لم أودعك للريح
أودعتك وقتاً لا يشيخ
متأرجح بخيط الوهج
في مسافتك المحكمة
وأنت القاطن منازل الألوان
في قبول السري
تطهو الصور عشاء للأصدقاء
أعزل إلا من امرأة صقلتْ ظلها
بليغ يستبيحك الكلام الشحيح
حكيم إلا من طيش جذل
وليس سواك، وجه
فك عن أحداق الوجد
لئام الصحراء
منذ دكت الحمى معاقل يأسه
فدانت له أطراف الماء
ليضيء تخومها بالمكابدة
ويعلق في أعناق النخيل الأساطير
هل أتاك حديث الغموض
مبللاً تئن لوطأته قسمات
ملتاثة بزفير المرجان
منحوتة من آلهة
وعدت النعوش الغافية باليقظة
وفي الصوت الوضاح يترفق ماء وجل
رأيتك تخرج ممهوراً باللعنة من سراديب
هيئت لبحارة متعبين لكثرة ما دحرجوا الموج
فافترشوا النهار يتأملون شقوق الصدى
شريداً وسمْت حتى تسبح باسم الموج
وتحظى بتأنيب المغفرة
في رقعة ضوئك قرأت ما لن تدرك:
ويل لبحار يجدف في رمال
يحرس الموت هاماتها اسرافا في الخلود
وقد كنت فيك
تردم الأماكن وتشيد الظلال
تقضم الألوان وتطلقها
شجراً في الجدار الفضي
لتؤثث الظلام باللغة الماجنة
تنفث السرد في الطين المنفلت من الذاكرة
ترجم بالبرق كائنات اتشحت بالمداد
وتنشب مخلبك في الخجل ليسترد الهيبة
وقد كنت فيّ
يقودك اختلاط الاتجاهات
ويزمجر فوق رأسك سقف
يتحفز للقفزة الأخيرة
فتسقط متهالكا تحتمي بموجتك العارية
يقطفك موتك القليل
وتنهض مقتفيا رائحة حلم
مثل ذئب, تراوده المسافة الفاغرة
وهو ينشد مزامير الظفر
وأنت، لا أقصد إلاك
وجه آوي الى نأيه
كلما أعيتني الخرائط قفراً
أفرك بزيته المستحيل تجاويف الروح
أخون حضوره بالتذكر المستبد
أقلب فيه الوجوه
أهادن في حضرته صمتا
أربك اليد الخرساء
أدنيه من البوح
فلا ينجيني دنو من الجوى
أقصيه عن الدم الممسوس بملحه
فيزيده الإقصاء فتنة
أقطره مثل خمرة صلاة
وأصطفيه مداماً ونديما
يا الذي اقتاد بجنياته الانطفاءات كلها
وأسبغ عليها كسرة من قمر يرتعش.
رحاب أبوهوشر
شاعرة من فلسطين تقيم في الأردن