رائحةُ الدِّفلى
استيقظتُ بعد غفوة.
كنت متكئًا على جدار غرفتي وأنا أقرأ كتابا.
نظرتُ أمامي إلى الساعة لأعرف الوقت، فكان الجدار فارغا.
نظرت عن يساري، فكان جدار أصم آخر بدل الستارة المسدلة على النافذة.
نظرت عن يميني، فلم أعرف الباب الذي صدّ حديدُه الصلب صراخي الممتد في الغرفة الغريبة.
مُراوَدةُ الوقت
أتتْ العاصفة.
حملتْ معها كرسيًّا مثبتا في إحدى الحدائق.
افترق العاشقان المراهقان، ولم يلتقيا مجددا إلا في صدفة وحيدة.
لم يعرف الشيخُ العجوزَ الجالسة بجواره في كرسي بحديقة دار المسنين، وهو يرمقها بنظرة ازدراء.
العصْف
كانت السماءُ تمطر ماءً وقنابل.
ردَّ طفلٌ بأنْ أرسل من نشَّابه الصغير حجرًا.
لم يعدْ الحجرُ إلى الأرض، ثم سُمِعَ صوتُ تهشّمِ زجاجٍ في مرآة قلبه.
ماء الوردة
نحو الجسر؛ جرّ الظلمُ دبّابةً.
عبرتْه، قصفتْ كلَّ شيء، ثم تجاوزتْ الحدود.
لم يسقط الجسر تحت ثقلها؛ أيضًا!
كان عاشقان متمسِّكَيْن به كمظّلة.
برزة تشيخوف
خلعتُ كلَّ مسامير تشيخوف.
ما سقط التفق المعلق في البرزة.
ما انطلقت رصاصة!
الكتاب الأحمر
كان مفتوحًا على جلدتيه. لا يغادر وردةً إلا وداسها.
مزقتُ منه ورقةً.
ثم ماذا؟
أورقتْ أخرى!
…
لا يمكننا تحريف كتاب الحرب؛ سيّدي.
حياة دراكيولا
كلُّ الماء امتصه العلق من بحيرة القصر؛ هاتفاً بحياة دراكيولا الفانية.
شعر الملكُ بالذنب حين غفا طويلا!
النهر المعبد
في زمن ما. عُمِّر نبيٌّ طويلًا.
جعل من النهر معبدًا، والصلاةَ في شربة ماء.
كان أولُّ نبيٍّ لا يكفِّر دعوتَه أحد.
الكوت
إلى ريا أم زاهر
راية الجبل الأشم لم تعد حمراء.
مرّتْ المرأةُ سريعاً حذاء طريق القلعة الجبلية رغم ذلك. تخشى على أضلعها منها؛ أنين الأقبية التي نسي البرتغاليون فيها أرواحهم الشريرة!
دمعةُ الجبروت
شَرُقَ البحرُ بشدّة.
خرجتْ من أحشائه كنوزُ قراصنةٍ، وهياكل عظمية، وحورياتٌ منسية؛
كلما تذكر غوّاصةً ولم يستطع إغراقها.
قمرُ النَّهار
اندهشوا بعد انقطاع السيل.
لا من التاج الملتصق برأسه المتدحرج من أعلى القصر؛
بل من ابتسامته الواسعة.
وشكَّكوا في الكتبِ التي تروي عن الظلم وظلماته الحالكة!
ثمرة الآلام
في كلِّ غارة؛ ينزل الجندي المجهول عن النُّصب.
الأشلاءُ مبعثرةٌ، والدماءُ كالنهر.
يعود حزينا من غير بندقيته البرونزية التي نسي النحات أن يضعها في يده المرفوعة في الهواء دون سبب واضح.
الصورة الغائبة
دوَّتْ صفاراتُ الإنذارِ مجدَّدًا.
أهزةٌ أخرى؟
ليس الأمر هكذا.
ماذا إذن؟
سقطتْ صورةُ الجنرال، ولمّا يجدوها.
هل كان ذلك كافيا؛ والهزة خفيفة؟
عدسةٌ مقعّرة
منذ زمن بعيد هجرتْ الطيورُ ذلكم العش؛ فوق تلكم الشجرة التي هجرتها المياهُ والخضرة.
عوتْ الريحُ وهي تحط التراب وترفعه، ومضت بسرعة شديدة تبحث عن حفيفها الغائب عن الجذع اليابس.
عاد المصوِّر من المكان وحيدًا وهو يقول:
لقد فات الأوان أيتها الكاميرا!
حنينٌ في حقيبة
بكتْ كثيرًا حين غادر.
بدا -وحقيبته الفارغة- كالبيدار الذي حمل مخرافةً ليصعد نخلةً غير مثمرة.
هل حمل الحقيبة ليملأها بالحنين؛ ويعود؟
وليد النبهاني