قصتي قصة قديمة وأصبحت الآن مألوفة. لقد تشرّد كثيرٌ من الناس في هذا القرن: أعدادهم مهولة ومصائرهم الفردية والجماعية متنوعة، سيكون مستحيلاً لي أن أدّعي وضعاً متميّزاً كضحية، أنا أو أي شخصٍ آخر- إذا أردتُ الصدق. خاصةً أن ما حدث لي منذ خمسين سنة يحدث لآخرين اليوم. رواندا، البوسنة، أفغانستان، كوسوفو، والأكراد المهانون بصورة لا تنتهي- وهكذا يستمر الحال. قبل خمسين سنة كانت الفاشية والشيوعية، الآن هناك القومية والأصولية الدينية مما يجعل الحياة لا تطاق في أماكن كثيرة. في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، كنت أترجم قصائد من سراييفو لأنطولوجيا شعرية واجه محرّروها صعوبات كبيرة في العثور على الشاعرة التي كتبتها. لقد اختفت. هي لم تكن مغمورة، كان لديها الكثير من الأصدقاء، لكن يبدو أن لا أحد يعرف ما حدث لها في فوضى الحرب.
«مشردون»(1) هو الاسم الذي أطلقوه علينا في 1945، وهذا كان وضعنا بالفعل. وكما تجلس وتشاهد قنابلَ تسقط في بعض الأفلام الوثائقية القديمة أوجيوشاً يُحارب بعضها البعض، قرى ومُدناً تتصاعد منها النيران والدخان، لا يخطر ببالك الناس المتكدسون في الأقبية. لقد دفع السيد البريء والسيدة البريئة وأسرتاهما ثمناً باهظاً في هذا القرن لمجرد وجودهم هناك. مدانون تاريخياً _ كما كان يحب الماركسيون أن يقولوا _ ربما انتموا إلى طبقة خاطئة، جماعة عرقية خاطئة، دين خاطىء _ إلى آخره_ هم كانوا وما زالوا تذكيراً غير سار بكل أخطاء اليوتوبيات الفلسفية والقومية. لقد جاءوا بخِرقهم البالية ومناظرهم التعسة ويأسهم، جاءوا زرافات ووحدانا من الشرق، هاربين من الشر بدون أية فكرة عمّا ينتظرهم. لم يكن لدى أحد في أوروبا ما يكفيه ليأكل، وهنا جاء اللاجئون المتضورون جوعاً، مئات الألوف منهم في قطارات، مخيّمات، وسجون، يغمسون خبزاً يابساً في حساء مائي، يبحثون عن قمل في رؤوس أطفالهم، ويندبون بمختلف اللغات مصيرهم المروّع.
أسرتي، مثل أسر أخرى عديدة، تمكنت من أن ترى العالم مجاناً، والفضل يعود لحروب هتلر وسيطرة ستالين على أوروبا الشرقية. نحن لم نكن متعاونين مع الألمان ولا كنا من المنتمين إلى الطبقة الأرستقراطية، كما لم نكن بأي معنى من المنفيين السياسيين. عديمو الأهمية كُنا، لم نقرر شيئا لأنفسنا. كل شيء رتبه قادة العالم في وقتها. كالكثير من النازحين لم يكن لدينا طموح يتعدى حدود مدينتنا بلجراد. كنا على ما يُرام مع ذلك. اتفاقيات عُقدت حول مجالات النفوذ، حدود أعيد ترسيمها، وما يسمى بالستارالحديديّ(2) تم اسداله، ونحن رحَّلونا مع حاجاتنا القليلة. ما زال المؤرخون يوثقون جميع الخيانات والرعب الذي واجهناه كنتيجة لمؤتمر يالطا(3) وغيره، والموضوع أبعد من أن ينتهي.
كما هو الحال دائماً، كان هناك تفاوت في درجات الشر وتفاوت في درجات المأساة. لم تتعرض أسرتي لمعاناة مُريعة كالآخرين. أعاد الحلفاء إلى ستالين مئات الآلاف من الروس الهاربين ضد إرادتهم، كان الألمان قد جلبوهم قبل ذلك قسراً ليعملوا في مصانعهم ومزارعهم. قُتل بعضهم والبقية تم شحنها إلى معسكرات السُّخرة حتى لا يُلوثوا بقية المواطنين بما اكتسبوه حديثاً من مفاهيم رأسمالية منحطة. توقعاتنا كانت أكثر ورديّة. كنا نأمل أن ينتهي بنا الحال في الولايات المتحدة، كندا أو أُستراليا. لم يكن ذلك مضموناً. كانت أسهم معظم بلاد أوروبا الشرقية منخفضة على عكس بلاد أوروبا الغربية. السُلاف الجنوبيون، كانوا في عيون خبراء الجينات الأمريكيين وواضعي قانون الهجرة من الأعراق غير المرغوب فيها إطلاقاً.
من الصعب على الذين لم يمروا بالتجربة أن يفهموا حقاً ماذا يعني ألا يكون لديك الوثائق اللازمة. نقرأ كل يوم عن ضباط الهجرة لدينا وكيف يستخدمون ويسيئون استخدام سلطاتهم المكتسبة لإعادة أجانب مشبوهين من على حدودنا. السعادة في إذلال العاجزين لا يجب الاستهانة بها. حتى عندما كنتُ طفلاً، كان بوسعي أن أرى حدوث ذلك. أينما يوجد بيروقراطيون، تكون الدولة البوليسية هي المثال الأعلى.
أتذكر الوقوف في طوابير لا نهاية لها أمام مقر البوليس في باريس من أجل استلام أو تجديد تصريح الإقامة. يبدو ذلك وكأنه كل ما كنا نقوم به عندما كنا نعيش هناك. ننتظر نهاراً كاملاً فقط لنكتشف أن القوانين قد تغيّرت منذ زيارتنا الماضية، أنهم الآن يطلبون، على سبيل المثال، شيئاً على قدر من العبث مثل وثيقة زواج والديّ أمي أو شهادة تخرّجها من المدرسة، هذا على الرغم من أنها في طريقها للحصول على شهادة فرنسية لأنها أنهت دراستها العليا في باريس. وبينما كنا نقف هناك نتأمل في استحالة ما يطلبونه منا، كنا نستمع إلى شخص أمام الشباك المجاور يحاول أن يقول في فرنسية ضعيفة كيف احترق بيتهم، كيف غادروا مهرولين بحقيبة واحدة صغيرة، وهلم جرا، إلى أن يهز الضابط كتفيه ويشرع في إعلامهم أنه إذا لم تُقدّم الوثائق فوراً فسيتم إلغاء تصريح الإقامة.
هكذا، ما الذي كنا نفعله؟ حسنا، عندما يكون الجو لطيفاً كنا نذهب لنجلس على مقعد شارع نشاهد الباريسيين المحظوظين وهم يتنزهون، يحملون البقالة، يدفعون عربات أطفالهم، يُمشّون كلابهم، وحتى يُصفّرون. في بعض الأحيان يقف أمامنا اثنان ليتعانقا، بينما نحن نلعن الفرنسيين وحظنا التعس. في النهاية نُجرجر أقدامنا بتثاقل إلى غرفتنا الصغيرة بالفندق ونكتب رسائل للأهل.
بالطبع، لا يصل البريد بسرعة. كُنا نُجَن كل يوم ولمدة أسابيع في انتظار البوسطجي الذي لم يكن يتحمّل رؤيتنا لأننا كنّا نضايقه، مع ذلك، وبشكل ما، كانت الوثائق تصل، بفضل قريب ما من بعيد. ولا بد من ترجمتها بعد ذلك على يد مترجم مُعتمد، يكون عادة غير قادر على التفرقة بين رأس وذيل طيّات الورقة ذات الخمسين عاماً من مدرسة في مقاطعة في البلقان أو من دفتر تسجيل كنيسة. في كل الأحوال، كنا نعود إلى الطابور الطويل فقط لنكتشف أن هذه الوثائق لم تعد مهمة، ولكن شيئاً آخر أصبح مطلوباً. في كل مكتب لجوازات سفر، في كل قسم بوليس، في كل قنصلية، يوجد مكتب وخلفه موظف حذر سيء المزاج يشتبه في أننا ندعي غير حقيقتنا. لا أحد يحب اللاجئين. الوضع المبهم لأن تُسمّى «مُشرّداً» جعل الأمر أكثر سوءاً. المسؤولون الذين يقابلوننا لا يعرفون من أين أتينا ولماذا، ولكن هذا لم يمنعهم من إصدار حكمهم علينا. قد يجلب لك قدراً من التعاطف أن تكون مطروداً بسبب النازية، أما أن تُغادر بلدك بسبب الشيوعية فهذا ما يصعب قبوله. إذا كان المسؤولون يساريين، فسيقولون لنا بفظاظة أننا تُعساء ناكرون للجميل، أننا تركنا خلفنا أكثر المجتمعات تقدماً وعدالة على وجه الأرض. الآخرون حسبونا مجرد رعاع بشهادات مزيفة وماضٍ مشبوه. حتى الدُمى المبتسمة خلف فتارين المحلات في شارع فيكتور هيجو الأنيق عاملتنا وكأننا هناك لنسرق شيئاً. في الحقيقة كان الأمر بسيطاً للغاية: إما أننا كنا سنحصل على موطىء قدم هنا أو في مكان آخر، أو سنعود إلى مخيم للاجئين، أو، الأسوأ، إلى «التجسيد الكامل لشوق الانسان العميق للعدالة والسعادة» كما اعتاد العالم الشيوعي أن يوصف في بعض الجهات.
الهجرة، المنفى، أن تكون بلا جذور وأن تصبح منبوذاً، ربما يكون ذلك أكثر الطرق المبتكرة لاقناع الفرد بالطبيعة الاعتباطيّة لوجوده أو وجودها. لسنا في حاجة إلى طبيب نفسيّ أو مُرشد روحيّ طالما أن كل من نقابلهم يسألوننا من أنتم بمجرد أن نفتح أفواهنا ويسمعون اللكنة .
الحقيقة هي أننا لم يكن عندنا أجوبة واضحة. بعد ترجرجنا في القطارات المخيفة وفوق الشاحنات والسفن التجارية المهلهلة، أصبحنا لغزاً حتى لأنفسنا. في البداية، كان ذلك صعباً علينا ولكن بمرور الوقت بدأنا نتعوّد. بدأنا نتذوق هذا الوضع ونستمتع به. أن تكون لا أحد بدا لي شخصياً أكثر إثارة من أن تكون شخصاً ما. الشوارع كانت مليئة بأولئك الأشخاص المهمين وهم يصنعون أجواء الثقة حولهم. نصف الوقت كنت أحسدهم، نصف الوقت كنت أنظر إليهم في شفقة. لقد كنت أعرف شيئاً لم يعرفوه، شيئاً من الصعب معرفته إذا لم يركلك التاريخ بقوة في مؤخرتك: كيف يبدو الأفراد غير ضروريين وعديمي الأهمية ضمن أي صورة كبيرة! كيف أن هؤلاء القُساة لا يفهمون احتمال أن يكون ذلك هو مصيرهم أيضاً.
-2-
عندي صورة لوالدي وهو يلبس بدلة سوداء ويحمل خنزيراً صغيراً تحت إبطه. إنه في مركز الصورة وبجانبه امرأتان جميلتان في فساتين سهرة قصيرة وضحكة جميلة في عيونهما السوداء. هو أيضاً يضحك. فم الخنزير مفتوح ولكن لا يبدو أنه يضحك.
إنه حفل رأس السنة. السنة هي 1928 ويبدو أنهم في أحد الملاهى الليليّة. عند منتصف الليل أُطفئت الأنوار وتم الإفراج عن الخنزير. أثناء الهرج والمرج قبض والدي على الخنزير المتألم. أصبح ملكه. بعد تشجيع الناس، أخذ حبلاً من النادل وربط الخنزير برجل الطاولة.
زار والدي والمرأتان عدداً من الأماكن الأخرى في تلك الليلة. وذهب معهم الخنزير وهو مربوط بالحبل. لقد أجبروه على شرب الشمبانيا معهم وعلى لبس قبعة الحفلات. بعد سنوات عديدة سيسميه والدي «الخنزير المسكين».
عند الفجر كان والدي وحده مع الخنزير يشربان في بار متواضع بالقرب من محطة السكة الحديد. في الطاولة بجانبهما كان هناك كاهن سكران يكلّل عروسين. رفع الشوكة والسكين في وضع صليب ليبارك الزوجيْن. بعد ذلك أهداهما والدي الخنزير كهدية لزواجهما. الخنزير المسكين.
لكن هذه ليست نهاية القصة. ففي 1948، عندما كان والدي في طريقه إلى أمريكا ونحن نتضور جوعاً في بلجراد، اعتدنا أن نقايض ممتلكاتنا بالطعام. بإمكانك أن تحصل على دجاجة مقابل حذاء رجالي بحال جيد. الساعات والفضيات ومزهريّات الكريستال وأطباق الصيني الفخمة تم مقايضتها بلحم ودهن الخنزير والسجق وأشياء من هذا القبيل. في إحدى المرّات، طلب غجريٌّ قبعة والدي الرسمية. لم تكن على مقاسه. مقابل هذه القبعة التي غطت عينيه عندما جرّبها، ناولنا بطة حية.
بعد ذلك بأسابيع جاء أخوه ليرانا. بدا ثريّاً. سنّة أمامية من الذهب، ساعتان، واحدة في كل يد. الآخر، كما يبدو، كان قد انتبه لبذلة سهرة سوداء عندنا. في الواقع كنا نترك هؤلاء الناس يتجولون بين الغرف يقيّمون البضائع. يتصرفون كأنه بيتهم، يفتحون الأدراج، ينظرون في الخزانات. يعرفون أننا لن نعترض. كنّا جوعى.
على أي حال، أحضرت أمي بذلة سهرة 1926. كان باستطاعتنا أن نرى فوراً كيف وقع الرجل في غرامها. عرض علينا في مقابلها أولاً دجاجة ثم دجاجتيْن. لسبب ما أصبحت أمي عنيدة. الأعياد على الأبواب. لقد أرادت خنزيراً رضيعاً. الغجريّ أصبح غاضباً، أو مثّل أنه غاضب. الخنزير أكثر مما ينبغي. لكن أمي لم تستسلم. عندما تركب رأسها فهي تساوم بضراوة. بعد ذلك بسنوات في دوفر نيوهامشر، راقبتها وهي توصل بائع أثاث إلى شفا الجنون. عرض عليها أن تأخذ الكنبة مجاناً فقط ليتخلّص منها.
الغجريّ كان أكثر تشدّداً. غادرنا. بعدها بأيام عاد ليُلقي نظرةً أخرى. وقف يحدّق في البذلة عند أمي كأنه يريد أن يتخلّص منّا في نفس الوقت. نظر ونظرنا. في النهاية، تنفّس الصعداء كرجلٍ يتخذ قراراً صعباً ولا رجعة فيه. حصلنا على الخنزير في اليوم التالي. كان حيّاً ويشبه إلى حد كبير الخنزير في الصورة.
-3-
في البدء … الراديو. كان على طاولة بجانب سريري. كان له زر تحكّم يُضيء، ثم تظهر أسماء المحطات. ولم يكن باستطاعتي القراءة بعد فكنتُ أسأل الآخرين أن يقرأوها لي. هناك أوسلو، لشبونة، موسكو، برلين، بودابست، مونت كارلو، وغيرها الكثير. تضع السهم الأحمر موازياً للاسم، فتنبثق لغة غريبة وموسيقى غير مألوفة. في العاشرة، تتوقف المحطات عن البث. الحرب مستمرة. هذا العام هو 1943.
لقد أمضيت ليالي طفولتي مع هذا الراديو، إنني أُرجع الأرق الذي صاحبني طوال حياتي لسِحره. لم يكن ممكناً أن أبعد يديّ عنه. حتى بعد أن تتوقف المحطات عن البث. استمرُّ في تحريك زرّ التحكّم وأدرس الضوضاء المختلفة. مرة سمعت صفارات شفرة مورس. فكرت أن هناك جواسيس. أحياناً كنت ألتقط محطة بعيدة خافتة ويكون عليّ أن أضع أذني على خشونة الغطاء التي تغطي مركز الصوت. أحياناً كانت تندلع موسيقى رقص أو تكون اللغة جذابة جداً فأستمع إليها مدة طويلة، وأشعر أنني على وشك أن أفهمها.
كل ذلك كان ممنوعاً منعاً باتاً. كان من المفروض أن أكون نائماً. أفكر في ذلك الآن، ربما كنت خائفاً من الوحدة في تلك الغرفة الكبيرة. الحرب مستمرة. البلاد محتلة. أشياء فظيعة حدثت في الليل. كان هناك حظر تجول. أحدهم كان متأخراً. شخصٌ آخر في الغرفة المجاورة يمشي جيئة وذهاباً. ستائر من الورق الأسود معلقة على الشبابيك. كان شيئاً مرعباً أن تنظر من خلالها إلى الشارع _ الشارع الخالي المظلم.
أتخيل نفسي وأنا أمشي على أطراف أصابعي ويدٌ على الستارة، أريد أن أنظر ولكني خائف من انعكاس الضوء الخافت للراديو على جدار غرفة النوم. والدي متأخر والثلج يغطي السطوح في الخارج.
في 6 إبريل 1941، كان عمري ثلاث سنوات، ضربت قنبلة في الخامسة صباحاً المبنى المقابل من الشارع مما أدى إلى اشتعال النار فيه. بلجراد التي وُلدتُ فيها، لديها فرادة غير مؤكّدة فقد قصفها النازيون في عام 1941، والحلفاء في عام 1944، والناتو في عام 1999.
عدد القتلي في ذلك اليوم من أبريل _ والذي أطلق عليه الألمان «عملية عقابية» _ يتراوح بين خمسة وسبعة عشر ألفاً، وهو أكبر عدد من القتلى المدنيين في يوم واحد خلال العشرين شهر الأولى من الحرب. كانت المدينة قد تعرضت لأربعمائة قاذفة وأكثر من مائتيّ طائرة مقاتلة في يوم أحد الشعانين(4) عندما تضخم عدد سكان العاصمة بزوارها من الأرياف. أياً كان العدد الحقيقي، فلقد حُكم على المارشال الكسندر لور(5) لهذا القصف المرعب وتم شنقه في 1945.
أظن أحياناً أنني لا أذكر شيئاً عن ذلك القصف، وأحياناً أجد نفسي على الأرض وهشيم الزجاج حولي. الغرفة ساطعة الإضاءة وأمي تركض نحوي وذراعاها مفرودان على اتساعهما. حكوا لي بعد ذلك أنني طِرت من سريري وعبر الغرفة حيث سقطت، وأن أمي التي كانت تنام في الغرفة المجاورة وجدتني عندها. كلما حاولت أن اسألها أن تفسر لي ماحدث كانت ترفض مكتفية بواحدة من تنهداتها المعتادة ونظراتها الساخطة. ليس غريباً أن هذه الذكرى كانت مؤلمة بالنسبة لها، بالتأكيد كانت كذلك. الذي أغضبها وجعلها لا تجد كلمات تُعبّر بها كان ذلك الغباء المخيف في كل ما حدث. كان والدي يقبل بالقتال من أجل قضية عادلة. هي، في الطرف الآخر، لم تتراجع أبداً عن قناعتها بأن العنف وخصوصاً هذه الدرجة من العنف ليس إلا غباء. والدها نفسه كان عقيداً في الحرب العالمية الأولى، ولكنها لم يكن عندها أوهام. الحرب تقوم على أيدي رجال قُساة بصفوف من الميداليات تغطي صدورهم التي لم تكبر أبداً. إذا ذكرت انتصار الحلفاء لأمي، فستذكرك بعدد الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن من الجانبين.
عندي ذكرى ضبابية أخرى لنيران ساطعة ثم عتمة تامة وأنا محمول على السلالم في هرولة إلى المخبأ. حدث هذا كثيراً أثناء الحرب العالمية الثانية، لذا ربما حدث ذلك في ظرف آخر. ما أدهشني بعد ذلك بسنوات، بينما أتابع مشاهد فيلم تسجيليّ ألماني عن القصف، أن أرى مشهداً عابراً لشارعي ولعدّة مبانٍ مُدمّرة في الحي. لم أدرك حتى تلك اللحظة كم من القذائف أمطرت فوق رأسي ذلك الصباح.
أناسٌ كثيرون ماتوا في البناية التي تقع في الجهة المقابلة من الشارع، بما فيهم أسرة كان لها صبي في عمري، وبسبب ما، عاد الموضوع لذهني مجدداً بعد ذلك بسنوات. قيل لي مرات ومرات كم كانت أسرة طيبة وكم كان الصبي وسيماً وأن ملامحه كانت تشبه ملامحي بعض الشيء. وجدت ذلك مخيفاً. لكن القصة أُعيد سردها بغُلالة من النسيان كأن لهذا صلة ما بي. ليس عندي فكرة كيف كانت ملامحه، كما ليس عندي فكرة كيف كانت ملامحي في هذا السن الصغير. لكني ظللت أتخيله بوضوح بينما أنا أكبر كأنه كان شريكي في اللعب.
هل كان العالم حقاً رماديّاً وقتها؟ في ذكرياتي المبكرة كان العالم دائماً في أواخر الخريف. الجنود رماديون، وهكذا كان الناس.
الألمان يقفون في الزاوية. نحن نمرّ بجانبهم. «لا تنظر إليهم»، تهمس أمي. نظرت إليهم على أي حال، وواحد منهم ابتسم. لسبب ما أخافني ذلك.
في ليلة جاء الجستابو لاعتقال والدي. كانوا يفتشون في كل مكان محدثين ضجة كبيرة. كان والدي قد ارتدى ملابسه بالفعل. كان يقول شيئاً، ربما كان ينكّت. تلك كانت طريقته. مهما كان الوضع قاتماً، كان يجد شيئاً مضحكاً ليقوله. بعد سنوات عديدة، محاطاً بالأطباء والممرضات بعد تعرضه لأزمة قلبية خطيرة، أجاب على سؤالهم «كيف تشعر الآن يا سيدي؟» بـ «أن طلب بيتزا وبيرة». ظن الأطباء أنه تعرض لتلف في المخ. كان عليّ أن أشرح لهم أن هذا سلوك طبيعي بالنسبة له.
على الأرجح أنني عدت للنوم بعد أن أخذوا والدي. على كل حال لم يحدث شيءٌ في تلك المرة. أفرجوا عنه. لم يكن ذنبه أن أخاه الأصغر سرق شاحنة من الجيش الألماني ليأخذ صديقته في نزهة. الألمان كانوا مندهشين، تقريباً مذهولين من الجرأة. أرسلوه للعمل في ألمانيا. لقد قاموا بالمحاولة، ولكنه تسلّل من بين أصابعهم.
وفّر لنا زمن الحرب ملاهي للرياضة وزحاليق وبيوتاً خشبية وحصوناً ومتاهات يمكن العثور عليها في ذلك الخراب عبر الشارع. كان هناك جزء قد تبقى من الدرج، كنا نصعد بين الحطام وفجأة تظهر السماء! ولد صغير سقط على رأسه ولم يعُد أبداً لما كان عليه. أمهاتنا حرّمن علينا الاقتراب من الدمار، هدّدننا، حاولن أن يشرحن المخاطر الكثيرة التي تنتظرنا، مع ذلك كنا نذهب. جالسون بسعادة بين أطلال غرفة طعام شخصٍ ما بالدور الثالث، يأتينا من الشارع تحتنا صياح واحدة من أمهاتنا وهي تشير إلينا بينما ابنها يهرول إلى أسفل مجاهداً في تذكر أين كان يضع قدميه أثناء الصعود.
كنا نلعب جنوداً، استمرت الحرب. نزلت القنابل. ولعبنا جنوداً. أطلقنا النار على بعضنا البعض طوال النهار. طاخ طخ _ طيخ. سقطنا قتلى على الرصيف. ركضنا بين الزحام مقلدين صوت الطائرات المقاتلة وهي تغطس وتقب.
ثم أصبحنا حاملات قذائف. أسقطنا أشياء من الشباك أو البلكونة على الناس في الشارع. الجاذبية الأرضية هي صديقة القنبلة، أتذكر قراءتي مرة في دليل للجيش. القنابل إما تُحمل تحت الجناح أو توضع في مقصورة خاصة داخل الطائرة. بالنسبة لنا، كان علينا فقط أن نفرد أذرعتنا، نزيد من سرعة المواتير، وندور كمروحة هوائية ونحن نحمل جسماً في أيدينا حتى يتم التخلص من حمولتنا. أحد أصدقائي كان عنده نظارات جيش واقية، وكان يسمح لنا باستعمالها أحياناً. لقد كانت تجعل قصف الشارع تحتنا أكثر واقعية في عيوننا.
صوت الطيخ _ طاخ يخرج طبيعيّاً من جنس الذكور. من النادر أن تأتي هذه الضوضاء من فتاة بالشكل الصحيح. ألقينا الحصى على العابرين تحتنا، الطوب على القطط والكلاب الضالة، مدّعين أننا نسقط قنابل أمريكية على النازيين. بعد خمسين عاماً ما زلت أذكر المتعة المحرّمة والخبث في القيام بذلك. الآن حيث تتوفّر ألعاب الفيديو يُمكن للواحد أن يتمثّل الناتو قاصفاً يوغسلافيا، الأطفال يناقشون بدراية القنابل مسترشدين بالليزر وكاميرات التلفزيون. أظن أن فكرتنا عن المعنى الحقيقي لقصف بناية كانت أكثر وضوحاً، مع ذلك لم نتوقّف. كُنّا بلا عقل مثلنا مثل جنرالات اليوم وهم يضغطون الأزرار ويتابعون شاشة الحاسوب منتظرين بحماس نتيجة ما قاموا به.
بدأ البريطانيون والأمريكيون قصف بلجراد يوم أحد الفصح، 16 أبريل 1944. الرواية الرسمية الصادرة عن القوات الجوية الأمريكية تتحدث عن قاذفات ثقيلة «تستهدف قصف لوفتواف(6) وأهداف جوية «بـ» حوالي 397 طناً من القنابل». تقول أيضاً: «نسبة إلى أحد التقارير، فإن عمليات 17 أبريل تسببت في بعض الأضرار لمنطقة سكنية تقع شمال غرب بلجراد/ زيمون أرديروم. ويبدو أن معظم الدمار الذي حصل خلال اليومين، كان ذا طبيعة عسكرية». إنها كلمة «يبدو» المُدرجة بحكمة في التقرير، إنها بيت القصيد وجوهر المسألة.
كان ذلك قبل تناول الغذاء، مائدة الطعام كانت قد أعدت بصورة بهيجة بأحسن ماعندنا من صيني وفضيات عندما وصلت الطائرات. كان باستطاعتنا أن نسمع أزيزها حتى قبل أن تنطلق صفارات الانذار. الشبابيك كانت مفتوحة على اتساعها حيث كان اليوم ربيعياً معتدلاً. أتذكر والدي وهو يصيح من البلكونة «الأمريكيون يرمون بيض عيد الفصح». بعدها سمعنا صوت الانفجار الأول. ركضنا نازلين إلى نفس المخبأ حيث اليوم ما زالت بعض شخصياته الأصلية ترتعد. اهتزت البناية. غطى الناس آذانهم. كان باستطاعة المرء أن يسمع صوت تهشّم زجاج في مكان ما فوقه. ولدٌ أكبر مني بقليل كان قد اختفى. اتضح أنه تسلل للخارج ليشاهد القنابل وهي تسقط. عندما أعاده الرجال بدأت أمه تصفعه وتؤنبه بشدة، كانت تصرخ فيه أنها ستقتله إذا خرج مرةً أخرى. كنت مرعوباً من صفعاتها أكثر من رعبي من القنابل.
في لحظة ما انتهى الأمر. خرجنا نجُرّ أقدامنا بتثاقل. المتحمسون للقصف الجوي إما يفتقرون إلى تخيّل حقيقة ما يحدث على الأرض، أو أنهم عطلوا خيالهم. الشارع كان مظلماً مع بعض اللهب هنا وهناك. الغبار والدخان يملآن الجو، بدا وكأن الليل قد حلّ بالفعل. خرج رجلٌ من العتمة وهو مغطى بضمادات تتساقط. حكى لنا أن أحد الأحياء المجاورة قد تم تسويته بالأرض. كان ذلك عاديّاً. الواحد منا كان يسمع أكثر الإشاعات شناعة ومبالغة في مثل هذا الوقت. آلاف القتلى، جثث ملقاة في كل مكان، وهلم جرا. كان الحيّ الذي يتحدث عنه هو أحد أفقر الأحياء في المدينة. لم يكن فيه أهداف عسكرية. لم يكن ذلك مُبرراً حتى لطفل.
في اليوم التالي للغارة الأولى في 1944، جاءت الطائرات مرة أخرى، وبنفس الطريقة «ألقت حوالي 373 طناً من القنابل على بلجراد/ ساحات سافا مارشالنج»، وأضاف التقرير الرسمي أن «هذا الهجوم تسبّب في دمارٍ عظيم في عربات الركاب والبضائع، نيران كثيفة، مخازن مشتعلة، دمار عظيم لمحطة الركاب الرئيسية، دمار مماثل لجسر سكة الحديد على نهر سافا… إلخ. لا يُوجد ما يشير إلى حدوث تفجيرات خارج الأهداف العسكرية خلال هذه العملية». في الحقيقة، لقد سقطت قنبلة على الممشى أمام بنايتنا ولكنها لم تنفجر.
في بعض الليالي كان والدي يرفض النزول إلى المخبأ ويبقى في فراشه، في حين كانت أمي تصيح عليه من الدرج لينزل. هي كانت مع إخلاء المدينة فوراً؛ بينما اعتقد أبي أن العيش في الريف لا يقل خطورة مع الحرب الأهلية التي في طريقها. هكذا ومع غرابة الأهداف العشوائية لحلفائنا فقد كانت مخاطرة أن نبقى ومخاطرة مساوية لها أن نهرب. طوال ربيع وصيف 1944 كنا نرحل إلى الأمام أو إلى الوراء مشياً على الأقدام. أتذكر صفوف اللاجئين على الطريق، الألمان يفحصون الوثائق ويرعبون الجميع أكثر وأكثر. اليوم طبعاً هناك تلفزيون يسجّل وينشر مثل هذه المشاهد التعيسة.
في 1972 قابلت أحد الرجال الذين قصفوني في 1944. كنت قد قمت بأول رحلة لبلجراد بعد عشرين عاماً تقريباً. بمجرد عودتي إلى الولايات المتحدة، ذهبت إلى تجمّع أدبي في سان فرانسيسكو حيث قابلت بالصدفة الشاعر ريتشارد هيوجو في مطعم. تحدّثنا، سألني كيف قضيت الصيف، أخبرته أنني عدت للتو من بلجراد.
قال: «آي نعم، بإمكاني أن أرى هذه المدينة جيداً»
دون أن يعرف خلفيتي، انطلق يرسم على مفرش المائدة، بقطع الخبز وبقع النبيذ، موقع المبنى الرئيسي لمكتب البريد، الكباري على نهريّ الدانوب والسافا، وبعض المعالم الأخرى الهامة. دون أية فكرة عن معنى ذلك، مفترضاً طوال الوقت أنه زار مرة المدينة كسائح، سألته كم من الوقت قضى في بلجراد.
أجابني: «لم أزرها أبداً، أنا فقط قصفتها عدة مرات»
بذهول من المفاجأة، اندفعت قائلاً لقد كنتُ هناك وقتها وأنني أنا من كان يقوم بقصفه. أصبح منزعجاً للغاية. في الحقيقة، كان مهزوزاً بشدة. بعد أن توقف عن الاعتذار وهدأ قليلاً، سارعت أؤكد له أنني لا أحمل شيئاً ضده وسألته ما هو السبب في أنهم لم يقصفوا مقر الجُستابو ولا أي مبنى آخر حيث كان يتواجد الألمان. شرح لي هيوجو أن الغارات الجوية كانت تنطلق من إيطاليا، مستهدفة أولاً حقول النفط الرومانية، التي كانت لها أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للنازيين حيث كان يتم الدفاع عنها بضراوة. في كل غارة جويّة كانوا يفقدون طائرة أو اثنتين، ومع ذلك كله، في طريق عودتهم لإيطاليا، كان عليهم أن يتخلصوا من حمولاتهم فوق بلجراد. حسنٌ، كانوا في غاية الحذر. يطيرون على ارتفاع عالٍ ويلقون ما تبقى من الحمولات بأي طريقة ممكنة، في استباق ليعودوا إلى إيطاليا، حيث يقضون بقية اليوم على الشاطيء مع بعض الفتيات المحليات.
أكدتُ لهيوجو أن ذلك بالضبط ما كنت سأفعله عن نفسي، لكنه استمر يطلب الغفران ويبرر موقفه. لقد كبر في منطقة قاسية في سياتل، في أسرة فقيرة من الطبقة العاملة. أمه، كانت مراهقة، وكان عليها أن تتخلّى عنه بمجرد ولادته. كنا لاعبيْن صغيريْن مرتبكيْن في أحداث أكبر من سيطرتنا. هو على الأقل اعترف بمسؤوليته عما فعل، هذا ما لا نسمع به في حروب اليوم الخالية من الخطر حيث الموضة هي تحميل مسؤولية الأخطاء على التكنولوجيا. هيوجو كان رجلاً يتمتع بالنزاهة، واحداً من أفضل الشعراء في جيله، وقد يبدو هذا غريباً، لم يخطر ببالي أن ألومه على ما قام به. مع أني كنت على الأرجح سأبصق في وجه ذلك الغبي الذي قرر الموافقة على طلب تيتو بأن يضرب الحلفاء مدينة مليئة هي نفسها بالحلفاء يوم عيد الفصح. مع ذلك، اندهشتُ عندما كتب هيوجو قصيدة عما فعله وأهداها لي. كيف تكون الأمور معقدة إلى هذه الدرجة، كيف لا تكفي محاولاتنا لأن نقف في وجه الريبة غير المعلنة حيث لا شيء في جحيمها يمكن فهمه على الإطلاق.
رسالة إلى سيميك من بولدر(7)
عزيزي تشارلز: هكذا تقابلنا مرةً في سان فرانسيسكو وأعرفُ
أنني قصفتك منذ زمن طويل في بلجراد عندما كنتَ في الخامسة.
أتذكّر. كان هدفنا جسرٌعلى نهر الدانوب
نأمل أن نُحاصر جيوش الألمان بينما هي تفرّ من اليونان إلى الشمال،
ضيّعنا الهدف. ليس هذا من غير المعتاد، بما أنني كنت واحداً من المهاجمين.
لم يكن باستطاعتي أن أضرب مؤخرتي
حتى إذا جلستُ علىجهاز التحكّم أو امتطيت قنبلةً ونزلت وأنا
أغني النشيد الوطني الأمريكي.
أتذكّر بلجراد تتفتّح مثل وردة عندما وصلنا.
لا مدفعيّة مضادة للطائرات. لم أعرف شيئاً عن الشنق اليوميّ، الثمانين
ألف سُلافي الذين تدلّوا من الحبال الألمانية في المدينة، كعبرة للآخرين.
كان كل همي أن أبقى على وجه الحياة، تلك اللحظة
تخفّفت الطائرة من حمولة القنابل ونحن عُدنا.
أية لغة كنت تتحدث وقتها؟ الصربية، على ما أعتقد. وماذا كان عقلك
يفعل بالعواء الرهيب للقنابل؟ ما هي كلمة «خوف» بالصربية؟
يجب أن تكون هي الكلمة نفسها بالانجليزية، عويل بدائي طويل
لأطفال يموتون، نظرة طفلٌ مُثبتة للأبد في الموت.
أنا لا أعتذر عن الحرب، أو لما كنتُهُ. كنتُ مشوشاً وقتها عن طيب خاطر.
أظن أنني حتى آمنت بالبطولة (للآخرين، وليس لنفسي)، صدقت في ضرورة
ذلك العالم المُعذَّب، آملاً أنه سيتعلّم ألا يفعل ذلك مرةً
أخرى. لكني كنت صغيراً. العالم لا يتعلّم أبداً. التاريخ
لديه طريقة لجعل الماضي مُستساغاً، لجعْل الموتىحُلم.
عزيزي تشارلز، أنا سعيدٌ أنك تفاديت القنابل، أنك
تعيش معنا الآن وتكتب قصائد. لابد لي أن أخبرك مع ذلك،
لقد استغربت ذلك اللقاء في سان فرانسيسكو. ظللت أكرر لنفسي،
كان على الأرض في ذلك اليوم، صفار السماء المخيف
ومحرّكاتنا تزأر بكل شيء في طريقنا.
في لحظات كهذه يصبح العالم صافياً للناجين.
العالم يصبح صافياً كسحاب الصيف،كالبياض النقي المنفوخ،
طيورٌ ناعمة تمرق وتدخل وتخرج،
حياتنا لديها فرصة لأن تنجرف ببطءفوق العالم،
مخازن القنابل فارغة، الهدف منسيّ،العدوّ يتم تجاهله.
لطيف أن أقابلك أخيراً بعدالكراهية بدون سبب. المرة القادمة،
إذا أردت أن تتأكدمن نجاتك، اجلس على الجسر الذي
أحاول ضربه ولوّح لي.أنا قادم على الطريق الصحيح لكني
قلقٌ وعدسة مسدسي ترفرف.
أمن أنتَ، أينما كنتَ على الأرض. أما أنا فأصوّب ناحية الهدف
ولكن قنابلي من الحلوى وقد تُهتُ عن الطائرة التي ترشدني.
صديقك دِك.
الهوامش
(1)يسخر سيميك بوضع «DP» بين قوسين للاشارة إلى المصطلح
Displaced Persons
(2)الستار الحديدي Iron Curtainبمعنييه المادي والمجازي هو ما كان يفصل بين أوروبا الغربية والشرقية، وقد ظل هذا الستار الذي فرضه الاتحاد
(3)مؤتمر يالطا عقد بين 4 و11 فبراير 1945، وحضره رؤساء أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي لإعادة ترتيب أوروبا التي مزقتها الحرب العالمية الثانية.
(4)هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة وهو يوم ذكرى دخول السيد المسيح إلى أورشليم أو بيت المقدس حيث تم استقباله بأغصان النخيل في إشارة لاستقبال المسيح كمنتصر.
(5)مارشال الكسندر لور (1885- 1947)، كان قائد الدفاع الجوي الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية. سجنه اليوغسلاف في 1945 وحوكم بتهمة جرائم حرب وتم اعدامه في 1947.
(6)الاسم الذي كان يُطلق على القوات الجوية الألمانية قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.
(7)مدينة في ولاية كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يعيش هيوجو.