حسني التهامي
كاتب مصري
يعد «ماتسو باشو» (Matsu 1644-1994 Basho) المؤسس الفعلي لفن الهوكو1(المسمى الأول للهايكو)، وأول من سعى إلى الارتقاء به من كتابة تتسم بالسذاجة والرتابة إلى شكل من أشكال الأدب المعبّر عن رؤى روحية عميقة تعكس جوهر التجربة الإنسانية. ظل هذا النوع من الكتابة يعاني من إشكالات عديدة كالنمطية، والابتذال، والتكلُّف، والافتقار إلى الجديَّة والإبداع والدهشة، وكان يتناوب على كتابته العديدُ من الشعراء، في شكل متسلسل تتراوح موضوعاته ما بين الهجاء والدعابة. ثار باشو على هذه الطريقة التي تركز على اللغة المجازية المفرطة، ودعا إلى البساطة التي اعتبرها جوهر الحالة الإبداعية، وأكَّد على ضرورة استخدام مشاهد الطبيعة لإثارة المشاعر وخلق صور حيَّة في ذهن القارئ.
مرت تجربة باشو في تطوير الهايكاي2 بأربع محطات: لعلَّ أولها كان عام 1680 عندما تخلى عن حياته المهنية الناجحة وشهرته كأستاذ للهايكاي، وانتقل من مدينة نيهونباشي الصاخبة ليعيش حياة العزلة على الضفة الشرقية لنهر سوميدا، حيث الطبيعة الساحرة والهدوء الخلاب. هناك أقام في كوخ بسيط، وبدأ في تشكيل أسلوبه الخاص في الكتابة.
أما نقطة التحول الثانية فكانت عام 1684 عندما انطلق من إيدو إلى مسقط رأسه إيجا، ثم إلى كيوتو. كان الهدف الأساسي من تلك الرحلة هو الانعتاق من العلائق المادية، ومعرفة الذات الحقيقية عبر التجوال وسط الطبيعة، ونشر الأشكال الشعرية الجديدة بين تلامذته ومريديه.
بينما تبدأ الانطلاقة الثالثة في حياة باشو الأدبية عام 1689، حينما قام برحلة أخرى من إيدو متجها إلى الشمال، حيث قام بتسجيل يومياته، وكتب نصوصا -تضمنها كتابه «الطريق الضيق إلى أقاصي الشمال»- تحمل اللغة الوصفية التي تتسم بالصفاء والرشاقة. بعد تلك الرحلة أقام باشو في مدينته الأصلية إيجا، وفي الأماكن التي كان مغرمًا بها مثل زيزي، الواقعة بالقرب من بحيرة بيوا، وجينجو- آن في إيشيياما، وراكوشي- شا في كيوتو حتى عاد أخيرًا في الخريف إلى إيدو بعد غياب دام عامين ونصف.
في المحطة الأخيرة بدأ باشو بالفعل في وضع جوانب مختلفة من الكارومي Karumi موضع التنفيذ على نطاق واسع، بلغت ذروتها عام 1694 أثناء واحدة من رحلاته الطويلة. حينئذ سأله «شيدا ياها» (Shida Yaha 1663- 1740)، أحد تلاميذه عما يجب أن يكون عليه شكل الهايكاي، فأجاب قائلا: «في الوقت الحالي يمكن أن يفي أسلوب الـ (هايكاي) الحالي بالغرض؛ مع ذلك في غضون خمس أو ست سنوات تقريبًا سيكون الأمر قد تغير تمامًا، وسيصبح أسلوبنا أخف من ذي قبل» ( Susumu Takiguchi, 2015,P.146). تعكس هذه الكلمات رغبة باشو الجادة في اتخاذ خطوات عملية وجادة نحو تطوير أسلوبه في الكتابة الشعرية.
تحديث المفاهيم الجمالية:
ركز باشو خلال مسيرته الأدبية على تطوير مفهوم خاصيتي الكيرجي (كلمة القطع) والكيغو (الموضوعة الموسمية)، كما أولى اهتماما كبيرا بالسابي- وابي والكارومي كجماليتين أساسيتين، من أجل تغيير مسار الشعر وتشكيل الإطار الحداثي في التجربة الإبداعية:
أولا: الكيرجي Kireji:
الـ«كيرجي»هي كلمة قطع منطوقة، توضع أحيانا في السطر الأخير؛ فتعطي إحساسا قويا في نهاية النص، وأحيانا أخرى في نهاية السطر الأول لتحدث وقفة تأملية إيقاعية ونحوية. تقسم هذه الكلمة النص إلى مشهدين، “وقد تضفي نكهة عاطفية على العبارة التي تسبقها”(, p.102 1985, William J. Higginson and Penny Harter)، وترتقي بالجمل النثرية إلى مرتبة الشعر، كما تساعد على خلق إحساس بالإيقاع داخل القصيدة.
عن أهمية الكيرجي يقول باشو: «أولا يتم إدخال كلمة القطع من أجل قطع الشعر، وإذا كانت القصيدة خاضعة لعملية القطع بالفعل، فلا داعي لاستخدامها» (نفس المرجع السابق)، مع ذلك يرى باشو أن استخدام الكيرجي مهم للمبتدئين كي يفهموا طبيعة القطع وأهميته، بينما يمكن للهايجن المتمرس إقصاء العلامة في حال إدراك عملية القطع. ذات مرة قال باشو لأحد تلاميذه موضحا طبيعة الكيرجي: «عندما تستخدم كلمات مثل الكيرجي، تصبح كل كلمة كيرجي»(Dr. Gabi Greve, 2006)، وفي هذه الحالة يكون دور هذه العلامة فاعلا وقادرا على تعميق النص وإثارة الدهشة في جنباته.
تعد خاصية التجاور التي تحدثها عملية القطع من أهم التقنيات الشعرية التي أضافها ماتسو باشو إلى فن الهايكاي. يعتمد النص في هذه الحالة على امتزاج مشهدين، في أغلب الأحيان، يحملان خصائص متناقضة، بهدف إنشاء جماليات معينة كالمفارقة التي تفضي إلى «ولادة لحظةٍ جمالية تؤدي إلى مستوى جديد من الوعي» (التهامي، ظلال الخيزران، ص56)، وإحداث «أعلى درجات التوتر» بالنص الشعري (نفس المرجع السابق ص57). تعمل الكيرجي على إيجاد علاقة ما بين تفاصيل المشهد سواء أكان في النص الأحادي البنية، أو في القصيدة ذات المشهدين. على هذا الأساس توفر الكيرجي البنية المثالية والشكل الأنسب للهايكو من خلال تسليط الضوء على تلك التفاصيل التي يمكن تأمُّلها مجتمعة، وكذلك التي يتم قراءتها منفصلة، فتزداد بذلك حالة التأمل والوعي بتجربة الهايكو.
يقول باشو في النص التالي:
ربيع :
تلٌّ لا اسم له
يحجبه ضباب الصباح.
(باشو، الطريق الضيق إلى أقاصي الشمال، ت. حسني التهامي)
تمثل النقطتان الرأسيتان (:) في نهاية السطر الأول وقفة تأملية تسمح بالتقاط الأنفاس من أجل تشكيل صورة ذهنية عن الطبيعة (فصل الربيع)، وتحدث صدى عاطفيا لدى المتلقي. يبدو المشهد الثاني مغايرا في طبيعته عن الأول، فالطبيعة في الربيع دائما ما تتسم بالخضرة والبهجة والحياة، بينما يبدو القتام والتجهم في صورة التل الغارق في الضباب. تعكس عبارة «لا اسم له» في السطر الثاني مدى إحساس الشاعر باغتراب روحه وحيرتها، كما تؤكد عدم اليقين في هذا العالم المعتم. وعلى الرغم من حالة التنافر: (بهجة الربيع) و(ضباب الصباح)، فإن هناك انسجاما واضحا بين الصورتين، فتفاصيل كل منهما مأخوذة من العالم الطبيعي، بعيدا عن إثارة المشاعر الذاتية بالنص.
ثانيا: الكيغو Kigo:
يمثل الكيغو، (الكلمة الموسمية) روح الهايكو الكلاسيكي. ولأهمية تلك الكلمة في الحياة اليابانية بشكل عام والهايكو بشكل خاص قام الشعراء اليابانيون بتأليف معجم أُطلق عليه «سايجيكي»3 (saijiki) يحتوي على كلمات ترمز إلى الفصول الأربعة. فمثلا «زهرة الكرز» تشير إلى الربيع، وكلمة «قمر» ترمز إلى الخريف، بينما تدل كلمة «ثلج» على الشتاء، و»السيكادا» على الصيف. إن الطبيعة الجغرافية والحياة الزراعية التي نشأ فيهما الإنسان الياباني شكَّلتا ثقافة المجتمع وعمق تفكيره ومشاعره وإحساسه بالجمال وقيَمه الفريدة. يمكن اعتبار الكيغو أداة للتعبير الفني الفريد عن التصور الياباني لـلطبيعة، وكذلك المشاعر العميقة. لا تشير الكلمة الموسمية فقط إلى الفصول الأربعة، لكن إلى تغيُّر تلك الفصول وأثر هذا التغير على الأشياء والمشاعر الإنسانية.
كانت المراجع الموسمية شائعة في شعر الرنجا4 والواكا، بخاصة في فترة إيدو (1603-1868). في ذلك الوقت استخدم العديد من الشعراء الكيغو لإثارة مشاعر مرتبطة بموسم معين، أو لتكوين صورة مرئية للموسم، فمن خلال كلمة أو عبارة بسيطة مرتبطة بالطبيعة يمكنهم أن ينقلوا بشكل فوري تصورا ذهنيا عن الموسم والإحساس به. توسَّع باشو، بعد أن درس ( الكيداي5kidai) المتضمنة في معجم الـ«سايجيكي»، في استخدام الكيغو، وأدرج المزيد من العناصر الموسمية في شعره، كما قام بربط الشعر بالعالم الطبيعي والفصول المتغيرة؛ ليصبح الهايكو التقاطة حية لجوهر لحظة ما يستطيع من خلالها الهايجن6 التعبير عن المفاتن الكونية والكمال الروحي.
يعتبر باشو الـ» كيداي» وسيلة اتصال مع الطبيعة التي تمثل مركز الجمال والإبداع، وليست مصطلحا أو مفهوما من صنع الإنسان، لأنها تمتلك ميزة “الموضوعة الموسمية» (كينيث ياسودا، واحدة بعد أخرى تتفتح أزهار البرقوق، ص 86) التي تؤسس للعلاقة بين الطبيعة والذات. يقول باشو لتلاميذه: «ابحثوا عن الكيداي بأنفسكم، وإذا لم تتمكنوا من القيام بذلك، فليس بمقدوركم أن تصبحوا (شعراء هايكو) مبدعين»( Meng-hu, 2005, vol. 3., no. 4.)؛ من هنا تتضح أهمية استخدام الكيغو، طالما أنها تتسم بالجودة والابتكار. تلك الكلمة الموسمية المبتكرة ليست فقط إضافة ثرية لمعجم الكايداي، بل أيضا صورة شعرية جديدة، وتجربة مستحدثة من عالم الطبيعة الىساحر الأخَّاذ.
يحتوي النص التالي لماتسو باشو على كلمة موسمية:
تحديق متمعن
في الأقحوان الأبيض –
ليس ثمة ذرة من غبار. (Basho’s Haiku,1990, P.327)
هنا لم يستخدم باشو استعارة أو تشبيهات لوصف الطبيعة، لكنه -بدلا من ذلك- نقل الصورة الجمالية كما هي. وهذا الوصف لزهرة الأقحوان هو وصف ضمني لحالة إنسانية أثناء التوحُّد مع هذا العنصر الطبيعي.
ثالثا: جمالية السابي-وابي Sabi-Wabi:
أتت جذور «السابي-وابي» في الأساس من الفلسفة الكونفوشيوسية والطاوية والشنتوية وبوذية الزن. في اللغة اليابانية يعني الـ«سابي» الصدأ والتجاعيد والعيوب، في إشارة إلى العالم الملموس بدلًا من المفاهيم التجريدية. بينما يشير الـ «وابي» إلى أسلوب حياة يتسم بالهدوء والبساطة، ومع ذلك يحمل المصطلح في طياته معنى العزلة وعدم الثبات وطبيعة الوجود الممزوجة بإحساس جمالي مفعم بالسخرية والشفقة. تتمحور هذه الجمالية حول تقبل الحقائق الكونية مثل الفناء، ورؤية الجمال في القبح والكمال في النقصان، وهي طريقة خاصة ومميزة لرؤية العالم في لحظة جمالية قصيرة وعابرة.
لقد قام باشو بتحرير السابي من مفاهيمه الضيّقة كالشعور بالحزن والخراب، وتوسيع نطاقه ليكتسب المزيد من العمق والحيوية من خلال رؤية جديدة تنطلق من الإحساس بالجمال الذي يمكن إدراكه في اضمحلال الأشياء وذبولها.، كما كثَّف جهوده لإيصال الـ»سابي» السائد أساسا بين أفراد طبقة المجتمع الأرستقراطي إلى بقيَّة أطياف الشعب الياباني؛ الشيء الذي عمل على الارتقاء بالأدب الشعبي إلى مستوى متطور من الكتابة الشائعة بين القلَّة المثقفة.
يظهر السابي بجلاء في النص التالي لباشو:
روحي الحزينة …
تشعرها بمزيد من الوحدة،
أيها الوقواق (Basho’s Haiku,1990, P.244)
علي الرغم من أن الحزن شعور داخلي وذاتي قد تسببه حالة الوحدة التي تعاني منها الروح، إلا أنه من الواضح أن الإحساس بالعزلة في سياق النص نابع من عنصر طبيعي (صوت الوقواق). هكذا يصرف الهايجن نظر القارئ من الذاتي (روحه الحزينة) إلى الكوني (الطائر) كي يجسد المزاج العام الكامن في الأشياء.
لنتأمل نصًا آخر:
تحت الأزهار
اثنان من الحراس برأسين بيضاوين
يتحدثان معا. (Basho, 1966,P.42)
قد يستبعد المتأمل وجود السابي في مطلع النص، حيث المشهد الاحتفالي المتمثل في منظر الزهور، في حين يكمن في الجو العام والحالة المزاجية اللذين تجسدهما حالة المسنَيّْن وهما يتحدثان في تناغم وهدوء تحت أزهار الطبيعة. من خلال هذه الصورة يحدث التجاور بين مشهدين متقابلين (الشَعر الأبيض)، و(الأزهار الوردية). إن ما يجمع بين هذين المشهدين المتباينين هو حالة السقوط التي ستحدث حتما للأزهار ولشعر المسنين على حدّ سواء.
يرى باشو أن الإحساس بالعزلة لن يشكل السابي في حد ذاته؛ ذلك لأن تلك الجمالية تنبع فقط من قلب الشاعر، وتعمل على تشكيل القصيدة بشكل عفوي، إنها ليست مجرد خاصية تشير إلى العزلة العاطفية المتعلقة بالمعنى الاصطلاحي، ولكنها «اللون/ الروح»، أو وعي الشاعر بزوال الأشياء والجمع بين المتناقضات. وهذا ما يفسر اهتمام الشعراء اليابانيين بتصوير أزهار الكرز التي ترمز إلى قصر الحياة وزوالها، جنبا إلى جنب مع الأماكن الأكثر ديمومة في العالم الطبيعي. يتضح هذا الأسلوب بشكل جلي في نص البِركة، حيث يقارن باشو بين «الدفقة اللحظية»، أو ما نسميه باللحظة الجمالية المتمثلة في قفزة الضفدع، والملمح الطبيعي للبِركة (حالة القدم)، كما يركّز على الجمع بين الزائل والأبدي:
بِركَة عتيقة
ضفدع يقفز
صوت الماء (Basho’s Haiku,1990, P.43)
لم يقصد باشو عند كتابة هذا النص مغزى عميقا أو فكرة فلسفية، لكنه عمد إلى رسم لوحة عفوية وسط صخب الحياة المعاصرة، وكأنه يؤكد على أهمية الوعي المستمد من الإدراك المفاجئ للحقائق الكامنة في الوجود لحظة الاستنارة. فعلى الرغم من قلق الإنسان الدائم وتوتراته في زحام العالم، يمكنه التقاط أنفاسه للحظة من أجل تصوير تلك المشاهد المتشابكة والأشياء المتواضعة وغير المكتملة، والعثور على الجمال في التفاصيل اللانهائية للكون والوجود.
رابعًا: جمالية الكارومي Karumi:
يمثل الكارومي أهم جمالية اعتمد عليها باشو في تطوير الهايكاي ونشر تجربته الإبداعية في الفن، فقد مكَّنته من خلق نوع جديد من الشعر يتسم بالخفة وعمق التجربة. ترجع أهمية دراسة تلك الجمالية؛ ليس فقط لأنها المفتاح الأهم لفهم منهج باشو الشعري، ولكن أيضا لإسهامها في تقديم رؤية جديدة عن كتاباته ومنحاه الحداثي. يؤكد «إيبارا تايزو» (1948 1894- Ebara Taizo)، أحد الرواد الذين سلَّطوا الضوء على أهمية الكارومي في نظرية باشو أن «الروح الأسمى والأعمق في هايكاي باشو لا ينبغي البحث عنها في السابي أو الـ «شيوري»7 أو الـ «هوسومي»8، لكن في الكارومي” (Susumu Takiguchi, 2015, P.164). فعلى الرغم من أهمية تلك الجماليات الثلاث الأولى كقيم تقليدية لها دورها الفاعل في تجربة باشو الشعرية، إلا أنها لا تستطيع خلق بُعد شعري متميز حال الاستغناء عن الكارومي؛ ذلك لأن الفهم الصحيح لحياة باشو وتجربته الشعرية لا يمكن أن يكتمل ما لم يتحقق الوعي الحقيقي بطبيعته. إذا كان السابي يشير إلى القيم الشعرية التقليدية القائمة على الحس الأرستقراطي، فعلى النقيض من ذلك يمثل الكارومي العنصر المرتبط بالحياة المعاصرة بما فيها من خطاب العامة الذي يعدُّ بعفويته وبساطته مصدرًا غنيًا للعرض الفكاهي.
كان أسلوب الخفَّة والدعابة الذي تميز به شعر باشو نابعا من موهبته ووعيه بما يتطلبه روح الفن وميله إلى الاختلاف، ففي مطلع شبابه دخل باشو عالم الواكا والهايكاي بتوجيه من سيده، اللورد «تودو يوشيتادا» (Tōdō Yoshitada)، وعلى غير عادة الشعراء المحافظين الذين اتسم شعرهم بالجمود، كانت الطرفة هي السمات الغالبة على كتابته. بعد ذلك انضم إلى مدرسة دانرين التي سعت إلى نشر الأسلوب الفكاهي، لكنه تركها نتيجة العبث والابتذال في مخرجات الكتابة بها. كما أدى عدم قناعته بالأنماط الشعرية السائدة في النهاية إلى اعتزاله الحياة العامة ليجد ضالته في العزلة والترحال.
– الكارومي والزن Karumi and Zen:
تعد بوذية الزن وتعاليمها انطلاقة مهمة كان لها أثرها المباشر على هايكاي باشو، تحديدا بعدما التقى بمعلمه «بوتشو» (Butcho 1643-1715) عام 1681، وقبل انتقاله مباشرة إلى فوكاجاوا قام بكتابة قصيدته الشهيرة:
على غصن ذابل
يجثم غراب وحيد
مساء الخريف الآن (كينيث ياسودا، واحدة بعد أخرى تتفتح أزهار البرقوق، ص 298)
يصور هذا النص مشهدا من مشاهد الطبيعة، ويعتمد في صياغته على رسم صورة لا تبوح بكل شئ؛ فقد تخلى الشاعر عن ذكر أي عبارة صريحة تعبر عن حالة الحزن، معتمدا على ذهنية القارئ عند تلقيه للمشهد الشعري. تهدف الصورة الشعرية إلى إثارة استجابة عاطفية، بغض النظر عن المشاعر الذاتية، خلافا للشعر الياباني التقليدي الذي كان مرآة لأحاسيس الشاعر وتعبيرا مباشرا عن مشاعره وانفعالاته، وهذا ما نادى به باشو حين قال : “ينطلق شعرك بشكل عفوي عندما تصبح ذاتك والموضوع كيانا واحدا -عندما تغوص بعمق في الموضوع لترى شيئًا مثل بريق خفي. فإذا كان شعرك يتمتع بصياغة جيدة، لكن مشاعرك لا تتسم بالعفوية، وذاتك والموضوع منفصلان– في هذه الحالة يظل شعرك مجرد زيف ذاتي، تغلب عليه الصنعة «( Basho, 1966,P.33 ). هنا يبتعد الهايكو عن المنحى النرجسي الذي يرتكز على المشاعر الذاتية البعيدة عن التجارب الواقعية والعالم الطبيعي.
خلال السنوات الثماني الأخيرة من حياة باشو وقع عدد من الأحداث التي دفعته نحو مسعى ديني جاد، ولا سيما الزن: فحريق كوخه الذي تسبب في تشريده ووفاة أمه دفعاه إلى التجرد من الأشياء الدنيوية الزائلة والبحث عن المعاني الروحية، فانطلق في عدة رحلات مرتديا رداء الرهبان، وسعى إلى التأمل في الطبيعة وتصوير مشاهدها الفاتنة. وعلى الرغم من أن ملامح التطوير في شعر باشو بدأت تتشكل مع دراسته لفلسفة الزن، إلا أن جمالية الكارومي اكتملت معالمها في عام 1889. من الواضح أن بعض خصائص تلك الجمالية كالفورية والحدس في فهم الأشياء تتشابه مع ممارسات الزن، كما أن خصائص الاستنارة والحرية وإنكار الذات (التنحي) تلتقي جميعها مع تعاليم الزن.
خصائص الكارومي البارزة :
يرى باشو أهمية اكتساب المبدع لعناصر إضافية تشكل مبدأ الكارومي كالفكاهة والتنحي وتفاصيل الحياة اليومية -إلى جانب المعرفة العميقة بالقيم التقليدية في الشعر- من أجل تحقيق الغاية الأسمى التي كان يصبو إليها، وهي تحديث الهايكاي. وبترسيخ تلك العناصر، مع محاولة المزج بين تقليدي الواكا والهايكاي نجح باشو في ولادة شكل أدبي جديد.
يمكننا إدراج بعض خصائص الكارومي التي أسهمت في تطوير فن الهايكاي على النحو التالي:
1 – الميل إلى الفكاهة:
بدأت الفكاهة تظهر في شعر باشو بوضوح عندما شرع في اعتماد الكارومي الذي يتسم بالخفة والمرح. يرى باشو أن بهاتين الميزتين -إلى جانب خاصية التنحي التي تعكس الموقف المحايد تجاه العالم الخارجي– يمكن للشعراء أن يحققوا إطارا ذهنيا جديدا يستطيعون من خلاله تقبُّل كل ما يحدث في الواقع الحياتي من كوارث برباطة جأش، والوصول -لحظة تجرُّدهم من العالم المادي- إلى درجة عالية من الاستنارة؛ وهذا ما يجعلهم “ينظرون إلى الحياة بابتسامة؛ لأنهم جزء من تلك الحياة، وليسوا كذلك. وبمعرفتهم كنه الحياة في نهاية المطاف، يستطيعون تحمُّل المعاناة بنوع من العزلة وخفة الروح” (أويدا). هكذا تتضح روح الدعابة في شعر باشو، على الرغم من مسحة الحزن في نصوصه. يطلق «ياماموتو كينكيتشي”Yamamoto 1907-1988) Kenkichi (على هذا النوع من الدعابة وخفة الظل «الكارومي المتسامي»؛ لقدرته على تعزيز المنحى الإنساني في النص الشعري. تتبلور تلك النزعة الإنسانية عندما تمتزج الذات الشاعرة الممسوسة بروح الفكاهة مع الطبيعة، رغبة في اتخاذ موقف محايد تجاه الحياة والأشياء.
في النص التالي يغلب سمت الكوميديا المرحة:
حطَّاب الجبل
يغلق فكه السفلي
أعشاب شائكة Matsu Basho, The Complete Haiku, P.278
تجتمع ثلاثة عناصر بالنص : (1) العنصر البشري مثار السخرية والدعابة في السطر الأول، (2) حالة الطبيعة في الصيف (الأعشاب الشائكة)، (3) الصورة المتخيلة (الأعشاب التي تحيط بفك الحطَّاب). تلك العناصر الثلاثة مجتمعة تشكل مشهدا ساخرا يعكس روح الخفة والدعابة.
2 – خفة الإيقاع:
أخذ باشو موسيقى أشعاره المبكرة من كلمات وإيقاعات الـ«كوتا»، وهي أغان شعبية كانت سائدة في عصره. أدى التركيز على الشكل الموسيقي بشكل كبير إلى افتقار هذه الأشعار إلى العمق والإبداع الفني، لكن خفتت تلك الخاصية في الكثير من الأعمال اللاحقة مع تعميق وتطوير جمالية الكارومي. ذات مرة قال باشو لتلاميذه: «القصيدة الجيدة في نظري هي التي يبدو فيها شكل النص واتصال جزئيه، خفيفين كنهر ضحل يتدفق فوق قاعه الرملي» (Susumu Takiguchi,2015). هكذا أدرك باشو أن الموسيقى الخفيفة والخفية يمكنها أن تحقق جودة الشعر وعمق التجربة بدلا من الإيقاعات الصاخبة.
ذات مرة أثناء حفل مشاهدة الأزهار كتب باشو قصيدة مكونة من 36 بيتا، تبتدئ بنص هوكو، وبعد أن فرغ من كتابتها صرَّح قائلا: «بعد أن تعلمت شيئًا عن كتابة بيت من الشعر عن التحديق في الزهور، منحت هذا الهوكو نغمة كارومي (الخفة)» (أويدا، ص 286):
تحت الشجرة
الحساء، وسلطة السمك، وكل شيء —
أزهار الكرز ( R. H. Blyth, 1950, p.360)
استخدم الهايجن كلمات بسيطة مأخوذة من الحياة اليومية. لم يكن هذا الأسلوب في الكتابة معتادا لدى الذائقة آنذاك، فكلمة «حساء» وعبارة «سلطة السمك» في السطر الثاني المأخوذتان من سياقات الحياة اليومية تشيران إلى طريقة جديدة في الكتابة وتميلان إلى التعبير الإيقاعي المريح. لم ينتوِ باشو، بهذا الأسلوب الجديد، الإشارة إلى التحديق في أزهار الكرز كشكل متداول في الشعر الكلاسيكي، ولكن إلى احتفالية الأكل والشرب كشكل جديد في الكتابة يتناول تفاصيل الأشياء المألوفة في السلوك الاجتماعي آنذاك.
3 – التجديد والابتكار:
يمتلك الكارومي خصائص تعكس نضارة وحداثة تجربة شعرية تتسم بالتجدد والحيوية والتدفق. في هذا السياق يؤكد «أوجاتا تسوتومو» (Ogata Tsutomu) في كتابه الكارومي التصويري Karumi eno Shiko أن ما أشار إليه باشو من “ميل بعض الشعراء المحافظين عديمي الخيال إلى الاعتماد بشكل كبير على الممارسة التقليدية للـ«كانسو»، التي تعني رداءة القصائد التقليدية التي تناولت الطبيعة، وقامت بتشويهها عبر وصف وجهات نظر المرء في الحياة والعالم. إذا أصبحت هذه هي السمة المركزية للمقطع الشعري، فإنها تحول دون التدفق الطبيعي لأحاسيس الشاعر، وبالتالي تسبب ركودًا في التعبير، وتقدم نصوصا مثقلة بالفكر الممل والعقيم» (Susumu Takiguchi, 2015). تعكس هذه الكلمات النزعة التجديدية التي تهدف إلى كتابة أنماط شعرية مختزلة مستقاة من المحيط البيئي وتفاصيل الكون الفاتنة.
كان النمط المفرط في الكلاسيكية شائعا بين شعراء إقليم كيوتو، فذات مرة كتب «ميوكاي كيوراي» قصيدة حب أضاف عليها باشو مقطعا، ومن هناك أرسل رسالة إلى تلميذه «شيدا ياها» الذي يقيم في إيدو قائلا: «لم يتخلص الكتَّاب هنا من الـ»أُمامي”9، فعليك ألا تهمل الكارومي”. (Susumu Takiguchi, 2015) ما قصده باشو هنا هو ضرورة تشكيل الصورة الشعرية وتقديمها بطريقة بسيطة وطبيعية دون تكلف أو افتعال. يعلق «موريكاوا كيوريكو» ( Morikawa Kyoriku 1656-1715)، الباحث في الهايكو على هذا الأمر قائلا : «إن المقصود بالكارومي، سواء أكان هوكو أو تسوكيكو، هو الكتابة برؤية الشاعر الخاصة، إذا جاز التعبير، دون تدخل منه. لا يعني استخدام الكلمات البسيطة أن المشاعر التي يتم التعبير عنها تتسم بالضحالة والسطحية، (على العكس من ذلك) لا بد أن تأتي من أعماق الشاعر، ومن المهم أن يكون المقطع الأخير طبيعيًا تمامًا». (Susumu Takiguchi, 2015)
والمتأمل في النصين التاليين للشاعر «كيوريكو» يجد أنهما يجسدان الكارومي.
ظَهْر السيدة المستحمة يضيئه قمر الصيف.
قطيع الإوز البري يحلّق فوق أرض الصقور.10
تتمتع القصيدتان بحيوية الصورة وطبيعتها مع دفقات شعورية، بالإضافة إلى بساطة الكلمات وبعدها عن التكلف، كما تتسمان بالصدق الفني الذي يعكس تجربة إنسانية عميقة الشعور.
كان شعراء الهايكاي يركزون على تناول الأفكار الذكية والبارعة التي تفتقر إلى الابتكار والتجديد، ونتيجة لتكرار تلك الأفكار؛ يذهب البهاء الشعري والدهشة؛ لذا دعا باشو شعراء الهايكاي إلى البحث الدؤوب عن الإلهام وتجريب الأشكال الجديدة؛ لأن التوقف عن البحث يعني حرمان الروح الشاعرة من نضارة الإبداع. يقول باشو: إن شعراء الهايكاي اليوم إذا ما توصلوا إلى فكرة مثيرة للاهتمام، يقضمون علي الـ«أومامي» (قطعة لذيذة ومثيرة) ويتشبثون بها دون أن يدركوا أن الشعر يمكن تحقيقه من دون هذا «المذاق». ومع ذلك عندما أقول إن انعدام المذاق أمر جيد، لا أقصد أنه لا ينبغي وجوده منذ البداية. ما قصدته هو «وجوب انتزاع الأومامي وإقصائه من هذا الطعم». (Susumu Takiguchi, 2015) هكذا يتضح دور الكارومي في تقديم إبداع يخلو من التقليد والتكرار ويتسم بالرشاقة والنضارة والتجدد.
4 – التنحي:
أدان باشو الانغماس في الذاتية والابتعاد عن العالم الطبيعي، باعتبارهما عائقًا أمام الشعر الحقيقي؛ فعند التركيز على الذات يصعب وصول الشاعر إلى حقيقة العالم، ويتعذر عليه الفهم الحقيقي لمغزى الشعر، كما يؤدي الاستغراق في الذاتية إلى افتقار المادة الشعرية إلى الأسلوب البديهي، وهو ما يتنافى مع ما يدعو إليه الكارومي من معايشة التجارب الحقيقية والصدق الفني. يؤكد باشو ذاته على هذا الشيء في مقولته: «تعلم عن شجرة الصنوبر من شجرة الصنوبر، وعن نبات الخيزران من نبات الخيزران» (Barnhill 2018, para. 11) التي تعني وجوب إنكار الذات الشاعرة، وضرورة السعي إلى تعلُّم طبيعة الأشياء، والتعرف على تفاصيل حياتها وحقيقتها، والإحساس بها، والتماهي معها. في الواقع لا يمكن لنص يصف مظهر الأشياء الخارجي، بأية حال من الأحوال، أن يعكس صدق الأحاسيس الشعرية، ما لم يتضمن المشاعر المنبثقة من روح الأشياء بطريقة عفوية وتلقائية، كما لا يمكنه أن يُفضي إلى تجربة شعرية عميقة، أو يقدم رؤية جمالية للفن.
5 – الخصائص التصويرية
درس باشو الرسم بأسلوب مدرسة كانو 11Kano قبل أن يلتقي بـالشاعر والفنان الموهوب «كيوريكو»، ويأخذ عنه دروسًا في الفن. يلحظ المتأمل في هايكاي باشو مدى براعته في رسم الصور الشعرية المستوحاة من الطبيعة. أكَّد «توسا ميتسوكي»( 1691 Tosa 1617- Mitsuoki (أحد معاصري باشو على أن «لوحات الهايكاي» التي رسمها معلم الهايكاي تعكس ميوله ومساعيه الأدبية المتمثلة في الابتعاد عن التعقيد، والميل إلى البساطة. ولعل النص التالي يتمتع بصفات تصويرية ممتعة:
حمراء هي الشمس
بلا حرارة غير مبالية بالزمن
مع ذلك، فالريح تعي
الوعد بالبرد المبكر . . . (باشو، الطريق الضيق إلى أقاصي الشمال، ص 133)
كتب باشو هذا النص وهو في طريقه من كانازاوا إلى كوماتسو، ثم حوله بعد ذلك إلى لوحة وصفها الشاعر «سامبو» بالخفة.
من هنا يتضح أن جمالية الكارومي قد ألقت بظلالها على شعر باشو ولوحاته المأخوذة من تفاصيل الجمال الطبيعي، ومن خلال تلك الميول التصويرية في الفن كان باشو يأمل في تحرير شعره من أنماط مدرسة دانرين12 الصارمة، ومن المفاهيم التقليدية في الواكا.
مختتم:
لقد عمل باشو على تطوير فن الهايكاي من خلال التركيز على خاصيتي الكيرجي والكيغو وجماليتي السابي-وابي والكارومي، تارة بإضافات ألحقها بمعجم السايجيكي (الكلمات الموسمية)، وتارة أخرى بتناول مفهوم الكيرجي (كلمة القطع) بشكل مغاير للطريقة السائدة في عصره، بالإضافة إلى الدعوة إلى تبني مفهوم جديد للسابي–وابي وجمالية الكارومي التي مكنته من تطوير الشعر، لا سيما في سنوات عمره الأخيرة. كل ذلك -إلى جانب روحه الشاعرية الملهمة والتواقة إلى التجديد- كان دافعا أساسيا لتقديم نمط شعري يمزج بين الأسلوب التقليدي ذي الطابع الأرستقراطي والشكل الفكاهي الجديد والمأخوذ من تفاصيل وبساطة العالم الطبيعي. هذه النزعة التجديدية في شعر باشو المفعم بالحيوية والخصوبة والصدق الفني تؤكد أحقية باشو في أن يكون رائد الهايكو ومؤسسه الحقيقي، كما تبين أن إرثه الشعري لم يكن مجرد شكل يعكس نظريته الفنية، لكنه كان بمثابة رؤية جديدة نحو العالم والحياة.
الهوامش
1 -الهوكو هو المقطع الأول من الهايكاي، سُمى بعد ذلك بالهايكو في نهاية القرن التاسع عشر.
2 الهايكاي هو شعر ياباني تقليدي متسلسل كان يتناوب على كتابته العديد من الشعراء، اشتق منه فن الهايكو.
3 -سايجيكي هو كتاب يتضمن الكلمات الموسمية
4 . الرنجا شعر جماعي متسلسل يشارك في كتابة القصيدة العديد من الشعراء.
5 الكلمة الموسمية
6 . الهايجن هو شاعر الهايكو.
7 الإيحاءات المنبعثة من القصيدة، بدون التعبير عنها بصريح العبارة.
8 عشق الأشياء البسيطة واكتشاف بهائها.
9 – أمامي مصطلح يعني الإغراق في الكلاسيكية.
10 Matsuo Bashō’s Ultimate Poetical Value, Or was it? P.164
11 كانو هي مدرسة يابانية مختصة في الرسم أسسها Kano Masanobu (1434–1530)ن ويرجع تاريخ تأسيسها إلى أكثر من ثلاثمائة عام. كانت بمثابة ورشة عمل احترافية تأثرت بفلسفة الزن.
12 دانرين هي مدرسة شعر هايكاي أسسها الشاعر نيشياما سوين (1605 – 1682)، ويعني اسمها «الغابة الأدبية».
Resources :
1. Susumu Takiguchi, Karumi: Matsuo Bashō’s Ultimate Poetical Value, Or was it?, The Haiku Foundation.
2. Ueda, op. cit. (Theories),
3. Susumu Takiguchi, Karumi: Matsuo Bashō’s Ultimate Poetical Value, Or was it? Juxta, The Haiku Foundation,USA,2015.
4. Barnhill, D. L. (2018, January 26). Basho-Journals. Retrieved from UW Faculty/Staff Sites:
5. http://www.uwosh.edu/facstaff/barnhill/es-244-basho/journals.pdf/view
6. Stephen C. Leach, Learning from the Pine and the Bamboo: Bashō as a Resource in Teaching Japanese Philosophy,
7. An Interdisciplinary Journal, Volume 3, Issue 1, p.8, The University of Texas Rio Grande Valley, Spring 2018
8. Stephen Addiss, The art of haiku: its history through poems and paintings by Japanese masters, Boston & London, 2012.
9. https://neverendingstoryhaikutanka.blogspot.com/2013/04/poetic-musings-bashos-karumi-hokku.html
10. Matsu Basho, The Complete Haiku, Japan, 2008,
11. Meng-hu, Basho, Plodding in Saigyo’s Footsteps, 2005, vol. 3., no. 4
12. William J. Higginson and Penny Harter. The Haiku Handbook, Kodansha International, 1985.
13. Dr. Gabi Greve, Kireji and toriawase, 2006.
https://haikutopics.blogspot.com/2006/06/kireji.html
14. Basho. The Narrow Road to the Deep North and Other Travel Sketches. New York: Penguin Books, reprinted 1966.
15. R. H. Blyth, Haiku. Vol. 2 Spring (Japan, Hokuseido, 1950), p.360
16. كينيث ياسودا، واحدة بعد أخرى تتفتح أزهار البرقوق، دراسة في جماليات قصيدة الهايكو اليابانية مع شواهد مختارة، ت. محمد الأسعد، إبداعات عالمية، الكويت، .1999
17. حسني التهامي، ظلال الخيزران، الهايكو تنظير ومفاهيم، القاهرة، 2023