُمقِ الخلايا
ضاربتني بوردِ الغوايةِ
كي تستفِزَ انشغالي
صُحتُ هُياما بها…
ما صحتُ..ما هدأَتْ..
كيفَ أهدا ..و أركنُ..
واشتعلتْ جمرةً في خيالي..
دُرْتُ حولي و دارتْ معي
رقصنا كدَوّامةِ الماءِ
لاشيءَ يوقُفها
لاشيءَ يمنعني من عِناني
أنوءُ إلى قمرٍ خاطفٍ
طالما غابَ
أعصفِهُ
ويعصِفُ بي وهو ملءُ كياني
أموتُ بقبلتها
وهي تغمرُ بالروحِ ذائبةً
تُغمغمُ.. يالي عليك
شو بيك ..يعليك
أموتُ أنا فيك
….نموتُ نموتُ..ولسنا نبالي
خطفتُ على كرِزِ الشفتين
ومُلْتُ إلى عُنُقٍ.. فُلَةٍ
وشامةِ بُنٍ وقبّلتُها
جفِلَتْ لحظةً…
سَكِرَتْ..واستزادتْ غِوى
تمتمتْ لي..تماديتُ
نَسيت شالها
فمادَ إلى الأرضِ
نزلتُ أُلملمُ بالياسمينِ المبعثرِ
والتوتِ من تحتها
وأطلقتُ نفسي
أفيءُ إلى ثمرِ الضّوءِ
من جنةِ الناهدين إلى كعبها
وأُغلغِلُ نحوَ المخبَّأِ تحت الثيابِ و أردانها
مُتنا معاً وما عادَ إلا الولوعُ
إلى آخرِ النّارِ فينا بغيرِ إيابِ
ومابينَ سرْحِ الخيالِ
وصحوِ الضبابِ
كُنَّا على شُرفَةِ الوَهجِ نصحو
ذُبْتُ بقهوتها
وذابت بهالي
وماشردَتْ عن سؤالي:
تُحبني أم لا؟
وكيفَ أُجيبُ بغيرِ المُحالِ
أنا من تَطَوّح بالعطرِ حين اشتهى
وحينَ تلوّع تحت سهامِ المها
ذُبْتُ بقهوتها وصرْتُ لها لذعَ مِسكٍ بهالِ
وطبّت بفنجانها
كي تُنَجِمَ عن حظِها واشتعالي
ونشرَبها مُرَةً حُلْوَةً
كما العُمْرُ و الذكرياتِ
ونُدمِنًها نكهَةً في الخلايا
على سَكْرَةٍ واعتلالِ
وتشربُنا مُرّةً مُرَةً
بمزاجِ الصبايا وسطو الدلالِ
تُقلِبُنا.. فنُشوى على حطبٍ
ونَعْقُدُ بين السؤالِ ومَكْرِ السُّؤالِ
ونشربُها عندَ فيروز صبحا بشالِ:
«وحدن بيبئوا متل زهرِ البيلسان
وحدهن بيئطفوا وراء الزمان..
بيسَكْروا الغابة
بيدئوا متل الشتي على بوابي»
ونشرّبُها عند أم كلثومَ ذكرى جوى:
« يا فؤادي لاتسل أين الهوى
كانَ صرحا من خيالِ
فهوى
اسقنِي واشربْ على أطلالهِ
واروِ عني
طالما الدمعُ روى»..
سلامٌ لراعي حماةَ وحيدَرْ
سلامٌ لناجي أجاد وصوَّر
سلامٌ على قهوَةٍ..ربوةٍ في بلادي
«يازمان ..
ياعشب داشر فوء ها الحيطان
ضوّيت وردِ الليل ع كتابي»
يغارُ النّهار من الفتنةِ المُشتهاةِ
فيهدي لنا الليل من جكَرٍ
والليلُ حُلمُ المُحبينَ
وعشُّ الغواياتِ
وأجنحةُ الشُّعراء والحالمين
ومذْ أَينعَتْ صادقتني الفصولُ
وهامَ حصاني
كما أَوّلاتِ الهُيامِ
قلتُ أُبعدُها عن دمي كي تراني
سأَلْتُ:
تُرى هل نعيشُ مع الحُلمِ
صِدْق َ الحقيقيةِ
أمْ أنّها كذْبَةٌ كُلُّها؟!
وما الفرقُ بين الحياةِ وبين الأماني؟
وأغمضتُ عيني
رأيتُ فراديس آسٍ وغزلانَ حور
وأنهارَ نورٍ على فضةٍ واحتضانِ
رأيتُ متوجةً في صبايا الجنائنِ بينَ الُّزهورِ…ِ
نَظَرَتْ بي كمنْ يطحَنُ البُّنَ منشغلاً ويُباهي
ويُعِدُّ لقهوتِهِ النار
نحلُها غلّ حرّان بي ولوّعَني
فاحَ مِلءَ بهاري
اشتعلَ الوقدُ بي وبها
وأغرَقنا..باندهاشِ الثواني
الشّويط تمادى بِنا
وفوّح ملءَ المكانِ
صحوتُ على غُلّةِ الياسمين
هِمْث برائحةِ الهيل يُنعِشُ
أدمنتُ قهوتَها و أدمنْتُها
ولو سألَتْ لرأَتْ على رغوة فنجانها
صورتينا معا
وظلين يعتنقان
ورسامَ عشقٍ
يُطاردُ أقمارَها في ليالي السّماوات
لينظمّها آيةً في عُقودِ الجُمانِ
وياليل وإنليل وليليس وليلى
سلام عليكَ..على الحالمين
ينشرون ملاءاتِ أرواحهم
فيصفو جمالُ البحيراتِ والكون
وتصفو كأجنحةِ العاشقين المرايا..