فِـــــي الطَّـــرِيــــقِ إِلـَــــى الـْعُـــزْلـَــــــةِ
تَنْتَسِبُ خلود المعلا شعريا إلى التجربة الشعرية الجديدة في العالم العربي، والإماراتي على وجه التخصيص، وهو انتساب يستمد ملامحه وهويته من أفق الكتابة الذي تبني به الشاعرة تجربتها الشعرية، حيث الانحياز التام إلى النص الشعري المكثف، قصيدة النثر تحديدا، وهي بذلك تؤسس عوالم تجربتها الخاصة، بعيدا عن التعاليم المستمدة من متحقق القصيدة الشعرية العربية على امتداد تحققها النصي، وقد عكست ذلك منذ ديوانها الشعري الأول، هنا ضيعت الزمن(1997)، مرورا بدواوين وحدك(1999)، وهاء الغائب(2003)، وربما هنا(2008)، ودون أن أرتوي، قصائد مختارة،(2007)، وديوان أمسك طرف الضوء (2013)، وانتهاء بديوان أكتفي بالسحاب 2017.
تراكمٌ في الإنتاج الشعري على امتداد أزمنة مختلفة، يوازيه وعي الذات الشاعرة بأهمية الكتابة بالنثر باعتبارها شرفة من شرفات البوح الشعري، تتيح للذات الشاعرة إمكانية فهم لغة الأشياء المشكلة للوجود في تجلياته المادية والحسية، وبالكتابة المدثرة بالنثر ذاتها تعيد ترتيب أفضيتها المنسوجة بمكابدات الإنسان في زمن يتشظى، وتدمن فعل الإنصات للكون متأملة انعكاس قلبها على الحياة، بمنأى عن اجترار محددات القول الشعري الذي توارثته العرب، باحثة عن بلورة تجربتها كشاعرة تقف على مسافة من الحزن، وتحتفل بالحياة حتى في أشد لحظاتها، وككل الشعراء المؤمنين بالشعر ترى خلف الاختناق نهارا يتسع للحلم، وتلتفت ممسكة بكل نواياها بالحياة، ومقبلة عليها.
خلود المعلا لا تقول معنى شعريا واحدا على امتداد نصوصها الشعرية، بل معاني شعرية شتى، مؤمنة بأن قصيدة النثر مفتوحة على قول كل شيء(القلق، الألم، الإخفاق، الحب، الخيبة، الانتظار، الشوق، العزلة)، متسلحة باللغة الشعرية المشبعة بالاقتصاد والتكثيف «مما يضفي على حركة تداعي الصور سرعة واضحة، في حركة الشعور، وهي مزيج من مخزون الذاكرة والتجربة المعاشة»(1)، ويجعل شقوق الذات متمرئيةً أمام القاريء، ويُجَلّي سعي الشاعرة إلى سبر سراديب الحياة التي تتكشف بأقنعة متعددة، فنكون في المحصلة أمام تجربة شعرية لا تكرر ذاتها، بما أنها تذهب بالقاريء بعيدا إلى تخوم الشعر المفتوح على الدهشة والمغامرة والعصيان، حيث النثر يملك قدرة تفجير ملكات الذات المبدعة شعريا.
1ــ مَسَالِكُ الْمَعْنَى الشِّعْرِيِّ
1ـ1: اِقْتِفَاءُ الضَّوْءِ وَالتَّمَسُّكُ بِطَرْفِهِ
تَتَأَسَّسُ مساراتُ الدلالة في نصوص الشاعرة وفق مسار هندسيٍّ خطيٍّ مَوْسُومٍ بالمفارقة، وكأنها تملك وعيا مسبقا بالمسافة السياقية المشرعة على التأويل بينها وبين قارئها المفترض، والمفارقة قائمة على ازدوجية موقف الذات الشاعرة من العالم والذات والوجود، وبقدرما تتكشف الذات الشاعرة مُحَمَّلَةً بظلال الريح، المعادل الموضوعي للخيبة وانكسار الدواخل وارتجاجها، فإنها تظل متمسكة بقليل من الضوء احتفاء بالحياة وتشبتا بها:
(بَيْنَ ضُلُوعِي أَرَى ظِلاَلاً تَشِبُّ عَلَى أَقْدَامِهَا
يَسْتَفِيقُ حَنِينُ
أُحَاوِلُ أَنْ أَقْتَفِي أَثَرَهُ
أُمْسِكُ طَرَفَ الضَّوْءِ
وَفِي يَدِي الرِّيحُ).(2)
وتستمد أفعـــال(أحـاول، أمسك، ألمح) قُوَّتَهَا من دلالتها على الرغبة في مجابهة أسوار اللحظة الزمنية الراهنة، حيث تكابد الذات الشاعرة رياح الحنين في أزمنة تصر على زرع الجفاء، وتتخطي اللحظة ذاتها مؤمنة بالبوح الشعري خلاصا وجوديا، بصرف النظر عن كون الشعر هو قدر الذات نفسها، قدر يتيح للشاعرة القبض على الجمر، جمر المرئي إنسانيا ووجوديا، وإعادة لفت الانتباه إليه بوصفه غير مرغوب فيه، لكن هل بالإمكان ترتيب فاعلية الحنين في عالم ينهار قيميا؟، وتقلب لفظة(الريح) قدرة الشعر ومعه الشاعر على تخليص الذات الإنسانية من قبضته، سيما إذا ما استحضرنا الدلالة السلبية لـ(الريح) المقترنة بالخراب، والويلات، في التراث الشعري الكوني، والكتب المقدسة، وبموجب ذلك، تُفَجِّرُ الذات الشاعرة«نبرة تفجعية درامية، وتحاول أن تستوعب كل دلالاتها وفق رؤى الشاعر[ة] وحركة النص الشعري المدفوع بفعل الانشطار الذاتي».(3)
2ــ1: سُكُونِيَةُ الْعَالَمِ وَتَحْرِيرُ الْقَلْبِ:
وبقدرما تبدو الذات الشاعرة ملحة على توصيف سكونية العالم، وانهيار قيمه، وتحوُّل الزمن إلى ريح اعتيادية تُطَوِّقُ الحواس والمتخيل والوجدان الإنساني، وتكبح أريج خصاله المتوارثة، تحرص قدر الإمكان على التحرر من حالة القلق والسكون المحلقين بروحها، كأن الذات الشاعرة تدرك يقينا أن العالم امتداد طبيعي لإنسانية الإنسان نحو القيم المثلى، لكنه يفتقد إلى إرادة التغيير، فالسكون دال على الفراغ، وتفكك العالم، واستحالة الحلم:
(كُلُّ شَيْءٍ حَوْلِي سَاكِنٌ
حَتَّى ارْتِعَاشَةُ ذَلِكَ الْغُصْنِ الْوَحِيدِ
لَنْ تَتَغَيَّرْ هَذِهِ الْحَالُ
عَلَيَّ إِذاً أَنْ أُهَرْوِلَ إِلَى قَلْبِي
أحرره).(4)
ولأن الهرولة خلاص الشاعرة وهي تقتنص ذبذبات روحها الشفيفة، وتعري جسد عالم ما إن يُبْنَى جماليا إلا وينهار، فإن الذات الشاعرة لا تملك أشياء أخرى ترمم ثقوب الأشياء والعالم والإنسان، مادام الفراغ يكبل الطبيعة والحجر، لذلك تضعنا أمام «تجربة تنطبع برؤيا تراجيدية»(5)، تستسلم فيها الذات الشاعرة للوحدة، كأنها قدرها الأنقى في زمن غير مفتوح على المطر والفرح.
3ـ1: دَائِرِيَّةُ الْحَيَاةِ وَنُشْدَانُ الْحِكْمَةِ
وتتبدى الحياة، من ناحية أخرى، وفق الرؤية الحسية للذات الشاعرة مُلَبَّدَةً بالتشابه والاحتدام، بل إنها دائرية الشكل، حياة لا تتسع لنبض الروح وهواجسها، وقائمة على علاقة صدامية«تجعل الشاعر[ة] تطمح إلى ما هو خارج هذا العالم، أو إلى ما ورائه»(6)، ولأجله تُشرّحُ حياةً مفتوحةً على الوحدة، بما هي تحقق مُتَهَيَّبٌ، وَقَدَرٌ يتحتم عليها مواجهته بحثا عن حياة أخرى منشودةٍ مفتوحةٍ على الحلم والمطلق، أليس الشاعر يحيا حياتين مهما تعددت الحيوات على أرض الواقع؟، بلى، إن الشاعر لا يملك إلا حياتين: حياة أولى أشبه بمسرحية مملة أبطالها شخوص مجردون من حياتهم الأصل، يرفض الشاعر بحسه وإيمانه الانخراط في تشييد سيرورتها واستمرايتها، وحياة ثانية أشبه ببيت الحكمة، مفتوح على الرؤيا والمجاز، واليقين بقول كل شيء حتى لو كان مجازيا:
(مُقَدَّرٌ لِي أَنْ أَحْيَا وَحِيدَةً
وَلِهَذَا،
أَسْتَيْقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْحِكْمَةِ
لِأَنَّنِي أَشْعُرُ أَنَّ بِإِمْكَانِي قَوْلُ أَيَّ شَيْءٍ
فِي أَيِّ وَقْتٍ
يَا لَهَا مِنْ سَعَادَة).(7)
ولا شك أن حكمة الشاعرة أن تتأبط حكمتها كل صباح، ممسكة بالكلمة المتشحة باللا يقين متقاسمة قلقها مع العالم والإنسان، عبر فعل الكتابة الذي يتحول إلى ملاذ لتطهير النفس، وتعبير عن توق جارف إلى حياة مشتهاة تتغياها الذات الشاعرة في أوطان تُفتح يوميا على أوتار الحلم المنكسر، دون أن ينتظر شيئا يذكر، فهل يتحقق للذات مبتغى السعادة؟:
(لَسْتُ سِوَى قَلَقٍ
لاَ أَنْتَظِرُ غَيْرَ الَّذِي لاَ يَأْتِي
كُلَّ لَيْلَةٍ أَقْفِزُ عَلَى الذَّاتِ
لِتَرْتَدَّ رَغَبَاتِي
وَأَمْضِي،
بِلاَ رَغْبَةٍ مَعَ الْعَابِرِين).(8)
ويؤكد فعل(أقفز) إصرار الذات الشاعرة على تجاوز خيبات أقاصي الذات، في محاولة لنسيان الانتظارات المحملة بوعد لا يأتي، وهو ـ هنا على الأرحج ـ الغد المشبع بالحكمة، وتفجير القلق امتعاض دفين يكفن شجرة الحياة، ويجعل من الرغبة تمارس فعل الارتداد، أي العودة، إلى تحققها الأول المشبع باللايقين، وبالاحتمال، وكأن الشاعرة تُحْيِي فينا إصرارا سيزيفيا على التمسك بالصخرة نكاية بالحياة وجبروتها، ووفق ذلك، تنخرط الشاعرة في نشدان العبور حيث ترتضي بعيدا عن الحياة المتكررة، مادامت الرغبات لا تحمل في النهاية سوى ارتدادها المليء بالضجر، كأن «الحنين إلى المغامرة واستشراف المجهول هو الهاجس الباعث على القلق والطموح إلى السكن في التخوم والأقاصي»(9)، واليأس، جاعلة من العزلة سراجا ينير أرجاء الذات.
(فِي النَّهَارِ
تَشِعُّ مَرَايَايَ بِالْعُزْلَةِ
وَمَا إِنْ يَحُلَّ الْمَسَاءُ
تَتَلَوَّنُ بِالْأَطْيَافِ
لَهَا، أَتَزَيَّنُ كُلَّ لَيْلَة).(10)
فالشاعرة والعزلة توأمان متوحدان في كل شيء، يختبر بعضهما الآخر في سرية تامة، ويفتحان جسور التواصل بينهما، دون أن يتحول التواصل إلى ما يشبه غناء تَمُجُّهُ الحواسُّ، لذلك نفهم سرَّ تمسُّك الطرف الأول بالعزلة باعتباره محفزا وباعثا على التجدد، والاحتماء بالكتابة كَمُخَلِّصٍ من شَرَكِ العزلة، لكن الذات تتعايش مع العزلة ذاتها، فتعمل على تهييء روحها من أجل استقبالها، بما أن العزلة قد تحولت إلى ملاذٍ يُقَوِّضُ تَيْهَ الشاعرة، ومشكاةٍ تضيء فضاءها الشعري الاستعاري:
(الْعُزْلَةُ الَّتِي أَرْوِي بِهَا قَصَائِدِي عَامِرَةٌ
أَرَاهَا تُنِيرُ فَضَائِي تُعَلِّمُنِي الْكَوْنَ كَمَا يَنْبَغِي
هَاهِي بِحَفِيفِهَا تَمْلَؤُنِي أَلَقاً).(11)
وإذا كانت الذات الشاعرة تستمد كينونتها من العزلة، بوصفها مشكاة تضيء المعتم والمفتوح على القلق الإنساني، في عوالم مشدودة أكثر مما مضى إلى السواد والألم، فإنها تقيم لحظتها الراهنة بانسجام مع المحجوب عن الحواس، مواصلة البحث عن بوصلة تقودها لإدراك المتواري والمحجّب عن الرؤية، لأن العالم أبدا لا تستقيم رؤاه، ولا تنتصر حواسه لا للحياة ولا للشعر.
4ـ1: فِي مَدِيحِ الْحَيَاةِ:
وتفتح الذات الشاعرة، في المقابل، نوافذ للتعايش مع المتبدي للحواس، مادامت«إكراهات الحياة اليومية تثقل كاهل الذات المتمردة على كل أشكال الترويض والتدجين»(12)، تواقة إلى استبدال منظار الرؤية الذي يؤطر ذاتها بالعالم وبالآخرين، فما جدوى البقاء مكتفية بالبكاء على مشاهد يومية تدمي الحواس، وتكبح جماع الرغبة في التحرر منها، والانطلاق نحو المجهول بما يمنح الذات رسم مباهج أخرى،:
(لَنْ أَبْكِي النِّهَايَاتِ
لَنْ أَتَحَرَّى الْغَيْبَ
سَأَتَحَرَّرُ
أَحْيَا لَحْظَتِي
ولا أبالي).(13)
فـ(لن) حرف دال على النفي المقرون بالجزم نحويا، وانتقال من زمن مفتوح دلاليا على المستقبل(النهايات) و(الغيب)، ونكوص إلى زمن حاضر/ آنيٍّ، تبدو فيه الذات الشاعرة مهادنةً ومُسْتَسْلِمَةً لقدرها، ومُتَخَلِّيَّةً عن الفتوحات والرؤى التي تحرك كوامن الذات من حين لآخر، وهو ما يشي به فعل(أتحرر) المقرون بحرف السين الدال على الحال والاستقبال، وتنتقل الذات الشاعرة من مستوى المغامرة في تأسيس رؤىً وجوديةٍ للعالمِ وللأشياءِ المشكلة له، إلى مستوى المهادنة، مهادنة الحياة بما هي سيرورة محفوفة باللامبالاة، وانسداد أفق المغامرة الإبداعية والحياتية في عالم يصر على تمجيد النمطية، ودهشة الروتين اليومي، لذلك كُلِّهِ، تَجْنَحُ تلك الذات إلى لعبة تشتيت الزمن، أي تبديده ــ بلا إطارات محددة ــ والتحايل عليه بغية ضمان الممكن من حياة ليست مفتوحة على حرية الاختيار الفعلي، في إشارة مضمرة إلى أن«العودة إلى الذات ومحاولة استكشافها، هي الوجهة المثلى عند كل انغلاق وإحساس بالضعف والاسنحاق».(14)
(أُشَتِّتُ الزَّمَنَ
أَزْرَعُ أَوْتَاداً فِي أَقْدَامِ الْوَقْتِ
لِيَتَسَنَّى لِي أَنْ أَعِيشَ الْحَيَاةَ
بِلاَ مُنَازِعٍ).(15)
فالذات الشاعرة تتبدى مُنْحَازَةً إلى واقعٍ مُنْفَتِحٍ على عذابات الإنسان في عالم ينهار فكريا وإنسانيا وإبداعيا، لكنها تقف عاجزة عن تحويل الحياة إلى فقرات من صور منشودة ومنقوشة في الروح، وبين التبدي والعجز، تندغم الذات الشاعرة نفسها بشكل سلبي متفاعلة مع النمط الذي يحيط بحياتها، وكأنها تقول إن قدر الشاعر أن يعيش الحلم في رؤية عالم يصر على ألا يتغير، دون أن يتحوَّلَ الحُلْمُ إلى حقيقةٍ، وبذلك تنهار الرؤيا كفعل شعري ووجودي منشودين، فيكتفي الشاعر بالإنصات العميق إلى دواخله، وهي تتفجر بالحسرة، وتجتهد في مداواة غربة الفعل الشعري في زمن إنساني مشوه، ومنعدم الأفق الخلاّق، عبر افتعال النسيان:
(أُحَاوِلُ فَهْمَ لُغَةِ الْأَشْيَاءِ
أُعِيدُ تَرْتِيبَ فَضَائِي
رَأْسِي مُحْتَشِدٌ
أَتَعَثَّرُ كَثِيراً
وَأَنْسَى أَنْ أُنْصِتَ لِقَلْبِي).(16)
2ــ أَكْـــــوَانُ الْمُتَخَيَّلِ الشِّعْرِيِّ:
لكل نص شعري أكوان متخيله الشعري، يبنيها الشاعر انطلاقا من وعيه الخاص باللغة الشعرية، وقدرتها على نقل توافقات وصراعات الذات الشاعرة مع العالم والأشياء المؤسسة له، والأكوان تبدّيها اللغة الشعرية التي تتحقق في شعرية قصيدة النثر العربية الجديدة، كبحثٍ مُتَوَاصَلٍ يمارسه الشاعر في حفر مجاهل ذاته، لذلك ثمة ارتباط وطيدٌ بين اللغة الشعرية والذات الشاعرة، وقد نجم عن هذا الارتباط الفعلي بينهما، تَحَوُّلُ المغامرة الشعرية الجديدة من انشغال بمقتضيات العروض إلى انشغال بالصورة الشعرية بوصفها البانية للمتخيل الشعري وأكوانه، إلى حدّ يمكننا من القول إن القصيدة العربية الجديدة في حيز كبير من شعريتها قائم على الصورة الشعرية بما هي«انبثاق للغة، إنها دوما تقع، بعض الشيء، فـــوق اللغة الدالة،حين نعيش القصائد، تحصل لدينا تجربة الخلاص من خلال ذلك الانبثاق»(17).
وتتخلى الصورة الشعرية في شعرية قصيدة النثر الجديدة عن البلاغة المعيارية التي وصفت تعاطي الشعراء العرب مع الأشياء البانية لمحيطهم ومتوافقة معه، وهي بلاغة معيارية قائمة على جعل الشاعر لا يقول إلا ما تعارف عليه الناس، وكل قول يخالف المتعارف عليه بلاغيا فهو شطط ولغو وخرف مضاعف، واللغة الشعرية هي عمود الصورة الشعرية وأساس تشكلها الفني، فاللغة الشعرية«مادة هذا النسيج الذي هو الشعر، وبدون اللغة على كيفية مــعـيـنـة لا يكـــــون الشعر. اللغـة هـــي مـتـكــأ الشعر».(18)
1ـ2: اِسْتِعَارَةُ الْقَلَقِ:
تُشَكِّلُ استعارة القلق ملمحا من ملامح التجربة الشعرية التي تجليها اللغة الشعرية عبر وسيط الصورة الشعرية، في تجربة الشاعرة خلود المعلا، والقلق هنا حالة نفسية تستحوذ على بواطن الذات الشاعرة، وَتُعَرِّي الاحتدامَ النَّفْسِيَّ للأنا الشاعرة في صراعها تحقيقا لمغامرتها الشعرية، وبلورةً لأحلامها العاتية كالأمواج، فاسم الفاعل(تائهة) يرتبط بالشاعرة وهي تُجَلّي الكامن في دواخلها، لكنه لا يحيل على فاعلية الذات الإيجابية المتعايشة مع إكراهات الواقع والعالم، بقدرما يحيل على الذات المنفعلة التي تقف متهيبة، وعاجزة على المشي، وتتأسس جملة (تائهة في الخوف/ في القلق) على استعارة كبرى جوهــــــرها الإحالة على الفراغ النفسي الذي يعتمل الذات الشاعرة، ويجسد القلق صورته المتمرئية مكتملة، بينما تُكْمِلُ جملة(سأهشم العتمة) دلالة الصورة الشعرية الأولى القائمة على الفراغ النفسي والروحي، ولذلك تكمن قيمة اللغة الشعرية المشكلة لاستعارة القلق بوصفها«قيمة شعرية تتجاوز نفسها ليصير تدليلها جزءا أساسيا من تدليل الشعر كله، بالقدر الذي يكون هو دالا على نفسها بها وبسواها عن طريقها بالذات»(19):
(تَائِهَةً فِي الْبِلاَدِ
فِي الْخَوْفِ
فِي الْقَلَقِ
فِي التَّوَجُّسِ مِمَّا قَدْ يَحْصُلُ
كَمْ يُؤْلِمُنِي هَذَا
سَأُهَشّمُ الْعَتَمَةَ
سَأَطِيرُ)(20).
فـ(العتمة) غير قابلة للتهشيم، بمقتضى الحقيقة، وإسنادها إلى فعل (أهشم) المقترن بحرف الاستقبال (السين) ــ وهي استعارة مكنية تبعية ــ يمنحها بُعْداً مجازيا في سياق إبراز تطلع الذات الشاعرة إلى توصيف حدة الفراغ المحيط بها، وتفجير القلق استعاريا، حيث تتجه الأنا الشاعرة نحو تجاوز ما هو سلبي، جاعلة من لغتها الشعرية متشحة بالتتشظي والتوتر واللا مألوف، وَتَجَدُّدِ المعنى الشعري، وفي تجدده تكمن لا نهائيته، وعلى هذا الأساس فنحن أمام تحقق مقولة«كل نص شعري جيد فضاء جيد لا متناهي من الرؤى، والإيحاءات والصور التأويلية العزيرة التي يصب معظمها في بؤرة الصراع الدرامي، والتشظي النفسي».(21)
2ـ2: استعارة الخوف:
وتتناسل الأنماط الاستعارية الفاعلة في ثأثيت المتخيل الشعري، في تجربة الشاعرة خلود المعلا، فهي تستغل كل ممكنات اللغة في خلق صورها الشعرية، وتشكل استعارة الخوف نمطا ثانيا يتمرأى من خلاله انشطار الذات الشاعرة، وهي تتمادى في تشريح تناقضات الذات والعالم، وبقدرما تتوسل الصورة الشعرية معجما شعريا يُجَسِّدُ مخاوف الذات الشاعرة(يخيفي، يحزنني، نائمة)، تكشف عن إبحار الشاعرة في التشطي بما هو انعكاس لحالة نفسية غامضة، وإحساسات مشوشة تجعل من لغة النثر اليومي أقرب لتوصيفها، فالمتواليات الجملية لا تحفل بالمجاز إلا بقدر يسير، لكنها تبني مجتمعة أفقا لحضور الباعث الاستعاري للخوف، وبذلك تتبدى الأحاسيس مرتبكة، ويأتي تجسيد الحالات النفسية الغامضة متماشيا مع مقصدية النثر:
(شَيْءٌ فِي الْهَوَاءِ يُخِيفُنِي
فَأَظَلُّ نَائِمَةً فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ
وَأَكْثَرَ مَا يُحْزِنُنِي حِينَ أُقَرِّرُ النُّهُوضَ
أَنَّنِي،
لاَ أَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ خَارِجاً
دُونَ أَنْ أَتَخَلَّصَ مِنْ أَفْكَارِي).(22)
ولا تتحقق الاستعارة الكلية، في جملة شعرية بعينها، بل من مجموع المعنى الشعري، فالخوف بوصفه محققا لرغبة ذاتية في الانقطاع عن العالم، والبقاء متمادية في وضعية وجودية مفتوحة على توليد مشاعر الاضطراب والاستسلام، يجعل جملة (لا أستطيع المشي) مُجَسِّدَةً لانسداد الأفق الرؤيوي للذات الشاعرة، حيث تستعصي الحركة، ويرخي الخوف بظلالة، ومهما بدت الجملة الشعرية ذاتها نزّاعة إلى التقرير لحقائق وجـــــــــودية، فإن كلماتها «تحيل إلى شيء خارجها»(23)، وعليه فاستعارة الخوف تتأسس على لغة شعرية تقريرية لكنها حمّالة معانٍ استعارية منها القلق، مهما أغرقت في الاتكاء على النثر في تفجير كوامن الذات الشاعرة وهي تجتهد لفضح رتابة العالم، وعجزها عن مسايرة إيقاعاته.
2ـ3: اِسْتِعَارَةُ الْأَمَلِ:
يرتبط حضور الماء في المتخيل الشعري للشعرية العربية بدلالة الخصب والعطاء، وبالإحالة إلى تحول الطبيعة من حالة سيئة إلى حالة أفضل، ولأن الذات الشاعرة أدركت القلق في تفاصيله وامتداداته وجبروته الرمزي، فإنها تتطلع إلى لحظات تُفَارِقُ فيها عوالم السواد والفراغ التي تدثر الروح والعواطف، فـ(الشتاء) وحدة لغوية تحيل، في سياق المعنى الشعري الذي تشيده اللغة المجازية، إلى تغير الحالة النفسية، وانتقال إيجابي نحو مجاورة الطبيعة بما هي باعث على البشارة والتفاؤل، ولذلك تستبدل العلاقات البلاغية أمكنتها، حتى يتحقق وعد الشعر المتكئ على الانزياح الدلالي القائم على الانتقال من مستوى لغوي متداول ومألوف إلى مستوى آخر مفتوح على التأويل، لكن حالة الانتقال الإيجابية التي تبديها الذات الشاعرة سرعان ما تتلاشى، وتتحول إلى حالة فراغ حاد، سيما حين تتلبس السماء ب(البكاء):
(سَيَأْتِي الشِّتَاءُ أَخِيراً
فَلِأَعُدْ إِلَى الْبَيْتِ الآنَ
وَأَتَهَيَّأَ
بِوِسْعِي أَنْ أَطْلُبَ أَيَّ شَيْءٍ
حِينَ تَبْكِي السَّمَاءُ).(24)
إن البكاء يدلُّ على انهيار وَتَرِ المقاومة الذاتية، وانسداد الأفق المفتوح على الفرح والانتشاء الجواني، وَيُقَوِّضُ استعارة الأمل جاعلا المعنى الشعري أسير رؤية ذات تمجّدُ البعد الدرامي، ولا تخرج من القلق إلا لتعود إليه، كأنها تهمس إلى قارئها بتجذرها في تربة قلق إنساني أكبر لا يمحى، وعجزها عن صياغة بدائل للطبيعة التي تتبادل الحالات مع الذات الشاعرة، والصورة الشعرية المحبوكة بالاستعارة المكنية التبعية(تبكي السماء) تشخص الواقع الميلودرامي الذي يُمَوْقِعُ تفاعلات الذات الشعرية، ويبني مساراتها الوجودية والتفاعلية مع الأنا والآخر، ويرتقي باللغة الشعرية إلى مستوى «اللغة المتحركة المليئة بالمنعطفات والتموجات الإبداعية»(25)
2ـ4:اِسْتِعَارَةُ الْحَيَاةِ:
وتنهض استعارة الحياة كنمط رابع مُكَوِّنٍ لأكوان المتخيل الشعري في تجربة الشاعرة خلود المعلا، على إعادة التشكيل الكلي للصورة الشعرية بوصفها شكلا«مـــن أشكال ترميز هذا الوجود وتكثيفه»(26)، لإضاءة لحظات وجودية كثيفة الشحنات العاطفية المتوارية خلف اللا شعور، وخلق بوصلة تقود الذات الشاعرة إلى إعادة بناء علاقاتها بالعوالم المؤسسة للحياة والإنسان والعالم، وبناء على ذلك، تجعل للحياة أغصانا بنية الخروج من المعنى المباشر الحقيقي العادي(الحياة الوجودية المتمرئية للحواس) إلى المعنى اللا مباشر(الحلم)، وبما أن«الصورة هي المنطقة الإيحائية الشعرية المشعة التي توجه المتلقي عاطفيا وشعوريا بالإقناع النفسي والعقلي»(27)، فهي لا تقيم حدودا فاصلة نهائية بين الذات الشاعرة من جهة، والحياة من جهة أخرى، أي لا تعري حالة الاصطدام بما هي رفض للعالم المكتظ بالعوائق والموانع، بل تكرّس اجتهاد الشاعرة في«إقامة صلح دائم وانسجام بين الروح والعالم، إذ ليس هناك، في حدس الشاعر، فاصل أساسي بين العالم الذي نراه والعالم الآخر».(28)
(سَأَتَعَلَّقُ بِأَغْصَانِ الْحَيَاةِ الْمُتَاحَةِ
وَأَبْتَسِمُ بِقَلْبِي أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى،
سَأَتْرُكُ رُوحِي تُرَافِقُنِي
تَحْتَ ضَوْءِ السَّحَابِ
فِي هَذِهِ الَّليَالِي الْجَمِيلَةِ).(29)
وتعكس الأفعال الإنجازية(سأتعلق، أبتسم، سأترك)، تلك الرغبة الجامحة التي تعلو الذات الشعرية في الذهاب إلى الحياة، وتأسيس اندماج كلي فيها عبر ترك نوافذ القلب مشرعة في محاولة جادة لتجاوز وضع نفسي حاد، يقف حائلا بين خلق توافقات مع العالم، ووضعٍ بديلٍ تسعى عبره الشاعرة إلى إدراك أسرار العالم، من جهة، وإعادة تفعيل قابلية الذات على الانصهار في بوثقة تفاصيل العالم من جهة ثانية، واختراق ممكنات اللغة الشعرية ذاتها في ثبوتها ودلالتها الأحادية على المعنى، وبذلك، تلبس الكتابة الشعرية النثر، وتستدعيه في بناء توصيفات لا تحيل على شروخ الذات الشاعرة في حد ذاتها، بل تتجاوزها إلى الدلالة على العالم مُدَمِّرَةً استبدادَ الذاكرةِ/ القانونِ، محتفيةً بالحياة على عللها، فاتحة للذات شهوة البوح والحلم المفتوح على المتعالي والمتعدد واللانهائي، عبر لغة شعرية لا تستكين للقواميس، وإنما تَتَتَبَّعُ خفقات الذات الشاعرة وتعيد ترتيب إيقاعاتها الخاصة، ومواقفة المتعددة.
عَوْدٌ عَلَى بَدْءٍ:
ومنتهى القول، إن نصوص الشاعرة خلود المعلا، تُجَلِّي تجربة شعرية منذورة لمغامرة الكتابة بالنثر، أي أنها تكتب نصوصها الشعرية متجردة من العروض الخليلي، وما لحقه من تعديلات لاحقة على مستوى اختيار الأوزان الصافية والمركبة، ونظام التقفية والوقفتين العروضية والدلالية، متمسكة بقدرة النثر على فتح كوات في تضاريس الممارسة الشعرية، لذلك تغادر أبراج الذاكرة الشعرية القديمة، ويغيب التناص، متخذة من النثر الشعري أداة للملمة تشظيات الذات، وانهيار القيم واليقينيات التي ظلت مُسَيِّجَةً وجدان وذائقة الشاعر العربي القديم والحديث معا، وللإنصات العميق للذات وهي تختبر الحياة ودواليبها، وتجتهد شعريا في الإمساك ببعض أسرارها المعلنة واللا معلنة، وبمقتضى ذلك، تتبدى مسالك المعنى مكتظة بالوجع والفقد والتشظي والحلم والرغبة والمغامرة، التي تثير حواس الشاعرة، فتبتعد عن لغة النثر التي تتكئ عليها كونها وسيلة«بل هدفا للخلق وتجليا له، وفي هذه اللغة تبلغ الكثافة حدودها القصية حيث ينهض صوت الكلمة بدور في تجسيد الدلالة، وتغذو الـكلمـة شكـلا صوتيا للمعنى، كما أن صــورتــها الـحـسـيـة أو وجودها الفيزيائي يصبح بما فيه عثرة واكتظاظا أو استطالة مرئية لما تريد التعبير عنه»(30)، مما يجعل أكوان المتخيل الشعري مكتفية بذاتها، لا حاجة للشاعر إلى مساحيق بلاغية إضافية لتقريب المعنى الشعري، ويفتح الباب مواربا أمام القاريء بغية شحـذ حـــدوسـه ومــذخــراته ومــوســوعـيـته لاستجلاء فيوض تلك الأكوان بدل انتظارها جاهزة، وهي أكوان متعددة وعصية على الاستنباط والكشف، إلا أنها في نصوص خلود المعلا محصورة في أربعة أكوان(القلق، والخوف، والأمل، والحياة).
وينم وعي الشاعرة ببناء مسالك المعنى في نصوصها، عن ممارسة واعية بحدود المغامرة الشعرية التي تفتحها قصيدة النثر العربية الجديدة، بعيدا عن الاستسهال الذي يغلف تجارب عدة في وطننا العربي، ولا شك أن تجربة الشاعرة خلود المعلا، ستظل تفتح حواسنا على متحقق قصيدة النثر العربية الجديدة، جاعلة من النثر الشعري أداتها في تدوير الكتابة الشعرية من الداخل، وقلب معادلاتها الثابتة، إذ تذهب الشاعرة بالكتابة ذاتها باتجاه المستقبل، حيث تتبدى الذات الشاعرة قلقة ومتهيبة للحياة كنسق لا يتسع لرسم حيوات أخرى أكثر صدقا وإنسانية، وتواقة إلى تشييد خيارات مفتوحة لإنسانية الإنسان، في جغرافيات عربية صار الشعر وحيدا يداري غربته.
هـــــــــوامـش:
(1) مفيد نجم، أرض الأبدية: قراءات في تجربة الشاعر سيف الرحبي، ط1، منشورات الجمل، كولونيا ــ بغداد، ألمانيا، 2007، ص: 100،101
(2) خلود المعلا، أمسك طرف الضوء، ط1، منشورات فضاءات للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2013، يد الريح، ص: 153
(3) رشيد الخديري، المعنى الشعري، الأفق الجمالي وشعريات الرؤى، ط1، كتاب الرافد، العدد 126، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 2016، ص: 82
(4) خلود المعلا، أمسك طرف الضوء، ص: 11
(5) رشيد الخديري، المرجع السابق نفسه، ص: 80
(6) عبد العزيز موافي، تحولات الشعر العربي المعاصر، مجلة علامات في النقد، مج 18،ج 70، نوفمبر 2010، ص: 168
(7) خلود المعلا، أمسك طرف الضوء، شيء من الحكمة، ص: 31
(8) نفسه، ص: 45
(9) عبد القادر الغزالي، قصيدة النثر العربية، الأسس النظرية والبنيات النصية، ط1، مطبعة تريفة، بركان، 2007، ص:353
(10) خلود المعلا، أمسك طرف الضوء، ص: 97
(11) نفسه، ص: 129
(12) عبد القادر الغزالي، مرجع مذكور، ص: 343
(13) خلود المعلا، مرجع مذكور، ص: 109
(14) عبد القادر العزالي، مرجع مذكور، ص: 406
(15) خلود المعلا، مرجع مذكور، ص: 171
(16) نفسه، ص: 169
(17) عبد الرحمان محمد القعود، الإبهام في شعر الحداثة، منشورات عالم المعرفة، العدد 279، مارس 2002، ص: 247
(18) Gaston, Bachelard,La Poétique de la rêverie,12éditions,puf,1986, P:14
(19) حسن الطريبق، القصيدة العربية الحديثة والمعاصرة بين الغنائية والدرامية، ط1، سلسلة أطاريح جامعية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية تطوان، 2005، ص:363
(20) خلود المعلا، أمسك طرف الضوء، ص: 197
(21) بهاء نوار، الكتابة وهاجس التجاوز، ط1، فضاءات للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2012، ص: 217
(22) خلود المعلا، أمسك ذرف الضوء، ص: 33
(23)عبد الرحمان محمد القعود، الإبهام في شعر الحداثة، ص:236
(24) خلود المعلا، مرجع مذكور، ص: 77
(25) عبد الرحمان محمد القعودن الإبهام في شعر الحداثة، ص: 248
(26)أحمد الطريس أعراب، الرؤية والفن في الشعر العربي الحديث بالمغرب، ط1، المؤسسة الحديثة للنشر والتوزيع ، الدار البيضاء، 1987، ص: 5
(27) محمد الديهاجي، الخيال وشعريات المتخيل، ط1، كتاب المجلة العربية، العدد 226، الرياض، السعودية،1436، ص: 61
(28) أدونيس، سياسة الشعر، ط1، دار الآداب، بيروت، لبنان، 1975، ص:32
(29) خلود المعلا، مرجع مذكور، عودة، ص: 135
(30) علي جعفر العلاق، في حداثة النص الشعري، ط3، فضاءات للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2013، ص: 135
عبد الهادي روضي*