نحاول في هذه المقالة دراسة حكايتين اشتهرتا عبر التاريخ. إنهما نصان ولدا في عالم لم تكن فيه الكتابة ميزة متوفرة لدى الجميع، أين كان الفكر لا يزال قيد الإيمان العميق بالأسطورة والخرافة، مسَلِّماً بشكلٍ مطلق بقدسية ما هو خارق وعجيب. كانت النفس البشرية آنذاك توّاقة إلى خلاصها من جميع الأنساق القاهرة التي أخضعتها لمجموعة من الإلزامات الثقيلة. مثَّلَ البحث عن بطل مخلص كما في الروايات الحديثة، أو عن الإنسان الخارق بالمفهوم النيتشوي أمل الإنسان في استعادة كينونته المفقودة التي من أجلها يحيَا ليشع ضياء جوهرها الخالص. في هذين النصين يتدفق صدق الإنسان وشعوره النبيل وإحساسه السّامي بعُلّوه وارتقائه(1).
إننا في هذه الدراسة أمام بنيتين متشابهتين ومتماثلتين لسيرتي المسيح والحلاج، لا نجد أنفسَنَا إلاَّ مضطرِّين لإلقاء الضَّوء عليهما والبحث في آليات الوظائف التي تشتغل ضمن طرق الحكاية. وصلت سيرة المسيح إلينا عن طريق الإنجيل «العهد الجديد»، أمَّا فيما يخصُّ سيرة الحلاج فقد وصلت إلينا أيضا بفضل كتب المؤرخين الذين تناولوا أخبار الحلاج بالاهتمام والتدوين والتنقيب. لكن هاته الحكايات التي رُويت لتُثبِتَ سيرة كل واحدٍ منهما لم ترد بصياغة واحدة، وإنما كان لكل حكاية نمطها الخاص، أسلوبها المختلف وأحداثها التي ضُبِطَت على خلاف. ولهذا السبب ولأسباب أخرى سيأتي ذكرها بالترتيب سنجد أنفسنا أمام عائق كبير أثناء التحليل، وربما سيترك في هذا البحث أثراً يجعله يفقد تركيزه وتوازنه.
فنحن أمام نصوص لا أمام نص واحد، فقصة صلب المسيح روتها الأناجيل الأربعة باختلافاتها البنيوية ( أي إنجيل متّى، مرقس، لوقا ويوحنّا)، كما أن قصة صلب الحلاج جاءتنا مختلفة باختلاف رواتها. فقد أورد نص صلبه ابن الأثير في الكامل، وابن الجوزي في المنتظم، وابن كثير في البداية والنهاية، ومسكويه في تجارب الأمم، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، والقاضي التنوخي في نشوار المحاضرة وغيرها من كتب التاريخ التي قد يشكل علينا اختلافها في الرواية بعضا أو أكثر من إشكال. إضافة إلى محاولات المستشرقين في استيفاء الموضوع كما نجد ذلك لدى لوي ماسينيون في أخبار الحلاج التي جمعها وعند رينولد نيكولسون في التصوف الإسلامي وتاريخه. إذاً فنحن مبعثرون بين بنيات مختلفة ومتعددة لمحتوى واحد خلاف أن نكون كما ينبغي للدارس أن يكون، أمام بنية واحدة لمحتويات مختلفة ومتعددة.
ثانياً، إن دراستنا تنسحب على فارق زمني كبير يقاس بما يقارب 890 سنة، فصلب المسيح كان حوالي 33 ميلادي فيما ترويه الأصول المسيحيَّة، أما صلب الحلاج فكان حوالي عام 922 ميلادي، فضلا عن أنَّ قصة الصلب لدى المسيح تمتد على ما يقارب يوما كاملا، أما قصة صلب الحلاج فتمتد على فترة زمنية مقدارها حوالي 13 سنة ميلادية.
ثالثاً، إننا نسلّم تسليما قاطعا بتمايز النسق المعرفي السياسي والديني الذي أحاط بالحلاج والمسيح، فقد كانت الروم أيام صلب المسيح تستوطن الأرض وتحكم بقوانينها وتدير شؤون اليهود والعبرانيين الذين حكموا فيما بينهم بالناموس الديني التوراتي، أما ظروف صلب الحلاج فقد كانت محاطةً بالثورات التي اشتعل لهيبها، ووصل مداها إلى تهديد خلافة المقتدر بالزوال. وصِلةُ الحلاج كما تذكر المصادر كبيرة بضلوعه غير المباشر في إضرامه هذه النار لاسيما التواطؤ الذي أبداه مع القرامطة-تهمة أو حقيقة، فسياق صلبه كان فيما ترويه بعض كتب التاريخ على هذا النحو- وقد كان تبني الخلافة لمذهب المالكية الذي لا يجيز توبة الزنادقة بل يدعو إلى قتلهم قويًّا جدًّا. لقد كانت الزندقة مصطلحا لَـحِقَ بالثوريين بما فيهم الحلاج وذلك لما فيه من خلاص للسلطة من أسباب الإطاحة بنظام الخلافة آنذاك أو ما شابه ذلك.
هذه الاختلافات في النسق القائم ضمن القصتين قد نتبناها كدعم مهم وأساسي للبنية النصية التي سندرسها، فإن كان فيها من الإشكال ما سيوحي لنا بالغموض، فإن فيها على الأقل من توفير سبل الدراسة ما سيضيء طريق الوصول إلى الغاية المبتغاة على أكثر تقدير. ولذلك ما سنقوم به هو إيجاد وظائف ثابتة ضمن هاته الاختلافات المطروحة على أكثر من وجه.
2. بين المسيح والحلاج :
يرى كثير من المسلمين والمثقفين في الحلاج صورة الإنسان المعرفي الذي راح ضحية حسابات سياسية، فقد كان صلبه تمكينا للسلطة على الأقل من تمكُّنِها من قمع الحركات المناهضة. لكن يرى فيه أكثر من ذلك -وهذا رأي ماسينيون- مثالا خالصا للمعرفة الروحية والدينية العميقة التي تصل بالإنسان من طريق التصوف إلى الإيمان المطلق بالتوحيد. وهو ما تمثَّلَ في صورةٍ تماثلُ المسيح على نحو متطابق، فإذا كان القرآن قد قدّم المسيح منذ ولادته على أنه كلمة الله، وأنه بفضل هاته الكلمة-الروح ولدته مريم، وأن هاته الكلمة نفسها تعبر بشكل عنفواني عن نوع من التوحد الروحي المقدس، وأن معجزات المسيح التي تكلم عنها القرآن هي كما ذكر ابن عربي وليدة هذه الروح وميزتها، فمن الطبيعي إذاً أنَّ جموع المسلمين المعاصرة تبحث في شخص الحلاج – هذا الذي لفت أنظار الناس بتمجيد حياة التوحد الروحاني- عن ما يشبه التمثيل القرآني للمسيح(2). فهو منح الحياة لعصافير من طين وعالج الأعمى، وطهّر الأبرص، وأذهب الحمّى وحدس بما تسرّ الصدور، وأيقظ النائم وأقام الموتى وأخرج الشياطين. تشبه هاته الملازمات صفات ما قدّمه الحلاج أيضا، فقد قيل: إن الملائكة تخدمه فتحمل إليه شتاءً فواكه الصيف تماما كما كانت تحمل إلى مريم في الهيكل، وجاء في كتاب تجارب الأمم أنه يحيي الموتى وأنه يعمل ما أحبّ من معجزات الأنبياء(3) وقد جاء في آثار البلاد أنه كان يركب الأسد ويتخذ الحية سوطا، وكان يمد يده إلى الهواء ويعيدها مملوءة دراهم أحدية(4)، وكان يخبر الناس بما في ضمائرهم وبما فعلوا.(5) وقد أطفأ الحلاج نار المجوس المقدسّة التي لا يطفؤها إلا المسيح(6) وأوقد يوم الجمعة أضواء كنيسة القيامة التي ليس لأحد أن يوقدها إلا الفجر الموالي ليوم عيد السبت. هذا التقاطع الحسي يتوقف على تماثل عقائدي ظاهر بوضوح. فقد حدد الحلاج القداسة على مقدار ما ذكره القرآن عن المسيح، فهي وحدة متحدّة بـ«كن»(7). تشابُهُ الحلاج بالمسيح، أو تلقيبه بالمسيح هو ما شاع بعد موته، وذلك لسبب يعود أساسا إلى صلبه والإشهار به كما صلب وأشهر بالمسيح على حسب الروايَّة الإنجيلية. فنهاية الحلاج كانت بالمعنى المجازي مسيحية إذا، فضلا عن كون بدايته على النَّحو نفسه، فقد تنبّأ أكثر من مرّة بموته كالمسيح مصلوبا. روى تلميذه أحمد ابن فاتك قائلا: كنّا بنهاوند مع الحلاج وكان يوم النيروز فسمعنا صوت البوق فقال الحلاج: أيّ شيء هذا. فقلت: يوم النيروز. فتأوّه وقال : «متى نُنَوْرَزْ» وفي رواية أخرى «متى نُنَوْرِزْ». فقلت متى تعني. قال يوم أصلب. فلمّا كان يوم صلبه بعد ثلاثة عشر سنة نظر إليّ من رأس الجذع وقال: يا أحمد نورزنا. فقلت أيها الشيخ : هل أُتْحِفْتَ،( أي تلقيت هدايا النيروز) قال بلى : أتحفتُ بالكشف واليقين، وأنا مما أتحفتُ به خجل غير أني تعجّلت الفرح(8). وقد جاء في رواية أن الحلاج تنبّأ بطريقة موته فقال:
ألا أبــلِغ أحبّــائي بأنّـي ركِبْت البحر وانكسر السـفينة
على دين الصّليب يكون موتي ولا البطـحا أريد ولا المديـنة
إن الجملة الإخبارية توحي لنا في بداية البيت الثاني أن تقديم الصليب على الموت فيه تأكيد بأن الحلاج كان على يقين بذلك، ويتأكد هذا أيضا في قول له بالإشهار والموت على الصليب.
ومن مظاهر تنبِئهِ بالصُّلب ما رواه إبراهيم ابن فاتك لمَّا قال: دخلت يوما على الحلاج في بيت له على غفلة منه فرأيته قائما على هامة رأسه(…) فلما أحس بي قعد مستويا وقال: أدخل ولا عليك، فدخلت وجلست بين يديه، فإذا عيناه كشعلتي نار. ثم قال يا بنيّ إن بعض الناس يشهدون عليّ بالكفر، وبعضهم يشهدون لي بالولاية. والذين يشهدون علي بالكفر أحب إليّ وإلى الله من الذين يقرّون لي بالولاية. فقلت: يا شيخ ولم ذلك. فقال: لأن الذين يشهدون لي بالولاية من حسن ظنهم بي والذين يشهدون عليّ بالكفر تعصّبا لدينهم. ومن تعصّب لدينه أحب إلى الله ممّن أحسن الظن بأحد. ثم قال لي: وكيف أنت يا إبراهيم حين تراني وقد صُلبت وقُتلت وأُحرقتُ، وذلك أسعد يوم من أيام عمري جميعة، ثم قال لي : لا تجلس واخرج في أمان الله(9).
تشبه هذه القصة بشكل كبير قصة المسيح حين تنبّأ بالصُّلب وبعدها طرد تلميذه بطرس. فقد جاء في الإنجيل: قال المسيح لتلامذته تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلّم ليصلب»(10) وجاء أيضا «من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثير من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم، فأخذه بطرس وابتدأ ينهره قائلا حاشاك يا ربّ، لا يكون لك هذا، فالتفت وقال لبطرس : اذهب عنّي…»
فلماذا بعد التنبّؤ مباشرة يطرد المسيح تلميذه بطرس ويطرد الحلاج تلميذه إبراهيم بن فاتك؟ هل لأن التلميذين يشكلان عنصرا مانعا لصيرورة القصة، أم هل لأنه سيغيب دورهما الفعال في منع البطلين من الموت؟ أم لأن كل من المسيح والحلاج كان يريد على طريقة التراجيديا اليونانية أن يجعل من القدر الإلهي مآلا البشرية الوحيد؟ وكيف كان بمقدورهما التكهن بالموت وطريقته؟ هل هناك راو يكون قد تدخل في بناء الحكاية واختار للبطلين هذه النهاية؟
تشبه بداية قصة صلب المسيح ونهايتها في بنيتها الحكائية إلى حد كبير بداية قصة صلب الحلاج ونهايتها. فالشكل المورفولوجي الذي يجمع القصتين ينبني كما قلنا على دعامتين مشتَرَكتين: التنبؤ وطرد التلميذ –تحقق التنبؤ. لكن هذه المسألة تجعلنا نفترض وجود وقائع أخرى ودعائم تتقاسمها الحكايتان. فإذا كانت الواقعتان متشابهتين في البداية والنهاية، أي في الرؤيا (التنبؤ) وفي التشكيل (المصير)، فلربما يكون للبنيات التي تتفاعل فيما بينهما على هذا النحو من التشابه والاتفاق؟
إن المقاربة التي سنقوم بها والتي سنطبقها على القصتين هي مقاربة مورفولوجيَّة لا تعتمد على دراسة الزمن وديناميكيته فحسب وإنَّما أيضاً على دراسة الشخصيَّات وخصوصا على دراسة البنيات السَّرديَّة. لكن ينبغي أن نشير أيضاً أنَّهُ ليس من شأن هذه المقاربة مقارنة الحكايتين، وإلا سنبقى رهائن الدراسة المقارنة. ما سنحاول إبرازه هو إيجاد بنية تاريخية عميقة مسؤولة عن إبداع الحكايتين في جوهرها الزَّمني. نصوغ السؤال بطريقة أخرى: هل هناك أصول مشتركة للواقع التاريخي للقصتين؟ للإجابة على ذلك، نحاول إيجاد البنيات التي تقاسمتها الحكايتان، ليكون لنا فيما بعد أن نستخلص ما بإمكانه مساعدتنا على تعميق نظرتنا للنسق الحكايتين.
3. دراسة التماثلات:
1.3. التماثلات البنيوية :
1.1.3. التماثلات البنيوية في حكاية المسيح: وهي تنقسم إلى إحدى عشر بنية.
1.1.1.3. المناصبة والكيد
اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذي يدعى قيافا. وتشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه، ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب(11).
2.1.1.3. تواطؤ الشهود
و كان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كله يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه. فلم يجدوا. ومع أنه جاء شهود زور كثيرون لم يجدوا. ولكن أخيرا تقدم شاهد زور وقال. هذا قال إني أقدر أن أنقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام أبنيه.فقام رئيس الكهنة وقال له أما تجيب بشيء. ما يشهد به هذان عليك. وأما يسوع فكان ساكتا(12).
3.1.1.3. المحاكمة
«و الذين أمسكوا يسوع مضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ.
4.1.1.3. تردد الحاكم في مسألة الصلب:
قال لهم بيلاطس ماذا أفعل بيسوع الذي يدعى المسيح. قال له الجميع ليصلب. فقال الوالي وأي شر عمل. فكانوا يزدادون صراخا قائلين ليصلب»(13)
5.1.1.3. تدخل المدبّر في استصدار الحكم:
«لكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرّضوا الجموع على أن يطلبوا باراباس ويهلكوا يسوع… فكانوا يزدادون صراخا قائلين ليصلب»(14)
6.1.1.3. تدخل عنصر المرأة في طلب إعفاء:
وإذ كان جالسا (بيلاطس) على كرسي الولاية أرسلت إليه امرأته قائلة إيّاك وذلك البّارّ. لأنّي تألّمت اليوم كثيرا في حلم من أجله»(15)
7.1.1.3. قيام الليلة الأخيرة أو صلاة ما قبل الصلب (نص التوحُّد):
« وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلّى. قائلا يا أبتاه إن شئت أن تجيز عنّي هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. وظهر له ملاك من السماء يقوّيه. وإذ كان في جهاد كان يصلّي بأشدِّ لجاجةٍ وصار عرقه كقطرات دمٍ نازلة على الأرض»(16).. وجاء في إنجيل يوحنَّا قوله: «تكلَّمَ يسوعُ بهذَا ورفعَ عينَيهِ نحوَ السماء وقالَ أيها الآبُ قد أتتِ الساعةُ، أنا مجَّدتُكَ على الأرضِ. العملُ الذي أعطيتَني لأعملَ قد أكملتُهُ. والآن مجِّدْني أنتَ أيها الآبُ عندَ ذاتِكَ بالمجدِ الذي كانَ لي عندَكَ قبلَ كونِ العالمِ. (…) لستُ اسألُ من أجلِ العالمِ بل من أجلِ الذينَ أعطيتَني لأنهم لكَ. وكلُّ ما هو لي فهو لكَ. وما هو لكَ فهوَ لي وأنا ممَجَّدٌ فيهم. ولستُ أنا بعدُ في العالمِ وأما هؤلاء فهم في العالمِ وأنا آتي إليكَ. أيها الآبُ القدوسُ احفظهُم في اسمكَ الذين أعطيتَني ليكونُوا واحداً كما نحنُ. حينَ كنتُ معهمْ في العالمِ كنتُ أحفَظُهُم في اسمكَ الذينَ أعطيتَني حَفِظْتُهُم ولم يهلكْ منهم أحدٌ إلا ابنُ الهلاكِ ليتمَّ الكتابُ. أما الآنَ فإني إليكَ. وأتكلَّمُ بهذا في العالمِ ليكونَ لهم فرحِي كاملاً فيهم. أنا قد أعطيتُهُم كلامَكَ والعالمُ أبغضَهُم لأنهم ليسُوا من العالمِ كمَا أني أنا لستُ منَ العالمِ. لستُ أسألُ أنْ تأخذَهُم من العالمِ بل أنْ تَحْفَظَهُم من الشريرِ. ليسوا من العالمِ كما أني أنا لستُ من العالمِ. قدِّسْهُم في حقِّكَ. كلامُكَ هو حقٌّ.(…). ليكونَ الجميعُ واحداً كما أنكَ أنتَ أيها الآبُ فيَّ وأنا فيكَ ليكونُوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمنَ العالمُ أنكَ أرسلتَني. وأنا قد أعطيتُهُم المجدَ الذي أعطيتَني ليكونُوا واحداً كما أننا نحن واحدٌ. أنا فيهم وأنتَ فيَّ ليكونُوا مكمَّلينَ إلى واحدٍ وليَعْلَمَ العالمُ أنكَ أرسلتَني وأحببتهم كما أحببتَني»
8.1.1.3. استقدامه صباحا للصلب:
«و لما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتّى يقتلوه، فأوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي(17).
9.1.1.3. تلاوة نص الاستغفار (الدُّعاء):
«فقال يسوع يا أبتاه اغفر لهم لأنَّهم لا يعلمون ماذا يفعلون»(18)
10.1.1.3. التبرؤ من دم الضحية:
فلمّا رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا بل بالحريّ يحدث شغب أخَذَ ماءً وغسل يديه قدّام الجمع قائلا إني بريء من دم هذا البار»(19)
11.1.1.3. انبعاثه بعد الموت
« إنه قد قام من الأموات»(20)
2.3. التماثلات البنيوية في حكاية الحلاج :
وهي تنقسم إلى إحدى عشر بنية أيضا.
1.2.1.3. المناصبة والكيد:
أثار حامد بن العباس سنة 309 هـ/ 922م عند الخليفة المقتدر قضيَّة الحلاج وأظهر للخليفة خطره العظيم إن هو بقي على قيد الحياة وأوغر صدره على علي بن عيسى ونصر القشوري لحمايتهما لهذا الصوفي الخطر(21).
2.2.1.3. تواطؤ الشهود
وأتى حامد بن العباس بالشهود يشهدون بصحَّة المحاكمة ويوافقون على الحكم. وكان الوزير قد حشد لذلك في المحكمة عدداً وافراً منهم بمعونة عبد الله بن مكرم الذي كان مشهوراً باحتراف شهادة الزُّور. وبلغ عدد الشهود أربعة وثمانين. وقد كوفئ عبدالله بن مكرم هذا بتقليده منصباً فخرياً في القضاء في الفسطاط(22).
3.2.1.3. المحاكمة
تقصَّد الوزير حامد بن العبّاس ألا يكون بين أعضاء المحكمة قاض شافعي لأن الشافعية مثل الحنبلية تقبل توبة الزنديق، أما الحنابلة فإنهم أقصوا عن المحاكمة لعدائهم السافر للدولة ولتعاطفهم مع الحلاج. فألفت المحكمة من القاضي المالكي أبي عمر الحمادي رئيسا وهو الذي كان قد وافق حامد بن العباس(23).
4.2.1.3. تردد الحاكم في مسألة الصلب:
جاء في نشوار المحاضرة أنَّ حامد بن العبَّاس كتب إلى الحاكم المقتدر مستأذناً في تنفيذ الحكم، ولكنَّه رأى منه تردُّداً»(24)
5.2.1.3. تدخل المدبّر في استصدار الحكم:
«ثم جاء حامد إليه مستأذنا في تنفيذ الحكم ولكنه رأى منه ترددا فقال: يا أمير المؤمنين، إن بقي قلَب الشريعة وارتد خلق على يده، وأدّى ذلك إلى زوال سلطانك، فدعني أقتله، وإن أصابك شيء فاقتلني»، فأذن الخليفة له في قتله، وبادر حامد بتنفيذ الحكم من يومه لئلا يغير المقتدر رأيه»(25)
6.2.1.3. تدخل عنصر المرأة في طلب الإعفاء:
فوجئ نصر القشوري بالحكم، فلجأ إلى السيدة والدة المقتدر (وكانت تعرف بهذا اللقب) مستعينا بها للتوسط مع ابنها لإلغاء الحكم أو إصدار عفو عن الحلاج..أو تأجيل تنفيذ الإعدام. وتقدمت السيِّدة من المقتدر سائلةً إياه عدم تنفيذ الحكم أو تأجيله. ولكنَّ المقتدر رفض الطَّلب. غير انَّه سرعان ما يصاب بالحمَّى فيصاب بالشَّك في أمر قتل الحلاج، وينفذ إلى وزيره حامد يمنعه من تنفيذ الحكم(26). وفي نشوار المحاضرة أنَّها توسطت مانعة إبنها من قتل الحلاج إلا أن المقتدر رفض ذلك، فأُصيب بعدها بحمّى فشك في أمر قتل الحلاج.»(27)
7.2.1.3. قيام الليلة الأخيرة أو صلاة ما قبل الصلب (نص التوحُّد):
أنبأنا ابن الفتح محمد بن الحسين قال سمعت أبا بكر الشاشي يقول: قال أبو الحديد لما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها الحسين بن منصور قام من الليل فصلّى ما شاء الله، فلمّا كان آخر الليل قام قائما فتغطى بكسائه، ومدّ يديه نحو القبلة فتكلم بكلام جائز الحفظ، وكان مما حفظت أن قال: نحن شواهدك فلو دلتنا عزتك. لتبدّى ما شئت من شأنك ومشيئتك، أنت الذي في السماء إله وفي الأرض إله. تتجلى لما تشاء مثل تجليك في مشيئتك كأحسن صورة..»(28) ذكر عن قاضي القضاة أبي بكر بن الحدّاد المصريّ قال: لمّا كانت الليلة التي قُتل في صبيحتها الحلاّج قام واستقبل القبلة متوشحاً بردائه ورفع يديه وتكلم بكلام كثير جاوز الحفظ. فكان مما حفظته منه أن قال: نحن بشواهدك نلوذ. وبسنا عزتك نستضيء، لتبدي ما شئت من شأنك. وأنت الذي في السماء عرشك، وأنت (الذي في السماء إله وفي الأرض إله). تتجلى كما تشاء مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن صورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة والبرهان. ثم أوعزتَ إلى شاهدك الأنيّ في ذاتك الهويّ. كيف أنت إذا مثّلت بذاتي، عند عقيب كرّاتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعداً في معارجي إلى عروش أزلياتي، عند القول من بريّاتي. إني أُخذت وحُبست وأُحضرت وصُلبت وقُتلت وأُحرقت واحتملت السافيات الذاريات أجزائي. وإنّ لذرّةً من ينجوج مظانَّ هاكول متجليّاتي اعظم من الراسيات(29).
8.2.1.3. استقدامه صباحا للصلب:
فلمَّا كان صباح الثلاثاء، أخرج الحلاج إلى ساحة الإعدام بباب خراسان على الضفَّة الغربية من دجلة، واجتمع عليه خلق كثير. ثمَّ تلي أمر الخليفة المقتدر(30). قال عبد الرؤوف بن محمد المناوي في كتاب الكواكب الدرية(31) في سيرة الحلاج: وقال الحلواني: قدم الحلاج للقتل وهو يضحك فقلت: يا سيدي ما هذا الحال. قال: دلال الجمال، الجالب إليه أهل الوصال.
9.2.1.3. تلاوة نص الاستغفار (الدُّعاء):
عن إبراهيم بن فاتك قال: لما أُتي بالحسين بن منصور ليصلب رأى الخشبة والمسامير فضحك كثيراً حتى دمعت عيناه. ثم التفت إلى القوم فرأى الشبليّ فيما بينهم فقال له: يا أبا بكر هل معك سجادتك. فقال: بلى يا شيخ. قال: افرشها لي. ففرشها فصلى الحسين بن منصور عليها ركعتين وكنت قريباً منه. فقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقوله تعالى (لنبلونَّكم بشيءٍ من الخوف والجوع) الآية، وقرأ في الثانية فاتحة الكتاب وقوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) الآية، فلما سلم عنها ذكر أشياء لم أحفظها وكان مما حفظته: اللهم إنك المتجلي عن كل جهة، المتخلي من كل جهة. بحق قيامك بحقي، وبحق قيامي بحقك. وقيامي بحقك يخالف قيامك بحقي. فإنّ قيامي بحقك ناسوتيّة، وقيامك بحقي لاهوتيّة. وكما أنّ ناسوتيّتي مستهلكة في لاهوتيّتك غير ممازجة إياها فلاهوتيتك مستولية على ناسوتيتي غير مماسّة لها. وبحق قِدَمك على حدثي، وحق حدثي تحت ملابس قدمك، أن ترزقني شكر هذه النعمة التي أنعمت بها عليَّ حيث غيّبت أغياري عمّا كشفت لي من مطالع وجهك وحرمت على غيري ما أبحت لي من النظر في مكنونات سرّك، وهؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصُّباً لدينك وتقرُّباً إليك. فاغفر لهم، فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لي لَما فعلوا ما فعلوا، ولو سترت عني ما سترت عنهم لَما ابتُليتُ. فلك الحمد فيما تفعل ولك الحمد فيما تريد، ثم سكت وناجى سراً. (32)
10.2.1.3. التبرؤ من دم الضحية:
في الغد جاء حامد بن العباس إلى ساحة الإعدام كأنه خشي انتقام النَّاس في مستقبل الأيَّام. فحاول أن يبرِّئ ساحته وساحة الخليفة وساحة صاحب الشُّرطة من كل تبعة. فدعا الشُّهود الذِّين كانوا قد صدَّقوا على وقائع المحاكمة من قبل، وكانوا مجتمعين حول مقدِّمهم ابن مكرم، وطلب منهم بصوتٍ عالٍ أن يعلنوا موافقتهم على حكم الإعدام. فصاحوا قائلين: «نعم اقتله، ففي قتله صلاح المسلمين، ودمه في رقابنا»(33)، ثمَّ قال لهم : « أمير المؤمنين برئ من دمه»، قالوا «نعم»، قال: «أنا بريء من دمه»، قالوا «نعم»، قال: «وصاحب الشُّرطة بريءٌ من دمه،» قالوا: «نعم»(34). ثمَّ أنزل الحلاجُ عن الجذع وقدِّمَ أمام السَّيَّاق»(35)
11.2.1.3. انبعاثه بعد الموت:
أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب حدثنا عبيدالله بن أحمد بن عثمان الصيرفي قال، قال لنا أبو عمر ابن حيويه:»..لمّا أخرج الحلاج ليقتل مضيت في جملة الناس ولم أزل أزاحم حتى رأيته فقال لأصحابه لا يلهونكم هذا فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما. قال السواسطي(36): هذا الإسناد صحيح لا يشك فيه.
وزعم بعض أصحاب الحلاج أن المضروب عدو الحلاج ألقى شبهه عليه، وادعى بعضهم أنهم رأوه في ذلك اليوم بعد الذي عاينوه من أمره، والحال الذي جرت عليه، وهو راكب حمارا في طريق النهروان ففرحوا به، وقال لعلكم مثل هؤلاء البقر الذين ظنوا أني أنا المضروب والمقتول. وممّا يفتعل عليه أنّه قال للّذين قتلوه: أتظنون أنَّكم إيّاي تقتلون؟ إنمّا تقتلون بغلة المادراني وأنّ البغلة وجدت في إسطبلها مقتولة(37). وفي الكامل ذكر ابن الأثير أنَّ الحلاج لمّا صار رماداً، أُلقي في دجلة، ونصب الرأس ببغداد، وأُرسل إلى خُراسان لأنّه كان له بها أصحاب، فأقبل بعض أصحابه يقولون: إنّه لم يُقتل، وإنّما أُلقي شبه على دابّة، وإنّه يجيء بعد أربعين يوماً؛ وبعضهم يقول: لقيتُه على حمار بطريق النَّهروان، وإنّه قال لهم: لا تكونوا مثل هؤلاء البقر الذي يظنّون أنّي ضُربت وقُتلت.
نلاحظ أن الأحداث في قصتي المسيح والحلاج متشابهة إلى حدٍّ كبيرٍ جٍدًّا، فالشخصيات داخلها تؤدي الأدوار نفسها، والنُّصوص متشابهة لا سيما في طريقة تناول فكرة التوحد مثلاً التي كثيرا ما ينادي بها المتصوِّفة.
2.3. التماثل الرَّمزي:
لا بدَّ أن نشير قبل أن نخوض في مختلف التماثلات أن بين اسمي المسيح والحلاج علاقة جد غريبة. نعرف جيدا أن مصطلح المسيح مستخرج من الأصل الثلاثي مسح. سمي بذلك لأن الرجل إذا أراد أن يتبرك مسح بيديه على رداء المسيح. فالتيمن الروحاني قد يكون من طريق ما يرتديه النبي.(38) أما الحلاج فهو مستخرج من أصل يدل على نوع من أنواع النسيج. يقول الخطيب البغدادي إنما سميّ الحلاج لأنه دخل واسطا فتقدم إلى حلاج وبعثه في شغل له، فقال له الحلاج: أنا مشغول بصنعتي. فقال: اذهب أنت في شغلي حتى أعينك في شغلك، فذهب الرجل فلما رجع وجد كل قطن في حانوته محلوجا، فسمي بذلك الحلاج»(39). وجاء في المصدر نفسه أن الحلاج كان بالأوقات يلبس المسوح، وبالأوقات يمشي بخرقتين(40). إذاً نلاحظ أن لمفردتي الحلاج والمسيح تقارب دلالي رمزي عميق.
3.3. التماثل الزَّمني:
1.3.3. زمن ما قبل الصلب:
1.1.3.3. زمن ما قبل صلب المسيح:
ينقسم زمن ما قبل الصلب إلى قسمين. يمتد الزمن الأول إلى غاية نبوءة الصلب عند المسيح، وهو زمن يخص أحداث حياة المسيح قبل أن يصبح رهن الصلب، وفي هذا الزمن تتراكم الأحداث الخاصة بالمعرفة الدينية والروحانية. أما الزمن الثاني فهو زمن تبتدئ حركيته انطلاقا من ورود الصلب في نبوءة المسيح ثم من محاكمته وإحالته لذلك. ويتمثل في الجملة الواردة في إنجيل متّى في الإصحاح السادس والعشرين «ولمّا أكمل يسوع هذه الأقوال كلّها قال لتلاميذه. تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلَّم ليُصْلَبَ»(41). فزمن ما قبل الصلب يعادل يومين.الحاصل الزمني لجميع هاته الأحداث 33 سنة، طبقا لما يُذكر من أن المسيح عاش هذه المدة(42).
2.1.3.3. زمن ما قبل صلب الحلاج:
ينبغي أن نكون حذرين في التعامل مع الزمن المتعلق بصلب الحلاج. ونحن مجبورون أن نسرد أهم أزمنته التاريخية. ولد الحلاج سنة 232 للهجرة. تنبّأ سنة288هـ/ 900 ما بعد ميلاد المسيح أنه سيصلب وكان ذلك يوم النيروز. وفي سنة301 للهجرة/ 913 للميلاد صلب صلب الإشهار وذلك بأمر من وزير المقتدر علي بن عيسى القنّاني، وفي رواية أخرى أنه صلب صلب الموت43، وفي يوم الثلاثاء 24 ذو القعدة 309هـ/ 26 مارس 922 أي بعد تسع سنين يصلب صلب الموت.
إن زمن السنة الميلادية وزمن السنة الهجرية متفقان في مسافتهما لأن المدة التي نشتغل ضمنها أي فترة ما قبل الصلب وزمن تنفيذ الصلب لا تستوجب تجاوز أحد الزمنين الآخر.
يمكن أن نقسم زمن ما قبل صلب الحلاج إلى قسمين. الزمن الأول ينسحب على كامل فترة حياته إلى غاية محاكمته. والزمن الثاني تتوقف بداية حركيته انطلاقا من محاكمته وإحالته للصلب.
يبتدئ الزمن الثاني من إحساس الحلاج وتكهنه بأنه سيصلب. وقد كان ذلك قبل ثلاث عشرة سنة. «لمّا كان يوم صلبه بعد ثلاثة عشر سنة من قوله «متى نُنَوْرَزْ» أي يوم صلبه، نظر إلى أحمد بن فاتك من رأس الجذع وقال: يا أحمد نورزنا(44). هذا النص يدل دلالة قاطعة أن مسألة الصلب بالنسبة للحلاج كانت بديهية ومتوقعة. لكن ما الدافع الذي جعل الحلاج يتوقع ذلك؟ هل فكرة الصلب لم تزل تعبر في الفكر الشرقي آنذاك بما في ذلك الفكر الإسلامي عن تخليص الروح من الجسد وإلحاقها بالذات العليا فيتحقق التوحد ولاسيما أن الحلاج من دعاة التوَّحد(45)، غير أنه لم يمت في هاته الفترة وإنما صلب مرّة أخرى وكان ذلك سنة309 هـ/922 م. وبالتالي فزمن ماقبل الصلب يعادل 22 سنة.
2.3.3. زمن الصلب:
1.2.3.3. زمن صلب المسيح:
بقي المسيح على صليبه حيّا مدة ثلاث ساعات: (ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كلّ الأرض إلى السّاعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني لماذا تركتني. فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح» (إنجيل متّى 27/45-50). ينبغي أن نشير إلى مسألة مهمة وهو أن زمن صلب المسيح كان متمثلا في يوم الفصح.
2.2.3.3. زمن صلب الحلاج:
بقي الحلاج على صليبه حيّا مدّة ثلاثة أيام؛ «روي عن الشيرازي أنه قال لمّا صلب الحلاج بقي ثلاثة أيّام لم يمت فأنزلوه وفتشوه ووجدوا معه ورقة مكتوبة بخطّه وفيها (آية الكرسي) وبعدها هذا الدعاء: اللهم ألق في قلبي رضاك، واقطع رجائي عمن سواك، وأعنّي باسمك الأعظم وأغنني بالحلال عن الحرام وأعطني ما لا ينبغي لأحد غيري بحمعسق، وأمتني شهيدا بكهيعص»(46). نشير بالموازاة إلى ما سبق أن زمن صلب الحلاج كان ممثلا في يوم عيد النيروز. وهو يوم سابق في نبوءته؛ إذ قال متى ننورز أي متى نصلب.
3.3.3. زمن الانبعاث والعودة :
1.3.3.3. زمن الانبعاث والعودة : قال المسيح وهو حي : إني بعد ثلاثة أيام أقوم
2.3.3.3. زمن الانبعاث والعودة : قال الحلاج: إني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما.
تنبأ المسيح بصلبه قبل يومين من ذلك، أما الحلاج فقد تنبأ في سنة 280 للهجرة بصلبه قبل 13سنة من صلب الإشهار وقبل 22 سنة من صلب الموت(47). ويكون العدد 22 ضعفا لليومين. أي أن يومين تنبّأ فيهما المسيح يقابل 22 سنة تنبّأ فيها الحلاج.
بقي المسيح معلقا على صليبه دون أن يموت ثلاث ساعات، أما الحلاج فقد بقي حيّا أيضا ومعلّقا على صليبه ثلاثة أيام. نلاحظ ههنا ظاهرة المضاعفة نفسها تتكرر. فساعة في صليب المسيح تعادل يوما في صليب الحلاج.
أما في إشارة المسيح إلى قيامه فقد حدّد قيامه بثلاثة أيام أما الحلاج فقد حدّد قيامه بثلاثين يوما، فتكون مدة اليوم في قيامة المسيح بمقدار 10 أيام في قيامة الحلاج.
مات المسيح وعمره 33 سنة ومات الحلاج وعمره 77 سنة. فيكون الفرق بينهما في الحياة 44 سنة. ونلاحظ هنا نفس الرقم يتكرر فضلا عن الرقم المتكرر في عمري المسيح والحلاج. غير أنَّ الاختلاف يكمن في مسألة إلقاء الشَّبه التي لا نجدها في حكاية المسيح من خلال الإنجيل بينما نجده في حكاية الحلاج. والواقع أن النص القرآني يقرُّ بذلك. وبالتالي يمكن الحكم على أن مسألة إلقاء الشبه على الحلاج مستمدَّة من أصول إسلامية وليست مسيحية(48).
4.3. التماثل السردي:
في التمثيلين الآتيين نلاحظ كيف أن البنيات السياسية الدينية المعرفية والاجتماعية تتطابق فيما بينها. حيث تمثل المعرفة خطرا على السياسة فتتدخل السلطة الدينية لتفصل الأمر لحساب السياسة. بينما يذهب رمز المعرفة المتمثل في الشخصيتين ضحية هذا الحساب. أما السلطة الاجتماعية فليس لها أي تأثير على مستوى أخذ القرار، وإنما نلاحظ أن تأثيرها كان فقط متمثلا في تدخل عنصر المرأة في توجيه قرار الحاكم. إلا أن الحاكم يخضع أخيرا إلى السلطة الدينية سواء بموجب الخوف من أن تنقلب السلطة الدينية على سادة الحكم وذلك ما تمثّل في خوف بيلاطس من انقلاب الكتبة ورؤساء الكهنة عليه، وفي خوفه أيضا من تحريض الكهنة الشعب على حرب الرومان لاسيما وأنها لم تكن آنذاك سوى قوة حاكمة في المنطقة، أو بموجب الخوف من أن تنتشر إيديولوجيا المعارضة بين أوساط الجماهير فتنقلب على الحاكم كما هو الحال في خلافة المقتدر التي عرفت ثورة القرامطة. فاتهم الحلاج بأنه «لو بقي قلب الشريعة وارتد خلق على يده»(49). يصف سامي مكارم ذلك بقوله: كانت الدولة العباسية تقف من الحلاج موقف الخشية والريبة، فقرر علي بن محمد بن الفرات سنة 299 هـ/ 911-912 م – وهي السنة نفسها التي تأسست فيها الخلافة الفاطمية في المغرب(50)، أن يلقي القبض على الحلاج، وكان قد وشى به رجل من أهل البصرة، ولكن السلطة لـم تتمكن من القبض عليه إلا سنة 301 هـ/ 913-914 م، وذلك في بلدة السوس بالأهواز.(51) يبدو من خلال ما سبق أن المسيح والحلاج عاشا في ظروف جد متشابهة على المستوى السياسي خصوصاً.
1.4.3. في طبيعة الشخصيات ولعب الأدوار:
إن فعل تبين الحكايتين على نحوٍ واحدٍ وبطريقةٍ مقنَّنة يتيح لنا فرصة قراءةِ عميقةٍ ونافذة في النص، وأكثر من ذلك يمنحنا حساسية الاستجابة إلى واحدية النَّص بدلا من الاستجابة إلى تعدُّديته. ذلك لأن البناء المتكامل والمتماثل لحكايتين كلُّ واحدةٍ على حده، يتوقف على مدى تطابق الوظائف الحكائية فيما بينها. أي أن النص لا يتيح فقط إمكانية لفعل التأويل على المستوى الموضوعي وممارسة تعددياته وإنما يتيح أيضا إمكانية قصوى في تأويل البنيات الوظيفية على نحو واضح ومتشابه. «وراء كل نص نجد نظاما لغويا، وكل البنيات التي تتكرر أو يعاد إنتاجها في النص، وكل ما من شأنه أن يضاف من خارج النص يطابق هذا النظام. ولكن في الوقت ذاته، كل نص بصفته منطوقا هو نص متفرد، واحد وغير منتَج، وهنا بالضبط يكمن معناه، أي لماذا تم إبداعه؟. انطلاقا من ههنا، فإن النص يحيل إلى الحقيقة، الواقع، إلى التاريخ. إن البنيات المتكررة والمنتجة وبشكل ثانوي تمثل بالنظر لما سبق مجرد مواد ومستخدمات»(52)
يعتبر التحليل السردي أن الشخصية جوهر، وقد حوّل بروب الشخصيات إلى مجموعة من النماذج البسيطة مؤسسة على وحدة الأفعال التي تهبها القصة للشخصيات (البطل، المساعد، الشرّير…) وعلى الرغم من إدراكنا أنه ليس ثمة قصة دون شخصيات أو عوامل فإن بروب اهتم بـالوظائف أكثر من اهتمامه بالشخصيات .
تساعدنا نظرية بروب على فهم شامل للانتظام الذي تحققه الوظائف في الحكاية الشعبية، وهي وظائف ساعدت على خلق بنية سردية قارة للحكاية. إنها تشكل بمفهوم كلود بريـمون منطقا خاصا بالحكي ينبني على وحدة قاعدية أو نواة سردية تحكم النص. يمكن فهم هذه الوظائف على ضوء مسيرة بطل الحكاية. ففي نسقها نستطيع معرفة العوامل المتحركة والمحركة داخل النص. كما يمكن فهم الشخصيات على ضوء مسيرة المسيح والحلاج. فهناك العامل الذات Sujet الذي يتمثل في شخصية (قيافا رئيس الكهنة وحامد ابن العباس) أي هو العامل الأقوى في تحريك الموضوع أي البطل إلى غاية نهايته المأساوية. أمَّا العامل الموضوع Objet المتمثل في شخص كل من (المسيح والحلاج) فلكأنَّما هو الوحيد الذي ليس بإمكانه التدخل في نسج القصَّة..إنه عامل مشلول وغير قابل للتَّحرك) وهذا ما نلاحظه حين يرفض كلاهما الدفاع عن نفسه. ويمثل عنصر المرأة (زوجة بيلاطس – أم المقتدر) عاملا معاكساً لصيرورة البطل، بينما يمثل عنصر الحاكم (بيلاطس-المقتدر) عاملا مساعداً على تحرُّكه وصيرورته في ديناميكية الحكاية. يقابل كلُّ عاملٍ من العوامل المختلفة في النَّص الشخصَ بما في ذلك نوعيته، طبيعته وثقافته. يقابل أيضا الطبقةَ الاجتماعيةَ ونوعيتَها، وأخيراً السلطةَ التي يمثلها سواء رمزياً أو سياسيا.
يمكن أن نستنتج أن البنيات في كل من قصتي المسيح والحلاج متشابهة جدًا، ويمكن أن نستنتج أن هناك جهة مسؤولة عن إنتاج ما يشبه هذا النوع من القصص. ولا نعتقد ههنا بالجهة المسؤولة شخصاً ما، وإنَّما مجموعة التقاليد والمعارف التي تهيِّءُ للرَّاوي نوعاً خاصًّا من الإنباء الحكائي.
فالمدرسة الميثولوجية ترتكز على فكرة مفادها أن التشابه الخارجي بين ظاهرتين تشهد صلتهما التاريخية53. فطريقة تطوُّرِهما قد تكون على ما يشبه نموَّ الأحداث بشكل مختلف عيانا ولكن متشابه رمزاً وإيماءً وعمقاً. يمكن أن نفسِّرَ ذلك على نحوٍ آخر, فلقد وجدت منذ مدّة طويلة فكرة وجود علاقة بين الحكاية من جهة ونسق العادات والدين من جهة أخرى. وتظهر المؤسسة الدينية في عدّة وجوه ومظاهر ثقافية؛ وعلاقة الحكاية بها يمكن دراستها كمسألة ذاتية، تنحدر أساسا من العلاقة بين الحكاية والمؤسسات الاجتماعية(54)..
وبالتالي إذا استطعنا يقول فلاديمير بروب أن نظهر هذه العادات، فإن أصول هذه الغايات يمكن تفسيرها إلى حدٍّ ما. فدراسة العلاقة بين الحكاية والتقليد قد تساعدنا على فهم جيدٍ لبنيات من قبيل ما وجدناه في قصتي المسيح والحلاج. ويمكن على ضوء هذا التَّحليل أن نجزمَ أنَّ العادات التِّي ميَّزت الشرق الأوسط بمعزل عن الدِّين هي المسؤولة عن إنتاج قصص من مثل ما درسنا. إن الأسطورة والحكاية لا يختلفان في شكلهما وإنما في وظيفتهما الاجتماعية، وتعتمد الوظيفة الاجتماعية للأسطورة على الدرجة الثقافية للمجتمع(55). لكن في هذه الدِّراسة ألقينا الضوء على الزَّمنية والتقليد اللَّذين تبرز فيهما الوظيفة الاجتماعية كأداة لتحقيق مصير البطلين في الحكايتين.
4. خاتمة:
في الواقع، تعتبر هذه الدراسة بمثابة استقراء ورصد لمختلف البنيات التي تحدد الشكل المورفولوجي للحكايتين. يبقى على الأقل من خلال هذه الدراسة استنتاج الحركية السردية وكل ما يتعلق بالزَّمنية في النَّص. كما يبقى هاذان النَّصان رهن الدراسات السيميائية التي بإمكانها تقديم دراسة وافية للموضوعين. يمكن في الأخير أن نمثِّل علاقة الشخصيات في الحكايتين معا بتمثيل بياني تظهر فيه التمركزات المحدَّدة للشخصيَّات بمعانيها ودلالاتها المتشابهة إلى حدِّ التطابق.
مراجع
1. إنجيل العهد الجديد.
2. التَّنوخي (القاضي أبو علي الحسن بن علي) ، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، تحقيق عبُّود الشَّالجي، 1971.
3. الخطيب البغدادي (الحافظ أبو بكر أحمد بن علي)، تاريخ بغداد أو مدينة السلام، مكتبة الخانجي بالقاهرة، المكتبة العربية ببغداد ومطبعة السَّعادة بمصر.
4. ابن السَّاعي البغدادي (تاج الدين أبو طالب علي ابن أنجب)، كتاب أخبار الحلاج، تحقيق موفق فوزي الجبر، دمشق، دار الطليعة الجديدة، ط2، 1997.
5. القزويني (زكرياء بن محمد بن محمود)، آثار البلاد وأخبار العباد، ط دار صادر، دار بيروت، بيروت، 1960.
6. لويس ماسينيون، المنحنى الشَّخصي لحياة الحلاج، شهيد الصُّوفية في الإسلام، منشور في كتاب شخصيَّات قلقة في الاسلام، لعبد الرحمان بدوي، وكالة المطبوعات، الكويت، ط3، 1978.
7. مسكويه (أبو علي أحمد بن محمد)، كتاب تجارب الأمم، شركة التمدن الصناعية، مصر، 1914.
8. المعرِّي أبو العلاء، رسالة الغفران، تحقيق د. علي شلق، دار القلم، بيروت، ط3، 1981.
9. مكارم سامي، الحلاج فيما وراء المعنى والخط واللون، رياض الريس للكتب والنشر، لندن.
1. Mikhaïl Bakhtine, Esthétique de la création verbale, Paris, Gallimard, 1984.
2. René Guenon, Le symbolisme de la croix, Editions de la maisnie, 1984.
3. Louis Massignon,
a. Akhbar al-hallaj, recueil d’oraisons et d’exhortations du martyr mystique de l’islam (usayn Ibn Mans?r (all(j, Paris, Librairie philosophique J.Vrin, 1957.
b. La passion de H?usayn Ibn Man(?r Al-(?all?j, Martyr mystique de l’Islam exécuté à Bagdad le 26 mars 922, Etude d’histoire religieuse, Tome III, La doctrine de H?all?j, éd Gallimard, 1975.
c. Recueils des textes inédits. Concernant l’histoire de la mystique en pays de l’Islam. (Collect, de textes inédits, 1) Paris, Geunthner, 1930.
4. Vladimir Propp, Les racines historiques du conte merveilleux, trad. L. Cruel Apert, Paris, Gallimard, 1983.
1 النصوص اقتطفتها من الأناجيل الأربعة والتي تروي قصة صلب المسيح، أما النصوص التي تروي قصة صلب الحلاج فقد اقتطفتها من كتب التاريخ المختلفة. اقتصرنا على النص الإنجيلي دون القرآني نظراً لاختلافهما في مسألة بعض الجوانب المتعلقة بمصير المسيح. ففي القرآن الكريم لم يصلب وإنما شُبِّهَ لهم. بينما يوحي الانجيل أنَّه صلب.
2 Louis Massignon, La passion de H?usayn Ibn Mans?r Al H?all?j, Martyr mystique de l’Islam exécuté à Bagdad le 26 mars 922, Etude d’histoire religieuse, Tome III, La doctrine de H?all?j, éd Gallimard, 1975. p. 232.
3 أبو علي أحمد بن محمد مسكويه، كتاب تجارب الأمم، ج1، شركة التمدن الصناعية ، مصر ، 1914، ص76
4 أي أنه مكتوب عليها «قل هو الله أحد».
5 زكرياء بن محمد بن محمود القزويني، آثار البلاد وأخبار العباد، ط دار صادر، دار بيروت، بيروت 1960، ص165. وفي الواقع، إن المسلمين رأوا في الحلاج الصُّورة الكاملة للمسيح فالتقاربات التي كانت موجودة بينهما توحي إلى حدٍّ بعيد ثقافة التأليه والحلولية التي طالما كانت تسيطر منذ العهد التَّموزي وعبر مختلف حضارات الشَّرق الأوسط بما في ذلك الحضارة البوذية في ثقافة المجتمع الشرقي. وقد كان ابتداء حال الحلاج كما جاء في الكامل لابن الأثير أنّه كان يُظهر الزهد والتصوّف، ويُظهر الكرامات، ويخرج للناس فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، ويمدّ يده إلى الهواء فيعيدها مملوءة دراهم عليها مكتوب: (قل هو الله أحد)، ويسمّيها دراهم القدرة، ويخبر الناس بما أكلوه، وما صنعوه في بيوتهم، ويتكلّم بما في ضمائرهم، فافتتن به خلق كثير واعتقدوا فيه الحلول، وبالجملة فإنّ الناس اختلفوا فيه اختلافهم في المسيح، عليه السلام، فَمِنْ قائل أنّه حلّ فيه جزء ألهيّ، ويدّعي فيه الربوبيّة، ومِن قائل أنّه وليّ الله تعالى، وإنّ الذي يظهر منه من جملة كرامات الصالحين، ومِن قائل إنّه مشعبذ، وممَخرق، وساحر كذّاب، ومتكهّن، والجنّ تطيعه فتأتيه بالفاكهة في غير أوانها. راجع ابن الأثير، الكامل في التاريخ، فصل في ذكر قتل الحسين الحلاّج.
6 حكى أبو القاسم بن كجّ أن جمعا من الصوفية ذهبوا إلى الحسين بن منصور وهو بِتستر، وطلبوا منه شيئا. فذهب بهم إلى بيت المجوس فقال الديراني: إن الباب مغلق ومفتاحه عند الهربد. فجهد الحسين فلم يجبه، فنفض الحسين كمّه نحو القفل فانفتح، فدخلوا البيت، فرأوا قنديلا مشتعلا لا ينطفئ ليلا ولا نهارا، فقال: إنها من النار التي ألقي فيها الخليل عليه السلام. نحن نتبرك بها وتحمل المجوس منها إلى جميع بلادهم. فقال له: من يقدر على إطفائها؟ قال: قرأنا في كتابنا أنه لا يقدر على إطفائها إلا عيسى ابن مريم، عليه السلام. فأشار الحسين إليها بكمّه فانطفت، فقامت على الديراني القيامة وقال : الله الله. قد انطفت في هذه الساعة جميع نيران المجوس شرقا وغربا. راجع هذا النص في المرجع السابق. زكرياء بن محمد بن محمود القزويني، آثار البلاد وأخبار العباد, ص166.
7 Louis Massignon, La passion de H?usayn Ibn Mans?r Al H?all?j, p. 232-233.
8 Louis Massignon, Akhbar al-hallaj, recueil d’oraisons et d’exhortations du martyr mystique de l’islam Husayn Ibn Mansur Hallaj, Paris, Librairie philosophique J.Vrin, 1957, p. 44-45.
9 المرجع نفسه، ص. 14. 15.
10و لمَّا كان الصَّباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتَّى يقتلوه، فأوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي. راجع إنجيل متَّى 1/76.
11 إنجيل متَّى 26/3
12 إنجيل متَّى 26/59-63
13 إنجيل متَّى 27/22-23
14 إنجيل متَّى 27/20-23
15 إنجيل متَّى 27/19
16 إنجيل لوقا 22/41-44
17 إنجيل متَّى 76/1
18 إنجيل لوقا 23/34
19 إنجيل متى 27/24
20 إنجيل متى 28/7
21 سامي مكارم، الحلاج فيما وراء المعنى والخط واللون، رياض الريس للكتب والنشر، لندن، ص45.46.47.
22 راجع سامي مكارم، ص51، راجع أيضا ماسينيون «المنحنى الشَّخصي لحياة الحلاج، شهيد الصُّوفية في الإسلام»، منشور في كتاب شخصيَّات قلقة في الاسلام، لعبد الرحمان بدوي، وكالة المطبوعات، الكويت، ط3، 1978. ص. 77.
23 انظر تعليق سامي مكارم. المرجع نفسه، الصفحات نفسها.
24 القاضي أبو علي الحسن بن علي التَّنوخي (م 384 هـ)، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، تحقيق عبُّود الشَّالجي، 1971، ج1، ص. 164.
25 المرجع نفسه.
26 راجع سامي مكارم. ص. 52.
27 القاضي التَّنوخي، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، ج1/164
28 الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (463 هـ)، تاريخ بغداد أو مدينة السلام، المجلد 8، مكتبة الخانجي بالقاهرة، المكتبة العربية ببغداد ومطبعة السَّعادة بمصر، 1931، ص. 129.
29 تاج الدين أبو طالب علي ابن أنجب ابن السَّاعي البغدادي م 674هـ، كتاب أخبار الحلاج، تحقيق موفق فوزي الجبر، دمشق، دار الطليعة الجديدة، ط2، 1997، ص. 65.
30 سامي مكارم، ص. 54.
31 انظر مخطوط بيت النقيب ببغداد.
32 ابن السَّاعي، كتاب أخبار الحلاج، ص. 63.64.
33 ماسينيون، المنحنى الشَّخصي، ص. 87.
34 Louis MASSIGNON, Recueils des textes inédits. Concernant l’histoire de la mystique en pays de l’Islam, (Collect, de textes inédits, 1) Paris, Geunthner, 1930. pp. 63-64.
35 سامي مكارم، ص. 61.
36 ذكره صاحب تاريخ بغداد باسم السوانيطي.
37 أبو العلاء المعرِّي، رسالة الغفران، تحقيق د. علي شلق، دار القلم، بيروت، ط3، 1981 ، ص. 228.
38 . ونحن نعرف جيّدا قيمة البردة التي أهداها النبي لكعب بن زهير وهي مقدَّسة لدى المسلمين، وقيمة النسيج الذي ترتديه الكعبة، فقد كان يؤتى بالنسيج من الهند ومن الحبشة لجعلها أستارا لها.
39 الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ص. 114.
40 المرجع نفسه، ص. 112.
41 إنجيل متّى 26/1-2
42 في هذا الأمر اختلاف كبير، إلا أن المسيحيين يقرُّون بصلبه وعمره 33 سنة لكي يتكافأ هذا العدد مع رمزية التثليث. فالمسألة إذا رمزية على أكبر تقدير.
43 وفي رواية أخرى أنه صلب صلب الموت راجع ص.64 من كتاب Recueil de textes inédits لصاحبه L.Massignon
44 Louis Massignon, Akhbar al-h?all?j, pp. 44-45.
45 يعتقد غينون في كتابه رمز الصليب أن هذا الرمز يمثل الاحتواء الشامل للفضاء. إنه يعبر عن وحدة النقائض ويشير إلى الشمولية والكمال. حينما كانت المخطوطات القديمة تبحث لتمثيل العالم، كانت تجمع الفضاءات الأربع حول المركز في شكل صليب يوناني أو مالطي.
R. Guenon, Le symbolisme de la croix, Editions de la maisnie, 1984. p. 48
46 L. Massignon, Recueil de textes inédits, p. 64.
47 فَيَكُون رقم 13 مطابقا تماما لعدد الأغلال التي كان يحملها في قدميه، فقد وضع في رجلي الحلاج ثلاثة عشر قيدا وصلت إلى ركبتيه.
48 كما هو الأمر في باقي البنيات الحكائية الأخرى. بطريقة أخرى، يمكن أن نقول: إن تدخل البنية «إلقاء الشبه» كما نلاحظ ذلك كان استمراراً لعملية إنتاج البنى نفسها التي رأيناها فيما سبق. لقد كانت صورة المسيح حاضرةً في أذهان مؤرِّخي الحكاية حتَّى بعد نهايته، ولذلك فإن حكاية الحلاج تبدو غريبةً إلى حدٍّ ما، لأنَّها تبدو كنسخة طبق الأصل لحكاية المسيح الموجودة في الإنجيل. الاختلاف الوحيد يكمن في مسألة إلقاء الشبه التي نلاحظ أنها تأتي من مصدر معرفي ديني إسلامي بحت، وبذلك تكون شخصية الحلاج إحدى البنى الوظيفية التي تتطابق مع قصة المسيح الإنجيلية والإسلامية.
49نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، ج1/164.
50 نلاحظ أن الخلافة الفاطمية بدأت تبث الرعب في أوساط الخلافة العباسية، فقامت هذه الأخيرة بحجز الحلاج كإعلان حالة تأهب ضد كل المعارف التي لا تمثل المذهب المالكي الذي يوحد الخلافة.
51 سامي مكارم، ص. 32.
52 Mikhaïl Bakhtine, Esthétique de la création verbale, Paris, Gallimard, 1984, p. 313.
53في الواقع، يعتبر التماثل شيء والعلاقة التاريخية شيء آخر. فنمو ظاهرة البطل السريعة يكون في الواقع من ساعة إلى أخرى وليس من يوم إلى آخر كما يمثل لذلك فلاديمير بروب، تماما كظاهرة الشمس وهي صاعدة نحو السماء، فهي تبدو بالنسبة إلى العين وكأنها ذات حجمٍ ضخم فإذا توسَّطت في كبد السماء صارت بحجم أقل، لكن هذا لا يعني في الواقع أن نموها الزمني يقل وإنما بالعكس، إنه يتقدَّم.
Vladimir PROPP, Les racines historiques du conte merveilleux, trad. L. Cruel Apert, Paris, Gallimard, 1983, p. 15.
54 المرجع نفسه، ص. 21-22.
55 المرجع نفسه، ص. 27.