في كُلِّ يَومٍ أتنزهُ بِصحبةِ قَلبي
وحينَ أحاورهُ
يَأخذُنِي إلى ينابِيعِهِ الأولى
في هذا اليوم
حَدثني عن دروبٍ
كُلما تذكرتُها
كَانَ الضوءُ يَدخلُ من نَافذتِي
لم يفارقْ قَلبي
طفولتُه الزهريةُ
على نَاصيةِ الدربِ
شَاهدتُ بَاباً مشرعاً
رأيتُ عَقلي واقفاً
مُتذمراً وَعاتباً
فَهمتُ قصدَهُ ومراميه
فَسلَّمتُ لقلبي وعقلي
دفةَ المَسيرةِ
كَي أفوزَ برؤيةٍ حَكيمةٍ
وتمضي نُزهتي
بأوتارٍ وتغريدةٍ
***
رأيتُ
بريقاً مثلَ يَفاعةِ الحُلم
ينبجسُ مِن عتباتِ الروحِ
يتلظى كَبلورٍ تَساقطَ
كأنهُ غُدرانٌ
مِن نواقعِ الجِبالِ
***
تَسكبُ روحي كَأسَ نَبيذِها
كَي يشربَ منه زَهرُ قَلبي
فيبقى عِطرُهُ
بعد الموت نشواناً
***
تصعدُ الأنفاسُ بأقداحٍ
من سُلافِ الخَمرِ
***
وخيالٍ مُفعمٍ بأحلامٍ
ونبعٍ من حنينٍ
***
مزمارُ قَلبي يشقُ صَداهُ
كنايٍ ينبعثُ مِن نسيمِ الليلِ
***
بَينَ هَمساتِ الأزهارِ
وسكناتِ الليلِ
جَلستُ مَع قَلبِي
أُسامرُ لألأةَ النجومِ
شَاهدتُ السماءَ متدثرةً
بظلالٍ قرمزيةٍ
فَصعدتُ كغيمةٍ رَاعشةٍ
وقلبٍ راجفٍ
ورأيتُ السماءَ تمدُ لِي يدُها
فسموتُ بقلبٍ شغوفٍ
وروحٍ ظمأى
حَاملاً معي
ظِلالَ الحُبِ السرمديةِ
وجرةً تُريقُ النبيذَ
وماذا ؟
غيرُ قمرٍ يضيءُ في الفؤادِ
عشبةَ الشعرِ الأبديةَ
***
بين هذا وذاكَ لملمتُ أحداقي
وصرتُ كالطيرِ في الآفاقِ
مُتألقاً عابراً كالغيومِ
سابحاً كَسديم الكونِ
مُختتماً نُزهتي وأنا أُغني
أُغنيةَ الطيورِ البَعيدةِ
بَأوتارٍ تُراقِصُها ريحٌ سرمديةٌ .
هاشم الشامسي