1
حين كنت أرمنيّاً، اشتهيتُ بعمق ولهفة،
النوم مع امرأةٍ كرديّةٍ.
حدّاداً ماهراً، كُنتُ.
أنا والحديد، روّضنا بعضنا بعضاً.
ظلّيَ الخشن الخجول،
لعق كل الأمكنة بعربدته.
ظهريَ مثخنٌ بالجراح،
صدريَ مرصّعٌ بالأوسمة.
وحصاني دائم التأهُّب.
كؤوس نبيذي على رُكَب نساء الروس،
وفنجاني المترع بالسمّ،
على صدور اليونانيّات.
أمّا الآن؟…
كل مذابح التاريخ
لا تتسع لآلامي.
2
حين كنت سريانيّاً…
أعصرُ خمرتي من عنب،
تين، رمان وتفّاح الفارسيّات.
القصائد الجبليّة، تصيبني بالغثيان.
لم تكن يدي لتخرج من عبّ النسوة العبرانيات.
من خشب الجوز والبطم، نجرتُ الصلبان للشعراء.
وللأنبياء، نحتُّ صلباناً حجريّة.
كل نبيذ العالم لم يستفزَّ ثمالتي.
نسمة إحدى الصباحات الصيفيّة، سلبتني عزيمتي، جعلتني أخرُّ ساجداً.
أمّا الآن؟…
أنا اغترابٌ لا حدود له.
ويتهيّأ لي؛ أنني لا زالت سريانيّاً!.
3
حين كنتُ تركيّاً…
رميتُ رمحي من «قونية» وغرستهُ في كبد ليالي روما، جاعلاً من العواصف الصيفيّة أحصنتي.
ألوكُ الخريفَ…
جاعلاً الربيعَ خشبةَ دفن الموتى لأعدائي.
يتدفّق من عينيَّ عواء عشرةِ آلاف ذئبٍ أغبر.
لا يغادر الموت رقصتي.
كثيراً ما كنتُ «آتيلا» و»جنكيزخان» ونادراً ما كنتُ «ناظم حكمت» و»كمال بير».
لكن، للآن…
يصيبني الأحمر، الأخضر والأصفر بالذعر.
4
حين كنت عربيّاً…
الصحاري والبوادي كانت صفحات أحلامي وترحالي.
مع «جبرائيل» ارتشف قهوتي
الشاي، أشربه مع «عزازيل».
وأعاقرُ خمرتي مع الشِعر.
حيناً، أكتب بريشة الفينيق، وأحياناً بالسّيف.
تحت إبطيَ الأيسر، سبعة آلاف كتاب مقدّس.
تحت إبطي الأيمن، حكايات أعاصير الدم.
أمّا الآن…
وسط خلاءٍ فسيح، أنا نخلةٌ هرمةٌ يبوس.
5
حين كنت عبريّاً…
كل الأنبياء اتّجهوا صوب الله من نافذتي.
مررتُ من تحت سكاكينِ كل الأوطان.
ومرت كل الأوطان، من تحت قناطر بكائي.
تحت لساني، جيفة حمامة.
اتجهت صوب معابد المجهول،
وبيدي نهدُ «عشتار».
لم أكن ارتوي من سمّ البكاء.
وما كان دمُ الشفق، يروي ظمأي.
أمّا الآن…
لا أعرف، لماذا يخافني اللصوص والقتلة؟!.
6
حين كنتُ كرديّاً…
لا أعلم، لماذا كان الجميع يعاديني؟!.
لا أعلم، لماذا أُعادي نفسي؟!.
روحي منكسرة، أحاسيسي منكسرة،
نظراتي منكسرة…
وصوتي منكسر.
حتّى أنني أسأت إلى صيت الحجل!.
لكن، للآن…
ما زلت كرديّاً.
حين متُّ، لم أدرك بأنني حيّ.
وعندما كنتُ حيّاً،
لم أعِ بأنني ميّت.
—————————-
النصّ والترجمة عن الكردية إلى العربية لهوشنك أوسي