كاتب مسرحي وتلفزيوني من سورية
v الشخصيات:
1. الزعيم: شماخ
2. بلبول:شبح مهرج الزعيم
3. خطّار: ابن الزعيم
4. زبرجد: زوجة الزعيم الأخيرة
5. معصوم: ابن زبرجد
6. نيشان: قائد جيش الميمنة
7. شجاع: قائد جيش الميسرة
8. الآنسة أفراح: مديرة التشريفات..
9. ابو الذهب: مدير الخزينة
10. برشان: رئيس الأطباء
11. فرهود: قائد الفروع العشرة
12. لقمان: مشرف الإعلام
13. حدّاف: الجلّاد
14. زهران:فلكي ومؤرّخ
15. ابراهيم السكران..
16. المهرج بلبول.. (لا يراه إلا الزعيم)
17. عزرون: ملك الموت
18. أبو جميل: صاحب مقهى شعبي
19. فرحان: جرسون
20. ابو عدنان:عجوز فقد ولديه في الحرب والاختطاف
21. ابنة ابو عدنان: صبية تعمل في القصر..
22. هاني: وصياد..
23. عسّاف: رقيب في الأمن من زلم فرهود
24. مِقدام: عريف في الأمن من زلم فرهود
25. مصباح: أستاذ مدرسة
المشهد الأول
(قاعة قصر الزعيم شمّاخ.. ليست قاعة تقليدية بل يمكن أن يكون هناك تمازج بين القديم والحديث جدا.. كتعبير عن الفوضى الفكرية التي تعيشها الأنظمة.. هناك كرسي فخم في صدر المكان ويمكن أن يُصمّم على شكل كرسي إنسان مٌقعَد أو عربة أطفال أو سيارة صغيرة فخمة لها أنتينات وهاتف وزمور..
الزعيم شماخ في الستين.. ليس هناك لباس محدد له.. يمكن أن يظهر ببدلة أنيقة.. ثياب تقليدية.. بيجامة رياضية.. جلابية وعباءة.. لكنه دائماً حريص على صولجان الملك الذي يمكن أن يتحول إلى أشياء كثيرة.
أنتين.. هاتف.. عضو تناسلي.. سوط.
للقاعة عدة مخارج للدخول والخروج.. لكن الزعيم له باب خاص يبرز ضخامته وهيبته.. أما أفراد الحاشية فيدخلون ويخرجون من باب منخفض يجبرهم على الانحناء تحت تمثال الزعيم.. .
هناك نافذتان واحدة إلى اليمين يقف عندها الفلكي والمؤرخ زهران وأفراح مديرة التشريفات ولقمان مستشار الإعلام وأبو الذهب رئيس الخزينة وأمام النافذة اليسرى يقف نيشان قائد جيش الميمنة وشجاع قائد جيش الميسرة وفرهود رئيس الفروع العشرة.
الجميع يرقب غياب الشمس.. الزعيم قلق ومكتئب لأنه سيبلغ الستين عند غروب الشمس.
الزعيم: (باكتئاب) ماهي أخبار الشمس؟
زهران: لم تغب بعد يازعيم
الزعيم: وكم بقي على غيابها..؟
زهران: (يتأمل بالمنظار ويجيب) وإحدى وثلاثون دقيقة..
نيشان: (يعاند) لا عشرون دقيقة..
زهران: يا جنرال نيشان.. الشمس ما زالت في برج الثور..
نيشان: لا.. العقرب.. .
زهران: هذا الكلام لا يقال لي ياسيد نيشان .. أنا الذي أضعت عمري بالمراصد وكتب الفلك ومراقبة النجوم..
نيشان: وهذا الكلام لايقال لي أنا نيشان قائد جيش الميمنة الذي أحبط إحدى وعشرين مؤامرة..
زهران ولا يقال لي أنا الفلكي زهران مكتشف مذنب ذيل السنجاب..
نيشان: أنا مصرٌّ على أن الشمس مازالت في برج العقرب..
زهران: لالا.. في برج الثور..
الزعيم: (يصرخ) أخ كم أتمنى أن يلدغك ويلدغه عقرب بعشر إبر سامّة .. اخرسوا وأفهموني ,كم بقي الآن على غروب الشمس؟
زهران: ثلاثون دقيقة..
نيشان: لا.. تسع عشرة دقيقة ونصف
بلبول: (ساخراً) ثلاثون أوتسع عشرة دقيقة .. المهم أنّ الشمس ستغيب وسوف يصبح عمرك يامولانا ستين سنة بالتمام والكمال.. (يغني) .. وابن السنين صار جاهزاً للسكين.. وابن السنين صار جاهزاً للسكين.. وابن السنين صار جاهزاً للسكين..
الزعيم (بغضب وخوف) اخرس ..
بلبول: لمن هذه الإخرس؟ تكلَّم..
(خلال محاورة الزعيم مع بلبول الذي لا يراه سوى الزعيم.. ينظر الجميع بدهشة إلى الزعيم).
الزعيم: لك.. . نعم لك يا بلبول.. .
زهران: هل نستطيع أن نعرف مع من تتكلَّمون يازعيم؟
بلبول: هيّا تجرّأ وقل لهم إنك تتكلّم معي.. لعلّهم يحرُّونك إلى مستشفى المجانين مثل جدك السلطان (ممدوح) عندماجنَّ في سن الستين
الزعيم: كذّاب..
بلبول: أتحدّاك..
الزعيم: بسيطة.. أنا مشغول الآن (يخاطب الحاشية).. أ فهّموني كم بقي على مغيب الشمس؟
أفراح كم تريدون يازعيم؟
الزعيم: أنا لا أريدها أن تغيب أبداً .. (ينادي) يا نيشان..
نيشان: (يركض نحوه) أنا في خدمتكم يا زعيم.. .
الزعيم: (يتوسّل) أتستطيع منع الشمس من الغروب يا نيشان..؟
نيشان: (يتلعثم).. منع الشمس من الغروب؟!.. يمكن صعب.. .
الزعيم: صعب !.. أخ كم مرّة قلت لي.. أنا مستعد أن افعل المستحيل من أجلك يا مولاي.. اقترب .. . اقترب (ينتزع له نيشانا من على صدره).
نيشان: (يكاد يبكي حزنا ً) أتوسّل إليك يا زعيم.. خذ أيَّ شيْ إلاّ النياشين روحي معلقة بهم يامولاي..
الزعيم: آخ لو أنني أعرف بماذا أخذت كل هذه النياشين؟ (يلتفت إلى شجاع) وأنت يا جنرال شجاع.. هل تستطيع أن تمنع الشمس من الغروب.. .؟
شجاع: (يرتبك) ماذا تقول ياسيدي.. أمنعها من الغروب؟!.. . هأ.. هأ.. هأ..
الزعيم: ولكني رأيتك الشهر الماضي من شرفة القصر أثناء المسيرة. كنت تهتف وتصرخ بأعلى صوتك وتقول: يا زعيمنا ويا غالي شو بدك لساوي.. . صح أم لا..؟
شجاع: صح سيدي..
الزعيم: إذن الذي يبصق لايلحس .. هيَّا أوقف الشمس عن الغروب.. هيّا
شجاع: لكن هذا أمر صعب يامولاي..
الزعيم: صعب.. تعال إلى هنا تعال .. (يقترب شجاع وهو يحمي نياشينه) اقترب.. اقترب..
شجاع: أتوسّل إليك ياسيدي.. خذ روحي ولا تأخذ نيشاناً واحدأ..
الزعيم (ينتزع منه نيشانا ً) حتى لا تتفلسف مرة ثانية وتقول. يازعيمنا يا غالي شو بدك لنساوي.. (يصرخ في البقية) من يستطيع منكم أن يمنع الشمس عن المغيب ..؟ أخ سوف يصبح عمري ستين.. ستين.. . أين زهران؟
بلبول: (يشير إلى حيث توارى زهران) هاهو.. ها هو
الزعيم: تعال يازهران يا حبيبي.. تعال.. (يقترب زهران مرتبكاً) تعال.. أتستطيع منع الشمس من المغيب؟..
زهران: (يرتبك ويتهّرب) تدورُ الأرض ُدورةً حول نفسها كلَّ أربع وعشرين ساعة.. كما تدور حول الشمس مرةً واحدة كل سنة أيْ في ثلاثمائة وأربعة وستين يوما ً وربع.. كما يدور القمرُ حول الأرض..
الزعيم: دوختني.. . دوّخك إبليس.. أتستطيع أم لا؟
زهران )يتهرّب) اتحبُّ أن أقرأ لك برجك يا مولاي؟ ..
الزعيم: قرأته..
زهران
الزعيم
زهران: برج الغد؟
قرأته
بعد غد؟
الزعيم: اخرس.. . كم أتمنَّى أن تقرأ الشياطين على قبرك.. الأفضل أن أرميك في بير الحيّات الزرق وأتخلّص من ثرثرتك
زهران:لا.. أرجوك يا سيدي..
(يرن جرس الهاتف.. يرد على المكالمة فرهود رئيس فروع الأمن).
فرهود: ألو.. . أهلا مدام.. (للزعيم) المدام زبرجد على الهاتف (تظهر على الشاشة أو في إطار الزوجة الأخيرة الجميلة(زبرجد) وقربها طفل صغير).
زبرجد: مساء الخير حبيبي..
الزعيم: مساء الخير.. أين أنت؟
زبرجد: أنا في جزر الكناري حبيبي.. يا لطيف ما أحلاها.. وما أحلى هواها.. أنا مسرورة جداً
الزعيم : (بشك)من معك؟
زبرجد: ابنكم (معصوم) فقط.. وهوبيسلم عليك كثيراً حبيبي.. سلّم على البابا يا معصوم..
معصوم: (يظهر على الشاشة طفل مدلّل وسمين)مساء الخير بابا شمّاخ.. أنا أحبك ومشتاق إليك كثير.. كثير.. يا بابا
زبرجد: أرأيت كم يحبّك؟
الزعيم: (غير مقتنع) رأيت..
زبرجد: مبروك حبيبي على بلوغك الستين وعقبال مية سنة إن شاء الله..
الزعيم: شكراً (يحدّث نفسه).. أنا متأكّد أنها شمتانة بي..
زبرجد: هل غابت الشمس عندكم حبيبي؟
الزعيم: لا لم تغب بعد..
زبرجد: لقد غابت عنّا هنا منذ ساعتين.. يالطيف كم كان منظرها جميلاً آه ليتك كنت معي ياحبيبي.. آه نسيت أن أسألكم متى ستقيم حفلة عيد الميلاد يا روحي؟..
الزعيم: لا أعرف لا أعرف.. وربما لن أقيم أية حفلة.. ..
زبرجد: لا يجوز ياحبيبي لا يجوز. يجب أن نفرح بك .. (تسال أفراد الحاشية) صح أم لا.. أجيبوا؟
شجاع: طبعا ً صح يا مدام زبرجد ..
أفراح الرعية تحب أن تفرح بزعيمها أيضاً..
زبرجد: ربّما لن أستطيع المجيء.. لكنِّي سأرسل لكم هديّة ظريفة. ماذا تحبّون أن أرسل لكم حبيبي بمناسبة عيد ميلادكم الستيني؟.
الزعيم: ..
زبرجد: يوجد هنا عشبة ظريفة جدّاً ومجرّبة.. تعيد الرجل إلى سن العشرين وأصغر (تضحك بدلع).. أتحبون أن أجلب لكم قليلاً منها عندما أعود؟ (تضحك).
الزعيم
زبرجد: لا لا.. . شكراً ياروحي أنا مازلت شاباً كما تعلمين.. .. أعرف.. أعرف
زبرجد: أورفوار حبيبي.. وألف مبروك..
(تغادر).
(يرن جرس الهاتف من قبل الابن خطّار.. يرد فرهود).
فرهود: ابنكم خطّار على الهاتف
(يظهر خطّار على الشاشة).
خطّار: مرحبا ً بابا.. .
الزعيم: ..
خطّار: أنا أحكي معكم من القلعة العالية.. مبروك على بلوغكم الستين لستين..
الزعيم: (مع نفسه) على ماذا تبارك لي أيها اللئيم المخادع؟ ..
خطّار: ماهي أحوال صحتكم بابا؟
(الزعيم لا يرد).
بلبول: ابنك خطّار يسألك عن صحتك لماذا لا ترد؟ (يضحك) إنّه خائف عليك .. أنا متأكِّد أنه يتمنّى لكم أن ترفعوا الأربعة حتّى يجلس مكانك على هذا الكرسي.. (يضحك)
خطّار: بابا لماذا لاترد؟! أنا أسألك عن صحتك.. هل تعاني من مرض لا سمح الله؟
الزعيم: (بحزم) لا.. لا. أنا لا أعاني من أي شيء.. اطمئن
خطّار: أتحبّون أن آتي إليكم وأحتفل معكم بهذه المناسبة..؟
الزعيم: لا. لا ابق في قلعتك
خطّار: بابا.. ماذا قرّرتم من أجل ولاية العهد..؟
الزعيم: وهل وقت هذا الكلام الآن؟!..
خطّار ماذا تحبّون أن أرسل إليكم في عيد ميلادكم الستيني..؟
الزعيم: لا أريد أي شيء..
خطّار: مستحيل. يجب أن أرسل لكم هديّة
الزعيم: (يصرخ) أي شيء.. أي شيء.. مع السلامة.. .. (يغلق السماعة.. يختفي خطار).
الزعيم: أخ. يالك من وقح ماكر !
بلبول: صدقت.. مَن ْ شابه أباه فما ظلم.. انتبه جيدا لنفسك. ابنك طمّع وغدار وثقيل دم مثلك.. .
الزعيم: من؟ ابني خطّار.. أعرف أعرف. لاتخف علي!.. أنا ألعب على ألف مثله. يستحيل أن يجلس مكاني وأنا على قبد الحياة.. . (يعود إليه اكتئابه من جديد.. يلتفت إلى أفراد الحاشية.. يسأل من جديد..) غابت الشمس..؟
زهران (يتأمل بالمنظار) بقي سبع دقائق ونصف وأربع ثوان.. .
الزعيم: (يكاد يبكي) ألن يستطيع أحد منكم إيقافها أبدا.. .؟!
بلبول: يكفي. توقف عن هذه الألاعيب واعترف
صار عمرك ستين
وآه يا مسكين
وهاتوا السكاكين .
الزعيم: (يصرخ) اقطعوا رأسه..
(يركض السيّاف حدّاف شاهرا سيفه.. يتوارى الجميع ما عدا بلبول).
السيّاف: أي رأس تريدني أن أقطع زعيم..؟ (متشوقاً).
الزعيم: رأس هذا (يشير إلى المهرج).
السيّاف: (يلتفت حوله) ولكنّي لا أرى أحدأ..
بلبول: لقد خرفت بالتأكيد هذه المرّة. هل نسيت أنك قطعت رأسي منذ ثلاثة أشهر.. معك حق.. الكبر عبر..
السيّاف: ماذا يا زعيم ! رأس من تريدني أن أقطع..؟ قل لي بسرعة..
الزعيم: انتظر قليلا وأبعد هذا السيف عن وجهي.. اسمعني جيداً. هل طلبت منك أنا أن تقطع رأس مهرجي بلبول..؟
السيّاف: طبعاً يا زعيم.. وقد أطرت لك رأسه بضربة.. وأنا واثق بأنه لم يشعر بأي ألم ..
بلبول: أأنا لم أ شعر بأي ألم؟!! شلّ الله يدك بل يديك يا كاذب. مازالت رقبتي تؤلمني إلى الآن ..
الزعيم: (للمهرج) ذكّرني لماذا قطعت رأسك؟
بلبول: لا يوجد سبب.. سوى أنّني جلست مكانك على هذا الكرسي خمس دقائق فقط.. وطلبت منك أن تلعب دور المهرج مكاني.
الزعيم: لا. لاهذه من أكبر الكبائر.. كان علي أن أخوزقك أيضاٍ.. أقسم بلحية جدي شمَّاخ الأول لو أن ابني فعلها لخوزقته.. نعم خوزقته ولا أبالي.
لقمان:هل تسمحون لنا يازعيم بمعرفة الشخص الذي تتكلمون معه؟!..
الزعيم: أنا أتكلّم مع نفسي.. ما بك كلّما تكلّمت قليلا مع نفسي تركض كالأبله وتتدخّل فيما لايعنيك. قسما ً بالله إذ تدخّلت ثانية سأجعلك طبيبا على نسانيس حديقة الحيوان.. تعال يا زهران واحك لي عن أبي وجدودي حين وصلوا إلى الستين.. .
أفراد الحاشية: (يقاطعون الزعيم ويرفعون ايديهم بالدعاء) رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته..
الزعيم: (يعيد) أبي وجدودي حين وصلوا.
أفراد الحاشية: (يكررون الأمر ويرفعون ايديهم بالدعاء) رحمهم الله واسكنهم فسيح جناته..
الزعيم: (وقد بدأ صبره ينفد) أبي وجدودي.
أفراد الحاشية: (يكررون) رحمهم الله..
الزعيم: (يصرخ) يكفي يكفي.. العمى يصيب عيونكم وعقولكم . هل أنتم تجلسون في عزاء أو مقبرة..؟! (يعيد السؤال على زهران) أبي وجدودي (ينظر بغصب إلى بعض أفراد الحاشية الذين رفعوا أيديهم بالدعاء.. يكملون الدعاء همسا ً) لما وصلوا إلى الستين ماذا حدث لهم..؟
زهران: جدك شمّاخ العاشر – الله يرحمه – لما وصل إلى الستين هبط عليه نور الحكمة وصار فيلسوفاً عالمياً..
الزعيم: ياسلام.. . أكمل.. أكمل.. .
زهران: وألّف كتاباً اسمه (فن الحكم للبُكم)..
بلبول: (يقاطع) هذا الكلام غير صحيح.. .
الزعيم: (لا يأبه للمهرج) وجدي الذي جاء بعده..
زهران: جدكم شماخ التاسع – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته.. لما وصل إلى الستين اشتعلت الحماسة في رأسه وشنّ حرباًعلى الأعداء وحقق انتصارات تاريخية وجلب الغنائم ومائة ألف أسير وأسيرة..
بلبول: وهذا كذب أيضاً.. .
الزعيم: (منتشيا بأخبار أجداده) يا سلام.. وجدي الذي جاء بعده..
زهران: جدكم شماخ الثامن – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – لما صار في الستين تنازل عن الملك لإبنه يعني لجدكم شماخ السابع.. وانصرف للعبادة وأعمال البر والتقوى..
الزعيم: لا.. لاهذه لم تعجبني أبدأً.. قال تنازل قال.. وهل هناك إنسان في الدنيا يتخلّى عن هذا الكرسي بعد أن يصل إليه؟!! .. (يعانقه) أي مجنون أحمق يفارق هذا الحبيب؟!.. أريدك أن تحذف مسألة هذا التنازل من كتب التاريخ في الحال.
بلبول: نحذفها.. هذا أمر بسيط .. إنّ كل شيء تسمع في الأساس هوكذب في كذب ..
(يغلق الزعيم فم بلبول).
زهران: سنغيّر ما تشاؤون يامولاي.. أوامركم هي التاريخ الحقيقي ..
الزعيم: أكمل.. أكمل.. وأ سمعني تاريخ أسلافي.. .
زهران: وجدكم شمّاخ السابع.. لما صار عمره ستين سنة وزّع خزينة المال كلها عالفقراء.. ولم يبق فقير واحد بالبلد. ولم تعد مهمة المخابرات البحث عن المشاغبين وأعداء الحكم الذين هم أعداء الوطن. بل صارت مهمة رجال الأمن الأشاوس البحث عن الفقراء والأيتام والمساكين والقبض عليهم وجلبهم إلى جدكم حتّى يكرمهم ولو كانوا تحت سابع أرض.
الزعيم: (منتشيا).. ياسلام..
بلبول: (يصرخ) يكفي .. يكفي.. سأموت ثانية من هذا الكذب والبهتان. اسمع الحقيقة إذن يا شمَّاخ: جدك العاشر حين وصل الستين خرف تماماً وصار يأكل ستائر القصر وأشرطة الأحذية. وجدكم شماخ التاسع جُنَّ أيضاً وشنّ حرب على السلطان أبو جراد.. وانهزم شر هزيمة وخسرنا الجزر السبع وأسروا ستك مرجانة.. وجدك شماخ الثامن حين صار عمره ستين سنة دسّ له ابنه – يعني جدكم – السم بصحن الرز بحليب وجعله يرفع الأربعة. يعني يديه ورجليه إلى السماء قبل أن يكمل زبدية الرز بحليب.. وجدكم شماخ السابع أيضاً حين وصل إلى الستين جُنَّ تماماً وصار ينام كلَّ ليلة في خزانة المال ويبقى يعدّ النقود إلى الصباح ويتمرّغ فوق الليرات الذهبيّة. وفي إحدى الليالي وقعت فوقه أكياس اليورو والبن وقتلوه.. بالعربي الفصيح عيلتكم أعوذ بالله عندها لعنة اسمها لعنة الستين..
الزعيم: (يصرخ خائفا ً) يكفي. يكفي. أنت مثل البومة الأرملة ليس لديك سوى أخبار النحس..
(الشمس الآن تغيب وتختفي تماما ً من النافذتين.. يبدو الحزن والقلق على الزعيم.. تُنزل أفراح ستائر تغطي النوافذ وعليها صورة شمس).
أفراد الحاشية: (يغنون مع رقص تعبيري).
شمسك شمسك مابتغيب يا زعيمنا يا حبيب
شمسك شمسك بالعالي يا زعيمنا يا غالي
شمسك شمسك شعشاعة وجيش الأعدا فزّاعةْ
شمسك شمسك صارت فوق وملك الأعداء عالخازوق
(ينهض الزعيم).
فرهود: إلى أين أيها الزعيم.. .؟
الزعيم: أنا نعسان.. أريد أن انام..
أفراح: مازال الوقت باكراً يازعيم. جئنا لنسهر معك
الزعيم:أنا أشعربالضيق والملل.. (يتجه نحو باب الخروج.. يلحق به بلبول) إلى أين تتبعني؟
بلبول:أنا وراءك أينما ذهبت (يغنِّي) وراك وراك مطرح ما تروح..
(يغادرالزعيم والمهرج يلحق به كظلّه).
المشهد الثاني
(غرفة نوم الزعيم.. هي أقرب إلى نصف برج دائري.. نرى على الجدران صورا مختلفة للزعيم في حالات مختلفة وهو يرتدي بزة عسكرية – بحّار – طيّار – طبيب – فلاح.. يخطب في جماهير حاشدة.. وهناك رسم يمثل تنينا ويقطع الزعيم أحد رؤوسه.. الزعيم يتقلّب في السرير دون أن يستطيع النوم.. بلبول ينام في مكان مناسب.. يجلس الزعيم على السرير.. هناك خمسة أجراس يدوية للإنذار قريبة وملوّنة حسب الخطر).
بلبول: ما بك لماذا لا تنام؟
الزعيم: كيف سأنام ولعنة الستين تلاحقني
بلبول: والله كما يقول المثل:من أراد أن يكون جمّالا فعليه أن يعلي باب داره.. ومن أراد أن يجلس فوق كرسي الزعامة فعليه أن يتحمل
الزعيم: آخ يا ليتني لم أصبح زعيما
بلبول: والآن لم يحدث شيء اترك هذا الكرسي وافتح باب القصر وأرنا عرض أكتافك
الزعيم:هذا صعب يابلبول
بلبول: لماذا؟
الزعيم: السلطة مثل الغول ومن ركب على ظهره يصعب عليه النزول .
بلبول: أنا نعسان.. تصبح على غول.. هأ.. . هأ.. . هأ..
الزعيم: وماذا على بالك00 تضحك وتنام وأنت قرير العين
بلبول: يا لك من حسود مُت وما خلصت من حسدك.. ما رأيك أن تموت مثلي وتضحك وتنام كما تشاء؟
الزعيم: أعوذ بالله.. أنا أموت.. . هل جننت..؟
بلبول: صدقني بانك سترتاح وتريح أكثر ..
الزعيم:هذا مستحيل وبعيد عن خاطرك
(يرن جرس صغير فيسرع إليه على الفور نيشان وشجاع وأفراح وبرشان وفرهود والجلّاد ولقمان).
الحاشية: (بصوت واحد)
يا زعيمنا يا صنديد.. .. أُ طلبْ أُ طلبْ ما تريدْ
الزعيم: لماذا جئتم جميعا.. .؟
أفراح: ألم ترسل وراءنا أيها الزعيم؟
الزعيم: كلا لم أرسل
برشان: (يسرع نحوه بالسماعة وميزان الضغط) هل تشكو من شي زعيم؟
الزعيم:لا.. ابتعد عني..
لقمان:هل ترغبون بخطبة عصماء في الإذاعة أو التلفاز؟
الزعيم: لا..
ابو الذهب: أتريدون شوالا من العملة الصعبة.. أناجاهز
الزعيم: لا 00 يا بهائم 0أناقرعت الجرس كي يأتيني هذا الدب .. . (يشير إلى فرهود).
أفراح: ونحن ألا تريد شيئا منّا؟
الزعيم: لا.. . أروني عرض أكتافكم. هيّا (يتلكؤون في الخروج) ما بكم لماذا لا تخرجون؟ !
شجاع: سيدي في الحقيقة نحن خائفون عليك
الزعيم: ممن..؟ !
الجميع: (يشيرون إلى فرهود) من هذا ياسيد نا..
الزعيم من فرهود (يضحك) بالعكس.. . فرهود حبيبي حبيبي وصاحبي وهومخلص لي كثيرا. أليس هذا صحيحا يافرهود؟ قل صح أملا يافرهود..؟ !
فرهود: صح يا سيدي صح..
الزعيم أتحبني أم لا.. .. قل؟
فرهود: سيدي والله أنا أحبكم من كل قلبي. إذا قلت لي الآن ارم نفسك من فوق برج التلفزيون فسوف أرمي بنفسي, إذا قلتم لي ارم بنفسك من الطائرة فسوف أرمي بنفسي وإذا قلتم لي تمدّد يافرهود تحت دواليب سيارتي المصفّحة فسوف أتمدّد. أحرق حالك سوف أحرق نفسي انظروا سأحرق نفسي الآن (يخرج قدّاحة يحاول إشعالها ولكنها لا تشتعل).
الزعيم: يكفي يكفي.. سينتهي غاز القدّاحة
فرهود: فداكم يا سيدنا..
الزعيم أرأيتم كم هو مخلص لي.. هيا أروني مؤخراتكم العريضة.. مع السلامة.
(يغادرون بتلكؤ).
الزعيم: (يكاد يبكي) لا أستطيع النوم يافرهود. لاأستطيع
فرهود: لماذا يازعيم؟
الزعيم:أنا خائف ! خائف يا فرهود..
فرهود:ما عاش الذي يخيفكم يا زعيم وأنا موجود.. . هل ترون أحدا في المنام يزعجكم؟!
الزعيم: الحقيقة.. لا..
فرهود: وهدا المعارض الزنديق الذي كان يظهر لكم بالمنام ويسبّكم ويمد لكم لسانه.. .
الزعيم: الحقيقة منذ أن خوزقت شبيهه لم أعد أراه في منامي
فرهود: ما الذي يزعجكم إذن يا زعيم؟
الزعيم: لا أعرف.. لاأعرف..
فرهود: لاتخف ياسيدي واطمئن. أعداؤكم كلهم بالسجون
الزعيم: أعرف أعرف
فرهود: ومن نتوقّع أن يصبح عدوكم فسوف نضعه في السجن
الزعيم: أعرف..
فرهود: ومن يخطر على باله أن يصير عدوكم فسوف نضعه في السجن
الزعيم : أعرف أعرف
فرهود إذن ما الذي يخيفكم يا زعيم..؟
الزعيم: صار عمري ستين سنة يا فرهود.. . وأجدادي كلهم ما إن يصبح عمر الواحد منهم ستين عاما حتّى تنهال عليه الكوارث
فرهود: لكن أنتم محصّنون محميون. أنتم يا مولاي شكل آخر من الملوك
الزعيم: ولماذا انا شكل آخر؟..
فرهود: لأنك من.. ظاهرة فريدة.. استثناء.. منعطف تاريخي..
الزعيم: (منتشيا ً) أحقّا ماتقول..
فرهود: طبعاً.. اسأل جميع الناس. وهل هناك فرد واحد يقول غير ذلك؟!
الزعيم: طمنتني ..
فرهود: اسمحوا لنا يا زعيم أن نفرح بعيد ميلادكم..
الزعيم: 0بدلال وهل هذا ضروري؟..
فرهود: طبعاً ضروري.. هذه مناسبة تاريخية ويجب أن نفرح ونفرّح الجماهير بهذا الحدث العظيم..
الزعيم: (يتأوه) جميع الناس سوف تفرح إلا أنا
فرهود: ما رأيكم أن يكون الاحتفال يوم الخميس القادم يازعيم؟
الزعيم: انتظر ياغبي حتى اسأل أفراح (يضغط أحد الأجراس.. فتحضر أفراح يلحق بها برشان..) أخ ما الذي أتى بك يابرشان النحس؟
برشان: جئت حتى أطمئن عليكم يازعيم
الزعيم: أنا في أحسن حال.. انظر.. (لأفراح) يا أفراح أنا قرّرت أن أقيم عيد ميلاد لي ما رأيك..؟
أفراح: هذه أحلى بشرى سمعتها يامولاي..
الزعيم: لكن إياكم أن تكثروا من عدد الشموع ..
أفراح :طبعا يازعيم.. شمعة.. شمعتان تكفيان وزيادة..
الزعيم: (لبرشان) انظر لماذا لا أستطيع النوم يابرشان؟..
برشان: (يبدأ برشان بفحص الزعيم..) كله تمام يازعيم.. الضغط.. القلب.. . الكوليسترول.. الشحوم.. السكر.. الذكاء..
الزعيم:إذن لماذا أنا قلق ولا أستطيع النوم يابرشان؟ لماذا؟
برشان: أتحبون أن أعطيكم حبّة منوّم ..؟
بلبول: إياك يازعيم كم من ملوك أخذوا حبة منوّم من هنا ورفعوا الأربعة من هنا.. .. يعني طلعت روحهم
الزعيم: (يخاف) لا أريد حبة منوم ..
أفراح: ما ر أيكم في مسّاج زعيم..
بلبول: إياك.. . سلطان زنجبار عملوا له مسّاجا من هناوعصروا خصيتيه.. . ورفع الأربعة..
الزعيم:لاأريد مسّاجا ..
فرهود أتحبون أن أسمعكم مارشات عسكرية حماسية
بلبول:احذر.. فقد يتوهم الناس أنه انقلاب..
الزعيم: (لفرهود) اللعنة عليك وعلى المارشات العسكرية..
أفراح: أتحبون أن تسمعوا آخر الخطب التي ألقيتموها فوق الجماهير
الزعيم: ذكّرني ما هي مناسبة آخر خطبة..؟
أفراح: ولادة أول فيل انابيب..
الزعيم: يا سلام.. . وهل تجلب النوم؟..
بلبول:إنها مجرّبة..
الزعيم:أسمعني أهم مقطع فيها
(تُخرج أفراح من عُبّها شريطا ً وتضعه في آلة تسجيل فينطلق صوت الزعيم في خطبة تقليدية باردة).
صوت الزعيم: يا جماهيري الحبيبة الغالية.. إنها لمناسبة عظيمة رائعة خالدة مجيدة على قلبي وقلبكم أن أحتفل معكم بولادة أول فيل أنابيب في تاريخ هذا البلد.. يُضاف إلى المنجزات العظيمة التي قامت بفضلي.. وفضلكم.. وهذا الحدثُ العلمي.. الهام.. الرائع.. العظيم.. الفريد.. يُضاف إلى الإنجازات الكثيرة. (الزعيم يبدأ بالتثاؤب.. ينسحب فرهود وبرشان وأفراح.. يتمدد الملك وينام).
بلبول: (وهو يتمدّد..) نوم الظالمين رحمة..
إظلام
المشهد الثالث
(جانب من حديقة القصر حيث استُدعي خبّاز القصر من قبل أفراد الحاشية لتوصيته على قالب كاتو وهم يختلفون حول شكل القالب).
نيشان: (للخبّاز الحائر).. اسمعني جيدا يا أبا رغيف سوف تصنع قالب الكاتو عل شكل خوذة مموّهة
شجاع: ماحزرت لا.. لا لم تحزر أبدا ياجنرال نيشان.. . قالب الكاتو يجب أن يكون على شكل صاروخ أرض جو ..
أبو الذهب: (يصرخ هازئا)لا صاروخ ولا شاروخ.. قالب الكاتو يجب أن يكون على شكل صندوق الخزينة ولونه ذهبي أيضا.
زهران: لا.. لا.. قالب الكاتو يجب أن يكون على شكل كوكب عُطارد..
أفراح: لا.. لا.. لم تحزروا أبدا.. القالب يجب أن يكون على شكل جوزة المتي. لأن زعيمنا يحب شرب المتة كتيرا..
لقمان: أنا أقترح أن يكون القالب على شكل (ديش) وبقلبه ثلاث رؤوس عربسات.. . نيل سات.. يورب ستار..
برشان: (فجأة) اسمعوا.. جاءتني فكرة ورائعةبأفضل بكثيرمن اقتراح الصاروخ وجوزة المتة
نيشان: ماهيّ يا دكتور برشان؟
برشان: أنا أقترح يكون قالب الكاتو تمثالا على شكل زعيمنا شمّاخ.. ما رأيكم؟
(يصمتون) (يهدد) من يقول منكم ان هذه الفكرة ليست جميلة؟
(يخرج فرهود خلسة لإخبار الزعيم).
أفراح: أنا أسحب اقتراح الجوزة..
شجاع: وأنا اسحب اقتراح الصاروخ..
نيشان: وأنا أسحب اقتراح الخوذة مع أنه كان ظريفا
برشان لكن اقتراح التمثال أحلى.. أليس هذاصحيحا يارفاق؟
(يوافقون مرغمين).
أبو الذهب: وهل هناك أحلى من زعيمنا وقد صار قالب كاتو.. تغطيه الكريمة والقشطة والشوكولا والعسل.. وعيناه خوختان ناضجتان شهيتان
أفراح: زعيمنا حلو.. ويناسبه الحلو
(فجأة يظهر الزعيم قادما بسرعة وهو غاضب جدا يتبعه فرهود والجلّاد.. ثم بلبول).
الزعيم: من الخائن المتآمر الذي اقترح أن يجعلني قالب كاتو؟
(تشير الأيدي جميعها إلى برشان..) أنت يا برشان تريد أن تجعلني قالب كاتو؟!
برشان: (يرتبك) نعم يازعيم. ولكن..
أبو الذهب: ويريد أن يغمرك بالكريمة والقشطة والشوكولا والعسل.. ويجعل عينيك خوختين شهيتين
الزعيم: يعني أنك تحرض على التهامي.. صح أم لا؟..
برشان (يكاد يبكي) وهم قد وافقوا أيضا. يازعيم.. اسألهم
الزعيم: من منكم قد وافق على اقتراحه ويريد أن يجعل عيني خوختين
الجميع بصوت واحد: لا أحد منّا يا سيدي..
الزعيم:هل سمعت؟.. لاأحد
برشان: كاذبون ياسيدي أقسم لكم.. .
الزعيم: أعرف ذلك.. لكن أنت من تفلسف واقترح أن يجعلني قالب كاتو لكي تلتهمني (للحراس) ياحراس ضعوه على الخازوق االحامي (يهاجمه الحراس)
برشان (يكاد يبكي) سامحني ياسيدي أرجوك.. أنا لا أستطيع أن آكلك وحدي
الزعيم:معك حق.. صحيح وهؤلاء الأوباش يريدون أن يأكلوك معي أيضا .. (لبرشان) قل لي يابرشان.. ماذاكنت تريد أن تأكل مني.. رأسي..؟!
برشان: أنا.. مستحيل ياسيدي أن ألمس شعرة واحدة من رأسكم المعظّم ..
الزعيم: إذن ظهري..؟
برشان: أعوذ بالله.. أموت ياسيدي ولا أفكر في أكل فقرة واحدة من ظهركم ياسيدي..
بلبول : طبعا حتّى لايبقى بلا ظهر.. وزعيم بلا ظهر لايساوي قرشا ..
الزعيم: (يتابع)إذن ماذاتريد أن تأكل؟.. بطني.. رجلي.. ليّتي..
برشان: أبدا ياسيدي.
الزعيم: دوختني.. لم يبق إذن غير (يشير إلى أعضائه الجنسية)..
بلبول: لن يستفيد شيئا منهم .. انتهى مفعولهم..
هأ.. هأ.. هأ..
الزعيم: إذن لن تقول لي ماذا كنت تريد أن تأكل
برشان (بيأس) لا أريد ان آكل شيئا.. صدّقوني ياسيدي
الزعيم
برشان
الزعيم:إذن لماذا تريد أن تجعلني قالب كاتو؟
حتى أستمتع برؤيتكم يا سيدي.. صدّقوني..
كذّاب.. وأنا أكره الكذَّابين
الجلاّد أتحبون أن أقطف لكم رأسه الناضج ياسيدي؟
الزعيم
نيشان
الزعيم: انتظر.. انتظر ياحدّاف.. رأسه الفارغ لم ينضج بعد .. هأ.. هأ.. هأ..
(لنيشان) انظر.. سأكون رحيما ومتسامحا معك.. ولكن على شرط
ما هوياسيدي؟
انتبه. إذا أعطيتني اقتراح ظريفا يعجبني لقالب الكاتو فسوف أمنع حذَّاف الرقاب من قطف رأسك الشهي.
برشان (يرتجف) ما رأيكم ياسيدي أن يكون على شكل قصركم الجديد؟
الزعيم (للجلاّد) اقطف رأسه..
برشان: انتظر يازعيم.. . أنا طبيبكم ياسيدي هل نسيتم؟
الزعيم: أعطني اقتراحا ثانيا.. هيّا.
برشان: ما رأيكم ياسيدي أن نجعل قالب الكاتو عل شكل حذاء جدكم الذي رفس فيه الضبع وأرداه برفسة واحدة.. والحذاء موجود في المتحف ياسيدي مع الضبع..
الزعيم: (يفكر قليلا) اقطف رأسه..
برشان: (يهجم الجلّاد.. . يهرب برشان) لحظة.. لحظة.. (للجلاد). هل لك ثأر معي؟ أرجوك يازعيم.. أمهلني هذه المرة فقط
الزعيم آخر فرصة..
برشان ما رأيكم يازعيم أن نصنع القالب على شكل عدوكم الحقير
الزعيم (يقاطعه) عدوي الداخلي أم الخارجي؟!
برشان: العدو الذي تريدونه ياسيدي
فرهود
برشان: (يتدخل) اخرس .. زعيمنا ليس له أعداء بالداخل أبدا ً.. وآخر عدو أمسكناه وخوزقناه كان منذ عشر سنوات
عدوكم الخارجي طبعا ياسيدي
الزعيم: عظيم جدا (للخباز) اصنع لي قالب الكاتو على شكل تمثال لعدوي الخبيث الماكر الغدار أبو جراد..
شجاع:أنا أقترح أن يكون عدوكم أبو جراد راكباً على جحش أعرج ومستسلماً ورافعاً راية بيضاء..
الزعيم: اقتراحك جميل ياشجاع .. لكن أنا سآكل أبو جراد وأنت ستأكل الجحش مع البردعة.. هأ.. هأ.. هأ.. هأ..
(يضحكون مرغمين).
أفراح: كم شمعة تريدون أن أضع لكم في قالب الكاتو يا زعيم؟
نيشان: ستين..
الزعيم (بغضب) ستين.. أقسم انني سامزقك إلى ستين قطعة وألقي بلحمك النتن إلى التماسيح.. اقترب .. اقترب (يقترب نيشان خائفا يحمي أوسمته ولكن الزعيم ينزع منه نيشانا رغما عنه.. ويشمت به شجاع كالعادة).
أفراح: (بغنج) كم شمعة تريدون أن تضعوا في القالب يامولاي؟
الزعيم
أفراح
الزعيم: كم سنةتقدرين عمري يا أفراح؟ قولي بصراحة
عشرين فقط.. مازلت شابا يامولاي..
أسمعتم؟(لنيشان) عشرين فقط يا أحمق
إظلام
المشهد الرابع
(مقهى أبو جميل).
(مقهى شعبي قريب من البحر. الطاولات من خشب ولها غطاء جميل وكراسٍ من القش.. . صاحب المقهى أبو جميل في الستينات وقد كان بحارا من قبل وجاب الدنيا.. ما زال قويا مرحا كريما.. يساعده في خدمة الزبائن فرحان وهو نحيف وطويل في الثلاثينات حاضر النكتة.. سليط اللسان..
نرى الآن في المقهى أبو عدنان وهو في الستينات ولكنه يبدو متعبا ذاهلا مشتت التفكير فقد خسر ابنه البكر عدنان في إحدى الحروب العبثية للزعيم كما فقد الثاني ربيع في سفر لا يعلم إلى أين.. وله ابنة جميلة ترعاه وهي بنفسج وتعمل غسّالة في القصر.. كما نرى في المقهى عددا من الرجال يشربون الشاي ويلعبون الزهر أو الدومينو.. العامل فرحان وهو في حدود الثلاثين من العمر.. يقوم بخدمة الزبائن.. آلة التسجيل تصدح بأغنية قديمة وجميلة ولتكن يا وابور.. لمحمد عبد الوهاب).
رجل 1: دو شيش..
رجل2: (وقد حمل الزهر) لا دوبيش..
رجل 1: لا دو شيش.. (يتجادلان).
رجل2: اسأل فرحان..
رجل 1: ماذا جاءني يافرحان دوشيش أم دوبيش..
فرحان: (وهو يخدم أحد الزبائن.. ساخرا)..
رجل 1:هل تسخر مني ..؟
فرحان: وما الذي يدريني ماذا جاءكم.. هل ترونني أحمل منظاراً وأحدّق فيه فقط إلى نردكم
أبو جميل: لا تتكلّم هكذا مع الزبائن يا فرحان..
فرحان: معلمي.. هؤلاء صاروا من أهل القهوة ولا يزعلون مني..
(يدخل الأستاذ مصباح وهو في حدود الخمسين ومعه بعض الدفاتر لتصحيحها يسلّم ويجلس واضعا الدفاتر على الطاولة).
أبو جميل: أهلاً أستاذ مصباح.. أليس لديك دوام في المدرسة هذا اليوم؟
مصباح: مابك ياأبو جميل.. اليوم عطلة.. هل نسيت؟
فرحان:هذا اليوم هوعيد ميلاد الزعيم يامعلمي..
أبو جميل: (يفطن) إي إي.. يا فرحان اصعد بسرعة إلى السقيفة واجلب اللافتة وعلّقها بسرعة
فرحان: أيةلافتة معلم..؟
أبو جميل: وهل هناك غيرها.. (يدخل فرحان.. ثم يعود ومعه لافتة باهتة الألوان قديمة كُتب عليها مبروك.. مبروك بهذه المناسبة السعيدة.. مقهى البحر أبو جميل).
فرحان: أين تريدني أن أعلقّها ..؟
أبو جميل (ساخرا) على ظهري.. فوق الباب يا ذكي.. مكان تعليقها كل مرة .
(يقوم فرحان بتعليق اللافتة ولكن بالمقلوب).
مصباح: (يخرج شريط تسجيل)ضع لنا هذا الشريط يا أبو جميل
(يستبدل أبو جميل الشريط فنسمع أغنية فريد الأطرش.. عُدت يا يوم مولدي.. .) يبدأ مصباح بتصحيح بعض الدفاتر..
فرحان: توصّ أستاذ مصباح بالطلاب ولا تكن بخيلا بالعلامات حرام..
أبو جميل: اترك الاستاذ والتفت لشغلك..
أبو عدنان: (يسأل ذاهلا ً)هل رأيت أولادي.. عدنان وربيع أستاذ مصباح؟
مصباح: (بحزن) لا يا أبو عدنان..
أبو عدنان: ألا يأتون إلى المدرسة؟!..
مصباح: لا يا أبو عدنان.. لاحول ولا قوة الا بالله..
أبو عدنان: أين ذهبوا إذن؟! . (يكلم نفسه)عدنان أخذوه إلى الحرب.. لكنه قال لي وهويودّعني بأنه سيتصل.. وهو لايكذب.. ولكنه لم يتصل. وربيع خرج من البيت مع الفجر دون فطور.. منذ خمس سنوات ولم يعد إلى الآن.. أتعلمون إلى أين قد ذهب؟..
أبو جميل: لاحول ولا قوة الا بالله..
أبو عدنان: أخبرني رئيس المخفر والمختار أن عدنان قد مات في الحرب لكنهم لم يجدوه. جلبوا لي ثلاث آلاف دينار ووساما.. ماذا أفعل بهم؟ إنهم يكذبون عدنان لم يمت.. أنا واثق أنه سيعود.. أعطيته مفتاح البيت.. ربما عاد في الليل وأنانائم وربما عاد وأنا هنا.. . وربيع أيضا سوف يعود خرج صباحا دون إفطار.. ليته تناول لقمة واحدة
(يدخل هاني وهو بحار وصياد وسيم الملامح أسمر في حدود الثلاثين من العمر.. يحمل شبكة ومعه خمسة أفراخ من السمك لا بأس بحجمها.. يسلِّم ويرد عليه الجميع).
أبو جميل: ماهي أخبار الأزرق الكريم يا هاني؟
هاني: الحمد لله.. أعطاني خمسة فراخ.. (يقدم واحدا لأبو جميل)
إمسك عمي أبو جميل..
أبو جميل: كم تريد ثمنه ياهاني ..؟
هاني: سامحك الله يا عمي أبوجميل.. وهل دفعت أنا ثمنه
أبو جميل: لقد قدمت لي الكثير ياهاني..
هاني: لاتقل هذا الكلام يا عمي أبو جميل.. أنسيت أنك قداشتغلت مع ابي بالبحر ثلاثين سنة..؟
أبو جميل: لا يا هاني لم أنس
هاني: ونسيت أنك أنقذت أبي من الغرق بعد ما غرقت سفينتكم بالبحر الأحمر أثناء العاصفة..
أبو جميل: لا لم أنس.. وأبوك أيضا له فضل كبير علي حين مرضت بالملاريا ,اشرفت على الموت وتخلّى عني الجميع إلا والدك
هاني : أنت وأبي لم تفعلوا إلا مايمليه عليكم ضميركم
أبو جميل:يا إلهي كم تشبه والدك ياهاني
هاني: (يقدم سمكة لأبو عدنان الذاهل) أمسك عمي أبو عدنان
أبوعدنان: من أين صدتها يا هاني؟
هاني: من الخور الأزرق..
ابوعدنان: (يشرد متذكرا) الخور الأزرق.. هناك كان ابني عدنان يصيد.. هل رأيته؟
هاني: لا يا عمي أبو عدنان..
ابوعدنان: لكن عدنان كان يخرج معك إلى البحر..
هاني: صحيح..
ابوعدنان: وذهبت معه إلى حرب الزعيم أيضاً؟
هاني: (بحزن)صحيح لقد ذهبنا معا إلى الحرب..
ابوعدنان: لكن.. لماذا عدت وحدك يا هاني..؟
هاني:لا أعلم.. .. عمر الشقي بقي كما يقولون..
ابوعدنان: وربيع ألم تره ياهاني؟
هاني لم أره ياعم.. صدقني
ابوعدنان (يسال) هل تظنون أن اولادي سيعودون؟
أبو جميل: لا حول ولا قوة الا بالله..
فرحان: (يتدخل) عمي أبو عدنان ألاتريد الذهاب إلى البيت؟
ابوعدنان: لن أذهب حتى تأتي ابنتي بنفسج وتأخذني إلى البيت (يحدث نفسه).. لكنها قالت لي لاتقلق سأتأخر في القصر قليلا
هاني: (بقلق)ولماذاتريد أن تتأخر؟
أبوعدنان: قالت لي بأن لديهم احتفالا في القصر
مصباح: ما بكم؟ هل نسيتم أن اليوم هو عيد ميلا د الزعيم العظيم.. أصلحكم الله
هاني: كم أصبح عمره أطاله الله وحماه وأبقاه.؟
مصباح: البارحة قد أكمل الستين
هاني: مبروك وتهانينا للجميع
(يجلس هاني أخيرا ويأتي له فرحان بكأس من الشاي كما يطلب كأساً لأبو عدنان القريب.. يدخل الآن شخص حمّال في الميناء.. يبدو مستعجلا ً.. ينادي رجل 1 – 2 – 3)
الشخص: شباب هيا معي بسرعة
رجل 1: ما الأمر..؟
الشخص: وصلت سفينة المعلم يقظان ويجب أن نفرغها من البضاعة بسرعة (ينهضون مرغمين متذمّرين)).
الشخص: (بلؤم وتهديد)ألن تذهب معنا ياهاني؟
هاني: لا..
الشخص: (بتهديد) لماذا؟
هاني: أنا لاأحب العمل عند المعلمين
الشخص:و لكن هذا المركب للمعلم يقظان والبضاعة للمعلم فرهود بيك
هاني: أعرف ذلك
(يخرج الشخص غاضبا مع الرجال الثلاثة).
مصباح: كان عليك أن تذهب معهم يا هاني
هاني: مللت من الاستغلال يا أستاذ مصباح.. تعمل عندهم من الفجر حتى سواد الليل وظهرك ينقسم من الألم والإرهاق ولا يعطونك بمنّة إلا درهما أو درهمين في أحسن الأحوال وكأنك تتسولهم وقد لا يعطونك شيئا بحجة انك قد قد كسرت شيئا أو أفسدته..
مصباح: هؤلاء أناس لا يخافون الله يا هاني
هاني: وكلما خفنا منهم تمادوا أكثر ياأستاذ مصباح ..
(تدخل بنفسج وهي صبية جميلة طبيعية احسن في العشرينات تحمل باقة زهرة جميلة.. تسلم على والدها وتقبله بحنان.. نرى هاني يفرح لقدومها ولكنه يكتم حبّه.. تسلّم).
أبو عدنان: تأخرت يا بنتي..
بنفسج: ألم أقل لك بأن لدي عملا كثيرا في القصر يا أبي (تسلم على الباقين..)
كيف حالك عمي أبو جميل..؟
أبو جميل: الحمد لله يا بنتي..
بنفسج: ماهي أخبارك أستاذ مصباح؟
مصباح: لا بأس.. مازلت أعمل
بنفسج وهل يعذبك التلاميذ؟
مصباح: يعذبونني طبعا
وأعذبهم.. كالعادة.. هأ هأ.. هأ..
بنفسج: أنا كنت شاطرة هه..
مصباح: أكيد.. أكيد..
أبو عدنان: وإخوتك عدنان وربيع كانوا شاطرين أيضاً..
(فترة صمت حزينة).
بنفسج: (لـ هاني.. بدلال) كيف حالك ياهاني.. .؟
هاني: (يتصنع الغضب) لابأس مازلت أعيش..
بنفسج:لماذا تكلّمني هكذا؟!
هاني: لاشيء
بنفسج: (تبدأ بتوزيع الورد تعطي بضع وردات لأبو جميل..) تفضل عمي أبو جميل.. اتفضل يا فرحان..
فرحان: يا سلام الورد يحمل الورد .. . (يغار هاني) تفضل أستاذ مصباح.. هذاالورد ثمنه غال يا بنفسج.. من أين اشتريته..؟
بنفسج لم أشتره.. إنه من القصر.. كل يوم يأتون بورد جديد ويرمون الورد القديم
مصباح: (بدهشة وأسى) أهذا ورد قديم؟!
هاني:لقد أصابته لعنة القصر
بنفسج: (تقدم له وردة).. تفضل ..
هاني: (يرفض أخذها) شكرا ً..
بنفسج: ألا تحب الورد ياهاني؟!
هاني: لا أحبّ هذا الورد
بنفسج: مابه؟ (الكلام هنا عن بنفسج نفسها).
هاني: فقد عبيره منذ دخل القصر..
بنفسج: لا تلم الورد.. صدقني.. إنه مجبر
: هل أستطيع رؤيتك غدا؟
هاني: لماذا.
بنفسج:غداً حفلة عيدميلاد الزعيم ويجب أن اكون في المطبخ منذ الفجر
هاني: يجب أن تتركي العمل في القصر يا بنفسج..
بنفسج:لا أستطيع ياهاني.. الدراهم القليلة التي آخذها يعينوني مع أبي على العيش ودفع ايجار البيت وثمن الدواء
هاني: وأنا؟.. ومستقبلنا؟
بنفسج: لا أعلم.. ولكن يجب أن ننتظر
هاني: إلى متى؟
(يدخل الآن الرقيب عسّاف ومعه مساعد له هو مقدام.. يتكهرب الجو في المقهى.. يتأمل عسّاف الموجودين).
عسّاف: ماهذا.. لماذا لا تحتفلون بعيد ميلاد الزعيم؟
أبو جميل: أعوذ بالله.. نحن نحتفل وفي غاية السعادة.
عسّاف: لماذا لا تستمعون إلى الإذاعة الرسمية؟
فرحان: (بتجاهل) أليست هذه هي الإذاعة الرسمية؟
عسّاف: هل أنت تمتحن ذكائي يافرحان..؟! هذه مسجلة يا ذكي.. هيا ضع الإبرة على الإذاعة الرسمية
فرحان: (يتظاهر بالبحث)أية إبرة..؟
عسّاف: عم تمتحن ذكائي..؟ إبرة الراديو يا غشيم..
(يقوم أبو جميل بوضع المسجلة على وضع الراديو ويبحث عن الإذاعة).
فرحان (ينقل الإبرة متعمدا تعذيب الرقيب) أهذه هي الإذاعة الرسمية؟
عسّاف: لا ياذكي
فرحان: هذه إذن
عسّاف: لا. أنا واثق تماما أنك تمتحن ذكائي .. (يصرخ)كلا ليست هي.. (أخيرا يصل فرحان الى محطة تقول.. .)
صوت المذيع: وما يزال زعيمنا الخالد يتلقى أمواجا عارمةمن برقيات التهنئة والتأييد..
عسّاف: قف عندك.. هذه هي الإذاعة الرسمية الإذاعة الرسمية.. أتصدق بأنني لا أطرب لغيرها
صوت المذيع: فقد تلقى سيادته برقية تهنئة من أمبراطور ما وراء الجبل.. ومن زعيم قبائل الرمال الصفراء.. ومن رئيس جمعية الحرفيين في الولاية الشمالية.. ورئيس جمعية حماية الأغنام في ضهر الزيز.. (عسّاف يلمح الورد على الطاولات ومع بنفسج.. يشمه كخبير.. كما يشمّم مساعده مقدام).
عسّاف: (بلهجة اتهام) من أين سرقتم هذا الورد؟
هاني: لم يسرقه أحد
عسّاف: كذّاب.. هذا الورد مسروق من القصر ولا يقطف لغير الزعيم.
بنفسج:أنا أتيت به من القصر
عسّاف:اعترفي بأنك سرقته..؟
بنفسج: لم أسرقه.. وجدته مرمياعلى الأرض قرب حاوية القمامة التي كانت طافحة به
عسّاف: كذابة..
هاني: لا تقل كذابة..
وما علاقتك أنت؟
مقدام: (وقد انتبه أنّ اللافتة مقلوبة..) ياحضرة الرقيب.. . حضرة الرقيب.. . انظر كيف علّقوا اللافتة بالمقلوب.. !!
عسّاف: (وهو يتأملها) بالمقلوب أيضا؟!.. هذه جريمة خطيرة (يصرخ) من علّق هذه اللافتة..؟ (لا أحد يرد) اعترفوا بسرعة.. من علّقها؟..
هاني: وما الفرق إذا كانت بالصحيح أو المقلوب..
عسّاف: ماذا تقصد؟ (يركض فرحان مع الأستاذ لتصحيح وضع اللوحة)
هاني: قصدي أنه لا أحد يقرؤها إذا كانت هكذا أو هكذا
عسّاف: هذا الكلام خطير جدا.. ما اسمك؟
هاني: من غير المعقول أن لا تعرف اسمي حتى الآن
مقدام: (يهمس) سيدي هذا اسمه هاني زند الصخر وأبوه اسمه عبد الكريم..
عسّاف: أعرف يا حمار..
مقدام: إذن لماذا تسأل عن اسمه؟
عسّاف: حتى أذلّه يا بهيم.. ألم تر معلمي فرهود ماذا يفعل حين يحقق مع أحد المتهمين .. يتجاهله تماما وكأنه لا يعرفه ,,حتى يذله .. هل فهمت الآن ياذكي؟
(يتلفت إلى هاني)ما اسمك؟
هاني: قال لك هاني.. هل نسيت؟
عسّاف: كلا لم أنس.. اعترف بسرعة.. ماذا تفعل بهذا المقهى المشبوه؟
هاني: كما ترى.. صدت بضع سمكات وأتيت هنا لشرب كأس من الشاي
عسّاف: من أين صدتهم؟
هاني: من البحر الكريم..
عسّاف: غلطان.. . هذا اسمه الآن بحر الزعيم..
هاني: معقول .. لم أسمع بهذا الشيء من قبل
عسّاف: ألم تسمع؟! الفرمان صدر منذ ثلاثة أشهر ولم تسمع
هاني: وهل استشرتم البحر في تغيير اسمه؟
عسّاف:أنا واثق الآن تماما بأنك تسخر مني وتريد امتحان ذكائي
هاني: احسبها كما تريد..
(مقدام يهمس في أذن عساف بشأن عدم ذهاب هاني للعمل في تفريغ سفينة يقظان ابن فرهود).
عسّاف:لماذا لم تذهب مع الرجال لتفرغ حمولة المعلم يقظان؟
هاني: كما ترى أنا متعب ومشغول
عسّاف: (يهدد وهو يغادر) بسيطة.. سترى..
(يغادر ويلحق به مقدام).
بنفسج: (تساعد والدها على النهوض) انهض يا أبي .. انهض
ابو عدنان: (ينهض وهو يحمل السمكة متباهيا) انظري ماذا قد أعطاني هاني
(تبتسم بنفسج..)
بنفسج: (لهاني) أنت مدعوٌ عندنا على العشاء هذا المساء..
هاني: خذي معك هذه السمكات أيضا (يقدم لها ما صاده)
بنفسج: (بدلال).. وأنت؟
هاني: غداً أصيد غيرهم
بنفسج: وإذا كان البحر بخيلاً..
هاني: سوف أستمر في رمي الشبكة ولن أياس أبدا
بنفسج: أرجو من الله أن يرسل إليك سمكة حلوة
هاني:إنها موجودة (يقصد بنفسج). (تضحك بنفسج وتساعد والدها على السير)
أبو عدنان: إلى أين تأخذينني يا بنتي؟
بنفسج: إلى البيت..
أبو عدنان: وهل سنرى أولادي هناك؟
بنفسج: ستراهم يا ابي
:قل إن شاء الله
أبو عدنان: إن شاء الله..
(يغادران والجميع ينظر إليهما بحزن..)
اظلام
المشهد الخامس
(جو احتفال بعيد ميلاد الزعيم.. زينة.. صور.. الزعيم يجلس مكتئبا في ثياب برّاقة.. أفراد الحاشية يلبسون ثيابا ملونة وطراطير على رؤوسهم كُتبت عليها عبارة مبروك.. مبروك يا غالي.. مليون مبروك..
هناك مطرب يغني وأفراد الحاشية يرقصون مع مجموعة من راقصين وراقصات).
المطرب: (يغني على لحن شفتك يا جفلة)
عيدك زعيمنا شمس وساطعة
والفرحة بقلوبنا نار مولعة
وان شاء الله أفراحكم دوما راجعة
وبترّقص شعبك يا أحلى زعيم
.. .. .. .
عيدك يا زعيم يا أحلى الاعياد
واشتاقو ليبوسوك كبار ومع ولاد
واهتف يا شعبي وارقصي يا بلاد
بحكمك يا زعيمنا غرقنا بالهنا
بلبول: (خلال الغناء والرقص.. يخاطب الزعيم) مابك؟ تجلس دون حركة؟ هيا انزل إلى الساحة وارقص مع الراقصين.. هيا تحرك
الزعيم: لامزاج لي أبدا..
بلبول: عجيب.. هذه أول مرة أرى شخصا لا يفرح بعيد ميلاده.. .
الزعيم: نعم أنا هذا الشخص الذي لا يفرح بعيد ميلاده..
بلبول: لكن أفراد الحاشية يطيرون من الفرح.. انظر كم هم بارعون بالرقص
الزعيم: لأنهم يحبونني
بلبول: (ساخرا) أكيد.. انظر ماذا كتبوا على طراطيرهم (يغني)
طرطور ولابس طرطور الحالة كلّها مطرطرة
لا تلوموا الطبخ الفاسد لومو لومو الطنجرة
(يشير الى الزعيم عندما يقول كلمة طنجرة) .
الزعيم: ماهوقصدك بالطنجرة.؟هيا.. اعترف
بلبول: لا شي..
: (ينتهي الغناء يتوقف أفراد الحاشية وهم يمسحون عرقهم.. ينسحب المطرب مع الفرقة).
نيشان: يا سلام هذه أحلى رقصة رقصتها في حياتي..
أبو الذهب: هل تصدقون يا رفاق بأنني قد نسيت التهاب مفاصلي ومرض القلب من سعادتي وأنا أرقص
أفراح: وأنا أيضا ظننت نفسي فراشة ربيعية تطير من الفرح
برشان: يا جماعة الرقص دوا لكل مخلص..
فرهود: خاصة إذا كان في مثل هذه المناسبة
الزعيم: دعوني الآن من رقصكم.. (لأفراح)ما هو البرنامج يا أفراح؟
أفراح: سيدي.. الآن دور الشعراء المهنئين..
الزعيم: كم شاعرا يقف على بابي..؟
فرهود: ثلاثمائة وسبعون شاعرأ..
الزعيم هل تعني بأن علي أن أستمع لثلاثمائة وسبعين قصيدة
أفراح: لا.. بل أكثر يازعيم.. فهناك شعراء لديهم قصيدتان وبعضهم أكثر
الزعيم ما شاء الله. ولماذا كل هذا التعب؟!
بلبول: من قلة الشغل.. الشعب الذي لا يستطيع الفعل يكون شاطرافقط بالكلام
الزعيم: وأين ينشرون هذالشعر..؟
لقمان: في جرائدكم سيدي..
الزعيم: ومن يقرأ هذا الشعر..؟
لقمان: لا أحد.. حتى الشاعر نفسه
الزعيم: لماذا ينشرونه إذن..؟
بلبول: حتى تمتلىء الجرايد..
الزعيم: هاتو لي عينة من هذا الشعر حتى أنقده بنفسي ..
(يُدخل فرهود شاعرا بائسا ممزق الجاكيت. ومعه قصيدة).
الزعيم: ما اسمك..؟
الشاعر: شاعركم وخادمكم صياد القوافي
الزعيم: (يتذكر أنه رأى الشاعر من قبل)اسمع.. أنا قد رأيتك من قبل.. ولكن أين.. أين..؟
الشاعر: سيدي أنا كان لي الشرف وألقيت أمامكم منذ سنةقصيدة تسعينية بمناسبة نجاحكم الساحق بالاستفتاء السادس.. وكان لي الشرف أيضا منذ ستة اشهر وألقيت بين يديكم قصيدة بمناسبة تدشينكم لمداجن النعام والفرّي والحمام الزاجل.. هل وصلتكم يامولاي؟!
الزعيم:(بضيق)لا أعرف
الشاعر: وكان لي الشرف وألقيت بين يديكم قصيدة بمناسبة مسيرة المليون وواحد.. وكان لي الشرف..
الزعيم: (يصرخ) اخرس تماما .. هيّا اسمعني بسرعة ماذا لديك (يبدأ الشاعر البحث عن القصيدة في جيوب سترته الممزقة).. . لحظة.. لحظة.. لماذا ثيابك ممزّقة هكذا؟
الشاعر: سأشرح لكم الأمر يا مولاي في هذين البتين اللذين أوحى لي بهما شيطان الشعر الآن
الزعيم: تفضل وأسمعنا ياصياد القوافي
الشاعر: زِحَامٌ زحامٌ على بابكمْ
أضاع الحذاء وشقّ القميصْ
ولست غضوبا ولست حزينا
لأني سألقى زعيمي العريس
الزعيم: أنا عريس.. هأ.. . هأ.. هأ.. يا لك من محتال.. هل تعلم بأني لم أتزوج بالحلال منذ شهر كامل.. أنا عريس يا مكّار
الشاعر: سامحني يا مولاي اضطررت للكلمة من أجل القافية
الزعيم: يا سلام. أمن أجل قافيتك تريد أن تزوجني يا مخادع,,.. .. هأ.. . هأ.. هأ..
بلبول: معك حق. الأفضل أن يقول: لأني سألقى زعيمي الرخيص.. هأ.. هأ.. هأ..
أنا رخيص.. بسيطة يابلبول..
الزعيم: (للشاعر) هيا أكمل..
يومَ َ ميلادِِ زعيمي
فاضت الدنيا سرورْ
بلغ الستين لكنْ
عــزمُه نار تفورْ.
الزعيم: (يصرخ)يكفي.. بكفي.. لا تكمل..
الشاعر: لماذايا زعيم؟
الزعيم:انتظر.. انتظر.. لقد أسمعتني هذه القصيدة من قبل انا واثق من ذلك. ,,أليس كذلك؟.. تكلم
الشاعر: (يخاف) لا.. يا سيدي.. هذه القصيدة طازجة تماما. أقسم لكم
الزعيم: كذاب.. بائتة..
الشاعر: كلا إنها طازجة.
الزعيم: إخرس.. أنا متأكد أني سمعتها منك بعيد تنصيبي السابع
وقلت فيها كما أذكر(يتذكر)..
يومَ تنصيب زعيمي
فاضتْ الدنيا حبورْ
طار للجوزاء حتى
عجزتْ عنه النسورْ
أرايت؟ أنا اتذكرها.. اتظنني غبيا؟اليس كذلك؟
الشاعر لا ياسيدي أنتم من اذكى الاذكياء
الجلاد: (يتدخل) هل أقطف لكم رأسه الناضج يا زعيم..؟
الزعيم: انتظر قليلا (للشاعر)ماهي المكافأة التي أعطيتك إياها.. تكلّم..
الشاعر: لم تعطوني شيئا يا سيدي.. غير كلمة تمام.. تمام.. تمام.. أقسم لكم
بلبول: تكفي وزيادة.. وهل كلمة تمام قليلةمن الزعيم.
الزعيم:(للشاعر) كذاب.. أنا أذكر أنني أعطيتك كيسا فيه الف دينار
الشاعر: (مرعوبا) ألف دينار.. الله وكيلكم يا سيدي لم آخذ إلا هذه التمامات
الزعيم: (لأبو الذهب) أتذكر يا ابو الذهب كم أعطيت هذا الشاعر؟ (للشاعر)ما اسمك ياغشاش.
الشاعر: (يكاد يبكي) صياد القوافي ياسيدي.. ولكن.. .
الزعيم:اخرس.. كم أعطيت هذا الصياد يا ابو الذهب؟
أبو الذهب: الف وخمسمائة دينار.. .
الزعيم: (للشاعر) أسمعت؟.. . ألف وخمسمائة دينار.. . أعدهم لي يانصّاب
الشاعر: من أين ياسيدي..؟
الزعيم:0ساخرا) من جيبي.. (للعسكر) ترمون هذا الشاعر في السجن وتجلدونه ليلاً نهاراً حتى يرد لي الألف دينار (يجره الحرس..)
بلبول: (يغني) صياد ورحت اصطاد.. صادوني..
الزعيم: اجلبولي بسرعة شاعراً آخر.. (يخرج فرهود) مسكين ظن أنه يستطيع أن يضحك عليّ.. (يدخل فرهود ولم يحضر أحدا) أين الشاعر؟
فرهود: سيدي لا يوجد أي شاعر على بابكم.
الزعيم: أين هم؟!
فرهود: لقد هربوا..
الزعيم: هذا افضل (للحاشية) أرايتم هيبتي؟ لقد هربوا.. هذا أحسن.. هأ.. هأ.. هأ.. هأ (لأفراح) ماهي الفقرة التالية يا أفراح..
شجاع: أناأقترح أن ندخّل الهدايا الآن..
الزعيم: (بغضب) أخ.. أخ.. كم أتمنىأن يدخل خازوق من أسفلك ويخرج من قحف رأسك.. أنا لم أسالك .. أنا سألت أفراح.. ماذا يا أفراح؟!
أفراح: أنا أرى أن ناكل قالب الكاتو أولاً..
الزعيم: (لشجاع) أسمعت يا بهيم.. هاتوا قالب الكاتو بسرعة..
(تخرج أفراح ثم تدخل مع موسيقا وهي تدفع عربة عليها تمثال للعدو أبو جراد وهو يركب حمارا ويرفع يديه مستسلما وهناك عشرون شمعة وضعت في مكان مناسب.. يبدأ أفراد الحاشية بالنفاق والمزاودة..
نيشان: تفو عليك يا أبو جراد..
زهران: اتفو عليك ياغدّار يا لئيم..
شجاع: آه يا حقير..
أبو الذهب: إذا عرضوك في السوق فلن يدفع أحد بك اكثر من ربع فلس.. وهذا كثيرأيضا..
برشان: تفو عليك يا جربان..
الزعيم (يصرخ) يكفي.. يكفي. لقدغمرتوه ببصاقكم.. .. لن أستطيع
أكل قطعة واحدة منه
نيشان: سامحني يا زعيم لم استطع تحمل رؤيته ..
شجاع: وأنا أيضا يرتعش جسدي من الكره عندما أراه.
لقمان: اتركوني أرجوكم.. فأنا أشتهي أن آكل جوزة حلقه.. (يهاجم القالب)
الزعيم: انتظر.. انتظر,,يبدو لي أنك متحمّس جدا,,اهدأ.. اهدأ
لا استطيع يا سيدي.. أعصابي لم تعد تحتمل أبدا
الزعيم: (يسألهم) ماذا تحبون أن تأكلوا من عدوي الغاشم أبو جراد؟
أفراح: اختر أنت اولا يا زعيم ونحن سنختار من بعدك
الزعيم: أنا أشتهي ان آكل قلبه .. (يصفقون إعجابا ً.. .)
فرهود: يا سلام يا زعيم.. . عرفتم ماذا تختارون
الزعيم:وأنتم.. ماذا تحبون ان تاكلوا؟
نيشان: أنا أشتهي ان آكل دماغه.. .
الزعيم: عدوي أبو جراد لادماغ له.. هأ.. هأ.. هأ..
بلبول: دون دماغ وهزمكم ثلاث مرات.. هل نسيت..؟
الزعيم:(يصرخ) إخرس.. .
برشان: هل هناك شي يازعيم..؟
الزعيم: لا شي.. لاشيء.. (يتابع) ماذا تحب أن تأكل يا برشان؟
برشان: أنا أشتهي أن آكل الكبد والبنكرياس والكلاوي..
لقمان: أناأشتهي ان آكل جوزة حلقه.. .
ابو الذهب: أنا أتوق لآكل صدره..
زهران: أنا أرغب بالتهام يديه ورجليه..
نيشان: أنا أشتهي أكل راسه..
شجاع: لا.. لا.. لا.. الرأس لي..
نيشان:لا.. لا لأ.. أنا اخترته قبلك.. (يتجادلان)..
اخرسا تماما.. نصف الرأس لك. ونصفه لك
يحيا العدل.. يحيا العدل..
أفراح: وأنا أشتهي من كل قلبي أن آكل ظهره..
الزعيم: صحة وعافية على قلبك..
لقمان: هل تسمح لنا بالأكل يا زعيم..؟
ابو الذهب: أنا لم أعد استطيع الصبر أكثر من ذلك..
الزعيم:انتظرا قليلا.. هناك مشكلة..
نيشان: ماهي يا زعيم..؟
الزعيم من سيأكل الجحش؟
زهران: (بحماس مبالغ) لاتهتم يازعيم أنا سآكله
نيشان: (يزاود) لا.. لا.. لم تحذر.. أنا من سيأكله (يتجادلان ويتصايحان)
الزعيم:يكفي.. يكفي.. نصف الجحش لك ونصفه له
شجاع: لا.. لا.. هذا ظلم يا زعيم..
بلبول: بقيت الحوافر والرسن.. من سيأكلها؟
الزعيم: (لشجاع) وأنت ستأكل الحوافر والرسن.. مبروك
لقمان: (يكاد يبكي) وأنا يازعيم هل نسيتني؟
الزعيم: اطمئن يا لقمان.. في المرّة القادمة سأطعمك بغلة عدوي الآخر أبو جحفل مع البردعة.. (يتقدمون بحماس ومعهم السكاكين)
أفراح: انتظروا حتى أشعل ا الشموع ..
(تشعل افراح الشموع).
الزعيم: كم شمعة أشعلت؟
أفراح: عشرين يازعيم كالعادة ..
الزعيم:آه.. آه ليتني بقيت في سن العشرين
أفراح:وأنتم في العشرين يا مولاي. تأملوا منظركم في المرآة فأنتم تزدادون شبابا كل يوم
بلبول:الجوهر ليس في المنظر البراني.. المهم الجوّاني..
أفراح: تفضّل يا زعيم وانفخ الشمعات..
الحاشية: (تغني)..
سنة حلوة يا زعيم
سنة حلوة يا عظيم
سنة حلوة يا مجيد
سنة حلوة يا فهيم
أفراح: (تعد لإطفاء الشمع) واحد.. اثنان..
(ينفخ نيشان قبل أن يقولو ثلاثة.. تنطفىء بعض الشمعات).
الزعيم: (يغضب كالأطفال) منْ هو الحمارالذي نفخ الشمعات قبل أن أقول ثلاثة.؟
(لا أحد يرد).. قل لي يا فرهود.. منْ الذي نفخ الشمعات قبلي..؟
فرهود: (يشمشم الهواء) سيدي أعتقد أنه شخص يحب أكل الثوم
الزعيم: إذن برشان.. . ولا احد غيره.. .
برشان: أنا يا سيدي..
الزعيم: طبعا أنت.. لأنك تنصحني دائما بأكل التوم.. (يقلده) لُوم بقوي أعصابك ياسيدي.. الثوم يخفض السكري.. الثوم يقوي الباه.. اللعنة عليك وعلى الثوم .. لماذا نفخت الشمعات قبلي.. اعترف..؟
برشان: ظننتكم قد قلتم ثلاثة..
الزعيم: آه ظننت.. اسمع.. إذا نفخت الشمعات قبلي مرة ثانية فسوف أنفخك من الأعلى والأسفل
برشان: حاضر يا سيدي..
(يسد فمه ويتراجع.. تعيد أفراح إشعال الشموع..)
أفراح: واحد.. اثنان.. ثلاثة. و
(يتراجع الزعيم ولا ينفخ.. يبدو الحزن واليأس عليه..)
أفراح: لماذا لم تنفخوا الشمع يا زعيم..؟
الزعيم وهل أنا مجنون حتى أنفخ سنوات عمري التي ذهبت.. آه.. آه كيف ذهبت
لقمان: بأعمال البر والعبادة والانتصارات .. (حركة يد من الزعيم تدل على عدم المبالاة)
الزعيم: ستون سنة طارت بالهوء.. ليتني أعرف كم بقي لي
زهران: الدهر كله إن شاء الله يا زعيم..
الزعيم: اسمعوا.. من يرجعني عشرين سنة للخلف ويأخذ نصف الخزينة..؟
(يصمتون ويتراجعون) كل مافي الخزينة.. لا احد يستطيع .. يعني عجزتم آخ.. آخ.. أهكذا تتركوني أصل إلى الستين ولا تنبهونني أوتحذرونني.. هيا أبعدوا هذا التمثال اللعين من أمامي.
أفراح ولمن نطعم عدوكم أبوجراد؟
الزعيم: للقطط.. للكلاب.. ارموه في القمامة.. المهم أن تبعدوه عن وجهي .. (يخرجون بالتمثال..) والآن ماذا يا أفراح..؟
أفراح: فتح الهدايا يازعيم..
الزعيم: هل جاءتني هدايا كثيرة؟
فرهود: لم يبق ملك أو أمبراطور أو زعيم إلا وأرسل إليكم هدية ثمينة
الزعيم: وما الفائدة؟
أفراح: (تنادي) الهدية رقم 1..
(يدخلون قفصا فيه ببغاء ملون).
الزعيم: من أرسل هذاالببغاء؟
فرهود: ملك (مجدستان).
الزعيم: وماذا يفعل هذا الببغاء؟
فرهود: هذا الببغاء سمعه قوي جدا.. وإذا سمع أحدا ما يهمس ضدكم بكلمة سوء واحدة فإنه يصرخ.. مؤامرة.. مؤامرة.
الزعيم وهل تعنين بأنه إذا تكلم أحد منكم عني بكلمةهكذا أو هكذا فسوف يصرخ ويقول مؤامرة.. مؤامرة
فرهود: نعم يا زعيم..
الزعيم: هيا تكلّموا عني واشتموني أيضا ودبّرواضدي مؤامرة إذا اردتم.
نيشان: أعوذ بالله. هذا مستحيل يا زعيم.. اا أشتمك؟
شجاع: أنا أقطع لساني من جذوره ولا أتكلم عنكم بحرف واحد
الزعيم: وأنا أطلب منكم ان تشتموني.. هيا اشتموني.. اشتمني يازهران.. هيا..
زهران: أنايا سيدي؟! أعوذ بالله.. مستحيل
الزعيم:اتشتمني أم اقطع رأسك؟
(يجهز السياف نفسه).
زهران: سأشتمكم يا سيدي.. ولكن..
الزعيم: إياك أن تبالغ هه..
زهران: (يكاد يبكي) زعيمنا.. (لا يستطيع الإكمال).
الزعيم:أكمل.. أكمل؟ مابه زعيمك؟..
زهران: غبي.. وخرفان.. (يصرخ الببغاء).
الببغاء: (يصرخ) مؤامرة. مؤامرة..
الزعيم: أنا غبي وخرفان.. بسيطة يا زهران.. قسما لأرينك نجوم الظهر.. اصبر
زهران: (يبكي) سيدي.. ولكن أنتم من طلب مني ذلك..
الزعيم:أردت أن أجربك فقط.. بسيطة يازهران الكلب.. . حسابك قادم
فرهود:مارأيكم بالببغاء يازعيم..
الزعيم: ظريف ورائع.. أنا آمر بتوظيفه في فرع امن القصر.. من يدري فربما صار رئيساً للفرع.. هأ.. هأ.. هأ.. (لأفراح) ماهي الهدايا التي جاءتني أيضا يا أفراح..
أفراح: (تصفق.. يدخلون هدية زبرجد وهي صورة للزعيم يحمل الطفل معصوم ابن زبرجد.. والصورة لها إطارمذهب وكُتب تحت الصورة زعيم وحامل زعيم) هذه هدية زوجتكم زبرجد.. إنها صورة فريدة لفخامتكم وأنتم تحملون نجلكم الأمير معصوم _سلّمه الله وعصمه_ الإطار من الذهب ومكتوب علىالصورة: زعيم وحامل زعيم.. ما أحلى الحامل والمحمول !
الزعيم:؟هل تعرفون ماذا تقصد زوجتي بهذا الكلام..؟
(لا أحد يرد).
بلبول:هل تتغابى أم أنك قدصرت غبيا وخرفا حقا.. ابنك معصوم سيصبح بعد عمر قصير وليا..
الزعيم: مستحيل.. لن تحلم بهذا الأمر أبدا.. أبعدوا هذه الهدية من امامي (يبعدون الهدية)
أفراح: (تصفق أفراح فيدخلون هدية الابن الاكبر خطار في صندوق..) هاي هدية ابنكم الأكبر خطّار..
الزعيم: (بريبة) ماذا ارسل لي؟
أفراح: (تُخرج ما في الصندوق فنرى دشداشة ومسبحة وسجادة صلاة وقبقاب.. مع ورقة مكتوبة).
الزعيم: ما هذا..؟
فرهود: دشداشة.. مسبحة.. سجادة للصلاة .. وقبقاب..
الزعيم: لماذا أرسل هذه الهدية وما قصده منها؟
بلبول: أما زلت تتغابى؟ابنك خطار يريد ان يقول لك أيامك قد شارفت على الا نتهاء وليس لك سوى الصوم والصلاة والاستغفار.. .
الزعيم: ياله من لئيم وقح.. وطمَّاع.. خذوا هذالصندوق من امامي..
أفراح: (تصفق.. يُدخل الخدم الآن صندوقاً غريباً له شكل التابوت).
الزعيم (خائفا) منْ أرسل هذا؟
أفراح: (تقرأ ما كتب على التابوت) سلطان السلاطين..
الزعيم: ومنْ يكون سلطان السلاطين هذا.. (لا أحد يرد) لاتعرفون 000 (لايردون) أخبروني كيف وصل هذا الصندوق إلى القصر..؟
(جو من خوف).
فرهود: بالطائرة ياسيدي..
الزعيم: أخ.. ليت رأسك يطيرمن فوق أكتافك .. ربما كان فيه قنبلة أو افعى أوسم ياغبي..
فرهود: فحصناه أمنيا سيدي.. ولم نجد فيه اي خطر..
الزعيم: متأكد..؟
فرهود: متأكد..
الزعيم: افتحوه بهدوء حتى أرى ما الذي أرسله لي سلطان السلاطين .
(تفتح أفراح ونيشان الصندوق.. يتوقفان ولا يجرؤان على إخراج ما فيه).
الزعيم: مابكم؟ ماذا يوجد داخل الصندوق؟ اجيبوا.. هيا اروني هديتي.. مابكم..؟
(يخرج نيشان جمجمة وتخرج أفراح ورقة عليهابيت من الشعر.. يصرخ الزعيم) جمجمة..
أفراح: وبيت شعرأيضا..
الزعيم: يخطف الورقة من يد أفراح ويقرؤها.. يسقط مغشيا عليه يركض نحوه برشان وفرهود وبقية الحاشية.. يحملونه.. ويخرجون
(بلبول يلتقط الورقة الساقطة من يد الزعيم.. يقرؤها بصوت مرتفع ثم يلحق بالزعيم).
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
بلبول أين الأكاسرةٌ الجبابرةٌ الألى
كنزوا الكنوزَ فما بقين ولا بقَوا
منْ كلِ منْ ضاق الفضاءُ بجيشهِ
حتى ثوى فحواهُ لحدٌ ضيقٌ
إظلام
* الأبيات للشاعر المتنبي
المشهد السادس
(غرفة نوم الزعيم.. الزعيم مستلق في فراشه وهو يتأوه وما زال مرعوبا من الجمجمة والشعر المنذر بالموت.. الدكتور برشان يفحصه وبين يديه أفراد الحاشية).
الزعيم: آه.. . آه.. . أنا أنا.. تأتيني جمجمة ميت بعيد ميلادي؟ !!.
زهران: أنا واثق أنها جمجمة إمبراطوركبير ..
الزعيم: لا إمبراطورولا تور.. (لـ فرهود) هل حقّقتم بالموضوع؟
فرهود: نحن نحقق يا سيدي وباهتمام شديد وعناية فائقة.
الزعيم: طبعا ولم تصلوا إلى اية نتيجة حتى الان.. أنا خائف أن يصل هذا الإرهابي إلي قبل أن تصلوا إليه وأطير أنا في شربة ماء..
فرهود: مستحيل.. سنقطع يديه الاثنتين من هنا بل من هنا قبل أن يصل إلى شعرة واحدة من رأسكم ..
الزعيم: كفاك غرورا يامنفاخ هاهو صندوقه قد وصل إلى القصر ومازلت تتبجح وتقول بانه لن يصل إلي.
نيشان: اطمئن ياسيدي.. نحن نفديك بأرواحنا..
الزعيم: اخرس.. هل عرفتم من نظم هذه الأبيات المشبوهة
فرهود: عرفنا سيدي..
الزعيم: اشنقوه حالا واحرقوا كل دواوينه
فرهود:ولكنه ميت منذ أكتر من ألف سنة..
الزعيم: ميت !أخ.. أخ. ماهذا الحظ؟!. كيف هرب مني.. هل أنتم واثقون بانه قد (يشير إلى الموت ولا يجرؤ على نطق الكلمة)..؟
فرهود:نعم يا زعيم لقد مات
إياكم أن تأتوا بسيرة الموت بعد الآن. من تفوّه بهذه الكلمة سأقطع رأسه.. .
الزعيم: (لبرشان الذي ما زال يفحص الزعيم) ألم تنتهِ بعد؟.. . أما زلت تجس من هناوتلمس من هنا وتنقر من هنا كأنك تشتري بطيخة.
برشان: ياسلام كل شي تمام يازعيم.. البول.. السكر.. الكوليسترول.. الشحوم.. البنكرياس.. لكن القلب مضطرب قليلا ..
الزعيم: ماذا تعني بكلمة مضطرب قليلا؟
برشان: هذا يعني بأنه يدق دقتين ممتلئتين ودقة فارغة
الزعيم: (يخاف) الأمر خطير إذن؟
برشان: لا تخف زعيم.. جاركم سلطان (غبار ستان) أصبح عمره تسعين سنة مع أن قلبه يدق دقتين فارغتين ودقة واحدة مليئة فقط..
(تدخل أفراح وتعلن عن قدوم زبرجد).
أفراح: زوجتكم زبرجد أم معصوم قد وصلت يازعيم.. (تدخل زبرجد في أبهى زينة ولكن يبدو أنها غاضبة..)
زبرجد: (توبخ الزعيم) أرسلت إليك ثلاث برقيات أعلمك فيها بقدومي.. لماذا لم تزين المطارأو ترسل فرقة المراسم إلى المطارلاستقبالي واستقبال ابنكم الأمير معصوم..؟ ودخلت البلد هكذا كأي مواطن عادي.. أهذا يرضيك؟
(يطلب الزعيم من أفراد الحاشية المغادرة خوفا على هيبته من لسان زبرجد) .
الزعيم:ارحميني أرجوك.. أنا مريض يا زبرجد قلبي يدق دقتين ممتلئتين ودقة فارغة ..
زبرجد: سلامة قلبك.. . لهذا السبب أنا قادمة لأزوركم وأطمئن عليكم.. وأذكِّركم أيضا.
الزعيم: (يتجاهل) بماذا تذكرينني ..؟!
زبرجد: بالوعد الذي وعدتني.. . هل نسيت؟!
الزعيم: (مازال يتجاهل) أنا لم أعدك بشيء..؟
زبرجد: كفاك تغابيا.. لقد وعدتني أن تنصّّب ابني معصوم وليا للعهد هل نسيت؟..
الزعيم: متى؟
زبرجد: عندما عدت أنا وإياك من شهر العسل.. وبشَّرتك بأني حامل فقلت لي سيكون من في بطنك وليا للعهد ياحبيبتي زبرجد.. بعد عمر طويل طبعا
الزعيم: أنا قلت هذا الكلام..؟
زبرجد: طبعاً..
(يدخل خطّار فجأة وهو غاضب).
خطّار: لا.. لا.. لم تحزري ابداً يا خالتي.. ولاية العهد لي أنا فقط
زبرجد: الزعيم هو الذي يقرر ياسيد خطّار وليس أنت..
خطّار: انتبهي يا زبرجد.. أنا الأمير وانا الإبن الأكبر يعني البكر وولاية العهد لي أنا فقط..
زبرجد: خسئت.. ! ولاية العهد لإبني معصوم..
الزعيم: (يصرخ) يكفي.. يكفي يا أوباشأ اتريدون أن ترثونني وأنا مازلت على قيد الحياة؟!.. اسمعوني جيدا.. ولاية العهد ليست لابنها أو لك أبدا.. ً أتعرفون لماذا؟. لأني لن أموت.. لن أموت.. هيا اخرجوا من هنا وأروني عرض أكتافكم
(يغادرون غاضبين).
بلبول: (يصفق ساخرا) يا سلام.. ! أحسنت يا سرمد في طرد هؤلاء الذئاب. يستحقون.. لقد كانوا يتقاتلون على جيفة.
(الزعيم لا يرد ويتمدد لينام.. موسيقى ترقّب تنذر بوقوع شيء غريب.. صوت ريح.. فتح أبواب.. . يستولي الرعب على الزعيم.. يخرج كالشبح من خلف لوحة تمثل الزعيم وهو في زي عسكري شخص قصير نحيل كئيب.. رمادي الوجه.. أحمر العينين أسود الثياب.. يجسد الموت.. يحمل في يده رمحا قصيرا يخرج منه شرر كهربائي.. كما يعلق حقيبة عليها صورة جمجمة وعظمتان وتحتوي على زجاجة شراب المنون وكتاب الموت.. الزعيم يبدأ برن أجراس الإنذار لكنها لا تصدر أي صوت).
عزرون: لا تتعب نفسك لن يعمل أي جهاز إنذار..
الزعيم: (بخوف شديد) لماذا؟
عزرون: لأنني عزرون ملك الموت..
بلبول: أتاك الموت يا تارك الصلاة..
الزعيم: كيف استطعت الدخول إلى قصري..؟
عزرون: أنا أدخل إلى أي مكان أريده ولاشيء يقف في طريقي..
الزعيم: ولماذاجئت إلى هنا..؟
عزرون: لا تجعلني أضحك وأفقد هيبتي وسمعتي..
بلبول: إذا هبط عزرائيل على شخص.. فماذا يريدمنه ياذكي؟..
الزعيم: مستحيل أن تقبض روحي..
عزرون: ولماذا مستحيل؟
الزعيم: لأنك تعلم من أنا..
عزرون: (ساخرا)ومن انت؟.. أفدني بالله عليك..
الزعيم: مسكين يا عزرون.. يبدو أنك لم تقرا اسمي المكتوب على التماثيل والجدران واللافتات ..
عزرون: أنا لا اقرا إلا في كتاب الموت.. . (يخرج كتابا غريب الشكل)
الزعيم: اسمعني إذن لتعرفني إذن.. أنا الزعيم.. الملهم.. البطل.. الرمز.. الاستثناء.. الخالد.. أسمعت.. أنا الخالد.. والخالد لا يموت ولا يفنى..
عزرون: (يضحك) أتعرف هذه هي المرة الثانية التي أضحك فيها منذ سبعمائة سنة.. هأ.. هأ.. هأ.. المرة الأولى التي ضحكت فيها كانت من شخص.. أتذكر أن اسمه كان هولاكو نفخ نفسه مثلك عندما جئت أقبض روحه وصرخ وخبط الأرض وقال أنا هولاكو.. أنا الخالد. وقبل أن يخبط القدم الثانية كانت روح هذا الخالد في قبضتي.. هأ.. هأ.. . من الذي ضحك عليكم بحكاية الخالدهذه وصدقتموه؟
بلبول: هل أنت مسرور؟.. قلت لك ألف مرة.. لا يوجد أحد خالد إنهم يضحكون عليك ويسخرون منك فلم تصدقني بل سجنتي وجلدتني ثم قطعت رأسي.. دبر رأسك الآن.. تكلّم..
الزعيم: لن أسمح لك بقبض روحي حتى لوحدثت ألف حرب وانطبقت السماء على الأرض.. (يصرخ) يا فرهود.. يا نيشان.. يا شجاع.. يا حرسي الخاص..
الزعيم: (ينهار ويركع فجأة بتحول مفاجىء) أتوسّل إليك.. أرجوك لا تقبض روحي.. لم أشبع بعد من الدنيا..
بلبول: ولن تشبع أبداً..
عزرون: يكفيك ستون سنة.. لقد تزوجت ألف مرة وأشعلّت عشر حروب.. وخوزقت مائة ألف معارض.. وأعدمت نصف مليون.. وخطبت في الجماهير خمسين ألف مرة عدا خطب الإذاعة والتلفاز.. ُونُصب لك ألف تمثال..
الزعيم: لا تحسدني.. أنا لم أفعل ربع مافعله حاكم دخانستان..
عزرون: أبشرك بأنني قد قبضت روحه منذ ساعتين..
الزعيم حقاً.. . !. كم شخصا بقي لك لتقبض ارواحهم هذه الليلة؟
عزرون: (ينظر في الدفتر) أنت.. ومتسوِِّل
ومعتوه وخادمة عجوز.. وصياد سمك..
الزعيم: عظيم.. أعتقد أنهم يكفونك جيداً هذه الليلة
عزرون: لا.. لا.. يجب أن أقبض أرواح خمسة..
الزعيم: (يشير إلى المهرج) طيب ما رايك أن تقبض روح هذا الخامس؟
بلبول: يا إلهي !كم أنت ماكر ولئيم !..
عزرون: هذا المهرج ميت. أنت قطعت رأسه وأنا قبضت روحه منذ ثلاثة أشهر.. .
بلبول:هل سمعت؟أنا ميت.. يكفيك تهديدا لي كل ساعة.. اقطعوا راسه اقطعوا رأسه.. خيّط بغير هذه المسلّة..
عزرون: (يقدم الزجاجة للزعيم) هيا اشرب بسرعة..
الزعيم: (يبكي ويتذلل) أرجوك.. أقبل يديك ورجليك ياعزرون لا تقبض روحي..
عزرون: ولماذا لا أقبض روحك هل أنت مختلف عن بقية البشر والعباد؟
الزعيم: (يتعلل) طبعا مختلف.. إذا قبضت روحي فإن رعيتي لن تستطيع العيش دوني أبدا
عزرون: رعيتك !!
الزعيم: نعم رعيتي,, أقسم لك بأن أفراد رعيتي سيموتون حسرة وكمداً إذا غبت عن عيونهم وخاطرهم ثانية واحدة فقط
عزرون: حقاً ! وكيف أستطيع أن أتأكد مما تقوله..؟
الزعيم: غداًَ سأجري لك استفتاء وسوف ترى محبة شعبي العظيمة لي..
عزرون: لا.. لا.. لا أريد استفتاء.. هذا أصبح طريقة قديمة ومكشوفة.
الزعيم: ماذا تريد إذن..؟
عزرون: أريد انتخابات حرة ونزيهة وتكون فيها منافسة.. الزمن زمن ديمقراطية ..
الزعيم: انتخابات!!.. كما تريد ياسيد عزرون. سوف أجري انتخابات حرة ونزيهة.. مارأيك..؟
الزعيم: وهل من الضروري عودتكم. يمكنكم الاتصال..
بلبول: لا.. لا يجب أن أعود وأتأكد بنفسي من أجل النزاهة..
(يغادر عزرون من حيث أتى مع مؤثرات صوتية.. يبدأ الزعيم بقرع أجراس الإنذار فيحضر على الفور أفراد الحاشية ومعظمهم يكمل ارتداء ثيابه وكأنهم قادمون على عجل كما يحضر نيشان بالبيجاما وقد علّق عليها الأوسمة وهو يرتدي خوذة وكذلك شجاع يحضر في بيجامة رياضة. أفراح تكمل زينتها وهي تدخل.. كما يحضر عدد من الحرس ومعهم أسلحتهم جاهزة).
نيشان: نحن رهن أوامركم يا زعيم؟
فرهود: هل تجرّأ أحد ما أو هددكم..؟
شجاع: سيكون حتما آخريوم في حياته..
زهران: هل ظهر لكم في نومكم متآمر أو مشاغب؟..
الزعيم: لا.. لا أيها الحمير
: ما الأمر يامولانا إذن.
: لقد قررت أن أجري انتخابات
فرهود: تعني استفتاء..؟!
الزعيم: أنا أقول انتخابات يا بهيم..
لقمان: ما المقصود بكلمة إنتخابات..؟!
ابو الذهب: إنها المرة الأولى التي أسمع فيها بهذه الكلمة..
الزعيم: انتخابات يا حمير كما درستها في الخارج تعني مرشحين يرشحون أنفسهم وأفراد الرعية ينتخبون واحدا ليصبح زعيم البلاد ..
أفراح: ولكنْ نحن منذ عشرين عاماً انتهينا من هذه الصرعات وأجرينا استفتاء ونجحتم أنتم بنسبة مائة في المائة..
فرهود: عدا من فاته التصويت لكم من شدة الزحام
الزعيم: أعرف.. أعرف يا أغبياء.. هذا كله مدوّن في كتب التاريخ هل نسيتم؟ .. مع ذلك فأنا قررت أن أجري انتخابات نزيهة
بلبول: أنت أم عزرون؟.. (الزعيم لايرد)
برشان:أنا أنا لا أصدق بأن أشخاصاً من الرعية سوف يتجرأون ويرشحون أنفسهم ويعلقون صورهم إلىجانب صورتكم الكريمة.. (يصرخ منافقا)مستحيل.. مستحيل
فرهود: (يزاود بالنفاق)من سيعلّق صورته مع الزعيم لم يخلق بعد.
الزعيم: يكفي.. يكفي.. أنا قررت إجراء انتخابات وانتهى الأمر.. (لـ لقمان) اسمع.. صباح الغد تعلن عن انتخابات زعامية بالإذاعة والتلفزيون والصحف وباب الترشيح مفتوح للجميع.. .
إظلام
المشهد السابع
(الزعيم يتظاهر بالقلق من الانتخابات.. وحوله أفراد الحاشية والجميع يرتدون قمصانا عليها صور الزعيم وتحتها عبارة: «ما في غيره»).
الزعيم: ماهي أخبار حملتي الانتخابية يا نيشان؟ أنا قلق وغير مطمئن
نيشان: اطمئن يازعيم لقد ألصقنا يا زعيم.. ثلاثة ملايين صورة.. وعلقنا 1/4 مليون لافتة وجهزنا مليوني قميص وعليها صورتكم الكريمة وأقمنا خمسين ألف عزيمة..
ابو الذهب: الحملة قد كلّفت حتى الآن ثلاثة ملايين دينار..
الزعيم: فلتكلف مائة مليون.. ماذا يهمُّك أنت.. أموالي وأنا حر فيها هل تضع المال من جيبتك يا بخيل..
ابو الذهب: قصدي فقط أن تعرفوايا سيدي..
الزعيم:اخرس لقد عرفت.. (يسأل متظاهرا بالخوف) كم مرشحا ينافسني حتى الآن..؟
فرهود: لا أحد ياسيدي..
الزعيم: (يتظاهر بالحزن) غير معقول.. أنا أريد انتخابات ديمقراطية.. إياكم أن تضغطوا على أحد المواطنين وتمنعوه من الترشيح..
فرهود: أعوذ بالله.. أقسم لكم يازعيم بأن رجالي أصبحوا كالقطط التي يأكلون من عجينها وتنام دون عشاء.. .
الزعيم:لكنها مازالت تخرمش وتنهش..
فرهود: إذا نبح عليهم أحد.. فقط يا سيدي .. هأ.. هأ.. . هأ.
الزعيم: اخرس (لباقي الحاشية)هل أطمئن على نجاحي وأضع قدمي في ماء بارد..؟
زهران: اطمئنوا يا سيدي لا خطرعلى فوزكم حتى الآن (فجأة يقتحم المكان خطّار ابن الزعيم.. يتراجع أفراد الحاشية خوفا من بطشه).
خطّار: (ساخرا) سمعت بأنك ستجري انتخابات.. هل هذا صحيح؟
الزعيم: أنا حر أجري انتخابات أو لا أجري.. ماعلاقتك أنت؟!
خطّار: السلطة ليست لعبة يازعيم..
الزعيم: اطمئن انا أعرف ما أفعل
خطّار: وأنا؟
الزعيم: أنت ماذا؟
خطّار: أنا ابنك الكبير يعني أنا ولي العهد من بعدك..
الزعيم (يتمسكن) ولكن أنا قد أرسب في الانتخابات.. من يدري؟
خطّار:هه.. ترسب. قل لغيري هذا الكلام
الزعيم:أخبرني بسرعة ماذا تريد؟
خطّار:أريدك أن تلغي هذه الانتخابات.. الحكم ليس لعبة يا بابا..
الزعيم: لن الغيها..؟
خطّار: إذن سوف أرشح نفسي..
الزعيم: لن أسمح لك بمنافستي..
خطّار: بسيطة (يخرج وهو غاضب.. . وخلال خروجه تدخل خالته زبرجد ينظران إلى بعضهما بغصب وحقد.. يخرج خطّار..)
زبرجد: هل يمكنني أن أعرف لماذا ستجرى انتخابات؟
الزعيم: لأني مضطرلاجرائها
زبرجد: ولماذا أنت مضطر؟
الزعيم: لا أستطيع إخبارك ..
زبرجد: ولكن هذالإنتخابات موضة جديدة
الزعيم: وأنا أريد إجراءها أ
زبرجد: وابني معصوم؟
الزعيم: عندما يكبر يمكنه أن يرشّح نفسه.. وقد يفوز وقد لايفوز..
زبرجد: هل تعني بأنك لن تجعله ولياً للعهد..؟
الزعيم:أقول لك بأني سأقوم بانتخابات وقد أنجح وقد أرسب (يسأل الحاشية) صح أم لا؟
أفراد الحاشية صح زعيم..
(تنصرف زبرجد غاضبة).
الزعيم:كم تقدر فرص نجاحي يا زهران..؟
زهران: (يحسب ويطرح) مائة في المائة يازعيم..
الزعيم: هل تعني بأنه لا خطر علي ويمكنني أن أضع قدمي في ماء بارد..
زهران: لا يا زعيم.. لأنكم والحمد لله المرشح الوحيد للّبلاد حتى الآن..
شجاع: ومن يجرؤ ياسيدي أن يرشح نفسه أمامكم؟..
الزعيم: هل تصدقون بأنني اتمنى أن يرشح أحد ما نفسه أمامي .. حتى تشتعل المنافسة.. مللت والله من الفوز بالتزكية كل مرة..
(يرن هاتف فرهود ويكون المتكلم أحد فروع الأمن حول ترشيح واحد اسمه إبراهيم السكران).
فرهود: ألو.. ما الأمر يا كمّاش.. أحد المواطنين قد رشح نفسه للانتخابات؟! ومصر أيضاً على الترشيح.. مااسمه
الزعيم: (بقلق) ما الأمر يا فرهود.. .؟
فرهود: سيدي هناك شخص مجنون قد رشح نفسه ضدكم..
الزعيم: عظيم جدا.. ما اسمه؟
فرهود: إبراهيم السكران..
الزعيم:واين هو الآن..؟
فرهود: إنه ضيف عندنا,,ويتلقى الضيافة اللازمة..
الزعيم:لا.. لاٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ.. هاتوه حتى أسمع وجهة نظره.. أنا ديمقراطي..
فرهود: (يطلب إحضاره..) اجلبوه بسرعة إلى القصر.. الزعيم يريد أن يتناقش معه بالديمقراطية ..
الزعيم: (للحاشية) يا جماعة.. يا جماعة عليكم أن تخاطبوا رعيتي بلهجة جديدة من الآن وصاعداً. رياح الديمقراطية قد هبت.. والشاطرمن يحني رأسه حتى تمر.. مابكم..؟ انفضوا مخكم قليلا.
(يُدخل الحرس شخصا ظريفا يبدو كالذاهل من كثرة السكر والفقر والظلم.. بسيط الثياب.. طويل الذقن.. يرتدي قميصا عليه صورة الزعيم ممزقة ومشوّهة ومهترئةووسخة).
الزعيم: ما اسمك؟
إبراهيم: إبراهيم السكران..
الزعيم: وهل أنت الآن صاح أم سكران؟!
إبراهيم: سيدي أنا دائما سكران إمّا من الخمر أو مما يجري في هذا الزمان ..
الزعيم:ياسلام.. وما الذي يجري حولك ياإبراهيم.. أخبرني..؟
إبراهيم:ألا تعرفها.؟!
:أبدا يا إبراهيم
: أمور تطير العقل.. الباطل يصبح حقّاً والحق ينقلب إلى باطل,,والعدل صار له رسن يجرّه صاحب المال ..
فرهود: اخرس ياوقح..
الزعيم: (يوبخ فرهود) لا. ,لا يا فرهود.. إبراهيم مُرشح وله حصانة.. (لإبراهيم) لماذا أنت قد رشحت نفسك ضدي يا إبراهيم؟
إبراهيم: وما المشكلة؟
ابو الذهب: ولكنك لست من مقام الزعيم..
إبراهيم: لماذا؟.. ألسناأولاد آدم وحواء.. أم أنتم أولاد الست ونحن أولاد الجارية؟
الزعيم: ولكن أنا الزعيم..
إبراهيم: وأنا أيضا عندما اسكر أصبح أكبر زعيم في العالم
الزعيم: هل أفهم من هذا أنك مصمم على ترشيح نفسك..
إبراهيم: طبعا انا مصمّم.. وإلا لم اكن لأتحمل كل هذه الإهانات والضرب.. ولكن يبدو انك خائف مني..
الزعيم: (بغضب)أنا لا اخاف من أحد أبدا .. .
بلبول: إلا من عزرون طبعا..
إبراهيم: لماذا تريدني أن أنسحب إذن؟.
الزعيم: أنت حر. لا تنسحب.. ولكنني واثق من خسارتك بالتاكيد
إبراهيم: طز.. وإذاخسرت.. لا يهمني أبدا ..؟ وإذا لم أفز هذه المرة فسوف أفوز حتما في الانتخاب القادم..
ابو الذهب:هل تعلم كم سوف تكلفنا من أموال إذا لم تنسحب؟. صناديق ومراكز وقرطاسية ولجان فرز..
إبراهيم:. فلتكلف .. أنتم تريدون إجراء انتخابات حرة ونزيهة.. ومن أراد أن يشتغل جمّالاً فعليه أن أن يرفع باب داره .. (للزعيم) صح أم لا يازميل؟ وأبشركم بأنني لن أفرض نفسي أبدا على الجماهير .. إن أرادوا انتخابي فهم مشكورون.. وإن لم يكن.. طز لن اخسر شيئا.. ..
الزعيم: وأنا أيضاً لن افرض نفسي على أفراد رعيتي (يتوعد إبراهيم) صناديق الانتخابات بيننا وسوف ترى كيف سأحطم رأسك.
إبراهيم: لا تهدّد ولا تصرخ.. صندوق الانتخاب هو الحكم.. (يغادر) أستأذن.. تصبحون على انتخابات
الزعيم..؟: إلى أين؟
إبراهيم: سأبدأ حملتي الانتخابية..
الزعيم: ألم تبدا حتى الآن..؟
إبراهيم: وكيف سأبدأ ياغشيم إذاكان رجالك الأشاوس قد قبضوا علي وأتوا بي إلى هنا بعد إعلاني عن ترشيحي بدقيقة واحدة.. السلام عليكم (يغادر).
الزعيم: (للحاشية بخوف) شدواهمّتكم يا رجال.. يبدوا أن الانتخابات حامية هذ المرة..
إظلام
المشهد الثامن
(مقهى أبو جميل)
(الوقت صباحي.. فرحان يقوم بلصق صور الزعيم داخل المقهى وعلى باب المقهى وحتى على طاولات الزبائن لكن دون حماس وبشكل عشوائي.. المعلم أبو جميل خلف طاولته.. الرجال الثلاثة يجلسون الى طاولة وهم يلعبون الورق أو غيره.. المذياع يصدح بأغنية تحث على انتخاب الزعيم كما نرى شاشة تتبدل عليها صورة الزعيم كل لحظة من عسكري إلى طبيب إلى محامي.. إلى فلاح.. إلى عامل.. إلى شيخ يدعو ربه في المسجد).
رجل1: هات ثلاث كؤوس شاي يا فرحان..
فرحان: (وهو يلصق الصور)اصبروا قليلاً حتى أنهي إلصاق هذه الصور التي بين يدي
رجل2: يكفي يكفي..
فرحان: ماذا تقول يافهيم.. التعليمات تقول بأن على كل دكان أن تلصق مائة صورة بالتمام والكمال ..
(يدخل الأستاذ مصباح وهو يحمل أوراق ودفاتر للتصحيح).
مصباح: السلام عليكم..
ابو جميل: أهلا أستاذ.. هل أنتم في عطلة هذا اليوم؟
مصباح: اليوم وغدا وبعدغد من أجل انتخابات الزعيم..
فرحان: انتخبت أستاذ..؟
مصباح: ثلاث مرات.. كلما مررت على مركزكانوا يسحبونني.. يسقونني قهوة مرة وينتزعون هويتي. ينتخبون عني يعيدون لي هويتي ثم يطرونني..
رجل1: (يصرخ) أين الشاي يافرحان..؟نشف حلقنا..
فرحان: بقي لدي صورة واحدة.. أين ألصقها يا معلمي؟
ابو جميل: ألصقها في اي مكان وخلصني (يلصقها فوق لوح التسعيرة)
ابو جميل: لماذا ألصقتها فوق لوح التسعيرة يا غبي؟ أتريدهم أن يخالفوني وأدخل السجن.
فرحان: (بثقة)لن يجرؤوا على ذلك يامعلمي..
ابو جميل: هات.. هات .. (ينزل فرحان اللوحة ويبدأ المعلم بكشط الصورة) وينشغل بهذا العمل.
(يخرج هاني حاملا شبكة الصيد.. يسلّم).
مصباح: إلى أين يا هاني..؟
هاني: إلى البحر يا أستاذ.. تعال معي..
مصباح: آه. يا ليتني أستطيع أن أذهب معك إلى البحر في أحد الأيام، أتصدق أنني أشعر بالاختناق أحيانا وأنا في الصف. لأنني لا أستطيع أن أقول ما أريد. وفي كل عام أكرر كالببغاء ما قلته في العام الماضي.. ماذا أحشو في أدمغة التلاميذ.. لا أدري.. أشعر أن هناك جداراً بيني وبينهم. هم أصبحوا في زمن وأنا في زمن (يسأل) أتحب البحر كثيراً يا هاني..؟
هاني: من اليوم الأول الذي رأيته فيه وأنا صغير .. قوة خفية جعلتني أتعلق به فلا أستطيع تركه أبدا. إنه جبّار.. وحر.. ولديه أنفة وكبرياء . وهو يناديني كي أراه كل يوم..
(تدخل بتفسج وهي تساعد والدها.. يسرع هاني لمساعدة أبو عدنان ويُجلسه إلى إحدى الطاولات).
هاني: (لبنفسج) لماذا لم تُبق والدك يستريح في البيت يا بنفسج؟
بنفسج: لم يرض. وإذاجلس في البيت فإنه يقف امام النافذة ويسأل الغادي والعائد عن إخوتي .. (تسأله) هل أنت ذاهب إلى الصيد هذا اليوم..؟
هاني: نعم..
بنفسج: لا تدخل في اعماق البحر كثيراً ياهاني.. يقولون إن هناك عاصفة قادمة ..
هاني: أتخافين علي يا بنفسج؟
بنفسج: اذا لم أخف عليك فعلى من سأخاف..؟!
هاني: (ممازحا)معنى هذا أنك تحبيني..
بنفسج: كانك لا تعرف حتى الان..
هاني: إذاكنت تحبيني حقّاً فاتركي العمل بقصر الزعيم..
بنفسج: لا أستطيع. أنامحتاجة لهذا العمل..
هاني: أنا خائف عليك يابنفسج.
بنفسج: من أي شيء؟
هاني: من كل شي.. خائف من عيونهم الزجاجية التي تسيل بالطمع والغدر والجوع الأبدي.. أخاف عليك أن تنسي نفسك وتتوهّمين أنك صرت واحدة منهم وتنسين من يحبونك ..
بنفسج: اطمّئن يا هاني أنا لن أنساكم وسوف تبقون هنا (تشير إلى قلبها) أنتم وإخوتي الذين غابوا عن عيوني منذ سنين.. (تستعد للمغادرة)أتريد شيئاً يا ابي..؟
ابو عدنان: إذا شاهدت إخوتك سلمي عليهم وأخبريهم أن يعودوا إلى البييت فقد طالت غيبتهم. وأخبريهم أنني قد اشتقت إليهم كثيراً.. .
بنفسج: سوف أخبرهم يا ابي..
فرحان: لا تنسينا من بعض ورود الأكابر يا بنفسج..
بنفسج: إن شاء الله.. (تغادر بنفسج.. يدخل عسّاف ومساعده مقدام ومعهم عسكريان وقد ارتدى الجميع قمصانا عليها صورة الزعيم.. عسكري يحمل كدسة من صور الزعيم.. يتأمل عسّاف المكان.. يبدو غير راض عن الزينة.. يرتبك أبو جميل بالصورة التي كان يكشطها ويخفيها بسرعة).
عساف: ما هذا؟. الصور قليلة والزينة متواضعة يا ابوجميل. في طهور ابنك كانت الزينة أفخم
ابو جميل: قالوا في الإذاعة والجرايد ألصقوا مائة صورة ففعلنا..
عساف: صدرت منذ ساعة تعليمات جديدة .. هيا ألصق مائةصورة أخرى وعلّق هذه اللافتة (يأخذ فرحان الصور مرغما ويلصقها كيفما اتفق).. ارفعوا صوت الاذاعة الرسمية على مداه.. يجب أن تسمع الدنيا كلها ان الزعيم قد رشح نفسه وسوف ينتخبه شعبه بالإجماع.. اسمعوني جميعاً أمامكم فرصة تاريخية حتى تأكدوا من جديد حبكم وولاءكم للزعيم.. (يهمس مقدام في إذنه مذكرا).
عساف: (يسأل بتهديد) هل انتخبتم؟
ابو جميل: أنا قدانتخبت منذ الصباح قبل أن افتح القهوة.
عساف: هل استطيع أن اعرف من انتخبت يا أبو جميل..؟
ابو جميل: الزعيم طبعا.. أمعقول أن أنتخب واحداً غيره..
عساف: وكم مرة انتخبت الزعيم..؟
ابو جميل: مرة وحدة..
عساف: هذا لا يكفي ولا يثبت ابداً أنك مغرم بالزعيم .. (لفرحان) وأنت ..؟
فرحان: أنا أنتخبت مرتين..
عساف: أيضاً لايكفي.. (لمصباح) وأنت..؟
مصباح: انا انتخبت ثلاث مرات
عساف: لا يكفي أبداً.. أقل من عشر مرات لا تعبر أبداً عن الحب والوفاء للزعيم.. (يلتفت الى أبوعدنان الذاهل عن كل شيء..) وأنت يا عجوز يا خرفان هل انتخبت أم تريد مقاطعة الانتخابات..؟
ابوعدنان: لا أعلم..
عساف: هذا يعني أنك لم تنتخب..؟
ابوعدنان: لاعلاقة لي.. أنا أنتظراولادي..
عساف: تباً لك ولأولادك .. أن واثق أنهم لم ينتخبوا أيضا وربما كنت من حرّضهم .. (لمقدام والعساكر). اسحبوه إلى أقرب مركز انتخابي ,أجبروه على الانتخاب عشرين مرة
هاني: (يتدخل) اتركوا الرجل في حاله.. إنه مريض وليس في وعيه التام ..
عساف: أف,, وأنت ما علاقتك..؟
هاني: أقول لك إن الرجل مريض وليس في وعيه..
مقدام: مجنون يعني..؟
هاني: (بغضب).. لا ليس مجنوناً.. لقد فقد ولديه الشابين. الأول قتل في حرب الزعيم الثالثة التي خسرها كالعادة.. والثاني أمسكه رجال الزعيم منذ ست سنوات وهوذاهب إلى البحر.. . ولم يعد حتى الآن
عساف: اخرس.. . الزعيم لم يخسر أيةحرب.. ونحن لا نقبض على أحد دون سبب أبداً.. (لرجاله) امسكوا به.. كان من واجبي أن اقبض عليك منذ المرة الماضية. كلامك لم يعجبني ابدا.. لكنني قلت في نفسي اتركه بضعة أيام يا عساف.. فربما عاد إلى رشده وتاب. ولكن يبدو أنه لا فائدة.. ذنب الكلب أعوج..
هاني: أنت تعلم تماما من هو ذنَب الجرو لا الكلب..
عساف: (للعسكريين) خذوه من أمامي..
(يقتاد العسكريان هاني خارجا رغم ممانعته).
عساف: (يصرخ عساف في الباقين) هيا جميعا إلى الانتخابات
فرحان: أنا انتخبت مرتين..
عساف: فليكن عشرة.. هيا تحرك.. (لأبو عدنان) وأنت أيضا تريد أن تتظاهر بالخرف والجنون حتى لا تنتخب.. أساليب قديمة.. لاتنطلي علي ابدا ..
مقدام: هذه الأساليب لاتنطلي على سيدي أبدا..
أبو عدنان: إلى أين تأخذونني أرجوكم.؟
عساف: .. هأ.. هأ.. هأ..
إظلام
المشهد التاسع
(مركز انتخابات.. صور الزعيم في كل مكان وعلى صدور معظم الحضور ما عدا ابراهيم الذي رسم على صدره صورة هزيلة له. هناك طاولة يجلس خلفها شجاع.. أفراح أبو الذهب وعليها صندوق خشبي أكله العفن وقفل.. عدد من الناخبين يقومون بالانتخاب.. أحد الناخبين لا يعرف أين يضع الورقة).
شجاع: (رئيس الصندوق) هنا يضعون ورقة الانتخابات يا أعمى .. .
ناخب 1: أنا آسف.. هذه أول مرة أنتخب فيها
فرهود: والمرات السابقة..؟
ناخب 1: كان هناك أناس -عافاهم الله- ينتخبون عني ويريحونني من هذا الواجب
شجاع: انصرف.. (ينادي) الناخب التالي..
ناخب2: (يبحث بعيونه) ألا يوجدغرفة سرية..؟
فرهود: من الذي يسأل عن الغرفة السرية؟
(يشير الجميع بأصابعهم الى ناخب 2).
فرهود: ولماذا تريد الغرفة السرية يا شاطر؟
ناخب2 حتى آخذ حريتي تماماً
فرهود: وهل تحسب نفسك داخلاً إلى مرحاض.؟. هأ.. . هأ.. هأ.. هأ.. هيّا امسك هذه الورقة وأسقطها.. هنا قبل ان يسقط بالغرفة السرية.. هأ.. . هأ.. هأ.. (ينتخب ناخب 2 مرغما ً).
شجاع: الناخب التالي..
فرهود: (يأتي هاتف لفرهود..) هل وصلت الحافلات؟ عظيم أعطوا كل واحد ورقة.. أخذوا..؟ سوقوهم بسرعة إلى الصناديق.. (ينتهي من المكالمة.. للمنتخبين) اسرعوا الديمقراطية تحتاج إلى إلسرعة.. (يخطف الأوراق من أيديهم ويفتح الصندوق ويضعها فيه..) الله معكم.. (للجنة الصندوق) عمال وموظفو شركات الزيت والجرابا ت وأقلام الرصاص والمحروقات قادمون ليؤدوا واجبهم الانتخابي.. . استعدوا..
إبراهيم: ولكن هؤلاء قد انتخبوا البارحة..
فرهود: اخرس. افرض أنهم قد انتخبوا. ماعلا قتك أنت؟ وماذا تفعل هنا.؟
إبراهيم: أنا اراقب نزاهة الانتخابات..
فرهود: بأية صفة..؟
إبراهيم: أنا مرشح..
فرهود: طز.. ! ألا تنوي الانسحاب؟
إبراهيم: كلا..
فرهود: هل انتخبت..؟!
إبراهيم: لم يسمحوا لي بالانتخاب ..
فرهود: (يغمزهم) لماذا لم تسمحوا له بالانتخاب؟
شجاع: حتى لا يشوِّه منظر الصندوق بورقته المتآمرة.. هأ.. هأ.. هأ..
أفراح: (ساخرة) سيدي قد يرجح صوته الكفة..
فرهود: وهل هناك ميزان يا أحمق في الأساس حتى يرجح الكفة.. هأ.. هأ.. هأ.. اسمحوا له بالانتخاب.. حرام..
شجاع: من ستنتخب..؟
إبراهيم: هذا لا يعنيك.. (يبدأ بكتابة الورقة.. يحاول فرهود معرفة ما يكتب لكن ابراهيم لا يسمح له).
أفراح: مرشح إبراهيم.. اسمع مني.. لا تهدر صوتك دون فائدة
إبراهيم: أنا حر.. أنتخب من أشاء..
فرهود: هيا أسرع.. وصلت الحافلات..
إظلام
المشهد العاشر
(قاعة في القصر.. لقمان مسؤول الإعلام مع فرهود ونيشان يقيمون مؤتمرا تحضره وسائل الإعلام والصحفيون لإذاعة نتائج الإنتخابات.. نرى الزعيم منتشيا بفوزه يحيط به أعضاء الحاشية وهم يرتدون قمصان الزعيم ويحملون لافتات صغيرة عليها صور الزعيم أيضا.. إبراهيم السكران يقف منتظرا ومعه ورقة لتسجيل النتائج بكل جدية مؤلمة وكأنه يتوقع فوزه).
لقمان: (بجدية زائدة) السادة مندوبي الصحف ووكالات الأنباء والمحطات التلفزيونية يسرّني أن أذيع عليكم النتائج التي انتظرتموها طويلا.. عدد الناخبين أربعة ملايين وألف ناخب.. ولدى فرز الأصوات نال الزعيم شماخ أربعة ملايين وثمانية وخمسين ناخب بالتمام والكمال..
(تصفيق.. التقاط صور.. أفراد الحاشية يخلعون قمصانهم ويرتدون قمصاناًً جديدة عليها كلمة مبروك.. ويديرون أيضا اللوحات التي يحملونها فإذا عليها كلمة مبروك) .
إبراهيم: (يصرخ) وأنا؟
لقمان: (يتظاهر بالبحث في الأوراق) أنا آسف لم تحصل على أي صوت يا مرشح إبراهيم.
إبراهيم: (يصرخ) الإنتخابات مزورة..
الزعيم: اخرس. الا نتخابات ديمقراطية وأنزه من النزاهة.
إبراهيم:مستحيل أنا قد انتخبت نفسي.. فاين صوتي؟!..
الزعيم:وما يدريني. ربما انتخبتني وأنت سكران.. هأ.. هأ.. هأ
إبراهيم
: مستحيل أنا أنتخبت نفسي.. .
:اكتب اعتراض وقدمه لي.. وسوف أبحث الأمر
لقمان: (يتابع قراءة التقرير) وبهذا يكون الزعيم شماخ هو الفائز بنسبة 99999.. ..
بلبول: (للزعيم) اسالك بالله.. هل تصدّق نفسك.؟
(الزعيم لا يأبه وتأخذه النشوة.. مع الأهازيج والتصوير.. ينسحب الصحفيون).
إبراهيم: مستحيل.. الانتخابات مزورة..
الزعيم: نصحتك ألا ترشح نفسك. ولكنك لم تسمع كلامي .. احتمل إذن هذه الإهانات إذن. لم تحصل على صوت واحد..
إبراهيم: وصوتي.. أين ذهب؟!
الزعيم: اسأل نفسك ربما لم تنتخب إهأ.. هأ.. (يسأل فرهود بغضب وتهديد) كم شخصاً لم ينتخبني يا فرهود..؟
فرهود: (ينظر في لوائح حمراء)مائة وخمسون مارقا فاسقا يامولاي فقط..
الزعيم: أنا واثق انهم يكرهونني ويتمنون موتي..
نيشان: لا تشغل بالك بهم يا زعيم إننا نعرفهم واحدا واحداً..
الجلاد: أتسمح لي بقطف رؤوسهم.. .؟
الزعيم: اصبر قليلاً. ستقطف.. اطمئن.
إبراهيم: مائة وخمسون مواطنا فقط لم ينتخبكم يازعيم..؟!
لقمان: طبعا.. ماذا تظن إذن. زعيمنا ألعظيم نال 999999 بالمليون من أصوات الجماهير.. .
إبراهيم: يا زعيم ,, هناك سؤال يحفر في رأسي منذ زمن طويل ولم اعد أحتمل حمله..
الزعيم: اسال.. تفضل ..
إبراهيم: إذا نلتَ في الانتخابات الديمقراطية كما يزعمون كل هذه التسعات. وأعداؤك كما قلت لا يتجازون المائة والخمسن مارقاً فاسقاً فقط. لماذا إذن لديك كل هؤلاء الحراس وكل هذه الفروع الأمنية وكل هؤلاء المخبرين والبصّاصين وكل هذه الأضابير والحواسيب والأجهزة وفوق كل ذللك الأحكام العرفية والطوارئ
الزعيم: علّمني أجدادي حكمة غالية: منْ لايحسب لايسلم..
إبراهيم: أقترح عليك أن تسجن هؤلاء المائة والخمسين أو تخوزقهم فترتاح منهم وتريح.. هأ.. هأ.. هأ.. هأ ..
الزعيم: اخرس.. تحرضني على أفراد شعبي اسحبوه خارجا.. (يدفعون ابراهيم السكران للخارج) العمى ما أوقحه.. سمّم بدني
بلبول: الحق عليكم كان عليكم منذ البدايةأن تمنعوه من ترشيح نفسه..
الزعيم: وعزرون المنتظر هل نسيت أنه يريد الديمقراطية..
أفراح: هل تسمح لنا القيام ببعض الاحتفالات العفوية بعذه المناسبة التاريخية يا زعيم..
(الزعيم يعطي إذنا بالسماح)
(تخرج فرقة وتغني مع الدبكة على لحن الهوّارة مثلاً)
عالهوارة الهوارة زعيمنا فاز بجدارة
طلعلو أعلى الاصوات وخصموا شو طلع هرارة
عشر سنين راح يضل فوق العين وفوق الراس
وخليلي عندك إحساس تعال ادبك بحرارة
مبروك علينا مبروكيا زعيمنا يا غالي
فوزك نصر تاريخيوضوا الكون بأنواره
إظلام
المشهد الحادي عشر
(غرفة نوم الزعيم.. الزعيم شبه نائم يبدو عليه السرور بسبب الفوز الساحق الذي ناله.. هناك صورة كبيرة للزعيم وتحتها كلمة مبروك.. إنه بانتظار قدوم عزرون وهو واثق .. المهرج بلبول يستلقي في مكان مناسب.. الساعة تعلن الثانية عشرة.. موسيقا ترقب.. يدخل عزرون من خلال صورة الزعيم الكبيرة).
عزرون: هل أنت صاحٍ أم نائم؟
الزعيم: صاحٍ طبعا.. كيف استطيع النوم وأنا في انتظارك (يقدم اليه ورقة) تفضل انظر بعينك
عزرون: ماهذا؟
الزعيم: نتائج الانتخابات التي فزت فيها أنا بنسبة 99999. قلت لك الرعية تعشقني وتريدني للأبد فلم تصدقني.. انظر..
عزرون: (يضحك) هأ.. هأ.. هأ.. هأ لقد أضحكتني هذه المرة أيضا مع انه لايجوز لي أن اضحك.. هأ.. هأ..
الزعيم: لماذا تضحك ياعزرون؟!
عزرون: هل تصدق ما تقوله حقاً..؟
الزعيم: طبعا. ولماذا لا أصدق..
بلبول: داء الفالج لا تعالج..
الزعيم: انظر هاهو توقيع وزير الداخلية على صحة النتائج.. ووزير العدل ووزرير الزراعة والأوقاف أيضاً الذي أصرَّ علىوضع توقيعه..
عزرون: (يصرخ) اخرس. والأفضل أن تصمت تمامًا.. هل تظنني واحدا من أفراد قطيعك حتى أصدق ما تقول ..؟
الزعيم )يكاد يبكي) ولكن. ما الذي جرى يا عزرون..؟!
عزرون: ربع مليون شخص ميت وأنا قابض أرواحهم كانت أسماؤهم في قوائم الانتخابات وانتخبوك كما تدّعي.. وهم أموات.. !
الزعيم: ربما كان خطأ غير مقصود.. سأحقق بالأمر..
عزرون: اخرس. تضحك على الأحياء أنت حر أما أن تمد يدك باتجاه الأموات فهذا مستحيل.. (يصرخ) الأموات لا علاقة لك بهم.. هل فهمت؟
الزعيم: أنا آسف..
عزرون: آسف. أين يصرفون هذه العبارة؟..
بلبول: في مصرف أعتذر.. ولكنه مفلس.. هأ. هأ.. ..
عزرون: هيا اشرب هذه الزجاجة. مللت منك. أليس لي من عمل غيرقبض روحك؟! ..
الزعيم: أتوسّل إليك لا تقبض روحي. لا احب أن أموت.. أنا لا أصدق أنني بلحظة واحدة سوف أُُُحرم من كل هذا النعيم..
عزرون: اسمع مني ووافق.. ربما ذهبتَ إلى الجنة وهناك لن تشعر باختلاف كبير. هيا. هيا اشرب كاْس المنون..
الزعيم: لا أريد الموت.. . لا أريد ..
بلبول: إذن ذكّره.. . ذكّره.. يازعيم بأفضالك عليه.
الزعيم: صحيح.. أنسيت أفضالي عليك يا عزرون..؟
عزرون:لا فضل لأحد عندي أبداً..
الزعيم: بل. أنسيتََ أنني أشعلتُ لك تسعة حروب طاحنة استمتعتََ بها تماما وأكلتََ فيها الأخضر واليابس والكبير والصغير كما خوزقتُ وسمّمّتُ وكهربتُ لك أكثر من مليون وزيادة.. يعني أنا نفَّعتك بأكثر من مليون بني آدم.. . اذكر لي زعيماً نفََّعكَ كما نفَّعتك
عزرون: (يقتنع) فهمت.. فهمت. ماذا تريد مني الان؟
الزعيم:أن تعفيني من شرب هذه الكأس..
عزرون: مستحيل..
الزعيم: حسن. اتركني أعيش ألف سنة على الأْقل.. ثم اقبض روحي على مهلك ..
عزرون: اسمع.. سأعطيك مهلة أسبوع واحد فقط تعيش فيه كما تشاء. وهذه اول مرة أتجاوز فيها قانون الموت. وبعد أسبوع وفي مثل هذا الوقت سأكون هنا.. (يغادر عزرون من حيث أتى).
الزعيم: (يكاد يبكي) أسبوع فقط. تخيل يابلبول أنني سأعيش أسبوعا واحدا فقط. آه.. آه
بلبول: احمد ربك. أسبوع أفضل من لاشيء..
الزعيم: وماذا سيكفيني الأسبوع.. آ خ.. آخ..
إظلام
المشهد الثاني عشر
(قاعة القصر.. الزعيم يجلس مكتئبا ويرفض إنجاز أية معاملة. يتقدم بها أبو الذهب ومعه أوراق للتوقيع).
: سيدي لانريد منكم سوى طجِة ختمكم المصون من أجل الميزانية..
الزعيم: لارغبة لي بأن أضع ختمي علىأي شيء.. اتركني
ابو الذهب: ستتوقف رواتب الموظفين والعمال يا مولاي..
الزعيم: لا يهمني.. ولوتوقف الكون كله.. اذهب من هنا (لقمان يرسم ابتسامة ويقدم أوراقا للتوقيع).
الزعيم: ماهذا ايضاً؟
لقمان: من أجل الموافقة علىطبع صحف اليوم يا مولاي
الزعيم: (يصرخ) ألا تفهم ياغبي؟. لن أوقع على أي شيء.. لن أوقع
لقمان: إذن.. صحف اليوم لن تصدر يامولاي..
الزعيم: طز.. ما المشكلة؟.. اطبعوا صحف الجمعة الماضية..
بلبول: معك حق كلها متشابهة استقبل.. أرسل.. ودّع.. تلقّى.. هنّأ.. أبرق.. مشكلة الرغيف.. . انقطاع الكهرباء.. مخالفات السير.. البناء.. . الفساد.. البطالة.. موت الأنهار.. الأشجار(الزعيم لايرد)
نيشان: (يتقدم نيشان وهو يرسم ابتسامةعريضة ويقدم مصنفا) سيدي.. توقيعكم الغالي إذا سمحتم من أجل صفقة الأسلحة الجديدة..
الزعيم: أخ.. أخ.. ألا تفهمون ياأوباش يا بقر..؟! (يصرخ) لن أوقع على شيء.. لن أوقع.. افهموني.. أنا أشعر بالضيق.. سأختنق.. سأختنق.. يا ناس يابشر
أفراح: هل نستطيع أن نعرف سبب ضيقكم يا مولاي؟ مع أننا كنا نتوقع أن تفرحوا بنجاحكم الساحق ياسيدي..
الزعيم: أنا أفرح ! آه.. آه..
زهران: (يتفلسف) أنا واثق أن زعيمنا يشعر بالضيق لأن أمور الرعية تشغله.
فرهود: ما رأيكم يا زعيم أن أتنكر أنا وإياكم ونتسلّى معا بتفقد أحوال الرعية..؟
الزعيم: إلى الجحيم أنت والرعية.. إنهم كالضفادع لا أسمع منهم غير النق.. الغلاء. يامولاي.. نريدزيادة معاشات.. تصدّق علينا بدرهم حرية.. قيراط كرامة.
خسئتم أنتم والرعية.. أليس لي من همٍٍّ غيرهم.. .
زهران: أتحبّون يامولاي أن أقرأ لكم بالفنجان حتى تعرفون ماذا سيحدث لكم هذا الأسبوع.. .
الزعيم: لا.. لا.. (يحدث نفسه) أناأعرف ماسيحدث لي..
ابو الذهب: أنا أقترح عليكم يازعيم أن تذهبوا إلىالحج..
الزعيم: ولماذا تريدنني أن أذهب إلى الحج..؟
ابو الذهب: حتى يغفر الله لكم ذنوبكم..
فرهود: اخرس.. زعيمنا لا ذنوب له أبدا.. وإذا مات فروحه سوف تصعد كالصاروخ المشحّم فوراً إلى الجنة..
الزعيم: أيها الأحمق !. لماذا جئت بسيرة الموت الآن..؟
فرهود: عفوا زعيم.. أنا أقصد بعد عمر طويل..
الزعيم: طويل أم قصير. إيّاك أن تأتي بسيرة الموت بعد الآن. آخ.. آخ.. . أنا حزين.. حزين
لقمان: أتحبون أن تخطبوا بالتلفزيون يا زعيم..؟
الزعيم: كلا..
ابو الذهب: اترغبون بزيارة بيت المال والتدحرج فوق الذهب والجواهر..؟
الزعيم: كلا..
أفراح: أتحبون زيارة مستشفى الولادة..؟ هناك امراة قد ولدت خمسة توائم. سمّاهم والدهم جميعا شمّاخ على اسمكم يازعيم..
الزعيم: كلا..
نيشان: أنا متأكد أنّ زعيمنا سيسرّ حتما إذا أهديناه عروساً حلوة
الزعيم: عروس.. هه. مللت من الزواج والنساء.. لم يأتني منهم سوى المشاكل.
بلبول انفهم من هذا أن صلاحيتك للنساء قد انتهت (الزعيم يتجاهل كلام بلبول.. يقتحم المكان خطّار)
الزعيم: لماذا تركت قلعتك الحصينة وأتيت إلى هنا؟ (يغادر أفراد الحاشية).
خطّار: (ساخرا) أتيتُ حتى أبارك لك نجاحك الباهرفي الانتخابات الديمقراطية..
الزعيم: (بلهجة خطابية)ولمن تركت العدوالغادروالدفاع عن البلاد؟
خطّار: العدو الذي أمامي في القلعةلا اخاف منه ..
الزعيم: ماذا تقصد..؟
خطّار:أنت تعرف ما اقصده..
الزعيم: ماذا تريد..؟ أ فهمني..
خطّار: أتيت للمباركة اولاً.. وثانياً لتذكيرك بولاية العهد.
الزعيم: اتركني الان.. اشعر اني سأختنق ..
خطّار: غريب.. المفروض ان تكون في غاية السعادة. نجحت بشكل كاسح وسوف تحكم عشر سنوات اخرى
بلبول: (يهمس) إياك أن تخبره بأمر عزرون..
الزعيم: نصيحتي لك أن تعود إلى قلعتك ..
خطّار: سوف أعود. اطمئن.. ساعود.
(يغادر متوعّدا).
(يعود أفراد الحاشية.. ينهض الزعيم مكتئبا).
افراح: إلى أين يازعيم ..؟
الزعيم: أنا متعب. أريد أن أنام..
إظلام
المشهد الثالث عشر
(غرفة نوم الزعيم.. الزعيم يجلس في فراشه وهو غير قادر على النوم).
الزعيم : كم يوماً بقي لي يا بلبول؟
بلبول: اليوم هو آخر يوم.. !!
الزعيم: أتوسّل إليك لا تقل هذا الكلام ..
بلبول: تتوسل ام لا تتوسل. بعد ثلاث ساعات سوف يأتي عزرون ويقبض روحك وترتاح وتريّح..
الزعيم: يقبض روحي؟! مستحيل.. الموت ليس امراً سهلاً يا بلبول
بلبول: أسأل نفسك.. شاطر فقط.. اعدموه.. هات راسه يا جلاد.. خوزقوه.. ارموه للتماسيح.. سمّموه.. احمد ربك لأنك ستموت هنا وأنت مرتاح على سريرك..
الزعيم: أنا لا أرتاح إلا بالجلوس على كرسي الحكم..
بلبول: اسمع نصيحتي واستمتع بالساعات التي بقيت لك..
الزعيم: كيف؟لا أستطيع..
بلبول:مُوتك وأنت مسرور افضل بكثير من موتك وأنت في في مقت وغضب..
الزعيم: (بيأس) ألا يوجد حلُّ آخر؟ ..
بلبول: لا أعتقد. فقد أعطاك عزرون آخرفرصة.. اقرع الجرس
(يرن الزعيم الجرس الصغير فتحضر افراح مع فرهود ولقمان ونيشان).
فرهود: خير زعيم..
الزعيم: أرغب في برنامج ترفيهي يزيل عني هذا الغم..
افراح: نحن في الخدمة يازعيم.. (تضرب على صنج) فقرتكم الأولى ستكون مع ابو نكتة. الملقب (أمسك خواصرك).. يدخل شخص أقرب إلى البهلول رسم على وجهه ابتسامة عريضة كالبلياتشو مع ثياب مضحكة.. يدخل وهو يضحك).
البهلول: هأ.. هأ.. هأ.. امسكوا خواصركم حتى لا تنفجر بطونكم.. هأ.. هأ.. هأ..
(الزعيم عابس وينتظر انتهاء البهلول من الضحك).
الزعيم: (يصرخ) يكفي.. تكلّم.. هيا أضحكني..
فرهود : أضحّك الزعيم يابهلول هيا..
البهلول: سيدي أتعرفون لماذا يخلع عدوكم أبوجراد باب الحمام عندما يغتسل؟..
الزعيم: لا لآ أعرف..
البهلول: (يسأل أفراد الحاشية) أتعرفون لماذا؟
(يهزون رؤوسهم بالنفي).
الزعيم: تكلّم قبل أن أقطع رأسك
الجلاد: هل أحذف راسه زعيم..؟
الزعيم: اصبر قليلا حتى نعرف جواب هذ الحزورة السخيفة .. (للبهلول) هيّا انطق..
البهلول: (وقد دب الرعب في قلبه..) سيدي.. حتى لا يشاهده أحد من ثقب الباب.. هأ.. هأ.. هأ.. هأ.. (يتوقف تماما حين يرى الزعيم عابسا ولاأحد يضحك).
الزعيم: نكتة سخيفة..
البهلول: (وهو خائف ويحاول روي نكتة ثانية) سيدي أتعلمون لماذا يضع عدوكم أبو جراد زوجته في الأرجوحة..؟
الزعيم: أما زلت تسألني يا أحمق؟ اسمع أنا الذي أسال فقط .. انطق. لماذا يضع أبو جراد زوجته في المرجوحة؟
البهلول: (وهو خائف) سيدي. حتى يهز لها بدنها.. (يضحك ثم يتوقف بشكل مفاجىء حين يرى الزعيم عابسا مع بقية افراد الحاشية..)
الزعيم: (عابسا) سخيفة.. ارو غيرها وإلا..
البهلول: (وقد كاد ينهار).. سيدي أتعلمون لماذا عدوكم أبو جراد يحب الموز..؟
الزعيم: (يقاطع غاضبا) لعنة الله عليك وعلى أبو جراد , أليس لك من سيرة غيره..
البهلول: (يضطرب ويحاول أن يروي نكتة) سيدي مرض شخص عجوز فجاة ومات.. فجاءه عزرائيل..
الزعيم: اخرس.. لماذا جئت بسيرة الموت الآن ياغبي؟.. اسحبوه على ظهره خارج القصر وعيّنوه ندَّاباً على المقبرة القديمة.. ..
(يُخرجون البهلول وهو يكاد يبكي).
أفراح: سيدي.. أتسمح لي بإحضار مطربكم المحبوب (شحرور التوت) إنه مشتاق جدا ليغني بين يديكم ..
(الزعيم يعطي دون حماس إشارة الموافقة. يدخل المطرب شحرورالتوت وهو يرتدي ثيابا لا معة عجيبة كالمرايا ومعه العود وريشة طاووس طويلة.. ينحني مسلّما.. ثم يجلس في مكان مناسب.. ويبدأ بدوزان العود..)
المطرب: ماذا تحبون أن تسمعوا يازعيم..؟
الزعيم: أريد أغنية تغسل الهمّ والغم عن نفسي.. هيّا
(يتابع المطرب دوزان العود ويطول الامر ويبدو أن أحد الأوتار قد انقطع.. ينفد صبر الزعيم).
المطرب: سيدي أمهلني دقيقة واحدة فقط.. أنا أدوزن العود..
الزعيم: ولماذا لم تدوزنه قبل أن تدخل ياغراب.؟
المطرب: ماذا أفعل. الآن قد فلت الدوزان وانقطع الوتر..
الزعيم: اسمعني أيها البوم ,لديك دقيقة واحدة فقط.. إما أن تغني أو أدخل هذا العود في.. . حلقك..
المطرب: (يغني وهو مرعوب مع نشاز في العود..)
يدوم عزك يا زعيمنا دوم.. دوم
يدوم خيرك يا زعيمنا كوم.. كوم
أنت الخير وأنت البركة أنت الماء ونحن السمكة
أنت البحر ونحن الرغوةأنت الطبل ونحن الدبكة
الزعيم: (يقف ويصرخ) يكفي.. يكفي
المطرب: ما الأمر يازعيم..؟!
الزعيم: أنا طبل يا حقير..؟!
المطرب: ونحن الدبكة..
الزعيم: أنت تستحق فيلة حاملة تدبك فوق بطنك.. أنا طبل يا حقير..؟!
المطرب: سيدي لضرورة الوزن. لايصح معي إلا . بهذا الشكل.
الزعيم: أنا سوف أصحّح لك الوزن.. (يخطف العود وينهال فيه ضربا على رأس المطرب الذي يهرب بعد أن اخترق العود رأسه).. (يصرخ في الجميع وهو يلاحقهم) وأنتم أيضا خارج القصر.. هيا.. هيا.. (يهرب أفراد الحاشية ويختبىء بلبول في مكان مناسب.. يعود الزعيم إلى مكانه وهو يلهث)..
الزعيم: لعنة الله عليهم وعلى شحرور التوت.. هه.. يريد تسليتي.. أنا طبل.. !
(تتصل زبرجد بالزعيم وتظهر على الشاشة.. أو في اطار).
زبرجد: مساء الخير..
الزعيم: أهلاً وسهلاً.. ماذا تريدين؟
زبرجد: سمعت إنك متضايق كثير هذه الليلة.. (تغمزه) أ تحبون أن آتي إليكم ونجدد أيام الشباب؟
الزعيم: كلأ..
زبرجد: (تغمزه) ألديكم أحد غيري يسليكم..؟
الزعيم: لا..
زبرجد: أكيد؟. (تغمزه) انتبه.. غدا ًسأعرف حتما من بات عندكم..
الزعيم: ِّأقول لك لا أحد.. ألا تصد قين؟..
زبرجد: صدقتك.. ابنك معصوم يهديك سلامه وهو مشتاق إليكم كثيرا .. سبحان الله.. يشبهك كثيرا كأنه أنت في الخلق والنطق عندما كنت صغيرا.. ..
الزعيم )مجاملا)ً وأنا مشتاق له.. مع السلامة..
(تختفي صورة زبرجد.. الزعيم يكاد يبكي).
تخيل يا بلبول أنني غدا لن استطيع رؤية ابني معصومأو زبرجد.. أو اي شخص من الذين يحبونني .. تخيل أنني سأحرم.. من حمام الساونا وأصابع المدلك الرشيقة والمسّاجات وبسمات حريمي وهن خارجات بالملابس الشفافة من غرف النوم يقلن لي وهن يتضاحكن صباح الخير يافحلنا .. ولكن أصعب ما أخشاه يا بلبول هوأن أحرم من هتافات رعيتي التي تدغدغ روحي وبدني.. ما أروعهم وهم يهتفون.. بالروح.. بالدم.. نفديك يازعيم..
(يرن جرس الهاتف ويكون الابن خطّار على الخط.. يظهر على الشاشة).
خطار: مساء الخير با با..
الزعيم: (بجفاء) أهلا. ماذا تريد؟.. .
خطار: سمعت أنك في ضيق وحزن ويأس .. خير.. أخبرني .. ما الأمر. أنا ابنك البكر.. يعني ولي العهد أم نسيت؟
الزعيم: لاشيء بي.. لاشيء.. اطمئن..
خطار: أتحبّ.. أن ارسل لكم طبيبي الخاص
الزعيم: لا شيء بي لاشيء.. ألا تفهم؟..
خطّار: لا تنفعل كثيرا يا أبي.. .. أحبّيت أن أطمئن عليك فقط.. صّدقني
الزعيم: صدّقتك. شكراً.. مع السلامة.. (يحدث نفسه ساخرا بمرارة) هه.. يريد أن يطمئن عليّ فقط.. . يتوهّم انه يخدعني بهذا الكلام المعسول (لبلبول) كم أخاف يا بلبول أن يعرف ابني خطّار أن عزرون سيأتيني هذه الليلة.
بلبول: ومن أين سيعرف. إلا إذا قمت أنت بالثرثرة أمامه.. .. .
الزعيم: انا لم أتكلم أمام أحد ..
بلبول: وأنا أيضا..
(فجأة نسمع موسيقا خروج عزرون.. إظلام وإطفاء.. يخرج عزرون مخترقا صورة الزعيم).
عزرون: كلا بقي نصف ساعة..
الزعيم: هه !أنت تريد أن تسرق من عمري ربع ساعة. لن أتخلى عنها أبداً..
عزرون: عشتَ ستين سنة وتقاتلني على ربع ساعة..
الزعيم: سأقاتل علىالثاية الواحدة ..
عزرون: أتحب الحياة إلى هذا الحد..؟
الزعيم: طبعا أحبها. لاأريد أن أموت
عزرون: انتهى الأجل. هيا اشرب
الزعيم: انتظر قليلا.. لا رغبة لي بشرب أي شيء.. لست عطشان.. ماذا افعل
عزرون: في كل مرة أزورك تقول لي.. اصبر.. انتظر. أليس لي من عمل سوى قبض روحك ..؟!
الزعيم: (يتوسل) أنسيت أفضالي عليك يا عزرون.. أنسيت انني أرسلت إلى الحرب آلاف آلاف البشر وصرت تختار منهم من تشاء..؟ أنسيتَ من خوزقتُهم لك وقبضتَ روحهم على مهل.. أنسيتَ من طمرتهم وأحرقتُهم والقيتُ بهم أحياء للتماسيح؟.. أتنكر من قطفت لك رؤوسهم..؟أنا أفدتك أكثر من اي زعيم في هذا العالم.
عزرون: يكفي.. يكفي.. اسمعني جيداً.. أنا لا أنكر فضلك وتعاونك أبداً.. ولذلك فسوف أعطيك آخر فرصة لأنك زعيم وتعاونت معي جيداً..
بلبول: (يكاديبكي) أرأيت يا زعيم حتى عزرون يدلل المسؤولين
الزعيم: (فرحا) ما هي الفرصة..؟
عزرون: عليك أن تأتيني بمتبرع واحد يفتديك بروحه وأنا مستعد ان أتركك هذه المرة..
الزعيم: (ساخرا وواثقا)تريد متبرعاَ واحد !! هأ.. هأ.. هأ واحد فقط.. هأ.. هأ..
أنا مستعد أن آتي لك بألف واحد.. . بل مليوناً إذا أردت..
عزرون: لا اريد سوى متبرع واحد.. على شرط ألاّ تحبره على شيء..
الزعيم: (بثقة شديدة) أنا موافق.. وعليك أن تستعد للخسارة منذ الآن.. (ساخراً) تريد متبرعاً واحد فقط.. هأ.. هأ.. هأ..
(يغادر عزرون.. الزعيم ما زال يضحك).
بلبول: الله يعطيك خير هذا الضحك..
(الزعيم يهدأ قليلا ويرن أجهزة الإنذار فيحضر على الفور أفراد الحاشية في أوضاع مختلفة.. تدل على قدومهم بسرعة)
فرهود: خيريا زعيم.. لماذا طلبتنا؟
الزعيم: هل أنتم تحبونني أم لا..؟!
نيشان: طبعانحبك يا زعيم.. الأمر لا يحتاج إلى سؤال..
شجاع: ومستعدون كي نفديك بأرواحنا..
الزعيم: يا سلام.. هذا ما كنت اريده..
برشان:ما هوالمطلوب منا زعيم..؟
الزعيم: أمر بسيط جدا..
(يسيطر الصمت)
برشان: ماهو يازعيم؟
الزعيم: أريد روح واحد منكم
فرهود: (يتظاهرون بعدم السماع والفهم) عفواً.. لم نفهم عليك يازعيم..
الزعيم: يا أذكياء أريدواحدا منكم فقط كي يفتديني ويقدم روحه عوضا عني لعزرون ملاك الموت إذا جاءني. أفهمتم الآن؟. أصعبة هذه وتحتاج إلى ذكاء ..؟!
(يسود الصمت من جديد).
نيشان: (يتهرب) فهمنا يا زعيم. ولكن كما تعلمون. الوطن يحتاج إلينا وموت واحد منا خسارة لا تعوض أبدا لهذا الوطن ..
شجاع: وأنا واثق أن البلد سوف يتزعزع إذا نقص واحد منا ..
أفراح: أنا امرأة. وأعتقد أن عزرون يريد ذكرا..
زهران: البلد دونكم ودوننا لا يساوي شيئا يازعيم
الزعيم: أنا الوطن.. وحياتي اهم من كل شيء في هذا الكون. اريد واحدا منكم كي يفتديني.. موجود ام لا؟ (لا يردون..)
بلبول: أنا أفتديكم بروحي
الزعيم: اخرس. أنت ميت.. . (لأفراد الحاشية) هه ماذا قلتم؟
فرهود: (بحماس)يازعيم.. المشكلة محلولة.. لماذالا تطلبون روح واحد من أفراد رعيتكم..؟
شجاع: يا سلام !. اقتراح رائع.. المواطنون كالنمل وإذا نقص واحد منهم فلا أحد يشعر به.. حتى المواطن الميت لا يشعر أبدأً بأنه ميت ولا يهمه إذا عرف
برشان: فليحسب نفسه قد دهس بسيارة.. أو وقع من فوق سطح أو أصابته طلقة في عرس.. أو مات في مستشفى حكومي أو فطس تحت التحقيق بالغلط.. أو مات من الجوع.. اَلأمور سيّان
الزعيم: يكفي. أعلنوا فورا خبر التبرع على جماهيري الوفية..
فرهود: سوف أطلب من فرع الأسواق الشعبية كي يسحبوا لك عشرة متبرعين فورا..
الزعيم: اسمع يا بهيم. أنا قلت أريد متبرعا. أعني أن عليه أن ياتي للتبرع بحريته.. بمحض إرادته.. ولا أحد يجبره على التبرع.. أفهمت يا ذكي..؟
فرهود: إذا كان التبرع بحرية فأنا لا علاقة لي ..
الزعيم: هيا انصرفوا من أمامي..
زهران: أتحبون ان نحث الجماهير على التبرع..
الزعيم: (ساخرا) يا فهيم. الجماهير لا تحتاج إلى حث أو تشجيع.. أنا واثق أنهم حين يعلمون بأمر التبرع فسوف يتزاحمون على ابواب القصر كالذباب..
(يغادرون).
الزعيم: أتعلم يا يابلبول. أنا خائف من مشكلة ستحدث غدا..
بلبول: ما هي؟
الزعيم: إذا جاءني ألف متبرع أو أكثر وتوسّلوا إليّ. من ساختار منهم؟ أمر محيِّر
بلبول: (بلبول ينظر بدهشة).. داء الفالج.
المشهد الرابع عشر (الأخير)
(صالة العرش فارغة تماما.. الزعيم يجلس على العرش وأمامه على تربيزة زجاجية كأس المنون.. هناك أغنية تصدح وتشجّع على التبرع.. الزعيم ينظر وما زال يأمل).
الأغنية: زعيمنا زعيمنا يحبكم
فقدموا بسرعة أرواحكم
لا تبخلو لا تبخلوا بعمركم
هذا الفدا إن تعلموا من أجلكم
زعيمُنا زعيمُنا يحبكم
تبرعوا تبرعوا بعمركم
يا حظكم يا سعدكم ياسعدكم
(تدق الساعة معلنة الثانية عشرة ظهرا).
الزعيم: (يتجاهل دقات الساعة) كم أصبحت الساعة يابلبول؟
بلبول: هل أنت أطرش؟ ألم تسمع؟ إنها الثانية عشرة.
الزعيم: (يسأل سؤال العارف) هل أبواب القصر مفتوحة؟
بلبول: مفتوحة اطمئن والنوافذ أيضا.. ومع ذلك فلم يأت أحد
الزعيم: وأفراد حاشيتي.. لماذا لم يأت أحد منهم حتى الآن؟
بلبول: وكيف لي أن اعرف.. سوف أتصل بهم.. (يتصل بالهاتف) هذا نيشان. تكلم معه واسأله.
(يظهر نيشان على الشاشة وقد ربط رأسه كالمريض وميزان الحرارة في فمه والضغط على ذراعه).
الزعيم: أين أنت يا نيشان.. ولماذا لم تات حتى الآن؟
نيشان: (يتأوه) اقسم لك يازعيم بأنني مريض جدا. حرارتي تزيد عن الواحد والأربعين (يسحب ميزان الحرارة من مؤخرته) وضغطي صاعد نازل وأنا أرتجف وأسعل أيضا (يسعل) ومعي التهاب بروستات ولوزات
الزعيم: (بسخرية) الله لا يشفيك.. انصرف من وجهي.
بلبول: (يتصل بشجاع) تكلم مع مع شجاع..
(يظهر شجاع على الشاشة وقد ربط يده المكسورة).
الزعيم: لماذا لم تاتِ إلى القصر هذا اليوم يا شجاع؟
شجاع: أقسم لكم يازعيم بأنني كنت قادما إليكم كالمعتاد بل مسرعا كالصاروخ ولكنني تزحلقت وأنا أهبط الدرج وانكسرت ذراعي وصابونة رجلي ومشطي وكوعي وأنا الآن أسير الجبس
الزعيم: (بغضب) لعنه الله ساعة السلامة.. (يغلق الهاتف).
بلبول: (يتصل بالدكتور برشان) تفضل وتكلّم مع برشان..
الزعيم: لم أرك في القصر هذا اليوم يا برشان.
: (يظهر برشان بثياب الطبيب مع أدوات جراحة).
برشان: أنا آسف جدا يازعيم. جاءتني فجأة عملية قلب إسعافية فيها إنقاذ حياة إنسان.. سوف آتي إليكم فور انتهائي.. إلى اللقاء: المريض بين الحياة والموت (يختفي برشان).
الزعيم: (يغلق السماعة) لعنك الله أيها المنافق ولتهبط عليك جميع الأ مراض السارية والمستعصية
بلبول: (يتصل بأبو الدهب) تكلم مع أبو الدهب..
(يظهر أبو الدهب وهو يعد دولارات أو غيرها.. وقربه ورقة وقلم).
الزعيم: اشتقنا إلى رؤيتك ياأبوالذهب. أين أنت؟
أبو الدهب: لدي جرد ضروري للخزينة هذا اليوم.. ألم يبلغك وزيرالمال بأن هناك نقصا في الخزانة يعادل ثلاثين دينارا؟. ولن يهنأ لي بال أويغمض لي جفن قبل ان أجدهم
(يختفي أبو الدهب).
الزعيم: (وهو يغلق الهاتف) ليتك تضيع في الربع الخالي وأنت عار تماما ودون ماء ومفلس أيضا.
بلبول: (يتصل) فرهود المخلص على الخط.
(يظهر فرهود على الشاشة ومعه جهاز لاسلكي).
الزعيم: أين انت الآن يا فرهود؟؟. لم نر وجهك الصبوح هذا اليوم. ما حكايتك..؟
فرهود: سيدي.. لقد جاءتني فجأة دفعة من المساجين الخطرين وأنا مشغول جدا بالتحقيق معهم من أجل سلامتكم وسلامة الوطن
الزعيم:اللعنة عليك وعلى سلامتي.. (يغلق السماعة بلبول ويتابع الاتصال)
الزعيم: يكفي.. يكفي. توقف عن الاتصال.
بلبول: ألا تريد أن تعرف أسباب عدم حضور بقية افراد حاشيتك المخلصين؟
الزعيم: اسمع لا اريد أي حديث عنهم أيها الشامت.. أنا ثقتي كبيرة بأبناء رعيتي المخلصين.. (يسأل وقد بدأ ينهار).. كم أصبحت الساعة يا بلبول؟
بلبول: الواحدة والنصف..
الزعيم: (يسأل سؤال العارف)هل أذاعو الخبر؟
بلبول: أذاعوه بالجرايد والراديو والتلفزيون وعبر الانترنيت أيضا
الزعيم: أين لقمان؟
(يتصل بلبول به.. يظهر لقمان على الشاشة وكأنه في استوديو أخبار).
بلبول: لقمان أمامكم..
الزعيم:هل تذيعون الخبر يا لقمان؟
لقمان:طبعا يا زعيم.. نحن نذيعه كل خمس دقائق.. إخراجه ظريف مع الألوان والموسيقى.. وأجمل مذيعة عندنا هي التي تقدمه..
الزعيم: أذيعوه كل دقيقة كل ثانية وبشّروا كل متبرع بأنني سوف أمنحه وسام الشجاعة والإخلاص ومن الدرجة الممتازة أيضا..
لقمان: أمركم زعيم..
الزعيم: وبشّروا المتبرع بأنني سأتزوج أرملته بالحلال حتى يرتاح ويطمئن تماما وهو في قبره الفخم الذي سأبنيه بأفخر الرخام الإيطالي
لقمان: أمركم زعيم..
الزعيم: وبشروا المتبرع بأنني سأرسل له أفخر سيارة عندي حتى لا يصيبه أي تعب او إعياء
لقمان: حاضر زعيم..
الزعيم: أريد همتك يا لقمان. الساعة قد تجاوزت الثانية
لقمان: سابذل أقصى جهدي يا زعيم.. أنت تعرف مقدار محبتكم عندي.
(يتوارى عن الشاشة).
الزعيم: (يسأل) هل أنت واثق بأن جميع الأبواب مفتوحة..؟
بلبول: نعم مفتوحة.. ولا يوجد عندها أي حارس يمنع الدخول
الزعيم: (يصرخ) لماذا لم يقترب إذن أحد من القصر حتى الان؟ سأجن.. سأجن حتما
بلبول: أنت تحصد مازرعت.
الزعيم: لا تشمت بي يابلبول.. انظر الآن من النافذة وأخبرني إن كنت ترى أحدا في الشارع
بلبول: (يقترب من إحدى النوافذ) اطمئن لايوجد أحد.. الجميع قد اختفى حتى الكلاب والقطط والطيور.. والذباب والنحل والزنابير
الزعيم: يا خجلي منك يا عزرون..
بلبول: (يقلد الزعيم) أتريد متبرعا واحدا.. هأ هأ هأ.. واحد.. هأ هأ هأ أنا مستعد أن آتي لك بألف متبرع بل بمليون..
الزعيم: هل أنت شامت بي يابلبول؟.. بسيطة..
بلبول: تهددني أيضا.. طز.. أنسيت أنني ميت؟..
الزعيم: ولو كان ساقطع رأسك مرة ثانية وثالثة. إياك ان تتوهم بأنني ضعيف يابلبول (نسمع صوت غناء إبراهيم السكران من بعيد.. الزعيم يصغي بفرح) اسمع.. اسمع هناك مواطن قادم (يستعد الزعيم للاستقبال بجدية وفرح).. كنت واثقا أن رعيتي المخلصة لن تتخلى عني أبدا..
(يدخل إبراهيم السكران.. يتوقف عن الغناء حين يرى نفسه داخل القصر.. يتأمل ما حوله بدهشة).
الزعيم: (بفرح) أهلا.. أهلا.. يا إبراهيم.. أنت قادم للتبرع حتما.. اجلس اجلس.. أهلا وسهلا أهلا وسهلا
إبراهيم: أين أنا؟
الزعيم: في قصري.. أنت قادم للتبرع حتما. اليس كذلك..؟
إبراهيم: أمر غريب. مالذي جاء بي إلى هنا..؟
الزعيم: هل تعني بأنك لم تقصد الدخول إلى قصري..؟!
إبراهيم: كلا..
الزعيم: لماذا أتيت إلى هنا إذن..؟
إبراهيم: الخمرة المغشوشة حتما
إبراهيم a85;ساخرا)تبرع!.. وبماذا أتبرع..؟
الزعيم:بروحك..
إبراهيم: ومن أنت حتى أتبرع لك بروحي..؟!
بلبول: (للزعيم) معه حق. من أنت حتى يتبرع لك بروحه؟
الزعيم: اخرس واحفظ لسانك وأدبك.. أنا الزعيم..
إبراهيم: وأنا إبراهيم السكران أكبر زعيم عندما أسكر..
الزعيم: (يتذلل) ألا تحبني يا إبراهيم..؟
إبراهيم: كلا..
الزعيم: (يتباكى) لماذا يا إبراهيم..؟
إبراهيم:أ لإنك زوّرت الانتخابات وجعلتني أرسب..؟
الزعيم: مستحيل.. الانتخابات كانت نزيهة تماما وشريفة مائة بالمائة يا إبراهيم..
إبراهيم: بل مزورة.. أين صوتي..؟
الزعيم: لا أعرف. صدِّقني..
إبراهيم
الزعيم: أنا لا أتنازل عن حقي أبدا. أريد صوتي..
:انظر.. إذا تبرعت لي بروحك فسوف أجعلك تنجح في المرة القادمة..
إبراهيم: (يفكر في. العرض الغريب للزعيم) أتظنني مجنونا أو سكران كيف سأفوز يا أحمق إذا كنت حينها ميتاً وروحي طائرة.
الزعيم: لا تهتم لهذا الأمر. ستنجح ولو كنت في القبر.. صدقني
إبراهيم: أنا لا يدخل في عقلي هذا الكلام أبدا. صحيح أن جسدي مرهق ,معذّب ومتعب ولكن روحي غالية ولا أبذلها إلاّ من أجل غال..
الزعيم: وأنا ألست غال عليك يا إبراهيم
إبراهيم: كلا
الزعيم: جواب نهائي
إبراهيم: نهائي ونصف
الزعيم )يصرخ يائسا) ياناس يابشر.. حان وقت العصر.. أتوسَّل إليكم أنجدوني. لا أريد أن أموت..
إبراهيم: أأنت تريد شخصاً يموت عوضاً عنك؟
الزعيم: وهل أغني في الطاحون.. نعم.. نعم
إبراهيم: ولماذا لا تجلب واحدا من المحكومين بالإعدام وتتفاوض معه..؟
بلبول: فكرة معقولة.. لديك -ماشاء الله -محكومون كثيرون
الوعيم: ما أغباني ! كيف لم تخطر على بالي هذه الفكرة (لإبراهيم) انقلع من أمامي..
(يمشي إبراهيم قليلا ثم يتوقف.. الزعيم يتصل بفرهود).
الزعيم: يا فرهود. أين أنت..؟
فرهود (يظهر على الشاشة وبيده سوط) أخبرتكم يا سيدي أنني بالسجن وأحقق مع مجموعة من أعدائك المشبوهين المتآمرين.
الزعيم: أيوجد لديك شخص محكوم بالإعدام.؟
بلبول: سؤال غبي من غبي
فرهود: كم تريدون يازعيم؟.. . عشرة.. عشرون.. ثلاثون.. مائة.. .
الزعيم: اختر لي الآن ثلاثة فقط. وتعال معهم..
فرهود: لا أستطيع القدوم معهم يا زعيم.. أنا مشغول جدا
الزعيم: لا بأس لابأس. أرسلهم فقط. اخترهم ناضجي الرؤوس تماما
فرهود: أنا في خدمتكم يازعيم.. (يختفي)..
إبراهيم: أتستطيع أن تدلني على خمارة الفيل السكران..؟
الزعيم: كلا.. . انصرف من هنا حالاً
إبراهيم: سمعت بأنهم قد جلبوا خمرا لذيذة
الزعيم: انصرف من أمامي قبل أن أرميك في بئر تختمر فيه تماماً.
إبراهيم:أنا ذاهب.. ذاهب لا تغضب.. تصبح على متبرع .. (يحدث نفسه) ويسألونني لماذا أسكر
(يخرج وفور خروجه يدخل ثلاثة حراس وهم يدفعون أمامهم هاني واثنين آخرين من المساجين وهم مكبلوّن بالأغلال.. يتوقف الثلاثة أمام الزعيم ويغادر الحراس للخارج).
الزعيم: (يرحب بهم) أهلا.. أهلا بالأبطال الشجعان.. طمئنوني.. هل أزعجكم احد وأنتم قادمون إلى هنا. (لايردون) عظيم جدا أعتقد أنكم تشعرون بالعطش. (ينادي) هاتوا ثلاث كؤوس ليمون باردة بسرعة.. (لا أحد يرد) لاتحبون الليمون؟. ما رأيكم بالنسكافيه؟ (ينادي) ثلاث كوؤس نسكافيه يا ولد..
بلبول: يا سلام !أحسن جرسون لن ينادي بأفضل من هذا الصوت..
الزعيم: (لا يرد على بلبول) أخ.. أخ.. لعن الله الشيطان كيف نسيت بأني قدأعطيت إجازة لخدمي وحشمي هذا اليوم..
بلبول: لا تصدقوه. لقدهربوا..
الزعيم: (يسألهم بفرح) إنتم محكومون بالإعدام أليس كذلك؟
سجين 1: أنا مظلوم يا زعيم.. والله العظيم..
سجين 2: وأنا أيضا بماذا تريدني أن أحلف لك يازعيم ..؟
الزعيم: أنا واثق أنكم أبرياء. ولكن قد فات الأوان الآن ولا ينفع الندم في شيء.. ولا أستطيع فعل أي شيء لكم. النتيجة أنتم محكومون بالإعدام. صح أم لا؟
هاني: أنا لم أحاكم بعد..
الزعيم:أعرف ولكن سوف يحكمون عليكم بالإعدام حتما لأن الأمور واضحة مثل عين الشمس.. وأنتم تستحقون أكثرمن الإعدام فرهود عادل ولا يقبض على شخص بريء أبدا..
سجين 1: أنا مظلوم يا زعيم وسوف أروي لكم قصتي..
سجين 2: وأنا مظلوم أيضا وسوف أروي لكم قصتي..
الزعيم: وماذا أستفيد من قصتك أوقصته..
بلبول: لن تخسر شيئا. اسمع قصصهم وتسلّى ولا تنس أنهم سوف يتبرعون لك بأرواحهم..
الزعيم: أنا مشغول.. .. مشغول.. ولم يبق أمامي وقت
سجين 1: أرجوك.. رجوك.. يا زعيم اسمعني دقيقة واحدة.. أطال الله عمرك إلى الأبد
الزعيم: سأمنحك نصف دقيقة فقط.. تكلّم
سجين 1: يا سيدي أنا قد حكموا علي بالإعدام فقط لأني أشعلت الفرن الذي أعمل فيه بجريدة فيها صورتكم الكريمة..
الزعيم: (يضخم الذنب) يا لك من مجرم مخرب تريد حرقي يا إرهابي يا حقير.. صورتي كانت ملونة أليس كذلك..؟
سجين 1: (بيأس وخوف) نعم ياسيدي.. ولكني لم أ قصد..
الزعيم: (يقاطعه) ذنبك لا يغتفر وتستحق عليه الشنق والحرق أيضا (للسجين 2) وأنت أيضا سأ منحك ربع دقيقة فقط.. تكلّم
سجين 2: أنا. ذنبي فقط أنني خرجت لكم فجأة من وراء الشجرة وأنتم تسددون على طائر الكركي..
الزعيم: صحيح تذكرت.. كنت في رحلة صيد وكنت تريد اغتيالي يا لئيم وأنا مشغول تماما بالتسديد على الكركي..
بلبول: كانوا سيطلقون عليك شهيد الكركي
الزعيم: تريد اغتيالي يا لئيم.. اليس كذلك؟
سجين 2: أعوذ بالله يا سيدي.. أنا أغتالكم؟! مستحيل
الزعيم: ماذا كنت تفعل وراء الشجرة إذن؟ هيا اعترف
سجين: كنت ذاهباً إلى الخلاء
الزعيم: ماذا تعني إلى الخلاء..؟
سجين 2: أعني.. كنت ذاهبا لأفك ضيقي..
الزعيم: لم أفهم..؟
بلبول: يعني بأنه كان ذاهبا إلى المرحاض.. الكنيف قديما. التواليت باللغة العصرية.. أفهمت ياذكي؟
الزعيم: كذاب. كنت تريد اغتيالي..
سجين 2: ولكن لم يكن معي أي سلاح..
الزعيم: ماذا كنت تمسك بيدك..؟
(السجين يخجل).
بلبول: وماذا كان بيده.. أكيد شيء ما ليمسح به.. .
الزعيم: مستحيل.. لقد كان يريد اغتيالي
سجين 2: أنا مظلوم يا زعيم..
سجين 1: وأنا أيضا..
الزعيم: أنا قلبي رقيق.. سأعفو عن واحد منكم فقط. من منكم يحب أن أعفو عنه..؟
سجين 1: أنا..
سجين 2: بل أنا..
الزعيم: عظيم جدا.. سوف أعفو عن واحد منكم فقط.. ولكن على شرط أن يؤدي لي خدمة صغيرة..
سجين 1: أنا جاهز
سجين2: وأنا أجهز..
سجين1: اطلب واتمنىّ
الزعيم: رائع.. رائع.. أريد واحدا منكم ليقدم روحه فقط بكل سرور لملك الموت عوضا عني.. ما ذا قلتم..؟
(فترة صمت).
سجين 1: أتقصد بأنك تريد واحدا منا ليموت مكانك..؟
الزعيم: بالضبط.. وسوف أعفو عنه..
سجين 2: وما الفائدة إذا كان سيموت..؟
الزعيم: هناك فائدة كبيرة. الميتة من أجلي هي ميتة أصيلة.. وسوف أجعلهم ينقشون اسمه في سجل الأبطال الخالدين. وأطلب من نحّاتي الخاص أبوإزميلين أن ينحت له تمثالا ونقيم له حفل تأبين وقصائد..
(فترة صمت).
الزعيم: ماذا قلتم..؟
سجين 1: أنا لا أريد..
سجين 2: وأنا أيضا..
الزعيم: (بخيبة أمل) ولكن لماذا.. لماذا؟
سجين 1: قد يصدر عفو عن المساجين. من يعرف..
الزعيم: يا حمار ياغبي. أنا الذي يصدر العفو..
سجين 1: ولكن أنت ستموت. معنى هذا أن هناك أمل..
الزعيم: خسئتم.. أنا لن أموت.. أنا كالقطط بسبعة أرواح.. أنا إلى الأبد(ينهار فجأة) أتوسل إليكم أن تقبلوا.. أبوس أيديكم.. أرجلكم
بلبول: (يوبخه) ألا تخجل من نفسك؟ تبكي كالأرامل.. أنت زعيم.. انهض..
الزعيم: الروح غالية يا بلبول..
بلبول: وأرواحهم أيضا.. أم أن روحك فقط هي الغالية..
الزعيم: (للسجناء) ما هو كلامكم الأخير..؟
سجين 1: أنا.. آسف
سجين 2: ابحث عن غبي آخر..
الزعيم: (يصرخ) يا حراس.. (يدخل الحراس).. خذوا هذين السجينين المحكومين بالإعدام من أمامي.. (يدفع الحراس أمامهم السجين 1 والسجين 2 ويبقى هاني أمام الزعيم).. اللعنة عليهم ماأيبس رؤوسهم.. يرفضون التبرع لزعيمهم الذي يموت كل يوم ألف مرة من أجلهم (يلتفت إلى هاني).. وأنت؟ أنا واثق تماما أنك تريد أن تتبرع لي بروحك..؟
هاني: (يضحك) أنا؟! وبروحي أيضا.. .
الزعيم:لماذا تضحك؟.. أتراني مهرجا أمامك؟
هاني:العفو.. ولكنك تطلب أغلى ما عندي..
الزعيم:وما الفرق عندك إذا كنت ستعدم.
هاني: هل تعني بأنني سوف أعدم دون محاكمة؟!.
الزعيم: لا بأس.. سوف أحا كمك الآن (يتناول ملفا ويفتحه) المعلومات التي عندي تقول بأنك لم تنتخبني.. كما شتمتني ومزّقت صورتي الجميلة وحرضت المواطنين على عدم الانتخابات ومنعت دورية الأمن من القيام بعملها. وأخطر شي هو قولك بأني خسرت حروبي كلها. وكل تهمة من هذه التهم تستحق عليها أن تعدم على الخازوق المثلم أبو شعبين.. ولكن ماذا أفعل لهذا القلب الرقيق.. اسمع سوف أقدم لك عرضا سخيا جدا.
هاني: ماهو..؟
الزعيم: تتبرع لي بروحك وأنا سأعفو عنك..
هاني: (ساخرا) وأنا ماذا سأكسب.؟
الزعيم: المجد.. الخلود.. العظمة.. وهل هناك أروع وأعظم من أن يتبرع المواطن المخلص بروحه لزعيمه..
(فجأة تدخل بنفسج).
هاني: (بدهشة.). بنفسج..؟!
الزعيم: من أنت..؟
بنفسج: أنا بنفسج.. خطيبة هاني.
الزعيم: عرفتك.. عرفتك.. أنت تعملين عندي في القصر.. من الذي أرسلك..؟
بنفسج: فرهود.
الزعيم: عظيم جدا جئت في الوقت المناسب.. هيا أقنعي خطيبك العنيد حتى يتبرع لي بروحه
(فترة صمت).
بنفسج: لا أستطيع.
الزعيم: لماذا؟
بنفسج: لأن حياتي لا معنى لها دون هاني.
الزعيم: لا تنسي أني أنا الذي شغلتك عندي بالقصر وأنقذت أسرتك من الفقر بعد أن مات أخوك في الحرب.. هيا ردّي لي المعروف وأقنعي خطيبك. بالتبرع
بنفسج: خذ روحي أنا واتركه..
الزعيم: هذا لاينفع.. لأن عزرون يريد روح رجل. ليته كان يرضى بروح امرأة. أنا واثق أن آلاف آلاف النساء يتمنين افتدائي..
بلبول: طبعا لأنك فحل الفحول
هاني: لماذا أتيت إلى هنا يا بنفسج..؟
بنفسج: ظننت أنهم سوف يقبلون روحي عوضا عنك..
هاني: وما الفائدة اذا مات واحد منا..؟!هل يمكن لأحدنا أن يعيش دون الآخر
بلبول: أسمعت؟ هذا هو الحب الحقيقي
بنفسج: أبي يهديك سلامه وهو مشتاق جدا لك كشوقه إلى إخوتي.
هاني: وأنا أيضا مشتاق إليه
الزعيم: يكفي.. ليس الآن وقت غزل..
بلبول: اتركهم يا غراب البين..
الزعيم: غراب البين سوف ينعق بهذا القصر إذا لم يتبرع لي أحد بروحه.. (يسأل هاني) ماذاقررت..؟ أنا واثق أنك ستوافق..؟
هاني: أنت واهم.. كلا
الزعيم: ماذا ياهاني.. ألا تحبني..؟
هاني: لا
الزعيم: معنى هذا أنك تكرهني..؟
هاني: ما زرعته في القلوب فسوف تحصده..
الزعيم: لكن الناس كانت تهتف وتقفز وتقول:(يهتف)نحبك يا زعيم.. يا حبيب الملايين..
هاني: أنت ورجالك كنتم تجبرونهم على الهتاف والرقص وحولتم الناس إلى قرود..
بلبول: ملك القرود.. رائع..
الزعيم:أتعني بأنهم كانوا يخدعونني..؟!
هاني: كنت تعلم بأنهم كانوا يمثلون ويكذبون عليك ,لكنك استمتعت بهذه الكذبة وآمنت بها.. . أنت أسير ظلمك وهم أسرى الخوف والرعب..
الزعيم: كلامك كبير وخطير..
هاني: المشكلة أنك لاتحب أن تسمع سوى أصوات من يمدحونك..
الزعيم: طبعالأني لا أستحق سوى المديح..
هاني: مسكين.. !!
الزعيم: (يصرخ) يا حراس.. اسحبوه من أمامي مع خطيبته وضعوا كل واحد منهما في زنزانة منفردة.. وأكرموهما جيدأ
( يدفع الحرس هاني وبنفسج أمامهم).
بلبول: يالك من ظالم مفتر.. لماذا سجنت الفتاة؟
الزعيم: لأنها رفضت أن تقنع خطيبها بالتبرع لي
بلبول: يحيا العدل..
(تدق الساعة معلنة السادسة يزداد توتر الزعيم) آخ.. ليت الزمن يتوقف.. لم يبق غير ست ساعات. ماذا سأفعل يا بلبول؟. أنجدني..
بلبول: تسألني أنا؟ أنسيت أنني ميت..
(تدخل الزوجة زبرجد.. يتماسك الزعيم).
زبرجد:مساء الخير.. .
الزعيم: ما الذي جاء بك..؟
زبرجد: جئت لوداعك.
الزعيم: تودعينني.. (ساخرا) شكرا. كان عليك أن تقفي إلى جانبي في هذه المحنة. بل وتقدمين لي روحك أيضا
زبرجد: ليتني أستطيع يا أبو معصوم.. ولكن علي واجب تربية ابنكم ولي العهد كما تعلم. وهذه فرصة مناسبة كي تسلموه الحكم
الزعيم: مستحيل..
زبرجد: يا لطيف ! كم أنت عنيد يا زوجي. تتشبث بكرسي الحكم ولم يبق لك في هذه الدنيا الفانية سوى ست ساعات إلاّ ربع أيضا
الزعيم: حتى لولم يبق لي سوى دقيقة واحدة فلن أترك هذا الكرسي
زبرجد: يالطيف كم أنت أناني ولا تحب سوى نفسك
(يدخل خطّار وهو عابس)
بلبول: كثرت الغربان على الجيفة.
خطّار: (ساخرا) ياسلام.. أرى خالتي زبرجدهنا كيف حال أخي الصغير معصوم؟. هل فطمته أم مازال يرضع؟ أنت لا تصدقين كم اشتقت إليه.. إنه أخي.. أليس كذلك يا أبي؟(الزعيم لايرد..
تغادر زبرجد غاضبة).
خطّار: (لوالده شامتا) سمعت بأنك لم تجد أحدا من أفراد رعيتك قد رضي أن يفديك بروحه..؟
بلبول: صحيح.. حتى المحكومون بالإعدام..
الزعيم: اطمئن.. سأجد.. بقي ست ساعات..
بلبول:إلاّ خمساً وعشرين دقيقة
خطّار: توقف عن خداع نفسك.. . لن يأتي أحد.. هل فهمت..؟
الزعيم: لماذا.. .؟
خطّار: لأنك خرفت ولم تعد تعرف أصول حكم هؤلاء الرعاع..
الزعيم: ماذا تقصد..؟
خطّار: الظلم أساس الحكم.. وظلمك قد أصبح بالياًً.. موضة قديمة.
الزعيم: كيف..؟
خطّار: يجب أن تجعل هؤلاء الرعاع يتمنون الموت ولايجدونه.
بلبول: يا لَك من شيطان.
الزعيم: (يتوسل) كيف.. انصحني يا ولدي؟
خطّار: (وهو يضمر شيئا ما) اسمح لي إذن فقط أن أتولّى عنكم الحكم بضع ساعات وسوف ترى..
الزعيم: (يسأل) وهل سيأتيني مفتدون..؟
خطّار: أكثر من النمل..
الزعيم: متأكد..؟
خطّار: طبعا.. كما أراك أمامي.. هات العصا والختم والرداء وسوف ترى..
(يقدم اليه الزعيم بعد تردد العصا والختم ورداء الملك).
الزعيم: (بخوف وارتياب) ستعيدهم لي حتماً.. أليس كذلك؟..
خطّار: طبعاً سأعيدهم ألا تثق بابنك ..
بلبول: طار الكرسي.. طار.. طار.. (يخاف الزعيم ولكن خطّار يخطفهم بقسوة فيستسلم)
(يقف الآن أمام الكرسي بعد أن ارتدى رموز الحكم ويبدأ باصدار الفرامانات).
خطّار: فرمان رقم واحد. (يشير بالعصا إلى الشاشة فيظهر فرهود بثيابه الرسمية)
فرهود: (يقرأ بجدية) من أجل المصلحة الوطنية نعلن عن افتتاح أحدعشر فرعاً أمنياًجديداً.. فرع الأسواق.. فرع المولات.. فرع الملاعب.. فرع الباعة الجوالين.. فرع السيارات العامة.. فرع المقابر.. فرع الحلاقين.. فرع البقّاليين.. فرع المسارح.. فرع روضات الأطفال.. فرع الأندية.
(يختفي فرهود).
خطّار: (يشير إلى الشاشة) فرمان رقم 2..
(يظهر برشان على الشاشة).
برشان: (يقرأ) حرصا على منع تلوث الهواء ومن أجل توفير الأكسجين للسيارات الفخمة وكلاب الشانلو والدوبرمان والقطط السيامية والصينية.. يطلب على الفور من أفراد الرعية الاكتفاء بشهيق واحد وزفير واحد في الدقيقية الواحدة..
(يختفي برشان).
خطّار: فرمان رقم 3..
(يشير بالعصا.. يظهر نيشان).
نيشان: (يقرأ) حرصا على المصلحة العامة وتصحيحا لخطأ تكنولوجي وإيديولوجي سابق.. يصحح اتجاه القبلة ويصبح باتجاه قصر الزعيم وعلى الجميع التقيد بذلك في دعائهم وصلواتهم منذ الآن..
(يختفي نيشان).
خطّار: (يشير إلى الشاشة) فرمان رقم 4..
(يظهر أبو الدهب).
أبو الدهب: (يقرأ) من أجل المصلحة العامة وتسهيلا لعمليات البيع والشراء والجمع والطرح والتقسيم يتم منذ الآن.. تصغير حجم الرغيف ليصبح بحجم الدينار.. ويسعّر الرغيف بثمن الدينار.
خطّار: (يشير إلى الشاشة) فرمان رقم 5..
(يظهر لقمان).
لقمان: (يقرأ الفرمان) حرصا على الوحدة الوطنية والمصلحة العامة يحظر منذ الآن استخدام الكلمة المشبوهة (لا) وتحذف من جميع الحكم والأشعار والكتب والأسفار وتستبدل بالكلمة اللطيفة المحبوبة (نعم)..
(يختفي لقمان).
خطّار: (يشير إلى الشاشة) فرمان رقم 6..
(تظهر أفراح).
أفراح: (تقرأ) حرصا على المصلحة العامة والوحدة الوطنية.. تحذف منذ الآن أسماء الأمهات والآباء من دفاتر العائلات والهويات والبونات.. وتستبدل باسم زعيمنا المحبوب الشاب خطار.. وذلك حرصا على وحدة النسب والعباد..
(تختفي أفراح).
(يستعد بلبول للهرب).
الزعيم: إلى أين..
بلبول: تسألني إلى أين..؟ إلى أية مقبرة أوحفرة.. الحمد لله على نعمة الموت.. تصبح على خير(يغادر هربان).
خطّار (يشير إلى الشاشة) فرمان رقم 7..
(يظهر زهران).
زهران: (يقرأ) حرصا على وحدة الزمان ومنعا للاختلاف.. تتلف جميع أنواع الساعات والمنبهات العقربية والإلكترونية وتلغي جميع التقاويم والرزنامات وتستبدل منذ الآن بالتوقيت الصادر عن ساعة القصر..
(يختفي زهران).
(مع الانتهاء من قراءة الفرمان السابع يبدأ بالتصاعد هدير الجماهير القادمة باتجاه القصر وهي تصيح من وهج الألم والظلم).
خطّار: خطّار يا خطّار نفديك كبار وصغار
خطّار يا جبّارنفديك بالأعمار
(الذهول يصيب الزعيم فقد كان يتوقع أن يكون الهتاف له).
خطّار: (للزعيم) هل تسمع..؟.. هكذا يكون الحكم
(يقترب هدير الجماهير شيئا فشيئا.. يتعالى.. خطّار يشعر بالزهو.. ويسيطر على الموقف.. يدخل أفراد الحاشية نيشان.. شجاع.. أفراح.. أبو الدهب.. بريشان.. فرهود.. لقمان.. زهران.. وهم يحملون لافتات تشيد بخطّار.. ويهتفون أيضا).
أفراد الحاشية: خطّار يا خطّارنفديك كبار وصغار
خطّار يا جبار نفديك بالأعمار
(الزعيم القديم شماخ كالمصعوق.. يخرج عزرون من مكان مناسب ويدعو الزعيم شامتا للذهاب معه.. يغادر الزعيم دون أية مقاومة. يجلس خطّار على الكرسي والهتاف مستمر من الحاشية المنافقة والرعية المسلوبة).
خطّار: (مزهوا) هكذا يكون الحكم..
انتهت بعون الله