سهى صبّاغ
شاعرة لبنانية
تُخفّف من خطواتها المسرعة
وهي تلتفت إلى شارعٍ فرعي
تبتسم
تتساءل،
هل يلتقيان بيوم،
يتذكّران
يشيحان النّظر
يقول لها: أتذكرين
ويبتسمان
هل كان جنونُهما، يُشبه أيّ جنون!؟
هناك السيارة
تهتزّ منتشية لنشوته
تنقذ صاحبها من حمّى النشوة
كالمجنون كان
لا يقوى على الوصول إلى السيّارة
حين دفع الحساب،
وقطع جَلْسَتهما في ذاك المكان الرومانسي
لا يقوى على الوصول إلى سكنه
يتلوّى في الِمقْعَد الخلفي
تتناول صرختَه بين شفتيها
ينظران إلى بعضِهِما
يبتسمان
هل بقيت حرقة في الذّاكرة!؟
لكنهما عاشا اللحظات حينها
وانتهى الأمر
تمرّ الأيام
كل في جعبتِهِ صورُهِ
أنفاسُه
آهاتُه
تُكمل الطّريق
تريد أن تمحي الطرقات الفرعيّة
وكل من مرّ عليها ليس أساسيًا
هل هي على حق!؟
لو يعود عصر العذريّة من جديد،
لن يكونا ملتصقين كما قبل زمن الوباء
لن تكون هناك من قبلات
من قال في عصر العذريّة لم تكن هناك قبلات!؟
هل وباء كورونا يفرض عذريةً جديدة!؟
في الوقت الرّاهن،
تدخل البشريّة عصرَ العزلة
تحضن كوبها السّاخن،
ليعود المشهد
ينظران إلى بعضهما ويضحكان
هل من بعد جنونهما جنون!؟
السيّارة تضحك، تُقَهْقِه
مُخزّنة النّشوة
سبق والتقيا مرّة
بعد فراق ليس بقصير
يقول لها بمرارة:
كم كنتُ
كم كنتُ
تتساءل
كان، ماذا؟
أغبيًّا كان؟
وهي؟
هل نسيت، أنها لا تريد التذكّر!؟
تكمل الطّريق
هما لم يكونا، ليستمرّا،
لم يعترفا بأي ارتباط
أليس هو التّنظير المُتَفَلْسِف الذي آمَنا به حينها؟
انتهى الأمر
تبتسم
«كم كان غاويًا»
تستمرّ صور ألبوم الذّاكرة بالتدحرج
يا للشارع الفرعي هذا
مشهد آخر يَنْكِزَها
يقطعان سهرتَهما
يقطعان بين مجموعة من الشبّان
يتمتم: أسرعي قبل أن ألكم كل واحد منهم
وألكم الهواء
ينظرون إليكِ وكأنني غير موجود،
وذاك الذي يكرهني حتى العمى
تتساءل:
ما باله وهي لا ترى أحدًا غيرَه
كعارضي الأزياء يشقّ طريقه
إغواؤه يُرفرف
تَصفع مؤخّرَتَه بخفّة،
لينسى كل شيء
فَتَنْشَدِق أفواه الشبّان
في الطّريق يعدها حين يصلان،
سيتفاهمان على كل شيء،
ليُنهيا خلافاتِهِما المتكرّرة
عند الوصول
ينسى كلَ شيء
ينسى حتى أن يَقفل السّتارة
تحترق الجارة بالغيرة
لم يعِرْها مرّة اهتمامًا
تذهب لزوجها متلهّفة،
فيعتقد الأخير أنه الإثارة كلّها،
أما هما
فغائبان
يرسم جسدها خريطة،
ممنوعة عن أي ملهوف أو دونجوان
خريطة، سيرى عليها بصماته،
كل من يرغب بالاقتراب
خريطة تبقى في ألبوم روحها
حمراء، زرقاء، بنفسجيّة..
لماذا تصله ذَبذَباتُها هذا المساء
هل يصلها نَدَمُه والأشواق، هي أيضًا؛
وامرأتُه،
هل تشعر بأنها ليست هي المُلهمة لحمّى الشّهوات؟!
تطرق على زجاج مكتبتِها
يَطرق المطر على زجاجِ النّافذة
يطْرُقُ على زجاجِ السيّارة باكيًا،
حين يترجّل
ويرحل
يَكْتُب «همنغواي» في هذه اللحظات بالذّات
«رجال بلا نساء»
«نساء بلا رجال»!؟