تعقيبا على موضوع "محاولة لكتابة سيرة الشيخ السالمي الذاتية" للباحث العماني خالد العزري الذي صدر في العدد الثالث والعشرين لشهر يوليو 2000م في مجلة نزوى أود أن أسوق الايضاحات التالية على موضوع أحداث الحوقين.
لقد أورد الباحث في سياق الموضوع ثلاث روايات لحياة الشيخ نور الدين السالمي وأسباب خروج أسرته من الحوقين.
في الرواية الأولى أورد رواية الاستاذ الهاشمي نقلا عن احد أحفاد الشيخ نور الدين السالمي ولكن في المقابل فان الباحث لم يستعن بالروايات التي يذكرها المشايخ والمتقدمون في السن من ابناء الحوقين مسقط رأس الشيخ نورالدين السالمي وما جاورها من مناطق كولاية الرستاق والتي شهدت رحلة تعليم الشيخ نورالدين مما يجعل البحث عن الحقيقة ناقصا. وفي هذا السياق اود أن أورد بعض الروايات والايضاحات على أحداث الحوقين وذلك للمزيد من المعلومات :
1- تدل المراسلات الخطية بين أهالي الحوقين من المشايخ وولاة الرستاق وكذلك بعض القبائل على ساحل الباطنة كقبيلتي آل سعد والحواسنة ان قبيلة الخضور هي القبيلة المسيطرة على الحوقين قبل ولادة الشيخ نورالدين بفترة طويلة، مما ينفي ما ورد بان الحضور كانوا يعملون في خدمة أموال السوالم. وهذه المراسلات الخطية ما تزال موجودة حتى الآن عند مشايخ الحضور وهذه صور من بعض المراسلات، وكما تلاحظون ايضا ان مواضيع بعض هذه الرسائل يتعلق بتسيير امور افراد القبائل الاخري وحل المنازعات بينهم وهذا ما جرت عليه العادات العمانية وذلك ان يقوم المشايخ والرشداء بحل منازعات سكان مناطقهم. وهنا يأتي التساؤل اذ كيف يكون الخضور يعملون في خدمة أموال السوالم وفي ذلك الوقت هم مشايخ تلك البلاد؟!
2- يذكر الشيخ سالم بن حمود السيابي السمائلي في كتابه أنساب أهل عمان في صفحة 69، بأن (السوالم متبعثرون في عمان في شرقيتها وغربيتها وقلبها ينضمون تحت القبائل التي يجاورونها لا تجمعهم بلدة خاصة، ولا زعامة، شأن كل قبيلة غير كثيرة العدد ومنهم شيخ الاسلام الامام السالمي عبدالله بن حميد، وابن عمه شيخ البيان محمد بن شيخان ومنازلهم القديمة الحوقين من أعمال الرستاق، وهم كما قلنا غير كثيري العدد والبداوة تغلب عليهم وانما أقام شهرتهم ذلك العلم الأفخم، والسيد الامجد، أبو محمد بن عبدالله بن حميد رحمه الله ورضي عنه).
وهذا يدعم ردنا بأن السوالم في الحوقين كانوا ينضمون تحت القبيلة المسيطرة على الحوقين.
3- تذكر الروايات التي يتناقلها المشايخ وكبار السن في ولاية الرستاق وتوابعها بأن اسرة الشيخ نور الدين السالمي كانت من الأسر الفقيرة في الحوقين ومما يؤيد هذا ان الشيخ نور الدين كان في حالة مالية صعبة أثناء فترة رحلته العلمية في الرستاق، بل وتؤكد هذه الروايات أن افرادا من قبيلة السوالم كانت تعمل في خدمة أموال الخضور وهذا ضد ما ورد في رواية الحفيد وهذه المراسلات الخطية المرفقة تثبت ذلك اذ تتعلق بعضها بأفراد من قبيلة السوالم.
4- ان ما ورد في رواية الحفيد بان الخضور قد تحالفوا مع الهناوية الذين ساعدوهم في طرد السوالم من الحوقين تحمل تناقضات، والتساؤلات التالية تشكك أو تكاد تنفي هذه الرواية :
أ – اذا كان السو الم قد تحالفوا مع الغافرية فلماذا لم يعينوهم على الخضور كما فعل الهناوية؟!
ب – اذا كان الخضور والهناوية قد طردوا السوالم والغافرية فلماذا لم يطردوا ايضا "بقية القبائل الغافرية المتواجدة في الحوقين ؟!
ج – انه من الثابت والمعروف ان قبيلة السوالم في الحوقين كانت دائما في حلف الهناوية في جميع المنازعات التي حدثت في حقب الحروب القبلية.
د – ماذا كان دور القبائل الأخرى في الحوقين ولماذا تحالفت مع الخضور ضد السوالم؟!
هـ- تذكر روايات مشايخ الحوقين وولاية الرستاق ان خلافات "ليست فتنة" قد حدثت بين أهالي الحوقين الخضور وبعض من السوالم (ليس جميع أفراد قبيلة السوالم) مما أدى الى ارتحالهم طواعية الى الرستاق. وهذا ينفي رواية السلب والنهب التي تعرض لها السوالم والحقائق التالية تؤيد هذه الرواية :
أ – من الثابت والمعروف أن أسرة الشيخ نورالدين السالمي كانت تقطن بلدة (المغبة) بالحوقين وآثار بيوتهم وأموالهم ما تزال موجودة ومن الثابت انه لم يقطن أبدا أحد من الخضور في بلدة المغبة. فلو كان الخضور قد سلبوا أموال السوالم وممتلكاتهم لكانوا قد سكنوا بيوتهم وأخذوا أموالهم الواقعة بالمغبة.
ب – لقد تم بيع الأموال والعقارات التابعة لأسرة الشيخ نورالدين السالمي خلال العشرين سنة الماضية حيث قام أحد أحفاد الشيخ نورالدين السالمي بتوكيل أحد أفراد قبيلة السوالم ببيع هذه العقارات وصكوك البيع لا تزال محفوظة عند اصحابها للاطلاع.
ج – قبيلة السوالم لا تزال تسكن الحوقين ولهم منازلهم ومزارعهم وممتلكاتهم الخاصة حتى الآن. فلماذا لم يطرد الخضور هؤلاء السوالم اذا كانوا قد طردوا أسرة الشيخ نورالدين السالمي والسوالم الآخرين؟
د – تدل جميع الأحداث في الفترات الزمنية الماضية ان الخضور والسوالم في الحوقين كانوا دائما على وفاق وكانت تجمعهم علاقة ود وأخوة ولم تكن علاقة عداء، إلا أحداثا بسيطة قد تحدث بين الاخوة الأشقاء وتدل المراسلات المرفقة على ان كاتب صكوك البيع والرسائل الاخرى هو من قبيلة السوالم.
هـ – تتفق جميع الروايات بان الشيخ نورالدين السالمي قد خرج من الحوقين الى الرستاق طالبا العلم وليس طردا منها، وهذا ينفي ما ورد من طرد وسلب ونهب تعرض له السوالم على ايدي الخضور.
من هنا أرجو اتاحة الفرصة لهذا الموضوع بالنشر في المجلة وذلك من أجل ان يكون البحث عن الحقيقة كاملا وحتى لا يكون هناك اجحاف لأي طرف من الأطراف، فكما تعلمون ان ما ينشر اليوم يكون مرجعا ومصدرا في المستقبل خصوصا في ظل ندرة المراجع المكتوبة لهذا البحث وللتاريخ العماني بشكل عام.
كما اود أن أشيد بمجلة نزوى لما وصلت اليه من مكانة مرموقة بين المثقفين العرب وذلك لما تحتويه من مواضيع ثقافية متعددة.
شيخان بن محمد الخضوري (مهندس من سلطنة عمان)