1ــ نوم
وكنت أحب أن أنام
في نواقيس الخرفان
وأن أسمع غناء الأسماك في سماء موسكو
وكنت أحب أن أنام في صوت الموجة
في الصهيل البعيد لخيول الجزر
وأن ارى العصافير التي تطير في ظلال بحر الجنوب
وأن اصغي إلى تنفس الوردة
في الليل
وأحس بحزن العالم في عين الحصان
اذ يتطلع في الأشياء من حوله
كنت أحب أن أمسك المطر في ميناء الساعة
و أن انام في بياض الهلال
وأن اصغي لغناء عرائس البحر
في الأرياف
عندما كنت أعتقد أن البحر يأتي من المرآة
وأن العصافير تولد من الأمطار
– 2 –
كنت أحب العصافير
والقواقع
و الحصان الذي يذهب وحيدا في الفجر
كنت أحب البحر و القارب الأزرق
– 3 –
قوارب
لم تعد هناك قوارب للصيف
ولا تلك الفتاة التي تحلم بالبحر في بيتها
و لا فراشات مطر سبتمبر
ولا رعاة يمرون آخر الليل تحت الأشجار المظلمة
مع خرفانهم التي تثغوا آخر الليل
– 4 –
بماذا كان يحلم الحصان في الظلمة
– 5 –
ذهب العصفور و القفص
وضوء مصباح النفط
البرتقالي المرتعش فوق الجدار
وذهبت الأمطار
وراء الزمن
وغاب الديك والقطار
وهلال آخر الصيف
ولم تعد الأشجار تحلم بالبحر
– 6 –
آه سمك يمر على النوافذ
سمك يمر على الجبال
– 7 –
وتلك الوردة
التي جاءت من البحر
هل عبرت الليالي
وهل هي التي رآها أغسطينوس
ذات صباح في ظلال نخيل الشاطئ
وتحت سحب أفريكا
أم هي ولدت أصلا من الليل
– 8 –
وتلك السمكة التي تمخر البحر
منذ السنين وعلى ظهرها
خطت الأمواج حروفها الأزلية
هل ستنبثق صورتها في
خيال شعراء آخرين
لم يولدوا بعد
– 9 –
وتلك الأسماك الأخرى التي تدخل في
ظلال البحر
هل تمضي إلى زمن آخر
هل هي أصوات الكون
تتناغم في غناء العصفور
و خفق الورقة
هل هو كلام الغابة
وهل صمت الحجارة يخبئ أسرار الأمطار
هل صحيح أن الأسماك تستمد
بياضها من القمر
و من أين يأتي البحر بكل هذه الزرقة؟
– 10 –
كان الصيف يأتي باكرا
و كنت مأخوذا بقمر البحر
بالخيول التي تأتي
من الجزر
كنت أحلم بالقطارات التي لها صافرات الطفولة
بيوم الثلاثاء
بالعصفور الذي يخاطب الهلال
نيكولين
وضعت الصحون على الطاولة
كانت هناك خيول صفراء تعبر من النوافذ
و ورود بلاستيكية مدلاة من السقف
جعلت المطبخ مثل مسرح الدمى
تذكرت البواخر التي أرست الليلة البارحة
أمام أمستردام
و الراديو مايزال يصدح بموسيقى فاغنر
لا شيء جديد في حياتها
الكتاب مفتوح جنب سريرها
والشموع تشتعل فوق طاولة الأكل منذ عيد ميلادها الماضي
ونفس النجمة البيضاء تضيء زجاج نافذة الغرفة
حضر الأصدقاء كلهم
حتى الموتى جاءوا بسحنهم القديمة
تذكرت أنها ستركب القطار من الغد إلى فرنسا
وسوف تصحبها ورود المطبخ والخيول الذهبية
وموسيقى فاغنر
خالد النجار *