إن العثور على تعريف للمسرح يكاد أن يكون اليوم مثلما هو من قبل عسيرا، اذا لم يكن مستحيلا، ذلك أن المسرح، بالمعنى لم لواسع للكلمة، بمثابه نتمكل من أشكال لم لتعبير عن المشاعر والأحاسيس البشرية التي تلجأ في التعبير عن نفسها الى فن الكلام وفن الحركة، مع الاستعانة، بكل تأكيد، ببعض المؤثرات الأخرى. علما بانه ليس في هذا القول ما يمكن أن يحدد أو يعرف المسرح،.. لأن المسرح بلا ريب. مثلما يقول "جاق دوفيني" في كتابه" سوسيولوجية المسرح": (ذلك الفصل من علم الجمال الذي أثار أكبر قدر من الجدل وأدى الى أكبر قدر من الأهواء)(1).
إن هذا المنطق يؤكد استحالة حصر المسرع في مجال محدد وتعريف معناه، الأنه في نفس الوقت يشك تمل على جملة عناصر جمالية، واجتماعية، وفلسفية، وأخلاقية، وانسانية تبحث في علم الانسان وتطوره وأعرافه وعاداته ومعتقداته تم إنه، على الرغم من كل ما كتب عنه وفيه وحوله حتى الآن- وهو كثير وفي لغات عدد- وعلى الرغم هن كل ما يبدو عليه من بساطة و المفهوم، نكاد لا نعثر على تعريف دقيق يمكن الاعتماد عليه بل ولا يوجد تعريف وأحد لا في المعاجم ولا في الكتب يمكن الاتفاق عليه، وان أكثر الأعمال الموسوعية المتخصصة في مجال المسرع تتحاشى الخوض في مسألمة تعريفه وتحديد معناه بشكل تقريبي يطمئن اليه، ولقد اكتفت أغلبها بذكر اتجا!ته واشكاله وعناصره مستعينة بتجارب هذا وذلك هن المخرجين والمنظرين في مجالاته المتعددة والمختلفة كما هو شأن، على سبيل المثال (القاموس المسرحي لميشيل كورفان ودائرة معارف عالم المسرح) (2). وما تنوع ألوان الممصرح وأشكاله الا دليل على غنى وثراء ظاهرة المسرع، ودليل قاطع على تعقدها وتعدد جوانبها في الوقت ذاته فهو مثلما يصفه رولان بارت، في كتابه محاولات نقدية (يشبه الى حد كبيرآلة علمية تعمل على توجيه وارسال عدة أخبار ورسائل الى عنوان بيتك (…) بنشاط ووفقا لايقاعات مختلمة بحيث تستلم وأنت في مكانك في وقت واحد أكثر من ستة أو سبع معلومات مصدرها الديكور، الملأبس، الأنارة، مكان الممثلين حركاتهم البانتوميم الذي يقومون فيه والحوإرات التي يطلقونها) (3) اذن المسرح. يحتوي على أصوات ولغات واشارات مختلفة الوظاف بمجرد ما أن تجتمع حتى تقدم ما يعزز التجربة الجمعية على المستوى الروحي والجمالي، ولهذا يمكن أن نعزو ظاهرة تعتر المعاجم المسرحية وتلكؤها ازاء مسألة تعريف المسرح الى شمولية هذا الأخير واحتوائه على مجموعة من المتناقضات والمختلفات التي تتجانس في قمة ارتطاماتها لكي تصنع في زمان ومكان غير محدد كتلة واحدد أو بالأحركما عدد كتل ورسائل تصل المتفرج بغية أن تعزز بشكل شعوري ولا شعوري تجربته الفردية مع التجربة الجماعية، يذهب القاموس ألمسرحي (4) الجديد الذي وضعه "باتريسر بافيس " أستاذ مادة المسرح في جامعة صنصيه في باريس/ على لشيل المثال، الى اضاءة بعض المفاهيم النقدية المشوشة، مستعينا ببعض الطرق والمسالك التي غيرت اتجاهاتها، معتمدا في ذلك، على رؤف انعكاسية لبعضر التطبيقات المهـرحية التحليلية لفن الاخراج ومفرداته على الخلق المسرحي بمعناه المجرد. بالاصافة الى أنه يبحث في علم اشتقاقات الكلمات واصطلاحاتها ومدى صعوبة تحديد معناها، مثلما يهتم أيضا بفن العرض المسرحي الحي الذي يكون الفعل فيه هوجها بدقة نحو خلق احساس عميق ومنسؤ في الدراما، مثيرا مسألة توجه العرض لغريزة السمع والبصر ومخاطبته للفعل بشكل مباشر وغير مباشر، كما هو الشأن في مسرحية (هاملت) لوليم شسمبير، تحم يستنطق، أهمية استجابة الجمبهـور لما يقدم إليه مق كوميديا أو تراجيديا أو أي نوع مسرحي آخر، ريرى بافيس في استجابة الجمهور عنصرا ألساسيا للحكم عى قيمة العمل وجودته، موليا اهتماما ثانويا للنمر الأدبي اذا ما قيسى بالجانب التنفيذي، لأن التأثير الفعال على الجمهور يأتي أولا وأخيرا من التمثيل وما قد يصاحبه من هقومات أخرى، غناء، رقص، مناظر مسرحية، مؤثرات موسيقية وضوئية الى آخره من المكملات، مشيرا الى أن هذا الطرع لا يهزن من شأن النصر أو يقلل من قيمته الأدبية التي كثيرا ما تحظى باهتمام النقاد معتبرا النص عنصرا من مجموعة عناصر أخرى تتفاعل جميعا لكي تكون دن العرضر المسرحي. علما بأن ممارسة المسرح لا تقتصر على درالسة النص وان كان هذا الأخير ينتمي الى العناصر المرئية وغير المرئية للمسرح، في آن واحد (5) والتي تشمل الاخراج ومختلف تصورات العرض المسرحي الذي يجد المتفرع نفسه فيها معنيا بشكل مباشر وغير مباشر. ومتى ما وجد الثمل الفني جمهره، أفلت من يد مؤلفه، وأصبح منه على بعد لا متنا،، لان التمتيل المسرحي متلما يقول دوفينيو (يحرك معتقدات وأهواء تقابل النبضات التي تتكون منها حياة الرهوط والمجتمعات وان الفن يصل هنا الى تلك الدرجة من الشمول التي تتجاوز إطار الأدب المكتوب. ذلك لأن الشيء الجمالي معه يصبح معه عملا اجتماعيا)(6).
إن عملية انصهار الجمالي بالاجتماعي هذه، لا تتم أو تتحقق ما لم ننظر الى المسرح على أساس ظاهرة شمولية تجمع في طياتها مجموعة عناصر تتفاعل بينها لكي تعطينا في النهاية ما نسميه بالمسرح دون أن ننسى أو نغفل الجمهور من حيث هو عنصر فعال من غير مشاركته لا تكتمل التجليات المسرحية، فهو مثلما تقول آن أوبوزفيلد (المعنى بالخطاب المسرحي منكما هو المتلقي الذي يستلم جميع الرسائل والأخبار في عملية الاتصال، لأنه في الحقيقة ملك الحفل وسيده الأوحد)(7)>
والسؤال الذي يمكن طرحه في صدد تعريف المسرح وتحديد نشأته الأولى يكاد أن يكون اليوم شبه مستحيل، لأنه من غير الممكن أن تجعل بداية المسرح تنحصر بمسألة العثور على نص أو مخطوط مثلما حصل في واقع الحال عندما عزا أغلب الكتاب والمؤرقين الطفولة الأولى للمسرح الى الا غريق معتمدين في ذلك على أقدم نص مسرحي عثر عليا في حوالي سنة 490ق.م والسؤال الملح هو: هل يحق لنا نحن كباحثين وكتاب بعد أن أطلعنا وعرفنا وخبرنا المسرح وشموليته عن بعد وقرب أن نعتبر الا غريق هم أول من عرف ظاهرة المسرح ونفض الطرف عن جميع التعريفات والشروحات المقدمة من قبل المختصين بالمسر يم والتي مجملها تكاد أن تكون عاجزة تقريبا أو غير قاطعة وأحيانا غامضة مبهمة ؟ ثم هل يحق لنا أن ننكر على الشعوب التي سبقت الا غريق معرفتها بالمسرح ونقصر وجوده على الشعوب التي أحرزت تقدما حضاريا أكثر من غيرها أم نتعامل معه على أساس أنه ظاهرة جمالية، فلسفية، اجتماعية، أخلاقية وانسانية بدائية ولدت ونشأت وتطورت مع الانسان بصرف النظر عن زمانه ومكانه ومدى التطور الذي أحرزه على الانسان الآخر الذي سبقه أو أتى من بعده ؟
إن الاجابة على هذا النوع من الأسئلة تعود بنا بالتأكيد الى الماضي البعيد مثلما تدعونا للبحث عن وفي وحول الظاهرة المسرحية الرسمية وغير الرسمية والمقصود هنا بالرسمية : الفترة والتاريخ الذي مثلت فيه أقدم مسرحية (الضارعات ) لاسخيلوس في حوالي سنة 490ق.م أمام الجمهور الاثيني. وسوف نبدأ اجابتنا على جميع الاشكاليات المطروحة أعلاه بأسئلة تحمل اجاباتها معها بشكل ضمني نبدأها:
– من يستطيع أن يؤكد لنا بشكل قطعي وحازم عل أن الاحتفال أو التسلية المسرحية لم يكن لها وجود أو أثر قبل هذا التاريخ المذكور، وان اسخيلوس وقدامي كتاب المسرح اليوناني مثل سو فوطيس ويوربيدس لم يكونوا مدينين في موضوعاتهم واشكالها المسرحية الى رجال الدين الذين كانوا يقومون بأداء طقوسهم الدينية وفقا لتقاليد مسرحية عندما كان الكاهن يتولى كتابة النص، والاخراج وتوزيع الأدوار كما كان يقوم أيضا بأداء الأدوار الرئيسية بنفسه ؟ بالاضافة الى أن كتاب اليونان القداس لم يخترعوا المأساة اختراعا وانما هم توارثوها عن تقاليد وعادات كانت سائدة نمت وترعرعت شيئا فشيئا حتى أثمرت المسرح الذي نعرفه اليوم، وذلك لأن ازدهار الدراما لدى الا غريق لا يعني أن نشأتها الاولى كانت اغريقية، لأن المسرح وفقا للكثير من الآراء الغربية والعربية، قد وجد في الحضارات القديمة التي سبقت الحضارة الاغريقية، ولكن بأشكال مغايرة أقل تطورا وأكثر بساطة، وانه من المستبعد جدا أن تكون الانسانية بكل اتساعاتها وتعدد ميادينها الثقافية كانت عاجزة عن اكتشاف الظاهرة المسرحية، وان البشرية قد عاشت بدون المسرح حتى جاء القرن الخامس قبل الميلاد الذي عرف فيه الا غريق ما لم تترف عليه باقي الشعوب خلال الاف السنين.
لسنا هنا بصدد بحث النشأة الأولى للمسرح بقدر ما يهمنا أن نتبع الخطوط العريضة للظاهرة المسرحية قبل وبعد تاريخها المدون في القرن الخامس ق.م من أجل التمهيد لموضوع بحثنا الذي يتكيء على الكثير من جوانبها، ولهذا لابد لنا من أن نشير الى الفعالية المسرحية التي وجدت مه وجود الانسان عندما قام بمحاكاة الطبيعة، والفعالية مثلما يقول ارنست فيشر في كتابه المعنون "ضرورة الفن " (هي أقدم من البحث عن غاية وبالاحري اليد، لا الدماغ هي التي توغلت في عالم الاكتشاف ). ولقد أثبتت الدراسات الأثرية من خلال النقوش التي حفرت على جدران الكهوف، ان الانسان بدأ يحاكي الحيوانات ويتقمص أشكالها ويؤدر حركاتها في محاولة منه لاقتناصها، كان التقمص وسيلة من وسائل تحقيق التجانس المظهري معها،وفرض السيطرة عليها، ولقد تميزت طقوس القنص واقتربت من فن التمثيل بدرجة كبيرة بحيث يصور هذا الطقس عند زنوج الكونجو، مثلا كيف يخرج الرجال للقنص في طقس واحتفال تمتزج فيه الحركات المعبرة مع الموسيقى في شكل دراما موسيقية تتتابع فيها التعبيرات بشكل هارسوني وتتسارع وفقا لايقاعات تدريجية تتزايد شيئا فشيئا حتى تنتهي بتمجيد أفعال القانصين، والاحتفال بهم ان الانسان البدائي قد أفر، أشكالا ايمائية وحركية من خلال لفة الجسد كراود فعل لتحديات الطبيعة، وهذا يعتبر بحد ذاته خطوة أولى في مضمار الرقص. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن هنالك مشابهات ومقاربات كثيرة تجمع الحياة الاجتماعية بالممارسة المسرحية. تجمع ما بين الفعاليات وفن التمثيل الدرامي.
إن العثور على هذا النوع من المقاربات والهيئات المسرحية ليس بالمستحيل أو المتعذر خصوصا عندما نلقي نظرة على حياة مجتمعات ما قبل التاريخ التي كانت تستمد قناعاتها بوجودها من هذا النوع التمثيلي شبه الخرافي،. لقد اعتادت هز« الجماعات على محاكاة قصة خلق العالم وتكوينه بالرقص والغناء وفن الحكاية وبعض الممارسات البهلوانية التي يمتزج فيها الواقع بالخيال، الاجتماعي بالمسرحي فتعطي جملة رموز واشارات تشخيصية تعبر عن انصهار الفرد بالجماعة والجماعة بالفرد.
ان الانسان البدائي مثلما يروي وولترتيري في كتابه "الرقص في امريكا": (استطاع بغريزته أن يتوصل الى الرقص وذلك بدوافع عديدة منها افراغ شحنة الطاقة وتجسيد بطولته والاحتفال بالقنص، وكذلك الرقصات البدائية للانسان الأول كانت تتضمن حيوية الرقص دون أن يكون لها طابع الفن ) (9).
ولهذا نجد اختلاطا في العناصر والمغردات داخل طقوس الشعوب البدائية التي كانت تضم الى جانب المحتوى الدرامي الموسيقي للمشاهد الاحتفالية فنونا أخرى كالرقص الذي يعتبر وسيلة ايضاحية في تحقيق التفاهم بعدها أصبح الانسان مشروطا بحياة الجماعة، وهذا في الحقيقة ما يفسر تنوعه فهناك الرقص النابع من الغريزة، والرقص المتأسس على فكرة والرقص الذي يريد التعبير عن فكرة يود ايصالها، اضافة الى ذلك وجود الفن التشكيلي المتمثل في الأقنعة المنحوتة على الخشب، لقد كانت تحتوي أغلب الطقوس عن أبعاد شعائرية احتفالية ذات وظائف سحرية واجتماعية تحمل دلالات ورموزا تترجم عادات وتقاليد هذه الرهوط والجماعات في خروجها الى الحرب، دعواتها في استنزال المطر، الانتصار والابتهاج وفي ضوء ذلك يذكر " شلدون تشيني " في كتابه الموسوم،،المسرح في ثلاثة آلاف عام"( ان أحد الأشخاص البدائيين اذا رقص لطوطمه أو ابتهج بمعركة كسبها، وكان صادرا في رقصه عن مجرد الغريزة، لم يكن رقصه ذلك من الرقص المسرحي حتى في شيء ولكنه اذا يرقص معبرا برقصه عن انتصاره في المعركة، مبينا لنا كيف تلصص حتى رأى عدوه ثم كيف قتله وفصل رأسه عن جسمه كان رقصه ذلك شديد القرب من المسرحية الصميمية ) (10). ان قرب هذه الفعالية من المسرحية الصميمية يعود في الحقيقة الى قربها من التعريف الذي يقدمه "أرسطو" في كتابه "فن الشعر" لفنون التقليد الثلاثة : الملحمة، المأساة والرواية الهزلية أن هذه الفنون الثلاثة لا تقدم شخصياتها الا في حالا الفعل مثلما لو أنها تعمل ومن هنا نشأت الدراما وذلك لأنها تقلد شخصيات تعمل ولكنه تقليد بالمعنى المجازي للكلمة ( المأساة لا تقلد للناس بل تقلد الفعل والحياة )(11) بالاضافة او أن مكان اقامة التسلية يتحول بفعل مشاركة أفراد القبيلة وانسجامها بالحدث المروي الى مكان زي جاذبية خاصة يفصل ما بين المقدس وغير المقدس ما بين المواقف التي تنتجها الحياة والمواقف التي تخلقها التسلية، ذلك أن اجتماع الناس في مكان عرض منظم يعطي ويضيف للحين تجربة خاصة، ان الجمهور في كل أشكاله هو الذي يصنع المعجزة أو يؤلف العملية السحرية لأن المؤدي من أفراد القبيلة يقدم لهذه المجاميع الأشكال التي ستؤولها وتتممها وفقا للتجربة الخاصة المعاشة. لكل فرد منهم.
وعلى هذا الاساس يمكننا أن نقول إن المسرح في أبسط أشكاله اعتمد على الدراما الانسانية الناجمة عن مواجهة الانسان البدائي لقوى الطبيعة التي لم يكن يفهمها في بداية الأمر وأن ظروف الحياة الشاقة التي عاشها قد جعلته يتحد ويتعاون مع أفراد قبيلته من أجل الحصول على موارد مشتركة للغذاء، وللدفاع عن النفس ولذا صنفت القبائل حسب أسلوبها في انتاج الطعام باعتباره القاسم المشترك في الصراع من أجل البقاء وبذلك أصبع لكل قبيلة تقاليدها وشعائرها الدينية وممارساتها الطقوسية التي تضمنت على بعض الملامح والعناصر المسرحية المتفردة.
يصف "السير جيمس فريزيي" في كتابه الغصن الذهبي مخاض امرأة من قبائل Dayaks يورنيو قائلا (حين يأتي المرأة المخاض تستدعي أحد السحرة لمساعدتها على الوضع وهذه عملية مقبولة عقلا إلا أنه في الوقت ذاته يقف ساحر آخر خارج الحجرة، ويقوم بأداء بعض الحركات التي تهدف هي أيضا الى نفس الغاية دون أن تكون لها صلة مقبولة بعملية الوضع ذاتها فيربط حجرا كبيرا ادر بطنه بقطعة من القماش يلفها حول جسمه لتمثيل الطفل داخل الرحم ثم يقوم مسترشدا بالتعليمات التي يصدرها زميله من داخل الحجرة بتحريك الطفل المتوهم في جسمه مقلدا حركات الطفل الحقيقي حتى الولادة ). وهكذا تنتقل الرموز والدلالات من الكاهن ال الشعب الذي بدوره يحيل اشاراته ودعواته الى حقيقة من خلال مقابلته اياها بالتصديق والتشجيع يقول "انتوان أرتو" في هذا الصدد : (ان جمهور المسرح يعيد خلق القبيلة البدائية هذه وأن جمهور. المتفرجين يبادل الاشارات التي تقدم اليه بالمعنى أو الدلالة والتصديق اللذين يسقطهما باتجاه الجموع الاخرى، ان دوره يقوم على اطالة واتمام الايحاء المقترح عليه من قبل مجموعة الأشخاص القابعين في الحيز المسرحي).
ومهما يكن من أمر، فإن محاكاة أشكال الحيوانات بغية القنص، أو النزوع للتشبيه والتقليد في تكريس السحر وممارسة الرقص الايمائي في تصوير الطوطم والقيام طقوس الصلوات والأدعية وتقديم القرابين بكيفية العرض الديني وسواء كان ذلك فعالية طقوسية أو نزعة غريزية فإنها في النهاية تقربنا من فن المسرح بمنحها ايانا شكلا أوليا لمظاهر شبه مسرحية. زائدا الى أن التطور الأدواتي الذي رافق مسيرة العمل لدى الانسان البدائي دفعه لأن يخلق وسائل و طرقا اتصالية تتماشى مع طبيعة وظرف العمل الجماعي الجديد، ولهذا لم يتوقف الانسان البدائي عند الايماءة والاشارة وتصوير الشي ء بالحركة وانما راح يبحث عن وسائل ومقومات أخرى تمد وتوسع حجم جسور التفاهم فيما بينهم، فاكتشف اللفة المتطورة من وعلى تلك الايماءات والحركات التشبيهية الصامتة، وبما أن الضرورة أم الاختراع استطاعت هذه الجماعات المتآزرة والمتلاحمة روحيا ومعنويا أثناء ساعات العمل أن تؤلف وتنشد الأغاني احتفالا بالعمل وضرورته في استمرار الحياة. وبهذه الكيفية انطلقت الجماعية وتكونت في انصهار مشاعر الفرد في مشاعر القبيلة التي لم تكن آنذاك مجتمعا كبيرا بحصر المعنى وهذا مما جعل اليوميات الحياتية للأفراد تتشابه بحكم الظرف الواحد المحيط بهم. ويعتبر هذا التشابه واحدا من العوامل التي ساعدت على تضاؤل الشعور بالاستقلالية وتفوق وطغيان الشعور الجماعي الذي جعل من الأغنية الجماعية أكثر انتشارا ورواجا بين تلك المجتمعات. ولقد كان يرافق هذه الأغاني التي يؤديها أفراد القبيلة رقصات وحركات تترجم في شكلها ومضمونها معاني الكلمات المستعملة في الأغنية مثلما تحاكي الواقع الحياتي وفق تصورات اختلط فيها الأمل بالخوف والجنوح بالخيال وكانت تحتوي الأغنية البدائية مثلما يقول س.م. يورا (على كلمات فيها فن حقيقي ونغم وشاعرية تختلف جدا عن الكلمات المستعملة في حياته اليومية وممارساته الكلامية الاعتيادية ورغم أن تلك الكلمات المنفعة ليست راقية جدا في تكوينها اللغوي الا أنها صالحة تماما للتعبير عن المحيط الذي يعيش فيه الرجل البدائي)(14) ان هذه الكلمات غير الراقية والنغم المصحوب بالرقص وشتي صفوف المحاكاة الحياتية الدنيوية والدينية بكيفيات مختلفة تعتبر بالنسبة للشعوب البدائية بمثابة دراما، ذات مشاهد تمثيلية واقعية وان الغناء مثلما يذهب اليه بعض الكتاب والباحثين كان أصل الشعر في جميع الأداب القديمة وخصوصا السامية منها.. فالشعر بموجب "طه باقر" يعني، تقريبا الفناء والنشيد مثل "شيرو" البابلية و"شير" العبرية و"شور" الارامية وكأن هز. الكلمات الثلاث قد فقدت حرف العين المتوسط الذي لو افترضنا وجود. لأصبحت الكلمات وفقا لتسلسلها : شيرو = شهيرو وشير = شعير وشور = شعور بالاضافة الى أن المصطلح العبراني شيرهشيريم الذي يعني نشيد الانشاد المنسوب الى سليمان في التوراة.
ولو تجاوزنا مرحلة المجتمعات البدائية وانتقلنا الى مرحلة قيام الحضارات الأولى وازدهارها لطالعتنا الحضارة العراقية والمصرية القديمة بشواهد واثباتات تؤكد عن وجود طقوس دينية واحتفالية كانت تقام في المعابد والشوارع والساحات العامة. فلقد انتجت هذه الحضارات نصوصا دراسية وطقوسا دينية اعتمدت في مجملها عل لفة الشعر المرسل الذي لم يكن يختلف عن شعر باقي الأمم، فهو مثلما يذكر "طه باقر" في مقدمته لمشحمة جلجامش : (يخضع الشعر لفن خاص من النظم والتأليف فهو يتألف من أبيات قوام كل بيت من مصراعين (الصدر والعجز) وكان موزونا ولكنه غير مقفى، فهو بذلك مثل الشعر العبراني واليوناني والروماني)(15). ويغلب على أوزان شعر الملحمة أن السطو الواحد فيها يتألف من أربعة أوتاد كما الأسطر الآتية المأخوذة من خطاب صاحبة ألحانه الى جلجامش مبينة له عبث نشد ان الخلود:
صاحبة الحانة
الى أين تسعى ياجلجامش
فالحياة التي تبغي لن تجد
حينما خلقت الالهة البشرية
وتمسكت في الحياة بأيديها
ولكن على الرغم من شهرة هذه الملحمة دراميا وقدمها واحتوائها على هيئات ومظاهر مسرحية حوارية ومناجاة تراجيدية طويلة مشابهة ومقاربة للمناجاة الاغريقية في نصوص اسخيلوس وسوفوكليس، مثلا مشهد موت انكيدو وبكاء جلجامش عليه :
جلجامش يخاطب شيوخ أوروك
اسمعوني أيها الشيبة وأصغوا إلي
من أجل انكيدو، خلى وصاحبي، أبكي وأنواح الثكلى
انه الفأس التي في جنبي وقوة ساعدي
والخنجر الذي في حزامي والمجن الذي بدأعيني
وفرحتي وبهجتي وكسوة عيدي(16)
الى آخره : وعلى الرغم من معالجاتها الانسانية الشمولية لشتى المشاكل وتطرقها لأصعب العقد، مثل مشكلة الحياة والموت، وما بعد الموت والخلود، وانشغالها في موضوع حتمية الموت على البشر، وعلى بطلها جلجامش الذي ثلثاه من مادة الالهة الخالدة وثلثه الباقي من مادة البشر الفانية، وعلى الرغم من فريق مؤرقي الأدب الذي اعتبرها (أطول وأكمل ملحمة عرفتها حضارات العالم القديم وليس ما يقرن بها أو يضاهيها من أدب الحضارات القديمة قبل الالياذة والأوديسة في الأدب اليوناني ) (17). فان شواهد قليلة ومحدودة اعتبرتها أو اشارت الى كونها مادة دراسية يرجه تاريخ تدوينها الى ما قبل الالف الرابع قبل الميلاد. ولقد كشفت الاختام الأسوانية وفن النحت البارز ونصوص تلك الفترة عن مشاهد تمثيلية تصور أجزاء من الملحمة ففي أختام عصر فجر السلالات ( 2800 – 2400ق.م ) نشاهد تمثيل بطل وهو يصارع الحيوانات المفترسة وقد عين هذا البطل انه جلجامش. وختم آخر نقش عليه صورة بطل يصارع أسدا وفيه كتابة باسم أور جلجامش (أي، خادم أو صاحب جلجامش ). مثلما أصبحت أعماله ومغامراته مادة لملاحم وقصص سومرية وبابلية عديدة. وان اسما ورد مه اسماء الملوك السومريين من سلالة مدينة الوركاء الأولى حيث يأتي ترتيب حكمه في سلالة الوركاء الأول خامس علك من ملوك تلك السلالة. وبموجب نص طه باقر، ان سلالة مدينة الوركاء الأولى تعتبر السلالة الثانية التي حكمت بعد الطوفان ولقد سبقتها في الحكم سلالة كيش، هذا بالاضافة الى أن شخصية جلجامش انتقلت الى معظم الأداب القديمة أو أن أفعاله وما جاء به من انجازات نسبت الى أبطال الأمم الأخرى مثل : هرقل أخيل والأسكندر زي القرنين والبطل أوديسيوس في الأوديسة والسؤال الذي يمكن طرحه في ضوء انتشار وشيوع الملحمة ومغامراتها الكثيرة هو : هل صادف وان مثلت هذه الملحمة ذائعة الميت على الملأ ؟ وهل خضعت الى تعاليم والى اشارات اخراجية مثلما خضعت باقي النصوص القديمة الأخرى مثل : رثاء أور، ونزول عشتار الى العالم السفلي وهوت بعل مردوخ… الخ إن الجواب الذي يمكن أن نستخلصه لدراستنا لهذا الأمر هو أن الملحمة ظلت في كثير من الأحيان حبيسة أسلوبها السردي القصصي الذي يشبا الى حد كبير طريقة سرد القصص في "ألف ليلة وليلة " وهذا مما جعل بعض أجزائها تقرأ بكيفية حكواتية في الأعياد والمناسبات أمام الجمهور.(18) أما الجزء الاخر الذي اعتمد في مشهديته على الفعل والمغامرة والقتال، مثل مشهد سنازلة جلجامش وصديقه انكيدالي الثور السماوي، ومشهد قضائهم على الرمش المرأة "خمبابا" الى أخره من الأحداث انحصرت في النقوش والأختام والبار وليفات النحتية البارزة، وما عدا ذلك فإن حضارة وادي الرافدين اقتصرت في مظاهرها وهيئاتها المسرحية على كل ما هو ديني يتعلق بقصص الآلهة واشتراطاتها عل البشر. وهذا مما دعا أغلب الكتاب والمؤرخين والمختصين في مجال الدراما أن يعتبروا الحضارة العراقية القديمة حضارة خالية من الأثر المسرحي المتكامل. وان وجد هذا الأثر أو تلك الاثار فإنها لا تؤدي الى وظائف دراسية بالمعنى الغربي الافريقي، وفي اعتقادنا أن هذه الآراء قد تأسست في شكلها ومضمونها عل كون النشاط الدرامي في الحضارة العراقية القديمة كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بالعقيدة الدينية التي لم تحاول يوما الخروج أو التمرد عليها واستنطاق ما هو دنيوي بدلا من الديني مثلما فعل الا غريق. ولكن هذا لا يمنع في نفس الوقت. من أن نلقي نظرة شبه تأملية لبعض مظاهرها الدرامية علنا نصل الى شيء. اذ ليس من الممكن أن يكون العراقيون القدماء بما يمتلكونه من طقوس واشارات دينية ونصوص دراسية قد جهلوا وتجاهلوا حقيقة هذا النوع من الفن.
لقد سجلت لنا الطقوس الدينية مظاهر دراسية احتفالية كانت تمارس، في العادة بالمناسبات والأعياد الكبرى، ومن أهم هذه المظاهر:
– قصة الخليقة.
– رأس السنة البابلية
– الزواج المقدس.
– موت وقيام مردوخ.
– هبوت عشتار الى العالم السفلي
لقد كشف الايمان بأسطورة التكوي عند البابليين عن السبب الذي أدى ال تكرار الاحتفال بأعياد رأس السنة البابلية التي كانت تحتوي على شبه مسرحية تمثلت معظمها في معارك الالهة ونزعاتها، لقد كانت تحاض معارك حيوية تشبيهية تذكرنا نوعا ما بطقوس عاشورا، حيث كان يحتفل الأهالي بغياب الاله تموز وغيابه في ظلمات الأرض مثلما تذكرنا طقوس عاشورا، ذاتها باحتفالات وادي الرافدين، بل هناك من يقول ويؤكد على أن عاشورا، كاسم مأخوذ عن ومن اسم عشتار امرأة تموز، ففي عاشورا، ومثلما يقول جعفر الخليلي، في كتابه الموسوم "موسوعة العتبات " (كانت النساء يمشين بشعور منثورة وأوجه مسودة وملابس ممزقه يلطمن الخدود ويولولن حزنا على الحسين الشهيد) (19). ونساء بابل كن يفعلن نفس الشيء حزنا على هبوط تموز الى العالم السفلي. ولقد اعتبر شهر عاشورا، شهرا مباركا،كونه الشهر الذي تسقط فيه أول قطرة مطر في السنة مثلما يعتبر أيضا الشهر الذي خلق فيه آدم وحواء ومنحت فيه الرسالة المقدسة لأرواح العشرة آلاف رسول. اذن فهو شهر الخصب وفي نفس الوقت شهر الموت والميلاد، ان رأس السنة البابلية تذكرنا بطقوس التعزية أو التعازي العاشورية التي كانت تحتوي على الكثير من التشابيه التمثيلية والطقوس والوقائع. ولقد كانت تستمر احتفالات رأس السنة البابلية أحد عشر يوما ان السقف الزمني للاحتفال يلقي بنا من جديد في احضان احتفالات عشرة أيام عاشورا، التي كان يحتفل فيها الشيعة من المسلمين باستشهاد الحسين وغيابه عن الارض _يجري خلالها الكثير من الأحداث التشخيصية. لقد كانت تصور هذه الفعاليات التشخيصية اضطراب وفوضى العالم بعد غياب الاله : تحرير الاله مردوخ من أسر العالم السفلي : اعادة تمثيل قصة الخليقة، وخلال ذلك يتم تشخيص دور الاله "مردوخ " بينما تقوم أحدى كاهنات المعبد بدور "المرأة " في حين يقوم الشعب بدور المجاميع التي تشارك في المعارك، ولو تفحصنا عن قرب تلك الاحتفالات التي يعود تاريخها الى الالف الثالث قبل الميلاد والتي تتكرر سنويا لوجدنا أن هناك أشخاصا يتقمصون ويحاكون الآلهة وشخصيات العالم السفلي أي أنهم يجسدون شخصيات غير شخصياتهم في الحياة اليومية. ولقد كانت احتفالات رأس السنة البابلية بمثابة احتفال بالزواج المقدس حيث كان الكاهن يقوم بتشخيص دور الاله " تموز" مثلما تقوم الكاهنة بأداء دور "عشتار" عند استقبالها "تموز" ويقوم ممثل دور الاله "تموز" ( بارتداء بدلة خاصة بهذه المناسبة ويضع على رأسه تاجا، ويقوم أحد الكهنة بتقديمه الى عروسه «عشتار» التي تستقبله بدورها بأجمل ثيابها وأبهى زينتها وأغلى حلتها) (20).
لقد كانت الغاية من وراء اقامة هذه الاحتفالات السنوية بالنسبة لانسان العصور القديمة تكمن في تفسيره الخاص للظواهر الطبيعية والحضارية، وهذا التفسير كان مثلما ظل حتى الوقت الحاضر يختلف من حيث المنطق والمفهوم عن تفسيرات الانسان المعاصر تقول الباحثة Mircee Eliade هذا الصدد: (ان الانسان المعاصر يعتبر نفسه حصيلة "التاريخ " بينما يعتبر انسان العصور القديمة نفسه حصيلة أحداث أسطورية ودينية. فالانسان المعاصر مدين في واقعه الفكري والمادي الى سلسلة متواصلة من المنجزات والأحداث التي وقعت عبر تاريخه الطويل وأسهمت في تطوره العلمي والفني والأدبي. أما انسان العصور القديمة فقد كان حاضره يرتبط بسلسلة أحداث صنعتها قوى خارقة في البدء، أي أن الابطال الذين صنعوا تأريخه كانوا آلهة وهو لذلك تاريخ مقدس (….) ولهذا كان منطقيا أن يعيد الانسان القديم ما حدث في البدء عن طريق اقامة الطقوس، ذلك لأن معرفة الانسان القديم بالاساطير أي لتأريخه المقدس كان أمرا ضروريا ليسر فقط لأنها تعطيه تفسيرا لاسرار الكون وعن كيفية وجوده بالذات في الكون وانما لأنه يستطيع هن خلال استذكار الأساطير ومن خلال اعادة وقائعها أن يعيد الانسان القديم ما صنعته الالها والابطال والاجداد في البدء). ` اذن كان من المنطق ان يعيد ويكرر السومريون والبابليون الوقائع والأحداث التي كانت تحاكي وقائعها ذلك الزواج الالهي كل عام فيقوم مثل الآلهة من البشر كالملك أو انكاهن الأعظم، بتقمص شخصية الزوج الاله بينما تقوم الكاهنة العظمي بدور الزوجة الالهة. وقد ورد في كتاب الدكتور فاضل عبدالواحد علي، "عشتار ومأساة تموز، أن المراسيم تبدأ بالزواج الذي يعتبر الحدث الرئيسي للاحتفالية، حيث كان يقام في المعبد وتحت اشراف الكهنة ومن أبرز المراسيم التي يذكرها فاضل عبدالواحد علي :
– وصول موكب الملك الى معبد الالهة _أنا.
– تقديم الملك الى عروسه الكاهنة.
وفي هذا الطقس الذي يعتمد عل مبدأ الحيوية والتشبيه، يرتدي الملك بدلة خاصة ويضع على رأسه التاج يقوم أحد الكهنة بتقديمه الى عروسه الكاهنة. وتستقبل الكاهنة زوجها المك وهي في أجمل ثيابها وأبهي زينتها وأغل حليها. وتصف النصوص المسمارية لحظة اللقاء هذه قائلة :
(تغتسل العروس بالماء والصابون وتطيب جسمها بالدهان والعطور وفمها بالعنبر وتزين عينيها بالكحل ثم ترتدي الثياب النفيسة وتلبس الاساور والخواتم والقلائد المصنوعة من الذهب والاحجار الكريمه )(22). بعد ذلك مباشرة، تردد الكاهنة أغنية عاطفية تستنطق فيها "الوصال الجنسي " باعتباره العنصر الأساس الذي تدور حوله عقيدة الخصب. ويذكر الدكتور فاضل عبدا لوحد علي مثالا لهذه الأغنية كانت تنشدها أحدى الكاهنات الى عريسها شو-سن 2038-2030ق.م ) رابع ملوك
سلالة أور الثالثة :
(أيها العريس العزيز على قلبي
ما ألذ وصلك حلو كالشهد
لقد أسرتني فها أنا أقف مرتعشة أمامك
أيها العريس ليتك أخذتني الى غرفة النوم
أيها العريس دعني أقبلك
فقبلتي العزيز أحلى من رغبتك
فأخبر أمي لكي تعطيك ما لذ وطاب،
وأخبر أبي لكييقدم لك الهدايا،
نفسك… اني أعرف كيف اين أدخل السرور الى نفسك!
أيها العريس تعال ونم في بيتنا حتى الفجر
قلبك… اني أعرف أين أدخل السرور الى قلبك!
أيها الأسد تعال ونم في بيتنا حتى الفجر
وأنت ما دمت تجني
أتوسل إليك ان أقبلك
ياسيد الاله ياسيد الحافظ
ياشو-سن يامن يدخل السرور الى قلب انايل
أتوسك إليك أن أقبلك..)(23).
وبعد مجيء سادس ملون سلالة بابل الأولى حمورابي (1792- 1595ق.م ) الذي استطاع أن يوحد القطر في مملكة وواحدة بعدما كانت عدة ممالك يحكم فيها جملة سلالات متعاصرة متنازعة، تفرد حمورابي بزعامة البلاد بعدما حقق وحدتها السياسية.، وعندما صارت بابل تحتل مركز الصدارة السياسية في بلاد وادي الرافدين حل "مردوخ " مكان " تموز" وهكذا أدمجت في الالف الأول ق.م طقوس الهة الخصب باحتفالات نشأت الكون وأصبحت أعياد رأس السنة تحتوي على فكرة الزواج وقصة الخليقة معا وصار من أبرز مظاهر هذا الاحتفال السنوي قيام الملك بتقمص شخصية الاله "مردوخ " بطل اسطورة التكوين البابلية ومحاربة " كنكو " قائد قوات تياهة والقضاء عليه في مسرحية دينية تجسد وقائع أسطورة التكوين (24)، مثلما بات الملك يقوم أيضا بتمثيل شخصية "تموز" اله الخصب وشخصية "انليل " اله الكون مما، وهكذا صارت شخصية الاله مردوخ تجمع فعالية الخصب وفعالية الكون. وبهذه الكيفية تأسست الطقوس الدر امية لاحتفالات رأس السنة الجديدة، على تمثيل قصة التكوين "موت وقيامة مردوخ " حيث كانت تجري الأحداث وفقا لما جاء في كتاب عشتار ومأساة تموز في بيت "أكيتو" وهو مكان خاص للاحتفالات الجماهيرية ويقع خارج أسرار المدينة،، ويجري تمثيل هذا الطقس المسرحي، ان صه التعبير بكيفيتين.
الكيفية الأولى: شعبية
والكيفية الثانية: دينية خاصة.
تتجسد في الطقس الشعبي فوضى العالم بعد غياب اله الخلق، حيث يقوم الشعب بتمثيل حالة الحزن والأسى الذي يرافق موت اله الخصب وتدور أحداث هذا الطقس جميعها في الشارع. في حين تجري أحداث الطقس الديني في المعبد. بسرية مطلقة لا يتورع عليها الجمهور العادي. ويتم خلالها تمثيل عملية تخليص وتحرير الاله مردوخ على يدي ابنه "نايو". ان الاحتفالات البابلية وطقوس الزواج، ومأساة تموز ونزوله الى العالم السفلي وانبعاثه من جديد، وجميع هذه الاشارات ان دلت على شي ء فتدل على أن الحضارة العراقية القديمة كانت تحتوي على انشطة وفعاليات شبه مسرحية قوامها " المحاكاة " والتقليد للكثير من المظاهر والهيشات التمثيلية مثل : محاكاة الالهة من قبل البشرو تمثيل الفوضى التي تدب في الأرض بعد غياب ا8لهة وتصوير الحروب والمعارك -ن الالهة ومكان الاحتفالات خارج أسرار المدينة والطقس السري لتحرير مردوخ من قبل ابنه، حيث يصاحب ذلك صوتان، الأول يعلق على الأحداث التي تنفذ بشكل ايمائي والآخر يلاقي الرد على شكل مونولوج طويل يأتي على لسان "كاهن " أو "كاهنة ". زد على ذلك أن هذه الاحتفالات والطقوس كانت لا تخلو من اشاعة روح المرح والغناء والرقص على أنغام الآلات الموسيقية البابلية. ان الشي ء الوحيد الذي يؤسف له، ان جميع هذه الأنشطة والتسليات ظلت حبيسة نفسها، محصورة بمراسيم وطقوس داخل جدران المعابد والساحات المخصصة للاحتفال، لا تؤدي سوى وظيفة دينية لم تحاول أن تخرج عن اطارها الديني الى الدنيوي. ولهذا السبب بالذات، تعذر على الكثير من الكتاب والدارسين الحصول على صيغة مسرحية قائمة بحد ذاتها، هذا من ناحية ومن ناحية أخر.، أن مجسدي هذه التسليات المسرحية كانوا يقومون بأداء شخصيات وأحداث مقررة مسبقا ومعروفة، لذلك ان اهتمامهم لم يكن منصبا على الكيفية التي يمكن أن تقدم فيها الشخصيات، وانما عل الطقس الديني وما يدور به من فعاليات وأنشطة تحاكي الشعيرة الدينية.
ان ما حدث في حضارة وادي الرافدين يمكن أن ينطبق ويسري علو الحضارة الفرعونية التي شهدت هي الأخرى طقوسا شعائرية واحتفالات كرنفالية حاكت وخاطبت مثلما قلدت مظاهر دينية كثيرة بلفة شبه مسرحية، اذا لم تكن كذلك. ولقد لجأ الكثير من الدارسين والمهتمين بهذه الحضارة الى افتراض تمثيليات ومشاهد مسرحية، معتمدين في ذلك على "البرديات " القديمة، ومن هؤلاء الكتاب نذكر على سبيل المثال E. Drieton" تحمس لقضية معرفة المصريين بالمسرح مثلما تحمست الكاتبة "ايفون مروزنجارتن " لقضية المسرح في حضارة وادي الرافدين حيث نشرت هذه الباحثة أكثر من مخطوط ومقال تشير فيهما _ اذا لم تكن تؤكد _ على وجود مسرح ديني سومري(25). فهي على سبيل المثال. درست مستويات الخطاب في نصوص "مراثي المدن " وبالذات نص "رثاء أور" الذي كتبه السومريون في ذكرى مدنهم التي غالبا ما كانت تتعرفي للدمار والتخريب على أيدي الغزاة البرابرة المحيطين بهم. ومن ثم قامت بتحليل ضمائر المتحدثين ومصائرهم ومكانتهم الاجتماعية والدينية والالهية. ولقد ذهبت الكاتبة بعيدا في بحثها عندما حاولت ان تعقد مقارنات تطبيقية ما بين دور الجوقة في نص "رثاء أور" وما بين الجوقة في التراجيديات الاغريقية عند اسخيلوس وسوفوكليس. ثم لجأت الى تقسيم النص الى أربعة ازمان متسلسلة.
الزمن الأول : تهدم المدينة في الماني.
الزمن الثاني ترميمها في ماض أكثر حداثة.
الزمن الثالث : التعبير عن الالم في الحاضر.
الزمن الرابع : الامنيات المتعلقة بالمستقبل.
ولقد وصل الحال بحماس وايمان هذه الباحثة الى كتابة سيناريو ختامي استلهمته بكل تأكيد، من أحداث الني الدرامي الذي تشير فيا الى امكانية أن يختم النص المسرحي في بيت شعري توجهه الجوقة الى الاله قائلة : (أيها الاله نانا، مدينتك المرممة، تسمو بك الى المجد بامجادك ). وتقول الباحثة في هذا الصدد : (يبدو لي بوضوح أن النص السومري قد مثل وقد مثلته جوقة قابلة الى الانقسام الى فئتين، ورئيس جوقة، في الأرجح، وعازفان على الصولو يقومان بدور الربة فنجال والمقدس في النشيد الأخير. وليس بمرفوض في هذه النظرية أن يعتبر التمثيل وكأنه عمل ديني، ان لم يكن طقسا من طقوس الدين، وان يختار الممثلون من هيئة المعبد، فالربة والمقدس يمكن أن يكونا كاهنة وكاهنا. فمما لا ريب فيه أن المجتمع السومري لم يعرف التمييز الذي يحدث في أفكارنا وقيما نعاني من أعمال بين الأمور الدنيوية والأمور المقدسة. ويبدو هذا ظاهرا في " مسرحه " كما هو ظاهر في المسرح الاغريقي الذي طالما رجعت اليه في تضاعيف هذا البحث )(26).
السيناريو الختامي للنص وفقا لافتراضات الباحثة : الجوقة
62- الرؤوس السوداء التي طردت تخر ساجدة تعفر الوجه أمامك !
63- عبرات المدينة التي قلب عاليها سافلها، ذرفت حقا أمامك.
64- أيها الاله نانا لتغدو مدينتك المرممة الآن متألقة زاهية من أجلك.
65- لتكن رفيعة الشأن كالنجمة النقية، فستمني في طريقها أمام عينيك.
66- أيها الرب رجال مدينك يحملون اليك عطاياهم.
67- وهذا الذي يقدم الهدايا سوف يصلي لك.
(دخول هذا الرجل )
المقدس
68- أيها الاله نانا، يامن تشفق على بلدك.
69- أيها السيد الاله اشئمبابار، حين أعطف قلبك بكلماتي،
70- أيها الاله نانا، حرر أناسي مدينتك من اثمهم !
الجوقة
71- انت يامن تنطق بالصلاة، وفي وسعك أن تهديء قلبه !
72- انظر بعين الرضا هذا الذي يقدم الهدايا والحاضرين من ابناء مدينتك.
73- أنظر الاله نانا، يا من نظرته الرحيمة تبهج القلوب.
433- قلوب هذا الشعب الفاسدة وفي وسعك أن تردها كلها الى الطهارتي!
434- قلوب زيناه بلدك أف وسعك أن تجعلها طيبة !
الجوقة
435- أيها الاله نانا، مدينتك المرممة تسموبك بامجادها الى المجد.(27).
لقد حاولت "ديفون روزنجارتن " أن تبرهن على طول وعرض بحثها على جود ظواهر وتجليات مسرحية في الحضارة العراقية القديمة شأنها شأن "E. Drroton" الذي يرد المسرح المصري الى حوالي 3200ق.م حيث يشاركا في هذا الرأي العالم الالماني "Zita". وهكذا تختلف الآراء والتقديرات حول تاريخ ظهور المسرح سواء في الحضارة العراقية أو المصرية، مثلما تختلف الأسئلة وتتضارب حول السبب الذي أدى الى عدم تورها ؤ كلا الحضارتين اللتين سبقتا، من حيث الزمن والحضارة الاغريقية في شواهدها التمثيلية وطقوسها الجنائزية واحتفالاتها بأعياد الآلهة. ثم أن ارتباط وانطلاق المسرح الاغريقي من الطقس الديني دفع الكثير من المؤرقين والباحثين الى القول بوجود مسرح عراقي ومصري قديم ولكنه بلاشك كان أقل تطورا من المسرح الاغريقي نتيجة لفارق الزمن والمرحلة والتاريخ واختلاف مشهدية الظاهرة. ومنكما تقول كتب التاريخ، ان الانسان قد عاش شطرا كبيرا من حياته بنوع من البدائية في عصر أطلق عليه اسم "عصور ما قبل التاريخ " قبل أن يقفز الى عصر فجر الحضارات. ولقد تحقق ذلك بانتقال سكان وادي الرافدين ووادي النيل من عصور ما قبل أواخر الالف الرابع قبل الميلاد الى حياة الحضارة والمدنية، التي نشأت فيها المقومات الأساسية للحياة كالمدن وانظمة الحكم والكتابة والتدوين والشرائع المدونة والمعارف الى غيرها من العناصر والمقومات التي يمكن الاطلاع عليها بشكل تفصيلي في كتاب "طه باقر" "مقدمة في تاريخ الحضارات القديمه"(28) الذي جاء فيه اذن أدب وادي الرافدين لو قورن وقوبل مع آداب الحضارات القديمة الأخرى، فإنه يعتبر الأقدم. لأنه قد تم ابداعه وازدهاره في
أواخر الالف الثالث ق.م وبداية الالف الثاني ق.م. في حين ينسب أدب مصر القديمة الى عصر الاهرامات وهو عصر ازدهار الحضارة الفرعونية ونضجها في الالف الثالث ق.م وبموجب باقر : (ان المنقبين الأثريين قد اكتشفوا حديثا في "أوغاريت "، المدينة الكنعانية القديمة أدبا كنعانيا، يرقى تاريخه الى حدود منتصف الالف الثاني ق.م أي الى ما بعد العهد الذي دون فيه أدب وادي الرافدين باكثر من خمسمائة عام )(29). وفي كل الا أحوال ان كلتا الحضارتين العراقية والمصرية على اختلاف مراحل نشوشهما وتطورهما قد منحتا في النتيجة البشرية مثلما مهدتا لظهور المسرح أكثر بقليل مما مهدت عصور ما قبل التاريخ. ولكن على الرغم من كثرة المعلومات المتوافرة عن تلك الحضارتين القديمتين، لم يستطع الباحثون والمؤرخون الاطمئنان الى تلك المظاهر القديمة حتى بعد اعادة صياغتها ولهذا السبب ظل الشك والريبة يخيمان مثلما يرافقان جميع البحوث التي عالجت موضوع المسرح. في حين يجد الكتاب والباحثون الغربيون ضألتهم عند الاغريق، في أناشيد الديثورامبوس (31). التي تعتبر اول أنواع الغناء الذي كان ينظما الشعراء وينشدونه في مهرجانات "ديونيسيوس " إله الخمر، ولقد تطورت هذه الأناشيد الديثورامبوية الى أعمال تراجيدية تستنطق النظام الاخلاقي للكون في القرن الخامس ق.م على يد اسخيلوس ويوربيدس وغيرهما من الكتاب التراجيديين والكوميديين أمثال ارستوفانيس. لكن سيول هؤلاء الكتاب والمؤرخين الى هذا الاعتقاد الصارم والجازم الذي ينكر على الشعوب الأخرى معرفتها بالمسرح، لا يستطيع أن يؤكدوا عل أن النشأة الأولى للمسرح كانت اغريقية، لأن المسرح كفن يخضع للقوا عد وأنظمة تتغير وفقا لتغير العصور والحضارات. اذن فهو فن لا يمكن أن يكون وليد اللحظة أو اليوم أو الليلة، وانما تكون في البداية من نواة صغيرة نمت وتفرعت عند الشعوب البدائية وتغيرت ملامحها وأصولها على مر الأيام والسنين بعدما انتقل الانسان البدائي الى عصر الحضارات، حيث المدنية والقانون والعلوم والفن والأدب والمعمار. فالفن في جوهره نتاج حضاري معقد تصنعا الشعوب بتجاربها وبمعايشتها لشتى العناصر والظروف التي تتداخل فيما بينها لكي تعطي للظواهر مدلولاتها. واذا كان البعض يعتبر المسرح اليوناني هو الأكثر انتشارا، وهو الأكثر مصداقية ورسمية من غيره، فلابد لنا أن نسجل في نفس الوقت ان لكل مجتمع أو حضارة قديمة مسرحها وظواهرها المسرحية التي تتميز عن غيرها.
الهوامش:
ا – جان دوفينيو، سوسيولوجيا المسرح، مطبعة الجامعة، باريس 1965، صفحة 2- Michel Corvin, Dictonnaire Encycopedique du Theatre,
Boradas, Paris, 1955 – The Encyclopaedua of word theatre,
Charle Seribanrs sons, New York, 197
3- رولان بارت، محاولات نقدية، دار نشر سوي، 1964، صفحة 20.
4- Patrice Bavis, Dictionnaire, Editions Sociales, Paris , 1987
5-ان المسرح يخلف مثلما يرسلن مختلف الآثار المرئية وغير المرئية والمقصود بالآثار المرئية : ما يقترحه وما تتركه معمارية المسرح، الديكورات الملابس النصوص ولكن تبقى النصوص على الرغم من ظاهرانيتها، تتأرجح ما بين الطريقين "للمرئي وغير المرئي" لأنها مغلقة في نفس الوقت، على الماضي من حيث المفهوم ومفتوحة على الحاضر من حيث المعنى وان هذا الانفتاح يجعله عرضة للتساؤلات المستمرة. أما الآثار غير المرئية فهي كل ما يخص الاخراج بشمولية التمشين، الحركة وسرانيتها، الصوت وخفاياه، الصورة وانعكاساتها فالمسرح في النهاية عبارة عن تنظير لمجموعة من العناصر.
6- جون دوفينيو، المصدر السابق صفحة 6.
7 spectateurm Editions لا9 ANNE UBERSFELD. L ecole
Sociales, Paris 1970.
8- ارنست فيشر، ضرورة الفن، ترجمة ميشال كليمان، بيروت، دار الحقيقة، ص 36.
9- وولتر، تيري : الرقص في امريكا.ترجمة أورخان ميسر، بيروت، دار اليقظة العربية 17.
10- شادون تشيني تاريخ المسرح ثلاثة آلاف عام، ترجمة دريني خشبة، وزارة الثقافة والارشاد القومي، المؤسسة العامة للتأليف والطباعة والنشر، القاهرة 1962ص 11- Aristotles Poeties, Oxford, 1909, transiatied by lngrarn By
water, Chapter vi
12- السيرجيمس فريزيي الغصن الذهبي القاهرة الهيئة المصرية للتأليف والنشر
1971ص114.
13- 1964 by LE THEATRE ET SON DOUBLE by Antonin Artaud, Editions Gailimard.
14- س. م يورا، التكوين والأداء في الأغنية البدائية ترجمة عصام المحاويلي، مجلة التراث الشعبي، (بغداد وزارة الثقافة والفنون 1977 ) العدد 12، ص 106. 15- طه باقر، ملحمة جلجامش منشورات وزارة الاعلام _الجمهورية العراقية
1975، ص 12.
16- ملحمة جلجامش نفس المصدر السابق ص 108.
17 – طه باقر، نفس المصدر السابق انظر البحث المهم للاستاذ "لادزربرجر" المنشور في خلاصة أبحاث المستشرقين من جماعة ثورودانجان في المؤتمر السابع المنعقد بباريس 1958.
18 – تعتبر قائمة الملوك السومرية من الوثائق التاريخية الشهيرة أوردت ذكر الطوفان،
وتتضمن القائمة أسماء الملوك في وادي الرافدين منذ أقدم الأزمان حتى نهاية سلالة اسن التي حكمت في الفترة ما بين ( 2020- 790 اق. م ). يذكر مؤلف قائمة الملوك انه في البداية عندما انزلت الملوكية من السماء كانت الملوكية الأولى في مدينة اريدو.وفي أر يدو أصب الوليم ملكا وحكم 28800 سنة ثم حكم الكار 3600 سنة ثم يذكر عن ملوك هذه السلالة وسنوات حكمهم ملكان حكما 62800 سنة ثم انتقل الحكم من مدينة ار يدو الى مدينة بادتبيرا حيث حكم فيها ملكان فترة 108000 سنة ثم مدينة 3رك التي حكم فيها ملك واحد 28000 سنة ومن بعدها مدينة شروباك الي أصبح أو بار توتر ملكا وحكم 28000 سنة تم يحمي مؤلف القائمة عدد من سبق ذكرهم من الملوك مه هدد سنوات حكمهم الاجمالي فيقول كانت خمس مدن وثمانية ملوك حكموا 201000 سنة بعد ذكرا مباشرة الجملة التالية، ثم اكتسح الطوفان البلاد وبعد أن اكتسح الطوفان البلاد نزلت اللوكية ثانية في مدينة كيش، ويقضه من هذا أن الطوفان كان من الحوادث التي اعارها المؤرخون الأقدمون اهمية بارزة بحيث انهم صنفوا سلالتهم الى سلالات حكمت قبل الطوفان وسلالات حكمت بعده.
الدكتور فاضل عبد الواحد علي، الطوفان، جامعة بغداد 1975، ص 18-19.
19- جعفر الخليلي موسوعة العتبات قسم النجف، دار التعارف _بغداد 1965، ص 68.
20- انظر : مجلة سومر المصدر السابق الدكتور فاضل عبد الواحد علي، اعراس الاله تموز وماساته في طقوس الزواج المقدس والحزن الجماعي. ص 57
21- نفس المصدر السابق.
22- فاضل عبدالواحد علي، عشتار ومأساة تموز_بغداد – دارا لحرية 1973، ص 131.
23- مجلة سومر، نفس المصدر السابق ص 66- 67.
24- جاء في قصة التكوين في وادي الرافدين ان المياه الأزلية ابسو (المياه العذبة، مذكر) وتياهة (المياه المالحة، مؤنث ) كانا مصدر الوجود وانه نتيجة لامتزاجهما ولدت أجيال من الالهة. غير أن الاجيال الجديدة لم كبث ان اضطرت الى خوض معركة مصيرية ضد أبويها ابسو وتيامة عندما اكتشفوا ان ابسو دبر مكيدة لابادة الالهة الجديدة بسبب انزعاجه من سلوكها وضوضائها. وقد انتهت الجولة الأولى بانتصار الالهة الجديدة عليه وبمقتله، ولما عزمت زوجته تيامة على الانتقام له اصاب هذه الالهة الذعر امام قوتها السحرية الخارقة. وبعد الأخذ والرد وقع اختيار الالهة على الاله مردوخ (الاله القومي وبطل اسطورة التكوين في النسخة البابلية ) لقيادة الحملة ضد مجوهم تيامة، وهكذا استطاع البطل الاله مردوخ دحر جيوش تيامة وتمكن من قتلها. وبعدئذ تقول الاسطورة البابلية انه شطر جسمها الى شطرين فخلق من احداهما السماء ومن الآخر الأرض ثم تبع ذلك خلق الانسان والنبات والحيوان والحرف والصناعات ) فاضل عبدالواحد علي، مجلة سومر، نفس المصدر السابق، ص 56.
25- انظر : ايفون روزنجارتن، في موضوع مسرح ديني سومري، مجلة سومر المجلد الثاني والعشرون 8/1972 بغداد.
26- مجلة سومر، افون روزنجارتن، تعريب فهد عكام، مديرية الآثار العامة. وزارة الاعلام، الجمهورية العراقية، المجلد الثامن والعشرون 1972 ص 284. 27- نفس المصدر السابق ص 285.
28- مجلة سومر نفس المصدر السابق 285.
29- انظر :طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الطبعة الثانية 1955، الجزء الأول الفصل التاسع عشر.
30- طه باقر، ملحمة جلجامش، منشورات وزارة الاعلام الجمهورية العراقية، سلسلة الكتب الحديقة، 1975، ص 9.
31 – الديثورامبوس هو أول نوع من أنواع الشعر الغنائي الذي كان ينظمه الشعراء وينشدونه في مهرجانات ديونيسيوس، وكان ينشد هذا الشعر في باديء الأمر بمصاحبة الناس، وكان يتخذ موضوعا من أسطورة الاله. فيتحدث الشاعر عن ميلادا ويتعرض لتفاصيل حياته، ويصف الاخطار التي مضت به، وكان يضم اليه مجموعة من الناس يلقنهم بعض الابيات التي تمتليء بالحزن والانين يرددونها أثناء انشاده المقطوعة وكانت هذه الجماعة تكون ما يعرف بالجوقة وكانوا يرتدون في حفلات ديونيسيوس جلود الماعز ليظهروا بمظهر السائبة اتباع الاله _ الاردايمى نيكول المسرحية العالمية، الجزء الأول، ترجمة عثمان نوية، وزارة الثقافة والارشاد القوس، ص 10.
محمد سيف (ناقد مسرحي عراقي يقيم في باريس)