احتفاءً بالثقافة .. احتفاءً بالشعر
تقدم (نزوى) هذه المرة عدداً خاصاً حول الثقافة بمناحيها وتجلّياتها المختلفة في سلطنة عُمان ؛ وذلك بمناسبة مسقط عاصمة الثقافة العربيّة.
هذه الثقافة التي لم تغبْ يوماً عن هاجس المجلة وشجنها وهمها، هي التي انطلقت أساساً من أفقها بطموح التأسيس عمانياً والمساهمة الفاعلة عربيّا، ولتكون رافداً ثرياً في هذا السياق…
وإذا كانت الثقافة لا تحدها مناسبات وفصول أو (رياح موسميّة) هي المفتوحة في تكوينها وجوهرها على آفاق روحيّة وتراثيّة، راهنة، ومستقبلية لا تنتهي ولا تنضب. ولا يمكن تصور أي تقدّم حقيقي على صعيد التاريخ إلا إذا كانت (الثقافة) أساساً تكوينيّاً وبنيوياً في خلقه وصنيعه وطموحه، على نقيض (العلمويّة) التي تروم تقدماً يلغي ويهمش الثقافة بمركبها الشامل العميق، الذي يحتوي الدين والآداب والفنون بأفرعها المختلفة..
التاريخ البشري يعلمنا هذه الدروس التي أصابها الضمور والإهمال وبغلَبَة علم القوة وبطش إغرائها الرهيب، بأن الكيانات الحضاريّة التي تتمتع بقدر من العافية والصحة النفسيّة والروحيّة، هي التي استطاعت أن تحقق هذا التوازن الصعب بين المادي والروحي بين المعلوم والمجهول بين العلمي البيّن الدقيق وذلك المتواري خلف جسور الغيب الأزلي.
إذا كان هذا الوعي بلا موسميّة الثقافة واستمراراً وتكثيفاً له، بجلاء الصورة أكثر حول الثقافة العمانية ودفع الحوار بين أطرافها ومناحيها المتعددة، أجناساً وتوجهات وأمزجة وميولا…
جلاء الصورة في الكتابة والحوار بحدود الممكن الواقعي حتى وهو ينزع إلى الطوبى والأحلام – مع (الآخر) العربي وغيره الذي ما زال يتابع مساراً نمطياً في النظر إلى ثقافة بلدان بعينها، على أنها الأقل إبداعاً وحركة ونزوعاً إلى الإضافة والابتكار.
نوع من استيهام تراكم عبر السنين وأخذ يكبر مع التعزيز المرضي بالتميّز (القُطري) الذي يتجاوز التقاط الخصائص التاريخيّة والثقافيّة والمكانيّة التي تغني الحوار وتثريه، إلى نوع من عنصريّة ضمنيّة مبطّنة، أو علنيّة على السواء..
آثرت (نزوى) أن تقدم مساهمتها في هذه المناسبة بتقديم هذا العدد الخاص إن صح التعبير، الذي يتضمن مشهداً أساسياً لهذه الثقافة عبر أسماء وأصوات وسجالات من (أجيال) مختلفة ربما تسهم في جلاء الصورة وتوضيحها وتقديمها، وليكون عدداً أكثر مرجعية للباحثين والمطلعين من أراض وبلدان مختلفة…
كما آثرت منذ بداية انطلاقتها قبل اثني عشر عاما، الترفع عن الدخول في مهاترات وعصبيّات عمياء يتقنها البعض كنمط سلوك بزعم امتلاك الحقائق كاملة من غير نقصان، وليعبر عن ذات موحلة موبوءة بالحقد ومسكونة بظلام الجهل والانحدار القيمي، وصل بها الشطط إلى المطالبة بإغلاق المجلة… وان تكون مفتوحة (نزوى) لكل الاتجاهات والخيارات الفكريّة والأدبية التي تحمل قيمة إبداعيّة في ذاتها مع غض النظر عن الجنس والعمر والاسم والمكان، أو تنبىء بهذه القيمة في مستقبل قادم.
كان هذا هو الخيار المفتوح على احتمالات ومكابدات تحاول الانتصار لروح الإبداع والهجْس به رغم الإخفاقات الكثيرة التي تحيط عادة بأي تجربة إنسانيّة لا يعرف صعوبتها الخاصة في هذا المجال إلا الفاعلون في إطارها بما تبقى من إيمان بثقافة مفارقة ومختلفة…
ولنترك مسألة التقييم إيجاباً وسلباً بوضوحه المبسّط، ونمضي في الطريق المؤدي إلى الغابة المفعَمة بضباب التباسها الجميل.
درويش والعودة المستحيلة (٭)
إلى أي مدى تتلاشى الحدود والبداهات في هذه الحقيقة المجازية، ان الشاعر الأكثر حضوراً في الجماهير والقضيّة والأكثر احتشاداً وغناءً بالمعنى الملحميّ النبيل، هو الشاعر المجبول في عمق كيانه وصميم صنيعه الإبداعي، على الغياب والموت والتلاشي، من :
«خديجه لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب»
وبداياته المبكرّة على تلك الارض التي ستتحوّل لاحقاً إلى رمز لغياب أزليّ أصيل في الكائن في كل زمان ومكان وتفيض عن شرطها التاريخي العاتي والمحدّد – وحتى (الجداريّة) وما تلاها من أعمال شكّلت مرحلة حاسمة في تاريخ الشعريّة العربيّة قاطبة.
على تلك البقعة الصغيرة الخضراء من أرض البشر ظل الحنين يكبر ويحشد أدواته وقواه الخلاّقة عبر ذلك الخيال الشعري الذي بقدرته المدهشة يحوّل ما لا يتحول قاذفاً به إلى قفار وعوالم غير مسبوقة ليبني أسطورته الخاصة المشتبكة والموازية والمتماهية مع أسطورة الوطن السليب…
الغياب الذي وسَم الشاعر منذ طفولته، رغم الحضور العارم لصخب المرحلة وشعاراتها وآمالها المستقبليّه آنذاك…
غياب صاعق للوطن وللعائلة والمركز الوجداني والعاطفي سيطبع جيلاً عربيّاً بكامله وستكون فلسطين هي النموذج المأساوي المكثف لما ستؤول إليه أحوال البلاد عامة (التي انفصل البحر عن مدنها) وما نحن عليه الآن حيث الإقامة في قلب الهاوية التي تبدو بلا سقف ولا قرار.
غياب الشاعر والجماعة المشوب والمخترق دائماً بحلم العودة والحنين…
لكن هل ثمة امكانيّة واقعيّة للعودة؟
أم تظل حلماً يسكن الشاعر نوعاً من دعامة روحيّة من الانهيار والتلاشي؟
٭ ٭ ٭ ٭
محمود درويش الذي خبر الحياة والعالم سفراً وترحالاً ومنافي، يسلمه الواحد إلى الآخر.
وعاش في قلب تراجيديا التيه الحقيقية التي هي اقتلاع شعب واضمحلال ما تبقى من الإرث الإنساني للعصر الحديث ؛ اختار أخيراً الإقامة في رام الله، في قلب المجزرة والبطولة، في أعماق شعبه الذي أحبه، وكان الملهم الأول لأعماله الخالدة.
وحين رجع إلى قريته (البروه) لم يجد ما وجده ابطال الاساطير العائدون بعد مغامرتهم واسفارهم ومحنهم، التي اختزلت محن عصور بكاملها، لم يجد حلم موطنه الأول ولا حتى بقاياه.
كانت قرية طفولته أطلالاً وحطاما، كأنما ترفض أن توجد وتزهر إلا في مخيّلة الشاعر، لاجئةً من البرابرة إلى مخيلته ووجدانه لتظل الوقود الإبداعي والرمز. وهل ثمة ما هو أسمى وأنبل من ذلك على قلب الشاعر الجريح ؟
المبدع يسكن حريّته وخياره في الترحل والإقامة، في الحرب والسلم إن وجد، يسكن شرط ألمه وتاريخه وسط اجتياحات الزمن والتاريخ.
٭ ٭ ٭ ٭
نقرأ محمود درويش الآن، محدّقين في ذواتنا الممزقة بالغيابات والجثث والأشلاء، وتلك الطفولة المضيئة ككوكب انفصل عن هذه الارض الصدئة، ومن المستحيل استعادته إلا عبر الحلم والشعر، ونقرأ تاريخ المرحلة فلسطينياً وعربيّا، ونقرأ تاريخ القرن العشرين، وكل قرون العذابات البشريّة.
محمود درويش وغسان كنفاني أكبر كاتبين وشاعرين أنجبتهما التراجيديا الفلسطينيّة وما يليق بحجم هكذا مأساة، رد عبر اللغة المفعمة بهواجس التاريخ والجمال على عصر الفضاضة والانحطاط، وإعادة اعتبار إلى الذاكرة المنتهكة.
ما يجمعنا بمحمود درويش والفلسطينيين ليس مناصرة القضيّة في بعدها المباشر الذي تجمع عليه كل هذه الأكوام من «الذباب الموسميّ» وإنما روح المتاه الذي طوّح بنا إلى أقاصي العَدَم الباحث عن جماله المفتقد، المعذَّب والمستحيل.
(ليس الوصول هو المهم وإنما المضيّ في الطريق المؤدي، ربما إلى اللاشيء. الطريق في حد ذاته أجمل من الوصول إلى الهدف).
الشعــر والزمن
كتب (بورخس) ذات مرّة نقلاَ عن آخر، ربما هو نفسه، في لعبة مراياه ونموره بمتاهته المعهودة، التي هي متاهة الكائن في الأزمنة المختلفة.
كتب أن الشعر كالزمن، إذا سُئلت عن معناه سيطرت الحيرة والارتباك والغموض ؛ وإذ لم تُسأل فثمة معرفة ما بهذه « الحقيقة» الروحيّة البالغة البساطة والتعقيد.
إذا تجاوزنا التعريفات المدرسيّة التي، حتى أفضلها، في ضوء الأطروحة الآنفة، لا يفي ولا يحمل بالطبع سمة ردّ ناجز وجواب، على سؤال لا يفتأ يتناسل حول مسألة الشعر الجوهريّة كما في ماهيّة الزمان
«الشعر الحقيقي لعنة الولادات الصعبة».
عبارة جميلة، لكن ثمة لعنات يحملها القدر الولادي، كأن تولد في هذه الأرض المروّعة ولا توجد في أخرى!
في العمق ربما لا يوجد جواب إلا إحساس الضرورة وحدس جوهري بقهر الغياب والاحتجاج على ذلك الانحراف الأزلي لوجود العالم على هذا النحو من الظلم والقبح وانعدام العدالة. لهاث ضار وراء الظلال الهاربة لجمال مرعب وحنون يشبه المغيب على شاطىء هذا المحيط الذي أتأمله الآن مفكراً في هذا الفراغ المدلهم وحيواته الغامضة.
الشعر«لغة الروح العلياء» أو هو «سيد الكلام»
لكنا نبقى نطارد أطيافاً شبحيّة في الجبال الأكثر نأياً ووحشةً من إمرأةٍ عاشقةٍ تنتحر هجراً ويأسا، أو رجل يحتضر وحيداً بعد معركة خاسرة.
ضرورة الشعر
حين يضيّع الإنسان مكانه في العالم، كما عبّر سارتر في وصفه للإنسان المغترب أو المنفي، يصبح الشعر ضرورة وجوديّة وحياتية، نوعاً من عزاء وملاذ في ظل اكتساح أزمنة القتل وقيم القطب الواحد أو الرؤية الواحدة مهما كان مصدرها، اللاغية لأي تمايز وفرديّة ولأي تجلٍ روحيّ في الوجود.
الشعر في مقدمة الفنون الأخرى، تزداد ضرورته إلحاحاً، ومنذ سحيق الزمان، كان التعبير الشعري والنثري على السواء، إذ لا أقيم وزنا ذا بال لهذه الثنائيّة المفتعلة غالبا، كان ضرورة وصلاة وعلامة وجود أعمق حتى في الأزمنة الأقل وحشيّة، والأكثر براءة ونضارة وعاطفة من زمننا الراهن المليء بالأكاذيب والادعاءات الفارغة حول «التقدم»(٭٭) والاكتشافات والعبقريّة التي هي في عمقها ذات منحى تدميري مضاد وساحق للإنسان والروح وكل القيم النبيلة والإنسانيّة.
هذه الضرورة الوجوديّة للشعر والفنون الأخرى التي تحدث عنها أدباء وفلاسفة، بأشكال مختلفة، تظل أكثر إلحاحاً وتماهياَ بجوهر الكائن المغيّب في زحام الحياة اليوميّة وضوضاء الدعاية والإعلام والحروب والمغيّب وراء كل ما هو سطحي وبليد. مع غض النظر عن «الوظيفة» والجمهور وحجم النشر، التي لها أسباب تراجعها من جهة، لكن في الضفة الأخرى، يبقى إنجاز القلة والأفراد، والشعر والأدب هو بالضرورة هكذا، هو علامة العافية والصحة الروحيّة حتى لو حمل أقصى سمات العزلة واليأس والخراب، يبقى نوعاً من ملاذ وعلامة يحيل ويدل على العزلة كما على التاريخ والاجتماع..
إلى ناقدٍ صديق
إذا كان الكاتب حين ينجز نصاً ما يصبح مُلكا لقارئه بمعطيات استقباله المعرفيّة والذوقيّة ويكف عن أن يكون رهين شخص كاتبه وتصوراته وهواجسه الخاصة…. لكن هذه البداهة لا تعفي من ملاحظات كثيرة ربما في مقدمتها نفيك لما يمكن أن يكون إنجازاً إبداعياً لنصوص تشكل على ما أزعم وما أشار إليه نقاد كثيرون من أقرانك متن التجربة الشعريّة تحت مقولات غريبة على النقد بمعناه الطليعي المنفتح على أكثر من مدار وتجربة : مثل، المركزية والتماسك، مع غض النظر عن الكيفيّات الابداعيّة لهذه الأقانيم وكأنما ذلك النوع من التشظي داخل جسد النص الذي يستدعي الحكايات الصغيرة والمشاهد والحوادث و…إلخ
في مجرى التجربة الشخصيّة والعامة مشمولة ضمن مناخه النفسي واللغوي ومذابه في السيرة الشامله للنص الذي يحاول أن يحفر مجراه من غير مسبقات معرفيّة جاهزة، كأنما ذلك مثلبة وتفكك غير صحي إبداعيّا… وبمثل هذا المفهوم الذي يشبه حتميات النقد الكلاسيكي ربما يتم إعدام الكثير من تاريخ الحداثة الشعريّة والروائيّة وحتى السينمائيّة، والأمثلة لا تحصى، ولا أعتقد أن مثل هذا الذي أصبح من العلامات التي لا تحتاج لكبير عناء في قراءة الأدب والفن، يخفى على ناقد أريب بمصادره وأدواته المتعدده مثلك..
طبعاً هذه ملاحظة حول تطبيق مفهوم ما على تجربه أدبية بعينها وليس حول حريّة القراءة وذائقة التلقي التي هي بداهة تختلف من ناقد أو قارئ إلى آخر…
ألا ترى أحياناً أن التماسك والوحدة والانسجام بالمعنى البراني مفسدة إبداعية وادعاء وتحذلق؟
ألم تكن بعض الذوات التي طوح بها الألم بعيداً تتموضع في المتشظي والمتبعثر الذي يشي بنواة وحدة داخليّة صلبة، تنتظم في النهاية الكليّة للتجربه في مناخ وسياق…
أليس من حق الشاعر أن يقيم في شبهه التخوم بين الشعر والنثر؟
أليس ثمة إنجاز أساسي في متن الحداثة الشعريّة
هو الانحراف عن المركز التقليدي للبناء الشعري وذهاب نحو المجهول وبحث في الأنقاض والحطام؟
جهات الشعر
كنا خارجين من مطعم (الأكروبول) اليوناني على جادة (السان جيرمان) بباريس، أدونيس وقاسم حداد. ومتذكرا هذه الواقعة العرضيّة، حين راح قاسم يحدّث عن مشروع الموقع الشعري الالكتروني الذي ينوي إقامته مع آخرين على الشاشة الزرقاء التي بدأت تغزو العالم العربي آنذاك.
لم تكن الصورة واضحة لدى «أدونيس» بأهميّة هكذا عمل على الصعيد الشعري والثقافي، أو هكذا… أما أنا فلم أكن بعيداً عن ضبابيّة المشهد ولا جدوى الموضوع برمّته..
قاسم علّق بأن الانترنت، هو الكتاب المستقبلي للمستويات المعرفيّة والعلميّة بما فيها الشعري والثقافي.
عشر سنوات مرّت على هذه الحادثة الصدفويّة الحميمة و«جهات» تستقطب الرياح الشعريّة والأدبية من كل الأجيال والمشارب والأصوات. محور سجّال وحيوية إبداعيّة توحّدت في مداره الجغرافيات المكانيّة والروحيّة على الخلاف والتمايز.
صارت عصب هذا التواصل المعرفي المضيء في حلكة هذا العالم الاستهلاكي الذي يرمي إلى تحطيم ما تبقى من روح إنساني وإبداعي ويجرف الجميع في غاب القطيع وقيمه.
فلم تكن منجزات العلم التكنولوجي في معظمه إلا تكريساً لبربريّة الحضارة وعنفها الذي تتواضع أمام وحشيته ما وُصف بالعصور البدائيّة المظلمة.
تحيةً لجهات والساهرين على تحريره وتطويره وحمايته، كمرجع جديّ للأدباء والباحثين، وواحة نضرة وسط جلبة هذا الفضاء الدموي المجْدب.
٭ ٭ ٭ ٭
أيها الحب
أيها الحب
كيف أستردّك من جديد
سماء معجونةٌ باللهاث
وأرض معلّقة في فراغ الكوكبِ
عظْمةً تَتَدحرج
بين أشداق وحوشٍ تكنولوجيّة مَسْعورة
٭ ٭ ٭ ٭
هذه الشموعُ المشرفة على الفناءِ
هذه المنارةُ البائدة
التي تركها الراحلون إلى البلادِ المجهولةِ
هاربين من الحرب..
منذ شهور، منذ سنين
تواجه عصْف الوحشة والريح
وما زالتْ تحلم بقادمين
ستجودُ بهم الآلهةُ
ذات زمان
٭ ٭ ٭ ٭
إلى م الطحلبي
آه، لو التفافة من قلبكِ الحنون،
التفافة واحدة فقط، لعبرتُ برزخ الشقاء الكبير الذي أعيش، وتعيش جرذان كثيرة بأحجام كبيرة – نحو (النيرفانا) حيث تنحلّ التناقضاتُ وتقطنُ السعادة الأبديّة.
لكن حتى لو تعثّرتْ قافلةُ النْظرة في الطريق، فلا حلَّ للعاشق إلا الذوبانِ في سرابه الخاص.
٭ ٭ ٭ ٭
ألبس ساعةً معطوبةً
لأضللّ الوقتَ
مجتازاً عقبةَ الحياة الكأداء
باتجاه الموت
والموتَ باتجاه الحياة.
سيف الرحبي
٭ هذا المقطع وما بعده كتب في مناسبات احتفائيّة بعينها.
٭٭ بطبيعة الحال تنطبق هذه الملاحظات حول (التقدم) الذي أنجزته الحضارة الغربيّة عبر العقلانيّة العلميّة والتكنولوجيّة المفرطة، ذات النزوع التدميري والعدواني والذي تحدث عنه فلاسفة ونقاد من (نيتشه) وحتى (فالتر بنيامين)، ان ما يعطي هذه الاشارات بعض مشروعية وإلحاح لكتاب لا ينتمون بإطلاق الى تلك الشروط والمقومات ، هو هذه الهيمنة الكونيّة التي تلقي بثقلها الكابوسي على كل مدينة وقرية وحقل ما فتئ يغطس في ليل الحروب التكنولوجيّة التي بلا هوادة ولا رحمة تفتك بالجميع من خارج مراكزها تحديداً.