(1)
الرمان يتدلى فوق امرأة جالسة لصق الجذع،
ترفو قميصا لابنها الغائب.
الرمان يتدلى فوق حاضر المرأة
التي تهبط سلالم الأمس
لتهدي ابنها قميصا من حليب.
(2)
انحدروا من التلال البعيدة ، نزلاء الخرافة ، مع حكاياتهم وأزيائهم الغريبة ، ومن معاصمهم تتدلى أوطان تتأرجح مثل سلال فارغة. جاءوا لينثروا بذور الحكاية في احداق أطفال ما سمعوا بالحكاية من قبل. غير أن الأحدات كانت مطفأة والأطفال موتى.
عادوا خائبين الى تلالهم الغابرة التي تتساقط عليها شهب خفيفة كالريش.
(3)
الزوارق تمر، الرياح تمر، اللقالق تمر..
والآن،
الضفة وحيدة مع رجل وحيد
لا يعرف أن يكلم المياه.
(4)
مضى المسافر محدودب الظهر
كمن يحمل على ظهره كومة من الرصاص.
وكلما توقف ليستريح ، مسح العرق وتمتم :
كم هو ثقيل هذا الوطن.
(5)
الأرض تمتد أمام عينيها، ساعة الغسق ، مثل بساط رمادي يشطر المدى جهتين. نهار في جهة ، وليل في جهة. يلتقيان في حدقة صافية كالنبع. وعلى ضفاف الحقول ، هناك ، تركض الأرواح الضالة باحثة عن مأوى. صيفا بعد صيف ، في مثل هذا الوقت ، تمكث العجوز أمام بابها المفتوح ، ترقب الطريق ، وترضع الأفق كي يبشرها بقدوم الأبناء ما ان يشم شذا خطواتهم.
صيفا بعد صيف ، تزركش شعرها الأبيض بالورد لئلا يمر الأبناء ولا يطرقوا باب نومها الطويل.
(6)
لم تكن قلعته محصنة بدرجة كافية
بالأحرى، كانت هشة مثل غيمة
أمام اختراقات المفاتيح المطرزة بالخيانة.
(7)
بخطي خفيفة يمضون جهة البحر
بعيون صافية كالأفق ، وجباه مرمنتوشة بالملح والزبد
يخوضون في مخدع الجزر، ويرجون المياه موجة موجة
يرمون شباكهم على مائدة المد ليستردوا ما أخذه المد:
أسماك
وقواقع
وغرقى لا يعرفون أنهم غرقى.
(8)
الباب موصد
لأن أحدا لم يطرقه.
أمين صالح (قاص وناقد من البحرين)