الغريب
كم من الحانات في هذه البلاد
لكن ليس من كأس له فيها
كم من المقاهي
غير انّ ما من كرسي ليسند ظهره اليه
كم من البيوت على هذه الأرض
لكن ما من سقف يظلله
نبيٌ في الشارع
الشمس هالته
و القمرُ ممحاة تجول في دفتر نومه
من السّراب الى السراب
لا الليل، لا الأرق يستطيعان محو النهر الأبيض الذي يتحدّر من يديك
ها أنا، أبداً، سطرُ أرق في صفحة لا نهائية من الإنتظار
كتبتني العاصفة شجرةً وحيدة و مضتْ
أدرجتني الرعود في سجلّها المضطرب ونسيتني
لم يكن ينقصني الهلع
حياتي لم تكن سوى قصة حيوان يتشرّد من كمين الى كمين
فيما هو يحلم بالقفز من نبع الى نبع
هل عَمِيَ الحيوان
أم انّ الينابيع هي التي غاضت؟
………………..
كان الرعاة يعثرون على عيون الماء مسمولة أو مسمومة
وقربها تتناثر جثث الأشجار و الأزهار والطيور الزاهية الألوان لكن قبل ان تنفق
لم يبق نبع الا و خالطه خيطُ دم
لم تبق شجرة الا و عَلتْها الأحجار
لم تبق قرية لم يفسدها المرابون أو الملوك
لم يبق منظرٌ الا وقد حجَبه الجنود
الرعاة تنكّروا لصوت الناي
والنساء لم تعد سوى عباءات مختلطة بالغسق
ما عادت رائحة الخبز تصدح في الأرجاء
لا امهات عائدات من الحقل بعرَق الربيع.
عليّ أن أنتظر الوردة َ في تبدّل أطوارها و ألوانها
عليّ أن أعدّ اللحظات في تراكمها على جلد الفراغ
عليّ أن أنصتَ الى ما ينفد من هواء السراب
ليترسبَ السرابُ خالصاً
فما من شيء مؤكد سواه
للكلمات أبواب ونوافذ
عبر الأبواب يتدفق الألم، الحزن، الوحدة
و عبر النوافذ
نرقب حركة الغيوم، مرور الحسناوات
و تلويحة الأمل
أغنية
ولِدنا حينَ استفاقَ الحريق
والأفُقُ ادلَهم
لم يحفلْ بنا الشجرْ
لم يحفل بنا الحَجَر،
في الطريقْ
ألقتْ بنا الريحُ، ناياً،
على قلب عالم ٍأصم
مع اكتمال الحريق
كقَمر ٍفي أفُق
نضجت خطواتنا و دبّت أخطاؤنا
فآتضحنا مرايا تحت شمس الألم
كلمات ليست متأخرة عن «جان دمو»ـ
البصيص الذي يأتي من داخلك
سُرعان ما تردمه بالكحول و الدخان
كذرة رمل عطشى ترقد في مستقرك
لم يعرفْك أحدٌ يا جان
وبقدر ماكنتَ تنغمر في الصخب حد اضمحلالك
الا انك كنت وحيداً
ثمّة قشرة صلدة داخلك تعزلك عن الآخرين
تعزلك عن نفسك
لم يعرفك أحد يا جان..
أنت أكثر من مرآة
أكثر من صورة
كنتَ تتلذّذ بلعبة التمويه هذه
حدّ لم تعد تميّز، في النهاية، أنت ذاتك بينك و بين الصور المتولّدة في المقاهي، البارات، مراكز التوقيف، غرف الأصدقاء المؤقته، ألأقبية، استعلامات الصحف، مراكز الإستشفاء،
صفقات كتابة القصائد في بيروت، المجلات الفاضحة، مشاريعك الناقصة أبداً
…….
في نهاية العالم
اكتملَ، أخيراً، وجود رجل يدعى جان دمو
الساحر
مرآة سوداء.
عاصفة،
وساحر مكدود العينين
يتتبع حكايةً غامضة لطائر مجهول
وفيما تُدوّم العاصفة حوله
يطبق كفّيه و يقول
كلّ هذا الريش لا يكفي لصنع جَناح
تدبّروا مصائركم
في هذا اليوم الطائر!
باسم المرعبي
شاعر من العراق يقيم في السويد