بعد تردد قلت سأمضي لزيارة لوران غسبار في مشفاه بشارع شارش ميدي كان الطقس آخر الشتاء والسماء زرقاء ضاربة إلى الرمادي كما لو كان خريفا غامضا… وكنت مختلطا وحزينا فأنا لم أكن أريد أن اراه ثانية… اذ بدا لي لوران في آخر زيارة له شخصا آخر لا أكاد أعرفه و ربما هو نفسه لم يدرك من أنا. بدا خيالا وأنا أسنده من ذراعه ونحن نتمشى في حديقة المشفى، بدا لي ظلا صورة حزينة خابية للوران الذي عرفته في عزّ عطائه في تلك السنوات البعيدة في تونس السنوات التي نشر فيها الحالة الرابعة للمادة وهو وأصدر مجلة ألف باللغتين العربية والفرنسية ألف التي نشرت نصوصا من كل الضفاف وكانت جسرا لمثقفين من بلدان ومشارب متعددة يجمعهم حس اشتراكي تقدمي إنساني شاسع تحاذت في المجلة أصوات نزار قباني وميشال بيتور وسامي الجندي وراشد حسين وجورج سيفيريس وصالح القرمادي ومحمد خير الدين… وفي تلك السنوات البعيدة نشر كتابيه تاريخ فلسطين وفلسطين السنة الصفر كتبهما في تزامن مع لحظة قراءته لفلسفة اسبينوزة وخاصة كتابه رسالة في اللاهوت الذي جعل يهود أمستردام يطردونه من البيعة… هذه القراءة جعلت لوران اليهودي القادم من جبال الكاربات في رومانيا يعيد النظر في الدولة الدينية وفي الصهيونية وفي كثير من الأساطير والقناعات السياسية التي استيقظت بعد الحرب العالمية الثانية وكانت وراء إنشاء الكيان الصهيوني الديني الذي رفضه لوران غسبار وهكذا غادر القدس بعدما رأى الفظاعات التي ارتكبها الإسرائيليون في حزيران 67 … غادر القدس التي سكنها حتى عندما كان يعمل طبيبا بمستشفى بيت لحم وترك هناك ابنه فرنسوا أبو سالم ليؤسس مسرح البلالين كما ترك صداقات فلسطينية أذكر من بينها علاقته بنعيم السرطاوي…
كان لوران مرتبطا بالربيعات القديمة بالأزهار الحمراء البنفسجية والبيضاء لأشجار الدفلى والخطمي والياسمين المتدلية من وراء أسوار حدائق الفلل القريبة من بيته المعلق في السفح… مرتبطا بالبحر الذي يفاجئك في الأسفل من بين البيوت البيضاء فوق هذه القرية.. الصخرة البحرية سيدي أبوسعيد الباجي التي كانت محج الكتاب الأوروبيين منذ أواسط القرن التاسع عشر من هناك مرّ شاتوبريان وغوستاف فلوبير ليعيش وسط مشاهد روايته صلامبو والشاعر لامرتين واندري جيد وكوليت وباول كلي وأوغست ماكه وسيمون دي بوفوار وهناك أقامت ايزابيل ايبرهارت مثل الطيف في عشرينات القرن العشرين…
شكلت نصوص هؤلاء الكتاب أسطورة هذه القرية البحرية التونسية ذات الدروب الحجرية وذات الملمح العربي الأندلسي اليوناني قبلها كانت مكانا جاذبا للمتصوفة جاءها سيدي بوسعيد الباجي وسيدي الظريف وفي ذلك الشاطئ هام الشيخ محي الدين بن عربي وتكشف له الحق فسماه شاطئ الحقيقة…
كان لوران مرتبطا بسان جون بيرس بتلك النافذة التي انفتحت لنا على الإنجاز الشعري الحديث على أبجدية القول الشعري التي تأسست مع بودلير ورامبو وهلدرلين… حيث الشعري أوسع من الكلمة والمفارقة أن الشعر لا يتجلى إلا من خلال هذه الكلمة… وأن التجربة الحياتية هي النبع الحقيقي للقصيدة وأن الشعر والحياة هما شيء واحد…
غسبار الشاعر النوميدي المترحل عبر العالم صديق الجغرافيات المتباعدة، صديق الصحاري والجزر صديق الشمس والإنسان لوران الشاعر الحلولي المأخوذ بالضوء والظلال المسكون بنبض أشياء العالم التي يقول عنها:
إنسان آخر في داخلي يصغي بلا توقف
إلى نبض الأشياء الأخرس
وعن الكتابة يقول : الكتابة غير قادرة على شفائنا بيد أنها ومن خلال الإيغال في الداخل والغوص في الأعماق تكشف عن جذورنا الأكثر غورا…
يحاول لوران غسبار في شعره أن يفتح مجالا حيث كما يقول : الجسد والكلمة والفكرة كلها تضيء في الآن…
وعالمه الشعري يكاد يختزل في كلمات ثلاث تتردد باستمرار في نصوصه هي الماء والتنفس والضوء وكأنه يعيد بهذا معنى الجسد الكثيف والجسد اللطيف لدى الفلاسفة القدامى وهو في كل ما يذهب إليه إنما ينضوي ضمن فلسفة اسبينوزا في قوله بوحدة الوجود ولكن ليس بالمعنى القروسطي وإنما بمعنى أن المادة والحياة ليسا سوى وجهين لحقيقة واحدة يحاول إدراكها عن طريق الفعل الشعري…
يقول في مكان آخر مرسلا بعض الضوء عن شعريته :
ذاك اللون الأزرق وذاك اللون الرمادي اللذان رأيتهما هذا الصبح كانا كما لو تم تشكلهما في لحظة معينة بالتقاء الجسد والهواء والماء والضوء. وما يحتفظ به الجسد ليس سوى شذرة فرح عطاء صادر عن تلك الصلة الحيّة بين أعماق الانسان وبين العالم الخارجي وعلى الكلمة الشعرية أن تفصح أن تعبر عن هذه الصلة الحية ورجعها في أعماق الإنسان…
وفي هذه القصيدة أو النشيد يتغنى لوران بذاك النبض الأخرس للعالم في نمط كتابي يذكر بسان جون بيرس الذي ربطته به صداقة ومراسلة…
1
كانت تجيئ في هدأة اللّيل
من مختلف الدّروب
تجيئ بلا مسافات
تجيئ من لا مكان
تجيئ لحنا عاريا في جسدها
غير المعلن.
كلمتان تجريان في أوردتنا، تشدان
وترخيان
نموّ البراعم.
شجرة وبرق من مجال واحد
من نبض واحد أحمر متمازج في الرّيح.
وردة برّية شديدة الشحوب سمقت
في الشمس.
والسّنابل تواصل تموّجاتها
في حدقاتنا
كما لو أن الفضاء يصيح
بهدوء: النّجدة.
2
في الصّيف اذ يتشقّق الرّمّان
و تأسن الآبار
بين الصراصير التي يدهسها البيلدوزر
تظلّ الأرض صامدة
بفعل حقن مديدة عبر اللّيال.
وها أيدينا ما تزال تعثر
تحت الصّخب الشمسي
على الثعبان الصموت.
في حبّة اللوز الصّيحة
التي لم تفضّ أبدا
الثّقل كثيف جدّا حتّى أنّه لا يمكن التعبير عنه
بذرة ألقيت في مصبّ لغاتنا.
في اللّيل الفرجيّ
الذائب في الشهوات
هي آثار التّنفّس وقوة الدّم.
وهما حقا الشاهدان، ولكن كيف العود
إذ تنهار ضفاف المجرى
وينهار النشيد في النار.
فوق العتبة الحارقة
أنا الحاجّ المتمرّد
أترك سهادي.
ونحن نستبق النّهار
بمسافة من ضوء.
يا سماء بلا عوارض أو صواري
يا ضوء مورقا بألوان زرق قاتلة
3
وألوان سمر فاتحة وألوان البرونز
الزغبيّة تلك التي للمنحدرات حيث تصيح الأصابع
وأنت لا تعي كل ذلك
أيتها العصافير يا من تستبقين الضّوء
بحناجرك
هيئي درب الأعمــى.
أنت يا التي وبشفرة رقيقة من رعدة الجسد
تخترقين الحجارة المجوّفة
أكسري اليوم مرّة أخرى مرايانا.
كلمة مضغوطة تحت طبقات الدياجير
في انحسار الينابيع.
يا درب الاحتشاد
حيث لا تأتي ولا تمضي أبدا.
تحت السقيفة وحيث يُحتفى بالبربريّ
بين النيران، والسّهام والموت
أنا أسندت السّهوب على بطنك
وكنت أصغي محترق اللسان
إلى الخفقان العميق لمياهك.
صيف دروب وغبار. صيف أرض
بلا أغشية أو رئة.
ماء الاستراحة السريع النّادر
يُشرب في أفواه جسد آخر محترق.
تحت سبات شجريّ هائل يسلمنا التّيه
4
إلى شعلة أكثر عتمة
بلا بوصلة وبلا دفّة.
يا سبرا لا ينتهي
لمس يانع ذو خطورة جسدية
ها أنت تنتزعينني من ثقلي الأرضي
مجرى الكلمات الضاجّة واللّمف
يسيل في أنهار الصّمت.
يسيل في الوهاد القاتلة، وفي العزلة الوحشيّة،
أصغيت أنت لمجيء العذوبة
تشرب من هذه المياه العفنة.
صراخك الهادئ والطالع من الأعماق السحيقة
اذ تهوي مقصلة الضّوء.
تباطؤ أعضائنا إذ تشقّ دربها بين الحديد والشهوة.
نفس الوجه يمضي نحو غيابه
حاملا نضارته المهددة،
ودفئه اللّيليّ
في هذا المقام العاري.
أنت أيها البياض، أيتها الصرامة المزهوّة،
يا دوّامة محتدمة تنحلّ عراها بطيئا
دون أن تتخلّى عن صرامتها الأصليّة
و لا عن ناموسها القدري
يا قلب القاعدة المنفتح
5
يا رتاجا قويّا تضطرم فيه الحركة
و أنا أقف على العتبة المشتعلة
و البوّابة الأقيانوسيّة تتفتح
على محاورنا الحديديّة المتآكلة ببطء
في أسواق الفجر
أسرّتنا التي يجفّ فيها الاخطبوط.
تحت سطوة الشّمس
التعامل الرقيق لأيدينا تلاشى.
و الرمل يتشرب ينابيعنا ؟؟؟
ونحن نغطس في ذاكرة بحر
أرخبيل السبوراد
في عرض بحر من صيحات وطبول
أزمنة غابرة
عوسج، وكنيسة صغيرة غارقة في الزّرقة.
كنا نريد أن يتأكّل الملح ألياف الشجر
وأن تقتفي المياه منحدراتنا العارية.
كانت سرطانات البحر هي نفسها
تمرق شفافة من تحت أصابعنا
بنقطها الزّرقاء نفسها تصنع حفرا
في الرّمال
وبالفم نفسه كنّا نشرب
وبجرعات طويلة العتمة الوليدة.
نعومة ظلال كامنة تحت الكلى
ترسمها أقلام التّلمّس العشرة.
6
الانقضاض البربريّ المطوي الورك
والذي شكلته الأقواس، وأيادينا ممدودة
بنعومة في زعانف حدائق البحر.
القستوس النذريّ النّابت على حواف الهوة.
أيا ليل الفضاء ها هي معالم حدودنا!
بإمكانك أن تترك تيهك النّهم
في عبورنا الخاطف والجوهريّ –
توقّف وتعرّف على برونزك المنتشر
وعلى قموحك البريّة ، قموح أقاصي الأرض حيث
يسعى الضوء للنفاد.
ودخان شهواتنا الكثيف يغمر
أرصفتك .
حيث في الشتاء ترتعد الحيوانات من البرد .
كثيفة هي اللغة في هذا الحيز
حتّى أن الجسد يتأود
وفجأة نفتقد الرّوابط
كما يفتقد فجأة الجناح الذي يدور
في الفضاء
أنت تدري، رأيت الإشارات الأولى
وتريد أن تصرخ
ولكن بلا صوت.
صراخ بياض العين اللامرئي
في مواجهة بياض
الجدران.
7
أحبّك فصلا مخرّبا ورحما أجهضته
الحرارة
نيرانك المزرقّة بتأثير الرّياح، ومسافاتك
السّائلة
التي تجفّ فوق بشرتي.
أحبّ عطشك ونسيانك الصارم
الذي يطعن الغازي.
وأنا دائم البحث عن نفس الليل الأعمى
ليل الأرض التي تتآكلها الحوامض الشمسية
الأرض التي تختمر في جسمها القاتم الشديد الحرارة
ما يجعل الحدقات تهتزّ في النبض الهادئ.
أيتها الدروب الجيرية المتحدّرة من الهوّة المظلمة
والتي تصّاعد عموديّا وتعيد صوغ الفضاء
الذي يسقيه مركز احمرارك
لتغفر للسماء موت النهار
و موت الإله
مبعثرا اتبدع بلا توقف
البسيط والقليل والخواء.
يا آخر الصيف
هاهي منحوتة خواصرك
خواصر يهودا ومؤاب وإيدوم
تعلوها الحمى والزعفران.
والآن تخلع السّماء ظلالها
كاشفة عن أسلحتها التي من ضوء.
تحت الثقل المتنامي لليل
والقموح مبتهجة بالاحتضان
8
وشمسك ما تزال تضطرم
شمس ابر، شمس سموم ـ
هنا أنهار الصيف.
و الزئبق الأخرس لأجسادنا المتقاتلة
يتفجر في مصراع بوابة النهار،
صاري تائه في مساحة من ضوء:
هنا اظلم مقدم السفينة.
ولأنّنا تحت الصلابة التي لا تقاوم
واذ تطرحنا الشمس على وجوهنا
تحت عبء حركاتنا في الاحتضار وفي الفرح
نظفر من جديد بزعانف البحر.
مجردة من وهجها حفرت الفتنة بئرها.
تحت سطوة النهار
كان لزاما أن يجد ثانية ذاك السرير البسيط
الوهدة التي ينقصف فيها الطائر المهاجر .
– وأي حجج لا يستعملها النهار
لإقناعنا –
آه ، كم ينزلق هذا النهار بثبات
بين حيطان البنفسج!
وينحل.
والكهف المتخم بالليالي مع
عدته من المرجان!
أيها النوم يا سلاحا أبيض فوق الرمال
البحر يدفعنا نحو صدر مجهول.
9
لعلّ أيدينا هي التي تبصر بوضوح أكبر
داخل الظلمات حيث تتململ بدايات
كثيرة
لطفولات لا عداد لها.
أصغر من عمر الذي يلمحها
حيث نأتي دائما مضيئين في الظلمة.
من أجل معرفة عسيرة بدياجيرنا:
السكون والصاعقة ونبض الشرايين.
إنّه اندفاعة الطير وندفة الجمر الهادئة
تبهر عتمة الأزمنة الرّديئة،
وهي كلمة الصباح في أخاديد الجاذبية
تمسك بالتشتت.
كفّ عن المطاردة، ودع ندف الزمن
تسّاقط،
دع أجسادنا تثلج –
واجعل التنفّس زخما
رئات ظليلة داخل قفص من ضوء.
في الحلبة العظمية وفرة الكلى.
وفي عنان السماء تتلاقي صيحات النّوارس
اذ تجتثها الهجرة الزّرقاء من البحر.
في راحة الظلال فلقتا
الغروب
هي أصداف الروح في الجسد المنهك –
و الهدم أكثر جلاء من الأعمال
هاهنا نترك أسماءنا
10
الظمأ يتكاثر في طمي الدّلتا
حوت نهم وسط وفرة الثمار
والمحار من فرط التباطؤ واللهاث
يرسم أعصاب أحلامه الرّماديّة اللون.
وأزمنتنا المنسوجة من إيقاع الجزر وإيقاع الشرايين
أزمنتنا القابلة للتحلل تغنّي
بشكل رائع!
يا للتشتت السّعيد!
يا للانكسار الحتمي للعين !
هناك، فوق ذرى الضّباب ترقص
دماؤنا الهامسة.
ونحن قد كنّا نبشنا الموجة تحت عوسجها
واقتفينا نهايات عظيمة وكنّا
الثعابين في ينبوع إشاراتنا
كلماتنا معتمة في وجه شجر العندم الهنديّ
وفي عروقنا الأشدّ زرقة من اللّيل
تعيد الشمس غرس برتقالها السّريّ،
وخناجرها التي من الشّرق.
إنّها موسيقى ينفتح فيها الجرح الناعم المعتم،
و هي استراحة منعشة وإفصاح إلهي.
هنا تتصارع
محاطة بالظلمات وبالدياميس الخفية
صارية الدّم ولجة البحر الهادرة
وفي الفجر نلمح نزرا من الماء يرتعش
في تجويف حجرة
11
موسيقى ضوء ينسجها
بيسر
ورحابة النشيد تضيئ ظلمة المحتفل
بالقدّاس.
والجسد الكثيف مضاء بالجسد
يفتح أخاديده واثقا بالنّوال.
و يا دير السّيكلاد في الليل الوعر
جيرنا يصيح بهدوء في الجبل البحريّ،
ثمّة نار تحت الأعشاب النائمة
الفم للحبّ، الفم للّعن.
آه للاحتدام في كهف الألوان
الأسود !
والصمت الجاثم من حولنا،
وتآمر
اللّيالي
والإنشاد القديم الذي يتعب الرّاقص.
يا نشيدا في عضل النشيد –
ويا نضارة اللّباب في القرص الشّمسيّ!
ها نحن مبتهجين نلقي بكلماتنا في اللّهب
والرماد سيغمر كلّ أرقنا.
وأعصاب النوم السّاخنة
سوف تحلم لا نهائيّا بالبرد.
هنا ذاك الرّكن، منزلنا ذاك المشيّد
في اللاّنهائي المستحيل،
إنه مخيمنا بمعزل عن الأزمنة في أعماق
الروح
12
وتحت خيامنا هناك الهمس الجليّ الغامض
للدّم
المتسارع بمرجانه وسنابله
وبقراه النمليّة
وعميانه
وفي العيون المفتوحة على اتساعها
يتآكل العالم ببطء،
وأيدينا تتفتّح فوق الأرض ثم تذبل.
ليل، لا شيء
رغم أن الظلام يتشكل بحذر
ودقّة.
وخطوة خطوة يزحف مثل الغرغرينا
في الضوء الكثيف
وهو ينزف.
جدران ومرتفعات منهدمة
هي شهادات تهور في البعيد.
وفي أماكن أخرى
ثمة أردية من ورق ترتعش
وغرف
هادئة في الانتظار
قليل من الصبر
وحبات بلورية وأضواء
وحركات
غير مكتملة.
بحيرات هواء أسفل الظهر
تحت اليد التي تحنيها،
خطوة البحر فوق العتبة الاليفة، فاتحا
مصاريع بواباته
هجراته، وضجيجه
13
وأنت تريد أن تعرف كيف يتنفّس الضوء .
وسط ذاك التلمس الغامض
الشمس تتعفّن تحت الجلد.
والظلال قادمة من الجنوب، من المياه الضحلة
ومن أعماق السماء السحيقة
تصدأ عند تخوم أعضائنا.
وأفواهنا المليئة بثمار القمام
بين الأعمدة التي قوّضها البحر
كانت تجيئ في هدأة اللّيل
من مختلف الدّروب
تجيئ بلا مسافات
تجيئ من لا مكان
تجيئ لحنا عاريا في جسدها
غير المعلن.
بيت المقدس 1970 جزيرة باثموس 1975
*العنوان الأصلي أجسام أكّالة
66
ثلاث مدن مقدسة / الفصل الثاني والثالث الأخير/ لوكليزيو/ ترجمة خالد النجار.
كانت تجئ في هدأة اللّيل… لوران غسبار ترجمة خالد النجار
ثلاث مدن مقدّسة الفصل الثاني والثالث/ لوكليزيو/ ترجمة خالد النجار.
تقديم وترجمة خالد النجار *