محمد ديب المصري
ولدت الشاعرة ماريان إيكلهوف في مدينة روتردام الهولندية عام ١٩٦٣، وتعمل حاليًا كطبيبة نفسية وتقول إن عملها يلهمها الكتابة عن الجوانب العاطفية للحياة، فهي لا تكتفي بالكتابة عن الحب والحميمية والرغبة وحسب، بل تتناول في قصائدها حالات الأسى والفقدان والفراغ.
بشكل عام، تنتقد تجربة الشاعرة تشييئ الإنسان، وتغوص في عوالم الاغتراب التي تعبق بها حيوات الناس. ظهرت قصائد الشاعرة في العديد من المجلات المرموقة والأنطولوجيات الشعرية العالمية.
قاطع تذاكر الترام
قام الشيطان بزيه الرسمي بفحص ما هو أكثر من التذاكر في ذلك اليوم
بينما يغتصب الهواء من حولي بتحيزه وقصر نظره.
كانت عيناه بحيرتين زرقاوين عكرتين مليئتين بالشهوة،
نعم، لقد رغب بي
قال بحزم: على آباء الموتى أن يلوموا أنفسهم
ثم غنى: طالما أن من مات ليس طفلي، فلماذا تحرقني الحقيقة كالحمض…
طالما أنه ليس طفلي، فلماذا تدفنني الحقيقة في قاع البحر؟
لنكن صادقين هنا يا عزيزتي،
بين الأبيض والأبيض، سماء زرقاء وحسب
لن تمطر السماء أطفالًا ميتين لو كانوا بيضًا مثلنا.
انحنى نحوي
برائحة أنفاس كراهيته المقيتة هذه
حتى كاد يخنقني
فأجبته:
شكرًا لك يا صاح، لكنك لست من النوع الذي يروقني
فاغرب عن وجهي… لو سمحت.
دونك
الآن فقط فهمت
لماذا كنت تلوح للطائرات
ونحن معًا
الآن أدرك معنى الأرقام
والموت القادم
الآن أنا على ثقة بأني
لن أقابلك بعد الآن
لا في حياتك
ولا في حياتي.
كنت انتظرت بضع نجوم
ورؤى ساطعة
كي أعرف ما إذا كنت سوف أراك
في مكان ما،
في زمن ما
ترقص وقلبي بين يديك،
يتكئ على ضحكتك
لكن البرد اجتاح ذاكرتي على مهل
حتى عم الصقيع
وأسدل الليل الستارة.
محكوم عليك، نعم،
لكنك لا تنكسرين
أثينا، ابتعدي عني،
أيتها الروح الغيورة، التي تستحيل حجرا،
هل أنت يائسة جدًا
كي تسرقي كل نوري، وتنشريه فوقك وحدك،
يملؤك الإعجاب بمظهرك
بينما تعلمين أن جمالي إلهي
لا يضاهى
أواه، أيتها الروح المتفسخة
لا تتركيني كحفنة من التراب في الظل
أيتها الإلهة المتواضعة المثيرة للشفقة
مختالة أنتِ إلى ما لا نهاية
لكن بوسيدون يا عزيزتي لا يريدك
بل يرغب بي أنا
لذلك، لا تتجرئي على لمسي
تلاشى شعري الجميل اللامع، كل شيء تلاشى
وحدها الثعابين من تزحف على فروة رأسي
لكن، دعي عنك كل هذا، يا أثينا العزيزة،
ولتأخذي رأسي بدلًا من هذا
ودعينا نلتقي في عالم النور
بعد الموت.
ميدوسا الحديثة
آسفة حقًا يا عزيزي،
لأني لم أكن الحورية الفاتنة التي حلمت بها
لم أستلقِ عند قدميك، وأقبّل الأرض التي تمشين عليها،
بل كنت المرأة الحازمة على خلاف ما تمنيت.
هذه الساحرة التي تراها أمامك
ليست سوى امرأة
تضع حدودها دون مواربة
صريحة أنا وواضحة
بينما تظن أني بلا قلب
تقلقك استقلاليتي،
وقدرتي على التحرر من الأنماط القديمة،
من الخلل الوظيفي
كم تحسدني على هذا
وبذات الوقت تنعتني بقلة الإحساس
بينما أحاول أن أصل قبل الموعد النهائي،
أن أمنح للاحتراف الأولوية
لا تحاول شيطنتي، يا عزيزي
لأن كوني سيدة أعمال
ليست إحدى خطاياي.
أسى
في الحلم، حلقت مع الريح
وكأنني صقر يلمح كل التفاصيل
وأنت
هو كل ما استطعت البحث عنه أخيرًا
الآن على الجانب الآخر أنت
على الأقل، صار لدي ما أتطلع إليه عندما أموت
يذكرني صوت الماء حين يغلي
وكل ثانية من ثواني الملل
أن الحياة قائمة
كنت أعد لنفسي فنجان شاي
وأشعر وكأنما الشمس اليوم خائنة،
منحرفة لعينة
تشع في وجهي مثل قنبلة نووية،
تؤلمني
لذا، أرجوك يا رب
أخفت ضوءها.