رغم أنه أصدر ديوانين شعريين “الشقاء في خطر” ( 1956) و “أنصت سأناديك” (1961) فقط إلا أن الكاتب الجزائري الراحل مالك حداد (1925 ـ 1978) المُعبر بالفرنسية، لا يمكن اعتباره إلا شاعرًاً، فأعماله الروائية الخمسة تنبضُ شاعرية.
في الذكرى الثامنة و الثلاثين لرحيله، فإن أجمل احتفاء و أسمى تحية يمكن رفعها لروح الفقيد الكبير، أن “نقوله” باللغة العربية، التي تمنى أن يغرد بها..هو الذي صرخ ذات يوم :” الفرنسية منفاي” بعد استقلال الجزائر، وتوقف عن الكتابة بها، معبرا مراراً التعسف الاستعماري، الذي جعل لا يقدر على التعبير بالعربية. ومن ديوانه الثاني ” انصت و سأناديك” ( (Ecoute et je t’apelle اخترنا ترجمة هذه القصائد.
l إلى جميلة
غدًا سيكونُ المطرُ لك
والحصائدُ لكِ
و غدًا سنذهب لتحيةِ الجزائر
كُنتِ هناك ضمانةَ العصافير
المطر سيكُون لكِ
غدًا سنبني نصبَ الماضي
غدًا سيكونُ النهارُ لكِ
و أيُ حليبٍ سيشربُه
الطفل الذي ستُنجبينُه
هذا الطفل جميلة ..هل يكونُ أميرًا أم
نصباً تذكاريًا
غدًا سيكونُ المطرُ لك
في الجزائرِ الصفحة البيضاء
بحُروفٍ بارزة
سأصرخ : جميلة !
ثُم إذا توجب الأمر سأحسنُ الموهبة
أتاملُ اسمك يتطلبُ قافيةً
من الخريف إلى الربيع هو زمنُ السوسن
بالعربية؛ الجميلة لها قامةُ الجُرمِ
و في نَواحينا الشرفُ يُدعى جميلة.
* * *
l غربة
حقيبتي تعرفُ
حسرة المساكن
الأطفال المجتمعين
حول اسطورة
* * *
l بدون سكن قار
كنت بنيت عشًا في كل مكان
إنه قدرُ العصافير
والصدفةُ ترتب الأشياء جيدًا
الإكليلُ في الحديقة
زاويةُ حبٍ للوردة
و الحمامةُ فوق السقف.
* * *
l سأكون خُصوصاً
سأكون خصوصاً
اخترت
أن استحق الآخرين
و أن أستمع للمطر
* * *
l غريق
جسدُ الغريق يجرفه الماء
شَعرهُ يحيك قصباً لم يتهاو
وحده الطائرُ يحرسه
ينقلُ روحه إلى إحدى زوايا الحلم
هناك
حيث يستطيع الغرقى الغناء.
* * *
l كنت أحب معرفة أن أندهش
من موتي
كنت أحبُ معرفة أن أندهش
من موتي
للطيرانِ صرامةُ الأخطار المقبولة
صديقي الطيار
هذه العاصفة لا تساوي شيئاً
أنت أكبر من هذه السحابة
ذات الجبين الصغير
سيكفي، كان كافياً
من هذه العاصفة
وهذه الريح
لمعرفة ما إن كان قلبك
يخشى الارتفاع
صديقي الشاعر
للحب صرامةُ المآتم البسيطة …
* * *
l شعرُ ينهض
شعرُ ينهض
أقدمُ ابتسامتي
أمدُ نحوك
المولود الجديد
ونحو الآخرين
هذا التوازن التقريبي
بين الاحتقار الواجب
و موهبة الخارجين على القانون.
* * *
l طبعاً
طبعاً
الزواج غير المناسب
هو بالتقريب مؤكداً
أنا أشربُ ماءً
أنت النبع.ُ
* * *
l ينبغي من كل شيء
ينبغي من كل شيء
لصناعة حُلم
ليمونٌ و محارات
لؤلؤةٌ
ورجال.
ترجمة: جمال الدين طالب