بينَ أنْ يطالكِ الوردُ
وأنْ ترمي إليكِ العصافيرُ خَبْطَ أجنحةٍ
كنتِ حافّةَ القلبِ
كنتِ أمسياتِ الدروبِ
وكنتِ جادَّةَ الشجرْ
وهذا الصباحُ أُدْلِقُ منْ شُرفةِ النهارِ كتابَكِ، كأنَّ نسيمَ الساحلِ وطأةُ الساحةِ، وكأنّ خريفَ الحدائقِ ماءُ الكتابةِ، وكأنيّ خَلَلُُ البداياتِ، ورجرجةُ الحضور ورقرقةُ الطيورِ وقلبُ المطرْ
لنْ أُدْليْ بدمي
لنْ أتقاطرَ دونكِ
لنْ تجمعني الصبواتُ وسواكِ
لنْ نُشْرِكَ وادي الخروجَ
أو برّيةَ الدخولِ أو بساتينَ الغربِ
أو ملوحةَ الشمالْ
ومثلَ أنْ تُدْرِكَ خَبَبَ القلبِ في تفاصيل الهَطْلِ، ومثلَ أنْ ترشُفَ ظِلَ الرحيقِ في مرايا العشبِ، ومثلَ أن تتموسقَ وهذا الخريرَ، ومثلَ أنْ تهفهفَ خفقةً منْ سَعَفِ الهسيسِ، ومثلَ أنْ تُغرقكَ التفاصيلُ وتومئُ بالطَلَلِ المُسْهَبِ،ومثلَ أنْ تصحو يداكَ فلا تعْرِفُكَ المنازلُ الخفيضةُ، ومثلَ أنْ تنأى الكتابةُ فلا تقربُ إلاّكَ،ومثلَ أنْ يغزو القَفْرُ ويكتبُ جنودَهُ في الجذوعِ ومنها الواقفُ ومنها النافقُ، ومثلَ أنْ يستريحَ فيكِ دمي النافِرُ بالرطوبةِ والمآتمِ والبطالةِ والنومِ وأحلامِ اليقظة.
وقدْ يَُلْقي الشَطَطُ أبوابهُ، فَتَنْقُرُ جدرانَ الأحوالِ، وتَطْرقُ ألقَ الكتابةِ والمحوِ، وسيرورةَ الشبابِ، وخرائطَ الاعتقالِ، وممّرّاتِ القيظِ، وأرصفةَ التُربِ، وطرقاتِ التعدّدِ، ومصابيح تهمسُ طقسها وتنثرُ أثقالَ الموتِ والنعاسْ.
ِ فصلُ الكلماتِ والأعذاقِ والكبار على مصاطب الصباحِ، وفصلُ شخوصكِ يقطرُ أُلْفَةً مِنْ حكاياتِ التكرار يُلََمْلمُ هوامشها نسوةٌ يُشاغبنَ ضجيجاً وعراكاً ويفضحنَ خواتمَ الرجالْ
بابُ الطرائقِ ماءُ الذاكرةِ، وبابُ النوافذِ ظلُّ المارّةِ، والشغافُ فخاخُ الفِتْيَةِ، والطيور مهاجرةٌ لا تحطُّ فوقَ أعجازِ النخيلِ، ولا تداري خيبةَ السفرْ
موجُ العُمرِ كمنازل البحر في بيوتِ المدِّ، وكرفقة الريحِ لا تصحو إلاّ في غرفِ الطينِ، ولا تٌسَلْسِلُ إلا فقرائها، ولا تميطُ اللثامَ إلاّ في بيوتاتِ السعفْ
شرائطُ الأحداثِ فُوّهةُ أعوامٍ لا تبدأها خمسةٌ وستونَ بعد التسعمائةِ والألفِ ولا تنهيها فصولُ التسعيناتِ أو مستهلِّ الأَلْفِ الثالثةِ، أو يُراوغها ساسةُ دينِ مُتَبَرِّجونَ بتجارةِ لا تبورُ، أو يقترحها المتسلّقونَ على أكتافِ فِتْيَةٍ منْتشينَ بقمصانِ السوادِ وراياتِ التظاهر وشعاراتِ الجدرانِ واكتظاظ البيوتِ وزخّاتِ الندواتِِ المتلْفَزَة
مرفأُ وحْدتها في يديها وعلى مسافةٍ تقرأها كيلومتراتِ معدوداتٍ تتداولُ القرى المجاورةُ البساتينَ التي أقفرتْ والبراري التي زرعتْ بيوتاتٍ متعاقبةٍ، وخرائبَ عنيفةٍ وصفائحَ آسيويينَ، وملاجئَ أنقاَضٍ، وكلابُ التشرّدِ مبثوثةٌ تذرْذِرُ غوايةَ الصغار وفسحة َالنباحْ
قمر النهارِ شمسُ ضحاها وحميمها اغتسالُ البحرِ بساحلِ العمرِ والضوءُ رحلةٌ من ْ عتمةٍ لا تغادرُ سطوحَ منازلها ولا تبرأُ منْ قاطنيها ولا تشفى مِنْ لَغَطها ولا تقاضي بارئها ولا تغفو على صفيحةٍ مِنْ كلامْ
وأعتابُ الصبابةِ سلالمَ مِنْ شرقِ الصبخةِ وآسنِ البحرِ حتى غروبَ الساحةِ وبقايا ملاعبَ وبقايا مظاعنَ قيظٍٍ والتمْرُ هجرهُ أصحابهِ كمنْ يشعلُ وجبةَ الشمسِ، وبقايا مساجدَ إنفضّ عنها المؤدلجونَ،ولمْ تعد الدروبُ تحملُ أسفاراً منْ دوابٍ أو أسفاراً منْ غُتَرْ فصيلُ الموتِ أو فصيلَ الطمأنينةِ كجثومِ أهلُ الإقامةِ والرَحْلِ يلعقانِ آبارَ الجفافِ وخرائِبَ القلبِ، والنهيراتِ منْ بَعْدِ أَثَرٍ لا تُمطرُ جوانبها ولا تُشْغِلُ قَطْراً ولا تُمهرُ جذراً ولا تهجسُ نقعاً أو تفارقُ غياباً أوتلامسُ الحضور كأني بها أجدرُ، أو على الأرجحِ أخاطرُ،كأنيّ لا أسمّيها حدّ رَتَْقِ اللفظِ أو حدّ اختصار الولوجِ، أو هفهفةَ الروحِ، أو حدَّ الشَبَهِ، أو حدّ المكوثْ
كانّي أحاذر بها يوميْ،
أحمد مدن شاعر من البحرين