بسام المسعودي
شاعر يمني
ادّخرتُ الكثير من الرصاص
ولأني لا أملك مسدسًا
حشوت رأسي!
وكلما أردتُ إصابة أحد في مقتل
سدّدتُ إليه أصابعي
وكتبت له رسالة قاتلة
مُتناسيًا أنني أحببته؛ فقلبي دُونما نبض
والحب يتطلب شيئًا مختلفًا من المجاز.
جميعهم يتدفقون
نحو مساكن الليل كأنما الأرض بدون فرح..
الأطفال في مهدهم
مثقلون بالفطام،
كبار السن شاحبون كأوراق التبغ المستهلكة،
النساء يلبسن دخان التأوهات؛
يُشبهن قرًى لم ترَ المطر،
ويغرس الرجال أجسادهم
في سم الظلام
يخيطون من الليل لباس الهم
ويذهبون نحو
صباحات يابسة.
وأنا أجرُ نفسي لمنازل الليل
مرغمًا،
معطفي عقيدة الماء
وسادتي بعضٌ من أرق نبيل،
تدثرني ملاءات العطش
وجسدي مزبد باشتهاءات الغرق
في نوم بلا انقضاء.
أما المجانين
فإنهم يسكنون شوارع التلف ويتبولون عند غبش الفجر
وقبل الظهيرة
وبعد المساء يجلسون القرفصاء
على الأرصفة
يجمعون العلب الكرتونية
ينتظرون من يجرع كؤوسهم
أو يرمي لهم بأعقاب السجائر.
جميعهم ينقعون أرواحهم
داخل أوعية النحيب.
لوجوههم المنسية أفواه ناطقة باسم البكاء ويمسحون دموعهم بمناديل العقاب،
من كثرتي
صِرتُ أنسى كم مني
يجوبون الشوارع بظن العودة
إلى زوايا غرفة البيت.
أود أن أعود متدفقًا مثل الجميع
أسير إلى حيث يسيرون،
أمضي
وأعرف ما أريد
أن أصل لخاتمة السير وأنا راضٍ عن الوصول
أُمازح سخف العتمة
بأرق سافر،
وأرتدي البرد كنزة
وسادتي كتف أبي
أتذكّر الذين
كانوا يأتون في المناسبات السعيدة
ليتذوقوا أطباق الحلوى فقط،
هلّا اقتسم واحد منهم
رغيف الحزن معي!
لِمَ كلهم يحملون عدة التنقيب؟
هذا قلبي وليس منجمًا للحزن!
لا يدركون
أن الحزن الذي نما
في عمق الروح
كلفني يومًا ما الانتحار بقصيدة،
لا يعلمون أنّني لا أحتاجُ
الذهاب إلى الآخرة لرؤية الله،
فقلبي يبصره!!.
حين أمد يدي إلى النافذة
هل يصلون؟!
أعود
بتلويحات
الموتى
والقليل من رسائلهم الفارغة.
منذ سنوات ونافذتي مرفأ للانتظار
لا أحد يصل
إلا عصافير تعبر زقاق الدار
ترمي زقزقاتها طمعًا في فتات القلب!
أسمو كالهواء
وحين أراهم يخمشون
وجه قصيدتي بأظافرهم
أترك كتفيَّ
كدمعتَيْ يتيم
وأنا الطامة، والريح الصاعدة
غباري حشودي،
وفي عمقي جحافل من حنين.
يا الله
علمني كيف أكتب الشعر
علمني أن أكون وفيًا لقوافي أمي
تلك التي
ماتت وهي توصي الحقل أن يطلع من بين أصابعي
بزهو السنابل.
يا الله
لا تجعلني كالذي مر على فجر البلاد ولم يجد إلا غبش القارعة،
أمسح خوفي
وأجعل عتمتي نايًا للعابرين.